شرح الموطأ - كتاب قصر الصلاة في السفر (4)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وحدثني عن مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس))" وهذا الحديث متفق عليه، حديث أبي قتادة في تحية المسجد: ((إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس)) يركع ركعتين وهذا العدد لا مفهوم لأكثره، فلو صلى أربع ركعات، ست ركعات، ثمان ركعات، أوتر بثلاث، أوتر بخمس، أوتر بسبع لا بأس، صلى الفريضة أربع ركعات، أو ثلاث ركعات، أو ركعتين لا بأس؛ لأن المقصود من تحية المسجد -كما يقول أهل العلم-: شغل البقعة، وتتأدى هذه التحية بأي صلاة، ولا مفهوم لأكثره، بمعنى أنه يصلي ركعتين فما زاد، واختلف في أقله بمعنى أنه لو دخل شخص في مثل هذا الوقت وحرصًا منه على الدرس قال: إذا صليت ركعتين فات دقيقتان على الأقل، أوتر بواحدة وتكون هي تحية المسجد وأوفر دقيقة، هذا على أقل الأحوال تتأدى ركعة مجزئة بدقيقة، يقولون: بالنسبة لأقله المفهوم معتبر، بمعنى أنه لو صلى ركعة واحدة ما امتثل هذا الأمر ((فليركع ركعتين)) وحينئذٍ لا تتأدى هذه السنة بأقل من ركعتين، واتفق الأئمة على أن هذا الأمر ((فليركع)) في قوله: ((فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) أنه على الندب، بهذا قال عامة أهل العلم.
وذكر ابن حجر وغيره أن الظاهرية قالوا بوجوب الركعتين، ركعتي تحية المسجد، وإن صرح ابن حزم بعدم الوجوب، لا يمنع أن يكون واحدًا من أئمة المذهب يخالف المذهب.
وثبت عن جمعٍ من الصحابة أنهم يدخلون المسجد ثم يخرجون ولا يصلون، ومن أقوى ما يستدل به على عدم الوجوب قول الأعرابي لما سأل عن الخمس قال: هل علي غيرها؟ قال:
((لا، إلا أن تطوع)) هذا يدل على أنه لا يجب غير الخمس على خلافٍ بين أهل العلم في مثل الوتر، مثل صلاة العيد، وصلاة الكسوف عند من يقول بوجوبها، والمسألة استدلال بالعموم يلجأ إليه إذا لم يعارضه ما هو أخص منه، وعلى كل حال الأدلة كثيرة على عدم الوجوب، وإليه ذهب عامة أهل العلم.
ثم قال: "وحدثني عن مالك عن أبي النضر -عن سالم بن أبي أمية أبي النضر- مولى عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال له" أبو سلمة بن عبد الرحمن قال لأبي النضر: "ألم أر صاحبك" يعني مولاه عمر بن عبيد الله المذكور "إذا دخل المسجد يجلس قبل أن يركع" ينتقد، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول:
((إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين)) وعمر بن عبيد الله يدخل المسجد ولا يركع ركعتين "قال أبو النضر يعني بذلك عمر بن عبيد الله، ويعيب ذلك عليه أن يجلس إذا دخل المسجد قبل أن يركع" يعني التحية، فإذا كان حكمها الاستحباب والندب فلا يعني أن الإنسان إذا لم يصل هاتين الركعتين يأثم، لكن هذا ليس بمبرر للشخص أن يفرط بمثل هذه السنة المأمور بها وإن لم يأثم، يعاب إذا كان ديدنه ذلك، هذا لا شك أنه حرمان، وعدم اكتراث بالسنة، وأهل العلم يقدحون بالمواظبة على ترك السنن، والذي يترك الوتر وإن كان سنة يقول الإمام أحمد: هذا رجل سوء ينبغي أن لا تقبل شهادته، لكن هل يأثم؟ لا يأثم.
((فليركع ركعتين)) هذه تسمى تحية المسجد، وهي من ذوات الأسباب عند أهل العلم، هذا الأمر يتعارض مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس))، ((ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)) في الأوقات الخمسة المعروفة التي منها هذان، ومنها الثلاثة التي جاءت في حديث عقبة بن عامر: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلى فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا" فإذا دخل المسلم المسجد في هذه الأوقات فهل يترك لما ثبت من النهي، أو يمتثل هذا الأمر فيصلي ركعتين؟ ((إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس)) وهذا عامٌّ في جميع الأوقات، خاص بهذه الصلاة، وأحاديث النهي خاصة في هذه الأوقات، عامة في جميع الصلوات، فلو سأل سائل قال: دخلت بعد العصر أو بعد الصبح أو قبيل الغروب أو مع طلوع الشمس أو حين يقوم قائم الظهيرة أصلي أم لا أصلي؟ ماذا نقول له؟ نقول له: يصلي أم لا يصلي؟ الأئمة الثلاثة يقولون: لا يصلي، أبو حنيفة ومالك وأحمد يقولون: لا يصلي، لماذا؟ يقولون: مثل هذا الحديث عام في جميع الأوقات، وأحاديث النهي خاصة في الأوقات المذكورة، والخاص مقدم على العام، يقابل هذا القول قول الشافعية، يقولون: يصلي امتثالًا لمثل هذا الأمر، طيب ماذا عن أحاديث النهي؟ يقولون: أحاديث النهي عامة في جميع الصلوات وهذا خاص بهذه الصلاة، والخاص مقدم على العام، وأنتم تسمعون هذا كثيرًا في كلام من يتصدى للفتوى، أحاديث النهي عامة وحديث ذوات الأسباب خاصة، والخاص مقدم على العام، هذا يسلم أم لا يسلم؟ يعني ليس قبول هذا القول بأولى من قبول القول الآخر؛ لأن أولئك يقولون: أحاديث النهي خاصة بهذه الأوقات، وحديث ذوات الأسباب عامة في جميع الأوقات ((إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين)) يعني في غير الأوقات المنهي عنها، فبين النصوص الواردة في ذوات الأسباب ومن أوضح هذه الصلوات تحية المسجد، النصوص الواردة في ذوات الأسباب مع أحاديث النهي عن الصلاة في الأوقات الخمسة بينها عموم وخصوص من وجه، عموم وخصوص وجهي، يعني الثلاثة حينما قالوا: بين هذه النصوص عموم وخصوص مطلق والخاص مقدم على العام فلا يصلي الداخل، وقابلهم الشافعية فقالوا: أحاديث النهي عامة وأحاديث ذوات الأسباب خاصة، والخاص مقدم على العام، نقول: كلاكما مصيب، فبين هذه النصوص عمومٌ وخصوص وجهي، بمعنى أن أحاديث النهي أعمُّ من وجه وأخص من وجه، وأحاديث ذوات الأسباب أعم من وجه وأخص من وجه، وهل حينئذٍ يتسنى أن نقول: الخاص مقدم على العام؟ لا، ما يمكن، ما يمكن أن نقول: الخاص مقدم على العام.
إذا كان التعارض بهذه المثابة التكافؤ في الدلالة لا بد حينئذٍ من مرجحٍ خارجي، تجد كثيرًا من طلاب العلم يعني بعد الثورة على التقليد التي حصلت قبل ربع قرن يسخر من شخص يدخل العصر ويجلس، أين هذا؟ هذا مقلد جامد، هذا يسخر منه، ومعه من النصوص مثل ما معك التي تمثل الطرف الآخر، فلا شك أن بين النصوص عمومًا وخصوصًا وجهيًّا، أحاديث النهي أعم من وجه وأخص من وجه، وحديث ذوات الأسباب أعم من وجه وأخص من وجه، وحينئذٍ لا نستطيع أن نرجح من النصوص أنفسها بينها، إنما نرجح بأمور خارجية.
أنت قرأت ما كتبه البخاري في صحيحه في الطواف بعد الصبح وبعد العصر؛ لأنه أورد أحاديث النهي تحت هذه الترجمة، وأورد خبر عمر أنه طاف بعد الصبح ولم يصلِّ الركعتين إلا بذي طوى، وأورد أحاديث النهي عن الصلاة، والشارح حشد الأدلة على هذا حديث جابر في المسند: "لم نكن نطوف مع النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد الصبح ولا بعد العصر" طالب العلم إذا بحث مسألة ينبغي أن يستوعبها ويستقصيها، لماذا أخر عمر -رضي الله عنه- ركعتي الطواف إلى أن خرج إلى ذي طوى؟ حتى يخرج وقت النهي، والأمر ليس من السهولة بحيث يأتي آحاد الطلبة ويرجحون، ولأن المسألة أعظم من ذلك، وهذه يقول عنها أهل العلم: إنها من عضل المسائل، حتى قال بعضهم: لا تدخل المسجد في أوقات النهي، يعني حرج شديد.
طالب:.......
هذا الذي ذكره الأخ الآن، ما يلزم يا أخي، أنت لا تنظر للمسألة بعينٍ واحدة، انظر عليها بالعينين معًا، فإذا نظرنا إلى أن هذا إمام عارضه ثلاثة أئمة لكنها صادفت وقتًا، هذه المسألة من المسائل التي صادفت وقتًا في الثورة على التقليد، فصار بعض الناس يسخر ممن يجلس ولا يصلي، يقول: هذا مقلد؛ لأنه ما يعرف إلا مذهب الحنابلة، وكلام شيخ الإسلام:

إذا قالت حذام فصدقوها***...................................

 

ولا ينظر في النصوص مع قول شيخ الإسلام، شيخ الإسلام إمام ولا أحد يتطاول على أن يناقش شيخ الإسلام فضلًا على أن ينال منه وليس بالمعصوم، المقصود أن هذه المسألة يقول أهل العلم: إنها من عضل المسائل، ليست بالمسألة السهلة التي تقول فيها: خاص وعام ومقدم..، ليس بصحيح.
يعني إذا نظرنا إلى من قال بالقولين عندنا أئمة ثلاثة، ثلاثة من الأئمة يقولون: لا تصلِّ في هذا الوقت وواحد يقول: صلِّ تمسكًا بما جاء في أحاديث ذوات الأسباب، وأولئك عملوا بأحاديث النهي وجعلوها خاصة في هذه الأوقات، وما عدا ذلك صلِّ كيفما شئت، حتى الظاهرية الذين أوجبوا تحية المسجد ماذا يقولون؟ يقولون: تجب تحية المسجد على كل من دخل المسجد طاهرًا في وقت تجوز فيه النافلة، أهل الظاهر هذا المذهب نفسه، تريد أن تقول لي: أين قالوه؟ ما أدري أين قالوه؟ هذا كلام أهل العلم نقلًا عنهم، عندك له كتاب داود؟ نحن ما عندنا من كتب الظاهرية إلا ابن حزم، ابن حزم صرح بعدم الوجوب، يعني على القول بالوجوب يقولون: وقت النهي لا تصلِّ وهي واجبة عندهم.
نعود إلى أصل المسألة لما قلنا: نطلب مرجحًا خارجيًّا، الجمهور بم رجحوا قولهم؟ الجمهور قالوا: الحظر مقدم على الإباحة
((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) ((إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) إذًا أيهما أقوى الأمر وإلا الحظر؟ الحظر أقوى، ونحن إذا قال لنا الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((فليركع ركعتين)) في وقت النهي لا نستطيع؛ لأنه نهانا عن هذه الصلاة، الذي أمرنا بهذا هو الذي نهانا على أن نصلي في هذا الوقت، إذًا لا نستطيع أن نخالف نهيه، ونهيه مقدم على أمره، بهذا يرجح الجمهور.
طالب:.......
أنا أريد أن نكمل المسألة ثم بعد ذلك نرى الإخوان، واضح أم ليس بواضح كلامهم؟
طيب الشافعية عندهم مرجحات، الشافعية يتفقون مع الجمهور بأن الحظر مقدم على الإباحة، وهم يعبرون بالإباحة بما هو أعم من ذلك بما يشمل السنة، الشافعية بما يرجحون قولهم، أنا أريد الإخوان يصيرون على علم من قول البخاري -رحمه الله-: "باب: الطواف بعد الصبح وبعد العصر" وأورد أحاديث النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر في الباب، وأورد خبر عمر -رضي الله عنه- أنه طاف بعد الصبح ولم يصلِّ إلا بذي طوى، يمكن أن يقول هذا ويصح عنده حديث:
((يا بني عبد مناف))؟ يمكن؟ ما يمكن أن يقول هذا.
فالحاصل أن الشافعية عندهم مرجحات، مقرر عند أهل العلم عند الشافعية وغيرهم أن قوة الخبر بقدر حفظه من المخصصات، وضعفه بقدر ما يدخله من المخصصات، فالعموم الذي يدخله من المخصصات أضعف من العموم الذي يدخله من المخصصات أقل فضلًا عن العموم المحفوظ، نأتي إلى عموم:
((إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين)) هذا عموم دخله من مخصصات..، ما فيه إلا خصوص الأوقات الذي مرَّ بنا، الخصوص الموجود في أحاديث النهي في هذه الأوقات، وإذا نظرنا إلى أحاديث النهي دخلها من المخصصات خصوص أحاديث ذوات الأسباب، دخلها فعل الفرائض الفائتة في أي وقت، فإذا تذكر الإنسان الفائتة نسيها أو صلاة تبين له بطلانها يصليها في أي وقت حتى أوقات النهي، إذًا دخل عموم أحاديث النهي من التخصيص أكثر مما دخل أحاديث ذوات الأسباب، فالشافعية يرجحون بهذا.
إذا نظرنا إلى أوقات النهي وجدناها قسمين: قسم موسع وقسم مضيق، اثنان موسعان وثلاثة مضيقة، النبي -عليه الصلاة والسلام- أقر من صلى ركعتي الصبح بعد صلاة الصبح، هذا مخصص، النبي -عليه الصلاة والسلام- قضى ركعتي الظهر بعد صلاة العصر هذا مخصص، لكن أن نلاحظ أن مثل هذه النصوص إنما هي في الأوقات الموسعة، والنهي عن الصلاة في الوقتين الموسعين عند بعض أهل العلم كابن عبد البر وابن رجب وغيرهما النهي عن الصلاة فيه من باب سد الذريعة لا لذاته؛ لئلا يتمادى الإنسان في الصلاة حتى يصلي في الوقت المضيق، فإذا كان الأمر كذلك فالصلاة فيهما أخف من الصلاة في الأوقات الثلاثة المضيقة، وعلى هذا فالمرجح عندي -أنتم سمعتم أقوال الأئمة- أن من دخل المسجد في الوقتين الموسعين يصلي، ومن دخل في الأوقات الثلاثة المضيقة لا يصلي، وشاهدنا من أهل العلم الذين تبرأ الذمة بتقليدهم، بل من أهل النظر والتحري من يدخل المسجد قبل أذان المغرب بخمس دقائق ويصلي ولا يعاب عليه هذا، فمن صلى لا يعاب عليه، له سلف ومعه نصوص، والذي لا يصلي له سلف ومعه نصوص، لكن هذا المتوجه عندي أنه إذا دخل في الوقتين الموسعين الأمر فيه سعة؛ لأن النهي عن الصلاة في هذين الوقتين إنما هو من باب سد الذريعة، بينما الأوقات الثلاثة المضيقة لذاتها فلا يصلي، وهي أيضًا أوقات يسيرة يعني يحتمل الوقوف، يحتمل أدنى شيء، لو ما صلى جلس ما عليه شيء، امتثل هذا النهي تقرب بذلك إلى الله -جل وعلا-، الذي نهاه من يملك النهي، ولو انتظر واقفًا الأمر فيه سعة.
الظاهرية وهو اللائق بمذهبهم ولا أدري هل قالوه بالفعل أو هو من باب الإلزام؟ قالوا: إذا دخل في وقت النهي يضطجع، إذا دخل المسجد في وقت النهي يضطجع؛ لأنه ما جلس قبل أن يجلس، هو ما جلس، يعني مثل ما يقال له: انتظر واقفًا، عندك خمس دقائق، قِف ما يضرك من أجل ألا تقع في الحرج، الوقوف بالفعل ما جلس، لكن إذا اضطجع؟ يقول الظاهرية: ما عليه خلاص المقصود أنه ما جلس قطعًا، ما خالف النص، يعني لو دخل واحد المسجد يأخذ له حاجة أو شيء نقول له: صلِّ ركعتين ما جلست وهو ما ليس بجالس، وفيه النهي أيضًا، فيه النهي.
ماذا تستشف من قوله -عليه الصلاة والسلام-:
((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) ((إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه))؟ يعني النهي فيه قوة، يعني مخالفة النهي لا شك أنها أعظم من مخالفة الأمر في الجملة، وإن كان شيخ الإسلام يرجح العكس -رحمه الله-؛ لأن معصية آدم فعل محظور، ومعصية آدم ترك مأمور، على كل حال من أهل العلم من يرى أنه لا يدخل المسجد في أوقات النهي.
طالب:.......
حينما تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول، وحين تتغيب الشمس للغروب حتى تغرب، هذه الأوقات المضيقة.
طالب:.......
لا، الإنسان عليه أن يرجح ويفعل ما يدين الله به؛ لأن هذا تعارض ما هو بتنوع أبدًا، هذا تعارض.
طالب:.......
هم بعد يستدلون بمن دخل وتخطى رقاب الناس فقال له:
((اجلس فقد آذيت)) ما قال له: اركع ركعتين.
طالب:.......
لا، لا، الأدلة كثيرة على عدم وجوبها، أيضًا الثلاثة النفر الذين أقبلوا، فأقبل اثنان وأدبر الثالث، ما حفظ أنهم صلوا تحية مسجد، جلسوا على الحلقة مباشرة.
طالب:.......
لا الأدلة متضافرة على عدم وجوبهما، مصلى العيد النبي -عليه الصلاة والسلام- ذهب إلى المصلى وصلى وخطب ولم يصل قبلهما ولا بعدهما.
أقول: مصلى العيد، المصلى له أحكام تخصه، والمسجد له أحكامه، فإذا كانت صلاة العيد بالمسجد وهما يشتركان في بعض الأمور ويختلفان في بعض الأمور، المقصود أنه إذا كانت صلاة العيد في المسجد، ومثلها في حكمها عند أهل العلم الاستسقاء إذا كانت في المسجد فالمسجد له أحكامه تصلي ركعتين، ويكون حتى في مسجد مصلى العيد الذي أمر الحيض باعتزاله حكمه حكم المسجد، وعلى هذا إذا دخل المأموم يصلي ركعتين، وكونه -عليه الصلاة والسلام- لم يصلِّ ركعتين، نعم دخل إلى الجمعة وما صلى ركعتين، المسجد الذي أمر الداخل بأن يصلي ركعتين وهو ما صلى ركعتين، فالإمام له ما يخصه من الأحكام، والمأموم له ما يخصه من الأحكام.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اجز شيخنا عنا خير الجزاء.
قال الإمام أبو عبيد الله فيما يرويه عن أبيه في روايته لموطأ مالك -رحمهم الله أجمعين-:
"باب: وضع اليدين على ما يوضع عليه الوجه في السجود:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان إذا سجد وضع كفيه على الذي يضع عليه جبهته، قال نافع: ولقد رأيته في يوم شديد البرد وإنه ليخرج كفيه من تحت برنس له حتى يضعهما على الحصباء.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: من وضع جبهته بالأرض فليضع كفيه على الذي يضع عليه جبهته، ثم إذا رفع فليرفعهما فإن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: وضع اليدين على ما يوضع عليه الوجه في السجود" من سجد على فراش أو حصير أو على الخمرة يضع اليدين على ما وضع عليه الوجه، فإذا كان الوجه مباشرًا للأرض تباشر اليدان، وإذا كان هناك حائل فليكن للجميع؛ لأن حكم الوجه واليدين واحد بخلاف بقية أعضاء السجود السبعة
((أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء)) ما هي؟ الجبهة وأشار إلى أنفه، واليدين والركبتين وأطراف القدمين، فاليدان حكمهما حكم الوجه، تباشر ما يباشره الوجه وهذا على سبيل الوجوب أم الاستحباب؟ يعني إذا كان يشق عليه إخراج اليدين من برد شديد مثلًا وسجد وهما في ثوبه أو في بشته.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سجد وضع كفيه على الذي يضع عليه جبهته" لأن حكم اليدين حكم الوجه بخلاف سائر أعضاء السجود، فيستحب أن يباشر بجبهته ويديه الأرض؛ لأن السجود يكون عليهما "قال نافع: ولقد رأيته في يوم شديد البرد وإنه ليخرج كفيه من تحت برنس له حتى يضعهما على الحصباء" تحصيلًا لهذه السنة، وكان سالم وقتادة وغيرهما يباشرون بأكفهم الأرض، وأمر بذلك عمر -رضي الله عنه-، وأما حديث: "صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مسجد بني عبد الأشهل فرأيته واضعًا يديه في ثوبه إذا سجد" هذا ضعيف؛ لأن فيه إسماعيل بن أبي حبيبة قال الحافظ: فيه ضعف.
حديث وائل عن ابنه: أنه رآهم يسجدون وعلى أيديهم جل الثياب، يسجدون وأيديهم في ثيابهم، هذا المثال الذي يمثل به لرواية الأكابر عن الأصاغر، المقصود أن هذا ليس على سبيل اللزوم والوجوب، إنما هي كراهة والكراهة تزول بأدنى حاجة، لكن إذا تحمل الإنسان المشقة وأبرز يديه في وقت البرد الشديد له أجره كما كان ابن عمر يفعل، وهو من أصحاب العزيمة -رضي الله عنه وأرضاه-.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: من وضع جبهته في الأرض فليضع كفيه على الذي يضع عليه جبهته" يعني لأن حكمهما واحد "ثم إذا رفع فليرفعهما" يعني إذا رفع من السجود يرفع يديه، ما يبقي يديه في مكانهما حتى يسجد السجدة الثانية، لماذا؟ لأنه لا يتم الاعتدال من السجود إلا برفع اليدين، ما هو معنى رفع اليدين أنه يرفعهما كما يرفع إذا كبر للإحرام أو إذا ركع أو إذا رفع من الركوع، لا، يرفعهما عن الأرض؛ لأنه لا يتم الاعتدال من السجود إلا برفعهما عن الأرض "فإن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه" وهذا تعليلٌ للأمر بوضعهما على الأرض، وفي الصحيحين وغيرهما:
((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)) ومعلومٌ أن الركبتين يجب سترهما والصلاة بالخفين أمرها مستفيض معروف، فلا يلزم لها كشف القدمين، وأما الركبتان فهما تبعًا للعورة في قول كثير من أهل العلم.
طالب:.......
هم يفرقون بين الحائل المتصل والحائل المنفصل، الحائل المنفصل ما يرون فيه بأس، تفرش سجادة ما فيه بأس، لكن تسجد على شماغك أو على شيء متعلق بك ينفصل بانفصالك مثل هذا متصلٌ بك يكرهونه، لكن إذا وجدت الحاجة تزول هذه الكراهة، فإذا كان هناك حر شديد أو برد شديد، أو شيء يذهب الخشوع غبار أو الفرشة قديمة وفيها روائح أو فيها شيء، بعض الناس ما يتحمل.
نعم
"باب: الالتفات والتصفيق عند الحاجة في الصلاة:
حدثني يحيى عن مالك عن أبي حازم سلمة بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم وحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- فقال: أتصلي للناس فأقيم؟ قال: نعم، فصلى أبو بكر فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف فصفق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته، فلما أكثر الناس من التصفيق التفت أبو بكر فرأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأشار إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن امكث مكانك، فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ذلك، ثم استأخر حتى استوى في الصف، وتقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى ثم انصرف، فقال:
((يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟)) فقال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما لي رأيتكم أكثرتم من التصفيح، من نابه شيء في صلاته فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيح للنساء)).
وحدثني عن مالك عن نافع أن بن عمر -رضي الله عنهما- لم يكن يلتفت في صلاته.

وحدثني عن مالك عن أبي جعفر القارئ أنه قال: كنت أصلي وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- ورائي ولا أشعر فالتفت فغمزني".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: الالتفات والتصفيق عند الحاجة في الصلاة" الالتفات والتصفيق عند الحاجة، الالتفات بالوجه عند أهل العلم مكروه، وهو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد، والكراهة تزول عند الحاجة، وأما التصفيق فقد فعلوه وأنكر عليهم، وبين أن الرجال لهم التسبيح -عليه الصلاة والسلام-، والتصفيق هو اللائق بالنساء.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن أبي حازم سلمة بن دينار عن سهل بن سعد" قلنا مرارًا: إن أبا حازم الذي يروي عن سهل بن سعد هو سلمة بن دينار الزاهد المعروف "عن سهل بن سعد" الأنصاري الخزرجي "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذهب إلى بني عمرو بن عوف -بن مالك بن الأوس- ليصلح بينهم" لخلافٍ وقع وشجار ونزاع "وحانت الصلاة" وهي صلاة العصر "فجاء المؤذن" وهو بلال "إلى أبي بكر الصديق"؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له -لبلال-:
((إن حضرت الصلاة ولم آتيك فمر أبا بكر فليصلِّ بالناس)) فجاء بلال امتثالًا لهذا الأمر "إلى أبا بكر الصديق، فقال: أتصلي للناس؟" عنده أمر من النبي -عليه الصلاة والسلام- ((فمر أبا بكر فيصلّ بالناس)) ثم بعد ذلك حضرت الصلاة وحانت، فجاء بلال امتثالًا لهذا الأمر "فقال: أتصلي للناس؟" وهكذا ينبغي أن يكون إذا كان الخطاب من الصغير إلى الكبير أن يكون على سبيل العرض لا على سبيل الإلزام، هو عنده أمر من النبي -عليه الصلاة والسلام-، ما قال: قم يا أبا بكر صلِّ بالناس "أتصلي للناس فأقيم؟" يعني لو قال أبو بكر: لا، ابحث عن غيري، بين له أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمره، فإذا فعل ما عرض عليه من غير مرادة ولا محاورة ذلك المطلوب، ويكون هذا هو الأسلوب المناسب في مثل هذه الظروف.
"أتصلي للناس فأقيم؟ -على سبيل العرض- قال: نعم، فصلى أبو بكر" صلى أبو بكر (صلى) فعل ماضي، والأصل في الماضي أنه يراد به الفراغ من الفعل، لكن المراد به هنا شرع في الصلاة وأخذ فيها، دخل في الصلاة "فصلى أبو بكر، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس في الصلاة -جملةٌ حالية- فتخلص حتى وقف في الصف -عليه الصلاة والسلام-" تخلص: شق الصفوف، وفي رواية مسلم: "فخرق الصفوف" يعني لأنه -عليه الصلاة والسلام- جاء من الخلف "حتى وقف في الصف" ولا شك أن النبي -عليه الصلاة والسلام- له من الخصوصية مما جعله يستثنى من بعض الأحكام، وإلا لو فعل غيره تخلخل الصفوف، خمسة صفوف، ستة صفوف حتى وقف بجانب الإمام، هو الإمام الراتب وكلف شخص يصلي بالناس، ثم قال: لا، أنا أقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وآذى الناس، وتخلخل الصفوف، ووقف بجوار الإمام، وصلى هو، يكون حينئذٍ أحسن أم أساء؟ هذا من النبي -عليه الصلاة والسلام- مقبول؛ لأنه له ما يخصه،..... مبرر في كونه يؤم الناس، هو الإمام الأعظم، هو القدوة والأسوة.
"فصفق الناس" والتصفيق والتصفيح ضرب إحدى اليدين بالأخرى "وكان أبو بكر -رضي الله عنه- لا يتلفت في صلاته" لا يلتفت في صلاته هذه مما يعد في مناقب أبي بكر -رضي الله عنه وأرضاه-، لكن إذا سمعها الصغير من طلاب العلم يقول: أبو بكر أفضل الأمة بعد نبيها يقال: إنه لا يلتفت في صلاته، آحاد الناس لا يلتفت في صلاته فكيف مما يذكر من مناقب أبي بكر أنه لا يلتفت في صلاته؟! أنت طيب لو يصلي عندك ولد صغير ويتلفت كنت تلومه، ما تلومه وتقول له: لماذا تلتفت يا أخي اخشع والتفت إلى صلاتك؟ حتى لو حدث أمرٌ عظيم، لو قدر أن هناك جيشًا غازيًا لا يمكن أن يلتفت أبو بكر -رضي الله عنه-، لا يمكن أن يلتفت في أبو بكر في صلاته مهما عظم الأمر.
"فلما أكثر الناس من التصفيق" فظن أبو بكر أن هذا لخلل في صلاته، ولم يقدر هذا الخلل، "التفت -رضي الله عنه وأرضاه-" على خلاف المعتاد "فرأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأشار إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن امكث مكانك" امكث: فعل أمر "فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ظاهره أنه تلفظ بالحمد، وادعى بعضهم أنه أشار بيده بما يدل على الحمد ولم يلفظ، لكن ظاهر اللفظ أنه تلفظ به "فحمد الله على ما أمره به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ذلك" لا شك أن هذه مزية ومنقبة لأبي بكر أن يأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يستمر إمامًا ويصلي خلفه.
"ثم استأخر حتى استوى في الصف" أبو بكر -رضي الله عنه- امتثل الأمر أم خالف الأمر؟ خالف الأمر، النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: "امكث مكانك" وأبو بكر أفضل الأمة خالف هذا الأمر "حتى استوى في الصف" لأنه فهم من هذا الأمر التكريم له، فعندنا أمر نبوي ومخالفة لهذا الأمر من أجل احترام النبي -عليه الصلاة والسلام-، وننتبه لهذا؛ لأن بعض المبتدعة يستمسك بمثل هذا، وعنده أوامر صريحة يقول: لا، أنا ما أفعل كذا، أبو بكر قدوة، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول:
((لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم)) نقول: لا، نطريه ونغلو فيه من باب احترامه؛ لأن أبا بكر خالف، خالف الأمر احترامًا للنبي -عليه الصلاة والسلام-، نقول: فعل أبي بكر اكتسب الشرعية من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- هل لأحدٍ أن يخالف أمره، من أين يكتسب الشرعية في المخالفة بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-؟ فهمنا أن فعل أبي بكر صحيح من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن إذا جاءنا أمر صريح وقلنا: لا، نحترم الرسول -عليه الصلاة والسلام- لأننا أمرنا بنصوص قطعية: تعزروه وتوقروه.
المقصود أن عندنا أمر: امكث مكانك، يعني الزم مكانك، خالف أبو بكر هذا الأمر احترامًا للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وبعض المبتدعة يقول: إن الاحترام مقدم على امتثال الأمر، فإذا قيل له: لماذا تقول في التشهد: "اللهم صلِّ على سيدنا محمد" والعبادات توقيفية؟ يقول: هذا من باب الاحترام، أبو بكر خالف الأمر الصريح وهذا ما فيه أمر ولا نهي، نقول: العبادات توقيفية، أبو بكر خالف وأقر على المخالفة، واكتسبت مخالفته الشرعية بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، فمن أين لعملك ما يدل على الشرعية؟ لأن هذا مدخل لبعض المبتدعة فلا بد من الوقوف عنده.
"استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف، وتقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى ثم انصرف، فقال:
((يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟)) فقال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة" تواضع ما قال: ما كان لي، ما كان لأبي بكر، لا، "ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، وفي رواية: "أن يؤم النبي -صلى الله عليه وسلم-" "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.." يعني لم يستدرك ولم يثرب ولم يعتب على أبي بكر، إنما اتجه إلى المصلين "فقال: ((ما لي رأيتكم أكثرتم من التصفيح))" هذا الإنكار متجه إلى أصل التصفيح والتصفيق أو هو متجه إلى كثرته؟ بمعنى أنهم لو صفقوا مرة واحدة ما يثرب عليهم؟ ظاهر اللفظ أن الإنكار للإكثار، من الإكثار، لكن التعليل في ختام الحديث يدل على أن التصفيح والتصفيق بالنسبة للرجال مما ينبغي أن ينكر {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً} [(35) سورة الأنفال] فالمكاء: هو الصفير، والتصدية: أي التصفيق.
((من نابه شيء في صلاته فليسبح)) (من) من صيغ العموم ((من نابه شيء في صلاته فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيح للنساء)) من نابه من صيغ العموم، لكن النساء يخرجن بقوله: ((وإنما التصفيح للنساء)) طيب لو وجد خنثى في المصلين يسبح وإلا يصفق؟
طالب:.......
يجمع؟ لا، هذا مشكل، ما في غالب ولا مغلوب.
طالب:.......
لا، هو الخنثى المشكل هو لا بد أن يصير لا مع الرجال ولا مع النساء، في صفٍّ متوسط، نعم؟
طالب:.......
يسكت؟ ما في غيره، ما انتبه غيره، ماذا يفعل؟
طالب:.......
لا ما هو بالأصل الذكورة هو مشكل، لا هو عندنا ما يشمله في النص، عندنا ما يشمله في النص
((من نابه)) يشمل الجميع ((من نابه شيء في صلاته فليسبح)) يشمل الجميع الرجال والنساء والخناثى وكل المصلين، لكن خرج من هذا النص النساء بالنص، يبقى من عداهم على التسبيح.
طالب:.......
لأصل أنه يسبح
((من نابه شيء)) شيء نكرة في سياق الشرط تعم.
طالب:.......
الأصل أن يسبح، لكن إذا جهر بالذكر فلا شيء فيه، إذا ما عرف المطلوب يلتفت.
طالب:.......
لا يدري ماذا يفعل، يلتفت ما المانع؟ لأن هذا مكروه والكراهة تزول بمثل هذا.
طالب:.......
عندك هنا وهي في الصحيحين: "فحمد الله على ما أمره به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
على كل حال في الحديث فضل الإصلاح بين الناس، وتوجه الإمام بنفسه لهذا الإصلاح وتقديم هذه المصلحة على مصلحة إقامة الإمامة بالناس؛ لأنها مصلحة عظمى، وجواز الصلاة الواحدة بإمامين، واستحباب حمد الله -جل وعلا- والشكر له سبحانه لمن تجددت له نعمة، وجواز ذلك في الصلاة؛ لأنه ذكر، هكذا قال أهل العلم، لكن هل هذا الكلام يقبل على إطلاقه؟ بمعنى أن للإنسان أن يذكر الله في أي موضع من مواضع صلاته؟ بين السجدتين عطس فحمد الله مشروع وإلا غير مشروع؟ هذا ذكر يعني حديث أبي بكر يدل على جوازه، موطن دعاء ما هو بموطن ذكر،
((من شغله ذكري عن مسألتي))؟
طالب:.......
دعاء عبادة، يعني دعاء عبادة، ما هو دعاء مسألة، على كل حال إذا عرض له مثل هذا يحمد الله في نفسه في سجود، بين السجدتين وهكذا، في التشهد يحمد الله في نفسه.
طالب:.......
لا ينكر عليه.
طالب:.......
جواز إمامة المفضول للفاضل من أين يؤخذ هذا؟ "امكث"؛ لأن الأصل لو مكث صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وراءه، فدل على جواز ذلك، وجواز العمل اليسير في الصلاة كونه تأخر هذا عمل لكنه يسير.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن ابن عمر لم يكن يلتفت في صلاته" لشدة اتباعه -رضي الله عنه وأرضاه-، ولا ننظر إلى الظروف التي بعد وقته -عليه الصلاة والسلام- لما استتب الأمن، لظرف وقتهم قد يكون الالتفات تستدعيه الحاجة، تطلبه الحاجة، أما الإنسان يدخل المسجد يصلي ويطلع الأشهر بل السنين ما نابه شيء ولله الحمد، لكن في وقتهم هناك أعداء يتربصون بهم، وحروب قائمة.
طالب:.......
المهم لا يلتفت بشيء من بدنه غير الوجه.
طالب:.......
نعم، إذا انحرف عن جهة القبلة بطلت صلاته.
يقول: "وحدثني عن مالك عن أبي جعفر القارئ أنه قال: كنت أصلي وعبد الله بن عمر ورائي ولا أشعر فالتفتّ فغمزني" يعني من جهة قفاه، أو فالتفتّ فغمزني فالتفتّ، هذا هو الشاهد، فغمزني من جهة الخلف، إشارة إلى نهيه عن ذلك، وسببه كراهة الالتفات لنقص الخشوع أو لترك الاستقبال ببعض البدن، يعني الذي هو الوجه، "ولا أشعر" يعني ما علم به هو وراءه، يقول: "وعبد الله بن عمر ورائي ولا أشعر" ومعروف أنه "به" هو موجود عندكم؟ هو المقصود ظاهر يعني، هو لا يشعر به، لم يعلم به، بوجوده.
سم.
"باب: ما يفعل من جاء والإمام راكع:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه قال: دخل زيد بن ثابت المسجد فوجد الناس ركوعًا فركع ثم دب حتى وصل الصف.

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- كان يدب راكعًا.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما يفعل من جاء والإمام راكع" يفعل ما أمر به
((إذا جاء أحدكم والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام)) فإذا جاء والإمام راكع يركع، فإن كان في الصف فهذا هو الأصل، وإن كان قبل وصوله إلى الصف وأراد إدراك الركعة وركع دون الصف ثم لحق في الصف ففي إخبار الباب ما يدل على جوازه، وهو ثابت من فعل أبي بكرة -رضي الله عنه-، وإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- له، جاء أبو بكرة والنبي -عليه الصلاة والسلام- راكع فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف، لما سلم النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له: ((زادك الله حرصًا ولا تَعُد)) أو ((لا تُعِد)) كما في بعض الروايات، أو هي اختلافٌ في ضبط لفظٍ واحد "تَعُد وتُعِد وتَعْدُ" على كل حال النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يأمره بالإعادة، فدل على أن فعله صحيح، لكن هل هو الأولى أو الأولى أن ينتظر إلى الصف ويركع دون حركة أثناء الصلاة؟
هنا يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن أبي أمامة -أسعد أو سعد- بن سهل بن حنيف -الأنصاري- أنه قال: دخل زيد بن ثابت المسجد فوجد الناس ركوعًا فركع ثم دب حتى وصل الصف" يعني راكعًا، فعل زيد بن ثابت يوافق فعل أبي بكرة، الذي أقره عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يدب راكعًا" يقول ابن عبد البر: لا أعلم لهما مخالفًا من الصحابة، وهذا موقوف على زيد بن ثابت وابن مسعود -رضي الله عنهما-، والاستدلال بخبر أبي بكرة أولى وأقوى؛ لأن فيه إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-.
أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول: "لا تركع حتى تأخذ مقامك من الصف" لكن مثل هذا الكلام لا يعارض به ما جاء في حديث أبي بكرة، وإن كان الأولى أن ينتظر الإنسان إلى أن يصل إلى الصف، وما أدركه يصليه، وما فاته يتمه.
ويقول: لا أعلم مخالفًا إلا ما يذكر عن أبي هريرة، يعني لو جاء والإمام راكع وبينه وبين الصف عشرين متر مثلًا في آخر المسجد يركع عند باب المسجد ويدب يمشي عشرين خطوة حتى يصل إلى الصف ولو أدرك الإمام ساجد؟ يعني ما المقدار المتجاوز عنه في مثل هذا؟ سؤال.
طالب:.......
أهل العلم وضعوا ضوابط للحركة في الصلاة، وأنها إذا كانت أكثر من ثلاث حركات في ركنٍ واحد أن لها أثر في الخشوع والطمأنينة، وثلاث حركات فما دون أو دون ثلاث حركات على خلاف بينهم لا يؤثر، فعلى هذا إذا قلنا: ثلاث خطى فما دون لا بأس، وأكثر من ذلك يكون حركة داخل ركن واحد، يمكن أن نرجع ما أطلق إلى مثل هذا؟
أهل العلم قيدوا هذا، يكادون يتفقون على أن الحركات إذا كثرت..، إذًا ما يكون الضابط في الحركة في الركن الواحد؟ هل نقول: أي حركة مبطلة للصلاة أو بدون تقييد أو العرف إذا رآه شخص قال: هذا يصلي أو لا يصلي؟ يكفي هذا؟ يعني لو تحرك عشر مرات في ركنٍ واحد، ومن رآه يقول: يصلي، واضعٍ يديه على صدره ويحك رجله برجله مثلًا عشر مرات أو أكثر، من رآه قال: يصلي؛ لأن بعضهم جعل الضابط أن يكون من رآه قال: يصلي أو لا يصلي، إذا رؤي قيل: يصلي هذا حركته لا تبطل صلاته، لكن لا يكفي هذا، معلوم أهل العلم قدروا ذلك بالحركات الثلاث في كل ركن، فعلى هذا إذا كانت ثلاث خطوات يتجاوز فيه وأكثر من ذلك..؛ لأن مثل هذا لا ينضبط لو أطلق، لو مثلًا شخص دخل مع باب المسجد الحرام مع أحد الأبواب ووجد الإمام راكعًا ركع فما وجد ناس يصف معهم إلا تحت الكعبة، هذا ينضبط ذا؟ ما ينضبط، أو في مسجد من المساجد الكبيرة يحتاج إلى عشرين، ثلاثين خطوة أحيانًا.
إذًا لا بد من ضابط، لا بد من شيء يضبطه، وضبطه بما يراه أهل العلم؛ لأن أيضًا تحديد أهل العلم عرف لكنه عرف خاص، والتقييد بعرف أهل العلم أولى من التقييد بعرف غيرهم.
طالب:.......
يعني إذا أدرك الركوع.
طالب:.......
نعم، يحتاج هذا أيضًا، هو ما انفرد، هو نوى الائتمام به من أول لحظة، من أول ركوع.
طالب:.......
لا يصير ما أدرك الركعة ستبطل ركعته، يعني لو سجد الإمام ورفع ثم سجد ثانية والمأموم ما سجد، السجدة الأولى بطلت صلاته، ركعته.
طالب:.......
هو الآن دخل مع الإمام، ويصنع كما يصنع الإمام، يريد أن يركع مع الإمام وهو يمشي، ويريد أن يرفع مع الإمام وهو يمشي، ويريد أن يدرك الإمام في السجود يسجد معه ماذا نقول؟
طالب:.......
نعم، المسألة تحتاج إلى ضابط.
طالب:.......
إلا دليل حديث أبي بكرة، لكن ما فيه بيان لعدد الخطى.
طالب:.......
نعم، هذا يدركهم في الرفع لو مشى خطوتين احتمال، طيب يدركهم بالتهجد، أو بالكسوف، أقول: المسألة تحتاج إلى ضابط، نعم النص جاء مطلقًا ما فيه تقيد بشيء، ومثلها الطمأنينة ما لها حد محدود، الحركة ليس لها حد محدود فتقيد بالعرف، عُرف من؟ عُرف أهل العلم، عرف أهل العلم أقرب من فهم النصوص من عرف عامة الناس.
طالب:.......
يبقى أنه ما أمر بالإعادة، أبو بكرة ما أمر بالإعادة.
طالب:.......
لا غيره ثابت عن الصحابة قاطبة، ثابت عن الصحابة كلهم إلا ما يذكر عن أبي هريرة، فوجد الناس ركوعًا فركع ثم دب حتى وصل الصف، نعم؟
طالب:.......
وجد الناس ركوعًا فركع ثم دب حتى وصل الصف، لكن ما يدري هل رفع وإلا ما رفع؟ ما ذكر شيء.
على كل حال فعله صحيح، ومنقول عن الصحابة كلهم إلا ما يذكر عن أبي هريرة، يعني لا يعرف لهؤلاء مخالف، فلا إشكال في كون الإنسان يركع قبل الصف، لا إشكال في ذلك، لكن هل هو فاضل أو مفضول؟ أو ينتظر حتى يصل إلى الصف بطمأنينة ثم يركع؟
((ما أدركتم فصلوا)) إذا المجيء هذا إلى المسجد أو لمكان الصلاة الذي هو الصف؟ ((فليصنع كما يصنع الإمام)) وعلى هذا هل نقول: هل الأفضل أن يركع دون الصف أو ينتظر إلى أن يصل إلى الصف ولو فاتته الركعة؟ لا شك أن هذا من حرص أبي بكرة، وحرص كثير من الناس يدعوهم إلى مخالفة السنة، أبو بكرة أسرع وأخذه البهر، يعني: النَّفَس عنده يتردد بسرعة، وهذا مكروه، فلا شك أن عمله وإن كان صحيحًا مجزئًا مسقطًا للطلب لا يؤمر بالإعادة إلا أنه خلاف الأولى، لا سيما مع ثبوت رواية: ((ولا تَعُد)).
طالب:.......
لا، لا،....... زيد بن ثابت دخل وجد الناس ركوعًا فركع، وأيضًا ابن مسعود، ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة، هذا ما فيه إشكال -إن شاء الله تعالى-.
طالب:.......
كيف نضبط هذه الحالة؟ ما يضبطها إلا الذي رأى أبا بكرة ومقدار ركوعه بينه وبين الصف، أما الذي يسمع كلامًا ولا يعرف المقدار ما يستطيع أن يضبط.
طالب:.......
الصلاة خلف الصف دون ركعة، أقل من ركعة إذا لم تتم الركعة؛ ولذلك استثني ما دون الركعة من أمر من صلى خلف الصف بالإعادة.
طالب:.......
تفوت الجماعة على قول، هل يدرك؟ الحديث
((ما أدركتم فصلوا)) والأمر بالسكينة والوقار والطمأنينة يجعل الإنسان ينتظر حتى يقف في الصف، ويكبر مطمئنًا خاشعًا مخبتًا، وما يدركه يصليه، وما فاته يقضيه.
ترى بعض الناس من طلبة العلم، ويعرف ما جاء من النهي عن الإسراع، وتجده إذا سمع الإقامة وخشي فوت الركعة يجري، هذا من الحرص بلا شك، وإما من الحرص أو من الخجل من الناس لئلا يراه الناس يقضي هذا، يمكن هذا، المقصود أن مثل هذا مفضول، الأمر بالطمأنينة والسكينة والوقار هو الأصل.
"باب: ما جاء في الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه عن عمرو بن سليم الزرقي أنه قال أخبرني أبو حميد الساعدي -رضي الله تعالى عنه- أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال:
((قولوا: اللهم صلّ على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد)).
وحدثني عن مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر عن محمد بن عبد الله بن زيد إنه أخبره عن أبي مسعود الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: أتانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مجلس سعد بن عبادة -رضي الله عنه- فقال له بشير بن سعد -رضي الله عنه-: أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال:
((قولوا: اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم)).
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار قال: رأيت عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يقف على قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فيصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى أبي بكر وعمر".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-" جاء الأمر بها في قوله تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب]؛ ولذا اختلف أهل العلم في حكم الصلاة عليه، ذكر أهل العلم في المسألة عشرة مذاهب، وجاء الترهيب من سماع اسمه وذكره -عليه الصلاة والسلام- من غير صلاة ولا سلام، أهل العلم يختلفون في هذه المسألة ونقل الإجماع، ادعى ابن جرير الإجماع على أن الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- مستحبة، ونقل ابن القصار وغيره الإجماع على أنها واجبة، وعلى كل حال لا هذا ولا هذا، المسألة خلافية، من أهل العلم من أوجبها، والجمهور على أنها مستحبة في الجملة، وإن وجبت في بعض الأحوال، ومنهم من أوجبها في العمر مرة، ومنهم من أوجبها في التشهد، بعد التشهد، بل من الحنابلة يقولون بركنيتها في الصلاة، وفي خطبة الجمعة، المقصود أن المسألة خلافية، ولا شك أن من سمع ذكره -عليه الصلاة والسلام- ولم يصل عليه أنه محروم.
الصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام- مقرونة بالسلام بها تتأدى السنة المتفق عليها، ويتم بها امتثال الأمر في آية الأحزاب، ولا يتم امتثال الأمر بإفراد الصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام- أو بالسلام فقط، وصرح النووي بكراهة إفراد الصلاة دون السلام والعكس، وإن خصه ابن حجر وخص الكراهة بمن كان ديدنه ذلك، يعني عمره كله يصلي ولا يسلم، أو يسلم ولا يصلي، هذا لا شك أنه صرح بالكراهة من كان ديدنه ذلك لا شك أنه لم يمتثل الأمر، لكن من كان يجمع بينهما تارة ويفرد الصلاة تارة ويفرد السلام تارة أنه ممتثل للأمر، أنه ممتثل للأمر ولا يدخل في الكراهة.
الرمز للصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام- لا يكفي ولا يحصل به الأجر، ولا يتم به الامتثال، فلا يتم الامتثال بكتابة "ص" ولا اختزال حرف من كل كلمة "ص ل ع م" ويذكر في كتب أهل العلم أن أول من كتبها قطعت يده، وما زال الناس يكتبونها ويكتبون الصاد، لكن لا يتم بذلك الامتثال، ولا يترتب عليه الأجر حتى يلفظ بالصلاة والسلام، -عليه الصلاة والسلام-.
معنى الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- من الله -جل وعلا- ومن عباده
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [(56) سورة الأحزاب] جاء في البخاري يقول: قال أبو العالية: صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء، وقال ابن عباس: يصلون يبركون، وفي البخاري أيضًا عن ابن عباس أن معنى صلاة الرب الرحمة، وصلاة الملائكة الاستغفار، يعني معنى الصلاة صلاة الرب على النبي -عليه الصلاة والسلام- الرحمة وصلاة الملائكة الاستغفار.
جاء الأمر بالصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] ويتم الامتثال بقولك: "صلى الله عليه وسلم" أو "عليه الصلاة والسلام" بهذا فقط يتم امتثال الأمر بالآية.
وسئل النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في هذا الحديث سألوه يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه عن عمرو بن سليم الزرقي قال: أخبرني أبو حميد -المنذر بن سعد بن المنذر- الساعدي" شهد أحدًا وما بعدها "أنهم -يعني الصحابة- قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟" الصحابة جاء ذكرُ بعضهم في بعض الطرق، منهم أبي بن كعب وبشير بن سعد وزيد بن خارجة وطلحة بن عبيد الله، منهم أبو هريرة وكعب بن عجرة وغيرهم هؤلاء قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ أي ما اللفظ اللائق بك؟ كيف نصلي عليك امتثالًا لما أمرنا به؟ "قال:
((قولوا: اللهم صلّ على محمد وأزواجه وذريته)) في بعض الروايات كما سيأتي: ((قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد)) وفي هذا دليل على أن الأزواج والذرية تدخل دخولًا أوليًا في الآل، الأزواج والذرية من الآل دخولها قطعي للتنصيص عليها.
ويختلف أهل العلم في المراد بـ(الآل) على أقوال، منهم من قال: الذين تحرم عليهم الصدقة
((أنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد)) فمن حرمت عليه الصدقة من بني هاشم وبني المطلب هم الآل، ومنهم من قال: إن الأهل أعم من ذلك، بل هم الأتباع على الدين، وجاء ما يدل على ذلك، ومنهم من قصر الآل على الأزواج والذرية كما في هذه الرواية، ورأى أن هذه الرواية مفسرة للرواية الأخرى، وعلى كل حال ما جاء في تفسير الآل والاختلاف فيه اختلافه اختلاف تنوع فكلهم داخلون في الآل، والآل كما يطلق على الأهل- كما هو الأصل الأهل- ومن يرجع إليهم الإنسان ويؤول إليهم؛ ولذا يصغرون الآل على أهيل فأصل (آل) أهل، ومنهم من يقول: أصلها أَوْل من الأَوْل وهو الرجوع، وقلبت الواو ألفًا، وأهل اللغة يختلفون في الأصل، وكلٌ منهم يضعُ هذه المادة على حسب اختياره؛ لأن أهل توضع في غير موضع أَوّل في كتب اللغة وترتيبها.
((صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم)) وفي بعض الروايات: ((على إبراهيم وعلى آل إبراهيم)) وعلى كل حال ذكر إبراهيم أو لم يذكر -عليه الصلاة والسلام- هو يدخل دخولًا أوليًّا في آله، فإذا ذكر الآل دخل الشخص من باب أولى الذي هم في آله، {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [(46) سورة غافر] يعني فرعون يدخل معهم أم لا يدخل؟ هو أولى منهم.
((كما صليت على آل إبراهيم وبارك)) من البركة وهي الزيادة من الخير والكرامة ((على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد)) حميد: فعيل بمعنى المفعول، وهو المحمود على كل حال وكل لسان، ومجيد: فعيل أيضًا من الجود بمعنى ماجد، والمجد هو الشرف.
جاء هذا الكلام منه -عليه الصلاة والسلام- تفسيرًا لما أمروا به من الصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام-، وتفسير النبي -عليه الصلاة والسلام- للنص على وجوه:
فمنه: ما يفسره -عليه الصلاة والسلام- يفسر به النص أو يفسر النص ببعض أفراده؛ اهتمامًا بهذا الفرد الذي نص عليه، وقد يفسر النص بجميع مدلوله، ببعض أفراده يفسر النص بالمثال، ولا يعني هذا أن النص لا يتناول غير هذا المثال، كما سمعنا أن الصيغة المجزئة المسقطة للطلب إذا قال الإنسان: صلى الله عليه وسلم، أو عليه الصلاة والسلام امتثل الآية، ولا يلزم في غير هذا الموضع في غير الصلاة أن يقول: صلى الله عليه وآله وأزواجه وذريته لا يلزم، إنما امتثال الآية، الآية تتناول الصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام- داخل الصلاة وخارج الصلاة، فكون النبي -عليه الصلاة والسلام- يفسر الآية ببعض أفرادها، بعض ما تتناوله لا يعني أنها لا تتناول غيره، النبي -عليه الصلاة والسلام- فسر الظلم بالشرك، وهل يعني هذا أنه لا يوجد نوع من أنواع الظلم غير الشرك؟ بل جاءت النصوص ما يدل على أن هناك ظلمٌ من العبد لنفسه، وظلمٌ منه لغيره، لولده، لزوجه، لوالديه، لجيرانه، فالظلم أعم من الشرك، لكن يفسر ببعض أفراده للاهتمام بهذا الفرد، بشأنه.
((ألا إن القوة الرمي)) {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [(60) سورة الأنفال] فسر النبي -عليه الصلاة والسلام- القوة بالرمي، هل يعني أننا لا نستعد ولا نعد للعدو قوة سوى الرمي؟ أو التفسير ببعض الأفراد لا يقتضي الحصر وقصر العموم على هذا الفرد؟ نعم، الاهتمام بشأن هذا الفرد واضح، وعلى هذا نقول: لا يلزم امتثالًا لقوله -جل وعلا-: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] أن نلتزم بهذه الصيغة في غير موضعها الذي هو الصلاة، ونتمثل الآية بقولنا: صلى الله عليه وسلم، لكن لا يقول قائل: إن الآية يتم امتثالها بقولنا: صلى الله عليه وسلم، ونكتفي بهذا في الصلاة، الصلاة جاءت فيها الصيغة الواردة المتعبد بلفظها، فلا يجوز الزيادة عليها ولا النقصان منها، فلا نقول: صلى الله على سيدنا محمد أو على محمد دون آله، لا بد من الصلاة على الآل، وإن قال جمهور أهل العلم: بأن الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- واجبة، الصلاة على الآل مستحبة حتى في الصلاة؛ لأن السياق واحد، السياق سيق مساقًا واحدًا، فالحكم واحد ((قولوا)) وهذا الأمر للوجوب وهذا في الصلاة.
يقول: "أنه أخبره عن أبي مسعود.." يقول: "حدثني عن مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر عن محمد بن عبد الله بن زيد -بن عبد ربه الأنصاري- أنه أخبره عن أبي مسعود -عقبة بن عمرو بن ثعلبة- الأنصاري" البدري، الأكثر على أنه لم يشهد بدرًا، وإنما نزل بها فنسب إليها، وعده الإمام البخاري من البدريين "أنه قال: أتانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مجلس سعد بن عبادة -سيد الخزرج- فقال له بشير بن سعد -بن ثعلبة الأنصاري-: أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله" يعني بقوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] "أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، سكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كثيرًا ما يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- فيسكت، والاحتمال أنه ينتظر ما يوحى به إليه، واحتمال أنه يربي من يجيء بعده ممن يتولى إرشاد الناس وتوجيههم وإفتاءهم أن لا يستعجلوا بالجواب قبل تأمل السؤال "فسكتنا"، ويحتمل أن يكون أيضًا حياءً وتواضعًا؛ لأن هذا الأمر يخصه -عليه الصلاة والسلام-، "فسكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى تمنينا –وددنا- أنه لم يسأله" مخافة أن يكون كره ذلك، أو شق عليه -عليه الصلاة والسلام- "ثم قال: ((قولوا))" الأصل في الأمر الوجوب: ((اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، والسلام كما عَلِمْتم)) يعني عرفتم أو ((عُلِّمتم)) بالتشديد، في التشهد وهو: ((السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته..)).
((قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد)) وبهذا يستدل من يرى وجوب الصلاة على الآل معه -عليه الصلاة والسلام- باطراد، يعني لا يصلى عليه إلا ومعه آله؛ لأن الأمر ((قولوا: اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد)) وعرفنا أن هذا التفسير من النبي -عليه الصلاة والسلام- فرد من أفراد العام، وفي محلٍّ خاص وهو التشهد، ولا يقتضي أن يعمم مثل هذا الكلام لنقدح في أئمة الإسلام؛ لأن من يعنى بهذا الشأن يقول: تجب الصلاة على الآل تبعًا له كلما ذكر؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((قولوا: اللهم صلّ على محمد)) أولًا: هذه الصيغة صيغة التشهد، وعرفنا أن الآية ليس فيها أكثر من الصلاة والسلام عليه -عليه الصلاة والسلام- وبذلك يتم الامتثال.
((وعلى آل محمد)) الصنعاني ويتبعه صديق وحسن خان يتهمون أئمة الإسلام بأنهم تركوا الصلاة على الآل؛ مداراة للولاة، كيف؟! يعني كتب السنة كلها ما فيها: "اللهم صلّ على محمد وآله وسلم" يقول: لا، تركوها مداراة للولاة، التصنيف متى؟ في عهد من؟ في عهد بني العباس، وبنو العباس من الآل، فكيف تترك الصلاة المأمور بها على الآل مداراة للولاة وهم من الآل؟
صديق استطرد وقال: إن هذا وإن كان في عصر بني العباس إلا أنهم من باب محادة علي وآل علي -رضي الله عن الجميع-، من باب: اقتلوني ومالكًا معي، يعني نتهم أئمة الإسلام قاطبة بهذا على أساس أننا عشنا في بيئة تأثرت بمثل هذا الكلام؟ نقول: هذه الصيغة فرد من أفراد العام المأمور به، هكذا فهم أئمة الإسلام، فهموا الصلاة على الآل في التشهد، ويتم الامتثال بقولنا -صلى الله عليه وسلم- كما هو مطلوب الآية، والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- في التشهد فرد من أفراد العام، ولا يقتضي قصر العام عليه كما مثلنا ونظرنا في تفسير الظلم وفي تفسير القوة وتفسير...
طالب:.......
الصلاة على الآل لا شك أن الآل هم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-،
{قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [(23) سورة الشورى] وإذا كان الآل لهم حق والأمر كذلك بلا شك، وهم يستحقون أن يصلى عليهم تبعًا له -عليه الصلاة والسلام-، لكن ماذا عن صحابته -رضوان الله عليهم-، إذا صلينا على الآل في خارج الصلاة نصلي على الصحب؛ لأن لهم من الحق مثل ما للآل؛ لأنهم بواسطتهم وصل إلينا الدين بالكلية، وهم الذين حملوا رايات الدين معه -عليه الصلاة والسلام- وبعده إلى أن وصلنا صافيًا نقيًّا، فإذا قلنا: صلى الله عليه وآله نقول: وصحبه وسلم، ما المانع؟ ولا يعني هذا أننا نقول: لا نصلي على الآل، نصلي على الآل، نصلي عليهم تبعًا خارج الصلاة، أما في الصلاة لا بد من هذه الصيغة داخل الصلاة، خارج الصلاة إذا صلينا على الآل نصلي على الصحب، ولا نقتصر على الآل ولا نقتصر على الصحب، لماذا؟ لأن الاقتصار على الآل صار شعارًا لبعض المبتدعة، والاقتصار على الصحب صار شعارًا لمبتدعةٍ آخرين "النواصب"، فإذا صلينا على الآل خارج الصلاة نصلي على الصحب، ولا نتهم أئمة الإسلام بأنهم تركوا الصلاة على الآل مداراة للولاة ليس هذا بصحيح.
وعلى كل حال ما جاء في هذه الصيغة فرد من أفراد العام، وهو خاصٌ بالصلاة، في بعض الروايات: "كيف نصلي عليك يا رسول الله إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟" كما في بعض الروايات، ولا يعني هذا أننا لا نصلي، نحذر، لا أبدًا، نصلي على الآل ولهم الحق العظيم علينا، كما نصلي على الصحب وعظم حقهم ظاهر، وإذا كنا نصلي على الآل من باب السياسة في الدعوة، وما أشبه ذلك فنصلي على الصحب، الذي لا يرضى بالصلاة على الصحب لا يرضى أبد، الذي لا يرضيه الصلاة على الصحابة لا يرضى أبدًا، حق الصحابة علينا أعظم من حق هؤلاء -لا أعني الآل- أعني من يتشبث بدعوى محبة الآل.
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار قال: رأيت عبد الله بن عمر.." يعني الذي يسمع تهويل الصنعاني في هذه المسألة، وتهويل صديق من بعده يعني يظن المسألة كل أئمة الإسلام من عصر التابعين إلى يومنا هذا كلهم داروا الحكام، كلهم حذفوا الصلاة على الآل عمدًا مداراة للولاة، هذا اتهام خطير للأئمة، كيف وفيهم العلماء، وفيهم العبّاد، فيهم الأتقياء، فيهم البررة ونتهمهم بأنهم يطبقون على هذا الأمر، المقصود أننا لا نخلط أن هذه الصيغة إنما هي في الصلاة، ولا يمنع أن تكون هذه الصيغة في الصلاة أن يصلى على الآل خارج الصلاة لا يفهم هذا، لكن إذا صلينا على الآل خارج الصلاة نصلي على الصحب، هؤلاء لهم حق وهؤلاء لهم حق.
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار قال: رأيت عبد الله بن عمر يقف على قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فيصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى أبي بكر وعمر" يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى أبي بكر وعمر، رواه القعنبي وابن بكير وسائر الرواة، رواة الموطأ: فيصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام- ويدعو لأبي بكر وعمر، وهنا عندنا في رواية يحيى: "وعلى أبي بكر وعمر" يعني يصلي عليهما، ففرقوا -يعني غير يحيى- بين أن يصلي وبين أن يدعو، ولا خلاف في جواز الصلاة على غير النبي -عليه الصلاة والسلام- على سبيل التبعية، تقول: اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وصحبه، وصلِّ على محمد وعلى أبي بكر وعمر تبعًا، فعلى سبيل التبعية لا خلاف في جواز ذلك.
لكن محل الخلاف الصلاة على غيره -عليه الصلاة والسلام- استقلالًا، فهل تقول: أبو بكر -صلى الله عليه وسلم-، أو عمر -صلى الله عليه وسلم-، أو علي -صلى الله عليه وسلم-، الجمهور على أن هذا مكروه كراهة شديدة، وإن جاء قوله -عليه الصلاة والسلام-:
((اللهم صلِّ على آل أبي أوفى)) وجاء الأمر بالصلاة على من دفع الزكاة {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [(103) سورة التوبة] لكن أطبق أهل العلم على أن الصلاة على غيره -عليه الصلاة والسلام- مكروهة على سبيل الاستقلال من غيره -عليه الصلاة والسلام-.
فهناك عرف عند أهل العلم فيخصون الله -جل وعلا- بـ(عز وجل) مثلًا، فلا يقال: محمد -عز وجل-، الذي يسمع هذا الكلام يستسيغ مثل هذا الكلام محمد -عز وجل-؟ وإن كان عزيزًا جليلًا -عليه الصلاة والسلام-، يعني من حيث المعنى ما في إشكال، لكن العرف عند أهل العلم من السلف فمن بعدهم خصوا (عز وجل) بالله -جل وعلا-، وخصوا (الصلاة والسلام) به -عليه الصلاة والسلام-، كما أنهم خصوا الصحابة بالترضي، ومن دونهم بالترحم، وهذا عرف خاص عند أهل العلم.
والخلاف في الصلاة على غيره -عليه الصلاة والسلام- مسألة طويلة جدًّا، استوفاها ابن القيم -رحمه الله تعالى- في جلاء الأفهام، وهناك بحوث ينبغي لطالب العلم أن يقف عليها في هذه المسألة.
طالب:.......
طيب المبتدعة الآخرون ولماذا ما نألفهم بعد؟ نصلي على الصحب ولا نصلي على الآل، كلهم موجودون، وفيهم كثرة، ولكل قومٍ والٍ، هؤلاء حقهم علينا يعني الآل والأصحاب أعظم من حق هؤلاء الذين نماريهم ونداريهم أبدًا، نعم المداراة مطلوبة، وسلوك الأسلوب المناسب للدعوة، وعدم الإثارة أيضًا مطلوب، لكن يبقى أننا علينا حقوق، حملوا الدين إلى شرق الأرض وغربها، ونهملهم من أجل أن يستجيب فلان أو علان أبدًا، يا أخي نصلي على الآل ولا أحد يتردد من أهل السنة في الصلاة على الآل أبدًا، ما فيه أحد من أهل السنة يتردد في الصلاة على الآل، لكن أيضًا الصحب لهم حق.
طالب:.......
بهذا المعنى الأعم لكن أنت بهذا توافق هذا الأسلوب المتبع عند بعض المبتدعة، وكأنك توافقهم في عدم الصلاة على الصحب، وإذا احتمل اللفظ معنىً صحيحًا وغير صحيح يجتنب.
طالب:.......
الإمام أحمد -رحمه الله- ذكر عنه أنه يصلي في نفسه، إما لضيق الورق، أو لضيق الوقت، أو ما أشبه ذلك.
طالب:.......
الأفضل أن تثبت كتابةً لئلا تنسى، قد يبيض لها ويرجع إليها في وقت السعة، لكن قد ينساها، نعم إذا كان الدرس درس إملاء، ويخشى أن يفوته شيء من الكلام وبيض لها ثم رجع إليها بعد نهاية الدرس مباشرة، وسدد هذه الفراغات وصلى في نفسه يتم ذلك -إن شاء الله تعالى-.
"باب: العمل في جامع الصلاة:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين في بيته، وبعد صلاة العشاء ركعتين، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيركع ركعتين.

وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((أترون قبلتي هاهنا، فوالله ما يخفى علي خشوعكم ولا ركوعكم، إني لأراكم من وراء ظهري)).
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأتي قباء راكبًا وماشيًا.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن النعمان بن مرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((ما ترون في الشارب والسارق والزاني؟)) وذلك قبل أن ينزل فيهم، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((هن فواحش وفيهن عقوبة، وأسوأ السرقة الذي يسرق صلاته)) قالوا: وكيف يسرق صلاته يا رسول الله؟ قال: ((لا يتم ركوعها ولا سجودها)).
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم)).
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: إذا لم يستطع المريض السجود أومأ برأسه إيماء، ولم يرفع إلى جبهته شيئًا.

وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان إذا جاء المسجد وقد صلى الناس بدأ بصلاة المكتوبة، ولم يصلِّ قبلها شيئًا.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- مر على رجل وهو يصلي فسلم عليه، فرد الرجل كلامًا فرجع إليه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- فقال له: إذا سلم على أحدكم وهو يصلي فلا يتكلم وليشر بيده.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام فإذا سلم الإمام فليصل الصلاة التي نسي ثم ليصل بعدها الأخرى.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان أنه قال: كنت أصلي وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- مسند ظهره إلى جدار القبلة، فلما قضيت صلاتي انصرفت إليه من قبل شقي الأيسر، فقال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: ما منعك أن تنصرف عن يمينك؟ قال: فقلت: رأيتك فانصرفت إليك، قال عبد الله: فإنك قد أصبت إن قائلًا يقول: انصرف عن يمينك فإذا كنت تصلي فانصرف حيث شئت؛ إن شئت عن يمينك وإن شئت عن يسارك.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن رجل من المهاجرين لم ير به بأسًا أنه سأل عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-: أأصلي في عطن الإبل؟ فقال عبد الله: لا، ولكن صلِّ في مراح الغنم.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال: ما صلاة يجلس في كل ركعة منها؟ ثم قال سعيد: هي المغرب إذا فاتتك منها ركعة، وكذلك سنة الصلاة كلها".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: العمل في جامع الصلاة" جامع الصلاة يعني أحاديث وأخبار تضم أو تدل على مسائل يجمعها مسمى الصلاة، لا ترتبط برابط واحدٍ.
يقول: حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين في بيته، وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيركع ركعتين" دلالة على الصلاة الراتبة، الرواتب جاء في حديث ابن عمر وغيره أنها عشر، وهنا قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين، وبعد العشاء ركعتين، بقي منها ركعتا الصبح فتكون عشرًا، وجاء أيضًا من حديث أم المؤمنين أن الرواتب اثنتى عشرة، أربع قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل الصبح، ثنتا عشر ركعة من حافظ عليها كان أجره وثوابه ماذا؟ يبنى له قصرٌ في الجنة، فإذا داوم على هذه الركعات الاثنتي عشرة مع الفرائض وهي سبع عشرة ركعة مع الوتر إحدى عشر ركعة يكون المجموع أربعين.
ويقول ابن القيم: "إن من طرق الباب أربعين مرة في اليوم والليلة يوشك أن يفتح له" فأربعون ركعة كم تستغرق من عمر الإنسان؟ فإذا أضاف إليها أربعًا قبل العصر التي جاء الحث عليها، وأيضًا الصلوات المرغب فيها عند وجود أسبابها، نعم الضحى على الخلاف في عددها وقد تقدمت، وجاء أيضًا الترغيب في بعض الصلوات، وأهل العلم من سلف هذه الأمة وخلفها لا زالوا يكثرون التنفل امتثالًا لقوله -عليه الصلاة والسلام-:
((أعني على نفسك بكثرة السجود)).
وذكر عن بعضهم أعدادًا قد تكون في حساباتنا مبالغات، فذكر عن الإمام أحمد أنه كان يصلي في اليوم والليلة ثلاثمائة ركعة، والحافظ عبد الغني -رحمه الله- ذكر عنه أنه يصلي كذلك، لكن هناك ما يقبله العقل وما لا يقبله العقل ولا يستوعبه الوقت، ذكر ابن المطهر الرافضي عن علي -رضي الله عنه- أنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، هل يستوعب الوقت ألف ركعة؟ ألف ركعة، يعني الركعة كم دقيقة؟ أقل شيء دقيقة واحدة، والوقت لا يستوعب ألف ركعة.
وعلى كل حال الدين يسر، ولن يشاد الدين أحدٌ إلا غلبه، فعلى الإنسان أن يأخذ منه بقدر طاقته، وما لا يجعل النفس تمل الدين وتمل العبادة، يأخذ منه بقدر ما يمتثل به
((اعني على نفسك بكثرة السجود)) ويحرص أشد الحرص على ما جاء فيه النص الخاص ويزيد من ذلك ما شاء.
فإذا استغل أوقات الفراغ لا سيما في الليل بالصلاة، فهذا من خير ما تفنى فيه الأعمار
{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [(9) سورة الزمر] هذه إشارة إلى أن أهل هذه الصلاة التي هي قيام الليل هم أهل العلم {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [(16) سورة السجدة] وجاء الحث: ((عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين))، ((نِعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل)) ومع الأسف كثير من طلاب العلم بل بعض من ينتسب إلى العلم لا نصيب له من قيام الليل، وهذا لا شك أنه تقصير وخلل، والإنسان مأمور بالفرائض بلا شك ويأثم بتركها، ولا يأثم بترك النوافل، لكن هذه الفرائض يعتريها ما يعتريها من خلل ونقص فيجبر من هذه النوافل ((انظروا هل لعبدي من تطوع)) يجبر، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قام -عليه الصلاة والسلام- حتى تفطرت قدماه، ولا شك أن هذا من شكر النعمة؛ ولذا قال -عليه الصلاة والسلام-: ((أفلا أكون عبدًا شكورًا)) هذا شكر النعمة، وبهذا تقر النعمة، والله المستعان.
وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيركع ركعتين يعني في بيته، وثبت عنه أنه يصلي أربع ركعات بعد الجمعة، وهو محمولٌ على ما إذا صلاها في المسجد، وإذا صلاها في البيت فركعتان، وإن قال بعضهم بالجمع بينهما، فيصلي ركعتين في المسجد وأربعًا في البيت.
وأما ما قبل الجمعة فالمعروف عن الصحابة أنهم يصلون، يصلون قبل الجمعة ويغتنمون مثل الوقت حتى يدخل الإمام، وأما بالنسبة له -عليه الصلاة والسلام- فلم يحفظ عنه أنه صلى قبل الجمعة، وإنما كان ينشغل بالخطبة أول ما يدخل المسجد يصعد المنبر وينشغل بالخطبة ثم الصلاة...

"
يقول هذا يستفسر عن الذي يصير خلال شهر محرم من لطمٍ ونياح وغيره من الكثير من الناس يقصد يوم عاشوراء؟

هذا أمر محرم مخالف للشرع، أمرٌ مبتدع، والنياحة جاءت النصوص الصحيحة الصريحة بتحريمها على الميت الذي يوجد سببه قائم محرم فكيف بما عدم سببه؟!

هذا يسأل عن أدب الطالب أثناء حضوره إلى الدرس؟

وكأنه يشير إلى ما حصل بالأمس من مكالمة طالت في جوال من أحد الإخوان بصوتٍ مسموع وطالت جدًّا، سكتُّ، سكتُّ، أريد أن يقطع ما أفاد، ما نفع، استمرت المكالمة، هذا ليس من الأدب أبدًا، إذا ما عنده استعداد يتفرغ لحضور الدرس يريح نفسه، لماذا يحضر؟ إذا أراد أن يستغرق جزءًا كبيرًا من الوقت للمكالمات مثل هذا لا يحضر، ييسر عليه الأمر يأخذ الأشرطة ويسمع ويستفيد -إن شاء الله تعالى-، وإذا حضر الدرس يتفرغ للسماع والإفادة والسؤال عما يشكل لا بأس، كل هذا مطلوب في الدرس.

عنده سؤال ثان يقول: تبيين أحسن طبعات شروح الموطأ، يقول: وقعنا في حيرة فلا ندري أي الطبعات أفضل لا سيما الشروح المطولة كالتمهيد والاستذكار؟

الأصل في الطبعات بالنسبة للتمهيد هي الطبعة المغربية في أربعةٍ وعشرين جزءًا، وظهر طبعة أخيرة ذكرها بعض الإخوان، وأنها مقابلة على نسخ لم يطلع عليها من حقق الكتاب من المغاربة، وأنا ما رأيت هذه الطبعة، وأما بالنسبة للاستذكار فالطبعة التي أعتمد عليها هي طبعة القلعجي في ثلاثين جزءًا، فيها عناية وفيها تخريج لبعض النصوص، إلا أنه كبرها بالتعليقات المنقولة بحروفها من التمهيد، والتمهيد موجود لو أحال مجرد إحالة على موضع البحث من التمهيد واكتفى به اختصر.
من الشروح التي ينبغي لطالب العالم أن يعنى بها: المنتقى للباجي، وهذا كتاب نفيس، والباجي من أئمة المالكية، وشرحه مطبوع في سبعة مجلدات كبار، طبع السعادة طبعة قديمة، ومن الشروح المهمة التي انتقى فيها من جميع الشروح شرح الزرقاني وعمدته بالدرجة الأولى على فتح الباري، كتاب طيب نفيس، وأيضًا أخذ من الاستذكار وغيره من الشروح.
ومن الشروح شرح أوجز المسالك للكندهلوي مطبوع في خمسة عشر جزءًا، الطبعة الهندية القديمة في ستة مجلدات، لكنه طبع طبعة بالحروف العربية، الطبعة الأولى بالحروف الفارسية الخط الفارسي، وإن كانت اللغة عربية، وكثير من طلاب العلم لا يطيق ولا يصبر على قراءة الخط الفارسي، هو طبع في خمسة عشر جزءًا وهو كتابٌ طيب، وفيه نقول نافعة، مما يتميز به هذا الكتاب نقل المذاهب من كتب أصحابها، والشروح كثيرةٌ جدًّا، ذكرنا منها جملة في بداية الشرح، وأشرنا إلى أنه يوجد من المخطوطات الكم الهائل من شروح الموطأ المطولة والمختصرة، فالموطأ شرح بأكثر من مائة شرح، وهذا مذكور في الكتب التي تعتني بالكتب وشروحها.

يقول: أنا كنت مأمومًا وصليت خلف الإمام، فلما سجد رأيتُ في قدمه لصقة، هذا في صلاة المغرب، فلما صلى بنا العشاء كنت خلفه أيضًا ورأيتُ نفس اللصقة في نفس مكانها –مما يعني أنه لم يزلها- وأنا لا أدري إن كان يصلي هذه الصلاة بنفس وضوء المغرب أم لا؟ ولكن تبين لي أن

إن كانت في باطن القدم يعني كانت اللصقة التي تستعمل للجروح فهذه في الغالب يكون على علمٍ بها، وتكون لحاجة وبقدر الحاجة ويمسح عليها ويكفي، هذه إذا كانت هي اللصقة المعدة للجروح، وإذا كانت مما يلصق بالقدم من غير قصد فهذه لا بد من إعادة الوضوء، الوضوء لا يصح كثيرًا ما يوجد مما يلقى على الأرض على سبيل المثال: التسعيرات التي تلصق في البضائع والسلع والكتب وغيرها ينزعها ثم يرميها، ثم تلصق بالقدم هذا كثير، وإذا كانت في باطن القدم في الغالب أنه لا يحس بها فيغسل قدمه..، لا بد من إعادة الوضوء في هذه الحالة، وإذا كانت اللصقة المعدة للجروح فالذي يغلب على الظن أنه استعملها للحاجة، ولا شيء عليه إذا مسح عليها.