شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (312)

 

 المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

طابت أوقاتكم بكل خير، وأهلًا بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم "شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح".

يتولى شرح أحاديث هذا الكتاب صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير، والذي نرحب به مع مطلع حلقتنا فأهلًا بكم فضيلة الدكتور.

حياكم الله، وبارك فيكم، وفي الإخوة المستمعين.

لتذكير الإخوة والأخوات لمتابعتنا نحن في الحديث مائة وخمسة وعشرين بحسب المختصر مائة وسبعة وخمسين بحسب الأصل، وهو حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: توضأ النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – مرة مرة نستكمل ما سبق، أحسن الله إليكم، يا شيخ.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد،،

فحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- خرّجه الإمام البخاري في موضع واحد في كتاب الوضوء، باب الوضوء مرة مرة، قال -رحمه الله-: حدثنا محمد بن يوسف، قال: حدثنا سفيان عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال: توضأ مرة مرة، توضأ النبي– صلى الله عليه وآله وسلم – مرة مرة.

يقول ابن حجر: الحديث المذكور في الباب مجمل، وقد تقدم بيانه في باب "غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة" وتقدم شرحه مستوفى، المفصل تقدم شرحه مستوفّى، يقول الكرماني: قوله: محمد بن يوسف المراد به إما البيكندي، وإما الفريابي، وسفيان إما ابن عيينة أو الثوري، والغالب أن البيكندي يروي عن ابن عيينة، والفريابي عن الثوري، ويحتمل أن يراد به الفريابي عن ابن عيينة؛ لأن السفيانين كليهما شيخاه، كما أن زيد بن أسلم شيخ للسفيانين، وكما أن ابني يوسف البخاري يروي عن محمد بن يوسف، والبيكندي والفريابي كلاهما محمد بن يوسف، كما أن ابني يوسف شيخا البخاري، الآن فيه أسماء يسمونها عند أهل العلم إذا لم تنسب بما يميزها عن غيرها مهملة، محمد بن يوسف عندنا أكثر من محمد بن يوسف، سفيان عندنا أكثر من سفيان، فمحمد بن يوسف تردد الكرماني هل هو البيكندي أو الفريابي، وسفيان أيضًا تردد فيه هل هو ابن عيينة أو الثوري.

 قال: والغالب أن البيكندي يروي عن ابن عيينة، والفريابي عن الثوري، ويحتمل أن يراد به الفريابي عن ابن عيينة؛ لأن السفيانين كليهما شيخاه، كما أن زيد بن أسلم شيخ السفيانين، وكما أن ابني يوسف محمد بن يوسف الفريابي، ومحمد بن يوسف البيكندي كلاهما شيخ للبخاري، لكن القاعدة التي ذكرها الحافظ الذهبي -رحمه الله- في آخر الجزء السابع من "سير أعلام النبلاء" للتمييز بين السفيانين؛ لأنه قد يأتي سفيان غير منسوب، مهمل يسمونه، وقد يأتي حماد غير منسوب يحتمل أن يكون سفيان الثوري، أو ابن عيينة، احتمال أن يكون حماد بن زيد، ويحتمل أن يكون حماد بن سلمة، ذكر قاعدة وإن لم تكن مطردة لكنها أغلبية، ذكر قاعدة: وأن..

إذا روي شيوخ البخاري القدماء الكبار عن سفيان فهو الثوري، وإذا روي الصغار عن سفيان فهو ابن عيينة؛ لأن وفاة الثوري متقدمة على وفاة سفيان بن عيينة، ويضبط هذا أيضًا من جهة أخرى أنه إذا كان الواسطة بينه وبين البخاري واحد فالغالب أنه ابن عيينة، وإذا كان الواسطة أكثر اثنين فهو الثوري.

المقدم: لتقدمه.

لتقدمه.

يقول الكرماني: فإن قلت: فهذا تدليس، إذ فيه الاشتباه المؤدي إلى كون الراوي مجهولًا فيلزم القدح في الإسناد، فإن قلت: فهذا تدليس؛ إذ فيه الاشتباه المؤدي إلى كون الراوي مجهولًا، فيلزم القدح في الإسناد قلت مثله لا يقدح فيه؛ لأن أيًّا كان منهم فهو عدل ضابط بشرط البخاري لا يتفاوت الحكم باختلاف ذلك، يعني إذا وجدنا في إسناد أو تردد الراوي بين ثقتين فإنه لا يؤثر؛ لأنه أين ما دار فهو على ثقة.

يقول ابن حجر: وسفيان هو الثوري، جزم ابن حجر، سفيان هو الثوري، والراوي عنه الفريابي لا البيكندي، وصرح أبو داود والإسماعيلي في روايتهما بسماع سفيان له من زيد بن أسلم، وتعقبه العيني بقوله: قلت: جزم هذا القائل بأن السفيان هو الثوري، وأن محمد بن يوسف هو الفريابي لا دليل عليه، لا دليل عليه، والاحتمال المذكور الذي ذكره الكرماني غير مدفوع فافهم، ثم قال: سفيان إما ابن عيينة وإما الثوري، والراجح أنه الثوري، الآن ابن حجر جزم بأنه الثوري، والكرماني تردد قبله، تعقب العييني كلام ابن حجر أن الجزم لا دليل عليه، والاحتمال ما زال قائمًا، والاحتمال المذكور الذي ذكره الكرماني غير مدفوع فافهم، ثم قال سفيان: إما ابن عيينة، وإما الثوري، والراجح أنه الثوري؛ لأن أبا نعيم صرح به، مع تصريح أبي نعيم ألا يستقيم جزم ابن حجر؟

مع تصريح أبي نعيم يستقيم جزم ابن حجر، فلماذا هذا الاعتراض؟! يقول ابن حجر في انتقاض الاعتراض، قلت: قد أثبت ما نفاه من دليل الشارح، قد أثبت يعني العييني، ما نفاه بنفسه من دليل الشارح على أنه الثوري، وإذا أثبت أنه الثوري لزم أن يكون محمد بن يوسف هو الفريابي؛ لأن البيكندي لم يدرك سفيان الثوري، فانظروا وتعجبوا، يعني ابن حجر جزم بأنه الثوري.

المقدم:....

سفيان هو الثوري، انتقد العيني جزم ابن حجر؛ لأن الاحتمال وارد، وقائم ثم قال: إن أبا نعيم صرح بكونه الثوري، مادام صرح بكونه الثوري ينتهي الإشكال، لماذا لا نجزم، لماذا هذا تردد مع تصريح أبي نعيم بكونه الثوري، والله المستعان.

قال -رحمه الله تعالى-: عن عبد الله بن زيد الأنصاري -رضي الله عنه-، أن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – توضأ مرتين مرتين.

راوي الحديث عبد الله بن زيد بن عاصم بن كعب الأنصاري المازني، أبو محمد صحابي شهير روى صفة الوضوء، وغير ذلك، ويقال: إنه هو الذي قتل مسيلمة الكذاب، واستشهد بالحرة سنة ثلاث وستين، عبد الله بن زيد عندنا أكثر من واحد.

المقدم: نعم.

ويحصل خلط بينهما.

المقدم: عبد الله بن زيد الذي رأى الأذان؟

الذي رأى الأذان.

المقدم: ليس أنصاري.

المقصود أنه ليس عبد الله بن زيد بن عاصم..

المقدم: نعم.

 ذلك عبد الله بن زيد بن عبد ربه يختلف.

المقدم: نعم.

 ومنهم من قال: هما واحد، لكن المحقق والمحرر أنهما اثنان، يقال: إنه هو الذي قتل مسيلمة الكذاب، والمعروف أن الذي قتله وحشي، قاتل حمزة، استشهد بالحرة سنة ثلاث وستين.

والحديث ترجم عليه الإمام البخاري بقوله: باب الوضوء مرتين مرتين.

قال ابن حجر: قوله: باب الوضوء مرتين مرتين أي لكل عضو.

قال العييني: أي هذا باب في بيان الوضوء مرتين مرتين لكل عضو.

قال صاحب التلويح: قد روى البخاري بعد من حديث عمرو بن يحيى عن أبيه عن عبد الله بن زيد أن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – غسل يديه مرتين، ومضمض واستنشق ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، وهو حديث واحد فلا يحصل استدلاله به في هذا الباب، اللهم إلا لو قال: إن بعض وضوئه كان مرتين، وبعضه ثلاثًا لكان حسنًا.

الآن هذا يعترض، صاحب التلويح يعترض على الترجمة، على الحديث بقول البخاري: باب الوضوء مرتين مرتين، والحديث ليس فيه غسل جميع الأعضاء مرتين، وإنما فيه غسل يديه مرتين ومضمض واستنشق ثلاثًا وغسل وجهه ثلاثًا، فلا يستقيم الترجمة بقول: باب الوضوء مرتين مرتين، قال: فلا يحسن –يقول: هو حديث واحد– فلا يحسن استدلاله به في هذا الباب، اللهم إلا لو قال: إن بعض وضوئه كان مرتين، وبعضه ثلاثًا كان حسنًا.

قلت: يقول العيني: هذا الاعتراض غير وارد؛ لأنه لا يمتنع تعدد القضية كيف والطريق إلى عبد الله بن زيد مختلف، نعم لو كانت قصة واحدة استقام ما قاله صاحب التلويح، لكن أكثر من قصة؛ لأن الراوي عن عبد الله بن زيد في هذا الباب غير الراوي عنه في الباب المشار إليه، والطريق إلى عبد الله بن زيد مختلف، ووجه المناسبة بين البابين ظاهر لا يخفى، هذا الباب "الوضوء مرتين مرتين" والذي قبله مرة مرة، مرتين مرتين إعرابهما كما مر مر، يعني مفعول مطلق مبين للعدد، ووجه المناسبة بين البابين ظاهر لا يخفى.

وقال ابن حجر: حديث عبد الله بن زيد هذا مختصر من حديث مشهور بصفة وضوء النبي–  صلى الله عليه وآله وسلم – كما سيأتي بعد من حديث مالك وغيره، لكن ليس فيه الغسل مرتين إلا اليدين إلى المرفقين، هذا يوافق كلام صاحب التلويح، نعم روي النسائي من طريق سفيان بن عيينة في حديث عبد الله بن زيد التثنية في اليدين والرجلين ومسح الرأس وتثليث غسل الوجه، لكن في الرواية المذكورة نظر سنشير إليه بعد إن شاء الله تعالى، عند شرح الحديث الثاني.

وعلى هذا، فحق حديث عبد الله بن زيد أن يبوب له باب: "غسل بعض الأعضاء مرة وبعضها مرتين وبعضها ثلاثًا"، وقد روى أبو داود والترمذي، وصححه ابن حبان من حديث أبي هريرة أن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – توضأ مرتين مرتين، وله شاهد قوي لرواية فليح هذه، فيحتمل أن يكون حديثه هذا المجمل غير حديث مالك؛ لاختلاف مخرجهما، والله أعلم.

يعني جاء حديث رواه أبو داود والترمذي وصححه ابن حبان أن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – توضأ مرتين مرتين، والبخاري قد يترجم بترجمة دليلها ليس على شرطه، ثم يذكر من شرطه ما قد يستدل أو يفهم منه ولو لبعض الأعضاء؛ لأنه إذا جاز في بعض الأعضاء مرتين جاز في البقية، والحديث المطابق لترجمته هو ما رواه أبو داود والترمذي وصححه ابن حبان من حديث أبي هريرة، أن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – توضأ مرتين مرتين، وله شاهد قوي لرواية فليح هذه، فيحتمل أن يكون حديثه هذا المجمل غير حديث مالك لاختلاف مخرجهما، والله أعلم.

 وعرفنا أن مرتين مرتين بالنصب فيهما على المفعول المطلق، الحديث مخرج من مسند أحمد، ما خرج في موضع آخر باعتبار أنه حديث مستقل، غير الحديث الذي يروى من طريق مالك، خرجه أيضًا ابن خزيمة، وترجم عليه "باب إباحة الوضوء مرتين مرتين".

المقدم: قال -رحمه الله تعالى- عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، أنه دعا بإناء، فأفرغ على يديه ثلاث مرات فغسلهما، ثم أدخل يمينه في الإناء، فمضمض واستنشق واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاث مرات، ويديه ثلاثًا إلى المرفقين، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجليه ثلاث مرات إلى الكعبين، ثم قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم -: «من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه».

راوي الحديث أمير المؤمنين ذو النورين عثمان بن عفان بن أبي العاصي بن أمية بن عبد شمس الأموي، أحد السابقين الأولين، وأحد الخلفاء الأربعة، والعشرة المبشرين، استشهد في ذي الحجة بعد عيد الأضحى سنة خمس وثلاثين عن ثمانين سنة، وهذا الحديث ترجم عليه الإمام البخاري بقوله: "باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا".

قال ابن حجر: قوله: "باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا" أي لكل عضو، وهذه فائدة تعدد العدد ثلاثًا، مثل ما تقدم مرة مرة مرتين مرتين، وهذه فائدة تعدد العدد ثلاثًا ليقابل تعدد الأعضاء، ولو لم يكرر العدد لاحتمل أنه توضأ وضوءًا كاملًا ثم أعاده ثانية، ثم أعاده ثالثة، لو قال: باب الوضوء ثلاثًا، لاحتمل أنه توضأ ثلاث مرات، توضأ كاملًا، ثم توضأ كاملًا، ثم توضأ كاملًا، لا ليس بالمراد، لكن لما قال: ثلاثًا ثلاثًا ليقابل الأعضاء المتعددة.

وقال العيني: أي هذا باب في بيان الوضوء ثلاثًا ثلاثًا لكل عضو، والمناسبة بين البابين باب الوضوء مرتين مرتين مع هذا الباب ظاهرة، ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة أيضًا، فإن فيه غسل الأعضاء المغسولة كلها ثلاث مرات، دعا بإناء في رواية شعيب، دعا بوضوء بفتح الواو اسم للماء المعد للوضوء، وبالضم الذي هو الفعل، الوَضوء: الماء، والوُضوء: الذي هو فعل المكلف، فعل المكلف الذي هو التوضؤ المصدر.

المقدم: مثل الطَّهور والطهور.

نعم، وبالضم الذي هو الفعل كذا في الفتح، وقال العيني: أي دعا بظرف فيه الماء للوضوء، دعا بماء، دعا بإناء، دعا بوضوء، هل يلزم أن نقول: دعا بظرف فيه الوضوء؟ المقصود: الماء، المقصود الوضوء، فهل يستدعي الأمر أن نقول: إنه دعا بالظرف الذي فيه الماء، معلوم بالضرورة أن الماء لابد له من ظرف؛ لأنا إذا قلنا: إذا دعا بظرف قد يكون الظرف فارغًا، يمكن أن يدعى الظرف وحده، الأصل في الحديث دعا بإناء، الذي هو الظرف، ومعلوم أن الظرف لا يؤتى به في هذا المقام الذي دعي فيه إلا وفيه ماء، ولو قال: دعا بوضوء كما في رواية شعيب، فالمراد الوضوء الذي هو الماء بظرفه.

قال ابن حجر: وفيه الاستعانة على إحضار ما يتوضأ به، قوله: دعا بإناء، كما يقرر أهل العلم أنه بالنسبة للمتوضئ تباح معونته، قالوا: وتنشيف أعضائه.

 المقصود أن الماء يصل إلى البشرة على الصفة الشرعية، كونه بفعله أو بإعانة غيره هذا لا يفرغ، مع أن الإنسان إذا عانى العبادة بنفسه تولاها بنفسه بلا شك أنه أفضل وأكمل، لكن كونه يستعين بغيره لا إشكال فيه.

المقدم: ليتحقق الوضوء لصعوبة أحيانًا يكون..

فأفرغ، يقول الكرماني: يقال فرغ الماء بالكسر، أي: انصب، وأفرغته أنا أي صببته.

المقدم: فرغ بالكسر.

نعم، فَرِغ.

المقدم: فرَغ من الانتهاء.

نعم، وأفرغته أنا أي صببته، وتفريغ الظروف إخلاؤها، على كفيه، ما عندك؟

المقدم: على يديه.

الذي في الأصل في البخاري، فأفرغ على كفيه ثلاثًا مرارًا، وعندك: فأفرغ على يديه ثلاث مرات، مع أنه في الترقيم أحال إلى هذا الموضع، مائة وتسع وخمسين، الحديث مخرج في مواضع، بعضها: بلفظ...

المقدم: فأفرغ على يديه.

لكن كون المعلق المحقق يرقم بهذا الرقم، لابد من مطابقة المختصر للأصل، مادام أحال على هذا الموضع، لكن لو رقمه برقم آخر يلزمه أن يلتزم بلفظه، وعليه أن يدور مع لفظ المختصِر، وينظر في أي موضع ذكره البخاري، أما وقد أحال إلى مائة وتسع وخمسين وهو في الأصل بلفظ: فأفرغ على كفيه، وعندنا في المختصر على يديه، وهناك أيضًا مفارقات ستأتي، قال: على يديه وهما الكفان، أو على كفيه وهما اليدان، والمراد هنا باليدين: الكف، والكف كما في "المصباح" من الإنسان وغيره أنثى.

قال ابن الأنباري: وزعم من لا يوثق به أن الكف مذكر، ولا يعرف تذكيرها من يوثق بعلمه، وأما قولهم: كف مخضب فعلى معنى: ساعد مخضب، وجمعها: كفوف، وأكف، مثل: فَلْس، وفلوس، وأفلس، قال الأزهري: الكف الراحة مع الأصابع.

المقدم: يعني ما يصح هذا كف.

لا، إلا على لغات شاذة حكى سيبويه: قال فلانة، على لغات شاذة.

المقدم: لا نقصد المشهور.

لا، ولا تعيد عليها الضمير المذكر.

المقدم: أمسك به، يعني بكفه أمسك بها.

نعم لا بد.

يقول: ولا يعرف تذكيرها من يوثق بعلمه، لقوله: ويقول ابن الأنباري، وأما قولهم: كف مخضّب فعلى معنى ساعد مخضب، معلوم أن الساعد ليس هو الكف، إنما هو بين الكف والمرفق.

قال الأزهري: الكف الراحة مع الأصابع سميت بذلك؛ لأنها تكف الأذى عن البدن، وتكفف الرجل الناس واستكفهم مد كفه إليهم بالمسألة، وقيل: أخذ الشيء بكفه، وكف عن الشيء كفًّا من باب قتل تركه، وكففته كفًّا منعته، فكف هو يتعدى ولا يتعدى، وكِفة الميزان بالكسر والضم لغة، كِفة الميزان بالكسر، والضم لغة، وأما الكِفة لغير الميزان فقال الأصمعي: كل مستدير كِفة بالكسر، وكل مستطيل فهو بالضم كُفة، كل مستدير كِفة، وكل مستطيل كُفة، كِفة الميزان مستديرة فيقال: كِفة، كُفة الثوب مستطيلة يقال لها: كُفة، وهي حاشيته، في المختصر على يديه– كما تقدم – والمراد بهما: الكفان، "ثلاث مرات" ماذا عندنا في المختصر؟ ثلاث مرات، وفي الأصل الذي أحال إليه: "ثلاث مرار".

قال ابن حجر: كذا لأبي ذر، وأبي الوقت، وللأصيلي، وكريمة ثلاث مرات بمثناة آخره، وفيه غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء، ولو لم يكن عقب نوم احتياطًا، قال القسطلاني: الظاهر أنه لما أفرغ على واحدة بعد واحدة لا عليهما، والظاهر أن المراد أنه أفرغ على واحدة بعد أخرى لا عليهما، يعني ما غسلهما جميعًا، يعني أدخلهما تحت شيء غسلهما جميعًا.

المقدم: لأنه قال ....

أفرغ هل يتمكن من الإفراغ على اليدين معًا؟

المقدم: ممكن..

كيف؟ هو بنفسه؟

المقدم: ممكن في بعض الأواني وإن كان شاقًا.

كيف يصنع؟

المقدم: مثل الأباريق هذه تمسك وتفرغ على اليدين.

بمشقة، لكن الأصل الإفراغ من يد إلى أخرى، يقول: الظاهر أن المراد أفرغ على واحدة بعد واحدة لا عليهما، وقد بيّن في رواية أخرى أنه أفرغ بيده اليمنى على اليسرى، ثم غسلهما، وقوله: غسلهما، قدر مشترك بين كونه غسلهما مجموعتين، أو متفرقتين، الآن بعد الصنابير الموجودة والمستحدثات ممكن، يسهل جدًّا.

والذي جزم به في الروضة من زوائده، الروضة لمن؟ جزم به أعني النووي، الذي جزم به في الروضة يعني النووي، له روضة الطالبين، من زوائده يعني على الرافعي أن الكفين كالأذنين- يعني يغسلان معًا – كالأذنين يمسحان معًا، والصحيح في الأذنين مسحهما معًا، فكذلك يغسل الكفان معًا، ويدل عليه من هذا الحديث أنه قال: فغسلهما ثلاثًا.

المقدم: هنا ما عندنا.

كيف؟

المقدم: فأفرغ على يديه ثلاث مرات فغسلهما.

ما فيه ثلاثًا، لكن بعض الروايات فيها: فغسلهما ثلاثًا.

المقدم: نعم.

فأفرغ على يديه ثلاث مرات فغسلهما، ما يحتاج أن نقول ثلاثًا؛ لأنه أفرغ ثلاث مرات في هذه الرواية، لكن في بعض الروايات فغسلهما ثلاثًا، ولو أراد التفريق لقال: ثلاثًا ثلاثًا، يعني مثل ما قال في الوضوء مرتين مرتين، ثلاثًا ثلاثًا، فغسلهما أي الكفين أو اليدين.

المقدم: نتوقف عند قوله: ثم أدخل يمينه في الإناء.

يقول: فغسلهما، نقف على فغسلهما.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم، نستكمل بإذن الله ما تبقى في حلقة قادمة، أيها الإخوة والأخوات، بهذا نصل إلى ختام هذه الحلقة في شرح كتاب "التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح"، لقاءنا بكم بإذن الله في الحلقة القادمة، وأنتم على خير، شكرًا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.