كتاب الطهارة من المحرر في الحديث - 06

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

"بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين.

 قال الإمام ابن عبد الهادي -يرحمه الله تعالى- في محرره:

"وعن أبي مسعود -رضي الله عنه- قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فوجدته يستن بسواك بيده يقول: «أُعْ أُعْ»، والسواك في فيه كأنه يتهوع. لفظ البخاري، ولفظ مسلم: دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- وطرف السواك على لسانه فحسْب.

 وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك»، رواه مسلم."

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين،

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري -رضي الله تعالى عنه- قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فوجدته يستن" يستاك، والاستنان هو الاستياك، "يستن بسواك بيده" بيده، ولم يأتِ بيان هذه اليد هل هي اليسرى أو اليمنى، وذكرنا ما في هذه المسألة في درس الأمس، وأن عامة أهل العلم على أن الاستياك يكون بالشمال، باليد اليسرى، وكان يعجبه التيمن في سواكه يعني البداءة بشقه، بشق الفم الأيمن يستاك، "يستن بسواك بيده، بسواك بيده" يعني بيده وصف كاشف وإلا فمعروف أن الاستياك لا بد أن يكون باليد كما هو معلوم.

 يقول: «أُعْ أُعْ» والسواك في يده كأنه يتهيَّع، كأنه يتهوَّع، يتهوَّع يعني يتقيَّأ، كأنه يتقيَّأ؛ لأن السواك إذا بولغ في استعماله على اللسان؛ لأن مما يُنظَّف اللسان، تُنَظَّف الأسنان ويُنَظَّف اللسان، فإذا أُدخل السواك إلى أقصى الحلق لتنظيف اللسان، اللسان تجدون أحيانًا يكون عليه طبقة بيضاء أو صفراء أو شيء من أثر الأكل، ومن أثر ما يدخل الفم، وما يتصاعد من الأبخرة من المعدة، يكون عليه طبقة تحتاج إلى إزالة، هذه الطبقة هذه تزال بالسواك، فإذا بُوْلِغ في ذلك وأُدخل السواك إلى أقصى الحلق تقيَّأ؛ لأنه كيف يستدعى القيء بالأصبع مثلاً بالأصبع، ويوضع الأصبع على طرف اللسان؟

لا، لا بد أن يجعل في أقصى الحلق، فمن هذه المبالغة في إدخال السواك إلى أقصى الحلق لتنظيف اللسان يكاد أن يتقيأ، وهذه مبالغة في تنظيف الفم؛ لأن الفم هو المجرى الذي يجري فيه الطعام إلى المعدة، فإذا لم ينظف لا يؤمَن أن يصاب الإنسان بداء؛ لأن النظافة مطلوبة. الأمر الثاني أنه هو مجرى الذكر، هو مجرى قراءة القرآن، لا بد من تنظيفه، وقد جاء في بعض الأخبار أن قارئ القرآن، القارئ للقرآن يدنو منه الملَك حتى يكاد أن يضع فيه إلى فيه، فلا بد من التنظف، ولا بد من التطيب، ولذا مُنع المصلي لاسيما الذي يصلي في المسجد من الثوم والبصل والكراث، وكل ما له رائحة كريهة، على ما سيأتي، إن شاء الله تعالى، فلا بد من تنظيف هذا المجرى؛ لأنه يضر بالبدن إذا أُدخل من خلاله الطعام وهو لم يُنظَّف، وأيضًا هو مجرى الذكر وتلاوة القرآن، فلا بد من تنظيفه.

 يقول: «أُعْ أُعْ» نعم هذه حكاية صوت، حكاية صوت. "والسواك في فيه كأنه يتهوَّع" والمراد بذلك أنه يوصل السواك إلى أقصى الحلق، فيصير أو ينتج من ذلك صوت كصوت من يتهيأ للقيء.

 "لفظ البخاري، ولفظ مسلم: دخلت على النبي -عليه الصلاة والسلام- وطرف السواك على لسانه فحَسْب" يعني لم يقل: إنه بالغ في إدخاله حتى كاد أن يتقيأ.

 "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-": «لخَلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك»، «عند الله يوم القيامة»، عندك يوم القيامة؟

طالب: ..........

«من ريح المسك» رواه مسلم، من مفردات مسلم؟

طالب: ..........

ما فيه يوم القيامة، على كل حال هي موجودة في بعض النسخ دون بعض، الحديث عند البخاري أو عند مسلم فقط؟

طالب: ..........

نعم، الحديث متفق عليه، وقد قصر المؤلف -رحمه الله تعالى- في عزوه «لخَلوف فم الصائم» خَلوف فم الصائم يعني الرائحة التي تنبعث من فمه؛ بسبب خلوِّ المعدة، بسبب خُلوّ المعدة، وهي رائحة في الدنيا كريهة، يعني الرائحة هذه في الدنيا رائحة الصائم لا شك أنها متغيرة، هذا في الدنيا، لكن جزاؤه في الآخرة أن تكون هذه الرائحة أطيب عند الله تعالى من ريح المسك، ونظير ذلك دم الشهيد، دم الشهيد في الدنيا قَذِر، لكنه في الآخرة ماذا يكون؟

طالب: ..........

نعم، لونه لون الدم، ورائحته رائحة المسك، فالجزاء نقول: من جنس العمل، دم بدم، وخلوف بخلوف؟

طالب: ..........

نعم، إذا كان العمل حسنًا فجزاؤه حسن، والصيام حسن، فجزاؤه حسن، الجهاد حسن جزاؤه حسن، لكن الأثر المترتب على العمل، الأثر المترتب على العمل مثل الخلوف ومثل الدم بالنسبة للشهيد هذا ليس هو العمل، إنما هو الأثر المترتب على العمل الحسن جزاؤه حسن، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، ما الذي أدخل هذا الحديث في هذا الباب؟ ما الذي أدخل هذا الحديث في هذا الباب؟ وهل المؤلِّف يريد بإدخال الحديث في هذا الباب أن الصائم يستاك أو لا يستاك؟ جاء بالحديث بعد أحاديث السواك.

طالب: ..........

يعني هل إدخال المؤلف، المؤلف ما أفصح بشيء، المؤلف لم يفصح بشيء، والمعلِّق على الكتاب يقول: إن تغير رائحة الفم لأجل الصيام أزكى عند الله وأطيب إليه، فلا حاجة إلى كثرة السواك لإزالته حال الصيام، وكذلك لا ينبغي ترك الاستياك لأجل إبقاء الخلوف؛ لأن المقصود منه الثناء على الصائم، لا على خلوفه، ثم السواك لا يذهبه بالكلية، ولعل هذا هو غرض المصنف من ذكره في هذا الباب، ماذا يُفهَم من كلام المعلِّق؟ الآن إدخال المؤلِّف- رحمه الله تعالى- هذا الحديث في هذا الباب بعد أحاديث السواك يدل على أنه يرى استياك الصائم أو عدم استياك الصائم؟

طالب: ..........

من هو؟

طالب: ..........

معروف مذهب الحنابلة في هذا، يُكرَه للصائم أن يستاك بعد الزوال؛ لأنه قبل الزوال ما فيه خلوف، وبعد الزوال فيه خلوف، وقد جاء مدحه، فتكره إزالته، فهل المؤلف أراد أن يستدل للمذهب على كراهة الاستياك بعد الزوال، أو يريد أن هذا الموضِع من مواضع الاستياك؛ لأنه أورده بعد أحاديث السواك؟

طالب: ..........

كيف؟

طالب: ..........

يعني لما ذكر الأحاديث في السواك وفضائل السواك، وحرص النبي -عليه الصلاة والسلام- على السواك مع كل وضوء، مع كل صلاة، إذا دخل البيت، ويبالغ في الاستياك -عليه الصلاة والسلام-، جاء المؤلف بهذا الحديث -رحمه الله تعالى-؛ ليستدل للمذهب على كراهية الاستياك للصائم بعد الزوال؛ لأن هذا الخلوف من الفم، «لخُلُوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك»، والاستياك على حد زعمهم يزيله، وجاء في الحديث «إذا صمتم فاستاكوا بالغداة، ولا تستاكوا بالعشي»، استاكوا بالغداة، ولا تستاكوا بالعشي، الحديث صحيح أم ضعيف؟

ضعيف، الحديث ضعيف، عمدتهم في هذه المسألة هذا الحديث الذي معنا حديث الباب، ويستشهدون بالحديث الثاني لبيان معنى الحديث، وجاء في الباب أيضًا: رأيت النبي -عليه الصلاة والسلام- ما لا أحصيه يستاك وهو صائم، يستاك وهو صائم، والأدلة العامة تتناول الصائم وغير الصائم إذا أضيف إلى ذلك كون الخُلُوف إنما ينبعث من المعدة، من المعدة لا من الفم، وإن أضيف إلى الفم؛ لأنه مجراه وخروجه منه، لكن مبعثه ومنشأه من المعدة، فالاستياك لا يزيله، لا يزيله، بعض السلف أُثِر عنه أنه إذا صام ادَّهَن ورطَّب شفتيه، ظهر للناس على حال تُفْهِم أنه ليس بصائم، وهذا لا شك أنه من إخفاء العمل الصالح، من إخفاء العمل الصالح، فهل نقول: إن مثل هذا يسعى في إزالة الخُلوف الذي هو أطيب عند الله من ريح المسك؟

 الخُلوف لا يزول بمثل هذا، لا يزول بمثل هذا، ولا أثر للأمور الخارجية على الخلوف؛ لأن مبعثه باطني داخلي، لا يزيله إلا ما يصل إلى منبعه ومبعثه، يعني لو صار بعد الظهر يشرب كأس نعناع مثلاً ممكن، لكن أمور دون المبعث، دون المنشأ لا أثر لها على الشيء، قد يخفف، لكن لا يقطعه، لا يقطعه؛ لأنه إذا كانت هذه الرائحة مبعثها من المعدة، والفم أيضًا فيه ما فيه فإن انقطع ما في الفم مما ينشأ عنه شيء من الرائحة يبقى ما في المنشأ الذي هو المعدة لا يمكن إزالته إلا بما يصل إلى المعدة، والذي يصل إلى المعدة مفطِّر، لا يمكن أن يستعمله الصائم، لا يمكن أن يستعمله الصائم، والذي يظهر أن المؤلف أراد أن يستدل للمذهب، وهو أن الصائم لا يستاك؛ لأن الاستياك يكون سببًا في إزالة هذا المحبوب عند الله- جل وعلا-، وإزالة المحبوب مكروهة، فهم يكرهون الاستياك للصائم بعد الزوال، وقد يفهم منه على بُعْد أنه يريد أن يقرر أن السواك لا أثر له في إزالة الخلوف، احتمال، ولذا جاء بهذا الحديث بعد أحاديث السواك، فهو على حسب فهمه لهذا الخُلوف ومبعث الخلوف، لكن كونه حنبليًّا، يعني لو الذي جاء به غير حنبلي ممن لا يكره الاستياك بعد الزوال قلنا: الاحتمال الثاني أقوى. وعلى كل حال الذي يهمنا من الحديث أن هذه الرائحة المكروهة عند الناس هي طيبة عند الله- جل وعلا-، وأن هذه الرائحة لا يمكن إزالتها إلا بما يقضي عليها من أساسها بما يدخل في الجوف، والذي يدخل في الجوف مفطِّر، ولا يمكن أن يستعمله الصائم.

طالب: ..........

نعم «أطيب عند الله» العندية هذه ماذا تفيد؟ العندية هذه ماذا تفيد؟ «أطيب عند الله يوم القيامة» تفيد أن الله -جل وعلا- يحيل هذه الرائحة من كذا إلى كذا، يحيلها من كذا إلى كذا، ظاهر؟ يحيلها من رائحة كريهة إلى رائحة طيبة، ما فيه أكثر من هذا.

"قال -رحمه الله-: وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء» قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة، قال وكيع: انتقاص الماء يعني الاستنجاء، رواه مسلم، وذكر له النسائي والدارقطني علة مؤثرة، ومصعب هو ابن شيبة، تُكلم فيه؛ قال النسائي: منكر الحديث.

 وعن جعفر بن سليمان عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: وُقِّت لنا في قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة ألا نترك أكثر من أربعين ليلة، رواه مسلم، وقال ابن عبد البر: لم يروه إلا جعفر بن سليمان، وليس حجة؛ لسوء حفظه، وكثرة غلطه، وقد وثق جعفر، وقد وثق جعفر ابن معين وغيره، وقال ابن عدي: هو عندي ممن يجب أن يقبل حديثه، وقد روى هذا الحديث أحمد وأبو داود.."

الحديثَ هذا الحديثَ.

"وقد روى هذا الحديثَ أحمد وأبو داود والترمذي من رواية ابن موسى الدقيقي، وفيه ضعف عن أبي عمران، وفيه وقَّت لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-."

وعن أبي هريرة..

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم قال-: «اختتن إبراهيم خليل الرحمن بعدما أتت عليه ثمانون سنة، واختتن بالقدَّوم»، متفق عليه، وهذا لفظ البخاري."

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم"-: «عشر من الفطرة، عشر من الفطرة» يعني الخلقة التي خلق الله الناس عليها، وفطرهم عليها، وجبلهم عليها، وأقرهم عليها، وجاءت الشرائع بإقرارها، ومنهم من يقول: الفطرة الدين، وهذه الخصال العشر من الفطرة، مِن هذه تبعيضية، يعني هذه العشر بعض الفطرة، والفطرة أكثر من هذه العشر، أو أن الفطرة هذه العشر، فتكون من بيانية، {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ} [سورة الإسراء:82]، من هذه تبعيضية أم بيانية؟ والقرآن كله شفاء، {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} [سورة فصلت:44]، فهل القرآن كله شفاء، أو منه ما هو شفاء، ومنه ما هو لجوانب الحياة الأخرى؟

 احتمال، احتمال، إذا قلت: القرآن كله شفاء، هو لا شك أنه شفاء للقلوب والأبدان كله، لكن الشفاء للأبدان الذي هو المتبادر {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ} [سورة الإسراء:82] لو جيء لك بشخص ترقيه فقرأت عليه سورة {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [سورة المسد:1]، القرآن كله شفاء يتجه أم ما يتجه؟

أو قرأت قصة البقرة {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً} [سورة البقرة:67]، وتنفث {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ} [سورة الإسراء:82]، أو نقول: منه ما هو شفاء للأمراض، ومنه ما هو شفاء لأمراض القلوب، ومنه ما هو شفاء، أو منه ما هو للأحكام، ومنه ما هو للعقائد، ومنه ما هو للقصص والاعتبار والادكار؟

 المقصود أن القرآن على أنحاء وأصناف أنزله الله -جل وعلا- لشفاء وعلاج جميع ما يحتاجه الإنسان في حياته، وفيه حل لكل ما يشكل على الإنسان من ولادته إلى وفاته، فمنه ما هو شفاء للأبدان، ومنه ما هو شفاء للقلوب، ومنه ما هو علاج لأدواء الأفراد والمجتمعات، فهو بالمعنى الأعم كله شفاء، وبالمعنى الأخص، هو لأمراض الأبدان تكون من تبعيضية.

 وهنا «عشر من الفطرة» هل نقول: إن هذه تبعيضية، والفطرة أكثر من هذه العشر، لكن نص عليها لأهميتها؟ تبعيضية؛ لأن هذا هو المتجه؛ لأنا إن حصرنا الفطرة بهذه العشر فهناك أمور أخرى مطلوبة من الإنسان غير هذه العشر، يعني من مطالب الدين غير هذه العشر لاسيما إذا قلنا: إن الفطرة هي الدين ما هذه العشر؟

«عشر من الفطرة: قص الشارب» قص الشارب، وجاء في بعض الروايات: حلقه، حلق الشارب، وجاء عن الإمام مالك -رحمه الله تعالى- التشديد في حلقه، وأنه مثلة، يؤدَّب فاعله، لكان جاءت به الرواية عند النسائي وغيره، وصحت به الرواية، فلعله مما يخير فيه.

 «وإعفاء اللحية» إعفاء اللحية توفير اللحية، إكرام اللحية، جاء الأمر بإعفائها، وجاء الأمر بتوفيرها، وجاء الأمر بتوفيرها وإعفائها وإكرامها، وجاء في وصفه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان كث اللحية، وأن قراءته في السِّرِّية تعرف باضطراب لحيته من خلفه -عليه الصلاة والسلام-، فلا يجوز التعرض لها بحال إلا إذا آذت، فالمؤذي أهل العلم يقررون أن ما يؤذي ولو جاء المنع من أخذه يؤخذ؛ لأن المؤذي يزال، فالضرر يزال في الشرع، أما إذا لم يصل إلى حد لم تصل إلى حد مؤذٍ، فلو قُدِّر أن للإنسان أهداب العيون أو الأجفان أو شيئًا من هذا طال طولًا يؤذيه، بحيث يدخل في عينيه، أو في شيء من زالك، يزال القدر المؤذي، وكذلك اللحية، أما إذا كانت لا تصل إلى حد مؤذٍ فما نتذرع بهذه الكلمة ونقول: كل شيء يؤذي، لا، الأذية التي لا تُحتَمَل، ولم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أي خبر، بل لم يُنقل عنه ولا بسند ضعيف أنه كان يأخذ من لحيته -عليه الصلاة والسلام-، لم ينقل عنه هذا، جاء عن بعض أصحابه كابن عمر أنه كان يأخذ في النسك ما زاد على القبضة، في النسك، وهو يتأول الآية محلقين ومقصرين، ويظن أن المطلوب الجمع بين الحلق والتقصير، هو يظن أن الآية- هذا فهمه- تدل على الجمع بين الحلق والتقصير في آن واحد، ولا يمكن أن يجمع بينهما إلا بهذه الطريقة إذا حلق رأسه ماذا يبقى؟ ماذا يقصر؟ ماذا يقصر؟ ما فيه إلا اللحية، فيأخذ منها ما زاد على القبضة، وهذا فهمه للنص، هذا فهمه للآية، مع أن الواو هذه للتقسيم، فهي بمعنى أو، فهي بمعنى أو، فتكون للتقسيم، وليست لمطلق الجمع، كما هو الأصل فيها، ولذا دعا النبي- عليه الصلاة والسلام- للمحلقين ثلاثًا، وللمقصرين واحدة، فدل على أن هؤلاء غير هؤلاء.

 والتساهل في هذا الباب هو الذي جرأ المسلمين على حلق اللحى، هو الذي جرأهم؛ لأن المقص إذا دخل فقد لا ينضبط، وسمعنا ممن ينتسب إلى العلم، يدرس العلوم الشرعية، ويقرر أن القبضة بالأصبع ما هي باليد، بالأصبع، وإذا دخل المقص وأخذ من الجهة اليمنى أخذ من اليسرى زاد قليلاً، ثم تنتهي، وهذا هو السبب الذي جعل الناس في سائر الأقطار يتساهلون، إضافة إلى ما أخبر به الصادق المصدوق أن هذه الأمة تتبع سَنن الأمم السابقة اليهود والنصارى، وهذا من التشبه بهم، وهذا من التشبه بهم، فلا شك أن العبث الذي يفعله كثير من الناس لا يدخل لا في النصوص، لا يدل عليه نص مرفوع ولا في الموقوف؛ لأنهم تساهلوا، فأخذوا ما زاد.

 أولاً هذبوا ونظموا ورتبوا، وهذه زائدة، وهذه ناقصة، رتبوها على حد زعمهم، ثم بعد ذلك مثل قسمة القِرْد لقطعة الجبن، هكذا يفعلون، ثم يتحايلون، والله أنا نعست عند الحلاق، وأنا ما أدري أيش أنا قائل له، خفف هذا كله، إذا مشى على السذَّج من الناس يمشي على مَن؟! أنت تتعامل مع مَن؟!

مع من لا تخفى عليه خافية، الذي يعلم السر وأخفى من السر! نعس عند الحلاق و.. فكثير منهم يستعمل هذا في أول الأمر، ثم إذا استمرأ هذا الأمر، ورآه الناس على هذه الحالة؛ لأنه ما يمكن في يوم واحد أن يأتي حليقًا، وانتهى الإشكال، لا، خطوات الشيطان، لا بد من اتباعها عند كثير من الناس القرد لما أُعطي قطعة الجبن يقسمها، قسمها قسمين كبيرة وصغيرة، وضع هذه في كفة وهذه.. رجحت هذه أكل من هذه حتى صارت أصغر من تلك، فأخذ من الثانية حتى.. إلى أن انتهى الجبن، هذا نفس الشيء يقول: والله الحلاق زاد على هذه، خذ ساوها، خذ من هذه، سبحان الله! يضحكون على مَن؟!

إلى أن آل بهم الأمر إلى أن حلقوا لحاهم، نسأل الله السلامة والعافية، فرضوا بمشابهة الكفار، وتركوا الاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- الذي تُعرف قراءته باضطراب لحيته.

 «وإعفاء اللحية والسواك» السواك، حلق اللحى قد يقال مثلاً إنه في حال الشباب ونضارة الوجه وكذا يمكن أن يمشي عند بعض الناس، لكن هذا شايب سبعون، ثمانون سنة، الشعر أستر لهم، ومع ذلك مبتلون بهذا، يعني هؤلاء ما حجتهم؟ ولا شك أن اللحية جمال للرجال، جمال للرجال، إضافة إلى أنها واجب شرعي، لا خيرة للإنسان فيه، لا خيرة للإنسان فيه، طبيب هندي كث اللحية دخل عليه شيخ أزهري، شيخ متخصص بالكتاب والسنة حليق، طبيب هندي لحيته إلى نصف صدره يدخل عليه شيخ أزهري فيقول له: أين اللحية يا شيخ؟ أين اللحية؟ قال اللحية سنة يثاب فاعلها، ولا يعاقب تاركها، قال: لا، ما فيه معلوم سنة، ما سنة الرسول مثلي أم مثلك؟! قال: لا والله مثلك!

 يعني أمور بدهية وأمور عادية، يعرفها عامة الناس، ومع ذلك خطوات الشيطان شيئًا فشيئًا إلى أن ينتهي، والله المستعان.

«وإعفاء اللحية والسواك» وقد تقدم ما فيه، واستنشاق «واستنشاق الماء» الاستنشاق جذب الماء إلى داخل الأنف بالنفس استنشاق الماء جذبه إلى داخل الأنف بالنفس، وسيأتي في صفة الوضوء «وقص الأظفار الأظفار» معروفة، واحدها ظُفر وظِفر، وإن كانت مرذولة عند أهل اللغة وأظفور «وقص الأظفار وغسل البراجم» البراجم العقد التي تتراكم عليها الأوساخ التي تكون على ظهور الأصابع واليد وما أشبه ذلك هذه العقد يجتمع فيها أوساخ ولا يُنظَر إلى حال من يعش عيشة ترف، يتنظف كل وقت، وتيسر له منظفات، تصوروا أنفسكم ما عندكم صابون ولا عندكم.. وبقي الدهن على اليد والزيت وكذا، والغبار يلصق والتراب يذكر الجيل الذي قبلنا أنهم ما يغسلون الدهن، ولا يحرصون على غسله، يرطب اليد، ويدهنون به الأرجل، ويدهنون به.. يحتاجونه، فمثل هذا إذا جاء غبار، أو شيء يلصق به، فيحتاج إلى تنظيفه.

 «وغسل البراجم، ونتف الإبط» الإبط معروف يخرج فيه شعر، تتراكم عليه الروائح المؤذية؛ بسبب العرق، مع ما يصاحب هذا الشعر من دهون، فلا بد من نتفه من أصله، من أساسه، ولا يتم ذلك إلا بالنتف؛ لأن الحلق يبقي أصول الشعر، والشعر فيه هذه المادة الدسمة التي تمسك بالعرق، وتمسك بغيره، فالسنة نتفه، وبعض الناس لا يطيق النتف، بعض الناس لا يطيق هذا النتف، لكن الذي لا يطيقه يعفى عنه، والشافعي -رحمه الله تعالى- كان يحلق إبطه بالموسى يقول: إنه لا يطيق النتف، والمسألة عادة، من تعوَّد شيئًا سهل عليه.

 «وحلق العانة» حلق العانة، والعانة ما يخرج من حول القبل من الشعر الخشن الذي به يعرف التكليف، أحد وجوه ما يعرف به التكليف.

 «وانتقاص الماء» انتقاص الماء فسره وكيع بأنه الاستنجاء، وهو إزالة أثر النجو، الغائط والبول، إزالة أثره بالماء، ويقابله الاستجمار الذي هو إزالة أثر الخارج بالأحجار، انتقاص الماء هو الاستنجاء.

 "قال مصعب: ونسيت العاشرة" نسيت العاشرة، ومصعب هو ابن شيبة على ما سيأتي، نسيت العاشرة، نسي واحدة من عشر، مقبول أم يرمى بسوء الحفظ؛ لأنه نسي واحدة من عشرة؟ لا يُرمى بسوء الحفظ، ولا يتكلم فيه بسبب ذلك، لكن الذي يحفظ حديثًا يحدث بحديث من خصلتين حث عليهما النبي -عليه الصلاة والسلام- قال الراوي: نسي الأعمش واحدة، ونسيت الثانية، لكن واحدة من عشر ما يؤثر في حفظ الراوي، النسيان لا بد منه.

 "قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة" التي هي شقيقة الاستنشاق والمضمضة جاءت بها النصوص على ما سيأتي في صفة الوضوء.

 "رواه مسلم، وذكر له النسائي والدارقطني علة مؤثِّرة، علة مؤثِّرة" أعله النسائي بالوقف على طلق بن حبيب قال: وهو أشبه بالصواب وقال الدارقطني: تفرد به مصعب بن شيبة، وخالفه غيره، فرووه غير مرفوع فعلته عندهما الوقف، لكنه مخرج في صحيح مسلم مرفوعًا، يعني الإمام مسلم يرجح ماذا؟

الرفع، والنسائي والدارقطني يرجحان الوقف، فهل نقول في مثل هذا الاختلاف بالموازنة بين من وقف ومن رفع، يعني عندنا على سبيل المثال حديث رفع اليدين بعد التشهد الأول، خرجه البخاري مرفوعًا، وحكم عليه الإمام أحمد بالوقف، وأنه من فعل ابن عمر، يعني هل نقول: إن الإمام أحمد إمام عظيم لا بد من أن نبحث عن مرجِّح بين قوله وبين تخريج البخاري؟ متى نفعل مثل هذا؟

 نفعل مثل هذا لو كان البخاري في مقابل أحمد، صحيح، نفعل هذا، يعني لو نقل الترمذي عن البخاري مثلاً أنه حكم على الحديث بالرفع، ونقل أو ذكر عن الإمام أحمد أنه يرجح الوقف، هنا نوازن بين الإمامين، نوازن بين الإمامين، لكن إذا كان حُكْم البخاري أو مسلم في صحيحيهما اللذَين تلقتهما الأمة بالقبول، فلا يُعدَل بهما غيرهما كائنًا من كان، وهل هذا لمجرد إمامة البخاري ومجرد إمامة مسلم، أو لتلقي الأمة لهذين الكتابين بالقبول؟

 لهذا الأمر ومعلوم أن تلقي الأمة لأي أمر بالقبول أعظم من مجرد كثرة الطرق وقوة الأسانيد، فمثل هذا لو نُقِل عن الإمام مسلم أنه حكم برفعه، ونُقل عن النسائي والدارقطني أنهما حكما بوقفه، نوازن، لكن حكم مسلم في صحيحه أنه مرفوع، وهؤلاء ثبت عنهما أنهما أعلاه بالوقف، لا نوازن؛ لأن الصحيحين أجمعت الأمة على تلقيهما بالقبول، وإذا تطاولنا على مثل الصحيحين فماذا يبقى لنا من السنة، فلا بد من العناية والاهتمام بهذا الأمر، وليس لطالب العلم مهما بلغت قدمه ورسخت في العلم أن يتطاول على الصحيحين؛ لأن هذا التطاول على السنة يعني ما يبقى لنا شيء نحتاط به لسنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، فعلى هذا المرجَّح الرفع، المرجح الرفع، ومثل هذا الكلام لا يمكن أن يقال من قِبَل الرأي، فلو قصَّر به راويه، ولم يرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ،وهو مرفوع على كل حال.

 "ومصعب هو ابن شيبة متكلَّم فيه، وقال النسائي: منكر الحديث" لكن وثقه ابن معين والعجلي، وأخرج له الإمام مسلم في صحيحه، فقد جاز القنطرة.

 قال -رحمه الله تعالى-: "وعن جعفر بن سليمان هو الضبعي عن أبي عمران الجَوْني عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: وُقِّت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة، ألا نترك أكثر من أربعين يومًا و ليلة، رواه مسلم".

 وُقِّت لنا في هذه الأمور التي تنمو مع الوقت ألا نترك أكثر من أربعين ليلةن فلا يجوز تركها أكثر من أربعين ليلة؛ لأنها تفحش وتقبح وتُستقذر، وجاء الأمر بإزالته،ا لكن لو لم يكن هناك إلا الأمر المطلق لقلنا: متى تزال في كل يوم، في كل أسبوع، في كل شهر، في كل سنة؟ احتمال، لكن جاء هذا الحديث ليحدد لنا المدة القصوى؛ لأنه أكثر من أربعين يفحش، وبعض الناس نموُّه أسرع من غيره، فمثل هذا إذا فحشت توجّه الأمر المطلق على مثله، وإذا كان نموُّها عاديًّا فالأربعين، لكن لا يجوز لأحد أن يتركها أكثر من أربعين، ولو كان نموها ضعيفًا؛ لأن هذا هو الحد الأعلى للمدة، وُقِّت لنا، قول الصحابي: وُقِّت لنا، أو أُبيح لنا أو رُخِّص لنا، كل هذه عند أهل العلم لها حكم الرفع من الذي يوقِّت لهم في قص.. مَن؟

الذي أمرهم بقصه هو الذي يوقت لهم، ويحدد لهم المدة، فهو مرفوع عند أهل العلم.

 "وُقِّت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة ألا نترك أكثر من أربعين ليلة، رواه مسلم، وقال ابن عبد البر: لم يروه إلا جعفر بن سليمان" معروف الضُّبَعي، "وليس بحجة لسوء حفظه وكثرة غلطه"، لكنه مُوثَّق عند أهل العلم عن ابن معين وغيره، وأخرج له مسلم محتجًّا به معتمدًا عليه، فلا كلام لأحد لاسيما والحديث في مسلم يعني لو جاءنا خبر من طريق جعفر بن سليمان خارج صحيح مسلم وقال فيه ابن عبد البر: ليس بحجة، وقال ابن عدي كذا، وقال فلان كذا نوازن بين الأقوال، لكن إذا روى مثل هذا المتكلَّم فيه في الصحيح لا شك أن هذا الخبر مما ينتقى من أحاديث هذا الراوي المتكلَّم فيه، يعني لو افترضنا أن هذا الحديث في سنن أبي داود، واختُلف في راويه ننظر في الاختلاف، لكن الحديث نفسه في صحيح مسلم، ولذا "قال ابن عبد البر: لم يروه إلا جعفر بن سليمان، وليس بحجة لسوء حفظه، وكثرة غلطه، وقد وثَّق جعفر ابن معين وغيره، وقال ابن عدي: هو عندي ممن يجب أن يُقبَل حديثه يجب أن يُقبَل حديثه، وقد روى هذا الحديث أحمد وأبو داود والترمذي من رواية صدقة بن موسى الدقيقي" يعني متابعًا لجعفر بن سليمان صدقة بن موسى الدقيقي ضعيف عند أهل العلم، ضعيف، لكنه جاء متابعًا لجعفر بن سليمان، وفيه: وقت لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيه تعيين الموقِّت فيه هذه المتابعة تعيين الموقِّت يعني الاحتمال قائم من الذي وقَّت قلنا: الذي يغلب على الظن الذي وقَّت هو الذي أمر بإزالتها، وهذا هو المعمول عند الجمهور، لكن هناك احتمال ثانٍ أن الموقِّت غيره، واحتمال ضعيف تعين هذا الاحتمال الأول بالرواية الأخرى، وتعيين أحد الاحتمالين يتم بالخبر، وإن كان ضعيفًا يعني إذا كان المعنى يحتمل أمرين المعنى يحتمل أمرين على حد سواء، ثم وجدنا ما يرجح أحد الأمرين نقبله وإن كان ضعيفًا، هذا معروف عند أهل العلم أنهم يرجحون بالضعيف، لكن لا يعتمدون على الضعيف، ولا يبنون عليه الأحكام ولا الأصول.

 "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم"- قال: «اختتن إبراهيم خليل الرحمن» اختتن إبراهيم، الختان قد جاء ذكره في سنن الفطرة، وهو قدر زائد على ما ذُكر عندنا الختان من سنن الفطرة، وجاء تعيينه والتنصيص عليه، وهو بالنسبة للرجال واجب اتفاقًا؛ لأنه لا يتم الواجب إلا به، لا يتم الاستنجاء إلا به، فهو واجب، وأما بالنسبة للنساء فقد أوجبه بعضهم واستحبه آخرون، وأقل أحواله الاستحباب بالنسبة للنساء، أما الرجال فلا خلاف في وجوبه في حقهم اختتن إبراهيم الخليل والختان، إنما يكون بقطع الجلدة التي فوق الذكر التي تحول دون تنظيفه «اختتن إبراهيم خليل الرحمن» اتخذه الله -جل وعلا- خليلاً، وهو أفضل الأنبياء بعد نبينا -عليه الصلاة والسلام-، وهو أول من يُكسى يوم القيامة، أول من يكسى يوم القامة، «اختتن إبراهيم خليل الرحمن بعدما أتت عليه ثمانون سنة»، والختان بالنسبة للرجال يجب قبل البلوغ، قبل البلوغ، فلماذا أخره إبراهيم -عليه السلام- إلى أن بلغ الثمانين؟

طيب ما ختن هو وبعد يبقى إلى ثمانين؟ نقول: هذا شرع من قبلنا؟ أو نقول: لم يفرض عليه إلا في ذلك الوقت بعد أن بلغ الثمانين؟

طالب: ..........

كيف؟

طالب: ..........

نعم ماذا فيه؟

طالب: ..........

نعم لما بلغ الثمانين وُجِب عليه وأُوحي إليه بهذا بعدما أتت عليه ثمانون سنة «واختتن بالقدُوم» أو القدُّوم بالتخفيف والتشديد ويُختَلَف في المراد به هل هو آلة النجار أو بلد قرية بالشام بعضهم يرجح الآلة كيفية القطع بالقدُّوْم تكون إيش؟ بالحز والا بالضرب؟ بالضرب، لا لا السكين الحز معروف هذا ما فيه أحد يبي يجيب القدوم تعرف شكله؟ هو معروف شكله القدوم آلة النجار؟ يعني خشبة طويلة في طرفها هو الفأس هو الفأس يعني الفأس بالطول والمسحاة بالعرض وكيفية القطع بالقدوم هو بالضرب لا بالحز ومثل هذا ممكن في هذا العضو الحساس الخطير؟ أو نقول هذه مسارعة في الامتثال باعتبار لم يجد آلة في وقت وجوبه عليه إلا هذه فاحتزه بهذه الآلة ما يلزم أن يكون يضرب بالقدُّوم هذا خطر هذا مبادرة بالامتثال وقد عرف بالمبادرة عليه السلام أُمر بذبح ابنه فتله بالجبين بدون تردد عرف بهذا عليه السلام بينما أمة كاملة تؤمر بذبح بقرة فذبحوها وما كادوا يفعلون فرق بين هذا وهذا فإبراهيم عليه السلام عُرِف بالمبادرة واستحق الخلة بهذه المبادرات بحيث أخرج من قلبه جميع ما يمكن أن يعلق به غير غير الله جل وعلا "متفق عليه وهذا لفظ البخاري."

"قال رحمه الله: وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن القزع متفق عليه وقال أبو داود حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا عبد الرزاق قال أنبأنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى صبيا قد حلق قد حلق بعض رأسه وترك بعضه فنهاهم عن ذلك وقال «احلقوه كله أو اتركوه كله» وهذا إسناد صحيح رواته كلهم أئمة ثقات والله أعلم."

نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن القزع، متفق عليه"، والقزع حلق بعض الرأس وترك بعضه، حلق بعض الرأس وترك بعضه تشبيهًا له بالسحاب المتقطع، السحاب المتقطع يشبه الرأس المحلوق المتروك بعضه قطع بيضاء وقطع سوداء وقطع يسمى قزعًا، وفي حديث الاستسقاء، وليس بيننا وبين..

طالب: ..........

نعم، ما فيه سحاب، ما فيه سحاب بينهم وبين سلع، فحلق بعض الرأس، وترك بعضه هو الأصل للصبيان الصغار يفعلونه بالنسبة للصبيان، وثبت النهي عنه، والأصل في النهي التحريم، وإذا كان هذا في الصبيان فالكبار من باب أولى، ويستعمل الآن بكثرة، يستعمله بعض الناس إما يتزينون به ويتجملون على حد زعمهم، وهذا لا شك أنه تقليد للكفار، ومنهم من يفعله جهلاً، يحلق بعض رأسه لاسيما هنا في مكة حتى يعتمر مرة، ثم يحلق بعضه، ثم يعتمر ثانية ويحلق جزءًا منه، ويعتمر ويحلق جزءًا إلى أن ينتهي، هذا قزع لا يجوز، ولا يبرره ما يتصورونه ويعتقدونه أن هذا كافٍ ومجزٍ للحلق.

 "وقال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى صبيًّا قد حلق بعض شعره" حلق أو حُلق؛ لأنه في الغالب لا يتولى شعره، "وترك بعضه أو وتُرِك بعضه فنهاهم عن ذلك"، نهى أهله؛ لأن التكليف إنما يتعلق بالكبار، فهم الذين يُنهَون عن ذلك، وهم الذين يؤمرون بأمره بالصلاة وضربه عليها "فنهاهم عن ذلك، وقال:" «احلقوه كله أو اتركوه كله»، نعم إما أن يحلق بعضه ويترك البعض هذا هو القزع المنهي عنه، هذا هو القزع المنهي عنه، «احلقوه كلها»، وفي هذا دليل على جواز حلق الشعر، جواز حلق الشعر وقال بعضهم: إن الحلق لم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بالنسبة لرأسه إلا في النسك، ولذا جزم بعضهم بأن حلق الرأس بدعة، وجاء ما يدل على أنه سيما الخوارج، وأنه لا يشرع إلا في النسك لا يشرع إلا في النسك، لكن هنا «احلقوه كله» دليل على جواز حلق الرأس وأيضًا أولاد جعفر لما جيء بهم إليه -عليه الصلاة والسلام- أمر بحلق رؤوسهم، فحلق الشعر جائز بهذه النصوص، وإن كان تركه وتوفيره وإكرامه أولى لمن يطيق ذلك، والذي لا يستطيع إكرامه يخففه، وأما في النسك فالحلق أفضل من التقصير، كما مر مرارًا، «احلقوه كله أو اتركوه كله».

 "وهذا إسناد صحيح، رواته كلهم أئمة ثقات" أبو داود، أحمد بن حنبل، عبد الرزاق، معمر، أيوب، نافع، ابن عمر، كلهم أئمة ثقات، فالعبث الموجود من قِبَل الكبار والصغار، الرجال والنساء لاسيما ما يشتمل على مشابهة للكفار أو الفساق والمُجّان لا شك في تحريمه، وأما الأخذ من الشعر وتخفيفه فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يأخذ من شعره؛ لأنه يطول، وأخذ نساؤه -عليه الصلاة والسلام- من بعده من شعورهن حتى صارت كالوفرة، يأخذن من شعورهن، لكن العبث الموجود بين شباب المسلمين والنساء المسلمات الموجود الآن ليس المنظور فيه إلى عمل النبي -عليه الصلاة والسلام- أو عمل أزواجه -رضوان الله عليهم- مسألة التدريج، ومسألة التمييل، ومسألة الموضات التي كل يوم يطلع على المسلمين موضة؛ بسبب تقليد الكفار لا شك في تحريم مثل هذا، فعلى الإنسان أن يتقي الله -جل وعلا- في نفسه وفيمن ولاه الله أمره من صغار وكبار، الإنسان الأصل أنه مخلوق للعبودية، ما خُلق حرًّا حرية كاملة يتصرف في نفسه كيفما شاء، نفسه ليست ملكًا له، لا بد أن تكون تصرفاته على مراد الله -جل وعلا-.

والله أعلم.

 وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.