تعليق على تفسير سورة المائدة من أضواء البيان (20)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نعم.

طالب: بسم الله الرحمن الرحيم.

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

قال الإمام الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "واعلم أن الأنواع الثلاثة، واحد منها يُشترط له الحرم إجماعًا، وهو الهدي كما تقدم، وواحد لا يشترط له الحرم إجماعًا، وهو الصوم".

الثلاثة التي هي الهدي والإطعام والصيام، ما كان من هدي فمتفق على أنه لمساكين الحرم، وما كان من إطعام فالجمهور كذلك كالهدي، وأما الصيام فحيث شاء؛ لأنه لا يتعلق به حق لأحد، وما عداه يتعلق به حقوق مساكين الحرم، والله أعلم.

طالب: "وواحد اختُلف فيه، وهو الإطعام، فذهب بعض العلماء إلى أنه لا يُطعِم إلا في الحرم، وذهب بعضهم إلى أنه يطعم في موضع إصابة الصيد، وذهب بعضهم إلى أنه يطعم حيث شاء، وأظهرُها أنه حق لمساكين الحرم؛ لأنه بدلٌ عن الهدي، أو نظير له، وهو حق لهم إجماعًا، كما صرح به تعالى بقوله: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95]".

والبدل له حكم المبدل، وإذا أعملنا هذه القاعدة فالصيام كذلك لأنه بدل. ولكن النظر في هذه المسألة لحق المساكين مساكين الحرم، ولهم ميزة على غيرهم، وكونه {بَالِغَ الْكَعْبَةِ} من أجل المساكين، ولذا يقرر جمهور أهل العلم أن كل هدي أو إطعام فلمساكين الحرم، هذا بالنسبة للجزاء، وأما الهدي المتعلق بالنسك كهدي المتعة والقران فحكمه حكم الأضحية، يأكل منه ويتصدق ويهدي، وأما الجزاء الذي وقع بسبب مخالفة فإن هذا للمساكين، ولا يأكل منه، وأما الصيام فلا تتعلق به حاجة المساكين، ولا يدفع عنهم حاجة، فحيث شاء.

طالب: "وأما الصوم فهو عبادة تختص بالصائم لا حق فيها لمخلوق، فله فعلها في أي موضع شاء. وأما إن كان الصيد لا مثل له من النَّعم كالعصافير فإنه يُقوم، ثم يُعرف قدر قيمته من الطعام، فيخرجه لكل مسكين مُد، أو يصوم عن كل مد يومًا. فتحصَّل أن ما له مثل من النعم".

يعني مثل ما قيل في الجراد على القول بأنه بري، وإلا فقد أفتى بعض الصحابة أنه نثرة حوت، فيكون بحريًّا لا جزاء فيه، ولكن واقعه وحقيقته أنه يتوالد في البر، فلعل ما رُوي عن الصحابة يكون مما هو متلقى عن أهل الكتاب. أفتى بعضهم بقبضة طعام، وبعضهم بدرهم أو ما أشبه ذلك، والزمان يختلف، في المقوَّم يختلف باختلاف الزمان، بعض الأوقات الدرهم يُشترى به شيء كثير، وفي بعضها لا يساوي شيئًا، فالتقويم يختلف من وقت إلى آخر، قال: "كالعصافير فإنه يقوَّم".

علت قيمته أو نزلت فيشترى بقدر قيمته من الطعام. والأشياء متناسبة، يعني إذا كانت قيمته قليلة، قيمة العصفور دانق مثلاً سدس الدرهم، فإنه يكون في وقت الدانق فيه له شأن، وإلا ما وصلت القيمة إلى هذا. وإذا قُوم العصفور بدرهم أو أكثر، فإنه دليل على ضعف الدرهم، وهكذا. نعم. يقولون: كانت البيوت قبل خمسين سنة تؤجر بمائة ريال، يقول: لو أنا موجود في ذاك الوقت استأجرت عشرة بيوت بألف ريال، قال له: من أين الألف يا أخي؟! المائة من أين ذلك الوقت؟ يعني هي موجودة ومبذولة، لكن مع ذلك ما هي مثل وجودها الآن، تعطي الطفل عشرين ريالًا من أجل الفسحة ويرميها، كانت العشرون تساوي شيئًا، وهكذا، والله حكيم عليم. نعم.

طالب: "فتحصل أنه ما له مثل من النعم يُخيَّر فيه بين ثلاثة أشياء: هي الهدي بمثله، والإطعام، والصيام، وأن ما لا مثل له يخير فيه بين شيئين فقط: وهما الإطعام، والصيام على ما ذكرنا.

واعلم أن المثل من النعم له ثلاث حالات؛ الأولى: أن يكون تقدم فيه حكم من النبي -صلى الله عليه وسلم-.

الثانية: أن يكون تقدم فيه حكم من عدلين من الصحابة، أو التابعين مثلاً.

الثالثة: ألا يكون تقدم فيه حكم منه -صلى الله عليه وسلم- ولا منهم -رضي الله عنهم-، فالذي حكم -صلى الله عليه وسلم- فيه لا يجوز لأحد الحكم فيه بغير ذلك، وذلك كالضبع، فإنه -صلى الله عليه وسلم- قضى فيها بكبش، قال ابن حجر في التلخيص ما نصه: حديث «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى في الضبع بكبش»، أخرجه أصحاب السنن، وابن حبان، وأحمد، والحاكم في المستدرك من طريق عبد الرحمن بن أبي عمار، عن جابر بلفظ: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الضبع؟ فقال: «هو صيد، ويُجعل فيه كبش إذا أصابه المحرم»، ولفظ الحاكم: «جعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الضبع يصيبه المحرم كبشًا»، وجعله من الصيد، وهو عند ابن ماجه، إلا أنه لم يقل: نجديًّا، قال الترمذي: سألت عنه البخاري فصحَّحه، وكذا صحَّحه عبد الحق، وقد أُعل بالوقف".

بهذا الحديث يستدل من يقول بإباحة أكله، ولو كان الضبع لا يؤكل لَما صار له نظير، وصار له جزاء من النعم، وما دام النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- حكم فيه بكبش فإنه دليل على حل أكله. وهذا راجع إلى أصل الخلاف في الفواسق، هل إباحة قتلها لأذائها، أو لأنها لا تؤكل كما يقول الشافعية؟

قيل بهذا وهذا، ولكن كونها تُفدى عند أهل العلم دليل على إباحة أكلها، والنص في الحديث الذي سبق يقول: فقال: «هو صيد» يعني مباح أكله، يعني مما يصاد ويؤكل. وحرم بعضهم أكلها وقالوا: إنها لها ناب، وما كان له ناب من السباع فإنه لا يحل أكله. وعلى كل حال المسألة خلافية، والمرجح كما في الحديث الذي معنا أنها صيد، وأنها تفدى بكبش، وهذا قول من أو حجة من يقول بإباحة أكلها وهو المتجه.

طالب: .......

فينزل على صورة لا تتعارض مع عموم النهي، ونظير ذلك.

طالب: .......

نعم. المسألة لها نظائر.

طالب: .......

غراب الأبقع، الغراب الأبقع، غراب الزرع.

طالب: .......

نعم، لكن الواقع والعلل الأخرى التي بُنيت عليها الأحكام، هناك علل أخرى مقتضية للمنع، لا توجد في هذا النوع، وعندنا أحاديث مبيحة، وأحاديث مانعة، ولكن الذين أباحوه ما قيَّدوه بنوع.

طالب: .......  

مثل ما قيل في حمار الوحشي، يوجد خلاف بعد أن يكاد الاتفاق على أن يكون المخطط، ووجد إشكالات وإثارات ممن له عناية بالحيوان؛ لأن بعض الناس يتكلم في حيوانات لم يرها، وقد لا يسمع بها إلا في نص مثلاً، وقد لا يكون فيها نص أصلاً، مثل ما أثرناه في مسائل من السقنقور، نعم، يتكلمون في السقنقور، ناس يتكلمون فيه على أنه دويبة مثل الأصبع وهذا الموجود عندنا في البراري والسهول، وصاحب حياة الحيوان يقول: السقنقور هذا ما يوجد إلا في دمياط والهند، في دمياط أو الهند، وطوله أربعة أشبار، يعني متر. حتى التقعيد الذي قُعد له، التقعيد الذي ذُكر وهو أنه حيوان لم يرد به نص، وكل على أصله في الحل والحرمة، فمن كان يرى أن الأصل التحريم يقول: السقنقور هذا حرام حتى نقف على نص يبيحه، والذين يقولون: إن الأصل الحل من أهل العلم من الأئمة.

 قالوا: يؤكل السقنقور حتى نجد ما يمنع، وهو موجود عند العطارين يبيعونه محنطًا يؤكل علاجًا لبعض الأمراض. فالذي حدث عن السقنقور ويأتي لك بالسقنقور متر طوله وعرضه لعله شبر، ما ندري، الله أعلم، يريد أن ينزل ما يتداوله أهل العلم في بلد يرون السقنقور مشبهًا؛ لأنهم يستعملون فيه قياس الشبه.

 يقول من يقيسه أو يشبهه بالضب يقول: حلال، ومن يشبهه بالوزغ يقول: حرام. وأيهما أكثر شبهًا به؟ يختلف اختلافًا كبيرًا، تقول: يشبه الدمياطي أم يشبه الذي عندنا بقدر الأصبع. تنخرم المسألة، ما تنضبط. وهذا الكلام كثير في الحيوانات، كل يتكلم على ما تعارف عليه أهل بلده أنه هو هذا، وينزل عليه نصوص، بينما عند غيرهم نوع آخر ويرى أن النصوص منطبقة عليه. فالمسألة تحتاج إلى تحرٍّ.

طالب: .......

الذي هو بالنسبة للضبع؟

طالب: .......

هو دفع التعارض بين النصوص عند أهل العلم معروف، ووجوه الجمع عندهم ذكروها في كتب أصول الفقه وعلوم الحديث، وذكروا من وجوه الجمع في مختلف الحديث أكثر من ثلاثين صورة، بل أوصلها بعضهم إلى مائة، أكثر من خمسين عند الحازمي، والحافظ العراقي زاد عليها. فمن هذه الصور ما يندرج تحته ما ذكرت.

طالب: .......

لا، الاستفاضة في الغالب كافية في مثل هذه الأمور، بالاستفاضة، أما أن تريد أن تسلسل نسبه إلى الموجود في عهد الرسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-! يمكن.

طالب: .......

لا، والتصوير طارئ.

طالب: .......

على كل حال المسألة مسألة رواية بالسند أو توارث، يعني هل توارثوه وتعارفوا عليه أم استنكروه، ولا أورد عليه إشكالات مثل ما يورد عندنا؟ قد يكون هذا الأمر مستفيضًا ومتعارفًا بالتوارث بين الناس، وهذا هو، مثل الحمار الوحشي، ثم يأتي من يشكك فيه، هذه مشكلة بعد.

طالب: .......  

والكبش، الكبش النجدي. نعم.

طالب: .......

نعم، بالرواية، لكن ما جمع ....... نجديًّا.

طالب: .......

«نجديًّا» سقطت من الأصل؛ لأن الاستدراك في رواية ابن ماجه تدل على أن ما قبلها موجود فيه.

طالب: "وقد أُعل بالوقف، وقال البيهقي: هو حديث جيد تقوم به الحجة، ورواه البيهقي من طريق الأجلح عن أبي الزبير، عن جابر، عن عمر قال: «لا أراه إلا قد رفعه أنه حكم في الضبع بكبش». الحديث، ورواه الشافعي، عن مالك عن أبي الزبير به موقوفًا، وصحَّح وقفه من هذا الباب الدارقطني، ورواه الدارقطني، والحاكم من طريق إبراهيم الصائغ، عن عطاء، عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الضبع صيد، فإذا أصابه المحرم ففيه كبش مُسِن ويؤكل»".

«مُسَمَّن» أم «مُسِن»؟ ماذا عندكم؟ الدارقطني؟

طالب: .......

نعم «مُسِن»، لكن ما الصحيح عند الدارقطني؟

طالب: .......

هذا في الدارقطني.

طالب: .......

لا عندي أنا «مُسمَّن»، يعني القول: «ويؤكل» يعود إلى الضبع؛ لأن الكبش ما يحتاج إلى أن يقال له: يؤكل، إلا إذا كان «مُسن».

طالب: .......

الضبع، تؤكل الضبع.

طالب: .......

الدارقطني.

طالب: .......

نعم.

طالب: "وفي الباب عن ابن عباس رواه الدارقطني، والبيهقي من طريق عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة عنه، وقد أُعل بالإرسال. ورواه الشافعي من طريق ابن جريج، عن عكرمة مرسلاً، وقال: لا يثبت مثله لو انفرد، ثم أكَّده بحديث ابن أبي عمار المتقدم، وقال البيهقي: وروي عن ابن عباس موقوفًا أيضًا.

قال مقيده -عفا الله عنه-: قضاؤه -صلى الله عليه وسلم- في الضبع بكبش ثابت كما رأيت تصحيح البخاري وعبد الحق له".

يعني كما نقله عنه الترمذي.

طالب: "وكذلك البيهقي، والشافعي، وغيرهم، والحديث إذا ثبت صحيحًا من وجه لا يَقدح فيه الإرسال ولا الوقف من طريق أخرى، كما هو الصحيح عند المحدثين؛ لأن الوصل والرفع من الزيادات، وزيادة العدل مقبولة كما هو معروف، وإليه الإشارة بقول صاحب مراقي السعود: والرفع والوصل وزَيْدُ اللفظ".

يعني زيادة اللفظ.

طالب: "وزَيْدُ اللفظِ. مقبولة عند إمام الحفظ. إلى آخره".

الكلام الذي رجَّحه المؤلف من أنه إذا تعارض الوقف مع الرفع أو الوصل مع الإرسال، أن المحكوم مطلقًا للزيادة التي هي الوصل والرفع. هذا ما جرى عليه الاصطلاح عند المتأخرين من أهل الحديث، ويقول به أهل الأصول؛ لأنهم يطلقون القول بقبول زيادة الثقة مطلقًا؛ لأن معه زيادة علم خفي على من أرسل وعلى من وقف وعلى من قصر في زيادة اللفظ. ولكن المعروف عند الأئمة أنه ليس هناك قاعدة مطردة، قد يحكمون لحديث بوصله لِما دلت عليه القرائن، وقد يحكمون بإرساله كذلك، أو بوقفه أو برفعه، وقد يحكمون للأحفظ، وقد يحكمون للأكثر. فالقول بقبول زيادة الثقة مطلقًا ليس على إطلاقه عند الأئمة، وكذلك القول بقبول الوصل أو الرفع في مقابل الإرسال والوقف ليس على إطلاقه، ولذا تجد الأحكام عند إمام واحد يحكم على حديث بالوقف، ويحكم على حديث بالرفع؛ لأن القرائن رجحت عنده مرة هذا ومرة ذاك، ولذا الحكم بالقرائن هو عمل الأئمة كما هو معروف.

طالب: .......

إمام الحفظ البخاري. نعم.

طالب: "وأما إن تقدم فيه حكم من عدلين من الصحابة، أو ممن بعدهم، فقال بعض العلماء: يُتبع حكمهم ولا حاجة إلى نظر عدلين وحكمهما من جديد؛ لأن الله قال: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95]، وقد حكما بأن هذا مثل لهذا. وقال بعض العلماء: لا بد من حكم عدلين من جديد، وممن قال به مالك، قال القرطبي: ولو اجتزأ بحكم الصحابة -رضي الله عنهم- لكان حسنًا. ورُوي عن مالك أيضًا أنه يُستأنف الحكم في كل صيد ما عدا حمَام مكة، وحمار الوحش، والظبي، والنعامة، فيكتفى فيها بحكم من مضى من السلف، وقد روي عن عمر: أنه حَكم هو.".

طالب: .......

أين؟

طالب: .......

"ولو اجتزأ بحكم الصحابة لكان حسنًا" يعني لو "وقال بعض العلماء: لا بد من حكم عدلين من جديد، وممن قال به مالك، قال القرطبي: ولو اجتزأ بحكم".

يعني مالك إمامهم.

طالب: .......

"لكان حسنًا".

ولا شك أنه إذا كان الحكم بالدراهم والدنانير فإنه قد يتطلب الأمر إلى اجتهاد جديد؛ لأن هذه تتفاوت تفاوتًا كبيرًا، أما إذا حُكم من قِبل عدلين من الصحابة أو التابعين من أهل الخبرة والمعرفة بالمثل، فإنه إذا ارتفع سعر الأصل ارتفع تبعًا له سعر المثل. لكن قد يكون المثل والمثلية والمشابهة من وجه يظهر لهذين الحكمين، ولا يظهر لغيرهما، وبين المشبه والمشبه به بون شاسع، مثل الحمامة والشاة بون كبير. فإعادة الاجتهاد لا سيما إذا لم يكن الاجتهاد من الصحابة من النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- والصحابة له وجه، لا سيما إذا كان التقويم بالدراهم والدنانير.

طالب: "وقد روي عن عمر: أنه حَكم هو وعبد الرحمن بن عوف في ظبي بعنز، أخرجه مالك، والبيهقي وغيرهما، وروي عن عبد الرحمن بن عوف، وسعد -رضي الله عنهما-: أنهما حكما في الظبي بتيس أعفر. وعن ابن عباس، وعمر، وعثمان، وعلي، وزيد بن ثابت، ومعاوية، وابن مسعود وغيرهم أنهم قالوا: «في النعامة بدنة»، أخرجه البيهقي وغيره. وعن ابن عباس وغيره: أن في حمار الوحش".

ووجه الشبه يعني طول العنق وتناول الأشجار الكبيرة، من هذه الحيثية نعم.

طالب: "وعن ابن عباس وغيره: أن في حمال الوحش والبقرة بقرةً، وأن في الأيِّل بقرةً".

يعني بقرة الوحش، نعم.

طالب: "وعن جابر: أن عمر قضى في الضبع بكبش، وفي الغزال بعنز، وفي الأرنب بعناق، وفي اليربوع بجفرة، أخرجه مالك، والبيهقي. وروى الأجلح بن عبد الله هذا الأثر عن جابر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، والصحيح موقوف على عمر، كما ذكره البيهقي وغيره".

والصحيح أم وفي الصحيح موقوف؟ يعني هو في الصحيح موقوف على عمر؟

طالب: .......

الحكم للرفع.

طالب: .......

الترجيح والأول الحكم للرفع.

طالب: .......

نعم. أنا عندي: "وفي الصحيح موقوف على عمر"، يعني هو في الصحيح موقوف على عمر لا مرفوع. لكن يُنظر في أي الصحيحين؟ هل هو موجود في الصحيح أم لا؟

طالب: .......

البخاري. إذًا "وفي الصحيح"؛ لأنه كما تقدم هو رجح الرفع.

طالب: .......

نعم، لكن الكلام في "وفي الصحيح"، يعني هو في البخاري؟

طالب: .......

نعم، هو موقوف، ما عندنا إشكال أنه موقوف على عمر، لكن من قوله معروف، لكن "والصحيح" يعني ترجيح من المؤلف؟

طالب: .......

"والصحيح"؟

طالب: "موقوف".

ما اختلفنا في موقوف، هو موقوف على كل حال. لكن "في الصحيح" أو نقول: حكم الشيخ عليه على الشيخ أنه "الصحيح أنه موقوف"، وتقدم أنه رجح الرفع في مقابل الوقف، الذي يظهر أنه "في الصحيح" يعني البخاري كما يقول.

طالب: .......

قد يكون في البخاري وفي البيهقي، يصير موقوفًا.

طالب: .......

لكن عندنا أمامنا النص الذي معنا: "وفي الصحيح" أو "والصحيح موقوف"؟ هل هذا حكم من الشيخ أو أنه تخريج للخبر من الشيخ؟

طالب: .......

وإذا كان في البخاري ماذا تقول؟ وهو مرجح الرفع؟

طالب: .......

طيب، والذي قاعدته، إذا كانت القاعدة على .......

طالب: .......

نعم، قد يكون البيهقي رواه عن طريق البخاري؛ لأن البيهقي يروي بأسانيده، يلتقي ببعض الأئمة، يكون في سنده عن طريق البخاري أو عن طريق أبي داود، وهذا كثير عنده. ونقول: إنه في الصحيح كما ذكره البيهقي من طريقه.

طالب: "والصحيح موقوف على عمر كما ذكره البيهقي وغيره، وقال البيهقي: وكذلك رواه عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر، عن عمر من قوله، وعن ابن عباس: أنه قضى في الأرنب بعناق، وقال: «هي تمشي على أربع، والعناق كذلك، وهي تأكل الشجر، والعناق كذلك، وهي تجتر، والعناق كذلك» رواه البيهقي. وعن ابن مسعود: أنه قضى في اليربوع بجفر أو جفرة، رواه البيهقي أيضًا.

وقال البيهقي: قال أبو عبيد: قال أبو زيد: الجفر من أولاد المعز ما بلغ أربعة أشهر وفصل عن أمه. وعن شريح أنه قال: لو كان معي حَكم حكمت في الثعلب بجَدْي. وروي عن عطاء أنه قال: في الثعلب شاة".

طالب: .......

نعم، يعني اليربوع ما فيه إذا كان العَدْو وما أشبه ذلك.

طالب: .......

العَدْو نعم.

طالب: .......

إذًا "الصحيح" ما هو بـ"في الصحيح".

طالب: .......

لا لا، ما عندنا إلا البخاري والبيهقي، ما عداهم الكلام كثير.

طالب: .......

نعم «مُسن» قلنا هذا.

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

كمل كمل.

طالب: .......

على أن الثعلب يؤكل، على القول بأنه يؤكل.

طالب: "وروي عن عطاء أنه قال: في الثعلب شاة. وروي عن عمر وأربد -رضي الله عنهما-: أنهما حكما في ضب قتله أربد المذكور بجدي قد جمع الماء والشجر، رواه البيهقي وغيره. وعن عثمان بن عفان -رضي الله عنه-: أنه حكم في أم حبين بجلان من الغنم، والجُلان الجدي".

جُلَّان أم حُلَّان؟

طالب: .......

ماذا؟

طالب: جلان.

ما هو؟ ما تعرفه؟ مثل السقنقور، دويبة صغيرة، تعيش في الرمل مثل السحالي. هم يقولون: ما وجه الشبه بين أم حُبين والجدي؟

طالب: .......

دويبة أصغر، صغيرة مثل السقنقور، صغيرة. نعم.

طالب: "والجلان الجدي، رواه البيهقي وغيره".

وما انتهينا هو جلان أم حلان؟

طالب: .......

حلان بالحاء في المصادر. نعم.

طالب: "تنبيه: أقل ما يكون جزاء من النعم عند مالك شاة تجزئ ضحيةً، فلا جزاء عنده بجفرة، ولا عناق، مستدلاً بأن جزاء الصيد كالدية لا فرق فيها بين الصغير والكبير، وبأن الله قال: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95]، فلا بد أن يكون الجزاء يصح هديًا، ففي الضب واليربوع عنده قيمتها طعامًا.

قال مقيده -عفا الله عنه-: قول الجمهور في جزاء الصغير بالصغير، والكبير بالكبير، هو الظاهر، وهو ظاهر قوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95]، قال ابن العربي: وهذا صحيح".

ولذلك تفاوت التمثيل والتنظير بين الجزاء وبين المقتول، وفُتح أيضًا المجال للاجتهاد فيه فيما لم يُحكم فيه. بينما الديات محسومة، بمائة من الإبل الكبير، والصغير غير خاضع للاجتهاد. كون المائة تساوي في زمن قيمة، وتساوي أكثر منه في زمن آخر أو أقل، هذا لا يعني أنها غير متحدة. أيضًا لو فُتح الباب للاجتهاد في تقييم الدية لبني آدم ويختلفون، الأحكام في الجملة إنما تأتي على العموم، ولا تأتي خاضعة للاجتهاد في الديات. مثلاً الفطرة، صدقة الفطر، لو قيل: هذا رجل عظيم يتصدق عنه بكيس مثلاً؛ لأنه رجل عظيم، وهذا حقير يتصدق عنه بمُد، وهذا.. ما انتهت المسألة، كل يزعم أنه عظيم. فالأحكام التشريعية إذا عمت تأتي بصفة التساوي، ولذا جاء تحديد في الصلاة يؤمَر عليها ابن سبع سنين، ويضرب عليها ابن عشر. لماذا لا يقال مثل هذا في تلقي الحديث، أن كل الذي يطلبون العلم يبدءون من سبع؟

 لأن الأحكام العامة ما يُخضع فيها للاجتهادات الخاصة، فلو وجدت شخصًا وقد أُوكل الأمر إلى التمييز، شاب عمره عشر سنوات تأمره بالصلاة يدافع عنه أبوه ويقول: والله ما ميز، نعم، يدافع عنه، ويقول: ما ميز، ولو قُرر شيء من المال للمميزين فأول من يأتي به أبوه وإن كان عمره خمس سنوات. قال: هذا مميز! ما تُترك هذه الأمور للاجتهادات، فقال: سبع وعشر، سواء ميز لأربع أو ما ميز لعشر، إذا كان العقل موجودًا أصله. بينما الحديث تجيء لي بواحد يؤذي الناس، ويشغلهم بأدائه وحركاته، وهو ما يستفيد، وجوده مثل عدمه؟ يقال: اذهب إلى أن يميز. فمحمود بن الربيع عقل المجة لخمس سنوات، خمس سنوات أقل من السبع، ومع ذلك تحمل الحديث. وقد لا يعقل ذو العشر بل العشرين، بل قال ابن الصلاح: ولو ابن خمسين، بعض الناس ما يؤهَّل لحفظ الحديث، ولو كان ابن خمسين.

فمثل هذه الأمور التي يُنظر فيها إلى الفروق الفردية التي يسمونها في غير التشريع العام الذي يعم الناس كلهم، مثل الصلاة ومثل الديات والتشريعات العامة، هذه يُصدر فيها أحكام عامة للجميع، ما تُترك لاجتهاد الناس، يجيء ويؤذي الناس ذو العشر سنين يقول أبوه: والله ما ميز، يقول: يؤمر لسبع، ويضرب لعشر، بغض النظر. أما إذا كان فقده للعقل ظاهرًا، فهذا لو صار ذا خمسين ما تقول له شيئًا.

طالب: "وهو ظاهر قوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95]، قال ابن العربي: وهذا صحيح، وهو اختيار علمائنا، يعني مذهب الجمهور الذي هو اعتبار الصغر، والكبر، والمرض، ونحو ذلك كسائر المتلفات.

المسألة العاشرة: إذا كان ما أتلفه المحرم بيضًا، فقال مالك: في بيض النعامة عُشر ثمن البدنة، وفي بيض الحمامة المكية عُشر ثمن شاة، قال ابن القاسم: وسواء كان فيها فرخ أو لم يكن، ما لم يَستهل الفرخ بعد الكسر، فإن استهل فعليه الجزاء كاملاً كجزاء الكبير من ذلك الطير. قال ابن الموار بحكومة عدلين، وأكثر العلماء يرون في بيض كل طائر قيمته.

قال مقيده -عفا الله عنه-: وهو الأظهر، قال القرطبي: رَوى عكرمة، عن ابن عباس، عن كعب بن عجرة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى في بيض نعام أصابه محرم بقدر ثمنه، أخرجه الدارقطني. وروى أبو هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «في بيضة نعام صيام يوم أو إطعام مسكين»، قاله القرطبي. وإن قتل المحرم فيلاً فقيل: فيه بدنة من الهجان العظام التي لها سنامان، وإذا لم يوجد شيء من هذه الإبل".

لأنه ما فيه أكبر من البدنة، ولا يقال: فيه بدنتان أو ثلاث أو أربع أو خمس، لكن يُبحث عن أضخم بدنة تناسب هذا الفيل، وإن كانت من البخاتي التي لها سنامان كما قال المؤلف، فهي لائقة بالفيل.

طالب: أحسن الله إليك. هل الفيل من الصيد؟

مثل هذا حمار الوحشي ومثل ....... هو أهلي أم بري؟

طالب: بري.

طالب: .......

أهلي أم بري؟ بري صيد.

طالب: وإن كان بريًّا.

هذا هو بري.

طالب: .......

يعني هل هذا دليل على أنه يؤكل؟ هو يؤكل عندهم، عند هؤلاء الذين يتكلمون القرطبي وجماعته المالكية.

طالب: .......

معروف، لكن هو يقول: هذا دليل على أنه يؤكل؟

طالب: .......

المالكية ما عندهم مشكلة فيه.

طالب: .......

الفيل؟

طالب: .......

من الذي جعل له أجرًا؟

طالب: .......

من الذي يعرف الفيل بدنة؟ المالكية. في الأطعمة المالكية أوسع المذاهب.

طالب: "وإذا لم يوجد شيء من هذه الإبل فيُنظر إلى قيمته طعامًا، فيكون عليه ذلك. قال القرطبي: والعمل فيه أن يُجعل الفيل في مركب وينظر إلى منتهى ما ينزل المركب في الماء، ثم يُخرج الفيل، ويُجعل في المركب طعام إلى الحد".

بقدر ما يغوص الفيل في المركب يُجعل بدله طعامًا، يُنظر إلى الحد الذي يغوص إليه، توضع علامة على المركب، خط مثلاً عند المستوى الذي وصل الماء إليه، فتضع فيه من الطعام بقدر هذا الثقل الذي وضعت فيه الفيل، يعني يكون المركب مثل الصاع. هذا الكلام ما ينفع، ما له وجه. من الذي يأتي بفيل ويسوقه إلى البحر! الله المستعان.

طالب: "ويجعل في المركب طعام إلى الحد الذي نزل فيه والفيل فيه، وهذا عدله من الطعام. وأما إن نُظر إلى قيمته، فهو يكون له ثمن عظيم لأجل عظامه وأنيابه فيكثر الطعام، وذلك ضرر. انتهى".

نعم.

طالب: .......

ثمن عظيم، وهو يكون له إذا نُظر إلى قيمته، تريد أن تقومه، عظام الفيل لها شأن، أنيابه لها شأن، فلها قيمة.

طالب: .......

لكن هم عندهم كلها مأكولة اللحم التي مرت، عندهم: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: 145].

طالب: "قال مقيده -عفا الله عنه-: هذا الذي ذكره القرطبي في اعتبار مثل الفيل طعامًا فيه أمران؛ الأول: أنه لا يُقدر عليه غالبًا؛ لأن نقل الفيل إلى الماء، وتحصيل المركب، ورفع الفيل فيه، ونزعه منه، لا يَقدر عليه آحاد الناس غالبًا، ولا ينبغي التكليف العام إلا بما هو مقدور غالبًا لكل أحد.

والثاني: أن كثرة القيمة لا تُعد ضررًا؛ لأنه لم يُجعل عليه إلا قيمة ما أتلف في الإحرام، ومن أتلف في الإحرام حيوانًا عظيمًا؛ لزمه جزاء عظيم، ولا ضرر عليه؛ لأن عظم الجزاء تابع لعظم الجناية كما هو ظاهر".

قد يكون الفيل في مكان بعيد جدًّا عن المركب وبعيد عن البحر وبعيد، لا شك أنه عنت. ومن الذي يرفع الفيل ويأتي بروافع ترفعه، وكيف تنزله.......؟ يمكن هذه أكثر من قيمة التكلفة.

طالب: .......

وماذا يسمى الميزان الكبير الذي يوزن به البضائع الكبار؟ معروف واسمه قديم وعريض.

طالب: قباني.

قباني. نعم.