شرح مختصر الخرقي - كتاب الصيام (05)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، قال رحمه الله تعالى:

باب الاعتكاف والاعتكاف سنة إلا أن يكون نذرًا فيلزم الوفاء به ويجوز بلا صوم إلا أن يقول في نذره بصوم ولا يجوز الاعتكاف إلا في مسجد يجمّع والا يجمع فيه؟

يجمّع.

إلا في مسجد يجمّع فيه.

يعني تصلى فيه الجماعة.

ولا يخرج منه إلا لحاجة الإنسان أو صلاة الجمعة ولا يعود مريضًا ولا يشهد جنازة إلا أن يشترط ذلك ومن وطء فقد أفسد اعتكافه ولا قضاء عليه إلا أن يكون واجبًا وإذا وقعت فتنة خاف منها ترك اعتكافه فإذا أمن بنى على ما مضى وإذا كان نذَر أياما معلومة.

إذا كان

إذا كان؟

نعم.

أحسن الله إليك لأنها أشكلت علي.

إذا كان نذر أياما معلومة وقضى ما ترك وكفر كفارة يمين وكذلك في النفير إذا احتيج إليه والمعتكف لا يتّجر ولا يتكسب بالصنعة ولا بأس أن يتزوج في المسجد ويشهد النكاح والمتوفى عنها زوجها وهي معتكفة تخرج لقضاء العدة وتفعل كما فعل الذي خرج لفتنة والمعتكفة إذا حاضت خرجت من المسجد وضربت خباء في الرحبة ومن نذر أن يعتكف شهرًا بعينه دخل المسجد قبل غروب الشمس والله أعلم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد فيقول المؤلف- رحمه الله تعالى- "كتاب الاعتكاف" وبعض الكتب فيها باب الاعتكاف ولا يجعلونه كتابًا ويجعلونه فرع من كتاب الصيام لما بينهما من وجه اتحاد واتفاق، فالاعتكاف اشترط له جمع من أهل العلم الصوم فيكون جزءا منه، وهو أيضًا غالبًا ما يكون في رمضان كما كان اعتكافه -عليه الصلاة والسلام- في رمضان، إلا أنه قضى مرة اعتكافا في شوال وعلى هذا فيه ارتباط بين الصيام وبين الاعتكاف فيجعلونه كالباب منه، ومنهم من نظر إلى الانفكاك بينهما انفكاكًا تامًا فهذه عبادة مستقلة وهذه عبادة مستقلة لا يشترط للاعتكاف صوم كما أنه لا يشترط للصوم اعتكاف، فلا اتحاد فجعلوه مستقلاً عنه، وقالوا باب أو كتاب الاعتكاف قالوا كتاب الاعتكاف، والكتاب مضى التعريف به مرارًا والاعتكاف مصدر اعتكف يعتكف اعتكافًا وهو اللزوم وطول المكث واللبث، وفي الاصطلاح هو اللبث والمكث وملازمة المسجد لطاعة الله- جل وعلا للخلوة؛ ولذا جاء تسميته في بعض الأحاديث في الصحيح وغيرها مجاورة، جاءت تسمية الاعتكاف مجاورة وهو مجاور يدني إلي رأسه فأرجِّله وهو مجاور في المسجد يعني معتكف فالاعتكاف كما قال ابن القيم- رحمه الله تعالى - في زاد المعاد يقول- رحمه الله-: لما كان فصل في هديه -صلى الله عليه وسلم- في الاعتكاف قال لما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى متوقفًا على جمعيته على الله لأنه من المعلوم أن الإنسان إذا زاول أموره المعتادة من أمور الدنيا ما يتعلق بتجارته وكسبه وما يتعلق بأهله وولده وما يتعلق بقرابته وذويه ومعارفه وأحبابه وأصحابه لا شك أن مثل هذه الخلطة تؤثر على جمعية القلب فهو يحتاج إلى أن يتخلص من هذه الخلطة ليجتمع له قلبه ويلتفت إلى ربه بكليته، يقول: "لما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى متوقفًا على جمعيته على الله ولمّ شعثه بإقباله بالكلية على الله تعالى فإن شعث القلب لا يلمه إلا الإقبال على الله تعالى وكان فضول الطعام والشراب وفضول مخالطة الأنام وفضول الكلام وفضول المنام مما يزيده شعثًا هذه الفضول المذكورة كله منافذ إلى القلب وهي مؤثرة تأثيرًا بالغًا عليه مما يزيده شعثًا ويشتته في كل واد ويقطعه عن سيره إلى الله تعالى أو يضعفه أو يعوقه ويوقفه اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشراب ويستفرغ من القلب أخلاط الشهوات المعوِّقة له عن سيره إلى الله تعالى وشرَعه بقدر المصلحة بحيث ينتفع به العبد في دنياه وأخراه ولا يضره ولا يقطعه عن مصالحه العاجلة والآجلة وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى وجمعيته عليه والخلوة به والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته فيستولي عليه بدلها ويصير الهم كله به والخطرات كلها بذكره والتفكر في تحصيل مراضيه وما يقرّب منه فيصير أنسه بالله تعالى بدلاً من أنسه بالخلق فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له ولا ما يفرح به سواه فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم" يعني أهل العلم حينما يذكرون الاعتكاف وآداب الاعتكاف يقولون إن المعتكف لا يزاول من الأعمال ولو كانت مشروعة ولو كانت من أفضل الأعمال فيما سوى الاعتكاف ما يشتت عليه قلبه فيقتصر على العبادات الخاصة من صيام وصلاة وذكر وتلاوة ودعاء وينكفّ وينعزل عن الناس ولو كان في المسجد، النبي -عليه الصلاة والسلام- ضُرب له خِباء في المسجد إذا صلى الفجر دخله وانقطع عن الناس لكن هل مثل هذا موجود في اعتكاف كثير ممن ينتسب إلى طلب العلم اليوم؟ أو أن اعتكافهم في المسجد يعني ما يختلف كثيرًا عن كونهم في استراحة مجتمعين للأنس هذا موجود حتى أن منهم من يصطحب معه بعض الآلات، يصطحبون كمبيوترات وإنترنت ويربون الشباب على الاعتكاف لكن على ماذا؟ بلايستيشن و أمور ثانية، يقولون نرغِّب الشباب بالاعتكاف، يا أخي يُرغَّب الإنسان في العبادات على ضوء ما جاء عنه وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام-«من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» يعني قبل الجوالات بعض الناس يأتي بالتلفون العادي و يتصل بفلان وعلان ويمين ويسار وباسط نفسه كأنه في حال السعة ويقول إنه ينفع الناس ويخدم الناس ويشفع للناس ويجيب على إشكالات الناس هذا ليس اعتكافا. الاعتكاف هو جمعية القلب على الله-جل وعلا- ما يلتفت إلى شيء؛ ولذلك السلف في الاعتكاف يعطّلون حتى دروس العلم والاجتماع بطلاب العلم وإفادتهم والاستفادة منهم يعطّلونها، المدة يسيرة عشرة أيام احفظ نفسك وإذا كان التشديد في الاعتكاف فلا فائدة في هذا الاعتكاف لأنه ينافي الهدف الذي من أجله شرع الاعتكاف.

طالب: ..............

لو زاره أحد وتحدث معه شيئا يسيرا بحيث لا يخل بمقصود الاعتكاف، لكن بعض الناس إذا زاره أحد وأراد أن يخرج قال له اصبر وطلب منه أن يبقى أطول مدة، صحيح الذي لم يتعوّد على الخلوة والوحدة يستوحش ولو كان في المسجد يستوحش لذلك يعد الساعات والدقائق والأيام وذهب يوم وذهب ثاني وذهب ثالث كل هذا من أجل أن ينتهي هذا الاعتكاف؛ لأنه لم يتعوّد وهذا شيء جرّبناه في أنفسنا، يعني ما تعودنا أن الواحد يجلس بمفرده ويراجع نفسه ويحاسب نفسه وتكون علاقته بالله وأنسه بالله أقوى من أنسه بأي شيء كائنًا من كان، ما تعودنا هذا ولذلك مشكلتنا أن الاعتكاف لا يؤدي ثماره التي من أجلها شُرع؛ لأنه لا يوجد على الوجه الذي فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- وصحابته ومن تبعهم بإحسان، يعني انفتحت علينا الدنيا فتوسعنا فيها وأدخلناها في عمق العبادات وأدخلنا المحدثات في العبادات وهناك من يطالب أن يوجد في المحراب مصحف إلكتروني يقرأ منه الإمام، يعني المسألة تجاوزوا مسألة مبكر الصوت بعد أن وجد الخلاف الطويل ومات من مات من أهل العلم وأهل التحري وهو ما تكلم في المكبر، هذه تجاوزناها قلنا هذا تشدد استعمال محدثات في أخص العبادات، يعني وصرنا نتندر بأولئك الذين لم يستعملوا هذه المكبرات في أخص العبادات وهي الصلاة، تجاوزنا هذا حتى وجد من يخطب على المنبر وبيده الجوال يقول ما الفرق بين الجوال وورقة؟ المسألة يجر بعضها بعضًا حتى وجد من يطالب أن يوجد مصحف إلكتروني في المحراب يقرأ منه الإمام، أما مسألة الآلات ومسألة إدخال المحدثات إلى المساجد والتصوير على أشده!! العبادات كل ما أخفيت تحقق فيها الإخلاص أكثر، تجد الإنسان ينبسط إذا جاء من يصوره وهو جالس في المسجد يقرأ أين الإخلاص!! دعونا من مسألة الخلاف التصوير هل هو يجوز أو لا يجوز؟ المسألة ثانية وجد حفل تحفيظ أو غيره هات الكاميرات ويراك الناس في الداخل والخارج وأنت تقرأ وأنت تحفظ وأنت تعطي جائزة وأنت تفعل أو تلقي كلمة تحث فيها على تعلم القرآن وتعليمه ما الذي بقي للإخلاص؟! أظن لم يعد يخفى  شيء الآن، حتى قيام الليل يصوَّر، ويتذرّعون أن مثل هذا من أجل أن يُقتدى به، نعم إذا تأخّر الناس وأحجم الناس عن شيء واحتاجوا إلى أن يقتدوا بشخص لا يؤثر في إخلاصه مثل هذا الإعلان لا مانع كالذي تصدق أمام الناس، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام- «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها» وجاء في السنن «الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة» نعم كثير من طلاب العلم تجده لا يقرأ القرآن في المسجد إذا وجد من أهل العلم من يحتسب من أجل أن يقتدى به هذا شيء وإلا فالأصل الإسرار فقد يعرض للمفوق ما يجعله فائقًا، لكن لا يصير عادة وديدنا ما نخفي شيئا باسم أن يقتدى بنا ماذا أبقينا للإخلاص؟!

طالب: ..............

هذا الذي يُظن بهم لكن كل عمل ينشر؟ يعني طريقة السلف غلط حينما يختفون وحينما يخرج وهو صائم وقد دهن فمه بزيت ونحوه من أجل أن يقال الآن أكل؟ هذا لا يحب أن يقتدى به في الصيام؟!

قال: "ولما كان هذا المقصود إنما يتم مع الصوم شرع الاعتكاف في أفضل أيام الصوم وهو العشر الأخير من رمضان"، يا إخوان هناك ملاحظات دقيقة يعني نسمع من يقرأ القرآن في الصلاة من بعض الأئمة ممن صوته مؤثر فيبكي ويبكي من وراءه لكن ماذا وراء هذا البكاء قلوب لا يعلم ما فيها إلا علام الغيوب، لكن ما أثر هذا البكاء على هذا الرجل وعلى قراءته؟ يعني يبكي ويبكي من وراء، لكن في الآية التي تليها كأن شيئا ما حصل، يعني هل هذا البكاء يؤثر في صاحبه؟ إذا انتهت الآية التي بكى فيها جاء في الآية الثانية كالتي قبلها؟ ما كأنه بكى والذي يخرج من الاعتكاف مع إعلان خروج الشهر ثم تفوته صلاة العشاء ما الذي استفاد من هذا الاعتكاف ؟! المسألة تحتاج إلى محاسبة وكلنا ذلك الرجل، الواحد يتحدث من واقعه فضلاً عن واقع غيره، ابن القيم- رحمه الله تعالى- له كلام نفيس جدًا في أوائل الجواب الكافي حول ما يصلح القلب ويسد هذه المنافذ التي أشار إليها حتى يستفيد الإنسان الفائدة المرجوة فليراجعه من شاء، له كلام أيضًا في مدارج السالكين، له كلام في طريق الهجرتين، مؤلفاته- رحمه الله- كلها نافعة، قال: "ولما كان هذا المقصود إنما يتم مع الصوم شرع الاعتكاف في أفضل أيام الصوم وهو العشر الأخير من رمضان ولم يُنقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه اعتكف مفطرًا قط بل قد قالت عائشة لا اعتكاف إلا بصوم ولم يذكر الله سبحانه الاعتكاف إلا مع الصوم ولا فعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا مع الصوم فالقول الراجح في الدليل الذي عليه جمهور السلف أن الصوم شرط في الاعتكاف وهو الذي كان يرجحه شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية" إلى آخر كلامه يراجعه من أراده وهو كلام نفيس يحتاج إليه كل طالب علم والكتاب في جملته لا نظير له في بابه يعني يقرر الأحكام مع الحِكَم ويخاطِب العقول ويخاطب القلوب فهو جامع بين الفقهين يستفيد منه طالب العلم فائدة عظيمه نعود إلى كلام المؤلف رحمه الله.

يقول: حضرت محاضرة لداعية من الدعاة ولم يقتصر التصوير على المحاضرة وتوثيقها بل تعدى إلى تصوير الشيخ وهو خارج من المسجد ثم وهو جالس بعد المحاضرة ثم وهو يتعشى مع بعض طلبة العلم ويقولون توثيق.

التوسع يا إخوان غير مرضي بغض النظر عن حكم التصوير، يعني مثل هذا التوسع غير مرضي إذا احتجنا إلى التوثيق واحتجنا إلى كذا وقلنا بالقول الآخر يعني قد يكون الكلام هناك له وجه في مثل هذا، لكن يصور مكان الشيخ من المسجد ومجلسه، حتى صوروا الشيخ -رحمة الله عليه-بعد أن توفي، هذا مكانه في المسجد، وهذا مكان عصاه، وهذا مكان حذاؤه كل هذا ليس بمرضي والله المستعان.

قال رحمه الله: "والاعتكاف سنة" سنة مؤكدة مرغب فيها ثبتت من فعله -عليه الصلاة والسلام- واعتكف هو وأزواجه من بعده وخيار الأمة مازالوا يعتكفون وإن كان في كلام الإمام مالك أنه في وقته ندر الاعتكاف أو قل أو عُدم، على كل حال الحكم هو النص فاعتكف النبي -عليه الصلاة والسلام- واعتكف أزواجه من بعده فلم يُنسخ الاعتكاف هو سنة "إلا أن يكون نذرًا" يعني "فيلزم الوفاء به" يجب الوفاء به يكون حينئذٍ واجبًا إذا نذره "ويجوز بلا صوم إلا أن يقول في نذره بصوم" يجوز بلا صوم هذا هو المشهور في المذهب، وإن كان في رواية أخرى في المذهب أنه من شرطه الصوم، والقول بأنه يجوز بلا صوم هو قول الشافعية والذين يرون اشتراط الصوم بصحة الاعتكاف من أهل العلم الحنفية والمالكية وجمع من أهل العلم حتى نسبه ابن القيم فيما سمعنا إلى جمهور السلف.

طالب: ..............

مشهور المذهب وقول الشافعية يستدلون بحديث عمر وأنه نذر أن يعتكف ليلة في الجاهلية فقال النبي -عليه الصلاة والسلام- «أوفِ بنذرك أوفِ بنذرك» والليل ليس محلا للصيام.

طالب: ..............

أنا أعرف مرادك الحجة هنا ظاهرة أو غير ظاهرة؟ كونه نذر أن يعتكف ليلة وسماه اعتكافا وأقره النبي -عليه الصلاة والسلام- على الاعتكاف وعلى التسمية والليل ليس محلاً للصيام والقول الآخر كما قرر ابن القيم- رحمه الله- أن هذا فعله -عليه الصلاة والسلام- ولم يُحفظ عنه أنه اعتكف وهو مفطِر مع أنهم يقولون أنه اعتكف العشر الأول من شوال قضاء لاعتكاف تركه وعدل عنه في سنة من السنين، واليوم الأول من شوال لا يجوز صومه اللهم إلا إذا قيل العشر المراد بها ما بعد العيد؛ لأن هذا مستثنى شرعًا كما يقال العشر من ذي الحجة صيام العشر من ذي الحجة هل يصام يوم العيد وهو العاشر لا يصام، ومجرد فعله -عليه الصلاة والسلام- هل يرقى إلى الاشتراط أو لا يرقى هذه مسألة خلافية بحيث لو أنه فعله باطراد ما عُرف عنه أنه فعله ولا مرة لجواز لبيان الجواز أنه اعتكف غير صائم، بعض أهل العلم يجعل مثل هذا الفعل المطَّرد من وصف الفعل من وصفه فيشترطه.

هذا يقول نريد درسا في كتاب الحج في هذا الكتاب أو غيره كما عودتنا في سنوات مضت هذه الأيام إذا كان بالإمكان.

أولا كتاب الحج من هذا الكتاب فرغنا منه في العام الماضي، وإذا انتهينا من الاعتكاف نكون انتهينا من العبادات كلها ونستأنف في شرح كتاب البيع أو البيوع، أما بالنسبة لكتاب آخر فلا أظن يتيسر؛ لأن السفر إلى الحج هو في يوم الجمعة القادمة القريبة، الجمعة سأسافر إلى الحج -إن شاء الله تعالى-فعلى هذا ليس في الإمكان أن نشرح كتابًا في الحج وقد شرحنا كثيرًا وهي مسجلة ولله الحمد من أراد الإفادة منها يرجع إليها.

طالب: ..............

"ولا يجوز الاعتكاف إلا في مسجد يجمّع فيه" يعني تصلى فيه الجماعة؛ لأنه إما أن يترك الصلاة مع الجماعة فيرتكب محظورا؛ لأن الصلاة جماعة في المسجد واجبة، أو يخرج لكل فرض من مسجده الذي لا تصلى فيه الجماعة فينافي مقتضى الاعتكاف، وبعضهم يقول لا اعتكاف إلا في مسجد جامع؛ لئلا يخرج لصلاة الجمعة فينافي بذلك مقتضى الاعتكاف مع إمكانه ألا يخرج، ولكن الأكثر على أن الخروج للجمعة مرة في الأسبوع أمر يسير مغتفر ولا يناقض مسمى الاعتكاف لا لغة ولا شرعًا قال "ولا يخرج منه إلا لحاجة الإنسان" لأن أصل الاعتكاف والعكوف طول المكث ولزوم المكان، فإذا خرج منه لغير حاجة ناقض مقتضى الاعتكاف، ومفاده لا يخرج منه إلا لحاجة الإنسان هذا أمر لا بد منه، وقد جاء التنصيص عليه في الحديث الصحيح المتفق عليه إلا لحاجة الإنسان وجاء تفسيرها بالحدَث البول والغائط، لكن لو أمكن أن يبول في طست يجوز أو ما يجوز؟ لا يجوز؛ لأن هذا امتهان للمسجد والمساجد ما بُنيت لهذا فيغتفر الخروج من المعتكف لتحصيل هذه الضرورة لحاجة الإنسان أو إلى صلاة الجمعة.

طالب: أحسن الله إليك إذا كان في المسجد وبيته قريب من المسجد ودورة المسجد أقرب..

نعم إذا كان في المسجد دورة تقضى فيها الحاجة ويتوضأ منها وبيته قريب يفترض أن البيت ملاصق للمسجد لكن دورة المسجد أقرب والناس يتفاوتون بعض الناس لا فرق عنده بين دورة المسجد أو دورات عامة أو خاصة ما عنده فرق وبعض الناس يستنكف أو يتقذر أو يخشى أن يصاب بمرض بسبب مباشرة الدورات المشتركة لاسيما إذا كانت من النوع الوافد الإفرنجي هذا الذي يباشر البدن هذا إذا كان مشتركا لا شك أنه احتمال أنه يصاب بشيء، وبعضهم يتقذر هذا بخلاف ما إذا كان خاصًا به فمثل هذا هل يكون مبررا بأن يخرج من المسجد إلى بيته للحاجة أو نقول مادامت الحاجة توجد بدون ذهابه إلى مسجده وإلى بيته وأهله، على كل حال إذا كان الإنسان ممن لا يطيق قضاء حاجته في دوراة مشتركة حينئذٍ لا مانع؛ لأنه لا يكلف ويحمّل من المشقة أكثر مما يتحمله.

طالب: ..............

بالنسبة لماذا؟ لغسل الجمعة أو التبرد أو التنظف والا..؟

طالب: ..............

الاغتسال الواجب ولا يوجد محل للاغتسال في المسجد  هذه ضرورة.

طالب: ..............

على كل حال إذا أمكن أن يغتسل في المسجد فهذا هو الأصل أو بما قرب منه لا نقول في المسجد في دوراته ولو بأن يوضع طست ويتلقى فيه الماء؛ لأن المسألة ليست مسألة ترف المسألة مسألة مؤقتة تترك فيها ما ألِفته في معتاد أيامك "ولا يخرج منه إلا لحاجة الإنسان أو إلى صلاة الجمعة" صلاة الجمعة فرض عين لا بد من الخروج إليها وهو مصحح الاعتكاف في المسجد الذي تقام فيه الجماعة، فعلى هذا لا يعتكف إلا في مسجد، لا اعتكاف إلا في مسجد فلا يعتكف في مصلى كما يُفعل في بعض الدوائر الحكومية، يصلون في مصلى ولا يُعتكف في مصلى جنائز ولا مصلى عيد إنما يعتكف في مسجد تقام فيه الصلوات "ولا يعود مريضًا ولا يشهد جنازة" لايعود مريضًا ولا يشهد جنازة لأن كثرة الخروج تنافي مقتضى التسمية، الاعتكاف هو اللزوم، ولا يعود مريضا ولا يشهد جنازة، عيادة المريض سنة باتفاق أهل العلم نقل عليها الإجماع النووي وغيره، لكن الإمام البخاري قال باب وجوب عيادة المريض فهل نقول إنه يخرج من الاعتكاف المسنون لهذه العيادة الواجبة أو نقول مشيًا على قول عامة أهل العلم أن العيادة سنة لا شك أن المعهود يختلف إذا كان أبا أو أما أو قريبا ترتب عليه صلة أو قطيعة هذه مسألة تختلف عما إذا كان المريض من آحاد الناس، ولا يشهد جنازة، توفي أبوه وتوفيت أمه وهو معتكف الأمور تقدر بقدرها والمفاضلة بين العبادات أمر مقرر في الشرع قال "إلا أن يشترط ذلك" إذا اشترط أن يعود مريضًا ويشهد الجنازة له ذلك، وقاسوها على الاشتراط في الحج حتى توسعوا في ذلك قالوا له أن يشترط وقت الدوام ووقت الدراسة يخرج من معتكفه ليدرس ويداوم كل هذا ينافي مقتضى الاعتكاف، إما أن تؤجل الاعتكاف إلى أن تعطل الدوائر الرسمية والمدارس أو تستأذن؛ لأن الخروج بهذا المقدار ست ساعات تخرج هذا لا يسمى اعتكافا ولو اشترط، والخلاف بين أهل العلم في الاشتراط في الاعتكاف هل ينفع أو لا ينفع مسألة خلافية،  والذي يظهر أنه لا ينفع فإن كان حدث حادث يضطر الإنسان للخروج فإن كان الاعتكاف مستحبًا خرج ولا شيء عليه "ولا قضاء عليه" وإن كان الاعتكاف واجبًا منذورا فعليه أن يقضي مكان هذه الأيام والحمد لله.

طالب: ..............

مستحب.

طالب: ..............

ما فيه قضاء إلا أن يكون منذورًا.

طالب: ..............

المهم أنها حاجة ترجح بالاعتكاف، يعني المسألة موازنة ومفاضلة بين عبادات مريض والده يقول والله أنا معتكف لا أستطيع الخروج، أو مات أبوه أو أمه يقول والله أنا معتكف لا أستطيع الذهاب لا، لأن المسألة الموازنة والمفاضلة بين العبادات أمر مقرر في الشرع، وأيضًا مقرر عقلاً أنت لو وازنت بين أمرين من أمور الدنيا واحد مردوده عليك أكثر من الثاني ما الذي ترجح؟ هل تترك هذا وتروح لهذا؟ وإذا كان هذا أجره أكثر من هذا فلا شك أنك سترجح الأكثر فضلا أنت تبحث عن ماذا؟ تبحث عن الأجر، على كل حال مثل ما ذكرنا يقول إلا أن يشترط ذلك "ومن وطئ فسد اعتكافه" وهذا محل إجماع.

طالب: يشترط أن يصرح بالاشتراط بلسانه أو يكفي بقلبه؟

نحن قلنا أن الاشتراط ما له قيمة يشترط أو لا يشترط أصل الاعتكاف إن كان مندوبًا وجاء ما يفوقه وترجح عليه من باب المفاضلة بين العبادات، وإن كان واجبًا وجاء أمر يضطر إليه خرج والحمد لله ويقضي ما ترك "ومن وطئ فسد اعتكافه" وهذه مسألة مجمع عليها والخلاف فيما دون الوطء مع أنه جاء قول الله- جل وعلا- ﮋﮌ البقرة: ١٨٧  "ولا قضاء عليه" يعني إذا كان الاعتكاف مندوبًا لا قضاء عليه؛ لأنه لا يلزم بالشروع ليس مثل الحج أو العمرة والخلاف في الصيام قد مضى هل يلزم بالشروع أو لا يلزم؟ على كل حال هو لا يلزم بالشروع ومن المعلوم أنه لا يلزم بالشروع إلا الحج والعمرة لقوله جل وعلا: ﯕﯖ البقرة: ١٩٦  إلا أنه لا ينبغي لمسلم شرع في عبادة أن يقطعها؛ لأن هذا من إبطال العمل إلا لما لحاجة ونحوها "إلا أن يكون واجبًا" أما إذا كان واجبًا فإن عليه أن يقضي هذه الأيام التي تركها "وإذا وقعت فتنة خاف منها ترك الاعتكاف" يعني إذا كان لا يستطيع البقاء في المسجد فتنة مقاتَلة مضاربة لا يطيقها، صائل سبع حريق أو ما أشبه ذلك فإنه يترك الاعتكاف إذا خاف على نفسه، فإذا أمن يعني ذهب السبب بنى على ما مضى إذا كان نذر أيامًا معلومة وقضى ما ترك "وقعت فتنة خاف منها ترك الاعتكاف فإذا أمن بنى على ما مضى إذا كان نذر" يعني في الواجب بخلاف المستحب إذا كان نذر "أيامًا معلومة" نذر أن يعتكف عشرة أيام في اليوم الثالث أو الرابع حصل حريق في المسجد وخرج المسجد يرمم يحتاج إلى أسبوع أو أكثر للترميم وإصلاح ما لا بد منه، هل نقول ينتقل إلى مسجد آخر أو ينتظر حتى يرمم ثم يقضي ما بقي؟ إذا أمكن أن ينتقل إلى مسجد آخر فعل وإذا لم يمكن فإنه ينتظر حتى يصلح ما لا بد منه في المسجد فيعود إليه "وقضى ما ترك وكفر كفارة يمين" كفّر كفارة يمين، الآن هو شرع في هذا الاعتكاف المنذور وخرج بلا طوع ولا اختيار مكرَه ملزَم مجبَر على الخروج ثم لما زال السبب رجع إليه وأكمل العدة التي نذرها، نذر أيامًا معلومة وكفر كفارة يمين ما الداعي إلى كفارة اليمين لأنه أخل بنذره لكن هل الإخلال باختياره أو لا حيلة له فيه فهل يلزمه كفارة يمين أو لا يلزمه؟ الظاهر أنه لا يلزمه؛ لأنه ما فرّط، الذي يلزمه كفارة المفرّط قال "وكذلك في النفير إذا احتيج إليه" هو معتكف فاستنفره الإمام للجهاد عيّنه واستنفره نقول يقطع الاعتكاف؛ لأنه يجب عليه ويتعين عليه أن يجيب لهذا النفير وحينئذٍ يقول وكذلك يعني يترك الاعتكاف ثم إذا عاد بنى على ما مضى، إذا كان نذر أيامًا معلومة كذلك يعني مثل المسألة السابقة "والمعتكف لا يتّجر ولا يتكسب بالصنعة" والمعتكف لا يتّجر يعني يبيع ويشتري في المسجد، بعض أهل العلم يرى أن التسامح في مثل الأمور اليسيرة مثل المقاولة مع مطعم، أو مع من يوصّل له ما يحتاج إليه، أو غسّال يغسل ثيابه، أو ما أشبهه يقول الأمر سهل لا يتّجر التجارة معلومة، ولا يتكسّب بالصنعة لكن هل له أن يباشر الصنعة من غير تكسّب، يقول فرصة أنا أجلس عشرة أيام ليس عندي شغل وعندي ما يعينني على تجليد مكتبتي سأنقل الكتب وأجلد في هذا الوقت أنا لست متكسبا؛ لأن مقتضى قوله ولا يتكسب بالصنعة أن له أن يباشر الصنعة من غير تكسب، ليس بظاهر؟ هذا ظاهر اللفظ؟

طالب: ..............

هو يقول أنا أجلد كتب علم مقصد حسن أو عنده ثياب ممزقة أو شيء يقول فرصة أنا ليس عندي الآن شغل أخيطها.

طالب: ..............

نعم ما هو بصدده وما شرع الاعتكاف من أجله، "ولا يتكسب بالصنعة ولا بأس أن يتزوج في المسجد" يعني يعقد في المسجد، خطب امرأة وجاءته الموافقة في أثناء أيام الاعتكاف وأراد العقد قالوا لا بأس أن يتزوج يعني يعقد في المسجد وهذا لا ينافي مقتضى الاعتكاف؛ لأنه ليس بوطء ولا مباشرة "ويشهد النكاح" يعني وجد في زاوية من المسجد عقد كما يوجد في المسجد الحرام وغيره من المساجد المشهورة، وأهل العلم يستحبون أن يكون العقد في المسجد عصر جمعة لكن هل هذا عليه دليل أو ليس عليه دليل؟ لا أعلم له دليلاً "ويشهد النكاح" رآهم جالسين وعندهم ما اعتادوه من حلوى وغيرها وقال فرصة نجلس معهم هم قالوا لا بأس أن يشهد النكاح يعني إذا احتيج إليه في شهادة ونحوها وإلا ينشغل بما فرّغ نفسه له "والمتوفى عنها زوجها وهي معتكفة تخرج لقضاء العدة" لأنها تلزم البيت ولا تخرج إلا لما لا بد منه فالاعتكاف منه بد، الاعتكاف منه بد وكثيرًا ما يُسأل عمن جاءت إلى هذه البلاد ثم وفي نيتها أن تحج ثم مات زوجها هل تحج أو لا تحج؟ أو ترجع إلى بلدها لتقضي العدة في بيتها؟ هنا يقول المتوفى عنها زوجها وهي معتكفة تخرج لقضاء العدة "وتفعل كما فعل الذي خرج في الفتنة" تترك الاعتكاف وتعتد في بيتها فإذا انتهت العدة بنت على ما مضى إذا كان نذرًا وتكفّر كفارة يمين على ما اختاره المؤلِّف "والمعتكفة إذا حاضت خرجت من المسجد" لأنه لا يجوز لها المكث في المسجد وجاء الأمر باعتزال الحيض المُصلى، يعني مصلى العيد والمسجد من باب أولى، ومثلها الجنب إذا أجنب المعتكف يخرج من المسجد حتى يغتسل ويرفع الحدث "وتضرب خِباءً في الرحبة" رحبة المسجد ساحته فإن كانت هذه الرحبة مسورة بسور المسجد فهي من المسجد، وإن كانت غير مسوّرة وهي من منافعه وتابعة له في الوقف فإنها لا مانع من جلوسها فيه وتضرب خباءًا في الرحبة، هل نقول إن جلوسها في الرحبة اعتكاف أو ليس باعتكاف؟ الرحبة غير المسوّرة العلماء يقررون أنه ليس باعتكاف فما فائدة ضربها الخباء؟ يعني إذا كان مسنونا فقربها من المعتكفين ظاهر ولا تكون حينئذٍ أبطلت اعتكافها وإن كان لا يسمى هذا اعتكافا، وإن كانت المراد بالرحبة المحوطة لا يجوز لها البقاء فيها لأن لها أحكام المسجد لماذا لا نقول أنها تذهب وتفعل كما يفعل المتوفَّى عنها زوجها، والرجل هو الذي خرج لفتنة؛ لأنها أُجبرت على الخروج، هي مجبرة على الخروج كمن توفي عنها زوجها أو إذا حصل في المسجد فتنة تعود لقضاء ما فاتها إذا كان نذر "ومن نذر أن يعتكف شهرًا بعينه" يعني إذا قلنا هذه المعتكفة حاضت وتريد أن تخرج عن المسجد اعتكفت ثلاثة أيام ونذرت اعتكاف عشرة أيام أو في نيتها اعتكاف العشر على القول بقضاء النوافل وعدم الإبطال، هل نقول أن المعتكفة تقضي الاعتكاف كما تقضي الصيام أو لا تقضي الاعتكاف كما لا تقضي الصلاة؟ يقول المعتكفة إذا حاضت خرجت من المسجد فتضرب خباء في الرحبة إن كان واجبًا فهو مثل الصيام، طيّب وإن كان مستحبًا الصلاة واجبة يعني مثل ما قرره المؤلف إذا كان منذورا لزم قضاؤه وإلا فلا قال- رحمه الله- "ومن نذر أن يعتكف شهرًا بعينه" نذر أن يعتكف شهر رمضان بعينه أو شهر شوال بعينه أو غيرهما من الشهور عيّنه "دخل المسجد قبل غروب الشمس" طيّب لو نذر أن يعتكف العشر أليس مثل هذا؟ يقول "دخل المسجد قبل غروب الشمس" العشر تبدأ من غروب الشمس ليلة الحادي والعشرين هذا إذا نذر، وإذا كان تطوعا النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل معتكفه صبيحة عشرين لكن إذا نذر في يوم عشرين ليس بتابع للعشر.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ونكون بهذا قد انتهينا من ربع العبادات من هذا الكتاب.

طالب: ..............

أين؟

طالب: ..............

..أصلاً من صفاتها الصيام...

طالب: ..............

النذر يجب الوفاء به على الفور.

طالب: ..............

العشر تبدأ من غروب الشمس يوم عشرين ليلة واحد وعشرين.

طالب: ..............

قلنا يجمّع تصلى فيها الجماعة ما قلنا الجمعة.