شرح مختصر الخرقي - كتاب الجنائز (02)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.  

سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

قال -رحمه الله تعالى-:

كتاب: الجنائز

وإذا تُيقن الموت وجه إلى القبلة، وغمضت عيناه، وشد لحياه؛ لئلا يسترخي فكه، وجُعل على بطنه مرآة أو غيرها لئلا يعلو بطنه، فإذا أخذ في غسله ستر من سرته إلى ركبته، والاستحباب أن لا يغسل تحت السماء، ولا يحضره إلا من يعين في أمره، ما دام يغسل، وتلين مفاصله إن سهلت عليه وإلا تركها، ويلف على يديه خرقة، فينقي ما به من نجاسة، ويعصر بطنه عصراً رفيقاً، ويوضئه وضوءه للصلاة، ولا يدخل الماء فيه ولا في...

في فيه.

طالب: بدون في، فيه مباشرة، أحسن الله إليك الماء فيه.

الإشكال إنه يتعدى بدون حرف، لكن يحصل فيه لبس.

طالب: يكون فيه.......

هاه؟

طالب: يعني لو كان معداً في نفس الوقت، قال: ولا يدخل الماء فاه.

نعم.

طالب: أي نعم.

في فيه، نعم.

طالب: يا شيخ في فيه.

في فيه.

طالب: أحسن؟

نعم.

ولا في أنفه، فإن كان فيهما أذىً أزاله بخرقة، ويصب عليه الماء فيبدأ بميامنه، ويقلبه على جنبيه؛ ليعم الماء سائر جسمه، ويكون في كل المياه شيء من السدر، ويضرب السدر فيغسل برغوته رأسه ولحيته، ويستعمل في كل أموره الرفق به، والماء الحار وأشنان... كذا عندك يا شيخ؟

والأشنان.

والماء الحار والأشنان والخلال يستعمل إن احتيج إليه، ويغسل الثالثة بماء فيه كافور وسدر، ولا يكون فيه سدر صحاح، فإن خرج منه شيء غسله إلى خمس، فإن زاد فإلى سبع، فإن زاد حشاه بالقطن، فإن لم يستمسك فبالطين الحر، وينشفه بثوب، ويجمر أكفانه، ويكفن في ثلاثة أثواب بيض، ويدرج فيها إدراجاً، ويجعل الحنوط فيما بينهما، وإن كفن في لفافة وقميص ومئزر جُعل المئزر مما يلي جلده، ولا يزر عليه القميص، وجُعلت الذريرة في مفاصله، ويُجعل الطيب في مواضع السجود، والمغابن، ويفعل به كما يفعل بالعروس، ولا يجعل في عينه كافور، وإن خرج منه شيء يسير...

وإن أحب.

طالب: وإن أحب يا شيخ؟

وإن أحب أهله أن يروه لم يُمنعوا.

طالب: عندنا قبلها كلام.

أين؟

وإن خرج منه شيء يسير وهو في أكفانه لم يعد إلى الغسل وحُمل.

هاه؟

طالب:......

لا ليس بساقط، ليس عندكم "وإن أحب"؟

طالب: بلى تأتي بعدها يا شيخ.

متأخر، يعني في تقديم وتأخير ومغابنه أين؟

ومغابنه، لكن خطأ مطبعي، مكتوب عندنا والمفاين.

غلط مطبعي هذا سهل، تحريف، نعم.

وإن خرج منه شيء يسير وهو في أكفانه لم يعد إلى الغسل وحُمل، وإن أحب أهله أن يروه لم يمنعوا، والمرأة تكفن في خمسة أثواب قميص ومئزر ولفافة ومقنعة، وخامسة تشد بها فخذاها، ويظفر شعرها ثلاثة قرون، ويسدل من خلفها، والمشي بالجنازة الإسراع، والمشي أمامها أفضل، والتربيع أن يوضع على كتفه اليمنى إلى الرجل، ثم الكتف اليسرى إلى الرجل، وأحق الناس بالصلاة عليه من أوصى أن يصلي عليه، ثم الأمير، ثم الأب وإن علا، ثم الابن وإن سفل، ثم أقرب العصبة، والصلاة عليه يكبر الأولى ويقرأ الحمد لله، ويكبر الثاني ويصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما يصلي في التشهد، ويكبر الثالثة ويدعو لنفسه ولوالديه وللمسلمين، ويدعو للميت، ويكبر الرابعة ويقف قليلاً ويرفع يديه.

ما ذكر الدعاء؟

طالب: لا، عندك مذكور يا شيخ؟

مذكور الدعاء.

طالب: بعد قوله: "قليلاً" يا شيخ؟

ويدعو للميت، وإن أحب أن يقول: اللهم اغفر لحينا وميتنا، قال هذا، ذكر هذا في الحاشية: أنه من هنا إلى نهاية الدعاء لم يوضع ضمن المتن في طبعة المغني، ولعله في بعض النسخ دون بعض، نعم.

طالب:.......

لا، هو في أصل المتن يعني، لعله في بعض النسخ دون البعض، والنسخة التي شرح عليها ابن قدامه ليس فيها الدعاء، نعم.

ويكبر الرابعة ويقف قليلاً، ويرفع يديه مع كل تكبيرة، ويسلم تسليمة واحدة عن يمينه، ومن فاته شيء من التكبير قضاه متتابعاً، فإن سلم على الإمام ولم يقضِ فلا بأس، ويدخل قبره من رجليه إن كان أسهل عليهم، والمرأة يخمر قبرها بثوب ويدخلها محرمها، فإن لم يكن فالنساء، فإن لم يكن فالمشايخ، ولا يشق الكفن في القبر، وتحل العقد، ولا يدخل القبر آجوراً ولا خشباً ولا شيئاً مسته النار، ومن فاتته الصلاة عليه صلى على قبره، وإن كبر الإمام خمساً كبر بتكبيره، والإمام يقوم عند صدر الرجل، ووسط المرأة، ولا يصلي على القبر بعد شهر...

يصلى،.

طالب: عندنا منقوطة.

هاه.

وإذا يشاح الورثة في الكفن جعل بثلاثين درهماً، فإن كان موسراً فبخمسين، والسقط إذا ولد لأكثر من أربعة أشهر غسل وصلي عليه، فإن لم يتبين أذكر هو أم أنثى سمي اسماً يصلح للذكر والأنثى، وتغسل المرأة زوجها، وإن دعت الضرورة إلى أن يغسل الرجل زوجته فلا بأس، والشهيد إذا مات في موضعه لم يغسل، ولم يصل عليه، ودفن في ثيابه، وإن كان عليه شيء من الجلود أو السلاح نُحي عنه، وإن حمل وبه رمق غسل وصلي عليه، والمحرم يغسل بماء وسدر ولا يقرب طيباً، ويكفن في ثوبيه، ولا يغطى رأسه ورجلاه، وإن سقط من الميت شيء غسل، وجعل معه في أكفانه، وإن كان شاربه طويلاً أخذ وجعل معه، ويستحب تعزية أهل الميت، والبكاء غير مكروه وإذا لم يكن...

إذا.

طالب: عندنا فيها واو.

لا غلط.

إذا لم يكن معه ندب ولا نياحة، ولا بأس أن يصلح لأهل الميت طعام يبعث به إليهم، ولا يصلحون هم طعاماً يطعمون الناس، والمرأة إذا ماتت وفي بطنها ولد يتحرك فلا يشق بطنها، وتسطو القوابل عليه فيخرجنه، وإذا حضرت الجنازة وصلاة الفجر بدئ بالجنازة، ولا يصلي الإمام على الغال ولا على....

وإذا حضرت.

طالب: وإذا حضرت الجنازة وصلاة الفجر بدئ بالجنازة.

وإذا حضرت صلاة المغرب.

طالب: بعدها، عندنا قبلها ولا يصلي الإمام.

لا لا، هذا فاصل أجنبي.

طالب: عجيب! هذا موجود.

فاصل أجنبي، ليس مثل السابق، نعم.

ولا يصلي الإمام على الغال وعلى من قتل نفسه، وإذا حضرت وصلاة المغرب بُدئ بالمغرب، وإذا....

لا، هذه مع الجملة الأولى.

طالب: سم.

هذه مع الجملة الأولى، الفاصل أجنبي.

طالب: نعم، أحسن الله إليك.

وإذا حضرت جنازة رجل وامرأة وصبي جعل الرجل مما يلي الإمام، والمرأة خلفه والصبي خلفهما، وإن دفنوا في قبر يكون الرجل مما يلي القبلة...

واحد؟

طالب: ما في واحد.

وإن دفنوا في قبر واحد.

طالب: من غير وصف عندنا في قبر فقط.

نعم، ما يضر.

وإن دفنوا في قبر يكون الرجل مما يلي القبلة، والمرأة خلفه، والصبي خلفهما، ويجعل بين كل اثنين حاجز من تراب، وإذا ماتت نصرانية وهي حامل من مسلم دفنت بين مقبرة المسلمين ومقبرة النصارى، ويخلع النعال إذا دخل المقابر، ولا بأس أن يزور الرجال المقابر، وتكره للنساء، والله أعلم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

كتاب: الجنائز

الكتاب مر شرحه وبيانه والتعريف به مراراً، على عدد ما تقدم من ذكره في هذا الكتاب وغيره، وهو خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا كتاب، والجنائز مضاف إليه، والجنائز جمع جنازة، بالفتح والكسر جَنازة وجِنازة جمعها جنائز، والمراد بالجَنازة والجِنازة الميت مع سريره، أو الفتح للميت، والكسر للسرير، فالجنازة يراد بها الميت الذي هو الأعلى، والجِنازة بالكسر يراد بها السرير النعش الذي يحمل عليه الميت، وهذا مناسب، التفريق بينهما مناسب جرياً على قاعدتهم في أن الأعلى للأعلى والأسفل للأسفل، ومر بنا نظائر لهذا، كما قالوا في المايح والماتح، المايح بنقطتين من أسفل، والماتح بنقطتين من أعلى، فالماتح للأعلى الذي هو فوق البئر، والمايح هو الأسفل في أسفل البئر، فالماتح هو الذي يدلي الدلو بواسطة الرشاء لاستنباط الماء، وهو الأعلى، وله النقطتان العلويتان، ويقابله المايح بالياء الذي هو في أسفل البئر يملأ الدلو بالماء، وقالوا أيضاً: من هذا الباب دَجاجة بفتح الدال ودِجاجة بكسرها، قالوا: إنها بالفتح للذكر، وبالكسر للأنثى، وذكروا من هذا النوع أشياء، ومما ذكروه ما معنا الجَنازة والجِنازة.

وهنا يقول أحد الإخوان يقول: ذكر صاحب القاموس المحيط تعدد نطق اللفظ الجنازة، فهل يعني هذا جواز النطق بأيها أم أنه يوجد نطق مرجح؟

على كل حال من أراد أن يخص أحد اللفظين بأحد المسميين فلا مانع، وإن أطلق الكسر على أحدهما أو الفتح فلا مانع؛ لأن اللبس مأمون، حينما يتكلمون عن الجنازة فهم يريدون بها عرفاً الميت، فسواء قيلت بالفتح أو بالكسر لا ينصرف إلا إلى الميت، وليس هناك أحد يرى نعشا ويقول: هذه جِنازة أو جَنازة، لا، لكن قد يكون الأصل هو هذا، يعني: يطلق على السرير جنازة الذي هو النعش، على كل حال الأمر سهل، وإذا كان اللفظ ينطق على وجوه، وهذه الوجوه أمكن حمل كل وجه على حال لتخصيص كل حال بلفظ خاص هذا أولى، لكن لو نطق بغيره ما خُطئ الناطق، كما في الكسوف والخسوف، لا سيما وقد جاء باللفظين لهما إذ اجمعا ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا حياته)) فدل على أن الكسوف كما يطلق على القمر يطلق أيضاً على الشمس والعكس، والأمر سهل في مثل هذا، لكنهم يقولون: إن أمكن تخصيص كل معنى بلفظ خاص كان أولى، يعني نظير ما قالوا في أنواع المنقطع من الحديث، المرسل يقال له: منقطع، المعلق يقال له: منقطع، والمعضل يقال له: منقطع، والحقيقة اللغوية تساعد على هذا كله، لكن تخصيص كل لفظ بمعنى يختص به قالوا: هذا أولى، فالمرسل: ما رفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.

مرفوع تابع على المشهورِ

 

فمرسل أو قيده بالكبيرِ

 

والمعلق: ما سقط من مبادئِ إسناده من جهة المصنف راوٍ أو أكثر، والمعضل: ما سقط من أثناء إسناده راويان أو أكثر على التوالي، تخصيص يعني كل مصطلح له اسم خاص، يقولون: إن هذا أولى، وإن أطلق على الجميع المعنى الأعم فلا مانع من ذلك، والأمر في هذا فيه سعة، ولا مشاحة في الاصطلاح، يعني: إذا أطلقنا، إذا اصطلح أحد على تسمية المرسل منقطعا لا سيما وجاء ما يساعده من تعبير أهل العلم حينما يقولون: أرسله فلان ووصله فلان، أرادوا بذلك أنه لم يصل إسناده، في مقابل الاتصال، وقل مثل هذا في بقية الأنواع، لا مشاحة في الاصطلاح، والفقهاء وأهل الأصول وبعض أهل الحديث يطلقون على المرسل المنقطع والعكس، فلا إشكال في مثل هذا -إن شاء الله تعالى-.

وهذا قاعدة يطلقونها كثيراً "لا مشاحة في الاصطلاح" مع أننا ذكرنا مراراً أن هذه القاعدة غير مسلمة بإطلاق لا بد من تقييدها، فإذا كان الاصطلاح الذي يصطلحه الإنسان لنفسه ويبينه بحيث لا يبقى فيه لبس للقارئ أو السامع لا يخالف ما تقرر في علم من العلوم، تقرر عند أهله فإنه لا مشاحة في الاصطلاح، لكن إذا تضمن مخالفة لعلم من العلوم، لا سيما ما يترتب عليه حكم شرعي، فإنه حينئذٍ يشاحح فيه، وذكرنا من الأمثلة في هذا أن أعراف الناس تتفاوت في والد الزوج ووالد الزوجة، بعض الناس يسمونه عمَّا، وبعضهم يسمونه خالا، وحينئذٍ نقول: لا مشاحة في الاصطلاح؛ لأن هذا الاستعمال دارج في هذا وهذا على حد سواء، وأيضاً لا يترتب عليه حكم شرعي، لكن لو اصطلاح شخص يؤلف في الفرائض يقول: أنا أسمي أخ الأب خالاً، تسمونه عماً أنا أسميه خالا، مثل ما تسمون والد الزوجة خالا، أنا أسميه عمَّا ما الفرق؟ أو أسمي أخ الأم عماً، نقول: لا، هذا يترتب عليه أحكام شرعية، ويخالف ما تقرر في هذا العلم، وفي غيره من العلم، أخو الأم خال، وأخو الأب عم، ولا يمكن أن يصطلح على غير هذا؛ لأنه يترتب عليه تغيير في الأحكام الشرعية المتعلقة بهما، طيب لو قال: أنا اصطلح لنفسي أن يكون ما عن يمين القبلة جنوبا، وما عن يسارها شمالا، يقول: الشام في الجنوب، واليمن في الشمال، الناس يقولون العكس أنا سأصطلح هذا، ويؤلف في الجغرافيا ويكتب على هذا الأساس، نقول: لا، تخالف ما عليه جميع العقلاء، لو قال: السماء تحت، والأرض فوق، قلنا: لا، تشاحح في اصطلاحك، لو قال: الشمال في مكانه شمال، والجنوب في مكانه جنوب، لكن بدل ما ترسم الخارطة الشمال فوق والجنوب تحت يقول: أنا أعكس، نقول: لا مشاحة في الاصطلاح، أنت ما غيرت من الواقع شيئا، قلبت الخريطة فلا إشكال.

وابن حوقل من أقدم من ألف في الجغرافيا مشى على هذا، جعل الجنوب فوق؛ لأنه ما يختلف شيء، ما يغير من الواقع شيئا؛ لأن هذه القاعدة تطلق بكثرة في جميع العلوم ولا يقيدون، ولا مشاحة في الاصطلاح، نقول: لا، بل توجد مشاحة، وتذكر في مصطلح الحديث حينما يتكلم على اصطلاح البغوي في مصابيح السنة، البغوي في مصابيح السنة قسم الأحاديث إلى صحاح وحسان، فجعل ما في الصحيحين صحاحا، وما في السنن حسانا، ما في الصحيحين ليس فيه إشكال لا يشاحح به؛ لأنه مطابق للواقع، لكن ما في السنن يشاحح فيه؛ لأن فيها صحاحا، وكثير فيها صحاح، وفيها حسان وهو أكثر، وفيها ضعيف، فالذي يقرأ ومن الحسان ثم يذكر حديثاً ضعيفاً، يكون خالف ما اصطلح عليه أهل الفن أو ما خالف؟ وحينئذٍ يشاحح.

والبغوي إذ قسم المصابيحا
أن الحسان ما رووه في السنن

 

إلى الصحاح والحسان جانحا
رد عليه إذ بها غير الحسن

يخالف ما تقرر، ينقض ما في هذا العلم كله، يعني كلها حسان؟ ليس بصحيح، فيها الصحيح، وفيها الحسن، وفيها الضعيف، وفيها أمثلة كثيرة من الأنواع الثلاثة.

قال -رحمه الله-: "وإذا تُيقن الموت وجه إلى القبلة" إذا تُيقن، وعلى هذا لا تجوز المسارعة في تجهيز الشخص حتى تتيقن وفاته؛ لئلا يحصل أن يغسل ويكفن ويدفن وهو حي؛ لأن هناك حالات إغماء طويلة، وقد يكون الموت مثلاً دماغيا على ما يقولون، فما دام القلب ينبض فالشخص حي، ولو أجمع الأطباء على موته دماغياً، ولا يجوز التصرف فيه بحال، ولا نقل الأجهزة عنه ما دامت روحه في جسده، لكن قد يوجد من هو أرجى منه في الحياة، ممن يخشى موته إذا لم يسعف بالأجهزة، حينئذٍ يكون للاجتهاد مجال، وإلا فالسابق أولى من غيره؛ لأن الآن إذا قرروا وفاة الشخص دماغياً بدؤوا يراودون أقاربه في التبرع بأعضائه، مع أنه وجد قصص ووقائع وحوادث تدل على أن الحياة تعود له بعد أن قرر أطباء له الوفاة الدماغية، فهذه جناية على هذا الشخص، وقرر الطبيب وفاة امرأة وأدخلت الثلاجة، ولما فتحت الثلاجة وجدت جالسة، ميتة جالسة؟!!   

هذه جناية، ولذا يقول المؤلف وأهل العلم قاطبة: "وإذا تيقن الموت" قُطع به، ولذا الواجب في مثل هذه الحالات أن لا يستقل طبيب واحد بكتابة التقرير، بل يكون مجموعة من الأطباء أقل شيء ثلاثة يجتمعون وهم من أهل المعرفة والخبرة والثقة في هذا الباب، ويكتبون تقريرهم وحينئذٍ تتخذ الإجراءات إذا تُيقن الموت، لا سيما إذا كان الموت فجأة، لكن مثل هذه الحالة ينظر ويتأخر في تجهيزه؛ لئلا يكون من هذا النوع الذي أشرنا إليه، وإذا تُيقن الموت، يعني: بخروج الروح من الجسد، وهناك علامات يستدل بها على مفارقة الروح للجسد، من ذلك: ما جاء النص عليه: ((إن الروح إذ خرجت تبعها البصر)) ذكروا أشياء، منها: ميل الأنف، وانخصاف الصدغين، وبرود الأطراف، وغير ذلك من العلامات التي يستدلون بها، لكنها ليست قطعية، ينبغي أن يُتأكد من ذلك؛ لئلا يجنى على حي ويلحق بالأموات، وشخص من أهل العلم قبل سبعين سنة غرق، وانتشل من الماء، وقرروا وفاته وكفنوه وقدموه للصلاة، وما زال حي إلى الآن -قبل سبعين سنة هذا الكلام، فالعجلة في مثل هذه الأمور لا شك أنها مذمومة؛ لأنها قد تودي بحياة شخص حي، وهذه جناية عظيمة، فلا بد من التيقن، ولا بد من القطع بوفاته بخروج الروح من بدنه، ولذا قال: "وإذا تُيقن الموت وجه إلى القبلة".

طالب:.......

نعم.

طالب:.......

لكنهم إذا أرادوا ذلك لا يمنعون، الأمر إليهم، لكنهم لا يلزمون به، وشخص من المشهورين بالعلم احتاجت أمه إلى الأجهزة، فقال: لا، لا حاجة إلى الأجهزة؛ لأن الحياة في مثل هذه الظروف شبه عدم، يعني: لا قيمة لها، لا سيما إذا كان لا يستيطع أن يزيد في عمله الصالح لا بذكر ولا بصلاة، لا يستفيد منها، فيقول: الحياة التي تحتاج إلى أجهزة مع عدم الإحساس هذه لا قيمة لها، وفي الأخير تركها حتى ماتت، هل يقال: هذا من العقوق؟ يعني الأجهزة حادثة، والأمة ما زالت يعني من صدرها الأول، بل من بداية البشر ما احتاجوا إلى مثل هذه الأجهزة، على كل حال إذا أرادوا ذلك، وقد وجدت هذه الأجهزة مبذولة من بيت المال، فحقهم مثل غيرهم، يجب تلبية طلبهم، لكن الإشكال إذا احتاجت إلى أموال، هذه الأجهزة احتيج فيها إلى أموال، والمحتاج إليها لا يستطيع التصرف، هل تستأجر هذه الأجهزة من مال الميت أو من مال المتبرع من ورثته؟ هل يجوز استئجار هذه الأجهزة من مال الميت، ومن يتصرف في مال الميت؟ شخص فقد الوعي بسبب عملية جراحية بعدها فقد الوعي، فأراد أولاده أن يُتصدق عنه، فسألوا، سألوا الشيخ ابن باز -رحمه الله-، قال: من أموالكم لا بأس، وأما من ماله فلا، ونظير هذا إذا احتاج إلى الأجهزة وهو في هذه الحالة، هل نقول: إن هذا من مصلحته، وهو أولى الناس بماله؟ أو نقول: إنه لا يستطيع أن يتصرف في ماله إلا هو وهو لا يستطيع التصرف؟ يعني إذا كانت الأجهزة في المستشفيات الحكومية، وبذلت من غير مقابل هذا ليس فيه إشكال، لكن إذا كانت في مستشفى خاص، واحتاجت إلى بذل مال، فهل تكون من مال الميت أو من متبرع غيره؟ نعم؟

طالب:.......

على كل حال هو لا يستطيع أن يتصرف، حتى لو كان حيا لتصدق عن نفسه، لو كان حيا، كما في حديث سعد: "إن أمي افتلت نفسها، وأرى أن لو كانت حية لتصدقت، أفأتصدق عنها؟ قال: ((تصدق عن أمك)) فلا بأس، نعم؟

طالب:.......

ولا يمنعه من العمل الصالح إلا هذا المرض؟

طالب:.......

لا أرى ما يمنع -إن شاء الله-.

طالب:.......

لتطول حياته، فيجري عليه عمله، هذا وجه، لكن فيها نوع تعذيب وإن لم نحس به هو يُحس، هاه؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:..........
لكن فيها أنواع من التعذيب، وإن كنا لا نشعر بهذا، وحدثني ثقة عن مجموعة من الأطباء أن شخصاً فقد الوعي مدة طويلة، وقرر أطباء بوفاته دماغياً، فاستدعوا إخوانه الأربعة لتبرع بأعضائه فوافق ثلاثة وامتنع واحد، قال: أبداً، لا يمكن، لا نستطيع أن نتصرف فيه، فأراد الله -جل وعلا- أن عادت له الحياة، وصار يسمع ما دار بينهم، وصارت العداوة بينه وبين إخوته الثلاثة، وصار الرابع أقرب الناس إليه، وأحب الناس إليه الذي امتنع، القدرة الإلهية واللطف الإلهي يعني لا يمكن أن يصل إلى تحديده أحد، وأنه انقطع في هذه الفترة، على كل حال هذه مسألة تحتاج إلى مزيد عناية، وعلى من يبتلى بمثل هذا أن يتريث، ولا يستعجل في مثل هذه الأمور، هذا على القول بجواز التبرع بالأعضاء، وإن كان المترجح عندي أنه لا يجوز مطلقاً، كونه تكفيه أعضاؤه التي كتبها الله له، ويوافي الإنسان بأعضائه وبجسمه كاملاً، أفضل من أن يوافي به ناقصاً، والله -جل وعلا- قادر على رد ما أخذ منه، لكن يبقى أن هذا أشبه ما يكون بالمثلة، والتمثيل بالميت المسلم.

قال: "وإذا تُيقن الموت وجه إلى القبلة" والاستدلال لمثل هذا الحكم لا شك أن فيه شيئا من العوز والعسر، لكن القبلة أفضل الجهات، وهي خير مجالس، وجاء ما يدل على أنها قبلتكم أحياءً وأمواتاً، المقصود أن مثل هذا مقرر عند أهل العلم، ولا مانع منه، لكن كونه حكماً شرعياً أنه مستحب فيحتاج إلى دليل، على كل حال توجيهه إلى القبلة هو الأصل.

"وجه إلى القبلة، وغمضت عيناه" نعم؟

طالب:.......

هذا فيه الدليل، على جنبه الأيمن إلى جهة القبلة، وهذا من باب الإلحاق لا مانع منه؛ لأن النوم وفاة فهو من جنسه.

طالب:.......

في الصلاة، على جنبه الأيمن وإلا مستلقياً وجهه إلى القبلة ورجلاه إلى القبلة؟ على جنبه، فإن لم يستطع فعلى جنب، مثل الصلاة ومثل النوم.

"وغُمضت عيناه" لأن منظره مع فتح عينيه بعد وفاته منظر موحش، فإذا أغمضت عيناه لا شك أن هذا يرفع عنه هذه البشاعة التي توحش من يراه، وأيضاً لئلا يدخل فيها شيء من الهوام، وما أشبه ذلك، فيسرع إليها الفساد.

"وشُد لحياه" لأنه يسترخي، إذا مات استرخى "لئلا يسترخي فكه" فينفتح فوه، يبقى فمه مفتوحا، وهو أشد بشاعة من العينين، كما تغمض العينان يشد اللحيان؛ لئلا يسترخي الفك.

"وجُعل على بطنه مرآة أو غيرها" يعني يوضع على بطنه شيء يمنع من انتفاخه، وأنا ما أدري كيف خصصت المرآة، هاه؟

طالب:.......

ووزنها معروف؟ يعني مرآة بقدر ماذا؟

طالب:.......

لا، أي شيء خفيف يرتفع، وأي شيء ثقيل لن يرتفع، فلا يوضع شيء يسيء إلى الميت؛ لأن حرمته ميتاً كحرمته حياً، ولا يوضع شيء خفيف لا يفيد ولا ينفع.

طالب:.......

يعني لا تجرحه؟!

لو قيل بالعكس: إن المرآة لها حد كالسكين احتمال نعم، لو لوح من الخشب ليس بثقيل ولا خفيف يعني آمن من أن يخدشه، لو قيل: مشد يربط البطن به كي لا ينتفخ، ويساعد على إخراج ما بقي من فضلاته، لكن هم يقولون: يوضع شيء لا يسيء إلى الميت، ولا يكون وجوده مثل عدمه في الخفة؛ لأن له مصلحة من جهتين: الأولى: أنه يمنع من انتفاخ البطن، ومعلوم أن الميت إذا مات انتفخ، ويسهل خروج ما في الجوف من فضلات.

"مرآة أو غيرها؛ لئلا يعلو بطنه" نعم؟

طالب:.......

ثلاثة أيام.

طالب:.......

نعم.

طالب:.......

ما نعرفه، لكن المقصود أن مثل هذا هو المعهود أن الميت إذا مات انتفخ، وانتفاخه لا شك أنه ليس كمالا، لكن مع الإسراع في تجهيزه، إذا كان القصد الانتفاخ فقط لا تكون المدة كافية للانتفاخ، لكن يبقى أن وجود هذا الشيء المثقل الذي لا يسيء إلى الميت يساعد على خروج ما في بطنه وما في جوفه من فضلات.

"لئلا يعلو بطنه".

طالب:.......

هذا أول الأمر يستقبل به القبلة، وعند التغسيل يكون على ظهره.

طالب:.......

نعم، يقول: كيف نضع شيئا على بطنه، ونحن قررنا أنه يوجه إلى القبلة، ويكون على جنبه كالنائم؟ نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

هو قبل الغسل، لكن إذا قيل بتوجيهه إلى القبلة على جنبه حال النزع وبعده بيسير، فإذا تُيقن من خروج روحه، إذا تُيقن من ذلك، وأريد تجهيزه يوضع على بطنه ما يوضع.

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

نعم لابأس، وجه إلى القبلة حال موته وبعد موته، لكن يبقى أنه إذا أريد تجهيزه في مدة يسيرة لا يحصل فيه هذا الانتفاخ يوضع عليه هذا الأمر، يعني كل المسألة يسيرة ما تطول، يعني: لو مات في أول الليل مثلاً، ولم يجدوا من يغسله إلا في النهار، والوقت حار في الصيف، ويخشى عليه من الانتفاخ فيوضع على بطنه شيء.

يقول: ذكر صاحب الواضح في شرح مختصر الخرقي دليلاً على استحباب التوجيه إلى القبلة، حيث قال: لأن حذيفة قال: وجهوني؟

بالنسبة للمرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي يُبنى عليه الحكم، أنا لا أعرف دليلاً يثبت في ذلك، وأما ما جاء من عمومات وأقيسه وآثار هذا موجود، وذكره صاحب الواضح، وذكره صاحب المغني أيضاً، وغيرهم من الفقهاء يذكرون هذا.

"فإذا أخذ في غسله ستر من سرته إلى ركبتيه" يعني عورته تستر، ويكون غسل هذا الموضع من البدن من السرة إلى الركبة يكون من تحت السترة، ومن غير مباشرة باليد؛ لأن الغاسل يلف على يديه خرقة، أو يلبس قفازا، أو ما أشبه ذلك، ويباشر غسل العورة مع سترها عنه وعن غيره، لا يجوز أن يطلع، ولا يجوز أن ينظر إلى عورة حي ولا ميت، إنما يغسل من وراء السترة.

"فإذا أخذ لغسله ستر من سرته إلى ركبته" والمقصود بذلك الميت، مما يشمل الذكر والأنثى، ومعلوم أن الذكر يغسله الرجال، وعورة الرجل عند الرجال من السرة إلى الركبة، وإذا قلنا: إن هذه الجملة تتناول المرأة باعتبارها ميتا، والكلام على الميت، ويغسلها النساء فتستر عورتها، وكل على مذهبه في ذلك، فالذي يقول: إن عورة المرأة عند المرأة من السرة إلى الركبة، وهذا قول الأكثر، بل نُقل قول الجمهور، يكتفى بما ذُكر، والذي يقول: بما يدل عليه الدليل: إن عورة المرأة عند النساء كعورتها عند محارمها، وهو ما يدل عليه آية النور وآية الأحزاب، النساء عطفن ونسقن على المحارم، وما يحصل الآن في المجتمعات النسائية من تبرج وإظهار وإبداء للمحاسن كله اعتماداً على هذا القول: إن عورة المرأة عند المرأة من السرة إلى الركبة، ومع ذلك تلبس ما يصل إلى الركبة، ثم إذا جلست ما الذي ينكشف؟ حتى على قول الجمهور يجب أن ينزل عن الركبة أكثر من شبر؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، لا يمكن ستر الركبة إلا أن تنزل أكثر من شبر، يعني حتى على القول الذي فيه سعه هذا، وحصل بسببه ما حصل من تكشف ومن عري، يعني الناس ما يكفيهم أن يقفوا على ما يفتون به، عموم الناس ما يكفيهم، وحصل من ذلك مآسي في مواسم الأعياد والأفراح والأعراس ، وصور النساء بكامل الزينة، واطلع عليها الرجال من خلال نسائهم، وحصل ما حصل من أمور لا تحمد، فعلى أولياء الأمور أن يهتموا ويحتاطوا لأعراضهم، النساء في الغالب ما يقدرن الأمور قدرها، نعم يوجد من النساء الأخيار، يوجد من الصالحات المصلحات أصحاب التحري والاحتياط ممن يحتاط لنفسه، ويسدي النصح والتوجيه لغيره -هذا موجود ولله الحمد وبكثرة- لكن بالمقابل يوجد أصحاب التساهل والتراخي، وأتباع الموضات وأصحاب التقليد للعاهرات والفاجرات يوجد هذا، ((وحفت النار بالشهوات)) فهذا موجود حتى في بيوت بعض المنتسبين مع الأسف، تسمع الفتوى بأنه من السرة إلى الركبة تلبس القصير، فإذا جلست أو تحركت يرى كل شيء، وهي صادرة عن فتوى، أنا أقول: حتى على قول ما ينسب إلى الجمهور يجب أن تنزل السترة أكثر من شبر عن الركبة؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولا يخال أحد من أهل العلم ممن يقول بهذا القول يرضى للمسلمة أن تنكشف سوءتها إذا جلست؛ لأنها سترت ما بين السرة إلى الركبة، فينتبه لمثل هذا، بعض الناس يأخذ الأقوال ويفتي بالفتوى وهو لا يدرس عواقبها، وإذا قلنا بأنه يجب حال التغسيل ستر ما يجب ستره في حال الحياة قلنا: إن المرأة يجب ستر ما لا يجوز كشفه لمحارمها.

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

إن غسلها زوجها فعورتها عنده أو غسلته الأمر سهل.

طالب:.......

لا لا ما انقطعت، لو انقطعت ما جاز له تغسيلها.

سؤال من أغرب الأسئلة مر بي، وهو يتعلق بالموضوع، لكن لا يحسن ذكره في الدرس، يعني من أغرب الأسئلة مر عليَّ -سبحان الله-، يعني يصل الحد إلى مثل هذا عند الناس.

طالب:.......

أما تغميض العينين ففيه الدليل الذي ذكرنا صدره: ((إن الروح إذا خرجت تبعها البصر)) ففيه- حديث أم سلمة- أنه أمر بإغماض عينيه.

طالب:.......

كيف؟

تفضل.

طالب:.......

نفس الشيء يدخل، ((ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت)) ((غطِ فخذك، فإن الفخذ عورة)) حديث جرهد، أما كونه انكشف وانحسر فخذ النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في حديث أنس، فمعروف أن الإنسان في حال الركوب غير حال الاستقرار، لا بد أن ينكشف منه شيء ثم يُغطى.

طالب:.......

وما يقرب منها، يعني ما ينكشف غالباً عند أبيها وعند أخيها أطراف الساقين، وأطراف الذراعين، وما أشبه ذلك.

طالب:.......

على كل حال المسألة ترجع إلى العرف، عرف متوسطي الناس لا المتفسخين، ولا أصحاب الاحتياط التام والتشدد.

طالب:.......

على كل حال المسألة عرفية، لباس عرفي، يقرر أهل العلم أنه عرفي، وينظر فيه إلى أوساط الناس، وبعضهم يحده بمواضع الوضوء، وما تخرجه للوضوء.

قال: "والاستحباب أن لا يغسل تحت السماء" يعني في مكان مكشوف، ليس له سقف؛ لئلا يطلع عليه من لا حاجة إلى اطلاعه غير الغاسل ومن يعينه.

قال: "ولا يحضره إلا من يعين" نعم؟

طالب:.......

نعم، تحت السماء من غير سقف.

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

على كل حال لا يطلع الذي لا يغسل ولا يعين على غسله، لا يطلع لا على وجه ولا على رجليه ولا غيره، لا يطلع عليه إلا من يعين في أمره ما دام يغسل؛ لأنه لا يؤمن أن يحصل شيء يسوؤه، يحصل من تغيره بعد وفاته ما يسوؤه انتشاره.

قال: "ولا يحضره إلا من يعين في أمره ما دام يغسل" يعني من يباشر الغسل، ومن يصب الماء ويعين على ذلك.

طالب:.......

نعم، الحاجة تقدر بقدرها؛ لأنه لا يؤمن أن يحصل شيء، التغير لا بد منه بعد الوفاة، لكن بعض الناس قد يكون تغيره مقزز، ومنظره بشع لا يرضى هو أن يطلع عليه، ولا يرضى أهله وذووه أن يطلع عليه، وتبقى أن الغاسل ومن يعينه حاجة، والحاجة تقدر بقدرها.

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

نعم، تعليم التغسيل لمن أراد ذلك، هل يحضر للتعليم؟ يعني مثل ما يصنع في المستشفيات من تعليم الطلاب بعض علاج الأمراض والجراحات، وما أشبه ذلك، ومع الأسف أنهم يتوسعون في هذا توسعا غير مرضي، يؤتى بأستاذ معه عدد كبير من الطلاب، ويطلعون على امرأة، على علاج امرأة، والعكس يؤتى بأستاذ ومعه طالبات ويطلعون على علاج رجل، حتى في المواطن الحساسة، يعني الأعضاء التناسلية وما أشبه ذلك، هذا التوسع غير مرضي ألبتة، ولا تعارض مصالح دنيوية من علاج ونحوه بارتكاب محرمات كالنظر إلى العورات، يعني: هذا المريض المخدر من أجل إجراء عملية جراحية هل يرضى أو يرضى أهله وذووه أن يحضروه عشرات، قد يحضر عشرون أو أكثر من الطلاب يطلعون على سوءته، هذا لا يقره عقل ولا نقل، مهما كان الداعي إلى ذلك والضرورة إلى ذلك، يعني إذا أباح أهل العلم للطبيب المسلم الثقة نظر ولمس ما تدعو إليه الحاجة، قالوا: حتى الفرج إذا دعت الحاجة إلى ذلك، الحاجة تقدر بقدرها للطبيب فقط، ولا يتوسع هذا في التعليم ونحوه، ولا مانع من أن يوجد دمى أو حيوانات مثلاً يمرن عليها، أما بنو آدم الذين هم أكرم الخلق على الله -جل وعلا- {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [(70) سورة الإسراء] ابن آدم مكرم عند الله -جل وعلا-، فلا تكون كرامته تزول بهذه السهولة، يعني: لا مانع أن يوجد مجسمات يمرن عليها، والآن الآلات فيها من الدقة ما ينتج ما هو أقرب إلى الحقيقة، وتوسع الناس في وسائل الإيضاح في التعليم، وما يأتي مدرس إلا ومعه أشياء من المباح ومن المحرم، ويمرنون ويعلمون ويتوسعون، ثم النتيجة خريج الجامعة ما يعدل خريج الابتدائي سابقاً مع وسائل الإيضاح، وسيلة إيضاح بقدر السبورة، والمدرس الحصة كاملة يكرر قاف، طاء، قاف، طاء، ومرسوم قط كبير في هذه اللوحة، وفي النهاية بعد ساعة يقول الطالب: بس، هذا فاهم مع وسيلة الإيضاح؟!

طالب:.......

الأمور هذه تدرك بالتدريج مع الوقت، إذا رآها في الشارع: ما هذه يا أبي أو يا أخي؟ يعلمه وينتهي الإشكال، أقول: مثل هذه الأمور التوسع فيها ما أفادنا كثيراً، وأكاد أجزم أنها لم تفد شيئاً؛ لأن الناس تعلموا بطرائقهم البدائية وأدركوا أكثر مما أدركنا، يعني: هذه أمور يعني معروفة ومألوفة وفي البيوت وفي الشوارع، لا داعي لأن أجلب صورة مختلف في حكمها، بل الأصل دخولها في المنع في أحاديث تحريم التصوير، ثم بعد ذلك أمرن الطالب عليها، والنهاية؟ النهاية لا شيء، يعني مثل ما ذكر أحمد أمين في أوائل كتابه "فيض الخاطر" حينما تكلم على الكتاتيب في عهده، والمدارس في عهد ولده، قال: دخلنا الكتاتيب فإذا بشيخ منظره، شيخ كبير غير مرتب، ويلبس أسمالا وثيابا بالية، ومعه عصا طويلة، ويرعب من يراه، والماء في زير، يسقط الكوب في أسفله فيدخل الطالب يده إلى الإبط ليأخذ الكأس ويشرب، والأرض تراب، والسقف يهل عليهم من الغبار والتراب، أشياء كثيرة، ووصف بوصف مقلق ومؤذٍ، ثم ذهبت بولدي بعد خمسين عاماً لأدخله الروضة، فإذا بامرأة جميلة مرتبة ومسرحة وممكيجة، تستقبلنا في فناء مزروع، وفي سقف كذا، وبرادات وغير ذلك، المقصود أنه جعل هذا في أقصى اليمين، وهذا في أقصى الشمال، وختم المقال بأي شيء؟ قال: وفي النهاية حفظت القرآن ولم يحفظ ولدي شيئاً، هذا الكلام، يعني حينما يشرح، يعني حينما بدأ بالشرح وشرح الكُتاب على عهده لو اقتصرت على هذا تجزم بدخول مثل هذا الكُتاب، من سوء وقبح الوصف، يا إخوان ترى الوسائل التي يدعى عليها، لا نعارض في المباح، لكن يبقى أن التوسع في هذه الأمور أظن النتائج هي التي تحكم هذه التصرفات، قال: وفي نهاية حفظت القرآن ولم يحفظ ولدي شيئاً، فأيهما أفضل؟ القديم أفضل، نعم؟

طالب:.......

أي نعم.

طالب:.......

مابها؟

طالب:.......

على كل حال الأمور التجريبية ما تدعو إليه الحاجة لا بد منه بحدود المباح، يعني لا نتجاوزه إلى المحرم.

طالب:.......

مسألة التشريح وما التشريح معروف أن جثة المسلم لا يجوز تشريحها بحال.

طالب:.......

تعلم الناس من خلال النصوص النظرية، ثم بعد ذلك لما احتاجوا إلى العمل عرفوا، طبقوا النظري على العملي، ومشت أمورهم، النووي -رحمه الله- مكث شهرين أو ثلاثة يغتسل من قرقرة البطن، ثم بعد ذلك في كتابه المجموع وصف إذا جلس بين شعبها، ووصف الإيلاج وما الإيلاج بدقة متناهية أكثر من غيره، ومع ذلك هو لم يتزوج، هذه الأمور تدرك مع الوقت، ما نحتاج إلى أن نصفها ونشرحها للطلاب بوسائل إيضاح وما أشبه ذلك، حتى التصريح ببعض الألفاظ التي لا داعي لها الشرع يربأ وينأى بأتباعه عن مثل هذا، حتى ما يطعن في دين الإنسان، يعني في حديث وفاة أبي طالب، الرواة كلهم في النهاية قالوا: هو على ملة عبد المطلب، ولا واحد جرأ أن يقول: أنا على ملة عبد المطلب لسياق اللفظ الأصلي، لكن لما يحتاج إلى التصريح كل الرواة قالوا في حديث ماعز: "يا رسول الله إني زنيت" لأنه يحتاج في مثل هذا للتصريح، فلو جاؤوا به بضمير الغائب إنه زنى هذه ما يقرر به حكم شرعي.

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.