شرح كتاب الإيمان من صحيح مسلم (03)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول الإمام مسلم- رحمه الله تعالى- حدثنا قتيبة بن سعيد" بن جميل بن طريف بن عبد الله الثقفي، ترجم الإمام النووي على هذا الباب بقوله: "باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام"، معلوم الترجمة الكبرى هي كتاب الإيمان، والحديث يشتمل على الصلوات وغير الصلوات للأحاديث المدرجة في هذا الباب، تشتمل على الصلوات وغير الصلوات، والنووي -رحمه الله- اقتصر على الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، ولا شك أن الصلاة من الإيمان كما استدل الإمام البخاري على ذلك بقوله- جل وعلا-: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}[البقرة:143] يعني صلاتكم إلى بيت المقدس، فالصلاة من الإيمان وكذلك بقية شرائع الإسلام، وتراجم البخاري في صحيحه تدل على ذلك، الزكاة من الإيمان، الصوم من الإيمان، «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا» الجهاد من الإيمان وهكذا، الإمام النووي- رحمه الله- ترجم بالصلاة التي هي أعظم أركان الإسلام العملية- يعني بعد الشهادتين- واقتصر على ذلك ولا شك أن هذا اجتهاد منه، وإلا فالأصل أن الكتاب كما تقدم مرارًا مجرد عن التراجم التفصيلية مثل هذه الترجمة؛ ولذا تجدون كل شارح من الشراح يترجم بما يلوح له ويترجح عنده من مقصود الإمام مسلم في هذا الباب، وكذلك أصحاب المختصرات لا تجد التراجم مطابقة من شرح إلى آخر ومن مختصر إلى آخر، يوجد كلام للقاضي عياض حول التراجم وأنه وقف على نسخة عتيقة مترجمة، ما أدري أنا كتبت الفائدة صفحة واحد وعشرين يقول النووي: صحيح مسلم لم تذكر فيه تراجم الأبواب وإن كان مبوبًا في الحقيقة، يعني الأحاديث مرتبة على الأبواب، والنظائر من الأحاديث كلها مجموعة في إطار واحد وسياق واحد، وفي إكمال المُعْلِم قال القاضي: وبذلك بطل قول كل من ادعى أن مسلمًا لم يبوب كتابه، قال القاضي: وبذلك بطل قول من ادعى أن مسلمًا لم يبوّب كتابه، يعني إن كان المقصود لم يذكر التراجم باب كذا وباب كذا هذا الكلام صحيح، صحيح مسلم النسخ كلها بل جلها ليس فيها مثل هذا التقسيم: باب كذا، باب كذا، ليس فيه هذا، وإن كان القصد بالتبويب الترتيب فالترتيب موجود وبدقة متناهية عند الإمام مسلم، وتقرير هذه المسألة يحتاج إلى وقت ولعلنا نكتفي بهذا، قال- رحمه الله- "حدثنا قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد الله الثقفي"، قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد الله الثقفي ذكره الإمام مسلم هنا سداسيا يعني منسوب في ستة، قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد الله الثقفي، ثم بعد ذلك سوف يجمل ويترك التفصيل في النسب إلى قوله حدثنا قتيبة بن سعيد، وقد يقول: حدثنا قتيبة فقط لأنه اكتفى بذكر بنسبه كاملاً في هذا الموضع، وقال بعضهم: إن قتيبة لقب واسمه علي، وقيل اسمه يحيى، على كل حال المشتَهر عند أهل العلم بهذا قتيبة وقوله الثقفي النسبة قيل إنه مولى وليس من ثقيف؛ لأن جده جميلاً كان مولى للحجاج بن يوسف الثقفي، "عن مالك بن أنس فيما قُرئ عليه" عن مالك بن أنس فيما قرئ عليه هذا تصريح بحقيقة طريق التحمل، وإلاَّ معروف من الإمام مالك أنه لا يقرأ على أحد ولا يُسمع أحدًا وإنما يُقرأ عليه، ولو اكتفى الإمام مسلم بقوله: حدثنا قتيبة بن سعيد إلى آخره قال أخبرنا مالك بن أنس لدلنا على طريق التحمل؛ لأن مسلما يرى التفريق بين الإخبار والتحديث وأن الإخبار فيما تُحمل بطريق العرض والقراءة على الشيخ، لكن هنا تصريح فيما قرئ عليه ومعلوم أن الإمام مالكا لا يقرأ على أحد ولا يُسمع وإنما يُقرأ عليه ويشتد نكيره على من يطلب منه القراءة والسماع ويقول يكفيك ذاك في القرآن ولا يكفيك في الحديث؟! يعني العرض والقرآن أعظم، "فيما قُرئ عليه عن أبي سهيل" عمه عم- الإمام مالك- "عن أبي سهيل" اسمه نافع "عن أبيه" نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي "عن أبيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله" أحد العشرة المبشرين بالجنة "يقول جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من أهل نَجد ثائرُ الرأس" رجل ثائر الرأس، ويصلح أن يقال ثائرَ الرأس بناء على أنه وصف لرجل، أو ثائرَ الرأس حال كونه ثائر الرأس، ولا شك أن الصفة في مثل هذا الموضع أولى من الحال لماذا؟ لأنه نكرة حاجته إلى الصفة أكثر من حاجته لبيان حاله، لكن كونه من أهل نجد هذا وصف يقربه من المعرفة؛ ولذا جوّزوا الوجهين ثائرُ الرأس أو ثائرَ الرأس، "نسمع دويّ صوته" في رواية: "يُسمع دويُّ صوته" "نسمع دويَّ صوته" دوي الصوت هو بعده في الهواء لأنه ينادي من بعيد فيكون صوته له دوي، "نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول" يعني لبعده حتى دنا، لما قرب عرفوا ما يقول، "حتى دنا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" لما قرب وسمعوا الصوت وميّزوه "حتى دنا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا هو يسأل عن الإسلام" عرفوا ما يريد "يسأل عن الإسلام فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «خمس صلوات» هل هو يسأل عن حقيقة الإسلام أو عن شرائع الإسلام وأركانه؟ الظاهر الثاني، "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «خمس صلوات في اليوم والليلة» ويقولون الظاهر أنه يريد الثاني ولم يُجزم بذلك لماذا؟ لأنه قد تعرف الحقيقة بذكر الأقسام الحاصرة وبذكر الأركان هذا نوع من التعاريف، على كل حال هذا الحاصل، "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «خمس صلوات في اليوم والليلة» وما ذكر شهادة أن لا إله إلا الله، "يسأل عن الإسلام فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «خمس صلوات في اليوم والليلة» إما أنه ذكرت الشهادة ولم ينقلها الراوي في هذا الموضع ونقلت في مواضع أخرى على ما سيأتي، أو أنه فهم أنه يسأل عن شرائع الإسلام العملية فأجيب أولا بالصلاة «خمس صلوات في اليوم والليلة» فقال هل علي غيرهن؟ قال: «لا، إلا أن تطّوع» هل علي غيرهن؟ قال «لا» يستدل بهذا على عدم وجوب الوتر، وعلى عدم وجوب صلاة العيد، وعلى عدم وجوب صلاة الكسوف، "هل علي غيرهن قال «لا» ليست هناك صلوات مكتوبة ولا صلوات واجبة إلى الخمس، ومعلوم أن الجمعة من الخمس في يومها هي الخامسة، على كل حال قوله «لا، إلا أن تطوع» فدل على أن ما عدا الصلوات الخمس كلها تطوع بما في ذلك الوتر، وصلاة العيد خلافًا للحنفية، وصلاة الكسوف خلافًا لأبي عوانة في صحيحه الذي يقول باب وجوب صلاة الكسوف، هذا الحديث يدل على ذلك قال «لا» يعني ليس هناك صلاة مكتوبة إلا الخمس «إلا أن تطوّع» هذا استثناء وهل هو استثناء متصل أو استثناء منقطع؟ إذا قلنا إن المستثنى من جنس المستثنى منه قلنا استثناء متصل، ومعناه أن التطوع قد يجب، قد يكون واجبًا ويكون مكتوبًا وهذه حجة من يقول أن التطوع إذا شرع فيه وجب ويستوي في ذلك الصلاة والصيام والحج، الحج معروف منصوص عليه {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ}[البقرة:196] فمن شرع فيه ودخل فيه لا بد أن يتمه، لا يجوز له أن يتركه لكن هل الصلاة والصيام مثله؟ إذا كبّر تطوع هل يجوز له أن ينصرف؟ وإذا شرع في الصيام هل يجوز له أن ينصرف؟ الجمهور على أنه له ذلك وأن المتطوع أمير نفسه، وأما مالك وهو يستدل بهذا الحديث أنه إذا شرع في التطوع سواء كان صلاة أو صياما أو حجا فإنه يلزمه إتمامه ويجب عليه ويكون حينئذٍ الاستثناء متصلا؛ لأن المستثنى من جنس المستثنى منه، والجمهور يقولون لا، هو استثناء منقطع لماذا؟ لأن المستثنى ليس من جنس المستثنى منه فهو منقطع فالتطوع غير المكتوبة، "إلا أن تطّوع" يعني يختلف عن الصلوات المكتوبات، "فقال: هل علي غيرهن؟ قال: لا إلا أن تطَّوع وصيام شهر رمضان" بعد ذلك ثنى بالصيام "«وصيام شهر رمضان» فقال هل علي غيره قال «لا، إلا أن تطوع»" وهل يقال فيه مثل ما قيل في نظيره السابق؟ هل هو استثناء متصل أو منقطع والخلاف مع المالكية والجمهور نظير ما تقدم فالمسألة واحدة، وذكر له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الزكاة فقال: "هل علي غيرها قال «لا، إلا أن تطوع»" والعلماء يختلفون هل في المال حق سوى الزكاة أو ليس في المال حق سوى الزكاة؟ وبكل من اللفظين ورد خبر من حديث عائشة قالت: "ليس في المال حق سوى الزكاة" وجاء في خبر آخر: "إن في المال لحقًا سوى الزكاة" ولا شك أن هناك حقوق في الأموال واجبة من النفقات وغيرها تجب على صاحب المال، يجب عليه أن ينفق على نفسه وعلى من يمون فهذه حقوق، وأما بالنسبة للفرض من المال للأصناف الثمانية نظير ما فُرض لهم في الزكاة فليس في المال حق من هذا النوع سوى الزكاة، "قال «لا، إلا أن تطوع» قال: فأدبر الرجل ولّى انصرف ذهب وهو يقول والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «أفلح إن صدق» كونه حلف ألا يزيد الذي يحلف ألا يصلي غير المكتوبة لا شك أن من أتى بما أوجب الله عليه وترك ما حرم الله عليه هذا لا شك أنه ناجي ومفلح، لكن كون الإنسان يقسم ألا يفعل من الخير شيئا سوى ما فرض عليه هل هذا ممدوح في الشرع أو مذموم؟ وكونه يتعمد ترك أبواب الخير إلا ما أوجب الله عليه، الوتر مثلاً إذا داوم على ترك الوتر يقول الإمام أحمد رجل سوء ينبغي أن ترد شهادته فضلاً عن كونه حلف ألا يفعل خيرا أبدًا غير ما ذكر غير ما أوجب الله عليه، لكن مثل هذا الذي جاء دخل في الإسلام جديدًا وعُلِّم الشرائع والقواعد الكلية في الإسلام ويخفف عن مثل هذا ولا يؤمر بقدر زائد على ذلك لئلا يستثقل مثل هذا يُتسامح معه ويقبل منه مثل هذا التعبير، وإن كان في الجملة أن من أدى الواجب وترك المحرم هو ناجي بلا شك، لكن يبقى ألا يفعل ولا يزيد من الخير يقال له أفلح؛ لأنه حتى من اقتصر على الواجبات لا يخلو من أن يقصّر في بعض هذه الواجبات؛ ولذلك عند الحساب إذا وجد خلل وتقصير قيل: "انظروا هل لعبدي من تطوع" فالتطوع مطلوب به ترفع الدرجات ويكمّل ويرفى به النقص والخروم في الواجبات، لكن مثل هذا يتجاوز معه ويشهد له بالفلاح؛ لأن القاعدة عند أهل العلم أن حسنات الأبرار سيئات المقربين يعني ما يقبل هذا من شخص ويقبل من آخر لاسيما إذا كان حديث عهد بالإسلام أو جاء من بادية لا يعرف شيئًا مثل هذا يقتصر على الواجبات، ولذلك في مجال الدعوة إذا استجاب شخص أو أشخاص ودخلوا في الإسلام وشهدوا أن لا إله إلا الله هل يكلفون بشرائع تنفرهم في الإسلام قبل أن يستقر الإيمان في قلوبهم؟! يطلب هذا فيما بعد يؤجل، بعضهم يقول قوله والله لا أزيد على هذا لا أزيد على القدر المشروع من هذه الواجبات، بمعنى أني لا أصلي الظهر خمسا، يعني لا أزيد ركعة، لكن كيف يقبل مثل هذا في الزكاة؟ يعني إذا تصور مثل هذا في الصلاة أو في الصوم يعني يزيد من غروب الشمس إلى مقدار ساعة أو ساعتين يتدين بذلك هذا لا شك أنه يبتدع بهذا ويكون مفلحًا إذا اقتصر على الحد المشروع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، لكن هذا بعيد من السياق، هذا القول بعيد من السياق وإن أجاب به بعضهم، "وهو يقول والله لا أزيد على هذا ولا أنقص فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «أفلح إن صدق» هل المناسب في التعبير أن يقال صدق في المستقبل أو الصدق عن الخبر فيما مضى ويقال هنا أفلح إن وفّى بما التزم به ما الأسلوب المناسب؟ يعني وفّى؛ ولذا قال {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى}[النجم:37] يعني بما التزم به فيكون فلاحه إذا وفى بما التزم به كيف «أفلح إن صدق» مع أنهم يقولون الصدق والكذب إنما يكون فيما مضى عن الخبر ولا يمنع أن يطلق الصدق ويراد به الوفاء لاسيما وأن الحديث في الصحيح وسيأتي له نظائر، قال- رحمه الله- "حدثني يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد جميعًا عن إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل عن أبيه" عن أبي سهيل عن أبيه، وأبو سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي عم الإمام مالك "عن طلحة بن عبيد الله" الحديث من طريق إسماعيل بن جعفر والسابق من طريق الإمام مالك، "عن طلحة بن عبيد الله عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا الحديث نحو حديث مالك غير أنه قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «أفلح وأبيه إن صدق» أو «دخل الجنة وأبيه إن صدق» ولذلك قال نحو ما قال مثل حديث مالك؛ لأن المماثلة تقتضي المطابقة الحرفية كما نص على ذلك المحدثون في قواعد الحديث والنحو يكون بالمعنى؛ ولذا جاءت الزيادة «أفلح وأبيه إن صدق» ولم توجد في حديث مالك أو «دخل الجنة وأبيه إن صدق» والفلاح معروف أنه مؤدي المفلح {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُون}[المؤمنون:1] ثم قال {أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُون}[المؤمنون:10] يعني الذين يدخلون الجنة فأفلح ودخل الجنة بمعنى واحد، أو «دخل الجنة وأبيه إن صدق» قوله «وأبيه» هذه يسمونها واو قسم، ويشكل على هذا النهي عن الحلف بغير الله والنص عن الحلف بالآباء «لا تحلفوا بآبائكم» «من حلف بغير الله فقد أشرك» يعني الشرك الأصغر، فكيف يحلف النبي -عليه الصلاة والسلام- بأبيه؟ لا يمكن أن يتصور أن تكون عاطفة؛ لأن الفلاح خاص به، الفلاح خاص به أبوه إن فعل مثل فعله أفلح لكن الواو واو قسم، ويشكل على هذا ما جاء من الأحاديث الصحيحة الثابتة الصريحة في النهي عن عن الحلف بغير الله- جل وعلا- وأنه شرك «لا تحلفوا بآبائكم» منهم من يقول أن هذا قبل النهي عن الحلف بغير الله، ومنهم من يقول أن هذه كلمة تجري على اللسان ولا يُقصد معناها الذي هو تعظيم المحلوف به، تجري على اللسان من غير قصد لمعناها وهذا قاله كثير من الشراح، أو يكون القسم هنا قبل النهي عن الحلف بغير الله، ونقل ابن حجر عن السهيلي أنه وقف على نسخة عتيقة صحيحة من صحيح مسلم فيها «أفلح والله إن صدق » فكأن اللامين قَصُرتا فأشبه في الصورة، والله تشبه وأبيه إذا قصرت اللامان صارت في الرسم مثل وأبيه هذا ذكره ابن حجر عن السهيلي، والقرطبي في المُفْهِم ضعّف هذا بأي شيء؟ أنه يقول.
طالب: ................
لا النقط أمرها سهل، هم ما ينقطون، النقط ليس مشكلا عندهم، أكثر الكتابات القديمة ما فيها نقط، وكان النقط غير موجود أصلاً والإعجام حادث لكنه موجود في عصر الأئمة، ينقطون لكن مع ذلك ما يهتمون به في خط التعليق ما تجد نقطا، وقد يكون هذا منه، المقصود أن القرطبي في المفهِم ضعّف هذا القول وأنه يؤدي إلى عدم الثقة بكتب أهل العلم إذا أشكل علينا شيئا تصورناه وأجبنا به لكن في مثل هذا المقام في معارضة نص صحيح صريح ووجد مثل هذا الجواب لا مانع من قبوله لاسيما وأن السهيلي ثقة فيما ينقل، وإذا وُجد في نسخة صحيحة عتيقة قديمة مصححة موثقة مقابَلة يكفي أن نقول أصلها والله وهذا هو اللائق به -عليه الصلاة والسلام- وهو الذي نهى عن الحلف بغير الله، منهم من يقول أن للنبي -عليه الصلاة والسلام- أن يحلف بغير الله دون غيره؛ لأنه لا يُتصور منه تعظيم مخلوق كتعظيم الله- جل وعلا- يُتصور من غيره لكن لا يتصور منه، كما تسامحوا أو أجابوا عن قوله -عليه الصلاة والسلام- "ومن يعصهما فقد غوى" وقد رد على الخطيب قال بئس خطيب القوم أنت قل ومن يعص الله ورسوله فلا يُجمع بين ضمير الله- جل وعلا- مع ضمير غيره لما يُتصور أو يتخيل من التشريك، وأمَّا الرسول -عليه الصلاة والسلام- فمنزلته أرقى وأعلى من أن يتصور منه تشرك المخلوق مع الخالق، قيل هذا لكن هل مثل هذا كمال أو نقص؟ الحلف بغير الله؟ نقص لمخالفته النص، وهل نطالِب الأمة بكمال أكمل مما يقع منه -عليه الصلاة والسلام-؟! هذا الجواب فيه ما فيه؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أولى الناس بتعظيم خالقه وأعرف الناس به وأخشاهم له وأتقاهم كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- عن نفسه.
نعم يقول لفظة وأبيه هل جاءت من طريق آخر من غير طريق الإمام مسلم في كتب الحديث؟
هي لا توجد عند البخاري، الحديث في البخاري لا يوجد فيه هذا القسم لكن مع ذلك وجودها في صحيح مسلم لا بد أن نجيب عنه، صحيح مسلم ليس مثل غيره، يعني لو جاءت في غيره من كتب السنة من السنن والمسانيد والجوامع وغيرها الجواب سهل يقول غير ثابتة، أما وقد وجدت في كتاب تلقته الأمة بالقبول وأجمعت على أن ما فيه صحيح لا بد من الجواب، وإلاَّ فالبخاري ليس فيه هذا القسم، قال- رحمه الله- بعد ذلك "حدثني عمرو بن محمد بن بُكير الناقد" عمرو بن محمد بن بكير الناقد، وسيذكره الإمام مسلم فيما بعد حدثني عمرو الناقد، "قال حدثنا هاشم بن القاسم أبو النضر قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال نُهينا أن نسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن شيء يعني في قوله- جل وعلا- {لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}[المائدة:101] فيه نهي عن السؤال، لكن جاء الأمر بالسؤال:{فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ}[النحل:43] فما يحتاج إليه يُسأل عنه وما لا يحتاج إليه لا يُسأل عنه، ونهى عن كثرة السؤال ونهى عن الأغلوطات يعني الأسئلة التعجيزية هذه منهي عنها لكن ما يحتاج إليه جاء فيه {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُون}[النحل:43] وجاءت الأسئلة في القرآن {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ}[البقرة:217] {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ} [البقرة:189] ويجابون، فنهينا أن نسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن شيء، فهموا العموم في قوله {لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}[المائدة:101] فهل النهي عن الصلاة الذي جوابه يتضمن إساءتهم أو نهي عن السؤال مطلقًا {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}[المائدة:101] يعني هل هذا وصف للسؤال المنهي عنه أو أن نهي عن عموم الأسئلة التي ما يدرى عن جوابها؟ قد يكون فيها مثل هذا، يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- من أبي؟ هذا الجواب قد يسوؤه، يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- مؤيد بالوحي إذا قال أبوك فلان وهو ليس بأبيه المشهور، يعني مثل ما يفعله بعضهم معروف ومستقر عند الناس ومستفيض بينهم أنه ابن فلان وموجود معه في وسائل الإثبات والأب ما أنكر ولا شيء يروح يسأل ويتأكد ويحلل بالطرق الطبية وغيرها ليتأكد أنه ولد فلان أو ما هو ولد فلان؟ حتى ولو حصل عنده شيء من الشك أو الريبة أو كانت الأم مظنة لذلك لا يجوز له أن يفعل هذا الفعل مادام ستر الله عليه، لكن إذا عُلم أنه ابن زنا لا يجوز انتسابه إلى الزاني ألبتة ففرق بين هذا وهذا {لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}[المائدة:101] "نهينا أن نسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قال الصحابي أُمرنا أو نُهينا فهو مرفوع، والنهي هنا جاء في القرآن فالناهي هو الله -جل وعلا –"عن شيء فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية" في بعض الروايات: العاقل، "فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل هذه معنا جاءت، "فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل" الرجل العاقل لأنه هو الذي يستفاد من سؤاله؛ لأن غير العاقل يسأل عن أشياء قد لا تفيد أو في الغالب لا تفيد ومن أهل البادية الذين يخفى عليهم النهي يعجبهم أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل، مادام النهي ثابتا فكيف يفرح المسلم بمجيء شخص يخفى عليه هذا الحكم ويخالف هذا النهي إشكال أو ليس بإشكال؟ فيه إشكال أو لا؟ كيف تفرح كيف يعجبك أن يأتي شخص يعصي ويخالف النهي؟! لما يترتب على ذلك من المصلحة الراجحة وإلا فالفرح بانتهاك هذا النهي لا يليق بمسلم، "فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل" لأن غير العاقل يسأل أسئلة لا تفيد، وأما العاقل فإنه يسأل أسئلة تنفع السامعين، "فيسأله ونحن نسمع" يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- والحال أننا نسمع، الواو واو الحال والجملة حالية، "فجاء رجل من أهل البادية فقال يا محمد" أولاً: هذا الرجل خفي عليه النهي عن السؤال، وخفي عليه النهي عن دعاء النبي -عليه الصلاة والسلام- باسمه وأنه لا ينادى باسمه إنما ينادى بكنيته، أو ينادى بوصف الرسالة أو النبوة أو بشيء يدل على تعظيمه وتوقيره -عليه الصلاة والسلام- "فقال يا محمد أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك" هذا جاءت تسميته في صحيح البخاري وأنه ضِمام بن ثعلبة من بني سعد، جاءهم رسول من النبي -عليه الصلاة والسلام- فأخبرهم بشرائع الإسلام، وجاء ضمام بعد أن أسلم في قول كثير من أهل العلم وهو اختيار البخاري- رحمه الله- يعرض على النبي -عليه الصلاة والسلام- ما سمعه من رسوله، واستدل به البخاري- رحمه الله- على القراءة والعرض على المُحدِّث حفظ الحديث بواسطة من أرسله النبي -عليه الصلاة والسلام- إليهم فجاء يعرض ما حفظ على النبي -عليه الصلاة والسلام- فاستدل بها البخاري على العرض والقراءة على الشيخ، واستدل به قبله أبو سعد الحداد أو أبو سعيد الحداد وهو قبل البخاري- رحمه الله- قال عندي دليل على صحة العرض على الشيخ وهو حديث ضِمام بن ثعلبة، "فقال يا محمد أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن اللهَ أرسلك" يقول أهل العلم فيه قبول خبر الواحد؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أرسل شخصا، وهكذا أرسل إلى الجهات، أرسل الرسل وبعث من قبله من يدعون إلى دين الله ويعلمون الناس وتقبل أخبارهم وإن كانوا أفرادًا، في هذا قبول خبر الواحد وهذا مجمع عليه عند كل من يعتد بقوله من أهل العلم، "فزعم لنا أنك تزعم" الزعم في الأصل أنه لا يقال إلا فيما فيه شك، وجاء بئس مطية القوم زعموا، ولكن يطلق الزعم بإزاء القول، زعم: قال لنا أنك تزعم أنك تقول وهذا معروف مشهور في اللغة وقرره وعمل به إمام النحاة سيبويه في كتابه الذي هو إمام كتب النحو، الكتاب كثيرًا ما يقول زعم الكسائي ويوافقه على ما قال فهو يقصد بزعم قال، "فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك" بعضهم يستدل بقوله "أنك تزعم" أنه جاء يستثبت من النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل أن يسلم، والبخاري يرى أنه جاء مسلمًا وإنما جاء ليتثبت ويعرض ما سمعه من رسوله يتأكد من ذلك، "أن الله أرسلك قال: «صدق»، قال: فمن خلق السماء؟ قال «الله» يعني هذا الاستدلال يعني دل على عقل ليستدل ويستدرج بالأولويات، أولاً ليثبت المرسل الرسول لا بد له من مرسل تزعم أن الله أرسلك؟ قال «صدق»، ما الدليل على أن الله له حق الإرسال وله حق الربوبية "قال فمن خلق السماء؟ قال: «الله» يستدل بمخلوقاته عليه، "قال: فمن خلق الأرض؟ قال «الله» قال فمن نصب هذه الجبال؟ بم عرفت ربك؟
طالب: ................
نعم، هذا يلقَّن الصبيان في الأصول الثلاثة بآياته ومخلوقاته، ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر، ومن مخلوقاته السموات والأرض وهكذا، هذا الرجل العاقل استدل "قال: فمن خلق السماء؟ قال «الله» قال فمن خلق الأرض؟ قال «الله» قال فمن نصب هذه الجبال؟ إلى آخره وجعل فيها ما جعل قال «الله»، قال: فبالذي خلق السماء وخلق الأرض ونصب هذه الجبال آلله أرسلك؟ يعني خلاص تقرر عنده أن الله هو الخالق وهو الذي يستحق العبادة وله أن يرسل، بقي تقرير ثبوت الرسالة "آلله أرسلك؟ قال: «نعم» انتهى، هذا مرسل وهذا رسول وهذا كله ثبت بالأدلة "قال نعم»، قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا؟ قال: «صدق»، قال فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: «نعم»، قال: وزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا؟ قال: «صدق» قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: «نعم» قال: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في سنتنا؟ قال: «صدق» قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: «نعم» فبالذي أرسلك؟ من الذي أرسله هو الله وهذا قسم بالله- جل وعلا- يقسم به على النبي -عليه الصلاة والسلام- "آلله أمرك بهذا بجميع ما تقدم؟ قال «نعم» وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلا؟ قال: «صدق» قال ثم ولّى قال والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن" كما تقدم في الحديث الأول الذي أقسم ألا يزيد ولا ينقص، وفيه نظير ما تقدم من الإشكال في القسم على عدم الزيادة وضمان الفلاح مع قسَمه بعدم الزيادة، "ثم ولى قال والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- «لئن صدق ليدخلن الجنة» ثم قال في البخاري: "وأنا ضِمام بن ثعلبة أخو بني سعد فانطلق وأخبر قومه بهذا فأجازوه" يعني أسلموا كلهم، "أجازوه" يعني صدقوه، "حدثني عبد الله بن هاشم العبدي قال حدثنا بهز قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال قال أنس كنا نهينا في القرآن أن نسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن شيء وساق الحديث بمثله" فرق بين أن يسوقه بمثله يعني بحروفه وبين أن يسوقه بنحوه أي بمعناه، ثم بعد ذلك قال- رحمه الله- "حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير" ثم ترجم عليه الإمام النووي قال: باب بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة وأن من تمسك بما أُمر به دخل الجنة "حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال حدثنا أبي قال حدثنا عمرو بن عثمان قال حدثنا موسى بن طلحة قال حدثني أبو أيوب أن أعرابيًا عرض لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في سفر فأخذ بخطام ناقته أو قال بزمامها" الخطام الحبل الذي يوضع في عُنقها لتقاد به، والزمام ما يوضع في أنفها، "أخذ بخطام ناقته ناقة النبي -عليه الصلاة والسلام- أو بزمامها ثم قال يا رسول الله أو يا محمد أخبرني بما يقربني من الجنة وما يباعدني من النار" يريد الفوز والفلاح، "من زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز" وهذا مطلب لكل مسلم، "قال فكف النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم نظر في أصحابه ثم قال «لقد وفق» أو قال «لقد هدي» قال: كيف قلت؟ قال: فأعاد له النبي -صلى الله عليه وسلم- «تعبد الله لا تشرك به شيئًا» وهذا معنى لا إله إلا الله، معنى شهادة أن لا إله إلا الله أن يعبد الله ولا يشرك به شيئًا، بالنفي والإثبات «تعبد الله لا تشرك به شيئًا وتقيم الصلاة» الركن الأول «تعبد الله ولا تشرك به شيئًا» والثاني «تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم دع الناقة» خلاص أجبتك وهو ماسك زمام الناقة أو خطامها خلاص حصل الجواب، كثير من الطلاب إذا أراد أن يسأل الشيخ إما أن يمسك بيده أو يمسك بكتفه فإذا أجابه الشيخ قال خلاص اتركني فيكون مثل هذا الأعرابي، «تعبد الله لا تشرك به شيئًا» ينبغي أن يكون أيضا من الطرف الثاني شيء من الحِلم والقبول كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- على الطالب ألا يضجر الشيخ وعلى الشيخ أن يتحمل ويعاتب كل إنسان وصفه وعلى قدره فرق بين طالب مبتدي أو طالب يغلب على الظن أنه يخفى عليه مثل هذه الأمور وبين طالب علم متمكن ومتردد على المشايخ ويعرف قدرهم ويعرف ما عندهم، فرق بين هذا وهذا؛ ولذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- تحمل من الأعرابي، هل تحمل من أسامة شفاعته للمخزومية؟ ما تحمل؛ لأن الناس منازل، يقبل من زيد ما لا يقبل من عمرو "فقال النبي -عليه الصلاة والسلام- «تعبد الله لا تشرك به شيئًا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم دع الناقة» أنت سألت فأجبناك، "وحدثني محمد بن حاتم وعبد الرحمن بن بشر قالا حدثنا بهز قال حدثنا شعبة قال حدثنا محمد بن عثمان بن عبد الله بن موهب، قال شعبة حدثنا محمد بن عثمان بن عبد الله بن مَوهب" قالوا محمد بن عثمان هذا وهم والصواب ما في الطريق الأول عمرو بن عثمان، والوهم من شعبة فكان يسمي عمرو بن عثمان محمد، يوجد وهم من مالك نظير لهذا وسمى ابن عثمان عمر. مالك- رحمه الله- لكن هل هو هذا أو لا؟ لا أدري، الإمام مالك خالف جميع الحفاظ الذين يقولون عمرو بن عثمان ومالك كأنه متيقن متأكد إذا مرّ على بيته قال هذا بيت عمر بن عثمان ولا يُظن بمالك أنه معاند. لا، لكن كلام من هو أكثر وأقرب إلى عمرو بن عثمان لا شك أنه أولى بالقبول، وهنا شعبة من الحفظ والضبط والإتقان ما يداني الإمام مالك ما قَبل منه أهل العلم هذا الوهم بل غلطوه وقالوا الصواب من قال عمرو بن عثمان لا مع من قال محمد بن عثمان "ابن عبد الله بن موهب وأبوه عثمان أنهما سمعا موسى بن طلحة يحدث عن أبي أيوب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثل هذا الحديث" قال- رحمه الله- حدثنا يحيى بن يحيى التميمي يحيى بن يحيى التميمي وهو غير يحيى بن يحيى الليثي راوي الموطأ وإن كان في طبقته لكن راوي الموطأ يحيى بن يحيى الليثي ليس له رواية في الكتب الستة وهذا من رجال التقريب، "قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا أبو الأحوص" وذكر يحيى بن يحيى الليثي مميزًا له علامة تمييز للدلالة على أنه ليس من رواة الكتب إنما هو يروي موطأ الإمام مالك، وروايته أشهر الروايات "قال حدثنا يحيى بن يحيى التميمي قال أخبرنا أبو الأحوص عن أبي الأحوص أنه خرج عليه خوارج فقتلوه" تصح الرواية أو ما تصح؟
طالب: ................
ما هو؟
طالب: ................
فقتلوه نعم.
طالب: ................
ليس الإشكال في هذا عن أبي الأحوص متى حدث؟!
طالب: ................
ما تصح، هو الخبر صحيح عن أبي الأحوص أنه خرج عليه خوارج فقتلوه الخبر صحيح لكن هذا يؤتى به مثال على أن (عن) لا يقصد بها الرواية وإنما يقصد بها الحديث عن قصته، عن قصة أبي الأحوص ليس برواية عن أبي الأحوص وإلا قتل وانتهى كيف يروي؟! واسمه سلّام بن سُليم، "حدثنا يحيى بن يحيى التميمي قال أخبرنا أبو الأحوص ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة" الحاء هذه حاء التحويل عند الأكثر وأنه إذا أراد أن ينتقل ويتحول من إسناد إلى آخر بقصد الاختصار اختصار أسماء الرواة بدلاً من أن يذكر الإسناد كاملا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يحذف البقية التي تلتقي مع الإسناد الثاني هذا هو المقرر في علوم الحديث عند أهل العلم، و المغاربة يقولون إنها اختصار للفظ الحديث ويستعملها الإمام مسلم كثيرًا، وكذلك أبو داود وهي في المسند وغيره من مصنفات أهل العلم وهي قليلة نادرة في صحيح البخاري، "ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السَبيعي عن موسى بن طلحة عن أبي أيوب قال رجل جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال دلني على عمل أعمله يدنيني من الجنة ويباعدني من النار قال «تعبد الله لا تشرك به شيئًا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل ذا رحمك» فلما أدبر قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إن تمسّك بما أُمر به دخل الجنة» وفي رواية ابن أبي شيبة «إن تمسك به» يعني بما ذُكر.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد...
قال- رحمه الله- "وحدثني أبو بكر بن إسحاق قال حدثنا عفان حدثنا وهيب قال حدثنا يحيى بن سعيد عن أبي زرعة عن أبي هريرة" أبو زرعة اسمه هرم وهو ابن عمرو بن جرير "عن أبي هريرة أن أعرابيًا جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته دخلتُ الجنة قال: «تعبد الله لا تشرك به شيئًا تقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان» قال والذي نفسي بيده لا أزيد على هذه شيئا أبدًا ولا أنقص منه فلما ولّى قال النبي -صلى الله عليه وسلم- «من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا » وكأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أُخبر بطريق الوحي وإلا هذا مستقبل ما يُدرى هل يفي أو لا يفي؟ لكن أُخبر بالوحي أن هذا سيوفي ويموت على الوفاء، "قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب واللفظ لأبي كريب قالا حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان طلحة بن نافع" والأعمش سليمان بن مهران، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير، وأبو كريب محمد بن كريب كما هو معلوم "عن جابر قال أتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- النعمانُ بن قَوقَل فقال يا رسول الله أرأيت إذا صليتُ المكتوبة" أرأيت يعني أخبرني عن مصيري ومآلي إذا صليتُ الصلاة المكتوبة، يعني صليت الصلوات الخمس "وحرّمت الحرام" يعني اعتقدت حرمته واجتنبته حَرَمْتُ نفسي منه "وأحللت الحلال" يعني اعتقدت حله ولو لم يفعله، الحلال له أن يفعل وهو بالخيار بينما الحرام ليس فيه خيار، "أأدخل الجنة؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- «نعم» قال: "وحدثني حجاج بن الشاعر والقاسم بن زكريا قالا حدثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن الأعمش عن أبي صالح ذكوان السمان وأبي سفيان طلحة بن نافع السابق "عن جابر قال قال النعمانُ بن قوقل يا رسول الله بمثله" بمثل ما تقدم، "وزادا فيه" أبي صالح وأبي سفيان زادا فيه: "ولم أزد على ذلك شيئًا" يعني نظير ما تقدم في الأحاديث السابقة، "وحدثني سلمة بن شبيب قال حدثنا الحسن بن أعين" أبو علي القرشي مولاهم "قال حدثنا معقل" وهو ابن عبيد الله "عن أبي الزبير عن جابر" محمد بن مسلم بن تدرس أبو الزبير معروف بالرواية وهو أيضًا موصوف بالتدليس وعنعنته في الصحيح مقبولة عند أهل العلم ومحمول على الاتصال "عن جابر أن رجلاً سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال أرأيت إذا صليتُ المكتوبات يعني الصلوات المكتوبات وصمت رمضان وأحللت الحلال وحرمت الحرام ولم أزد على ذلك شيئًا أأدخل الجنة قال «نعم» قال والله لا أزيد على ذلك شيئًا وهو بمعنى ما تقدم ثم بعد ذلك قال- رحمه الله- حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير الهمْداني بإسكان الميم، وكل ما في الصحيحين فهو بإسكان الميم نسبة إلى القبيلة، ويوجد أيضًا نسبة إلى بلد اسمها همَذان بالتحريك وبالذال "حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير الهمْداني قال حدثنا أبو خالد" يعني سليمان بن حيان الأحمر "عن أبي مالك الأشجعي" وسيأتي تسميته في الطريق الثاني أنه سعد بن طارق هو أبو مالك الأشجعي "عن سعد بن عبيدة عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «بني الإسلام على خمسة» وفي الطريق الآتي «على خمس» على خمسة يعني أركان أو خمس دعائم؛ لأنه إذا لم يذكر التمييز جاز التذكير والتأنيث «بني الإسلام على خمس أو على خمسة على أن يوحد الله» جاء في الرواية الأخرى «شهادة أن لا إله إلا الله» «على أن يوحد الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان والحج» هنا قدم صيام رمضان على الحج في هذه الرواية وهي من أفراد مسلم، وحديث ابن عمر المتفق عليه فيه تقديم الحج على صيام رمضان وكلاهما من رواية ابن عمر "فقال رجل" جاءت تسميته بأنه يزيد بن بشر السكسكي "قال رجل الحج وصيام رمضان" ابن عمر حدث بالحديث فقال الحج وصيام رمضان، وهنا قال: "صيام رمضان والحج" استدرك عليه الذي سمعه أولاً "قال ابن عمر لا، صيام رمضان والحج هكذا سعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طيب أنت حدثتنا بتقديم الحج على الصيام ألم تسمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟! هو سمعه على الوجهين فأراد أن يؤدِّب هذا الشخص الذي يستدرك شيئًا لا علم له به.
"