تعليق على تفسير سورة الأنعام من أضواء البيان (09)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي –رحمه الله تعالى-: "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ زَكَاةِ الثِّمَارِ إِلَّا مِنَ التَّمْرِ الْيَابِسِ وَالزَّبِيبِ الْيَابِسِ، وَكَذَلِكَ زَكَاةُ الْحُبُوبِ لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهَا إِلَّا مِنَ الْحَبِّ الْيَابِسِ بَعْدَ التَّصْفِيَةِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَأُجْرَةُ الْقِيَامِ عَلَى الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ حَتَّى تَيْبَسَ وَتُصَفَّى مِنْ خَالِصِ مَالِ رَبِّ الثَّمَرَةِ وَالزَّرْعِ، فَإِنْ دَفَعَ زَكَاةَ التَّمْرِ بُسْرًا أَوْ رَطْبًا، أَوْ دَفَعَ زَكَاةَ الزَّبِيبِ عِنَبًا، لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ غَيْرَ الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ تَمْرٌ وَزَبِيبٌ يَابِسَانِ إِجْمَاعًا.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي (الْمُغْنِي): فَإِنْ كَانَ الْمُخْرِجُ لِلرَّطْبِ رَبَّ الْمَالِ لَمْ يُجْزِهِ، وَلَزِمَهُ إِخْرَاجُ الْفَضْلِ بَعْدَ التَّجْفِيفِ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ غَيْرَ الْفَرْضِ فَلَمْ يُجْزِهِ، كَمَا لَوْ أَخْرَجَ الصَّغِيرَ عَنِ الْمَاشِيَةِ الْكِبَارِ، وَهُوَ نَصٌّ صَرِيحٌ مِنْهُ فِي أَنَّ الرُّطَبَ غَيْرُ الْوَاجِبِ، وَأَنَّ مَنْزِلَتَهُ مِنَ التَّمْرِ الَّذِي هُوَ الْوَاجِبُ كَمَنْزِلَةِ صِغَارِ الْمَاشِيَةِ مِنَ الْكِبَارِ الَّتِي هِيَ الْوَاجِبَةُ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي (شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) مَا نَصُّهُ: فَلَوْ أَخْرَجَ الرُّطَبَ وَالْعِنَبَ فِي الْحَالِ لَمْ يُجْزِئْهُ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ أَخَذَهُ السَّاعِي غَرِمَهُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَكَيْفَ يَغْرَمُهُ فِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ الْبَابِ.

وَالصَّحِيحُ: الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ.

وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ". 

لأنه مبني على أنه مثلي أو متقوَّم، فإن كان مثليًّا لزم المثل، وإن كان متقوَّمًا لزمت القيمة، والرُّطب والبُسر والحَب الذي لم ينضج ولم يشتد ولم ييبس مآله إلى اليُبس، فيلزم على ذلك أنه ينقص، الرُّطب إذا جف نقص «أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا جَفَّ؟» قال: نعم، قال: «فَلَا إِذًا»، فلا يحصل التماثل في بيعه بمثله، وحينئذٍ لا يكون مثليًّا، بل يكون متقوَّمًا بغير مثله، فحينئذٍ يلزم القيمة، لو أخذ الساعي زكاة رطب بمقدار هذه الزكاة مقدارها مائة صاع، وأخذها لم تُجزئ بلا خلاف، وحينئذٍ يغرمها؛ لأنه تعدى وأخذ ما لا يجوز له أخذه، وإذا قيل: يضمن فهل يضمن مثل هذا التمر؟ هو ليس بمثله؛ لأنه لا يجوز بيعه بمثله؛ لأنه لم يتم يُبسه فلم ينتهِ نقصه لا زال في طور النقص، وحينئذٍ يُتقوَّم كما يُباع في السوق الرُّطب للأكل يُباع بقيمة ولا يُباع بتمرٍ آخر، فهو مثلي في حقيقته.

"الصَّحِيحُ: الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ، وَالثَّانِي..."

"وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ، وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الرُّطَبَ وَالْعِنَبَ مِثْلِيَّانِ أَمْ لَا؟ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُمَا لَيْسَا مِثْلِيَّيْنِ، وَلَوْ جَفَّ عِنْدَ السَّاعِي، فَإِنْ كَانَ قَدْرَ الزَّكَاةِ أَجْزَأَ، وَإِلَّا رَدَّ التَّفَاوُتَ، أَوْ أَخَذَهُ".

"رَدَّ التَّفَاوُتَ" إذا كان قد أخذ أكثر مما يجب، "أَوْ أَخَذَهُ" إن كان قد أخذ أنقص مما يجب.

"كَذَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ، وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ وَجْهَا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ بِحَالٍ لِفَسَادِ الْقَبْضِ".

"ابن كج" هذا من فقهاء الشافعية المشهورين عندهم.

"لَا يُجْزِئُ بِحَالٍ" لا يُجزئ إذا أخذ الرُّطب، لماذا؟ لأنه قبض ما لا يحق له قبضه ففسد القبض.

"أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ بِحَالٍ لِفَسَادِ الْقَبْضِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا الْوَجْهُ أَوْلَى وَالْمُخْتَارُ مَا سَبَقَ. انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ بِلَفْظِهِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ إِجْزَاءِ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ بِلَا خِلَافٍ عِنْدِ الشَّافِعِيَّةِ".

طالب: ...........

ما الفائدة من خرص النخل الذي أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ ليُعلم مقداره لا ليُزكى، لكن ليُعلم مقداره ويضبط حق المساكين لا يضيع عليهم شيء، ثم بعد ذلك إذا يبس تم جذاذه ويبس ضُمِن حق المساكين وهو معروفٌ بالمقدار السابق أُخِذ منه إذا يبس؛ لأنه لو أُخِذ رطب لنقص على المساكين فيما بعد إذا يبس، فإذا تم صلاحه باليُبس وضُمِن من أن ينقص على المساكين أُخِذ منه وإلا فلا، وهذا محل اتفاق محل إجماع ترى.

طالب: ...........

لا، هو تُخرِج على المطلوب شرعًا لا تظلِم ولا تُظلَم، لا تظلم الفقراء، ولا تظلم الأغنياء؛ لأنه قد ييبس فينقص عن النِّصاب فتسقط زكاته. 

طالب: ...........

الرَّطب يسري عليه الفساد أكثر من غيره.

طالب: ...........

نقص من حاجة نسأل كم مقداره على الفقراء؟

"قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا الْوَجْهُ أَوْلَى، وَالْمُخْتَارُ مَا سَبَقَ. انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ بِلَفْظِهِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ إِجْزَاءِ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ بِلَا خِلَافٍ عِنْدِ الشَّافِعِيَّةِ.

وَقَالَ صَاحِبُ (الْمُهَذَّبِ) مَا نَصُّهُ: فَإِنْ أَخَذَ الرُّطَبَ وَجَبَ رَدُّهُ، وَإِنْ فَاتَ وَجَبَ رَدُّ قِيمَتِهِ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: يَجِبُ رَدُّ مِثْلِهِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ؛ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ انتهى".

بينما التمر يجوز بيع بعضه ببعض باشتراط التساوي والتقابض.

"انتهى مِنْهُ بِلَفْظِهِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ إِجْزَاءِ الرُّطَبِ فِي زَكَاةِ التَّمْرِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تُؤْخَذُ إِلَّا مِنَ التَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ الْيَابِسَيْنِ، هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ وَفِي الْمُوَطَّأ مَا نَصُّهُ: قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ النَّخْلَ تُخْرَصُ عَلَى أَهْلِهَا وَثَمَرُهَا فِي رُؤُوسِهَا إِذَا طَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صَدَقَتُهُ تَمْرًا عِنْدَ الْجِذَاذِ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ فِي الْكَرْمِ. انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرْضِ مِنْهُ بِلَفْظِهِ.

وَفِيهِ تَصْرِيحُ مَالِكٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بِأَنَّ الْأَمْرَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهِ مِنْ عُلَمَاءِ زَمَنِهِ، أَنَّ الزَّكَاةَ تُخْرَجُ تَمْرًا، وَهُوَ يَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى أَنَّ مَنِ ادَّعَى جَوَازَ إِخْرَاجِهَا مِنَ الرُّطَبِ أَوِ الْبُسْرِ، فَدَعَوَاهُ مُخَالِفَةٌ لِلْأَمْرِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَعُلَمَاءِ زَمَنِهِ.

وَمِنْ أَوْضَحِ الْأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ الْبَلَحَ الَّذِي لَا يَتَتَمَّرُ وَالْعِنَبَ الَّذِي لَا يَتَزَبَّبُ كَبَلَحِ مِصْرَ وَعِنَبِهَا، لَا يَجُوزُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ مَعَ تَعَذُّرِ الْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ الْيَابِسَانِ".

كبلح مُضر.

أنتم عندكم بلح؟

طالب: ...........

ويُتمِّر؟

طالب: ...........

خلاص، مُضر.

طالب: كبلح مُضر؟

طالب: ...........

ما يجوز.

طالب: ...........

رُطب.. رُطب ما هو بتمر.

طالب: ...........

لا يجوز نعم بيع بعضه من بعض؛ لأنه لا يُمكن ضبطه.

طالب: ...........

ما أدري، لو عندهم.

طالب: ...........

لا، مستحيل.

طالب: ...........

على كل حال تمرهم من أحسن ما يكون، هذا ما ييبس أبدًا، رُطب دائم؛ ولذلك استثنوه.

طالب: ...........

بلح بُسر، ماذا فيه؟

طالب: ...........

هو يؤكل، يُحرِّموه! لكن ما يُباع بمثله.

طالب: ...........

بمثله ولا بدراهم؟

طالب: بدراهم.

بدارهم ما فيها إشكال «اخْتَلَفَتْ الأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ».

طالب: ...........

يتتمر وذاك يتزبب.

طالب: ...........

عِلته.

طالب: ...........

لو الأصل أن التمر مكيل ، الأصل أنه مكيل.

طالب: ...........

هذا على القول بأنه يجوز بيعه، لكن من قال: يجوز بيعه؟

طالب: ...........

يعني يجوز بيعه متفاضلًا؟

طالب: ...........

هو تمر منصوص عليه بالنصوص لا بُد أن يتحقق فيه المساواة، تمر دخوله في النصوص أولي.

"لَا يَجُوزُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ مَعَ تَعَذُّرِ الْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ الْيَابِسَانِ، بَلْ تُدْفَعُ الزَّكَاةُ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، فَلَمْ يَجْعَلُوا الْعِنَبَ وَالرُّطَبَ أَصْلًا، وَلَمْ يَقْبَلُوهُمَا بَدَلًا عَنِ الْأَصْلِ".

يقول: "بَلْ تُدْفَعُ الزَّكَاةُ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ" يعني من ثمنه إذا بِيع أو قيمته إذا قوِّم وثُمِّن.

"وَقَالُوا: بِوُجُوبِ الثَّمَنِ إِنْ بِيعَ، وَالْقِيمَةِ إِنْ أُكِلَ.

قَالَ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَثَمَنُ غَيْرِ ذِي الزَّيْتِ وَمَا لَا يَجِفُّ، وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: وَمَا لَا يَجِفُّ، أَنَّ الرُّطَبَ وَالْعِنَبَ اللَّذَيْنِ لَا يَيْبَسَانِ يَجِبُ الْإِخْرَاجُ مِنْ ثَمَنِهِمَا لَا مِنْ نَفْسِ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ".

القيمة إذا بِعت، إذا بِعت فالدراهم التي تقبضها هذه قيمة التمر الذي بِعته، ثمنه إذا أكلته أنت على الفقراء تضمن هذا الثمن.

طالب: ..........

نعم.

والقيمة بتقويمها بقيمته التي يستحقها.

طالب: ..........

القيمة إذا كان متقوَّمًا وأُكِل، فالذي يدفعه قيمة أم ثمن؟ قيمة، قيمته كذا، أما ثمنه في المعاوضة الذي أخذته في مقابله في غير مسألة الأكل في البيع.

طالب: ..........

نعم.

طالب: ..........

ماذا تقول أنت؟

طالب: ..........

مِن قوله؟

طالب: ..........

خليل؟ خليلي؟

طالب: ..........

ماذا قلت أنت؟

طالب: ..........

وأنت ماذا قلت؟

طالب: ..........

ما فهمت.

والعنب ما لا يجف "أَنَّ الرُّطَبَ وَالْعِنَبَ اللَّذَيْنِ لَا يَيْبَسَانِ يَجِبُ الْإِخْرَاجُ مِنْ ثَمَنِهِمَا" إذا بيعا تُخرج من ثمنهم.

طالب: ..........

تجب فيه الزكاة إذا يبس، إذا تمَّر ويبس تجب فيه الزكاة، في الوقت الحالي...

طالب: ..........

الذي لا ييبس؟

طالب: ..........

يصير كالعروض الأخرى يُباع بغير مثله، وتُؤخذ زكاته من القيمة.

طالب: ..........

يُخرج تمر بزبيب؛ لأنه يبس، إذا يبس.

طالب: ..........

يلزمه بدله ويُكلَّف غير ما أعطاه الله؟

طالب: ..........

المقصود أنه إذا بِيع صار عرض تجارة.

طالب: ..........

ما يخالف، لكن إذا باعه قبل أن يكون تمرًا أو زبيبًا كما يصنع الناس اليوم يبيعون، فما الواجب عليهم؟ 

طالب: ..........

عروض تجارة، ولكن هل زكاته زكاة عروض تجارة ربع العُشر أو زكاة خارج من الأرض العُشر؟

طالب: ..........

زكاته خارج من الأرض ويُعامل معاملة عروض التجارة، ولا يُرجع يُقال: لا يجوز بيعه؛ حتى تٌخرج منه الزكاة، ما يُقال هذا.

طالب: ..........

لا يابس، المهم أنه يصبر، ما يفسد إذا تُرِك.

طالب: ..........

يابس، تمر.

طالب: ..........

المقصود أنه يابس، ويصبر، أم أن هناك مرحلة بعد هذه؟

طالب: ..........

كلامهم أنه يجوز بيعه قبل أن يحين وقت زكاته؛ لأن النبي –عليه الصلاة والسلام- علَّق البيع بأن يحمَر أو يصفَر، علق البيع بهذا، ولا منع منه حتى يُتمَّر أو ييبس لا.

طالب: ..........

زكاته أيش؟ رطب، الآن باعه بدأ يجلب على السوق كل يوم عشرة سطول من المنصِّف الرُّطب قبل أن تحين زكاته؛ لأنه ما يُزكى إلا إذا يبس، ماذا يفعل إذا باع؟

طالب: ..........

نقول: لا تبيعوا إلى أن يصير تمرًا؟ ما قاله أحد.

طالب: ..........

وما يُدريه أن هذا قدر الزكاة وهو ما يُعرّف إلا إذا جف؟ وفي الأصل خُرِص ويؤول إلى اليُبس بمقدار كذا من الأصواع، فكل المسائل مبنية على الخرص.

طالب: ..........

ماذا فيه؟

طالب: ..........

البُسر نعم.

طالب: ..........

بلى ما عليه الزكاة! لماذا خُرِص أصلًا إلا ليُعرف مقداره وهو رُطب، وما يؤول إليه إذا يبس فتثبت زكاته في ذمته؟ يعني هذا الرُّطب الذي في رؤوس النخل خمسة آلاف صاع، وإذا يبس صار أربعة، الناس يُريدون أن يأكلوه وهو رُطب، نقول: لا تبيع؟ مجرد ما يلون، تعرف يلون ماذا يصير؟

طالب: ..........

يصفَر أو يحمَر يصير له لون، مجرد أن يبدأ في التلوين يجوز بيعه، لكن ماذا عن حق الفقراء الذي لن يُدفَع إلا إذا يبس؟ يُقوَّم هذا ويُزكونه، هذه فائدة الخرص؟

طالب: ..........

أين؟

طالب: ..........

لا لا، زكاة الخارج من الأرض.     

"وَفِي الْمَوَّاقي فِي شَرْحِ قَوْلِ خَلِيلٍ".

وَفِي الْمَوَّاقِ.

"وَفِي الْمَوَّاقِ فِي شَرْحِ قَوْلِ خَلِيلٍ وَإِنْ لَمْ يَجِفَّ مَا نَصُّهُ: قَالَ مَالِكٌ: إِنَّ كَانَ رُطَبُ هَذَا النَّخْلِ لَا يَكُونُ تَمْرًا، وَلَا هَذَا الْعِنَبُ زَبِيبًا، فَلْيُخْرَصْ أَنْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِيهِ مُمْكِنًا، فَإِنْ صَحَّ فِي التَّقْدِيرِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ أُخِذَ مِنْ ثَمَنِهِ. انْتَهَى مَحَلُّ الْفَرْضِ مِنْهُ بِلَفْظِهِ، وَهُوَ نَصٌّ صَرِيحٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَرَى إِخْرَاجَ الرُّطَبِ، وَالْعِنَبِ فِي الزَّكَاةِ؛ لِعُدُولِهِ عَنْهُمَا إِلَى الثَّمَنِ فِي حَالِ تَعَذُّرِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ الْيَابِسَيْنِ، فَكَيْفَ بِالْحَالَةِ الَّتِي لَمْ يَتَعَذَّرَا فِيهَا؟

وَالْحَاصِلُ أَنَّ إِخْرَاجَ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ عَمَّا يَيبَسَ مِنْ رُطَبٍ وَعِنَبٍ، لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَلَا دَلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا قِيَاسٍ، وَأَمَّا الَّذِي لَا يَيْبَسُ كَبَلَحِ مُضر وَعِنَبِهَا، فَفِيهِ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ بِإِجْزَاءِ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ، وَنُقِلَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ رُشْدٍ".

ويكون مثل إخراج الصغار عن الصغار في الزكاة، مثل إخراج الصغار عن الصغار، ولا شك أن مثل هذا ألا يُكلَّف صاحب المال بغير ما أعطاه الله بغير ما آتاه الله لا شك أنه أرفق به، لكن إذا أمكن ضبطه، وإلا ففي الأصل أن الرَّطب لا يُمكن ضبطه؛ لأنه ييبس، والتمور تتفاوت في نسبة اليُبس، والنقص من خلال هذا اليُبس.

"وَسَتَرَى -إِنْ شَاءَ اللَّهُ- فِي آخِرِ هَذَا الْمَبْحَثِ كَلَامَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِيهِ، فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ إِلَّا التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ الْيَابِسَانِ دُونَ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ؟

فَالْجَوَابُ: أَنَّ ذَلِكَ دَلَّتْ عَلَيْهِ عِدَّةُ أَدِلَّةٍ:

الْأَوَّلُ: هُوَ مَا قَدَّمْنَا مِنْ حَدِيثِ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُخْرَصَ الْعِنَبُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ؛ فَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤْخَذُ صَدَقَةُ النَّخْلِ تَمْرًا، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ مِنْ مَرَاسِيلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَقَدَّمْنَا أَيْضًا أَنَّ الِاحْتِجَاجَ بِمِثْلِ هَذَا الْمُرْسَلِ مِنْ مَرَاسِيلِ سَعِيدٍ صَحِيحٌ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ".

أولًا: قوله: مرسل، هو على اصطلاح الفقهاء، وإلا فالمرسل عند أهل الحديث.

مَرْفُوعُ تَابِعٍ عَلَى الْمَشْهُورِ

 

مُرْسَلٌ أَوْ قَيِّدْهُ بِالْكَبِيرِ

أما السقط من أثناء السند فالفقهاء يُسمونه: مرسلًا، وهو مرسل عند الخطيب البغدادي، لكن الاصطلاح استقر على أن المرسل ما يرفعه التابعي إلى النبي –عليه الصلاة والسلام-، والذي معنا رفعه صحابي، وسقط مَن دون الصحابي، وقبِل التابعي الذي هو سعيد بن المسيب، فهذا تسميته مرسلًا على سبيل التجوُّز معروف عند الفقهاء مستفيض.

يبقى أنه صحيح عند الأئمة الأربعة: مالك، وأبي حنيفة، وأتباعهم يحتجون بالمراسيل، هذا ماشٍ على قولهم، والشافعي يحتج بمراسيل سعيد على وجه الخصوص، فالثلاثة بالنسبة لهذا المرسل عن سعيد متفقون على هذا.

والإمام أحمد في رواية يحتج بالمراسيل، ذكر ذلك ابن القيم في (إعلام الموقعين)، وغيره ذكره رواية عن الإمام أحمد، والمعروف أن القول بالإطلاق بقبول المراسيل ليس مذهب أحمد، والحافظ العراقي تبعًا لابن الصلاح يريان أن الجمهور على رد المرسل، وهو الذي قرره الإمام مسلم في مقدمة صحيحه.

ذكرنا بالدرس الماضي ما قاله الحافظ العراقي في هذا الصدد:

 

وَاحْتَجَّ مَالِكٌ كَذَا النُّعْمَانُ

 

بِهِ وَتَابِعُوهُمَا وَدَانُوا

وَرَدَّهُ جَمَاهِرُ النُّقَّادِ

 

لِلْجَهْلِ بِالسَّاقِطِ فِي الْإِسْنَادِ

"وَرَدَّهُ جَمَاهِرُ النُّقَّادِ" الذي يسمع كلام الشيخ أو يقرأ كلام الشيخ يظن أنها قضية مُسلَّمة ما خالف فيها أحد، والعلماء يقولون: 

وَرَدَّهُ جَمَاهِرُ النُّقَّادِ

 

لِلْجَهْلِ بِالسَّاقِطِ فِي الْإِسْنَادِ

 وَصَاحِبُ التَّمْهِيدِ عَنْهُمْ نَقَلَهْ

 

وَمُسْلِمٌ صَدْرَ الْكِتَابِ أَصَّلَهْ

"وَصَاحِبُ التَّمْهِيدِ عَنْهُمْ نَقَلَهْ" عن الجمهور.

"وَمُسْلِمٌ صَدْرَ الْكِتَابِ أَصَّلَهْ" أصَّل هذا القول، وهو القول برد المراسيل.  

"فَإِذَا عَلِمْتَ صِحَّةَ الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ هَذَا، فَاعْلَمْ أَنَّهُ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِخَرْصِ الْعِنَبِ وَالنَّخْلِ، وَأَنْ تُؤْخَذَ زَكَاةُ الْعِنَبِ زَبِيبًا، وَصَدَقَةُ النَّخلِ تَمْرًا، فَمَنِ ادَّعَى جَوَازَ أَخْذِ زَكَاةِ النَّخْلِ رُطَبًا أَوْ بُسْرًا، فَدَعْوَاهُ مُخَالِفَةٌ لِمَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِأَخْذِهَا فِي حَالِ كَوْنِهَا تَمْرًا فِي النَّخْلِ، وَزَبِيبًا فِي الْعِنَبِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَالَ وَصْفٌ لِصَاحِبِهَا، قَيْدٌ لِعَامِلِهَا، فَكَوْنُ زَكَاةِ النَّخْلِ تَمْرًا وَصْفٌ لَهَا أَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِإِخْرَاجِهَا فِي حَالِ كَوْنِهَا مُتَّصِفَةً بِهِ، وَكَذَلِكَ كَوْنُهَا تَمْرًا قَيْدٌ لِأَخْذِهَا".

وصفٌ لها أو وصفٌ لما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أو لَما فيكون زكاة النخل تمرًا؟

طالب: وصفٌ لها، فكون.

وصفٌ لها؛ لأن الحال وصفٌ لصاحبها، إذا قلت: جاء زيدٌ ضاحكًا، فأنت تصفه بأنه جاء، والحال أنه يضحك، هذا وصفه.

الحَالُ وَصفٌ فَضلَةٌ مُنتَصِبُ

 فهو وصف في الأصل.

"فَهُوَ تَقْيِيدٌ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَخْذِهَا بِأَنْ يَكُونَ فِي حَالِ كَوْنِهَا تَمْرًا، فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ عَلَى غَيْرِ تِلْكَ الْحَالِ، كَكَوْنِهَا رُطَبًا مَثَلًا، وَإِذَا اتَّضَحَ لَكَ أَنَّ أَخْذَهَا رُطَبًا -مَثَلًا- مُخَالِفٌ لِمَا أَمَرَ بِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَاعْلَمْ أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ، فَهُوَ رَدٌّ»، وَفِي رِوَايَةٍ فِي الصَّحِيحِ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»، وَفِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} الْآيَةَ [النور:63].

وَمِمَّا يُوَضِّحُ لَكَ أَنَّ إِخْرَاجَ الرُّطَبِ مَثَلًا فِي الزَّكَاةِ مُخَالِفٌ لِمَا سَنَّهُ وَشَرَعَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَخْذِهَا تَمْرًا، وَزَبِيبًا يَابِسَيْنِ مَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي (السُّنَنِ الْكُبْرَى) فِي بَابِ: كَيْفَ تُؤْخَذُ زَكَاةُ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ؟ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَبِي الْمَعْرُوفِ الْفَقِيهُ الْمِهْرَجَانِيُّ، قال: أَنْبَأَ بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ، قال: أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ نَصْرٍ الْحَذَّاءُ، قال: حدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قال: حدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، قال: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَمَرَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ أَنْ يَخْرُصَ الْعِنَبَ كَمَا يَخْرُصُ النَّخْلَ، ثُمَّ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤَدَّى زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْرًا، قَالَ: فَتِلْكَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّخْلِ وَالْعِنَبِ. انتهى مِنْهُ بِلَفْظِهِ، وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ: إِخْرَاجَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ هُوَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمُخْرِجُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ مُخَالِفٌ لِسُنَّتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا تَرَى.

الدَّلِيلُ الثَّانِي: إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ زَكَاةَ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ مِنْ نَوْعِ مَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ، وَالْعَيْنُ الْوَاجِبَةُ فِيهَا الزَّكَاةُ هِيَ: التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ الْيَابِسَانِ، لَا الرُّطَبُ وَالْعِنَبُ بِدَلِيلِ إِجْمَاعِ الْقَائِلِينَ بِالنِّصَابِ فِي الثِّمَارِ، عَلَى أَنَّ خَمْسَةَ الْأَوْسُقِ الَّتِي هِيَ النِّصَابُ لَا تُعْتَبَرُ مِنَ الرُّطَبِ، وَلَا مِنَ الْعِنَبِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ مِنَ الرُّطَبِ أَوِ الْعِنَبِ، وَلَكِنَّهَا إِذَا جَفَّتْ نَقَصَتْ عَنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النِّصَابَ مُعْتَبَرٌ مِنَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ الْيَابِسَيْنِ، فَلَوْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ مِنَ الرُّطَبِ أَوِ الْعِنَبِ لَكَانَ مُخْرِجًا مِنْ غَيْرِ مَا تَجِبُ فِي عَيْنِهِ الزَّكَاةُ كَمَا تَرَى، وَيَدُلُّ لَهُ مَا ذَكَرَهُ الزُّرْقَانِيُّ فِي (شَرْحِ الْمُوَطَّأ) فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ فِي شَرْحِ قَوْلِ مَالِكٍ: ثُمَّ يُؤَدُّونَ الزَّكَاةَ عَلَى مَا خُرِصَ عَلَيْهِمْ، مَا نَصُّهُ: وَمَبْنَى التَّخْرِيصِ أَنْ يَحْزِرَ مَا فِي النَّخْلِ، أَوِ الْعِنَبِ مِنَ التَّمْرِ الْيَابِسِ إِذَا جَذَّ، عَلَى حَسَبِ جِنْسِهِ، وَمَا عَلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يَصِيرُ إِلَيْهِ عِنْدَ الْإِتْمَار؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْهُ تَمْرًا. انْتَهَى مَحَلُّ الغرْضِ مِنْهُ بِلَفْظِهِ".

طالب: ..........

يصير إليه عند الإثمار، والأصل عند الإتمار حينما يصير تمرًا، يعني: يابسًا.

"وَقَدْ تَقَرَّرَ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ لَفْظَةَ (إِنَّمَا) لِلْحَصْرِ، وَهُوَ الْحَقُّ، فَقَوْلُ الزُّرْقَانِيِّ: لِأَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْهُ تَمْرًا، مَعْنَاهُ: حَصْرُ أَخْذِ زَكَاةِ النَّخْلِ فِي خُصُوصِ التَّمْرِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ رُطَبٍ وَنَحْوِهِ؛ مُعَلِّلًا بِذَلِكَ اعْتِبَارَ النِّصَابِ مِنَ التَّمْرِ الْيَابِسِ؛ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ مِمَّا تَجِبُ فِي عَيْنِهِ الزَّكَاةُ مِنَ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَلَا يَرُدُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ هُوَ وَقْتُ طِيبِ الثَّمَرِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ يَابِسًا؛ لِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ إِخْرَاجُهَا بِالْفِعْلِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَصِيرَ تَمْرًا يَابِسًا؛ وَلِإِجْمَاعِهِمْ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ إِنْ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اعْتُبِرَتْ، فَتَسْقُطُ زَكَاةُ مَا أُجِيحَ، كَمَا تَسْقُطُ زَكَاةُ الْكُلِّ إِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ نِصَابٌ، وَسَيَأْتِي لَهُ زِيَادَةُ إِيضَاحٍ.

الدَّلِيلُ الثَّالِثُ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَأْخُذُهَا تَمْرًا بَعْدَ الْجِذَاذِ، لَا بَلَحًا، وَلَا رُطَبًا".

سبب الوجوب هو ملك النِّصاب، ووقت الوجوب...

طالب: ..........

أو بُدو الصلاح استقرار الوجوب.

طالب: ..........

إذا أمِن العاهة والجوائح معروف أنها موضوعة؛ ولذا لو استقر وُضِعت في البيذر، ثم جاءتها جائحة سماوية فإنها حينئذٍ -كما قال المؤلف هنا-: "فَتَسْقُطُ زَكَاةُ مَا أُجِيحَ، كَمَا تَسْقُطُ زَكَاةُ الْكُلِّ إِذا لَمْ يَبْقَ مِنْهُ نِصَابٌ".

"وَاللَّهُ -جَلَّ وَعَلَا- يَقُولُ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} الْآيَةَ [الأحزاب:21]، وَيَقُولُ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} الْآيَةَ [الحشر:7]، وَيَقُولُ: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} الْآيَةَ [النساء:80]، وَيَقُولُ: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} الْآيَةَ [آل عمران:31] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَات".

مثل الأحاديث إذا قرأت بعض الحديث وقلت: الحديث، فمعناه: الحديثَ، ومثله الآية إذا لم تُكمل الآية وقلت: الآية، تقول: الآيةَ، يعني: اقرأ الآية أو أكمِل الآية.

"قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي (صَحِيحِهِ) بَابُ أَخْذِ صَدَقَةِ التَّمْرِ عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ: وَهَلْ يُتْرَكُ الصَّبِيُّ فَيَمَسُّ الصَّدَقَةَ؟

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَسَدِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أَبِي، قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُؤْتَى بِالتَّمْرِ عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ، فَيَجِيءُ هَذَا بِتَمْرِهِ، وَهَذَا مِنْ تَمْرِهِ، حَتَّى يَصِيرَ عِنْدَهُ كَوْمًا مِنْ تَمْرٍ، فَجَعَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- يَلْعَبَانِ بِذَلِكَ التَّمْرِ، فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا تَمْرَةً فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْرَجَهَا مِنْ فِيهِ، فَقَالَ: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَأْكُلُونَ الصَّدَقَةَ؟» انتهى.

فَهَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَأْخُذُ صَدَقَةَ النَّخْلِ تَمْرًا بَعْدَ الْجِذَاذِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ صِيغَةَ الْمُضَارِعِ بَعْدَ لَفْظَةِ كَانَ فِي نَحْوِ: كَانَ يَفْعَلُ كَذَا، تَدُلُّ عَلَى كَثْرَةِ التَّكْرَارِ وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ، فَقَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ الصَّحِيحِ: كَانَ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

قوله: "تَدُلُّ عَلَى كَثْرَةِ التَّكْرَارِ" كثرة التكرار وكثرة التكرار غير المداومة فرق بين التكرار وكثرة التكرار، وبين المداومة التي لا يتخلَّف منها شيء.

طالب: ..........

بكثرة كثرة، الغالب.

"فَقَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ الصَّحِيحِ: كَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُؤْتَى بِالتَّمْرِ عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ. الْحَدِيثُ يَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى أَنَّ إِخْرَاجَ التَّمْرِ عِنْدَ الْجِذَاذِ هُوَ الَّذِي كَانَ يُفْعَلُ دَائِمًا فِي زَمَنِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَهُوَ الَّذِي يَأْخُذُ فِي الزَّكَاةِ ذَلِكَ التَّمْرَ الْيَابِسَ، فَمَنِ ادَّعَى جَوَازَ إِخْرَاجِ زَكَاةِ النَّخْلِ رُطَبًا أَوْ بَلَحًا، فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

"وَهُوَ الَّذِي يَأْخُذُ فِي الزَّكَاةِ ذَلِكَ التَّمْرَ الْيَابِسَ".

 الرسول يأخذ.

"وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي (فَتْحِ الْبَارِي) فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ آنِفًا مَا نَصُّهُ: قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: قَوْلُهُ: عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ، أَيْ: بَعْدَ أَنْ يَصِيرَ تَمْرًا؛ لِأَنَّ النَّخْلَ قَدْ يُصْرَمُ وَهُوَ رُطَبٌ، فَيُتْمَرُ فِي الْمِرْبَدِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ لَا يَتَطَاوَلُ، فَحَسُنَ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى الصِّرَامِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام:141]، فَإِنَّ الْمُرَادَ بَعْدَ أَنْ يُدَاسَ وَيُنَقَّى، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، انتهى مِنْهُ بِلَفْظِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ فِيمَا ذَكَرْنَا.

وَبِمَا ذَكَرْنَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا يَدَّعِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ جَوَازِ إِخْرَاجِ زَكَاةِ النَّخْلِ رُطَبًا وَبُسْرًا غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَا وَجْهَ لَهُ، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ التَّمْرُ لَا يَيْبَسُ، كَبَلَحِ مُضْرَ وَعِنَبِهَا، فَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ: أَنَّ الزَّكَاةَ تُخْرَجُ مِنْ ثَمَنِهِ إِنْ بِيعَ، أَوْ قِيمَتِهِ إِنْ أُكِلَ، لَا مِنْ نَفْسِ الرُّطَبِ أَوِ الْعِنَبِ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنِ ابْنِ رُشْدٍ قَوْلًا مَرْجُوحًا بِإِجْزَاءِ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ فِي خُصُوصِ مَا لَا يَيْبَسُ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي زَكَاةِ مَا لَا يَيْبَسُ: أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَمْيِيزُ حَقٍّ لَا بَيْعٌ، فَيَجُوزُ الْقَسْمُ، وَيُجْعَلُ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ مُتَمَيِّزًا فِي نَخْلَاتٍ، ثُمَّ يَنْظُرُ الْمُصَّدِّقُ، فَإِنْ رَأَى أَنْ يُفَرِّقَ عَلَيْهِمْ فَعَلَ، وَإِنْ رَأَى الْبَيْعَ وَقِسْمَةَ الثَّمَنِ فَعَلَ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ فَلَا تَجُوزُ فِي الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ، وَيَقْبِضُ الْمُصَّدِّقُ عُشْرَهَا مُشَاعًا بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا".

إذا كانت القسمة مجرد تمييز فالأمر فيه سعة؛ لأن التمييز لا يثبت له أحكام البيع، وأما إذا قلنا: إن القسمة بيع، فإنها لا بُد من مراعاة شروط البيع، فالذي لا يصح في البيع لا يصح في القسمة.

"وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ مِلْكُ الْمَسَاكِينِ، ثُمَّ يَبِيعُهُ وَيَأْخُذُ ثَمَنَهُ وَيُفَرِّقُهُ عَلَيْهِمْ، وَهَكَذَا الْحُكْمُ عِنْدَهُ فِيمَا إِذَا احْتِيجَ إِلَى قَطْعِ الثَّمَرَةِ رُطَبًا، خَوْفًا عَلَيْهَما مِنَ الْعَطَشِ وَنَحْوِهِ.

وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَذْهَبِ الْحَنْبَلِيِّ فِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُخَيِّرُ السَّاعِي بَيْنَ أَنْ يُقَاسِمَ رَبَّ الْمَالِ الثَّمَرَةَ قَبْلَ الْجِذَاذِ بِالْخَرْصِ، وَيَأْخُذَ نَصِيبَهُمْ نَخْلَةً مُفْرِدَةً، وَيَأْخُذَ ثَمَرَتَهَا، وَبَيْنَ أَنْ يَجُذَّهَا وَيُقَاسِمَهُ إِيَّاهَا بِالْكَيْلِ، وَيَقْسِمَ الثَّمَرَةَ فِي الْفُقَرَاءِ، وَبَيْنَ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ رَبِّ الْمَالِ أَوْ غَيْرِهِ، قَبْلَ الْجِذَاذِ أَوْ بَعْدَهُ، وَيَقْسِمَ ثَمَنَهَا فِي الْفُقَرَاءِ.

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ مِنْ تَمْرٍ وَزَبِيبٍ يَابِسَيْنِ، قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَذَكَرَ أَنَّ أَحْمَدَ -رَحِمَهُ اللَّهُ- نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَهُ صَاحِبُ (الْمُغْنِي)".

"قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَذَكَرَ أَنَّ أَحْمَدَ".

 الطبعة التي معنا (قال أبو بكرٍ، وذكر أن أحمد) كأن العبارة الأولى أصح، أبو بكر عبد العزيز غُلام الخلال، وهو من شيوخ الحنابلة المعروفين.

"قَالَهُ صَاحِبُ (الْمُغْنِي)، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا هُوَ حَاصِلُ..".

 مثلها؟

أعِد القول الثاني.

"الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ مِنْ تَمْرٍ وَزَبِيبٍ يَابِسَيْنِ، قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَذَكَرَ أَنَّ أَحْمَدَ -رَحِمَهُ اللَّهُ- نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَهُ صَاحِبُ (الْمُغْنِي)".

طالب: .........

أين؟

طالب: .........

قاله وذكر مع هذا القول ذَكر أن أحمد.

طالب: .........

يعني قاله وأضاف أن أحمد ذكر كذا.

"وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا هُوَ حَاصِلُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ -رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، أَعْنِي الثَّمَرَ الَّذِي لَا يَيْبَسُ، وَالَّذِي احْتِيجَ لِقَطْعِهِ قَبْلَ الْيُبْسِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتُلِفَ فِي وَقْتِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيمَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ مِنْ ثَمَرٍ وَحَبٍّ".

قِف على هذا، طويلة هذه المسألة.

طالب: قصيرة يا شيخ.

هذه المسألة الثالثة والرابعة أين هي؟

طالب: ما فيه رابعة.

طالب: .........

{قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ} [الأنعام:145] إلى هذا ينتقل الموضوع بالكلية.

اقرأ.

"الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتُلِفَ فِي وَقْتِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيمَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ مِنْ ثَمَرٍ وَحَبٍّ، فَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: تَجِبُ فِي الْحَبِّ إِذَا اشْتَدَّ، وَفِي الثَّمَرِ إِذَا بَدَا صَلَاحُهُ، فَتَعَلَّقَ الْوُجُوبُ عِنْدَ طِيبِ التَّمْرِ، وَوُجُوبُ الْإِخْرَاجِ بَعْدَ الْجِذَاذِ.

وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّهُ لَوْ تَصَرَّفَ فِي الثَّمَرِ وَالْحَبِّ قَبْلَ الْوُجُوبِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَإِنْ تَصَرَّفَ فِي ذَلِكَ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ لَمْ تُسْقَطِ الزَّكَاةُ عَنْهُ.

وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَيْضًا: أَنَّهُ إِذَا مَاتَ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ زُكِّيَتْ عَلَى مِلْكِهِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْوُجُوبِ زُكِّيَتْ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ".

كما يُقال في زكاة الفطر: وقت الوجوب، أولًا: سبب الوجوب، ثم وقت الوجوب.

فوقت وجوبها: غروب الشمس من ليلة العيد، فإذا قال: في الوقت الوجوب بمعنى أنه لو مات قبل وقت الوجوب ما وجبت عليه، وإن مات بعد الوجوب وجبت عليه؛ لأنه استقر الوجوب في ذمته، وهنا وقت الوجوب: "تَجِبُ فِي الْحَبِّ إِذَا اشْتَدَّ، وَفِي الثَّمَرِ إِذَا بَدَا صَلَاحُهُ" يعني ولو لم يجز إخراج الزكاة منها.

"فَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: تَجِبُ فِي الْحَبِّ إِذَا اشْتَدَّ، وَفِي الثَّمَرِ إِذَا بَدَا صَلَاحُهُ، فَتَعَلَّقَ الْوُجُوبُ عِنْدَ طِيبِ التَّمْرة، وَوُجُوبُ الْإِخْرَاجِ بَعْدَ الْجِذَاذِ" يعني إذا طابت الثمرة استقر الوجوب عليه، لكنه لا يجوز أن يُخرجها؛ حتى تشتد حتى تيبس كما تقدم، وفائدة الخلاف أنه لو تصرف في الثمرة قبل الوجوب يعني ما بدا صلاحها وتصرف فيها ما عليه شيء.

"وَإِنْ تَصَرَّفَ فِي ذَلِكَ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ لَمْ تُسْقَطِ الزَّكَاةُ عَنْهُ" باع البستان قبل أن ييبس، مثل ما يفعلون الآن، تلزمه الزكاة.

طالب: ......... 

إذا كان حيل يعاقب من غير قصده، ويُنصون على أنه إذا لم يكن حيل.

طالب: ......... 

ما خُرِص، ما يُخرَص إلا بعد بدو الصلاح.

طالب: ......... 

ما يجوز قبل بدو الصلاح.

طالب: ......... 

أصول النخل أو يبيع بعد بدو الصلاح، ويجوز له بيعه وحينئذٍ تكون لزمت الزكاة.

طالب: ......... 

يبيعه تبعًا لنخله لا استقلالًا.   

"وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وَقْتِ الْوُجُوبِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ: أَنَّهُ وَقْتُ الْجِذَاذِ، قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام:141].

الثَّانِي: يَوْمَ الطِّيبِ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الطِّيبِ يَكُونُ عَلَفًا، لَا قُوتًا وَلَا طَعَامًا، فَإِذَا طَابَ وَحَانَ الْأَكْلُ الَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ، وَجَبَ الْحَقُّ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، إِذْ بِتَمَامِ النِّعْمَةِ يَجِبُ شُكْرُ النِّعْمَةِ، وَيَكُونُ الْإِيتَاءُ وَقْتَ الْحَصَادِ لِمَا قَدْ وَجَبَ يَوْمَ الطِّيبِ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَكُونُ بَعْدَ تَمَامِ الْخَرْصِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ الْوَاجِبُ فِيهِ مِنَ الزَّكَاةِ، فَيَكُونُ شَرْطًا لِوُجُوبِهَا، كَمَجِيءِ السَّاعِي فِي الْغَنَمِ، وَبِهِ قَالَ الْمُغِيرَةُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِنَصِّ التَّنْزِيلِ، وَالْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ الثَّانِي، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. انتهى مِنْهُ بلفظه".

طالب: ......... 

طيب لو ما جاء أحد يُخرص، ولا جاء ساعٍ يأخذ الزكاة من الغنم، فما الحكم؟

طالب: ......... 

"الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَكُونُ بَعْدَ تَمَامِ الْخَرْصِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ الْوَاجِبُ فِيهِ مِنَ الزَّكَاةِ، فَيَكُونُ شَرْطًا لِوُجُوبِهَا، كَمَجِيءِ السَّاعِي فِي الْغَنَمِ".

 لكن الصحيح الأول.

طالب: ......... 

يعني يجوز بعد سبب الوجوب، وقبل وقت الوجوب.

طالب: ......... 

ما تنطبق.

طالب: ......... 

الزكاة تجب في عين المال؛ لأنها صارت قيمة إذا صارت أمرًا ثانيًا.

طالب: .....

نعم.

"وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ مَالِكًا -رَحِمَهُ اللَّهُ- يَقُولُ: بِأَنَّ كُلَّ مَا أَكَلَهُ الْمَالِكُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ يَحْسَبُ عَلَيْهِ، وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ يُخَالِفُونَهُ -رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي ذَلِكَ".

لأنه يُترك لهم الثلث أو الربع يأكلون ويتصدقون ويُهدُون، ولا يُحسب عليهم.

"وَاحْتَجُّوا؛ لِأَنَّ مَا يَأْكُلُهُ لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام:141]، وَبِالْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ: أَنَّ عَلَى الْخَارِصِ أَنْ يَدَعَ الثُّلُثَ أَوِ الرُّبْعَ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام:141] قَرَأَهُ ابْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَعَاصِمٌ بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَالْبَاقُونَ بِكَسْرِهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ كَالصَّرَّامِ وَالصِّرَّامِ، وَالْجَذَاذِ وَالْجِذَاذِ، وَالْقَطَافِ وَالْقِطَافِ.

فَائِدَةٌ: يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْحَائِطِ إِذَا أَرَادَ الْجِذَاذَ أَلَّا يَمْنَعَ الْمَسَاكِينَ مِنَ الدُّخُولِ، وَأَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِمْ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي ذَمِّ أَصْحَابِ أهل الْجَنَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي سُورَةِ الْقَلَمِ: {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ} [القلم:17] الْآيَاتِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى".

اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد.

"