كتاب الصلاة من المحرر في الحديث - 35

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

قال الإمام ابن عبد الهادي -رحمه الله- في محرره:

وعن جابر -رضي الله عنه- قال: صلى معاذ لأصحابه العشاء فطول عليهم فانصرف رجل منا فصلى، فأخبر معاذ عنه، فقال: إنه منافق، فلما بلغ ذلك الرجل دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره ما قال معاذ، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أتريد أن تكون فتاناً يا معاذ؟ إذا أممت الناس فاقرأ بـ(الشمس وضحاها) و{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(1) سورة الأعلى] و{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [(1) سورة العلق] {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [(1) سورة الليل])) متفق عليه، واللفظ لمسلم أيضاً: وفي لفظ له: فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لما ثقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال: ((مروا أبا بكر فليصلِ بالناس)) قالت، فقلت: يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف، وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر؟ قال: ((مروا أبا بكر فليصلِ بالناس)) قالت: فقلت لحفصة: قولي له: إن أبا بكر رجل أسيف، وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر، فقالت له، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصلِ بالناس)) قالت: فأمروا أبا بكر يصلي بالناس، قالت: فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من نفسه خفة، فقام يهادى بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض، قالت: فلما دخل المسجد سمع أبو بكر حسه ذهب يتأخر، فأومأ إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قم مكانك، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى جلس عن يسار أبي بكر، قالت: فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بالناس جالساً، وأبو بكر قائماً، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر. متفق عليه.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا أم أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض، فإذا صلى وحده فليصلِ كيف شاء)) وفي لفظ: ((وذا الحاجة)) وفي آخر: ((الضعيف والسقيم)) متفق عليه، واللفظ لمسلم، ولم يقل البخاري: ((والصغير)).

وعن عمرو بن سلَمة الجُرمي قال:

سلِمة الجَرْمي، الجرْمي.

الجرْمي قال: كنا بماء ممر الناس، وكان يمر بنا الركبان فنسألهم ما للناس؟ ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ فيقولون: يزعم أن الله -عز وجل- أرسله، أو أوحى إليه، أو أوحى الله بكذا، فكنت أحفظ ذلك الكلام، فكأنما يغري في صدري...

يقر.

يغر في صدري.

يقر بالقاف.

بالقاف؟

يقر من القرار.

عندنا بالغين.

أو يقر.

فكأنما يقر في صدري، وكانت العرب تَلُوم بإسلامهم الفتح..

تَلوم يعني تتأخر.

تلَوم بإسلامهم الفتح فيقولون: اتركوه وقومه فإن ظهر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت واقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلما قدم قال: جئتكم والله من عند النبي حقاً، فقال: ((صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآناً)) فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآناً مني لِما كنت أتلقى من الركبان، فقدموني بين أيديهم، وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت علي بردة، وكنت إذا سجدت تقلصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطون عنا است قارئكم؟! فاشتروا، فقطعوا لي قميصاً، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص. رواه البخاري، وعند أبي داود: وأنا ابن سبع سنين أو ثمان سنين، وعند النسائي: وأنا ابن ثمان سنين.

وعن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "يكره أن يؤم الغلام حتى يحتلم" رواه الأثرم والبيهقي، ولفظه: "ولا يؤم الغلام حتى يحتلم".

وعن أبي مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة، سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً، ولا يؤمن الرجل الرجلَ في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه)) وفي رواية: "سناً" بدل سلماً. رواه مسلم.

وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم)) ثلاثاً ((وإياكم وهيشات الأسواق)) رواه مسلم أيضاً.

يكفي، يكفي، بركة.

هذا قرأناه أمس.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن جابر" وهو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري "-رضي الله تعالى عنه- قال: صلى معاذ لأصحابه العشاء" صلى معاذ لأصحابه وفي الحديث الآخر: "صلى لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" واللام بمعنى الباء.

"صلى معاذ بأصحابه" وهنا يتجه أن يقال: إنه صلى لأجلهم، وإلا فقد كان صلى خلف النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني إبدال الباء باللام هنا له وجه؛ لأنه صلى لأصحابه هو صلى بهم بلا شك إماماً بهم، وصلى أيضاً من أجلهم، وإلا فقد كان صلى خلف النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقد كان معاذ يصلي العشاء مع النبي -عليه الصلاة والسلام- في مسجده، ثم يأتي إلى أصحابه فيؤمهم ويصلي بهم، وهذا من أقوى أدلة من يقول بصحة صلاة المفترض خلف المتنفل، أما بالنسبة لصلاة المتنفل خلف المفترض فالخلاف فيها أضعف، يعني الخلاف في صلاة المفترض خلف المتنفل يعني موجود عند أهل العلم، ومنصور عند كثير منهم، لكن صلاة المتنفل خلف المفترض هذه لا إشكال فيها، والأدلة عليها كثيرة، هذا الحديث مما يستدل به من يقول بصلاة المفترض خلف المتنفل، والدلالة فيه واضحة.

الحنابلة عندهم أن المفترض لا يصلي خلف المتنفل؛ للاختلاف في النية، مع أن الاختلاف في النية يدخل في قوله: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه)) أو الاختلاف الذي تجب مراعاته الاختلاف في الأفعال والأقوال دون النيات؛ لأنه فصّل في الحديث: ((إذا كبر فكبروا)) ((إذا ركع فاركعوا)) ((إذا قال: سمع الله)) ((إذا سجد فاسجدوا))... إلى آخره، يعني فصّل ما يجب فيه الموافقة، وأما النيات فلا تعرض لها؛ لأن الموافقة والمخالفة المقصود بها من حيث الظاهر؛ ولذا يصح أن يصلي الظهر خلف من يصلي العصر على هذا القول، وإلا فالمسألة واحدة عند الحنابلة، لا يصلي مفترض خلف متنفل، ولا من يصلي الظهر خلف من يصلي العصر ولا العكس؛ للاختلاف في النية، ولذا الجمهور يلزمون من يصلي من المسافرين -قل جماهير أهل العلم يعني ما يعرف مخالف إلا الشعبي ونفر يسير- من يأتم بمقيم من المسافرين يلزمه الإتمام لوجوب الموافقة في الظاهر، وأما بالنسبة للباطن في النيات فهذا الحديث وما جاء في معناه لا يدل على وجوب الموافقة فيه، وإن كان عموم: ((فلا تختلفوا عليه)) يشمل، لكن التفصيل في الحديث يدل على أن الموافقة وعدم الاختلاف إنما يكون في الأفعال والأقوال لأن التفصيل جاء في الأقوال والأفعال.

المسافر إذا صلى خلف المقيم يلزمه الإتمام، وإن ائتم بمقيم لزمه الإتمام، طيب إذا ائتم بمقيم والصورة واحدة مسافر نام عن صلاة العشاء فوجد الناس يصلون الصبح، صح أنه ائتم بمقيم، لكن هل يلزمه الإتمام أو لا؟ مسافر دخل المسجد لصلاة العشاء يريد أن يصلي ركعتين وائتم بمقيم وجد الناس يصلون تراويح، يصلون ركعتين يلزمه الإتمام أو لا يلزمه؟ طيب قولهم: إن ائتم بمقيم هذا مقيم، يعني هل المنظور له الإمام أو الصلاة؟

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

الأمران؟

طالب:.......

إذا قلنا: الأمران يلزمه الإتمام، نعم؟

طالب:.......

نعم المنظور له الصلاة ((فلا تختلفوا عليه)) وصح أن من يصلي العشاء خلف من يصلي الصبح هذا مسافر وهذا مقيم ومثله إذا دخل لصلاة الظهر ووجد الإمام يصلي الجمعة، هل نقول: تصلي جمعة وتسقط عنك الظهر أو تصلي ظهر؟ الجمعة أفضل، لكن يلزمه إذا صلى الجمعة ألا يجمع معها العصر، وإن صلاها بنية الظهر جمع معها العصر، هذا الفرق.

من أوجه المخالفة بين الإمام والمأموم -وهذا لو كان في درس أمس كان أولى لكن ما يمنع أننا نأتي به- إذا خالف الإمام فترك سنة من السنن، ما رفع يديه لتكبيرة الإحرام أو للركوع أو للرفع منه، فلا تختلفوا عليه نقول: ما نرفع أيدينا؟ ما نرفع أيدينا لأن الإمام خالف؟ لا، العبرة بالسنة، ومن خالفها فلا عبرة به.

وهذه مسألة أيضاً يكثر السؤال عنها وهو إذا كان الإمام لا يجلس جلسة الاستراحة والمأموم يراها، نقول: يجلس جلسة الاستراحة، ولا يكون في هذا إخلال بالمتابعة؛ لأن العبرة بالسنة لا بمن ترك السنة.

"صلى معاذ لأصحابه العشاء فطول عليهم" معروف الحنابلة لا يجيزون مثل هذا؛ لأن صلاة المفترض خلف المتنفل لا تصح.

وعند أبي العباس ذلك جائز
يصلي بهم نفلاً وهم ذوو فريضة

 

لفعل معاذ مع صحابة أحمدِ
وقد كان صلى الفرض خلف محمدِ

"فطول عليهم" طول عليهم في القراءة، وفي بعض الروايات: أنه قرأ سورة البقرة "فانصرف رجل منا" انصرف رجل أتى إلى المسجد ومعه ناضحان، النواضح هي الإبل التي يستقى عليها الماء "فصلى" "فانصرف رجل منا" يعني انفرد، نوى الانفراد وصلى، وإن كان اللفظ يحتمل أنه قطع صلاته وصلى منفرداً "فانصرف رجل منا فصلى، فأخبر معاذ -رضي الله عنه-" ولا شك أن مثل هذا التصرف إذا لم يعرف سببه قطع العمل {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [(33) سورة محمد] هذا لا يجوز بدون سبب ولا مبرر، يعني من دخل في التطوع يقال له: المتطوع أمير نفسه أو يقال له: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [(33) سورة محمد]؟ يعني إذا صام يوم تطوع هل يقال له: أنت حر لأدنى سبب تفطر ولو من غير سبب؟ المتطوع أمير نفسه، أو نقول: لا، ما دام شرعت في العبادة لا يجوز لك أن تقطعها للنهي عن إبطال العمل؟ هذه مسألة خلافية بين أهل العلم، وهذا باستثناء الحج والعمرة إذا دخل فيهما لزمه الإتمام {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] وما عداهما يدخل فيه هذا الخلاف، يدخل في الخلاف.

هذا الذي انصرف لهذا المبرر مسكين يستقي طول النهار، وخاف على نواضحه أن تضل وتضيع عليه، فقطع الصلاة، أو نوى الانفراد، واللفظ يحتمل "فانصرف رجل منا فصلى، فأخبر معاذ" فمعاذ استعظم هذا الأمر، مسلم يقطع الصلاة بعد أن دخل فيها! "فقال: إنه منافق" هذا الوصف الشنيع الذي أطلقه معاذ، وجاء نظيره في نصوص "دعني أضرب عنق هذا المنافق" في حديث عتبان: ذكروا فلان وقالوا: منافق، نفسه مع المنافقين، فرد عليهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن هل عاقبهم؟ لا شك أن هذا يؤذي من اتهم بهذا، لكن الحق لا يعدوه، يعني لو طالب بحقه قال: أنا لست بمنافق، فأريد حقي من هذا؟ أو يقال: إنه يكتفى بما يستحقه من عقوبة في الآخرة؟ لأنه إذا قال الإنسان لأخيه: يا كافر إن لم يكن مستحقاً لها لا شك أن المسألة يعني فيها إثم عظيم، هل يقال: إن مثل هذه الأمور لا تدخل فيما يتعلق بالقذف ولو لم يكن بصريح القذف أو بلفظه أو بحده إنما تعزير، مثل لو قال: يا حمار، أو يا كلب، يعزر على هذا، لكن لو قال: يا منافق يعزر وإلا ما يعزر؟ نعم؟

طالب:.......

هذا الأصل، لكن الأمر لا يعدوه، يعني وهذا حق آدمي إن طالب به عزر حسب ما يراه الإمام، لكن ما في مطالبة، وإذا كان الدافع لهذه الكلمة الغيرة يغتفر وإلا ما يغتفر؟ يعني ما جاء في النصوص كلها الدافع فيها الغيرة، دعني أضرب عنق هذا المنافق؛ لأنه قد يكون سبب الإطلاق اللبس، يعني أطلقه مع تأويل سائغ، هذا ليش ترك الصلاة؟ لماذا ترك الصلاة وانفرد؟ يعني في تقدير عموم الناس لا شك أنها مخالفة، لكن السبب ظاهر، والعذر واضح، رجل يستقي على نواضحه النهار، ويريد النوم، ثم تفتتح سورة البقرة، ولذا شدد النبي -عليه الصلاة والسلام- على معاذ.

"فقال: إنه منافق، فلما بلغ ذلك الرجل دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره ما قال معاذ" من قوله له: إنه منافق "فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أتريد أن تكون فتاناً يا معاذ؟))" يعني تكون سبباً في فتنتهم، تُترك الصلاة من أجلك ومن أجل تطويلك؟! ولو لم تترك الصلاة بالكلية تترك الجماعة هذه فتنة، يعني صرف الناس عن الخير، عن الصلاة بالكلية، أو عن الصلاة في الجماعة هذه فتنة، هذا فتن للناس عن هذه الصلاة.

((أتريد أن تكون فتاناً يا معاذ؟ إذا أممت الناس فاقرأ)) بسور متوسطة ((بـ(الشمس وضحاها) و{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ} [(1) سورة الأعلى] و{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [(1) سورة العلق] {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [(1) سورة الليل])) هذه السور متوسطة، ليست من طوال المفصل، ولا من قصاره، سور متوسطة، هذه يحتملها الناس كلهم، حتى المريض يحتملها، والصغير وصاحب الحاجة يحتمل، لكن صاحب الحاجة المسكين الذي خشي على شيء من ماله أن يضيع أو على ولده، أو كان مريضاً، أو صغيراً لا يحتمل طول القيام يُقرأ بسورة البقرة! هذا بالنسبة للفريضة التي هي مطلوبة من جميع المكلفين، أما بالنسبة للنافلة، أو الإنسان يصلي لنفسه يطول ما شاء، النبي -عليه الصلاة والسلام- قام حتى تفطرت قدماه، وصلى بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران، لكن قد يقول قائل: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بصلاة المغرب بالأعراف، وصلى بالطور، صلى بالصافات، صلى بـ(ق) و(اقتربت) صلى بسور طويلة، وصلى في صبح الجمعة بـ(آلم) السجدة وسورة الإنسان.

أولاً: لم يكن عمله -عليه الصلاة والسلام- التطويل باستمرار، ولا يمنع أن يطول الإمام إذا رأى في المأمومين شيء من النشاط، وأنهم لا يكرهون ذلك، على أن لا يتخذ ذلك عادة، فالأعراف قرأها النبي -عليه الصلاة والسلام- مرة واحدة لبيان أن مثل هذا العمل شرعي وجائز إذا انتفت العلة ((فإن فيهم الصغير والكبير والمريض وذا الحاجة)) وإذا وجد مجموعة يرغبون في التطويل يطول بهم الإمام، ما في ما يمنع، والأدلة على ذلك ما ذكرنا من قراءة السور الطوال.

وأيضاً كون النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ بهذه السور، يقرأ بالصافات، ويقرأ بالأعراف، ويقرأ بكذا، ويقول لمعاذ: فاقرأ بالشمس وضحاها، و{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(1) سورة الأعلى] ... إلى آخره، هذا أسلوب من أساليب العلاج الشرعي، فإذا رأيت شخصاً يطيل الصلاة تأمره أن يقرأ مثل هذه السور، وإذا وجدت شخصاً ينقر الصلاة ما تقول له: اقرأ هذه السور، تقول: قرأ النبي -عليه الصلاة والسلام- بالأعراف، قرأ بالصافات من أجل إيش؟ أن تعالج ما عنده من خلل، من الأصل عنده تخفيف ونقر للصلاة تقول له: اقرأ بالشمس وضحاها؟! يمكن يقسمها في ركعتين، يقول: امتثلت؛ لأنه من الأصل هو ميال إلى التخفيف، بينما لو وجدت شخص ميال إلى التثقيل والتشديد تعالجه بمثل هذه السور، وهكذا جاءت النصوص الشرعية إذا وجد شخص عنده غلو وتشدد تورد عليه نصوص الوعد من أجل إيش؟ أن تكسر ما عنده من حرارة، وإذا وجدت مرجئاً أو متساهلاً تعالجه بنصوص الوعيد، تعالجه بنصوص الوعيد، وهكذا جاءت النصوص للتكافؤ ولعلاج أوضاع الناس، سواءً كانت مجتمعات أو أفراد.

عبد الله بن عمرو يقوم الليل كله، ويقرأ القرآن في يوم، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((اقرأ القرآن في شهر)) شهر يعني كل يوم جزء، قال: أطيق أكثر من ذلك، ويش الجزء؟ قال: ((اقرأ مرتين في الشهر)) قال: نطيق أكثر من ذلك، قال: ((ثلاث مرات في الشهر)) يعني يبدأ بمثل عبد الله بن عمرو لأنه مندفع بالأسهل، ثم قال له في النهاية: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) مع أنه حث على الإكثار من القراءة، كل حرف عشر حسنات، هل في هذا تعارض؟ ما في تعارض، لو كان شخص هاجر للقرآن متى تقول له: اقرأ القرآن في شهر؟ عثمان يقرأ القرآن في ركعة يا أخي وين أنت؟ أقول: المقصود أن مثل هذا العلاج الشرعي ينبغي أن يواجه كل شخص بما يناسبه، والحمد لله عندنا النصوص كفيلة بمعالجة جميع الأمراض.

لما قرأ سورة البقرة وانصرف هذا الرجل الذي تعب النهار كله في سقاية الماء على هاتين الدابتين، قال له: اقرأ بـ(الشمس وضحاها) و{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(1) سورة الأعلى] و{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [(1) سورة العلق]   {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [(1) سورة الليل].

قال: "متفق عليه، واللفظ لمسلم أيضاً: وفي لفظ له: فانحرف رجل فسلم" انحرف رجل فسلم، ما قلنا: احتمال أن يكون قطع صلاته واحتمال أن يكون نوى الانفراد؟ نعم الآن النص قال: فسلم، سلم طيب أقيمت الصلاة وأنت في النافلة ما أتممت ركعة كاملة تقطع الصلاة بسلام أو بدون سلام؟ نعم؟ لأنه قال: فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده.

"وفي لفظ له -يعني لمسلم-: فانحرف رجل فسلم" وهذه يحتاجها كل إنسان، يكبر للنافلة ثم تقام الصلاة، خلاص ينوي قطع الصلاة ويلتحق بهم أو يسلم؟ مقتضى هذا أنه قال: فسلم، ثم صلى وحده وانصرف.

هذا فعل صحابي وليس من علمائهم ولا من مشاهيرهم، يكفي في الاحتجاج به، أو نقول: إنه في وقت التنزيل؟ نعم في وقت التنزيل لو لم يكن مشروعاً لأُنكر عليه، فعلى هذا من أقيمت الصلاة وهو في أول النافلة يسلم ثم يلتحق بهم.

"ثم صلى وحده وانصرف" قد يقول قائل: هذا الرجل فوت على نفسه سبع وعشرين درجة، ويكون في ذمة الله حتى يصبح، فوت سبعة وعشرين درجة على شان نواضح من أجل الدنيا؟! يعني من نعم الله أن جاءت مثل هذه النصوص، وإلا فالدنيا بحذافيرها لا تقوم بركعتي الصبح النافلة ليست الفريضة، لكن هذا تشريع للأمة إلى قيام الساعة، يعني لبين الأعذار الذي يجوز الانصراف بسببها من الصلاة، والانفراد.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت...

الحديث -الحديث الذي يلي هذا- حديث أبي هريرة، والأولى أن يكون بعد حديث جابر.

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا أم أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض، فإذا صلى وحده فليصل كيف شاء)) وفي لفظ: ((وذا الحاجة)) وفي آخر: ((الضعيف والسقيم)) متفق عليه، واللفظ لمسلم، ولم يقل البخاري..." هذه هي العلة، علة الأمر في التخفيف ((إذا أم أحدكم الناس فليخفف)) إذا ائممت الناس فاقرأ بهذه السور القصيرة والمعنى واحد، والعلة؟ ((فإن فيهم الصغير)) الذي لا يحتمل، والكبير الذي ضعفت قواه من الكبر، والضعيف نضو الخلقة الذي لا يثبت طويلاً، والمريض الذي يخشى عليه أن يسقط ويقع ((فإذا صلى وحده فليصلِ كيف شاء)) يعني من غير أحد.

طيب، دخل وقت صلاة الصبح فقال: ما دام النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إذا صلى وحده فليصلِ كيف شاء)) أنا أريد أن أقرأ عشرة أجزاء في صلاة الصبح، أطول كيف أشاء ما معي أحد، له ذلك وإلا ليس له ذلك؟ يعني ولو خرج الوقت؟ له أن يطول ما شاء ولو خرج الوقت؟ إذا أدرك ركعة أدرك الوقت، لكن إذا لم يدرك ركعة، طول الصلاة قرأ القرآن كامل، الركعة الأولى أخذت ثلاث ساعات أربع ساعات، وخرج الوقت، نقول: لا، أنت ما أدركت ركعة، وعلى هذا فوت الوقت، لكن في حال ما لو إذا أدرك ركعة ثم خرج الوقت نقول: أدركت الوقت، وتدخل في: ((فليصلِ كيف شاء)) لكن ليست هذه السنة، لكن هذا الأصل الذي معنا الحديث أصل في كونه يطول كيف يشاء إذا صلى وحده، نعم؟

طالب:.......

النافلة ما فيها إشكال، حتى لو صلى معه غيره يطول، النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى معه من صلى حذيفة وغيره وطول بالنسبة للنافلة، وابن عباس وغيرهم لكن بالنسبة للفريضة إذا صلى وحده كيف شاء يشمل النافلة والفريضة، والحديث في الفريضة ((إذا صلى وحده فليصلِ كيف شاء)) إذا أدرك ركعة كاملة من الوقت أدرك الوقت، وحينئذٍ تكون صلاته قضاء وإلا أداء؟ أداء، طيب إذا صارت أداء كلها أداء هذا القول المرجح عند أهل العلم، ولو كان بعضها خارج الوقت، ومنهم من يقول: ما أدركه في الوقت أداء، وما لم يدركه في الوقت قضاء، ثم جاء شخص وائتم به في الركعة الثانية بعد خروج الوقت، على القول بأن الصلاة كلها أداء نقول: هذا أدرك وإلا ما أدرك؟ ما أدرك، ولو كانت صلاة الإمام أداء، ولا شك أن مثل هذا خلاف يعني كونها كلها أداء خلاف القواعد المعروفة المقررة عند أهل العلم، لكنه على طريقة الانعطاف، مثل إيش؟ مثل من نوى صيام النفل من النهار، جاء الساعة التاسعة إلى البيت وقال: عندكم فطور؟ قالوا: ما عندنا، قال: أنا إذاً صائم، يكتب له الصيام من أول النهار وإلا من أثنائه؟ من أول النهار، والنية تنعطف حينئذٍ.

يقول: الذي يسلم حينما سمع الإقامة يجلس إذا كان قائماً حتى يسلم؟

لا، يسلم وهو قائم كالجنازة.

طالب:.......

ويش هو؟

طالب:......

حكاية هذه.

طالب:......

ما جاء به، ومثله الشمس، والشمس.

طالب:.......

عندك والشمس وضحاها، نفسها.

طالب:.......

لا، أحياناً يشكل الزيادة ما هو بالنقص، هاه؟ الذي يشكل الزيادة ما هو بالنقص، النقص سهل يعني، نعم؟

طالب:.......

هو حذف واو القسم معروف، هو حذف واو القسم هنا، لكن حذف واو القسم كما حذف الكلمات التي بعدها، نعم، لكن الإشكال في الزيادة، يعني في حديث هرقل: "ويا أهل الكتاب".

طالب:.......

على كل حال الزيادة مشكلة، الزيادة ما هي بمثل النقص.

طالب:.......

ينصرف إذا وجد مبرر ينصرف، إذا حس بمغص وإلا شيء ينصرف، يخفف ويمشي، نعم؟

طالب:.......

إذا أدرك ركعة.

طالب:.......

لكن عموم الحديث عموم، الحديث ما فيه إشكال، لكن هل هو الأفضل أو غير الأفضل؟ هذه مسألة ثانية، لكن من أدرك عموم ((من أدرك ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)).

طالب:.......

لكن الأصل في الحديث عموم، لكن هل هو الأفضل يعرض صلاته للخطر؟

طالب:.......

لا شك أنه إذا قصد ذلك وتحراه تحرى طلوع الشمس وتحرى غروبها أشبه المشركين، إذا كان قد تحرى، إذا كان تحري، لكن إذا كان من غير تحري فأدرك الوقت.

طالب:.......

إيش؟

طالب:.......

هو معروف من أدرك ركعة فقد أدرك الوقت.

طالب:.......

يعني على الخلاف في أوائل الأوقات وأواخرها، هل ينتهي وقت صلاة العصر باصفرار الشمس أو بالغروب؟ ما لم تغرب الشمس في حديث عبد الله بن عمرو، ما لم تغرب الشمس.

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

حديث عبد الله بن عمرو في مسلم، عندنا عندنا، مر بنا مراراً.

طالب:.......

ما هو عندك؟

طالب:.......

عندك رقم كم؟

طالب:.......

ما لم تصفر الشمس، لكن محل إجماع أن الوقت يمتد وقت الاضطرار إلى غروب الشمس.

طالب:.......

إيه، لكن وقت الاختيار ينتهي، إيش معنى اختيار؟ يلزم عليه إثم؟ يعني مثل ما قالوا في وقت صلاة العشاء، ووقت..، الأوقات كلها يعني في أوقات اختيار وأوقات اضطرار.

طالب:.......

ولو كان وقت اضطرار لكنه وقت للصلاة يكون أداء ما يكون قضاء، ما يكون قضاء حتى تغرب الشمس.

طالب:.......

مسألة الإثم مسألة ثانية، لكن الوقت يمتد إلى غروب الشمس، وتكون أداء إلى غروب الشمس.

طالب:.......

ويش يقول؟

طالب:.......

معروف هذا، هذا محفوظ هذا.

طالب:.......

يقطع؟

طالب:.......

يعني يكملها يضيف إليها أخرى كما جاء في البيهقي وغيره ((فليضف إليها أخرى)) يعني ما هو معناه فقد أدرك الصلاة أو أدرك الوقت إنه خلاص يسلم من ركعة، فليتم يعني يكملها، يأتي بركعة في الصبح، ويأتي بثلاث في العصر، ومع ذلك كلها أداء.

طالب:.......

يعني إذا اصفرت الشمس بطلت صلاته؟

طالب:.......

طيب اضطرار لكنها في الوقت، ما لم تغرب الشمس فهو وقت.

((فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض، فإذا صلى وحده فليطول كيف شاء)) وفي لفظ: ((وذا الحاجة)) ولا شك أن النفوس تتعلق بأمور الدنيا، وصاحب الحاجة تعلق قلبه بحاجته، فلا يشغل بالتطويل فيصرف عن صلاته ويفتن عنها.

وفي آخر: ((الضعيف والسقيم)) ولم يقل البخاري: ((والصغير)) هذه من فوارق الروايات.

بعد ذلك أو قبله حديث عائشة -رضي الله عنها-، والأولى أن يضم إلى الحديث السابق، حديث أبي هريرة؛ لقوله: ((فإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين)) وهنا صلى قياماً، في حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: لما ثقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال: ((مروا أبا بكر فليصلِ بالناس)) النبي -عليه الصلاة والسلام- ثقل وصعب عليه الخروج من بيته إلى المسجد، لا شك أن هذا عذر.

ثقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاء بلال يؤذنه بالصلاة كالعادة، كالمعتاد إذا حان وقت الإقامة جاء يستأذن هل يقيم وإلا لا؟

"فقال: ((مروا أبا بكر فليصلِ بالناس))" وهو أولى الناس بالصلاة بعده -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه أفضل الأمة بعد نبيها، وإن جاء في الحديث الثاني: ((أقرأكم أبي)) وسيأتي في حديث: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)) ويأتي ما بينه وبين إمامة أبي بكر مع أن أبياً أقرأ منه.

"((مروا أبا بكر فليصلِ بالناس)) قالت: فقلت: يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف" لا يتحمل مثل هذا الموقف، ورجل بكاء، أسيف "وإنه متى يقم مقامك" (متى) هذه شرطية (متى أضع العمامة تعرفوني).

"إن أبا بكر رجل أسيف، وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر"

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

متى يقم.

طالب:.......

لا يسمع الناس.

طالب:.......

كثير، كثير، الشكل غلط، الشكل غلط.

"لا يسمع الناس" هل هذا بالفعل هو الدافع لعائشة أن تقول للرسول -عليه الصلاة والسلام- هذا الكلام؟ لأنه رجل أسيف؟ لا؛ لأن من يقوم مقام الرجل الكبير بعده يحصل في نفوس الناس عليه، يتشاءم به الناس، فخشيت أن يحصل في قلوب المؤمنين لأبي بكر شيء من هذا الأمر، يعني الذي يخلف الرجل العظيم مثلاً بحيث يكون بينهما بون كبير شاسع لا شك أنه يتعرض للقالة، الثاني، ولذا يقولون: فلان أتعب من بعده، فهي خشيت أن يتخذ الناس ويكون في قلوبهم شيء من النفرة؛ لأنه قام مقام النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"إن أبا بكر رجل أسيف متى يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر، قال: ((مروا أبا بكر فليصلِ بالناس)) قالت: فقلت لحفصة" بنت عمر من أمهات المؤمنين "قولي له: إن أبا بكر رجل أسيف، وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر، فقالت له" وهل القصد عند حفصة هو القصد والدافع عند عائشة؟ لا، الدافع عند حفصة -والله أعلم- بما في القلوب، لكن التعقيب ((إنكن لأنتن صواحب يوسف)) يدل على أن الظاهر غير مراد، وأن هناك شيء في خفايا القلوب.

عائشة خشيت أن يتشاءم الناس بأبي بكر، وحفصة ماذا؟ رجت، ما خشيت، رجت أن تكون منزلة أبيها عالية، يعني لا عائشة خشيت ألا يسمع الناس ولا حفصة خشيت هذه الخشية؛ بدليل: ((إنكن لأنتن صواحب يوسف)) يعني ما قال: والله أنا أبو بكر صحيح رجل أسيف، لكن مع ذلك وإن كان أسيف يصلي بالناس؛ لأنه أولى الناس.

"فقالت له، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنكن لأنتن صواحب يوسف))" صواحب يوسف أظهرن خلاف ما يبطن، بدءاً من امرأة العزيز التي قدمت ما قدمت للنساء، هل تريد إكرام النساء؟ أو تريد أن تطلعهن على عذرها إذا رأين يوسف -عليه السلام-؟

((إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر)) إصرار على أبي بكر؛ لأنه أفضل الأمة بعد نبيها -عليه الصلاة والسلام-، وأمره والتنصيص عليه والتأكيد عليه في الإمامة في الصلاة إشارة وقرينة على إمامته بعده -عليه الصلاة والسلام- في أمور الدنيا، لا يوجد نص صريح، لكن التفضيل في نصوص كثيرة، وأنه أفضل الأمة، وخير الأمة بعد نبيها، والتأكيد على إمامته في الصلاة حتى قال من قال: رضيك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لديننا أفلا نرضاك لدنيانا؟!

ويزعم من يزعم الوصية لعلي مع أن علياً -رضي الله عنه- صح عنه أنه قال: "ما خصنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشيء" إلا ما استثناه وذكره، وليس منها الإمامة، ما قال: مروا عليناً فليصلِ بالناس ((مروا أبا بكر فليصلِ بالناس)).

"قالت: فأمروا أبا بكر فصلى بالناس" امتثل -رضي الله عنه وأرضاه-، ما قال: أنا رجل أسيف ما أسمع الناس، وما قال: أنا ما تعودت الإمامة فأخجل، ومع الأسف أنه وجد ويوجد من طلاب العلم من تصلى الجمعة ظهر وهو موجود إذا تخلف الإمام، تصلى ظهر وهو موجود، طالب علم حافظ متخصص بالعلم الشرعي بالقرآن أو بالسنة ويصلون ظهر وهو موجود، بعض الناس يتعين عليه إذا لم يوجد غيره وهو قادر على ذلك، نعم الذي ما اعتاد تكون الأمور ثقيلة عليه، لكن الأمور المجزئة المسقطة للواجب والطلب يتقنها طلاب العلم عموماً، وأقول لطلاب العلم: عليكم أن تهتموا وأن تحتاطوا لمثل هذه المواقف، لا بد أن يؤهل الإنسان نفسه لهذا، مسجد مملوء بالمصلين فيه المئات يصلون ظهر بعد مضي ساعة من الوقت، وفي هذا المسجد أكثر من عشرين من خريجي الجامعات الشرعية؟ كارثة هذه.

"((مروا أبا بكر فليصلِ بالناس)) فصلى بالناس" ما في تردد "قالت: فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من نفسه خفة، فقام يهادى بين رجلين" يهادى بين رجلين، كان الصحابة أيضاً إذا مرضوا كان الواحد منهم يهادى بين الرجلين، ما قال: فرصة مثل ما نقول إذا وجد أدنى سبب فرح بهذا العذر ليتخلف عن الجماعة، ولا تتصور شعور كثير من الناس إذا جمع بين الصلاتين على شان ما يأتي يصلي مرة ثانية.

"فقام يهادى بين رجلين، ورجلاه تخطان في الأرض، قالت: فلما دخل المسجد سمع أبو بكر حسه" عرف أن النبي -عليه الصلاة والسلام-، دخل المسجد من خلال حركة المشي، أو ما تلفظ به من ذكر ونحوه "سمع أبو بكر حسه ذهب يتأخر" ذهب هل المقصود به الذهاب المعروف؟ يكون هذه من أفعال؟

طالب:.......

لا، ذهب يتأخر، أنشأ يخطب، من أفعال الشروع.

"ذهب يتأخر، فأومأ إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قم مكانك" يعني لا تتأخر، بعض الأحاديث فيها ما يدل على أنه تأخر "وما كان لابن أبي قحافة أن.." هذا كلامه في بعض الروايات: "أن يصلي برسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أو ما جاء في معناه، نعم يستدل به من يقول بتقديم الاحترام على امتثال الأمر، ويتوسعون في هذا، تجده يبتدع عبادة يزعم أنها من باب الاحترام والتعظيم للرسول -عليه الصلاة والسلام-، ويخالف أوامره الصريحة، هذا كله بحضرته -عليه الصلاة والسلام-، وبإقراره -عليه الصلاة والسلام- اكتسب الشرعية من الإقرار، فمن أين يكتسب الإنسان الذي يخالف النصوص الشرعية ويزعم أنه يحترم ويزعم أنه يحب..؟ من أين يكتسب الشرعية بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-؟ لأن هذه شبهة عندهم، فيرون أن الاحترام مقامه أعظم، التعظيم مقامه أعظم من مسألة الأمر والنهي، كيف تعصي وتقول: إنك تعظمه وتحترمه؟!

لو كان حبك صادقاً لأطعته

 

إن المحب لمن يحب مطيعُ

"قم مكانك" يعني اثبت في مكانك "فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى جلس عن يسار أبي بكر" عن يساره، وهذا مقام الإمام، وفي هذا ما يدل على جواز القيام بجوار الإمام، ولو كانت هناك صفوف يعني يأتي شخص ما يجد مكان في المسجد، يصلي فذ خلف الصف أو يصلي بجوار الإمام؟ يصلي بجوار الإمام صلاته صحيحة، ولا يصلي فذاً.

"قالت: فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بالناس جالساً وأبو بكر قائماً" ولما صلى بهم في داره جالساً قاموا أشار إليهم: أن اجلسوا، وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين، وهذا تقدم، ويعارضه هذا الحديث، وهو متأخر عنه، وعرفنا المذاهب في هذه المسألة، المالكية يرون عدم صحة إمامة القاعد لا من قيام ولا من قعود، ما يصلى خلفه، والحنفية والشافعية يرون أنه يصلى خلف القاعد من قيام فقط، عملاً بهذا الحديث، وهو ناسخ للحديث السابق، والإمام أحمد يقول: يمكن الجمع بينهما، فإذا ابتدأ إمام الحي الصلاة قاعداً لعلة يرجى برؤها صلوا قعوداً، وإذا افتتحت الصلاة من قيام كما هنا افتتحها أبو بكر من قيام فإنهم يصلون خلفه قياماً، والقيود التي ذكرها الإمام أحمد استحسنها كثير من أهل العلم.

"وأبو بكر قائماً يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر" الأصل أن القدوة هو الرسول -عليه الصلاة والسلام- وهو الإمام، لكن القاعد ما يراه المأموم، إنما يرون القائم مثلهم، وأبو بكر قائم مثلهم "وصوته -عليه الصلاة والسلام- ضعيف لا يبلغهم، وصوت أبي بكر يبلغهم" وفي هذا استحباب اتخاذ من يبلغ الصوت عند ضعفه، ويقوم مقامه هذه المكبرات، ولا داعي للجمع بين المكبرات ومن يبلغ؛ لأن التبليغ قدر زائد على الحاجة، ومع الأسف أنك تجد في مساجد ما يصلي فيها ولا نصف صف، وتجد المكبرات على أعلى درجاتها، وقد يتخذون من يبلغ الصوت.

في بعض البلدان التي فيها من المسلمين يقول شخص: أنا صليت في مسجد ما فيه إلا أنا والإمام، أقيمت الصلاة ما أدري من أين أقيمت؟ وإذا ركع بلغ، وإذا رفع بلغ، نبحث، يوم سألت الإمام وين المؤذن اللي يبلغ؟ قال: شوفه في غرفة هناك، غرفة زجاجية هناك في آخر المسجد، إشكال، إشكال كبير يعني، مثل هذه التصرفات وبعض الشباب، بعض الناس يمرض إذا صلى في بعض المساجد، ترفع المكبرات على أعلى درجاتها، وما في أدنى مبرر، ومؤثرات على شان إيش؟ والله المستعان.

اللهم صلِ على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

نعم؟

طالب:.......

ويش هو؟

طالب:.......

إلا.

طالب:.......

يقول السائل: إن أبا بكر كان إماماً ثم صار مأموماً، ولا إشكال في هذا كما في مسألة الاستخلاف والعكس الإمام يمكن أن يصير مأموم.

طالب:.......

يعني الإمام تأخر عن المأمومين كلهم في تكبيرة الإحرام؟ الإمام تأخر والإجماع منعقد على أنه لا يجوز أن يتقدم المأموم على الإمام في تكبيرة الإحرام، الصورة القريبة من هذه في حال الاستخلاف، هل يجوز أن يستخلف المسبوق أو لا يجوز؟ نفسها، نفس الصورة اللي معنا، مسبوق كبر بعد إمامه بمدة بركعة أو ركعتين ثم طرأ للإمام ما يقتضي الاستخلاف الذين معه كلهم لا يقرؤون إلا هذا الشخص المسبوق يقدم وإلا ما يقدم؟ هو مسبوق حتى في تكبيرة الإحرام، نفس الصورة هذه، هو مسبوق بتكبيرة الإحرام، الحديث يدل على جواز مثل هذه الصورة.

طيب اثنان جماعة في مسجد ودخل ثالث ودفع المأموم إلى الأمام وأكمل الصلاة، إمام في اليسار ومأموم في اليمين دخل شخص بعدهما فدفع المأموم إلى الإمام، أو سحب الإمام خلف وأكمل الثاني، الصلاة صحيحة وإلا باطلة؟

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

ما استخلفه الإمام، أقول: مثل هذه الصورة لا تجوز ابتداءً، يعني ما يقال بها ابتداءً، لكن إذا وقعت؟ إذا وقعت صلوا وانتهوا، نقول: كون المأمون يصير إمام أو في حال الاستخلاف صحيح، والإمام يكون مأموم في صلاة أبي بكر صحيحة، فتصحح من أجل الحاجة، لا سيما إذا صلوا وانتهوا وتفرقوا يمكن أن تخرج على وجه صحيح، أما ابتداءً فلا.

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

يصلون، يكملون صلاتهم وهو يكمل، يصلي بهم على هيئة صلاة الإمام.

طالب:.......

من هو؟

طالب:.......

هذا الظاهر إيه.

اللهم صل على محمد...

طالب:.......

ويش لون؟

طالب:.......

لا عموماً عموماً، شيء في النفس يجدونه إذا إنسان خلف شخص كبير لا شك أن الناس لا يتحملون...

"