شرح الموطأ - كتاب الزكاة (04)

سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى وآله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.

قال المؤلف -رحمه الله- تعالى:

باب زكاة أموال اليتامى والتجارة لهم فيها

حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة".

وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه قال: "كانت عائشة تليني وأخًا لي يتيمين في حجرها فكانت تخرج من أموالنا الزكاة".

وحدثني عن مالك أنه بلغه "أن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تعطي أموال اليتامى الذين في حجرها من يتجر لهم فيها".

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه اشترى لبني أخيه يتامى في حجره مالًا، فبيع ذلك المال بعد بمال كثير.

قال مالك -رحمه الله-: "لا بأس بالتجارة في أموال اليتامى لهم إذا كان الولي مأذونًا، ولا أرى عليه ضمانًا".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد فيقول المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب زكاة أموال اليتامى والتجارة لهم فيها:

اليتامى: جمع يتيم وهو بالنسبة لبني آدم من مات أبوه قبل البلوغ، فإذا بلغ الحنث ارتفع عنه الوصف، بحيث إذا كلف ارتفع عنه وصف اليتم.

يقول: حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال: "اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة".

لا تأكلها الزكاة، فدل على أن أمير المؤمنين عمر -رضي الله تعالى عنه- يرى أن الزكاة تجب في مال الصبي، ولو لم يبلغ، ولو لم يكلف، ومثله ما جاء عن عائشة.

يقول: وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه القاسم بن محمد أحد الفقهاء السبعة، عن أبيه القاسم بن محمد أنه قال: "كانت عائشة تليني" وهو ابن أخيها، محمد بن أبي بكر الصديق، تليه وتلي أخًا له يتيمين في حجرها، وكانت تلي أخواتهما على ما تقدم، ولا تخرج زكاة حليهما، حلي هؤلاء البنات، وتخرج زكاة أموال هؤلاء الصبية؛ لأنها كانت هي الولي عليهم بعد مقتل أبيهم بمصر في قصة معروفة.

يقول: فكانت تخرج من أموالنا الزكاة".

فلولا وجوب الزكاة في مال الصبي لما ساغ لها هذا التصرف.

ثم قال: وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تعطي أموال اليتامى الذين في حجرها من يتجر لهم فيها".

هذه المسألة الأخرى، المسألة الأولى وهي وجوب الزكاة في مال الصبي، ومثله المجنون.

جمهور أهل العلم على وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون، والحنفية لا يرون فيها الزكاة؛ لأنه غير مكلف، فكما أنه غير مطالب بالصلاة، ولا بالصيام، ولا بالحج قبل التكليف؛ لأنه قد رفع القلم عنه، كونه يؤمر بها من أجل التمرين هذا شيء، لكن الكلام على كتابة الحسنات والسيئات، القلم مرفوع عنه، فلا يطالب بالصلاة على سبيل الوجوب والإلزام، ولا الصيام، ولا الحج، أبو حنيفة يقول: والزكاة كذلك.

الجمهور يرون أن الزكاة واجبة في مال الصبي والمجنون؛ لعموم الأدلة، {خذ من أموالهم صدقة} هذا يشمل الكبير والصغير؛ لأن المسألة تعلقها في المال، وفي حديث بعث معاذ إلى اليمن، ((فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم)) والذي يملك المال غني، كبيرًا كان أو صغيرًا، عاقلًا كان أو مجنونًا.

فعموم الأدلة يدل على وجوب الزكاة في أموال غير المكلفين.

طيب رفع القلم عن مثل هؤلاء، ألا يعفيهم من دفع الزكاة؟ ما معنى رفع القلم؟ أنه لا يكتب عليهم شيء، لكن قالوا: إن أخذ الزكاة من أموالهم ليس مرده الحكم التكليفي، وإنما هو من باب ربط الأسباب بمسبباتها، وجد المال فتجب الزكاة، وجد السبب يوجد المسبب، فمرده إلى الحكم الوضعي، وليس الحكم التكليفي، وخبر عمر -رضي الله تعالى عنه- لا تأكلها الزكاة، دل على أن اليتامى في أموالهم الزكاة، وإخراج عائشة -رضي الله تعالى عنه-الزكاة اليتامى هؤلاء دليل على أنها ترى أن فيها الزكاة مع عموم الأدلة؛ ولذا قال بمقتضى هذا جمهور أهل العلم خلافًا لأبي حنيفة.

المسالة الثانية: الاتجار في أموال اليتامى، يقول عمر -رضي الله تعالى عنه-: "اتجروا في أموال اليتامى".

قال: وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تعطي أموال اليتامى الذين في حجرها من يتجر لهم فيها".

لئلا تأكلها الزكاة، المال الذي ينقص ينتهي، الذي ينقص ولا ينمو هذا ينتهي، ولا بد من تحريكه والاتجار به؛ لئلا تأكله الزكاة، وتأكله النفقات أيضًا.

يقول: وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه اشترى لبني أخيه عبد ربه بن سعيد يتامى في حجره مالًا، فبيع ذلك المال بعد بمال كثير. يعني حرك المال، اشترى به سلعة فكسب فيه مكاسب كثيرة.

قال مالك: "لا بأس بالتجارة في أموال اليتامى لهم، ليس معنى هذا أن الولي يضارب ويتاجر بأموال اليتامى والربح له، لا، إنما يقول: في أموال اليتامى لهم، الربح لهم، ولا للولي، إذا كان الولي مأذونًا له يعني من قِبَل مَن عينه في الولاية، سواءً كان الأب، أو القاضي الذي هو الحاكم، إذا كان مأذونًا له يتجر ويتصرف مراعيًا في ذلك المصلحة، مصلحة هؤلاء اليتامى، يقول: فلا أرى عليه ضمانًا؛ لأنه أمين، مؤتمن، ما لم يفرط، أما إذا فرط أو تَصرف تصرُف غير مرضٍ فحينئذ يضمن.

إن اتجر بهذه الأموال لنفسه، يقول: أنا عندي أيتام لهم مليون ريال جالس، وبدل ما يجلس أتجر بهذا المليون لنفسي، ومتى ما أرادوه موجود يعني، وهذه مسألة يحتاجها كثير من الناس، لا لهذه القضية بعينها، أحيانًا تعطى أموال لتوزيعها على الفقراء، تعطى أموال لتوزيعها على الفقراء، ثم تحتاجها أنت، بحثت عن فقير أو عن أسرة بعينها، من ذوي الحاجات، وقالوا: إنهم سافروا، بعد شهر يأتون، تقول: أنا أتصرف بها خلال هذا الشهر، أقترضها وأتصرف بها، وهذا يتسامح فيه كثير من الإخوان، يتصرفون على نية الضمان، وحينئذ ينتقل المال من كونه وديعة وأمانة غير مضمونة، إلى كونه قرضًا مضمونًا، مضمون بحيث لو تلف يضمنه لأصحابه، فمسألة الاقتراض إذا كان يغلب على الظن الرد في وقته، إذا كان يجزم برده في وقته ولعدم احتياج صاحبه إليه ومثل هذا في الودائع والأمانات، أراد شخص أن يسافر ووضع عندك وديعة، أمانة، مبلغ من المال، قال: لئلا يسرق، لئلا يضيع، لئلا ينهب، أضعه عندك، فقلت: ما دام جالسًا، وأنا أعرف أن صاحبه ما هو يأتي إلا مع بداية الدراسة، بعد ثلاثة أشهر أتصرف به، وإذا جاء دفعته إليه.

وقل مثل هذا في الودائع التي تودع من قبل الناس في البنوك، الناس يودعونها على أساس أنها أمانات في البنوك وإلا قروض؟

طالب:......

لا، لو كانت أمانات ما تصرف فيها البنك، البنك الآن إذا أعطيتها المبلغ يربطه بحبل، ويكتب عليه اسمك، ويودعه في خزينته، فإذا جئت سلمت نفس المبلغ؟ وإلا يتصرف فيه ويدخله مع أمواله، ويبيع ويشتري، وإذا جئت أعطاك غيره؟ هذا اقتراض ما هو بأمانة؛ ولذا لو تلف يضمن، بخلاف الصورة الأولى، لو جعله أمانة، بمعنى أنه كتب عليه اسمك، وقال: هذا المبلغ لفلان، ومتى ما جاء يسلم، وبالفعل لما جئت وجدته ما حرك، هذه أمانة، بمعنى أنه لو تلف لا يضمن البنك، ولا يضمن المؤتمن.

أقول: الاقتراض لا شك أن الورع عدمه، ولو غلب على الظن رده في وقته، ولو غلب على الظن أن صاحبه لا يحتاجه قبل وقت الرد؛ لأنه عرضة لأن يطلب في وقته فلا يتيسر، بعض الناس يأخذ أموالاً لطلاب العلم، أموال من التجار، ويقولون لهم: هذه زكوات أو صدقات، وزعوها على نظركم، ثم يدخلها في حسابه ويتصرف كيفما شاء، يشتري لنفسه ولأهله، ولبيته ما يريد، يشتري سيارة، يجدد أثاثًا، يسوي، يفعل، يترك من هذه الأموال، وهو ماشٍ في توزيع الصدقات؛ لأن بين أول واحد وآخر واحد مدة قد تكون طويلة إذا كان المبلغ كبيرًا، فبعضهم يتسامح في مثل هذا إذا غلب على الظن الرد في وقت الحاجة، ولا شك أن الأحوط والورع عدم التعرض لمثل هذه الأشياء؛ لئلا يحصل ما لم يخطر على البال، أحيانًا أنت تقدر أنك في آخر الشهر، أو في نهاية المدة عند الحاجة إلى هذا المبلغ، تقدر أنه سهل الرد، لكن وما يدريك عن المستقبل، يمكن ما تستطيع، وكم من شخص تعرض لإحراجات، بل تعرض لاتهامات، وأنزل نفسه مواضع التهم بهذه السبب، اقترض هذا المال وتصرف فيه، ثم عند وقت الحاجة ما استطاع الرد.

طالب:......

هو ضامن على كل حال.

طالب: يضمن في نفس الوقت.

هو إذا كان، ما فيه شك، إذا كان، إلى وقت الحاجة، أنت الآن تصور أعظم من ذلك البيان والتبليغ عن الله -جل وعلا- من قبل الرسل في الدين، يعني قبل وقت الحاجة يلزم البيان؟ ما يلزم، لكن في وقت الحاجة ما يجوز تأخيره.

هنا المسألة في أموال الناس المبنية على المشاحة، وهي من هذه الحيثية ينبغي أن يحتاط لها، منهم من يتسامح، يقول: مادام أعطاك المال، وقال: أنا والله مسافر لإجازة ثلاثة أشهر، وإذا رجعت أريده، أنت تتصرف، ما أذن لك بالتصرف، ولا استأذنته، ويغلب على ظنك أنك لو استأذنت يأذن لك، بعضهم يقول: إذا كان الأمر كذلك فلا مانع من أن تتصرف على أن تجزم بأنك عند مجيئه توفرها له، لكن أنت لك ديون في ذمم الناس، تقول: أنا وعدني فلان، لي عليه دين، أن يسلمه بعد شهر، ما هو بثلاثة أشهر، لكن تبين أن هذا الشخص مماطل، صرفت هذه الأموال على هذا الأساس، فتبين أنه مماطل، جاء صاحب المال، تقول: والله أنا متحري مال يأتي، أقول: يحصل في الواقع شيء ما حسب له حساب، فيتحاشاه الإنسان بقدر الإمكان إن اضطر إليه، ففي القول الثاني سعة، لكن بحيث لا يعرض أموال الناس للضياع.

طالب:......

لا بد أن يستأذن، إذا أذن له لا بأس، إذا قال: أنا أتصرف.

طالب:......

لا، هو إذا استأذن وقال: أتصرف بها، وإذا جاء وقت الحاجة أنا ضامن، بحيث متى ما طلبت إذا أذنوا له الأمر سهل يعني واضح هذا.

طالب: لو ما استأذن؟

لو ما استأذن أقول: إذا احتيج إليها، يعني احتاجها الإنسان ويغلب على ظنه أنه يجدها في وقت الطلب، فالقول الثاني فيه، نعم، الآن هي تأخذ لأناس معينين، هي نائبة عن الأغنياء، أو عن الفقراء؟

طالب:......

نعم هذا الكلام، في هذه الصورة إذا ذهبت الجمعية إلى الأغنياء وطلبت باسم الفقراء، نائبة عن الفقراء، لكن إذا كان الغني ابتداءً جاء إلى هذه الجمعية، وقال: وزعوا عني هذه الأموال، صارت نائبة عن الغني.

طالب:......

لا، الصورة منفكة.

طالب: لكن أقصد الجمعيات، هي مسجل عندها الفقير، وتعطي في الغالب من يسجل عندها، فهي نائبة عنه في الاستلام والتسليم، والبعض إما أن تذهب إلى الغني.

أنا أقول: في حالة ذهابهم إلى الأغنياء والطلب باسم الفقراء، هي نائبة عن الفقراء، إذا جاء الغني إلى الجمعية ودفع لها المال لتوزعه للفقراء هي نائبة عن الغني، والفرق بين الصورتين أنها إذا كانت نائبة عن الفقراء جاز لها أن تتصرف، الأمر الثاني يجوز لها ماذا؟ أنها توزعه على طول السنة، الفقير ما يحتاج إلى مبلغ كبير يسلم إليه؛ لأن من طبيعة الفقير أنه لا يحسن التصرف، يعطى حاجة سنة، فيصرفها في أسبوع، هذا واضح عندهم، عند كثير منهم مطرد، لكن إذا قلنا هي نائبة عن الأغنياء، والأغنياء لا يجوز لهم التأخير، إذن الجمعية لا يجوز لها التأخير، تصرفها في الحال، فرقنا بين ما إذا جاء الغني إلى الجمعية وقال: ادفعوها إلى الفقراء، الآن نائبة عن الغني، إذا ذهبت الجمعية إلى الأغنياء وطلبت منهم باسم الفقراء، هي في هذه الصورة نائبة عن الفقراء، والفرق بين التصرفين واضح.

طالب:......

لا، هي لا بد أن تفرق، بحيث إذا كانت نائبة عن الأغنياء تشوف الحاجات العاجلة، تنظر في الحاجات العاجلة، ولتصرف هذه الأموال التي نابت فيها عن الأغنياء للشهر الأول، للفقراء، يترك ما بعده من الأشهر إذا طلبت الجمعية من الأغنياء، فيما إذا كانت نائبة عن الفقراء.

طالب:......

لا بد من التفريق؛ لأن الغني لا يجوز له التأخير فنائبه في حكمه، لا يجوز له التأخير.

طالب:......

بالنسبة، يسأل عنها كثيرًا، العامل على الصدقة، وهذه يفعلها ويتصرف فيها كثير من الشباب يجمع باسم الفقراء، ويأخذ نسبة عشرة، خمسة بالمائة باسم عامل على الصدقة، العامل لا يكون عاملًا إلا إذا ولاه الإمام، أما أن يترك الناس يتصرفون يجمعون بأسماء الفقراء، ثم يتبين أنهم بعد سنة وسنتين أغنياء من خلال هذا الجمع على حساب الفقراء ما هو بصحيح، هذه لا بد لها من حل، لا يستطيع أحد أن يتصرف، يقول: ما من مسجد يجمع مجموعة من صغار السن عند أبواب المسجد، ثم بعد ذلك يوزع عليه من هذه الزكوات، أبدًا، هو ما يملك.

فالعامل إذا ولاه الإمام وفرض له نسبة نعم، منصوص عليه، من المصارف، ولو تركت لتصرفات الناس واجتهاداتهم ضاعت، نعم.

طالب:......

بلا شك، يعني لأنك أنت لا يجوز لك التأخير، فنائبك مثلك.

طالب:......

سهل، النفل ما له حد محدد، لكن الزكاة الواجبة إذا حال عليها الحول لا يجوز تأخيرها، يتسامح أهل العلم باليوم واليومين والثلاثة، لكن إذا تصرفت الجمعية على مقتضى برنامجها المعد عندها على مدى سنة تنفق على هؤلاء الفقراء، معناه أن الزكاة تتأخر سنة، هذا الكلام كله على الكلام على الزكاة التي لا يجوز تأخيرها، أما الصدقات فأمرها واسع، يعني ليس لها وقت محدد.

طالب:......

لا، هو معروف، نعم.

طالب:......

وإلا له طرق، أكثر من طريق، نعم ثابت، معروف عنه، وتصرف عائشة ما فيه إشكال، تصرف عائشة مثل الشمس.

طالب:......

النقص الحسي لا ينكره عاقل، النقص الحسي، يعني ألف ريال راح منه خمسة وعشرين، صار تسعمائة وخمسة وسبعين، هذا ما ينكره أحد، السنة الثانية مثل، الثالثة مثل، هذا واضح، لكن كونها بركة وينمو وطهرة للمزكي وللمال، وحفظًا له من أن يسرق، هذا أمور معنوية وثابتة شرعًا من اسم الزكاة، لكنه أمر معنوي، أما الأمر الحسي لا ينكره أحد.

طالب:......

لا، أبوه، في بني آدم من فقد أباه، في غير الحيوانات من فقد الأم، من الذي أنابه؟ أنابه ولي الأمر، لا، مثل هذا.

طالب:......

لا، ما هي بمسألة أناب، الآن أئمة مساجد يكلفون شبابًا عند أبواب المسجد يجمعون فيه، يعني مرخص لها، هذا إذا حددت النسبة من قبل ولي الأمر، يعني صار فيه نوع من التحديد، أما أن يترك لهم أناس يعطون عشرة بالمائة، وناس خمسة بالمائة، وواحد بدون، ناس بدون قيد ولا شرط ما يصلح هذا، هذا ضياع.

طالب:......

نعم، ما حددت على موظفين، لكن ما نسبة ما يؤخذ؟ هل يمكن أن يأخذ العامة خمسين بالمائة من الزكاة؟

 طالب:......

ما خول بنسبة معينة، لا، ما ترك له مثل هذا أبدًا، هذا غلط، هذا غلط لا بد من ضبطه.

طالب:......

لا، هذا لا بد من ضبطه، سم.

أحسن الله إليك.

باب زكاة الميراث

حدثني يحيى عن مالك أنه قال: إن الرجل إذا هلك ولم يؤد زكاة ماله، إني أرى أن يؤخذ ذلك من ثلث ماله، ولا يجاوز بها الثلث، وتبدى على الوصايا، وأراها بمنزلة الدين عليه، فلذلك رأيت أن تبدى على الوصايا قال: وذلك إذا أوصى بها الميت، قال: فإن لم يوص بذلك الميت ففعل ذلك أهله فذلك حسن، وإن لم يفعل ذلك أهله لم يلزمهم ذلك.

قال: والسنة عندنا التي لا اختلاف فيها أنه لا يجب على وارث زكاة في مال ورثه في دين، ولا عرض، ولا دار، ولا عبد، ولا وليدة، حتى يحول على ثمن ما باع من ذلك أو اقتضى الحول من يوم باعه وقبضه.

وقال مالك -رحمه الله-: السنة عندنا أنه لا تجب على وارث في مال ورثه الزكاة حتى يحول عليه الحول.

يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب زكاة الميراث

حدثني يحيى عن مالك أنه قال: إن الرجل إذا هلك، وهلك في الأصل تعني مات من غير زيادة، حتى إذا هلك، سورة غافر، هذا قيل بإزاء نبي، نعم، لكن العرف، العرف عند أهل العلم لا يطلقون هلك في غير المواريث، يعني في مسائل الميراث كلها هلك هالك، لكن في غير المواريث إذا ترجموا لأحد أو أعلنوا خبرًا إنما يقولون: هلك في حق من لا ترضى سيرته، هذا عرف، وإن كان أصل الكلمة بإزاء من مات من غير زيادة، إذا هلك ولم يؤد زكاة ماله، إني أرى أن يؤخذ ذلك من ثلث ماله، ولا يجاوز بها الثلث، والسبب في ذلك يقولون: لأنه متهم، أن يقر على نفسه بالزكاة؛ ليحرم وارثه، فلا يشاء أحد أن يمنع وارثه إلا منعه، لكن متى يتهم؟ يتهم إذا ادعى زكاة تجحف بماله، إذا قال صاحب المال: أنا والله من عشرين سنة ما زكيت، تحسب هذه السنين، فلا يبقى للوارث شيء يذكر، أما زكاة سنة واحدة، يعني زكاته تجب، أو تحل في رجب، ثم توفي في رمضان مثلًا، وعند وفاته قال: ترى يا أولادي أنا ما طلعت الزكاة، والزكاة اثنين ونصف بالمائة، لا شك أنها دين في ذمته، ودين الله أحق بالوفاء، فتخرج من رأس المال، لكن لو قال: إنها من عشرين سنة ما زكيت، والآن أنا تائب، هنا يتهم أنه يريد حرمان الورثة، وإلا ما الذي ترك المدة متطاولة وهو ما زكى، فإذا قبضه الوارث قبل أن تخلى الزكاة ما عليه شيء، حتى يستقبل به حولًا جديدًا.

وفرق بين أن يقر بنسبة لا تؤثر بالمال، زكاة سنة واحدة، هذا يقبل إقراره، وتخرج من أصل المال، لكن إن أقر بشيء يجحف في المال، ويضر بالورثة، من زكاة سنين متتابعة هنا يقال: لا يلزم؛ لأنه حينئذ يتهم.

مالك يرى أنه مطلقًا الزكاة تؤخذ من الثلث كالوصية، يقول: تبدى على الوصايا، يعني تقدم على الوصايا، وأراها بمنزلة الدين عليه، لكن الدين من رأس المال، لماذا فرق بين الدين؟ على رأي مالك، حتى عند مالك الدين من رأس المال، وليس من الثلث؛ لأن للدين من يثبته، البينات، أما الزكاة فهي بمجرد إقرار الميت، بمجرد إقراره، ففرق بينهما من هذه الحيثية، مادام الدين له من يثبته بالبينات، فإذا ثبت فهو من أصل، لا يتصور فيه حرمان وارث، افترض أن الميت أقر على نفسه بأنه مدين لفلان، وفلان ما عنده بينات، يكون حينئذ بمنزلة الإرث الذي ذكره مالك، يكون من الثلث فقط، بمنزلة الزكاة التي أشار إليها.

يقول: وأراها بمنزلة الدين عليه، هي دين؛ ولذا في الحقوق المتعلقة بالتركة: خمسة: مؤونة التجهيز، وهذا لا يقدم عليها شيء؛ لأنه يترتب عليها دفن الميت، الثاني: الديون المتعلقة بعين التركة كالديون التي فيها رهن، هذه مقدمة، الثالثة: الديون المطلقة، والخلاف بين أهل العلم في تقديم ديون الله لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((دين الله أحق)) أو تقديم ديون الآدميين باعتبار أن حقوقهم مبنية على المشاحة، هذه المسألة معروفة الخلاف فيها بين أهل العلم، الرابع: الوصايا، والخامس الإرث.

فالزكاة إذا أقر بها وأنه لم يزكي زكاة سنة واحدة، وهذه النسبة لا يمكن أن يتصور أنه يريد أن يضر الورثة بهذه النسبة، ولن يتضرر الورثة بمثل هذا، فيخرج من أصل المال، إذا أقر بزكاة تضر بالورثة سنين متطاولة ومتتابعة، تأتي على المال، أو على أكثره، حينئذ لا يعتبر إقراره، لا سيما إذا كان إقراره في مرض الموت.

قال مالك: إذا أوصى بها الميت، وذلك إذا أوصى بها الميت، قال: فإن لم يوص بذلك الميت ففعل ذلك أهله فذلك حسن، يعني تبرعوا من أنفسهم، إبراء لذمة أبيهم، هذا حسن، وإن لم يفعل ذلك أهله لم يلزمهم ذلك.

انتقل المال إلى الورثة، لهم الغنم، وعليه الغرم، يعني لو الإنسان مخلط في كسب الأموال، يجمع الأموال بكل شراهة، من حل ومن غير حل، من حلال ومن حرام، ثم انتقل إلى الورثة حلال بالنسبة للوارث، لكن الحساب على من جمعه.

طالب:......

نعم التسديد عنه، ومحاولة إبراء ذمته بقدر الإمكان، وتعديل وصيته، كل هذا من باب البر به، لكن ما يلزم، ليس بلازم، فينتبه الإنسان لنفسه، لا يصير تحت راحة ولد، ولا زوجة، نعم.

طالب:......

ما حال عليه الحول.

قال -رحمه الله-: والسنة عندنا التي لا اختلاف فيها، يعني في بلدهم بالمدينة، أنه لا يجب على وارث زكاة.

زكاة المال عند صاحبه الأصلي في رمضان، توفي في شعبان، ما يلزمه زكاة؛ لأنه ما حال عليه الحول، استلمها الوارث بعد وفاة مورثه، هل نقول للوارث: زكِّي في رمضان؟ لا، يستقبل بها حولًا جديدًا؛ لأنه مال مكتسب جديد، يحتاج إلى حول جديد.

أنه لا يجب على وارث زكاة في مال ورثه في دين، ولا عرض، ولا دار، كل ما ورثه، لا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول، ولا عبد، ولا وليدة، أمة، حتى يحول على ثمن ما باع من ذلك أو اقتضى، قبض، الحول، يعني سواءً كان باع بعض ما ورثه أو بقي عينًا ورثها، فإذا حال عليها الحول يزكيها، سواءً كانت دار وإلا عبد وإلا أمة، وإلا أي عرض من عروض التجارة، إذا حال عليها الحول فإنه يزكيها.

وقال مالك -رحمه الله-: السنة عندنا أنه لا تجب على وارث في مال ورثه الزكاة حتى يحول عليه الحول؛ لأنه مال حادث، يستقبل به الحول من يوم الملك، والقبض، وهذا محل إجماع. نعم.

باب الزكاة في الدين:

حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- كان يقول: "هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دين فليؤد دينه حتى تحصل أموالكم، فتؤدون منه الزكاة".

وحدثني عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة السختياني أن عمر بن عبد العزيز كتب في مال قبضه بعض الولاة ظلمًا يأمر برده إلى أهله، ويؤخذ زكاته لما مضى من السنين، ثم عقب بعد ذلك بكتاب أن لا يؤخذ منه إلا زكاة واحدة، فإنه كان ضمارًا".

وحدثني عن مالك عن يزيد بن خصيفة أنه سأل سليمان بن يسار عن رجل له مال وعليه دين مثله أعليه زكاة؟ فقال: لا.

قال مالك -رحمه الله-: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا في الدين أن صاحبه لا يزكيه حتى يقبضه، وإن أقام عند الذي هو عليه سنين ذوات عدد، ثم قبضه صاحبه لم تجب عليه إلا زكاة واحدة، فإن قبض منه شيئًا لا تجب فيه الزكاة، فإنه إن كان له مال سوى الذي قبض تجب فيه الزكاة، فإنه يزكى مع ما قبض من دينه ذلك.

قال: وإن لم يكن له ناض غير الذي اقتضى من دينه، وكان الذي اقتضى من دينه لا تجب فيه الزكاة، فلا زكاة عليه فيه، ولكن ليحفظ عدد ما اقتضى، فإن اقتضى بعد ذلك عدد ما تتم به الزكاة مع ما قبض قبل ذلك، فعليه فيه الزكاة.

قال: فإن كان قد استهلك ما اقتضى أولًا أو لم يستهلكه، قال: فالزكاة واجبة عليه مع ما اقتضى من دينه، فإذا بلغ ما اقتضى عشرين دينارًا عينًا، أو مائتي درهم فعليه فيه الزكاة، ثم ما اقتضى بعد ذلك من قليل أو كثير فعليه الزكاة بحساب ذلك.

قال مالك -رحمه الله-: والدليل على الدين يغيب أعوامًا ثم يقتضى، فلا يكون فيه إلا زكاة واحدة، أن العروض تكون عند الرجل للتجارة أعوامًا، ثم يبيعها فليس عليه في أثمانها إلا زكاة واحدة، وذلك أنه ليس على صاحب الدين أو العروض أن يخرج زكاة ذلك الدين، أو العروض من مال سواه، وإنما يخرج زكاة كل شيء منه، ولا يخرج الزكاة من شيء عن شيء غيره.

قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا في الرجل يكون عليه دين، وعنده من العروض ما فيه وفاء لما عليه من الدين، ويكون عنده من الناض سوى ذلك ما تجب فيه الزكاة، فإنه يزكي ما بيده من ناض تجب فيه الزكاة، وإن لم يكن عنده من العروض والنقد إلا وفاء دينه، فلا زكاة عليه حتى يكون عنده من الناض فضل عن دينه ما تجب فيه الزكاة، فعليه أن يزكيه.

يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب الزكاة في الدين:

والدين لا يخلو إما أن يكون للإنسان على غيره، أو عليه لغيره، إما أن يكون على غيره، أو عليه لغيره.

يقول: حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد الكندي صاحبي، أن عثمان بن عفان، في رواية البيهقي يقول: سمعت عثمان خطيبًا، يقول: "هذا شهر زكاتكم" بعض الشراح يقول: إن الإشارة هذه إلى رجب، وأنهم كانوا يزكون في رجب، ولا دليل عليه؛ لأن الأصل أن زكاة كل صاحب مال بحسب حلول الحول عليه، بغض النظر عن غيره؛ ولذا لا يكون للزكاة شهر واحد، هذا الأصل، هذا يحول على أمواله الحول في محرم، وهذا في صفر، وهذا في رجب، وهذا في القعدة، كل شهر زكاته إذا حال على ماله الحول، لكن عموم المسلمين يعني من القدم وهم يتوخون الأوقات التي يكون فيها مضاعفة، تكون فاضلة، فيحرصون على أن تكون الزكاة فيه، وهذا تتابع الناس على أن تكون زكواتهم في رمضان، نعم.

طالب:......

يتوخون أن تكون الزكاة في رمضان، أنت زكاتك في رجب، تقول: أنا أزكي في رمضان، نقول: لا يجوز، زكاتك في القعدة تبغي تزكي في رمضان نقول: نعم، طيب أريد أن أزكي في رمضان، نقول: قدِّم في رمضان الذي قبله، ولو لم يحل عليه الحول؛ لأن تعجيل الزكاة جائز خلاف التأجيل.

"هذا شهر زكاتكم"

طالب:......

لا ما دام زكيت في رمضان، زكي في رمضان، خلاص يستقر شهرك في رمضان.

طالب:......

الزيادة صارت من رمضان، ما هي من رجب.

"فمن كان عليه دين فليؤد دينه حتى تحصل أموالكم، فتؤدون منه الزكاة".

الآن الدين هل يمنع الزكاة أو لا يمنع الزكاة؟

في كلام الإمام مالك ما يشير إلى أنها نعم؟

طالب:......

يمنع الزكاة، والحنابلة معروف رأيهم، ولا زكاة في مال من عليه دين، ينقص النصاب، لكن هل عهد من النبي -عليه الصلاة والسلام- أو من خلفائه إذا بعد السعاة أن يسألوا أرباب الأموال هل عليهم دين أو لا دين عليهم؟ لم يعهد هذا، ولم يحفظ، فدل على أن الزكاة لا سيما في الأموال الظاهرة، التي تتعلق بها نفوس الفقراء ويشرئبون إليها، لا تمنع الزكاة، تريد أن لا تزكي سدد الدين، أما أن تحبس أموال الناس وتحبس زكاة مالك أيضًا ما يصح هذا، هذه وجهة نظر من يقول أن الدين لا يمنع الزكاة، إذا أردت أن لا تزكي على أن لا يكون ذلك فرارًا من الزكاة سدد الأموال التي بذمتك، احرص على براءة ذمتك، نعم.

طالب:......

لا، هذه ما صارت زكاة، هذا تشديد هذا، لا ما هو بزكاة هذا، لا ما يصح.

طالب: لا هو الذي أقترح إليك السؤال عنه أنه يقول: أنا أطلب إنسان خمسين، وأنا عندي زكاة، أطرحها مني، هذا طبعًا الذي يصير تشديدًا.

الزكاة تمليك، إذا كانت لفقير لا بد من تمليكه.

طالب: ولا يشترط؟؟؟؟؟

لا، الزكاة لا بد فيها من التمليك.

فمن كان عليه دين فليؤد دينه حتى تحصل أموالكم، فتؤدون منه الزكاة".

يعني إذا كان عليك دين سدده، لتكون حرًّا في بقية مالك، فإن كان يبلغ النصاب زكيت، وإن كان لا يبلغ النصاب ما زكيت.

يقول: وحدثني عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني أن عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد، كتب في مال قبضه بعض الولاة ظلمًا يأمر برده إلى أهله؛ لأن عمر بن عبد العزيز لما تولى -رحمة الله عليه- صحح كثيرًا من الأوضاع، وأعاد كثيرًا من الأموال إلى بيت المال، حتى ما كان بيد أولاد الخلفاء السابقين، وزوجاتهم، وأقاربهم، ومعارفهم، كلها أدخلها في بيت المال؛ لأنها قبضت بغير حقها، يعني من الطرائف عبد الملك أقطع شخصًا أرضًا، نعم، فجاء عمر بن عبد العزيز فأخذها منه، فأدخلها في بيت المال، ثم جاء الذي بعده سليمان، فجاء صاحب الأرض يشتكي عند سليمان، قال: إن أباك أقطعني أرضًا فجاء عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- فأخذها، وأدخلها في بيت المال، قال: الذي أعطاك الأرض ما تقول -رحمه الله-، والذي أخذها منك تقول: -رحمه الله-؟ قال: ماذا أفعل، كل الناس يقولون هذا، يعني الذي يأخذ الأرض تقول: رحمه الله، والذي أعطاك ما تقول: رحمه الله.

على كل حال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- أخذ الأموال التي أخذت من غير وجهها، ورد المظالم، وكتب إلى ولاته بأن يتتبعوا مثل هذه الأمور.

كتب في مال قبضه بعض الولاة ظلمًا فأمر برده إلى أهله، وجوبًا، لا بد أن يرد، ويؤخذ زكاته لما مضى من السنين، قبض المال ظلمًا عشر سنين تؤخذ منه الزكاة عشر سنين؛ لأنه لو بقي في يد صاحبه زكاه عشر سنين، وبهذا قال بعض العلماء، لكنه عقب بعد ذلك بكتاب آخر أن لا يؤخذ إلا زكاة سنة واحدة، هو ممنوع من التصرف فيه، والأصل في الزكاة أنها في الأموال النامية، وما دام ممنوعًا من التصرف فيه، ما ضيع ماله، ولا ضيع نفسه، ولا فرط، إنما منع من التصرف في هذا المال فلا يوجب عليه أكثر من زكاة سنة واحدة.

ثم عقب بعد ذلك بكتاب أن لا يؤخذ منه إلا زكاة واحدة، لماضي السنين، وقال به جمع من أهل العلم، ولعل هذا هو الأولى والأرفق به؛ لأنه لا يجمع عليه بين ظلم وزكاة، وقال بعض أهل العلم: أنه يستقبل به حولًا جديدًا، من قبضه، ما يزكيه حالًا، إذا قبضه يستأنف به حولاً جديدًا، ثم يزكيه بعد ذلك، وهذا له وجه، القول الأخير له وجه؛ لأنه ممنوع من التصرف فيه، كيف يزكي وهو ممنوع؟

والقول الثاني: يشبه بالدين على المعسر والمفلس الذي لا يرجى، فإذا قبض يزكى، ولا شك أن تزكيته في وقته هذا من شكر النعمة على رده، فله وجه.

طالب:......

زكاة سنة ما تضرهم، يعني إذا قبض، ومحجوز عشر سنين وزكي سنة لا شك أن هذا ما يضرهم، لكن لو استقبل به حولًا جديد، القول الثالث له وجه، له وجه؟؟؟

فإنه كان ضمارًا" يعني غائبًا عن ربه لا يستطيع التصرف فيه بحيث لا ينمو، فإنه كان ضمارًا، يعني هذا العلة.

يقول: وحدثني عن مالك عن يزيد بن خصيفة الكندي أنه سأل سليمان بن يسار، سليمان بن يسار هذا أحد الفقهاء السبعة:

فخذهم عبيد الله عروة قاسم      سعيد أبو بكر سليمان خارجة

سبعة، أنه سأل سليمان بن يسار عن رجل له مال وعليه دين مثله، أعليه زكاة؟ فقال: لا.

وهذا يؤيد، ويدعم قول مالك وقول الحنابلة، أنه لا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب، فقال: لا، أي لا زكاة عليه، وهذا قول جمع، جمع غفير من أهل العلم، وهناك قول للشافعي -رحمه الله- أن الزكاة الدين لا يمنع الزكاة، وكأنه من حيث الاستدلال أظهر.

هذا يقول: ذكرت أن أهل العلم يذكرون قول: هلك هالك، في باب المواريث، وقد أشكل علي كيف يهلك الهالك، أرجو الإيضاح؟

يموت الميت، هلك هالك، يعني مات ميت، ميت بغض النظر عن كونه رجل، ما يقولون مات رجل؛ لأن الموت ليس خاص بالرجال، هلك هالك يعني مات ميت.

قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا في الدين أن صاحبه لا يزكيه حتى يقبضه، هذا الدين له أو عليه؟ له، الدين له، الصورة الثانية، الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا في الدين أن صاحبه لا يزكيه حتى يقبضه؛ لأنه لا يقدر على تنميته.

وإن أقام عند الذي هو عليه الدين سنين ذوات عدد، ثم قبضه صاحبه لم تجب عليه إلا زكاة واحدة، والعلماء يفرقون بين الدين إذا كان على ملي، بحيث متى طلبه صاحبه يدفع إليه، هذا كأنه عنده، يزكيه عدد السنين، كلما حال عليه الحول يزكيه، أما إذا كان عند معسر مفلس، إذا طلبه صاحبه لا يؤدى إليه، مثل هذا يزكى عند أهل العلم سنة واحدة، وفي كلام مالك ما فيه تفريق بين الدين على الملي، وعلى المفلس.

فإن قبض منه شيئًا لا تجب فيه الزكاة، لنقصه عن النصاب، فإنه إن كان له مال سوى الذي قبض تجب فيه الزكاة، يعني قبض دون النصاب هذا لا تجب فيه الزكاة، لكن إذا كان عنده مال يكمل به هذا المال الذي قبضه حتى يبلغ النصاب، فإنه تجب فيه الزكاة، فإنه يزكى مع ما قبض من دينه ذلك. لتمامه النصاب.

شخص اقترض مبلغًا وهو ملي، اقترض زيد من عمرو مليون ريال، حال عليه الحول، وهو بيد زيد، ما تصرف فيه، موجود، وهو بالمقابل مدين للمقرض بنفس المبلغ، فإذا قلنا: إن الدين لا يمنع الزكاة، وهذا زيد ملي، فعلى الوجهين الزكاة على من؟ نعم؟ عليهما، نعم الزكاة عليهما، المقترض لا يريد أن يدفع الزكاة يسلمها صاحبه، لكن عنده مال ولم يثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول للسعاة: اسألوه هو عليه دين، وإلا ما عليه، إذن يزكي، وذاك دينه في ذمة ملي يزكي، هذا ظاهر قول من يقول بوجوب الزكاة على من عليه الدين، أما على القول الثاني وهو أنه لا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب، مثل هذا ظاهر أنه لا يزكيه إلا صاحبه بخلاف المدين.

طالب: لكن يا شيخ هل ورد أن المال يقع عليه زكاتين،؟؟؟؟؟؟

نحن ما نخاطب المال، نحن نخاطب المكلفين، أنت غض النظر عن المال، أنت الآن تتعامل مع مكلف، مخاطب بركن من أركان الإسلام، أما صاحب الدين فلا إشكال بكونه عليه زكاة؛ لأن الزكاة بذمة ملي، متى ما أراده أخذه، وإلا لتحايل على إسقاط الزكاة كل الناس، يعطيه واحد ملي، يقول: خذه وتصرفوا وقرض، وإلى أن يروح وقت الزكاة، ولا هو يسترجع منه بقدر حاجته، نعم هي قضية مثلًا مائة ألف، وأنت ملي، وكل شهر يأخذ منك عشرة، أو خمسة، من أجل أن تأخذه منه مصروف ثم تتحايل على إسقاط الزكاة، هذه الصورة واضحة، لكن المدين؟

المدين أهل العلم بعضهم يفرق بين الأموال الظاهرة والباطنة، يقول: المال الباطن هذا ما هو له في الحقيقة، هو للدائن، والسعاة إنما هم للأموال الظاهرة، للمواشي والزروع، مثل أصحاب المواشي، وأرباب الزروع، ما يسألون؛ لأن أنظار الفقراء اتجهت إلى هذه الأموال، فلهم نصيب منها، سواءً كانت مواشي أو زروع، مثل هؤلاء ولو كانوا مديونين يزكون، لكن الأموال الخفية التي لا تشرأب إليها أنفس الفقراء، هذه تمنع الزكاة، نعم.

طالب:......

إذا ماطل، ما صار مليًا، أقول: إذا ماطل لم يكن مليًا، صار معسرًا حكمًا، نعم، فالملي الذي متى ما طلب منه المال يدفع، نعم.

طالب:......

لا، هو أجل، المؤجل غير مستحق، فلا يؤمر صاحبه بدفع زكاته، فهو غير مستحق، كأنه ليس له، لا يطالب به إلا إذا قبضه، نعم.

طالب:......

المال ماذا؟

طالب:......

لكنها تجب على مكلفين.

طالب: أن الزكاة تتعلق بالمال؟ وتجب في مال المجنون، فقلنا هذا المال واحد، والزكاة تتعلق بالمال.

ولها تعلق بالذمة، هذا القول المرجح.

طالب:......

من؟

طالب:......

انتهينا من الملي، وتعلقت بالمال.

طالب:......

أنت تبغي كل صورة من صور الزكاة تتعلق بالذمة أو بالمال؟ لا، هم إذا قالوا: تتعلق بالمال، نعم علاقتها الأصلية بالمال، ولها ارتباط بالذمة انتهى الإشكال، الذمة الصالحة للتعلق تتعلق بها، والتي غير صالحة ترجع إلى المال، إلى الأصل، أنت حاضر الدرس السابق؟

طالب:......

أقول: الذمة الصالحة للخطاب تتعلق بها، وغير الصالحة للخطاب تتعلق بالمال، من باب ربط الأسباب، كما لو كسر الصبي لك حاجة، أتيت وهو كاسر زجاج السيارة، يضمن أو ما يضمن؟ ما عليه شيء؛ لأن هذا من باب ربط الأسباب بالمسببات، هو غني، سواءً كان كبيرًا أو صغيرًا، غنيًّا أو فقيرًا؟ تؤخذ من أغنيائهم، سواء كان صغيرًا أو مجنونًا أو غيره، عليهما تنصرف لهما، هذا القول المحرر.

طالب:......

له مال تتجه إليه الزكاة، المدين له ذمة تتجه إليه الزكاة، لكن أنت تصور استدين لمجنون، أخذت أموالاً لمجنون وحال عليها الحول، هذا المثال الذي يمكن تخرق به القاعدة، أنت معي أم لا؟ هذا الذي يمكن تخرق به القاعدة، أما صبي غير مدين وله أموال المسألة اتجهت إلى المال، ما هي بثلاثة أقوال في متعلق الزكاة، ثلاثة أقوال؟ إما إلى المال بغض النظر عن الذمة، أو إلى الذمة بغض النظر عن المال، أو على الاثنين معًا، فإذا أفلت التكليف من هذا لحق هذا نعم.

طالب:......

يعني يعفيه مما كلف به شرعًا.

طالب:......

الآن أنت بإزاء اثنين من المكلفين، يعني على قول مالك وقول الحنابلة، ومعروف عند جمع من أهل العلم، حتى قال بعضهم: هو رأي الجمهور، أن الزكاة لا تتعلق بمن عليه دين، من عليه دين ينقص النصاب لا زكاة عليه، هؤلاء ما عندهم إشكال، لا إشكال عندهم من الأصل، لكن إذا قلنا السعاة ما فيه واحد قيل له اسأل، هل عليه دين أو ما عليه دين؟ مجرد ما تصل إلى فلان عنده مال، اسحب زكاته، والغالب أن أهل الزروع والثمار ما يسلمون من دين، لا في القديم ولا في الحديث، لكن ما يسألون، ما يقال: والله أنت آخذ قرضًا من البنك الزراعي، وإلا ما أخذ، بعضهم عنده من القروض أضعاف، أضعاف ما عندهم من الزروع، ومع ذلك تؤخذ منه الزكاة، لكن من يفرق بين الأموال الباطنة والظاهرة بعدين هذا وجه.

على كل حال القول المشتبه أن الدين لا يمنع من الزكاة، فإذا قلنا بأن الدين مانع من الزكاة، بغض النظر عن المال، نحن عندنا أشخاص مكلفون، هذا عنده مال، عنده مائة ألف في البنك رصيد، هات ألفين ونصف.

الثاني له دين عند ملي مائة ألف هات ألفين ونصف.

قال: وإن لم يكن له ناض.

الضاد المشددة مثل عاف.

والناض هو المال الصامت، قال: فلان ليس له ناض ولا عاض، ما عليه أموال صامته، ولا بهائم، ولا شيء، نعم، ولا رقيق، الناض هي الدراهم الصامتة، والناض من المتاع ما تحول ورقًا أو عينًا.

قال الأصمعي: اسم الدراهم والدنانير عند أهل الحجاز الناض، وإنما يسمونه ناض يعني إذا تحول عينًا بعد أن كان متاعًا.

على كل حال المراد به الدراهم.

قال: وإن لم يكن له ناض غير الذي اقتضى من دينه، وكان الذي اقتضى من دينه لا تجب فيه الزكاة، لكونه أقل من النصاب، فلا زكاة عليه فيه، لكن ليحفظ عدد ما اقتضى، هذا اقتضى مائة درهم، ما فيها زكاة؛ لأنها أقل من النصاب، لكن سجل هذه المائة، فإن اقتضى بعد ذلك عدد ما تتم به الزكاة مع ما قبض، قبض مرة ثانية مرة أخرى، فإن اقتضى بعد ذلك عدد ما تتم به الزكاة مع ما قبض، قبل ذلك، فعليه فيه الزكاة.

لأنه مال واحد حال عليه الحول، فإذا بلغ النصاب يزكي.

قال: فإن كان قد استهلك ما اقتضى أولًا، المائة الأولى أكلها، صرفها، فإن كان قد استهلك ما اقتضى أولًا، أو لم يستهلكه، فالزكاة واجبة عليه مع ما اقتضى من دينه، قبض مائة فأكلها، قبض مائة من الدين وقلنا: إنه يزكيه إذا قبضه، قبض في نهاية الشهر مائة، وفي نهاية الشهر الثاني مائة درهم، المائة لا تجب فيها الزكاة، يقول: تضم المائة الثانية إلى الأولى باعتبار أنه وجب عليه زكاة هذه المائة، باعتبار أن الدين كله أكثر من نصاب، فتضم هذه المائة إلى المائة الأولى، يقول: فإن كان قد استهلك ما اقتضى أولًا، أو لم يستهلكه، مال من دين مقبوض يزكيه فقبضه؛ لأن العبرة ما هي بأصل ما يحل، العبرة بأصل المال، يعني أنت لك عشرة آلاف، عند شخص، أعطاك هذا الشهر مائة ريال، ما فيها زكاة، الثاني أعطاك ما يتم به النصاب، لكنه بمفرده لا يصل النصاب إلا إذا ضم مع الأول، كأنك قبضت الجميع في هذا الشهر، هذا مقتضى قوله، أنك لا تنظر إلى أنك ما عندك نصاب، أنت عندك نصاب بما عند المدين، أنت مالك الذي في ذمة المدين زائد على النصاب، في حكم الأغنياء، قال: فإن كان قد استهلك ما اقتضى أولًا، أو لم يستهلكه، فالزكاة واجبة عليه مع ما اقتضى من دينه، فإذا بلغ ما اقتضى عشرين دينارًا عينًا، أو مائتي درهم فعليه فيه الزكاة، ثم ما اقتضى بعد ذلك من قليل أو كثير فعليه الزكاة بحسب ذلك.

فيزكي ما قبض من ذلك ولو دينارًا أو درهمًا؛ لأنه لا ينظر إلى أنه، ما هو مال جديد هذا الذي يقبض، هو مال جديد يطلب فيه النصاب؟ هو جزء من مال كبير تجب فيه الزكاة، نعم.

طالب:......

لا، أما إذا كان على مفلس فهو مانع قطعًا، عند عامة أهل العلم، إن كان على مفلس، فيزكيه إلا إذا قبضه، لكن إذا كان على ملي فليس بمانع أصلًا.

طالب:......

لا، هو يزكيه إذا قبضه، لكن هل يزكيه لجميع ما مضى من السنين، أو لسنة واحدة؟ منهم من يقول: يزكيه جميع ما مضى من السنين، نعم، ومنهم من يقول: أنه يكفيه أن يزكي سنة واحدة؛ لأنه غير نامٍ في الحقيقة، لا سيما إذا كان على غير ملي.

قال مالك: والدليل على الدين يغيب أعوامًا ثم يقتضى، فلا يكون فيه إلا زكاة واحدة، أن العروض تكون عند الرجل للتجارة أعوامًا، ثم يبيعها فليس عليه في أثمانها إلا زكاة واحدة، هذا بناءً على رأيه في المال، في العروض، لا، ما هو بكل العروض بعد؛ لأن العروض عنده كما سيأتي في زكاة العروض إما أن تكون مما تدور، ويسرع بيعها، نعم، يعني تدور بأيدي التجار، فتباع وتستبدل بسرعة، وإما أن تكون مما يحبس الأموال، ولا تنصرف بسرعة، ما فيه بضائع تعرض سنين ما تباع؟ نعم؟ عند مالك ما تزكى إلا سنة واحدة على ما سيأتي، ومثل هذا قل في المحتكر الذي ينتظر ارتفاع الأسعار، عندك أرض اشتريتها وقت الغلاء بمليون، احتجت وعرضتها على البيع ما قيمتها إلا مائة ألف، أنا ما أنا ببائع الحين، الخسارة ما هي بالربع أو الخمس، الخسارة تسعة أعشار، ما أنا ببائع، تنتظر سنة سنتين ثلاث وأنت عارضها للتجارة، للبيع، عند مالك مثل هذه الأرض متى تزكى؟ تزكى إذا بيعت لسنة واحدة، الجمهور يقولون: تزكى كل سنة، تقوم، ما قيمته، تزكى، إذا حال عليها الحول.

ولذلك يقول هنا: والدليل على الدين يغيب أعوامًا ثم يقتضى، فلا يكون فيه إلا زكاة واحدة، أن العروض تكون عند الرجل للتجارة أعوامًا، مثل الأرض الكاسدة، ثم يبيعها فليس عليه في أثمانها إلا زكاة واحدة، وذلك أنه ليس على صاحب الدين أو العروض أن يخرج زكاة ذلك الدين، أو العروض من مال سواه، هو يرى أن الدين الزكاة مادام تعلقت بذات المال، فالزكاة منه، أو من قيمته إذا بيع، والله الأرض باقية، وأخرج زكاتها من أموالي الثانية، أو أستدين من أجل أن أخرج زكاتها كما هو عند غيره؟

الإمام مالك ما يرى هذا أن الزكاة فيه، من نفسه، أو من قيمتها إذا بيعت.

طالب: الآن صار عند بعض التجار، يكون عنده مائة ألف بالبنك، وعنده مواد غذائية، فيخرج مواد غذائية بما يزكي مائة الألف؟ ويقول: هذه زكاة والمال الذي في البنك، أو هو معه لا يخرج منه زكاة إنما يخرج؟

لا، ما هو وارد في الأموال، الأموال لا بد تزكى أموال، الأموال لا بد، الدراهم لا بد تزكى دراهم، لكن الإشكال فيما إذا كانت جميع البضاعة مواد غذائية، يعني هذا المحل فيه ألف كيس من الأرز، وألف كيس من السكر، فيه أموال، معروض للتجارة، قوم فيه ربع العشر، الألف خمس وعشرين كيسًا، الألف الثاني خمسة وعشرين، وهكذا، ألف كرتون فيه خمسة وعشرين كرتونًا، وهكذا، هل يخرج من نفسه، من عينه، أو من قيمته؟

طالب:......

يعني ماذا يبغي: يخرج دراهم أم يخرج غذاء.

طالب: من أجل أن يهرب من إخراج الدراهم يخرج غذاء.

لكن الغذاء ما هو بدراهم؟ إذا كان الملحوظ فيه حاجة الفقير، أنه لو يعطي دراهم ضاعت عليه، هذا فيه مثال، وعادة، يوجد شيء مطرد أن الفقير يسهل عليه إخراج الدراهم، بخلاف الغني، فإذا ملك الأموال، تبغي تعطيه نفقة سنة، تبغي تعطيه مثلًا في مثل هذه السنين تعطيه مثلًا ثلاثين ألف نفقة سنة، يبغي ينفقها بشهر أو أقل، ويبقى بقية السنة يعود إلى فقره، وأنت تقول: هذه الثلاثين ألف، أنا أعطيه موادًا غذائية تكفيه لمدة سنة، وماذا يفعل بمواد غذائية، يعطى خمسة أكياس أرز، وخمسة، إلى آخره، يؤمن له غذاء سنة، فهل يجوز لك ذلك؟

أما إذا كانت أموالك نقودًا لا يجوز بحال، أما إذا كانت أموالك عروضًا مثل هذه الأغذية أموالك، هل تخرج من نفس المال، أو تخرج من أقيامها؟ الجمهور عليك أن تخرج من الأقيام، إلا إذا كان إخراج العروض أنفع للفقير كما في حديث معاذ، نعم.

طالب:......

إذا كان إخراجها أنفع للفقير فأنت تخرج عروضًا.

يقول: وذلك أنه ليس على صاحب الدين أو العروض أن يخرج زكاة ذلك الدين، أو العروض من مال سواه، وإنما يخرج زكاة كل شيء منه، ولا يخرج الزكاة من شيء عن شيء غيره.

قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا في الرجل يكون عليه دين، وعنده من العروض ما فيه وفاء لما عليه من الدين، ويكون عنده من الناض، الذهب والفضة، سوى ذلك قدر ما تجب فيه الزكاة، فإنه يزكي ما بيده من ناض تجب فيه الزكاة، يعني وتجعل العروض في مقابلة الدين؛ لأنها تحسم العروض، عنده عروض، وعليه دين بقدر قيمة هذه العروض، شخص مدين بمائة ألف، وعنده محل، بقالة فيها ما قيمته مائة ألف، وعنده في البنك رصيد مائة ألف، رأي مالك أن الدين يؤثر في الزكاة، فالمحل التجاري ما يزكى، لماذا؟ لأنه مدين في مقابله مائة ألف، يزكى العين التي في البنك سواء ذهب أو فضة أو ريالات أو شيء، هذا مقتضى كلامه، يقول: الأمر عندنا في الرجل يكون عليه دين وعنده من العروض ما فيه وفاء لما عليه من الدين، ويكون عنده من الناضّ سوى ذلك، يعني قدر ما تجب فيه الزكاة فإنه يزكي ما بيده من ناض تجب فيه الزكاة، ويجعل العروض في مقابل الدين وإن لم يكن عنده من العروض والنقد إلا وفاء دينه، فلا زكاة عليه حتى يكون عنده من الناض فضل عن دينه وما تجب ما تجب فيه الزكاة، فعليه أن يزكيه، فما قابل الدين لا زكاة فيه، مدين بمائة ألف، احسم مائة ألف من أموالك وتزكى الباقي فما قابل الدين لا زكاة عليه.

طالب: .................

أما الأموال الظاهرة فالاستدلال لها ظاهر، والأموال الخفية لو لم يكن في إيجاب الزكاة عليهم إلا المبادرة بسداد الديون، المبادرة بسداد الديون، بعض الناس يتحايل على إسقاط الزكاة، لكن هل من صور التحايل أن شخص عنده عمارة للبيع يحول عليها الحول في رمضان، لما صار في شعبان أوقفها، نقول: هل أنت تحايلت على إسقاط الدين؟ هل مثل هذا حيلة على إسقاط الزكاة؟ لا، ليس بحيلة؛ لأن الحيلة الآن ظاهر من تصرفه أنه لا يقصد إسقاط الزكاة؛ لأنه أخرج ماله كله لله.

طالب: .................

نعم خذ زكاة العروض.

أحسن الله إليك.

باب زكاة العروض حدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد، عن زريق بن حيان، وكان زريق على جواز مصر، في زمن الوليد بن عبد الملك وسليمان وعمر بن عبد العزيز، فذكر أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه: أن انظر من مر بك من المسلمين، فخذ مما ظهر من أموالهم، مما يديرون من التجارات، من كل أربعين دينارًا، دينارًا، فما نقص فبحساب ذلك، حتى يبلغ عشرين دينارًا، فإن نقصت ثلثَ الدينا فدعها ولا تأخذ منها شيئًا، ومن مر بك من أهل الذمة فخذ مما يديرون من التجارات من كل عشرين دينارًا، دينارًا، فما نقص فبحساب ذلك، حتى يبلغ عشرة دنانير، فإن نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئًا، واكتب لهم بما تأخذ منهم كتابًا إلى مثله من الحول. قال مالك رحمه الله: الأمر عندنا فيما يدار من العروض للتجارات، أن الرجل إذا صدّق ماله، ثم اشترى به عرضًا، بزًا أو رقيقًا أو ما أشبه ذلك، ثم باعه قبل أن يحول عليه الحول، فإنه لا يؤدي من ذلك المال زكاة، حتى يحول عليه الحول من يوم صدّقه، وأنه إن لم يبع ذلك العرض سنين، لم يجب عليه في شيء من ذلك العرض زكاة، وإن طال زمانه، فإذا باعه، فليس فيه إلا زكاة واحدة. قال مالك رحمه الله: الأمر عندنا في الرجل يشتري بالذهب أو الورق حنطة أو تمرًا أو غيرهما للتجارة. ثم يمسكها حتى يحول عليها الحول ثم يبيعها: أن عليه فيها الزكاة حين يبيعها، إذا بلغ ثمنها ما تجب فيه الزكاة، وليس ذلك مثل الحصاد يحصده الرجل من أرضه، ولا مثل الجَداد. قال مالك عفا الله عنه: وما كان من مال عند رجل يديره للتجارة، ولا ينض لصاحبه منه شيء تجب عليه فيه الزكاة، فإنه يجعل له شهرًا من السنة يُقوِّم فيه ما كان عنده من عرض للتجارة، ويحصي فيه ما كان عنده من نقد أو عين، فإذا بلغ ذلك كله ما تجب فيه الزكاة فإنه يزكيه. وقال مالك رحمه الله: ومن تَجر من المسلمين، ومن لم يتجر سواء، ليس عليهم إلا صدقة واحدة في كل عام، تجروا فيه أو لم يتجروا.

نعم يقول -رحمه الله تعالى-: باب زكاة العروض، زكاة العروض النصوص تدل على الزكاة في النقدين الذهب والفضة، وعرفنا مقدار النصاب وفي الزروع والثمار منصوصة وفي بهيمة الأنعام على ما سيأتي، والعروض هل تنزل منزلة الأقيام كما يقول عامة أهل العلم، وأنها تجب فيها الزكاة وأنها مال؛ ولهذا القول أدلته، والظاهرية الذين اقتصروا على ما ورد التنصيص عليه لا يرون في العروض زكاة مهما بلغت هذه العروض، لكن لا يشك أحد في أن من يملك العروض أنه غني، والزكاة تؤخذ من الأغنياء، لو أن شخصًا عنده ملايين الأمتار من الأراضي ويعدها للتجارة، غني أم فقير؟ غني جدًّا فيدخل تحت قوله: «تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم»، وأيضًا العروض مال، والله جل وعلا يقول: التوبة: ١٠٣ وجاء في الخبر في البز وغيرهم -كما سنقرأ إن شاء الله تعالى من كلام الشيخ الشنقيطي رحمه الله في بحث هذه المسألة- المقصود أن الظاهرية لا يرون في العروض زكاة، يقولون: ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة؛ لأن العبد والفرس ليست من الأموال المنصوصة، والحديث محمول على القنية لا على التجارة، أما إذا كان عنده فرس للبيع يتاجر فيه، أو عنده عبد يزاول فيه التجارة، هذا يزكي؛ لأنه حينئذٍ صار عرضًا من عروض التجارة.

حدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن زُريق، وهذا اسم لقب واسمه سعيد بن حيان الدمشقي، وكان زريق على جواز مصر، على جواز مصر يعني: على الطريق الذي يجتاز به ويمر به التجار وغيرهم في زمان الوليد وسليمان بني عبد الملك بن مروان وعمر بن عبد العزيز، فذكر زريق أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه أن انظر من مر بك من  المسلمين، فخذ مما ظهر من أموالهم مما يديرون من التجارات، يعني من الأموال التي تباع بسرعة، بحيث تدار في الأسواق ولا تكسد، حين يمر عليها حول أو أكثر من حول وهي ما بيعت، مما يديرون من التجارات من كل أربعين دينارًا دينارًا، النصاب كم؟ عشرين، وهنا يقول: خذ من كل أربعين دينارًا دينارًا واحد، دينار هذا تمييز، والثاني مفعول، خذ، لماذا نص على الأربعين؟ نعم؟ هو نصاب الأربعين؟ الأربعين نصابين، لكن من أجل أن يكون المأخوذ كاملاً، يعني بدل من أن يقول: إذا بلغ عشرين خذ نصف دينار، قال: كل أربعين، نعم، مثلما تقول: من كل ألف خمسة وعشرين، هل يعني هذا أن الخمسمائة ما فيها شيء، بدل ما تقول كل خمسمائة اثنا عشر ونصف، تقول: الألف فيه خمسة وعشرين، ولا يعني أن ما دون الأربعين ليس فيه زكاة، فما نقص فبحساب ذلك، أربعين دينار، هذا ما عنده إلا ثلاثين، يأخذ دينار وإلا نصف دينار؟ يأخذ ثلاثة أرباع الدينار، كل شيء بحسابه، حتى يبلغ عشرين دينارًا، فيأخذ نصف دينار، لكن إن نقص عن ذلك صارت تسعة عشر دينار، ليس فيه زكاة، حتى يبلغ عشرين دينارًا، فإن نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئًا، ثلث دينار، طيب عشرين إلا ربع، يأخذ وإلا ما يأخذ؟ نعم؟

طالب:......

مفهومه، يأخذه، يأخذ؛ لأن النقص دون الثلث لا يسمى كثيرًا، إنما الثلث الذي يقال له: كثير، الثلث والثلث كثير.

طالب:......

والله هذا كلامه، يعني ما افترينا عليه يا أخي، هذا كلامه، والإنسان محاسب على كلامه، الأصل له منطوق وله مفهوم، مع أنه سبق لنا الكلام في قول مالك: إذا كانت ناقصة تجوز وتنفق مثل الكاملة فهي حكمها، وأما نصاب عشرين، عشرين من أي عيار؟ عيار أربعة وعشرين وإلا واحد وعشرين وإلا ثمانية عشر، وإلا اثنا عشر، كلها تسمى عشرين، لكن أربعة وعشرين هذا الكمال، واحد وعشرين تنفق في الأسواق مثل الأربع والعشرين، دينار دينار، ما أحد ينتقد، ثمانية عشر أيضًا تمشي، فتؤخذ من الزكاة، لكن أقل من ذلك ما ينفق في الأسواق.

الآن الثلث، يريد أن يقرن بقوله: والثلث كثير، يعني نقص كثير، أما أقل من الثلث لا يسمى كثير، فهو في حكم النقص اليسير الذي لا يلتفت إليه، عشرين إلا حبة، ماذا يصير؟ كثير وإلا قليل؟ هم يتجاوزون عن الحبة والحبتين، طيب إلى أي حد نتجاوز؟ عندنا نص: الثلث والثلث كثير، لكن هل هذا الكلام يوافق عليه وإلا ما يوافق؟ هل الإمام مالك يقصد هذا وإلا ما يقصده؟ هذه مسألة أخرى.

فنحن نحاسب الكلام أولًا، ثم بعد ذلك نعود إلى الكلام الصريح، مفهومه أنه إن كان النقص أقل فخذ الزكاة، وقال ابن القاسم: لم يأخذ مالك بهذا. وقال: لا زكاة في الناقصة، ولو قل، إلا مثل الحبة والحبتين، طيب الذي يتسامح بالحبة والحبتين ما يتسامح بربع؟ يعني هل مالك طبق النص، نص النصاب بدقة؟ يعني تجاوز عن حبة وحبتين، تجاوز عن النقص الذي تنفق معه السلعة في الأسواق، تجاوز عنه مالك فيما تقدم، نعم، إذن التي نقصها ليس ببين تعامل معاملة الكاملة؛ لأن البيان مؤثر، العوراء البين عورها، والعرجاء البين ضلعها، أما الشيء الذي، ما في شيء يسلم من نقص، لا شيء يسلم من نقص، عندهم الدراهم والدنانير يمكن تمر على شخص محترف يأخذ منها قطع يسيرة بحيث يجتمع عنده ألف دينار، يجتمع منه ألف دينار كاملا، ولو بالمبرد، ولو أدنى شيء منه، مثل هذا النقص اليسير بحيث تخرج بين الناس، لكن هات دراهم مزيفة مثلًا، واحد بث في الأسواق فئة خمسمائة مزورة، ونفقت عند الجهال، نقول: هذه أموال؟ هذه ليست بأموال، لكن عندنا نحن إما مال أو ليس بمال، ما عندنا شيء اسمه ناقص، ريال ناقص يمكن يباع بتسعين هللة، ما يمكن، لكن عندهم هم عندهم الميزان، الذهب والفضة توزن، الدينار وزنه كذا، هذا نقص، يحسب بحسابه، فيتصور النقص فيها، لكن الريال المقطوع من طرفه سانتي واحد، والأرقام موجودة، ما ينقص في عرف أرباب العملات اليوم، إذا نقص حبة أو حبتين هذا نقص يسير يتجاوزون عنه، يعني هذا شيء معروف عند أهل العلم في المقدرات الشرعية، يعني الحد المحدد بين القليل والكثير في الماء خمس قِرب، الخمس القِرب خمسمائة رطل عراقي، طيب نقص رطل، أو زاد رطل، يتأثر الحكم؟ لا، عندهم أمورهم كلها مبنية على التقدير، اللهم إلا في باب الربا الذي يحتاط له؛ ولذلك جاء في زكاة الزروع والثمار، أن الخارص يترك، يترك لأرباب الأموال شيء منها نسبة على ما سيأتي يتسامح فيها.

هنا إذا كان النقص ثلثًا، الثلث كثير بالنص الشرعي، مفهومه أن ما دون الثلث قليل، لكن هل مالك يتسامح عن الربع؟ لا، ما يتسامح عن الربع، يقول ابن القاسم: إنه يتسامح بمثل حبة أو حبتين، ما الحبة؟ حبة من الدنانير؟ الدينار يقال له حبة؟ نعم؟

طالب:......

لا، الدينار دينار وليس بحبة، الآن يستعمل الحبة على أنه جزء كامل من المعدود، نعم، تعطيه عشر حبات، يعني الآن خلاص جزء كامل من المعدود وتجاوز بعض الناس يعني مدير يطلب ثلاث حبات موظفين، ثلاث حبات فراشين، ثلاث كذا، الحبة والحبتين يعني في التقدير الشرعي عندهم، يعني الدينار وزنه كذا، يعني كذا حبات، العبرة بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ليس فيما دون خمس أواق صدقة)) فإذا وزناها فنقصت عن الخمس فليس فيها صدقة.

والشرع كما يلاحظ مصلحة الفقير (الآخذ) أيضًا لا يهدر مصلحة الغني (الباذل)، فالشرع جاء بالتوازن.

يقول: ومن مر بك من أهل الذمة فخذ مما يديرون، يعني الأموال التي تتصرف، أما الأموال التي تكدس ولا تباع، هذه انتظر حتى تباع، وهذا رأي مَن؟ رأي الإمام مالك، التفريق بين المال التي تدار وبين الأموال التي لا تنفق في الأسواق، هذا رأي الإمام مالك، ومن مر بك من أهل الذمة فخذ مما يديرون من التجارات من كل عشرين دينارًا دينارًا، يعني ضعف ما يؤخذ على المسلم من زكاة، فما نقص فبحساب ذلك حتى يبلغ عشرة دنانير، فإن نقصت ثلث دينار فدعها، ولا تأخذ منها شيئًا، واكتب لهم بما تأخذ منهم كتابا إلى مثله من الحول.

لماذا؟ إذا كتبت أنت زريق هذا إذا أخذ من المسلم أو من الذمي يكتب له كتابًا؛ لأنه يتجاوزه إلى آخر، يمكن يأخذ منه، يقول: والله أنا دفعت لزريق، يقول: هات، أثبت أنك دفعت لزريق، فلا بد أن يكتب زريق أنه استلم كذا، والقسائم الآن الموجودة تقوم مقام الكتابات.

واكتب لهم بما تأخذ منهم كتابا إلى مثله من الحول.

وعمر بن عبد العزيز -رحمه الله- سلك مسلك عمر بن الخطاب، فقد كتب بنحو هذا إلا في الكتابة للذمة، فإن عمر بن الخطاب لم يكتب بذلك، بل يؤخذ منه كلما تجر من بلد إلى بلد، بالنسبة للذمي.

قال مالك: الأمر عندنا فيما يدار من العروض للتجارات أن الرجل إذا صدق ماله، يعني دفع صدقته، ثم اشترى به عرضًا بزًا يعني ثياب، أو رقيقًا أو ما أشبه ذلك ثم باعه قبل أن يحول عليه الحول فإنه لا يؤدي من ذلك المال زكاة حتى يحول عليه الحول من يوم صدقه، أي: أدى زكاته، وأنه إن لم يبع ذلك العرض سنين، يعني: الأموال الكاسدة، وإنه إن لم يبع ذلك العرض سنين لم يجب عليه في شيء من ذلك العرض زكاة وإن طال زمانه، فإن باعه فليس فيه إلا زكاة واحدة.

يعني كالدين على المفلس، يعني الدين على المفلس يزكيه إذا قبضه سنة واحدة، أرض كاسدة عشر سنين صكها عند المكتب العقاري ما بيعت، ما يزكي إلا سنة واحدة إذا باعها مثل الدين على المفلس سواء.

طيب محتكر، يقول: أنا والله جابت قيمة، ومكسب طيب، لكن ولو أنتظر، حتى تزداد الحاجة إليها، يزكي كم؟ كل سنة؟ أو إذا باع يزكي لجميع ما مضى، أو يزكي سنة واحدة كالأموال الكاسدة، نعم؟

أولًا المحتكر خاطئ وآثم، رأي الإمام مالك ما يفرق بين محتكر، وبين من كسد السلعة، ما دام ما باع ما عليه شيء حتى يبيع، لكن إذا تجاوزنا عن أصحاب الأموال الكاسدة الذين يتضررون بالبيع، إذا تجاوزنا عن هذا ورأينا وجاهة مالك، وأن قياسه على الدين على المعسر له وجه، لكن المحتكر لولي الأمر أن يعامله بنقيض قصده ويزيد عليه في الزكاة؛ لأنه آثم، يتربص بالمسلمين الحاجة والفاقة.

وإنه إن لم يبع ذلك العرض سنين لم يجب عليه في شيء من ذلك العرض زكاة وإن طال زمانه، فإن باعه فليس فيه إلا زكاة واحدة.

وهذا مذهب مالك في تقسيم التجارات إلى ضربين، يعني التي تنفق وتتصرف، والنوع الثاني الذي يكسد، لكن رأي الجمهور في عروض التجارة أنها تقوم، كلما حال عليها الحول، يعني عندك أموال أنت صاحب مكتبة تبيع كتبًا، إذا حال عليها الحول، تأتي بأهل الخبرة وتسألهم، جميع ما في هذا المحل كم يسوى؟ يسوى مائة ألف، تزكي مائة ألف، السنة التالية بعت منه خلال السنة بعشرة آلاف، وأكلتها، تزكي تسعين، ارتفعت الكتب، صارت تسوى مائة وخمسين، تزكي مائة وخمسين بما تستحق، طيب لماذا لا نقيس مثلما قال المالكية على الدين في ذمة المعسر؟

الفرق بين الدين في ذمة المعسر والتجارة الكاسدة فرق ظاهر، بمعنى الدين على المعسر، ما هو بمضمون يمكن ما يأتي أصلًا، نعم احتمال ما يأتي أصلًا، بينما المال الكاسد بيدك، وصكك عندك، وزبونك حاضر، صحيح أنك تنتظر مصلحة نفسك في تأخير البيع، فهناك فرق، فالجمهور يرون أن المال الكاسد يزكى كغيره، يعني العقارات التي في طلوع تزكى كل سنة، والتي في نزول أيضًا تزكى كل سنة، يعني لو ترك المجال للتجار يقدرون هذه الأموال كاسدة وإلا نافقة وإلا شيء، لا شك أنه يحصل خلل في التطبيق.

قال مالك: الأمر عندنا في الرجل يشتري بالذهب أو الورق حنطة أو تمرا أو غيرهما للتجارة ثم يمسكها حتى يحول عليها الحول ثم يبيعها أن عليه فيها الزكاة حين يبيعها إذا بلغ ثمنها ما تجب فيه الزكاة، لا فيما دونه، وليس ذلك مثل الحصاد يحصده الرجل من أرضه ولا مثل الجداد.

وما وجه التفريق؟ قال مالك: الأمر عندنا في الرجل يشتري بالذهب أو الورق حنطة أو تمرًا أو غيرهما للتجارة ثم يمسكها حتى يحول عليها الحول ثم يبيعها أن عليه فيها الزكاة حين يبيعها؛ لأنه حال عليها الحول سابقًا، قبل البيع، إذا بلغ ثمنها ما تجب فيه الزكاة، يقول: وليس ذلك مثل الحصاد يحصده الرجل من أرضه ولا مثل الجداد.

الذي هو قطع الثمار إجمالًا، نعم، هذا {وآتوا حقه يوم حصاده}.

قال مالك: وما كان من مال عند رجل يديره للتجارة ولا ينض، يحصل لصاحبه منه شيء تجب عليه فيه الزكاة؛ لأنه مال يدور بخلاف المال الكاسد، فإنه يجعل له شهرًا من السنة، وما كان من مال عند رجل يديره للتجارة، ولا ينض لصاحبه منه شيء تجب فيه الزكاة يعني دون النصاب، فإنه يجعل له شهرًا من السنة يقوم فيه ما كان عنده من عرض للتجارة ويحصي فيه ما كان عنده من نقد أو عين، فإذا بلغ ذلك كله ما تجب فيه الزكاة فإنه يزكيه.

يعني سواءً كان من ذهب أو فضة أو عروض، يعني صاحب محل يبيع في اليوم بألف ريال، يأكل خمسمائة ويوفر خمسمائة، الخمسمائة أقل من النصاب، ثم في الشهر الثاني مثله، وهكذا إلى آخره.

يقول: يجعل له شهر في السنة، وهذا أريح، وقل مثل هذا في رواتب الموظفين، وفي أقساط الدائمين؛ لأنه يصعب على كثير من الناس يجعل محاسبًا، الموظف لا بد أن يجعل محاسبًا إذا أراد أن يخرج الزكاة بدقة، والله الشهر هذا وفر سبعمائة، الشهر الثاني وفر ألف وثلاثمائة، الشهر الثالث وفر ألف ومائتين، الشهر الرابع ما وفر شيئًا، وهو في كل شهر يحتاج إلى أن يقيد ما وفر، ثم بعد ذلك في مثل هذا اليوم من السنة القادمة يزكي ما وفره في هذا الشهر، بعد شهر يزكي الشهر الذي يليه، وهكذا، لكن أريح أن يجعل له شهر رمضان مثلًا، فيزكي فيه ما حال عليه الحول، وما لم يحل عليه الحول.

يقول: وما كان من رجل...، فإنه يجعل له شهرًا من السنة يقوم فيها ما كان عنده من عرض للتجارة ويحصي فيه ما كان عنده من نقد أو عين، هذا الموظف الذي وفر من كل شهر مبالغ متفاوتة من شهر إلى آخر، ثم في النهاية بعد سنة وجد أن الذي في الرصيد عشرة آلاف، يزكي العشرة آلاف جميعًا؛ لأن زكاة التفريد وضبط ما يوفر من كل شهر والنظر فيه بعد حولان الحول الباقي منه شيء، هذا أمر متعب وصعب، وبعض الناس الزكاة ترى شاقة على النفوس؛ لأن الجنة حفت بالمكاره، مستعد يدفع عشرة بالمائة سعي إذا باع واشترى، والسعي العادة اثنان ونصف، مستعد يدفع عشرة بالمائة سعي، لكن ما يدفع اثنين ونصف بالمائة زكاة، صعب، ومستعد يجعل محاسبًا، نعم، بثلاثة آلاف مثلًا، وهو لو جمع الفرق الذي يزيد عليه من اتخاذ شهر بعينه ما وصل ألفين، لا شك أن أمور الآخرة فيها مشقة على النفوس، لكن بعض الناس، من وفقه الله للخير وفعل الخير، هذا يسهل عليه كل شيء، فإذا بلغ ذلك كله ما تجب فيه الزكاة فإنه يزكيه.

وهذا في المدير يعني في المال الذي يدار، بخلاف الأموال الكاسدة.

وقال مالك: ومن تجر من المسلمين ومن لم يتجر سواء، ليس عليهم إلا صدقة واحدة في كل عام، تجروا فيه أو لم يتجروا.

 

ورثت مائة ألف أودعتها في البنك، إن اتجرت بها وحركتها وأحلت عليها بالشيكات، وأضفت إليها، المهم أنك حركتها، صارت بعد سنة مائة وعشرين، تزكي المائة والعشرين، إن تركتها لم تتجر فيها، وصارت بعد حول سبعين، تزكي السبعين، نعم، لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، فالمال هو مال، وهو بين أمرين، إن أديت زكاته فليس بكنز، إن لم تؤد زكاته فهو كنز، ولو نشر في السطوح على ما سيأتي، وما أديت زكاته فهو ليس بكنز ولو دفن تحت الأرض.

"