بلوغ المرام - كتاب الحج (2)

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على خاتم النبيين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً وبعد:

فقد قال الإمام الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام: باب المواقيت: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن، ولمن أتى عليهن من غيرهن، ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة" متفق عليه، وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت لذات العراق ذات عرق" رواه أبو داوود والنسائي، وأصله عند مسلم من حديث جابر، إلا أن راويه شك في رفعه، وفي البخاري أن عمر هو الذي وقت ذات عرق، وعند أحمد وأبي داود والترمذي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل المشرق العقيق.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب المواقيت، جمع ميقات، والميقات والتوقيت التحديد، التوقيت التحديد فالميقات ما حدد لهذه العبادة، من زمان ومكان، وهنا يتحدث أو يذكر المؤلف الأحاديث التي فيها تحديد مكان الدخول في النسك، وهناك مواقيت زمانية هذه المواقيت المكانية التي ذكر فيها الحافظ -رحمه الله تعالى- هذه المواقيت بالأحاديث المرفوعة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأما بالنسبة للمواقيت الزمانية فهي المشار إليها في قوله -جل وعلا-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [(189) سورة البقرة] فوقت الحج الزماني شوال وذي القعدة وعشر من ذي الحجة أو شهر الحجة كامل، كما هو عند المالكية والجمهور على أن العشر مع الشهرين شوال والقعدة هي مواقيت الحج الزمانية، والعمرة لا وقت لها، على ما تقدم، فهي مشروعة في كل وقت، ما لم يتلبس مريدها بنسك، ولذا يقولون: أن العمرة لا تصح في يوم عرفة، ولا في يوم الحج الأكبر، وهو يوم النحر، ولا أيام التشريق؛ لأنه متلبس بنسك، ذكر الحافظ -رحمه الله تعالى- حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقت يعني حدد لأهل المدينة ذا الحليفة، يحرمون منه، بمعنى أنهم يدخلون في النسك في هذا المكان، ينوون الدخول في النسك في هذا المكان ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، الميقات الأول ذو الحليفة يعرف بأبيار علي، قريب جداً من المدينة، يمكن يبعد عشرة كيلو أو أقل، وهو أبعد المواقيت عن مكة، على نحو عشر مراحل، ووقت لأهل الشام الجحفة، قرية خربة من الأزمان المتباعدة، سميت بذلك لأنه اجتحفها السيل، ولعل السبب في خرابها الدعوة النبوية بنقل حمى المدينة إلى الجحفة؛ لأن سكانها في ذلك الوقت كانوا من اليهود، هذا ميقات أهل الشام، وحدد ووقت لأهل نجد قرن المنازل وبإسكان الراء خلافاً لما زعمه الجوهري في صحاحه حيث قال: هو بتحريك الراء، وزعم أن أويس القرني ينسب إليه، ووهم في الأمرين، قرن المنازل يعرف الآن بالسيل، ولأهل اليمن يلملم، الجحفة على نحو ثلاث مراحل من مكة، وقرن المنازل على مرحلتين، ولأهل اليمن يلملم وهو أيضاً على مرحلتين من مكة، ثم قال: "هن لهن" هن: أي هذه المواقيت أو هذه الأماكن لهن لهذه البلدان، وفي رواية: "هن لهم" أي لأهل هذه البلدان، "ولمن أتى عليهن" يعني ممن مر على هذه المواقيت من غيرهن، من غير أهل هذه الجهات والبلدان، ممن أراد الحج والعمرة، هن لهن أهل هذه الجهات أهل المدينة لهم ذو الحليفة، وأهل الشام لهم الجحفة، وأهل اليمن لهم يلملم، ولأهل نجد قرن، هذا التحديد الأصل، "ولمن أتى عليهن من غيرهن" بمعنى أنه لو مر الشامي بالمدينة قبل أن يدخل في النسك في حقه الجملة الأولى والجملة الثانية أيضاً، وفيهما عمومان متعارضان، منطوق الجملة الأولى "هن لهن" أن الشامي أو النجدي إذا مر بالمدينة قبل مكة أنه لا يحرم من الحليفة "هن لهن" لأنه ليس من أهل المدينة، إنما يحرم من ميقاته المحدد له شرعاً؛ لكن منطوق الجملة الثانية "ولمن أتى عليهن من غيرهن" أنه يحرم من الميقات الذي يمر به أولاً، فإذا مر النجدي بالمدينة هل له أن يتجاوز ذا الحليفة إلى أن يصل إلى قرن؟ وهل للشامي إذا مر بالمدينة أن يتجاوز ذا الحليفة إلى الجحفة أم ليس له ذلك؟ الجملة الأولى: "هن لهن" تدل على أنه يجوز له ذلك للنجدي أو للشامي أن يقول: والله أنا حدد لي شرعاً ميقات تبرأ ذمتي بإحرامي منه بالنص، له ذلك، وإن أحرم من ذي الحليفة تناولته الجملة الثانية "لمن أتى عليهن من غير أهلهن" فهل الحاج الذي يمر بغير ميقاته مخير بين أن يحرم من أي ميقات أراد ما مر به أو ميقاته المحدد له شرعاً أو ليس له ذلك؟ نأخذ مثال بنجدي مر بالمدينة وترك الإحرام، وهذا يحصل كثيراً ممن يذهبون على الطائرة مثلاً يشق عليه أن يلبس الإحرام في بيته والطائرة لن تنزل تحاذي الميقات، نعم لكن إذا مرت بذو الحليفة ونزلت بجده مثلاً وهو ما أحرم هل نلزمه بالرجوع إلى ذو الحليفة أو نقول: يكفيك تذهب إلى السيل؟

طالب: يكفيه يذهب إلى السيل.

يكفيه يذهب إلى السيل بمنطوق الجملة الأولى؛ لكن منطوق الجملة الثانية "لمن أتى عليهن من غيرهن" الآن الجملتان بينها اتفاق أم بينها اختلاف؟ اختلاف لأن مفاد الجملة الأولى ألا يحرم من أراد الحج والعمرة إلا من ميقاته المحدد له شرعاً، "هن لهن" ومنطوق الجملة الثانية أنه يلزمه أن يحرم من الميقات الذي يمر به أولاً، فإذا أحرم النجدي من ذو الحليفة خالف الجملة الأولى "هن لهن" وإذا أحرم من السيل خالف الجملة الثانية فما العمل؟

طالب:........

نعم من باب الاختيار، لو أخر الإحرام إلى السيل ما عليه شيء.

طالب:........

احتياط؟ المقصود أن الجمهور على أنه يلزمه أن يحرم من الميقات الذي يمر به ولو مر الشامي أو النجدي بالمدينة وتجاوز ذو الحليفة ولم يحرم منه وأخر الإحرام إلى ميقاته الأصلي يلزمه دم عندهم؛ لأنه تجاوز الميقات من غير إحرام، وخالف قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) والمالكية يرون أن له أن يؤخر إلى ميقاته، وأقول مثل قول المالكية هذا يحتاج إليه فيمن تجاوز الميقات، لا سيما الذين يأتون عن طريق الجو وما ينتبه الواحد منهم إلا وقد نزل في جدة، وليرجع قليلاً إلى الجحفة، والناس يحرمون من رابغ، ولا يلزمه أن يرجع إلى ذي الحليفة، أو يحرم من السيل، أو يفعل الأرفق به، كلها مواقيت شرعية، ثبتت بالنص الصحيح، فرأي المالكية لا شك أنه أرفق بالناس، والمسألة بالنسبة لهذه المواقيت فيها طرفان ووسط، عندنا رأي سعيد بن المسيب يقول: "من تجاوز الميقات لا شيء عليه" يقابله رأي سعيد بن جبير: "من تجاوز الميقات فلا حج له" لكن الجمهور على أن من تجاوزه يجبر ذلك بدم، فهل تجاوز مر بذا الحليفة وتجاوزه الجمهور يلزمونه بدم، ولو أحرم من ميقات شرعي معتبر؛ لأنه مر بالميقات فتجاوزه، فيلزمه دم على قول الجمهور، والمالكية يقولون: ما دام تجاوز الميقات الذي هو في الأصل ليس له والمحدد له إنما هو الميقات الآخر، الذي رجع إليه وأحرم منه، فلا شيء عليه، ولا شك أن هذا أرفق بالناس؛ لكن هل الملاحظ في تحديد هذه المواقيت سكنى هذه البلاد أو المرور مع هذه المواقيت؟ يعني هل الملحوظ في النص أن يكون هذا الميقات لساكن المدينة؟ يعني هل السكن سكن البلد هذا مقصود شرعي وإلا ما هو مقصود؟ أو أن هذه بمثابة المعالم التي تحدد تعظيم هذا البيت بحيث لا تتجاوز هذه المعالم إلا بالإحرام؟

طالب:........

نعم السكن غير منظور له أصلاً كون الإنسان ساكن في المدينة أو ساكن الشام أو ساكن نجد هذا لا علاقة له، ولا ارتباط له بالنسك، إنما الملحوظ أن ساكن هذا البلد لا بد وأن يمر من هذا الطريق، فحدد له هذا المكان ليحرم منه، ولذا لما فُتح العراق -البصرة والكوفة- قالوا لعمر -رضي الله تعالى عنه- النبي -عليه الصلاة والسلام- وقت لأهل نجد قرن، وهو جور علينا، يعني ميل، فيه ميل، نحتاج إلى أن ننحرف عن طريقنا فنحرم منه فوقت لهم ذات عرق، فهذه المواقيت وقتت وحددت رفقاً بالناس؛ لئلا يلزم الإنسان أن يحيد عن طريقه يمين ولا شمال، وما دام الأمر كذلك فليس المنظور ليس الوصف المؤثر سكن هذه البلدة أو المرور بها، على كل حال رأي الجمهور أحوط، وأن لا يتجاوز الميقات الذي مر به إلا المحرم؛ لكن لو وقع هذا الأمر من شخص قال: والله تجاوزت ووصلت جدة الآن، والأرفق بي أن أذهب إلى رابغ، أو إلى السيل، وأفتي بقول مالك، له وجه، والجملة الأولى تؤيده "هن لهن" وإن كان سكنى البلد وصف غير مؤثر، إلا أنه لأنه أرفق بهم.

((هن لهن، ولمن أتى عليهن، من غير أهلهن، ممن أراد الحج والعمرة)) هذه المواقيت التي حددت بعض الناس يحتار، عرفنا أن مجاوزة الميقات دون إحرام لا تجوز، وعند الجمهور يلزمه دم؛ لكن إذا أحرم قبل الميقات ماذا عليه؟

طالب:........

لا، المقصود أحرم نوى الدخول في النسك، المقصود في الإحرام نية الدخول في النسك، أنت أحرمت من الدمام، لبست الإحرام، وقلت: لبيك عمرة، أو لبيك حج ومشيت، ويش تعديت يعني باقي على الميقات كم كيلو؟ أنت محرم من بلدك خلاص الحين نويت الدخول في النسك اشلون تتعدى الميقات، أنت محرم من قبل الميقات.

طالب:........

يعني خالف السنة.

طالب:........

كيف؟ كراهة.

طالب:........

في أيش؟ لا، لا يقول: مانا بواقع بمحظورات حرام، أبغي ألبس إحرامي في البيت، وأتطيب وأتنظف، وأنوي أركب الطائرة وساعة وأنا بجدة.

طالب:........

جواز مع الكارهة، يعني الاحتياط في مثل هذه الأمور مقبول شرعاً، يعني فعل أكثر مما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- والزيادة على ما حدده -عليه الصلاة والسلام-، يعني لو لا ما نقل من الإجماع على جواز مثل هذا كان المتجه التحريم والمنع؛ لأن الأمور المحددة شرعاً بحيث لا يجوز النقص منها، إذاً لا تجوز الزيادة عليها، افترض المسألة في صلاة الظهر يجوز تصلي ثلاث، يجوز تصلي خمس؟ لا يجوز الزيادة ولا النقصان، فالمقدرات الشرعية لا يجوز الزيادة عليها ولا النقص منها، فكما أنه لا يجوز أن تتجاوز الميقات أيضاً لا يجوز أن تحرم قبل الميقات؛ لكن نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على جواز مثل هذا، وفعله بعض الصحابة، ويذكر عن علي -رضي الله تعالى عنه- في تأويل قوله -جل وعلا-: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] قال: "إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك" وجاء أيضاً عند أحمد وأبي داود وغيرهما ((من حج أو اعتمر من بيت المقدس غفر له ما تقدم من ذنبه)) ويبقى أن الأصل الإحرام من الميقات، وإذا تعبد الإنسان بأن ما صنعه أفضل مما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- يكون حينئذ دخل في حيز الابتداع، أنت مأمور في حيز المشروع في الوضوء أن تغسل العضو ثلاث مرات تقول: لا، أنا باحتاط باغسله أربع مرات، أو خمس مرات، قلنا: لا، أنت مبتدع إذا كنت تتعبد بهذا، المقصود أنه لولا ما ذكر من الإجماع لكان التحريم هو المتجه، ويبقى أن أفضل ما يفعل في العبادات ما يتلقى عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه هو الأسوة والقدوة، وقد حدد ذلك بقوله وفعله -عليه الصلاة والسلام-، يعني لبس التجرد من المخيط، ولبس ثياب الإحرام، لا يعني نية الدخول في النسك، يعني لك أن تتجهز في بيتك، وتلبس الإحرام، وتركب الطائرة قبل ألف كيلو عن الميقات هذا ما يضر؛ لكن الكلام في نية الدخول في النسك، يلاحظ في المسجد النبوي مثلاً بعض الناس يدخل المسجد وهو محرم، يعني عليه ثياب الإحرام، لا يدرى هل نوى ولا ما نوى؟ هذا يلاحظ وكل سنة أكثر من التي قبلها، يدخلون المسجد النبوي وعليهم ثياب الإحرام، يعني الفرق بين المدينة وبين الميقات عشرة كيلو، خمس دقائق، يقول: أتجهز في السكن وألبس الإحرام، وأؤدي الصلاة في المسجد وأستمر في طريقي، ولا أقف مرة ثانية، المسألة لو وقفت عند هذا الحد ما فيه إشكال؛ لكن ينوي إذا حاذى الميقات؛ لكن يرد على مثل هذا لا سيما في المسجد النبوي أن يخطر على بال بعض الناس أو يتصور أن الزيارة، زيارة النبي -عليه الصلاة والسلام- تحتاج إلى إحرام، وإذا تتابع الناس على مثل هذا وفعلوه من غير نكير، يمكن أن يتصور في يوم من الأيام مع اندراس العلم أن يقال: أن المسجد النبوي يحتاج إلى إحرام، أو زيارة قبره -عليه الصلاة والسلام- يحتاج إلى إحرام، مثل زيارة بيته ألا يمكن أن يقال مثل هذا؟ فالأولى أن لا يصنع مثل هذا، ومن بيده منع مثل هؤلاء يتجه للمنع سداً للذريعة، الناس اليوم يعرفون أن الإحرام للحج والعمرة فقط؛ لكن فيما بعد وما يدريك أنه يتوالى أناس والبدع من أسرع الأمور في دخولها إلى القلوب، بعض الناس يدور حول المقبرة على الرصيف من برع، باسم التخفيف أو اللياقة أو الرياضة وكذا، وهذا الحد ما فيه إشكال، والدوران حول المقابر باعتبار أن ما حولها سيارات ولا سكان ولا شيء مناسب لهم؛ لكن يأتي في يوم من الأيام من يقول: أن الناس كانوا يطوفون حول المقابر، ولا أحد ينكر عليهم، يكتسب شرعية بهذا، فمثل هذا ينبغي أن يمنع سداً للذريعة، فالإحرام يكون من الميقات، لتحديده -عليه الصلاة والسلام- ولفعله، كونه جاء عن بعض الصحابة من أحرم من بيت المقدس، أو من أحرم كرمان أو من أحرم من كذا، هذه أفعال صحابة، ما يعارض بها الأحاديث المرفوعة.

((هن لهن ولمن أتى عليهن من غيرهن ممن أراد الحج والعمرة)) فلا يلزم الإحرام إلا من أراد الحج والعمرة، وعلى هذا يجوز أن يدخل المسلم مكة إذا كان لا يريد حجاً ولا عمرة من غير إحرام، ودلالة الحديث عليه ظاهرة ((ممن أراد)) مفهومه أن الذي لا يريد الحج والعمرة فإنه لا يحرم، وبعض أهل العلم أنه لا يجوز دخول مكة من غير إحرام، إلا لمن تتكرر حاجته لدخولها للمشقة وإلا فالأصل أن يحرم؛ لكن الحديث صريح في الدلالة على عدم لزوم الإحرام إلا لمن أراد الحج أو العمرة.

((ومن كان دون ذلك)) دون المواقيت بالنسبة لمكة، يعني سكنه بين مكة والميقات، ((ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ)) فمن حيث أنشأ سواء كان سكنه دون الميقات، أو ذهب إلى هذا المكان من غير نية للنسك ثم طرأت عليه النية، حينئذ يحرم من حيث أنشأ، ((حتى أهل مكة من مكة)) يعني حتى أهل مكة يحرمون من مكة، من داخلها، وعموم اللفظ يشمل النسكين الحج والعمرة، حتى أهل مكة من مكة يحرمون من مكة بالعمرة والحج، فعموم الخبر يشمل النسكين الحج والعمرة، ونقل الإجماع، المحب الطبري وغيره نقلوا الإجماع على أن المكي إذا أراد العمرة يلزمه أن يخرج إلى الحل، ولا يحرم من داخل مكة، وعمدتهم في ذلك أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر عائشة من التنعيم، فيكون هذا مخصص لعموم حديث الباب، فيبقى حديث الباب بالنسبة إلى الحج، وأما العمرة فلا بد من الخروج إلى الحل، وأهل العلم يقولون: لا بد من الجمع في النسك بين الحل والحرام، والحاج لا بد أن يخرج إلى الحل للوقوف بعرفة؛ لأنها من الحل، والمعتمر لن يخرج مرة ثانية، فيلزم بالخروج للإحرام، وحديث عائشة، وأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بها إلى التنعيم صريح في هذا، وإن قال من قال: إنما أمره أن يخرج بها إلى التنعيم جبراً لخاطرها، كي تدخل من خارج الحرم بنسك كصواحبها؛ لأنها أحرمت بالعمرة في أول الأمر، ثم حاضت فأدخلت عليها الحج، فصارت قارنة، وهي تريد عمرة مستقلة كصواحباتها، فأرادت أن تدخل إلى البيت من خارجه، وهي معتمرة جبراً لخاطرها، النبي -عليه الصلاة والسلام- جبر خاطرها بالعمرة بعد الحج وإلا فالأصل أنها لما أدخلت الحج على العمرة، وصارت قارنة أنها اعتمرت، ولذا النبي -عليه الصلاة والسلام- والصحيح في نسكه أنه قارن، عدت العمرة التي مع حجه -عليه الصلاة والسلام- عمرة فلها عمرة لما أدخلت الحج على العمرة وصارت قارنة لها عمرة، وجبر خاطرها بالإتيان بعمرة مفردة؛ لكن لو كان الإحرام من الحرم من داخل مكة بالنسبة للعمرة سائغة يحبس الناس إلى هزيع من الليل في انتظارها، ألا يمكن أن يقول: أحرموا من هنا، وطوفوا واسعوا ونمشي، يحبس الناس كلهم من أجل أن تخرج إلى التنعيم، ثم تعود إليه، ولا تأتي إلا بعد هزيع من الليل، لولا أن هذا واجب لما حبس الناس من أجل ذلك، فالمصحح قول جماهير أهل العلم أن العمرة عمرة أهل مكة لا بد لها من الخروج إلى الحل.

طالب:........

نعم وشوه؟ نعم العمرة بالنسبة لأهل مكة، هل عليهم عمرة وإلا ما عليهم عمرة؟

أصل النصوص العامة في الترغيب في الحج والعمرة شامل لجميع الناس ((والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما)) وهذا يشمل المكي وغير المكي، والخلاف في مرجع الضمير في قوله -جل وعلا-: {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(196) سورة البقرة] هل يعود إلى التمتع والإتيان بالعمرة مع الحج أو يعود إلى الدم؟ ولو حصلت العمرة مع الحج فلا دم عليهم، مسألة خلافية بين أهل العلم؛ لكن عمومات النصوص التي ترغب في الحج والعمرة تشمل المكي وغير المكي، وكونه يرد عن بعض الصحابة من بعض السلف أنهم لاموا بعض المكيين في خروجهم إلى الحل، ودخولهم للإتيان بالعمرة، وتضييع الوقت بمثل هذا، وترك الطواف والصلاة في المسجد، والمكث فيه، لا يعني أن العمرة ليست مطلوبة منهم، المسألة مسألة مفاضلة، والمكي وغير المكي واحد، أنت افترض أن واحد جالس بالحرم، وقال: الأفضل أن أمكث وأقرأ قرآن، وأصلي ما شئت، وأطوف بالبيت، أو أخرج إلى التنعيم وآتي بعمرة، يحتاج إلى كم؟ يحتاج إلى ساعتين ليأتي بعمرة يخرج إلى التنعيم ويرجع ويطوف ويسعى يحتاج إلى ساعتين، هو في هاتين الساعتين بإمكانه أن يقرأ خمسة أجزاء، ويطوف أسبوع كامل، ويصلي عشر ركعات مثلاً أيهما أفضل؟ مسألة مفاضلة بين عبادات، فالإنكار من هذه الحيثية، ولذا يقول طاووس: "لا أدري الذين يعتمرون من التنعيم يؤجرون أو يعذبون" قيل له: فلم يعذبون؟ قال: لأنه يدع البيت والطواف ويخرج إلى أربعة أميال ويجيء أربعة أميال وقد طاف مائتي طواف، فهو وازن بين ما فعل وبين ما ترك، ولا يعني هذا أن العمرة ممنوعة، بل يشملهم مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما)).

طالب:........

هذا التعريف اللغوي، طيب والذي داخل مكة يزور وإلا ما يزور؟ وهو ما هو من أهلها، جاي من نجد ولا من الشرقية، يزور وإلا ما يزور؟ وهو داخل البيت وعائشة زارت ثانية وإلا ما زارت؟ زارت، المقصود أن العمرة بمكة منهم من يختارها على المكث في المسجد، والطواف فيه، وقراءة القرآن، والصلاة، ومنهم من يرجح هذه الأمور عليها، والمسألة موازنة بين فضائل، أحياناً يضيق الوقت لاستيعاب جميع الفضائل، هذه مسألة ضربناها فيما سبق فيمن دخل المسجد الحرام بعد إقامة الصلاة، هل نقول: الأفضل أن تتقدم إلى الصفوف الأولى ولو فاتك ما فاتك، أو نقول: تصلي في الصفوف الدنيا تدرك الصلاة كاملة، ولا تعرض صلاتك للنقص بمرور الناس بعد سلام الإمام، ولا يفوتك صلاة الجنازة، ولا شيء، المسألة موازنة بين فضائل، وهذا منه.

طالب:........

نعم أيش فيه؟ الحج من مكة نعم، العمرة يخرجون إلى التنعيم.

يقول: وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل العراق ذات عرق، رواه أبو داود والنسائي، وأصله عند مسلم من حديث جابر، هذا حديث عائشة، والثاني حديث جابر، هل يكون حديث جابر أصل لحديث عائشة، أو شاهد لحديث عائشة؟ ذكرنا مراراً أن الأصل يكون نفس الحديث، إلا أنه تتفاوت جمله، فهذه الجملة التي لها أصل، يعني الحديث مكون من جمل مثلاً، مخرج في الصحيح، أو يشتمل على بعض الجمل دون بعض، وجملة من هذا الحديث التي لم تخرج في الصحيح موجودة عند أبي داود وهناك خرجه أبو داود، وأصله في مسلم حديث واحد مكون من جمل؛ لكن حديث آخر حديث جابر غير حديث عائشة، فالتعبير بقوله: وأصله عند مسلم ليس بدقيق، إنما الأصل أن يقال: ويشهد له ما عند مسلم من حديث جابر، إلا أن الراوي شك برفعه، قال: وغالب ظني وأحسبه أن جابر -رضي الله عنه- رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، شك في رفعه، وفي صحيح البخاري أن عمر هو الذي وقت ذات عرق، ذات عرق مكان بينه وبين مكة مرحلتان، والعرق الجبل الصغير، وحديث الباب دليل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- هو الذي وقت لأهل العراق ذات عرق، وفي حديث جابر ما يدل له إلا أن راويه شك في رفعه راويه عن جابر أبو الزبير المكي، شك في رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، أحسب أو أظن أن جابر -رضي الله عنه- رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، فشك في رفعه، ولولا هذا الشك لكان نصاً في الموضوع، وفي الصحيح، وهنا في السنن وهو أيضاً صحيح، ويشهد له حديث جابر، بعضهم يقول: كيف يوقت النبي -عليه الصلاة والسلام- لأهل العراق ذات عرق والعراق ما فتح أصلاً؟ والشام مفتوح وإلا ما فتح؟ مثل ما وقت لأهل الشام يوقت لأهل العراق، ولو لم تفتح، وهذا من دلائل نبوته -عليه الصلاة والسلام-، وفي صحيح البخاري أن عمر هو الذي وقت ذات عرق، ولا يمنع أن يخفى توقيت النبي -عليه الصلاة والسلام- على عمر، وعلى بعض الصحابة، ويطلب من عمر أن يوقت لأهل العراق، ويصيب اجتهاد عمر ما صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أفي ما يمنع؟ وموافقات عمر كثيرة، جاء الوحي مؤيد لكلامه، واجتهد اجتهادات نزل الوحي بموافقتها، وحكم النبي -عليه الصلاة والسلام- بمقتضاه، فكونه يجتهد ويوافق هذا ليس ببدعة، وهناك الموافقات التي تزيد على عشرين من موافقات عمر -رضي الله تعالى عنه- نعم التنصيص على توقيت النبي -عليه الصلاة والسلام- لأهل العراق ذات عرق ليس في القوة بمثابة التوقيت ذا الحليفة لأهل المدينة، والجحفة لأهل الشام، ويلملم لأهل اليمن، أو نجد لهم قرن، هذا ليس بالقوة بمثابة ما وقت بالنص الصحيح الصريح، هذا في السنن وليس في الصحيح، وينتابه ما ينتابه من تردد الراوي عن جابر، وعلى كل حال ما في ما يمنع من رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وما في ما يمنع من نسيان عمر، وبعض الصحابة بتوقيت النبي -عليه الصلاة والسلام- وطلبهم من عمر، ولا يوجد ما يمنع من موافقة عمر للنص.

يقول: وعند أحمد وأبي داود والترمذي عن ابن عباس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقت لأهل المشرق العقيق، وهذا الحديث ضعيف، مداره على يزيد بن أبي زياد، ضعفه غير واحد من الأئمة، وخرج له مسلم في الشواهد، وفيه أيضاً انقطاع، فالذي يرويه عن ابن عباس محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، ولا يصح له سماعه من جده، فهو منقطع وضعيف، وإن قال بعضهم: أن العقيق جزء من ذات عرق، فالإحرام من العقيق إحرام من ذات عرق؛ لكن التنصيص على ذات عرق والعقيق ضعيف.

قال الحافظ -رحمه الله-: باب وجوه الإحرام وصفته: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بحج، وأهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج، فأما من أهل بعمرة فحل، وأما من أهل بحج، أو جمع الحج والعمرة فلم يحل حتى كان يوم النحر" متفق عليه.

هذا يقول: كيف يصح دعوى الإجماع، وقد حفظ عن مالك إنكار ذلك، وأنه مخالف للسنة، خصوصاً مع ملاحظة ما ذكر أهل العلم بخصوص إجماعات ابن المنذر، مع ما في هذه المسألة من مخالفة القواعد الشرعية؟

دعاوى الإجماع التي ذكرها ابن المنذر، وقل مثله بالنسبة لابن عبد البر أو النووي أو ابن قدامة أو غيرهم لا شك أن كثير منها منقوض لوجود المخالف، ولا يعني أن نقض هذا الإجماع بوجود المخالف أنه يبطل بالكلية لا، يبقى أقل الأحوال أنه قول الجمهور، أقل الأحوال إن لم يثبت إجماع فهو قول عامة أهل العلم، هب أنه وجد مخالف؛ لكن وجود المخالف يسوغ الخلاف؛ لكن لا يبطل أقوال الآخرين، يسوغ الخلاف، ويبقى أن هذا القول له هيبته؛ لأنه أقل الأحوال هو القول الأكثر، فإذا وجد مثل هذا الإجماع إن لم يوجد مخالف لا محيد ولا مناص منه ولا مفر لا بد من العمل به؛ لأن الأمة بكاملها معصومة من الخطأ، إذا وجد مخالف ساغ للمخالف أن يحكم؛ لكن يبقى أن كونه قول عامة أهل العلم له هيبته، الشوكاني يقول: "كثير من دعاوى الإجماع تجعل طالب العلم لا يهاب الإجماع" إن كان المقصود أنه لا يهاب الإجماع باعتباره إجماع، وأنه لا تسوغ ولا تجوز مخالفة هذا شيء، أما كونه لا قيمة له، له قيمة، أقل الأحوال أنه قول الجماهير.

هنا أيضاً يقول: في مسألة الإحرام من ذي الحليفة أو ما دونه من المواقيت، هل الملاحظ عند الجمهور في ذا الحليفة خصوص المسافة كونه أبعد المواقيت أم غيره من المواقيت فله أن يحرم من أيها شاء؟

يعني لو النجدي تجاوز قرن منازل (السيل)، وأحرم من غيره، أحرم من الجحفة أو أحرم من يلملم نفس الكلام، أو مثلاً هو من نجد يريد الحج أو العمرة ومر بالسيل، ثم قال: أنا لا أريد أن أحرم من السيل الآن، فقد بقي على الحج عشرة أيام، عشرين يوم، أروح إلى المدينة وأحرم من ذا الحليفة، وهو مريد من الأصل ما نهزه من بلده إلا الحج، هل نقول: يلزمك أن تحرم من السيل أو تنتظر حتى تذهب إلى المدينة وتحرم من ميقاتهم؟ مقتضى قول الجمهور أنه تجاوز ميقاته المحدد له شرعاً، كما لو تجاوز الشامي ذا الحليفة وأحرم من الجحفة، وهكذا.

يقول: باب وجوه الإحرام وصفته: الوجوه يراد بها الأنواع، أنواع النسك: التمتع والقران والإفراد، يقول: وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة" تقصد عمرة ويرجع أو عمرة ثم يتحلل منها التحلل الكامل ثم يحرم بالحج فيكون متمتعاً؟ "ومنا من أهل بحج وعمرة" يعني قوله: فمنا من أهل بعمرة، يعني عمرة مفردة ويرجع أو إذا أحل منها أحرم بالحج؟ فيكون تكون هذه الجملة في الدلالة على الوجه الأول وهو التمتع، "ومنا من أهل بحج وعمرة" يعني قرن بينهما، هذا القران، "ومنا من أهل بحج" يعني مفرد، وهذا الإفراد، ففي هذا الحديث وجوه الإحرام الثلاثة وأنواعه، "وأهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج"، يعني جاء ما يدل على أنه أهل بالحج، كما هنا، والحديث في الصحيحين، وجاء ما يدل على أنه جمع بينهما، وهو المرجح في حجه -عليه الصلاة والسلام- أنه حج قارناً، وجاء ما يدل على أنه تمتع "تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتمتعنا معه" وهنا يقول: أهل بالحج، والإهلال بالحج، يعني مفرداً، هذا الذي يتبادر منه، وجاء ما يدل على أنه حج قارناً، وجاء ما يدل على أنه حج متمتعاً، ما في هذا الحديث أهل بالحج، من قال: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حج مفرداً نظر إلى حقيقة فعله، وأن فعله وإن كان قارناً فإنه لا يزيد على فعل المفرد، فكأنه لم يأت إلا بالحج فقط، والعمرة داخلة في هذا الحج، ومن قال: حج قارناً، وهذا هو آخر حجه -عليه الصلاة والسلام-، وما منعه أن يقلب القران إلى تمتع إلا سوق الهدي، ولذا تأسف -عليه الصلاة والسلام- ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي)) يعني هو أمر أصحابه أن يهلوا بعمرة، يقلبوا نسكهم إلى عمرة ثم يحل منها الحل كله، وأكد على هذا، وغضب -عليه الصلاة والسلام- بالنسبة لمن لم يسق الهدي، أما من ساق الهدي فإنه لا يحل حتى يوم النحر، إذا نحر هديه كفعله -عليه الصلاة والسلام-، فالذي قال: أنه أهل بالحج فقط نظر إلى صورة العمل الذي جاء به -عليه الصلاة والسلام- صورة حج فقط، والعمرة داخلة إذ لا فرق بين حج القران والإفراد من حيث الصورة إلا الهدي، ومن قال: حج قارناً فحكى الواقع النبي -عليه الصلاة والسلام- جمع بين الحج والعمرة وأهدى ومن قال حج متمتعاً نظر إلى المعنى الأعم للتمتع التمتع أن يأتي بنسكين في سفر واحد وقد جاء بنسكين في سفر واحد، فمن ترفه بترك أحد السفرين فهو متمتع بالمعنى الأعم، سواء كان قارناً أو كان متمتعاً فاصلاً بين حجه وعمرته، أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج، منهم من يقول: أنه في أول عمره أهل بالحج فقط، مفرد ثم جاءه الملك وقال له: "صل في هذا الواد المبارك وقل: حجة وعمرة" يعني اقرن بينهما، فإهلاله في أول الأمر بالحج مفرد، ثم بعد ذلك لما جاءه الملك وقال له ما قال جمع بينهما.

"فأما من أهل بعمرة فحل" أهل بالعمرة، وهذا متجه بالنسبة لمن لم يسق الهدي وهو الأرجح من أنواع النسك لمن لم يسق الهدي عند الحنابلة، وجمع من أهل العلم؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أصحابه به، وتأسف -عليه الصلاة والسلام- على سوق الهدي، فيكون حينئذ أرجح من غيره، ومنهم من يرجح القران لأنه هو الذي فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، وما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، ومنهم من يختار الإفراد، ولكل قول وجه، واختيار التمتع لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أصحابه به فهو الأفضل مطلقاً لمن لم يسق الهدي ولا ينوي أن يأتي بالنسكين في سفرين؛ لكن من أراد أن يأتي بالنسكين في سفرين المسألة مفترضة في شخص يقول: لن أزيد على الواجب سأعتمر مرة واحدة في عمري، وأحج مرة واحدة في عمري، هل الأفضل أن أتمتع وآتي بالنسكين في سفر واحد، أو الأفضل أن أنشيء للعمرة سفر مستقل وللحج سفر مستقل؟ هذه الصورة هي التي يرى شيخ الإسلام أنها أفضل اتفاقاً، الإفراد أفضل اتفاقاً في هذه الصورة، ما هي المسألة في شخص يقول: لن آتي بأكثر من الواجب أبداً، أحج مرة واحدة، وأعتمر مرة واحدة، نقول: الإفراد أفضل، وهو الذي نقل عليه شيخ الإسلام الاتفاق لأنك تريد تأتي بسفر مستقل للحج وسفر مستقل للعمرة؛ لكن الذي يريد أن يكرر في عمره نقول التمتع أفضل لأنك تأتي بنسكين أفضل من أن تأتي بنسك واحد والذي ساق الهدي يتعين في حقه القران لأنه لن يحل قبل أن يبلغ الهدي محله يوم النحر فلا بد أن يقرن كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"فأما من أهل بعمرة فحل" حل الحل، كل الحل بمعنى أنه إذا أهل بعمرة ثم طاف وسعى وحلق وقصر له أن يأتي ما شاء من المحظورات حتى النساء، له أن يجامع زوجته، حل الحل كله، هل له أن يرجع إلى بلده ولا يحج أو ليس له ذلك؟ له ذلك ما لم يكن حيلة، يعني شخص جاء وأحرم بالحج أو أحرم قارن، ثم قال: لا الرسول -عليه الصلاة والسلام- أمر أصحابه أن يحلوا بالعمرة، ثم لما حل من هذه العمرة قال: أنا بالخيار العمرة وانتهت، والحج ما بعد دخلت فيه، وفي نيته أن يصنع هذا، نقول: لا يا أخي أنت تتحايل لإسقاط ما دخلت فيه، وقد أمرت بإتمامه؛ لكن ابتداء جاي في نيته أن يحج هذه السنة، وأحرم بالعمرة متمتعاً، فلما فرغ من أعمالها رأى الزحام الشديد، أو وجد ظرف في بلده يتطلب رجوعه، ما الذي يلزمه بالحج ولم يدخل فيه؟ ذكر صاحب الإنصاف أنه لا يجوز له ذلك بلا نزاع، يعني في المذهب لوجود الارتباط بين الحج والعمرة، وإن وجد الانفكاك؛ لكن الارتباط قائم بدليل أن لزوم الهدي سببه الإحرام بالعمرة، لزوم هدي التمتع سببه الإحرام بالعمرة التي ينوي بعدها الحج، هذا سبب الوجود فهناك ارتباط بين الحج والعمرة، وإن كان هناك فاصل يفصل بينهما فصل تام، والأكثر وهو المفتى به الآن أنه لا يلزمه ما دام حل الحل كله، ما الذي يلزمه بنسك إن لم يدخل فيه؟.

تقول -رضي الله عنها-: "فأما من أهل بعمرة فحل" عرفنا أنه الحل كل الحل، وأما من أهل بحج يعني مفرد أو جمع الحج والعمرة يعني قرن بينهما فلم يحل حتى كان يوم النحر، أما المانع بالنسبة للقارن فمعروف أنه حتى يبلغ الهدي محله، وأما بالنسبة للمفرد فإنه لم يأت بما يتحلل به؛ لأن أعمال الحج يوم العيد هل يتصور التمتع مع سوق الهدي؟ يتصور تمتع مع سوق الهدي؟ يعني بالمعنى الخاص أما المعنى العام الذي يشمل القران القران نوع من التمتع؛ لكن بالمعنى الخاص يتمتع مع سوق الهدي ممكن؛ لأنه لن يحل بين الحج والعمرة حتى يبلغ الهدي محله، لن يتمكن من الحل من العمرة، ولن يقصر شيئاً من شعره بالنسبة للعمرة حتى يأتي وقته، الذي هو وقت نحر الهدي، قد يقول قائل: أنه يأتي بعمرة مفردة يطوف ويسعى، ثم يستمر في إحرامه إلى أن يبلغ الهدي محله، ثم يطوف ويسعى يوم العيد للحج، وبهذا يختلف فعله عن فعل القارن، لأن القارن لا يلزمه إلا سعي واحد، هو في الصورة قارن شاء أم أبى؛ لأنه لم يحصل له ما يميز التمتع، وما أمر به النبي -عليه الصلاة والسلام- من الحل كله، أهل بالقران ولم يسق الهدي، شخص ما ساق الهدي فأهل قارناً، قال: النبي -عليه الصلاة والسلام- حج قارناً، وأنا ما سقت الهدي، هل يلزم بأن يقلب الإحرام إلى عمرة كما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أصحابه بذلك؟ هل يُلزم؟ منهم من يرى وجوب قلب الإحرام إلى عمرة؛ ليكون متمتعاً، وبهذا أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أصحابه، وأكد عليهم، ومنهم من يقول: لا يجوز، بل قلب النية بالإحرام خاص بالصحابة، أمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- وليس لأحدهم بعدهم لماذا؟ لأنهم كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يجتث هذا الزعم وهذا التصور من جذوره، فأمرهم بالعمرة في أشهر الحج عمرة مستقلة في أشهر الحج، يعني القران فيه عمرة، فيه رد على هذا القول؛ لكن ما يكفي لأنها ليست بعمرة مستقلة، لو قيل مثلاً: أنه خلاص ما داموا قارنين اعتمروا مع الحج يقول قائل مثلاً: يثبت تبعاً أما لا يثبت استقلالاً، هذه عمرة داخلة في الحج، ولا وجود لها، والعمرة المستقلة من أفجر الفجور، نقول: لا يا أخي النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرهم أن يعتمروا عمرة مستقلة؛ ليجتثوا هذا التصور من جذوره؛ لكن هل هذا خاص للصحابة أم يصوغ لمن بعدهم؟ الأكثر على خصوصيته، وأن من أحرم بشيء لزمه أن يستمر عليه، ولزمه إتمامه، والمعروف عند الحنابلة وعند جمع من أهل العلم من أهل التحقيق أن ذلك إلى قيام الساعة، للإنسان أن يقلب نسكه من الأدنى إلى الأعلى؛ لكن ما ينزل، أحرم متمتع يقول: لا أنا بحج فقط، نقول: لا، يلزمك التمتع، أحرم قارن يقول: أنا بأفرد، نقول: لا، يلزمك القران عند من يرجح القران على الإفراد وهكذا؛ لكن ينتقل إلى الأعلى لا بأس، يغير النية.

طالب:........

يحرم في الحج؟ يحرم من مكة، حتى لو كان ناوي من الأصل الإحرام بالحج من مكة، ما فيه إشكال.

باب الإحرام وما يتعلق به:

عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "ما أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا من عند المسجد" [متفق عليه].

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- باب الإحرام وما يتعلق به: والمراد بالإحرام نية الدخول في النسك: ونية الدخول في النسك واجب يجبر بدم وإلا ركن من أركان الحج؟ ركن يعني حينما يقول العلماء: أن من تجاوز الميقات من دون إحرام يجبر بدم لا يريدون بذلك أن هذا يغني عن نية الدخول في النسك؛ لأن عملية الدخول في النسك ركن من أركان الحج، لا يصح إلا به طيب نية الدخول في النسك مصنف عند أهل العلم من الشروط أو من الأركان؟ نعم شرط وإلا ركن؟ يعني نية الدخول في الصلاة؟

طالب: شرط.

بالنسبة للصلاة ركن وإلا شرط؟

طالب: شرط.

وبالنسبة للحج؟ نية الدخول في النسك؟ نية الدخل في الصلاة؟ نية الدخول في الصيام؟ شرط وإلا ركن؟ عندك شروط الصلاة التسعة أليس بآخرها النية؟ الآن أنا أناقشكم حول ما يكتبه أهل العلم في الأركان والشروط، النية في الصلاة من شروطها أو من أركانها؟ من شروط الصلاة، استقبال القبلة والنية هذا آخر شيء، من الشروط، وفي الحج جعلوها من الشروط أو من الأركان؟ قالوا: أركان الحج أربعة أو كم؟ أولها: الإحرام، هل يريدون الإحرام من الميقات أو نية الدخول في النسك؟ نية الدخول، لماذا صارت هنا ركن وهناك شرط؟

طالب:........

لا ما له علاقة التلفظ، ولا يتلفظ ولا شيء أبد، التلفظ بالنية بدعة، ولا في الحج بدعة، لو قال: نويت أن أحج بدعة؛ لكن لبيك عمرة، لبيك حجة ما فيه إشكال.

طالب:........

جزء في الصلاة وإلا جزء في الحج؟

طالب:........

نعم كيف؟ طيب.

طالب:........

ما يلزم من وجودها وجود، الآن نتفق على أنه جعلوها في الصلاة من الشروط، وفي الحج من الأركان، ولماذا جعلوها من الشروط ومعروف أن الشرط خارج الماهية والركن داخل الماهية؟ هذا شيء مفروغ منه هذا تعرضنا له في مسألة تكبيرة الإحرام، هل هي شرط أم ركن؟ الحنفية يقولون: شرط، والجمهور يقولون: ركن، كيف جعلوا النية وهي شيء واحد، النية القصد، تقصد هذه العبادة تقصد الدخول فيها، جعلوها بالنسبة للصلاة شرط وبالنسبة للحج ركن؟ فيه جواب؟

طالب:........

لا ما فيه ارتباط بين النية ولبس الإحرام، ما فيه ارتباط، لو أحرم بثيابه، لو نوى الدخول في النسك بثيابه.

طالب:........

طيب والصلاة بعيد، ينوي قبل دخول الوقت، وإلا قبل يجي للمسجد، وهو ببيته ينوي الصلاة، ينوي الدخول في الصلاة؟

طالب:........

كثرة تكرار الصلاة هي النية تكلف شيء؟.

طالب:........

أنت افترض التلبية بمثابة التكبير، لبيك عمرة، لبيك حجاً، بمثابة قولك في الصلاة: الله أكبر، نعم

طالب:........

وفي الصلاة؟ يعني قبل أن يكبر ما يلزمه؟ نوى أن يصلي؛ لكن قبل تكبيرة الإحرام لو أجل الصلاة، قال: سأنتظر خمس دقائق، أو نوى الدخول في النسك فسمع واحد قال: أريد أتوضأ وأصلي معك جماعة، ما يلزمه.

طالب:........

لا هو أقرب ما يقال مثل ما ذكر الأخ أنه بنيته في النسك شرع فيه، بينما نية الصلاة وقصد الصلاة مثل .... لو يريد يصف ناوي للدخول في الصلاة، ثم قال واحد: عن إذنك أريد أتوضأ من أجل أن نصلي جماعة وينتظر، ما المانع؟ يلزم أن يدخل في صلاته فور النية؟ هو في الحج باشر العمل بدخوله، بالنية باشر العمل؛ لكن النية بالنسبة للحج بمثابة تكبيرة الإحرام بالنسبة للصلاة.

طالب:........

ما بعد نوى هو طالع من بيته من الدمام يريد يحج؛ لكن قبل دخوله الميقات له أن يرجع، قبل وصوله إلى الميقات ودخوله النسك له أن يرجع، النية من بيته إلى الدخول هذه ليست شيء، هذه ليست بنية.

يقول: باب الإحرام وما يتعلق به: عرفنا أن المراد بالإحرام نية الدخول في النسك، عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: "ما أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا من عند المسجد" يقول ابن عمر هذا رد على من قال: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أحرم من البيداء، يقول ابن عمر: "بيداؤكم هذه التي تكذبون فيها على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنه أحرم منها ما أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا من عند المسجد" جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أحرم في المسجد بعد فراغه من الصلاة، وجاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أحرم وأهل ورفع صوته بالتلبية حينما استقلت به دابته، وجاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أهل بالبيداء، في حديث ابن عباس، وفيه جمع بين هذه الروايات كلها أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أهل بالمسجد، وحينما استقلت به دابته، وحينما علا على البيداء، فمن سمعه يهل، والإهلال هو رفع الصوت بالتلبية من سمعه يهل بالمسجد قال: هل بالمسجد، ومن سمعه -عليه الصلاة والسلام- يهل ويرفع صوته بالتلبية حينما استقلت به دابته قال: أهل حينما استقلت به دابته، ومن سمعه يلبي بالبيداء قال: أهل -عليه الصلاة والسلام- بالبيداء، ولا يلزم من هذا كذب، ولا من ذاك كذب، كل يذكر ما سمع، وفي حديث ابن عباس هذا توفيق بين الروايات، كل يذكر ما سمع، صلى الركعتين فأهل بالنسك لما استقلت به دابته واقفة قال: لبيك اللهم لبيك، أهل بالنسك، ولما علا على البيداء أهل بالنسك، وكل يذكر ما سمع، ولا اختلاف، وابن عباس حينما ذكر هذا قريب من النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا الحديث عند أبي داود والحاكم أنه -صلى الله عليه وسلم- لما صلى في مسجد ذي الحليفة ركعتين أهل بالحج حين فرغ منهما، فسمع ذلك قوم فحفظوه، فلما استقرت به راحلته أهل وأدرك ذلك قوم لم يشهدوا إهلاله بالمسجد فحفظوه ورووه، وهكذا حينما علا على البيداء، وهذا الكلام كلام حسن، كلام ابن عباس فيه جمع من الروايات، وكلها صحيحة، "ما أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا من عند المسجد" وبهذا يرد ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- القول بأنه أخر الإهلال، يعني لقائل أن يقول: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أهل لما دخل مكة، يعني طرداً لهذا، هل نقول: أن في أحد ما سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يهل إلا لما دخل مكة، ما في أحد، خلاص، نعم الجموع الغفيرة قد يخفى عليهم الإهلال أول مرة وثاني مرة؛ لكن ما يخفى عليهم الثالثة والرابعة والعاشرة إلى أن يدخل مكة، ولا يتصور مثل هذا؛ لأنه مأمور برفع الصوت، والإهلال هو رفع الصوت.

وعن خلاد بن السائب عن أبيه -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال)) [رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن حبان].

يقول: وعن خلاد بن السائب عن أبيه -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أتاني جبريل فأمرني أن آمر)) هنا الأمر بالأمر بالشيء هل هو أمر به أو لا؟ يعني هل النبي -عليه الصلاة والسلام- مأمور بأن يرفع صوته بالتلبية أو مأمور بأن يأمر أصحابه أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية؟ يعني الأمر بالأمر بالشيء ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع)) لنفترض مثلاً أن زيداً من الناس قال لابنه الأكبر: قل لأخيك: يفعل كذا، هل هذا أمر يتناول الأخ الأكبر أو خاص بالأصغر، الأمر بالتبليغ يتناول الأكبر؛ لكن الأمر بالتنفيذ يتناول الأكبر وإلا ما يتناول؟ لنفهم ونتصور المسألة، يعني إذا قال زيد لابنه عمرو: قل لبكر ينام مبكر، هل هذا أمر من الأب للابن الأكبر أن ينام مبكراً أو أمر بتبليغ ابنه الأصغر أن ينام مبكراً لكن ما يتناول الثاني أن ينام مبكر مثل أخوه؟ يعني الأكبر يتناوله الأمر بالتبليغ والأصغر يتناوله الأمر بالتنفيذ، يعني الأمر بالأمر بالشيء هذه مسألة خلافية في الأصول، الأمر بالأمر بالشيء هل هو أمر به أو أمر بتبليغه فقط؟ مثل ما عندنا الآن ((أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي)) هل نقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- عليه أن يرفع صوته بالتلبية، أو نقول: عليه أن يأمر أصحابه وهو حر إن شاء رفع وإن شاء خفض، أو نقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو القدوة والأسوة أولى من ينفذ هذا الأمر، يعني إذا قيل: آل فلان هل يتناول فلان نفسه؟ نكثر من التنظير علاشان تفهم المسألة، يعني حينما قال الله -جل وعلا-: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [(46) سورة غافر] هل هذا يتناول فرعون وإلا ما يتناوله؟ يتناوله من باب أولى؛ لأنهم به نكبوا.

نأتي مسألة ثانية، لو قيل: يا فلان واحد من المشايخ عنده طلاب، هذه مجموعة من الكتب وزعها على طلابك، عندك مائة طالب هذه نسخ كثيرة جداً وزعها على الطلاب، الشيخ ما عنده نسخة له أن يأخذ أو لا يأخذ؟ الموصي قال للطلاب، وزعها على طلابك، هل نقول: أنك أنت أولى من طلابك بأن تأخذ نسخة أو نقول خاص بطلابك؟ أنت افترض أوصى فلان من الناس عنده وقف قال: غلته للمحتاج من طلاب فلان الشيخ نفسه محتاج يأخذ وإلا ما يأخذ؟ يعني مثل ما قلنا في آل فرعون فهو أولى منهم، يعني هذا في السوء وهذا في الخير؛ لكن هذا تنظير بحيث نقرب هذا من هذا، ولذا عندنا النبي -عليه الصلاة والسلام- أمره جبريل أن يأمر أصحابه، وننظر إلى أن هذا الأمر أمر بخير، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى من يفعل الخير، فإذا أمر أصحابه أن يرفعوا أصحابهم بالتلبية بالإهلال، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى من يفعل وأولى من يبادر إلى امتثال هذا الأمر، وقد تدل القرائن إلى أن المأمور بالتبليغ لا يتناوله الأمر، لو قال الأب: يا فلان لابنه الأكبر قل لفلان يحضر لنا خبز مثلاً، يروحون كلهم يشترون خبز؛ لكن لو كان أمر مما يطلبه الوالد، ومما يحرم فعله مثلاً، يا فلان قل لفلان لا يدخن، هل نقول: أن هذا الأمر ما يتناول الأكبر، له أن يدخن، لا ما نقول هذا، نعم قد تدل القرائن على إرادة المأمور بالتبليغ كإرادة المأمور بالتنفيذ، وقد تدل القرائن على عدمه، ولذا الأصوليون اختلفوا في تقرير هذه المسألة.

طالب:........

المسألة خلافية بين أهل العلم؛ لكن في مثل هذا يتناوله باعتبار أنه فعل خير، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى من يفعل الخير، الصحابة امتثلوا ذلك، فكانوا يرفعون أصواتهم حتى تبح أصواتهم، وجاء في الحديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سئل عن أفضل الحج، أي ألحج أفضل؟ فقال: ((العج والثج)) فالعج هو رفع الصوت بالتلبية، فإذا كان أفضل فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى من يفعل هذا الأفضل، وإن كان الأصل أن رفع الصوت في الجملة ليس بممدوح عموماً؛ لكن في موطنه في مثل هذا ممدوح، يعني أهل العلم قرروا في التفسير عند قوله -جل وعلا-: {إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [(19) سورة لقمان] أنه لا يمدح أحد بقوة صوته؛ لأن الأصل الهون والرفق واللين ورفع الصوت هذا كما قال الله -جل وعلا-: {إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [(19) سورة لقمان] لكن أحياناً الأمر الشرعي يتطلب رفع الصوت شيخ عنده ألف طالب هو معروف بهدوئه ورزانته ولا عنده مكبرات ولا عند شيء نقول: الأفضل بحقه أن يخفض صوته لأن أنكر الأصوات صوت الحمير، أو مؤذن يحتاج أن يبلغ الناس بالأذان مطلوب يرفع صوته، ولا يعني أن رفع الصوت في كل مقام هو الأولى، لا لكن إذا احتيج إليه صار الأولى، وذكر عن العباس أن صوته يبلغ تسعة فراسخ -رضي الله عنه وأرضاه- المقصود أن مثل هذه العبادة ما نقول: أن اللين والرفق لا، رفع الصوت هو المطلوب، ولذا جاء لما سئل عنه -عليه الصلاة والسلام- أي الحج أفضل؟ قال: ((العج والثج)) والعج: هو رفع الصوت بالتلبية، والثج: نحر الهدي والبدن.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فقد قال الإمام الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في ضمن باب الإحرام وما يتعلق به، وعن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تجرد لإهلاله واغتسل" [رواه الترمذي وحسنه].

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه-: "أن النبي -عليه الصلاة والسلام- تجرد لإهلاله واغتسل" رواه الترمذي وحسنه، وقال: أنه حسن غريب، والغالب أن ما يأتي من قبل الترمذي بهذا الحكم أنه لا يسلم من ضعف، ولولا أن له ما يشهد له لحكم بضعفه؛ لكنه بطرقه يرتقي إلى الحسن بغيره، من أراد أن يدخل في النسك يستحب له أن يغتسل، ويلبس ملابس الإحرام، ومن لازم الاغتسال التجرد مع الاستتار، إذا تجرد من ثيابه التي لا يجوز له لبسها، ولا يتم الواجب إلا بهذا، لا يتم له إلا بالتجرد؛ لأنه لا يلبس المحرم القميص ولا العمائم ولا السراويل، هذا على ما سيأتي في الحديث اللاحق، ولا يتم له ترك هذه الأمور إلا بالتجرد؛ لكن لو افترضنا أن شخصاً لباسه في حله هو لباسه في إحرامه، يعني المعترف عندهم في بلدهم أنهم بالإزار والرداء طول العام سفراً وحضراً هذا لباسهم، وأراد أن يدخل في النسك، هل يلزمه أن يتجرد إن أراد الاغتسال من لازمه التجرد، وإن لم يكن على التجرد كامل؛ لكن هذه حكاية واقع، تجرد النبي -عليه الصلاة والسلام- وخلع ملابسه التي لا يجوز له أن يلبسها في إحرامه، واغتسل والاغتسال سنة؛ لكن لو كان لباسه مناسب للإحرام مما يصح لبسه في الإحرام، وقال: الجو بارد لا أريد الاغتسال، و لا أتجرد ولا شيء، نقول: ترك السنة.

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال: ((لا تلبسوا القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف، إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا شيئاً من الثياب مسه الزعفران، ولا الورس)) متفق عليه، واللفظ لمسلم.

يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل: ما يلبس المحرم من الثياب؟ سؤال عما يلبسه المحرم، والجواب المطابق أن يقال: يلبس كذا وكذا، يلبس إزار ورداء، فالجواب جاء بما لا يلبسه المحرم؛ لأن الذي لا يلبسه المحرم محصور، يمكن حصره والذي يلبسه المحرم لا يمكن حصره، والجواب دائماً يكون بالمحصور، فمثلاً لو قيل: هل زيد ثقة أو ليس بثقة؟ وأردت أن توثقه أو تجرحه بكلام مقبول؛ لأنك لو تقول: ثقة قال لك: لماذا؟ تقول: غير ثقة؟ قال لك: لماذا؟ أهل العلم لا يقبلون الجرح إلا مفسر، فأنت تقول: فلان ليس بثقة؛ لأنه يفعل كذا، ليس بثقة لأنه يشرب الخمر مثلاً، هل يحتاج أن تقول: زيد ليس بثقة يصوم ويصلي ويزكي ويحج ويبر والديه، ولا يسرق ولا يزني ولا يشرك ولا يفعل ولا يترك إلا أنه يشرب الخمر، أو تقول: ليس بثقة لأنه يشرب الخمر، ومعروف أن الباقي على الأصل أنه مسلم؟ نعم فأنت في جوابك تذكر ما يمكن حده، أما ما لا يمكن حده لو قال: يلبس إزار ورداء، لقيل: نعم إزار صوف، وإلا رداء قطن، وإلا أسود، وإلا أحمر، وإلا أبيض، وإلا أخضر، وإلا من أي نوع كان، فجاءك بما يمكن حصره، ويسمى بالأسلوب الحكيم، يعني الأصل أن يسأل الإنسان عما يمنع منه؛ لأن الأصل الإباحة، ما عدا ذلك مباح، والمباح لا يمكن حصره، والممنوع يمكن حصره، فيكون الجواب بالممنوع، وهذا من الأسلوب الحكيم أن يجاب السائل بغير ما سأل مما هو أهم منه، سئل ما يلبسه المحرم -عليه الصلاة والسلام- من الثياب، فقال: ((لا تلبسوا القميص)) وهو مخيط على قدر البدن، وله أكمام، وله جيب، فتحة يدخل منها الرأس، هذا القميص، ((ولا العمائم)) وهي ما يلف على الرأس، لا يلبسه المحرم، فلا يجوز للمحرم أن يغطي رأسه، له أن يغطي بدنه بغير القميص، بغير ما استثني؛ لكن ليس له أن يغطي رأسه، ((ولا السراويلات)) السراويلات: جمع سراويل، السراويل جمع وإلا مفرد؟ مفرد، جمعه سراويلات، السراويل معروف ما يلبس على النصف الأسفل من البدن، وله كمان، هذا واضح ومعروف، ويشمل الطويل والقصير، وإن كان القصير جداً يسمى التبان، وجاء عن عائشة أنها رخصت في لبس التبان لكن الجمهور على منعه؛ لأنه نوع من السراويل، من السراويل ما يسميه أهل العلم أهل اللغة كالأزهري وابن سيدة وغيرهم النقبة، نوع من السراويل، سروال مفتوح ما له أكمال، سروال مفتوح بدون كرسي ولا أكمام، يسمونه نقبة، وهو نوع من السراويل يدخل في المنع هنا.

((ولا البرانس)) البرانس أيضاً تغطي الرأس كالعمامة إلا أنها ملتصقة في القميص بالثوب، فالعمائم كانت شائعة، والبرانس نادرة فنص على ما شاع استعماله، وما ندر استعماله مما يغطي الرأس، ((ولا الخفاف)) الخف: الذي يلبس على القدم مما يستر الكعبين، ((إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين)) هذا الحديث قيل بالمدينة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في خطبته المشهورة التي حضرها الجموع الغفيرة بعرفة ذكر أن من لا يجد النعلين يلبس الخفين، ولم يذكر القطع، فشخص أراد أن يحرم ما وجد نعلين ومعه خفان هل يلزمه القطع كما في هذا الحديث ((فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين)) أو لا يلزمه باعتبار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أطلق في الحديث المتأخر ((فليلبس الخفين)) وليس فيه إشارة إلى القطع، لذا اختلف العلماء هل مثل التعارض في مثل هذين الحديثين من باب الإطلاق والتقييد فيحمل المطلق على المقيد، فيلزم القطع، الحديث مقيد بالقطع حديث الباب، الحديث الآخر مطلق، فيحمل المطلق على المقيد واتحد الحكم والسبب، أو نقول: من باب المتقدم والمتأخر فيكون المتأخر ناسخ؟ فالأكثر على أنه يلزم القطع، وهو مما يقتضيه قاعدة الإطلاق والتقييد؛ لأن الحكم واحد والسبب واحد، ومن أهل العلم كما معروف عن الإمام أحمد أنه لا يلزم القطع؛ لأنه لو كان القطع لازم للزم بيانه بعرفة؛ لأنه حضرها من الحجاج من لم يحضر، حينما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((وليقطعهما أسفل من الكعبين)) فدل على أن الأمر بالقطع منسوخ في عرفة، نعم تم البيان في المدينة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- عليه أن يبين، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، هل يكفي مثل هذا البيان الذي بينه في المدينة وحضره جمع من الصحابة ونقلوه؟ يكفي مثل هذا البيان أو لا بد من البيان لكل من لم يبلغه الخبر الأول، ويغلب على الظن أن من لم يبلغه أكثر ممن بلغه؟ وعندنا حديث الباب، وفيه الأمر بالقطع متقدم، الحديث الثاني بعرفة متأخر وليس فيه أمر بقطع، ولذا اختلفت مآخذ أهل العلم ومسالكهم بالنسبة لهذين الحديثين، يعني مثل ما يقال في لحم الإبل: أنتوضأ من لحم الغنم؟ قال: ((إن شئت)) أنتوضأ من لحم الإبل؟ قال: ((نعم)) الحديث الآخر كان آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مسته النار، فهل نقول: أن ترك الوضوء ناسخ للأمر بالوضوء من لحم الإبل؛ لأنه متأخر، كان آخر الأمرين، أو نقول: أن هذا بعمومه يتناول الإبل وغير الإبل، والتنصيص على الإبل يدل على أنه مخرج من العموم، فهناك تعارض عموم وخصوص مع تقدم وتأخر، وهنا تعارض إطلاق وتقييد مع التقدم والتأخر، عرفنا ما بين المسألتين من وجه الشبه؟ واضح؟ الآن الحنابلة ماذا يقولون بالنسبة للحم الإبل؟ ينقض الوضوء، طيب لماذا ما عملوا بكونه آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، خاص وعام، صحيح، وهنا مطلق مقيد، لماذا ما عملوا بالمقيد؟ لأن هذا فيه إضافة إلى التقدم والتأخر فيه مسألة البيان، وكونه بُين على وجهٍ كافٍ في وقته، المدينة كافي، يعني لو كان العدد هو العدد ما اختلف قلنا: يكفي، ما يلزم أن يكون النص يبلغ كل فرد فرد، ما يلزم؛ لكن لما حضرة الجموع الغفيرة التي تحتاج إلى بيان ولا بين -عليه الصلاة والسلام- دل على أنه عدل عن الحكم الأول إلى الثاني، ولهذا هو المرجح، وإلا بإمكان مثلاً شافعي ولا حنفي ولا مالكي يلزم الحنابلة بمثل هذا في مسألة لحم الإبل، أنتم عملتم بالناسخ بعرفة، ولا عملتم بالمقيد بالمدينة، وعملتم بالمخصص بالنسبة للحم الإبل، ولم تعملوا بالآخر من حاله -عليه الصلاة والسلام- في ترك الوضوء مما مسته النار، لماذا فرقتم بين هذا وهذا والمسألة متطابقة؟ هذا عام وخاص، وهذا مطلق ومقيد، هذا متأخر، وهذا متقدم، يعني أن المسألة هذه نظير تلك؛ لكن يبقى أن المرجح لقول الحنابلة في هذه المسألة مسألة البيان حصل البيان في المدينة لكن يبقى أنه هناك جموع غفيرة تحتاج إلى بيان ولم يبين لها -عليه الصلاة والسلام- ولو كان مطلوباً لبينه في وقته، والأكثر على أنه لا بد من القطع عملاً بقاعدة المطلق والمقيد، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ والآن تقطع ولا ما تقطع؟ يعني الحنابلة يدعمون قولهم بأمور الأول أن هذا مسألة البيان التي أشرنا إليها مع التأخر يضاف إلى ذلك أنه إتلاف وإضاعة للمال، وقد نهى عن إضاعة المال، فكل هذه مما يرجح قول الحنابلة.

((ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه الزعفران)) الرجال منهيون عن لبس المزعفر من الثياب ((ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه الزعفران)) للونه ولرائحته، ولو غرسه ونبته طيب الرائحة معروف؛ لأن المحرم ممنوع من الطيب وهذا منه، طيب عبد الرحمن بن عوف لما تزوج وجاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وعليه ثوب به ردع من الزعفران، ولا أنكر عليه، ما أنكر عليه، لماذا ما أنكر عليه؟ المتزوج يفعل ما يشاء، العلماء أجابوا بأجوبة منهم من قال: أن هذا الزعفران الذي لحق بثوبه ليس مقصوداً، وإنما هو بسبب المعاشرة، والمرأة تتزعفر وتتصنع وتتزين؛ لأن الظرف ما هو بعادي، المقصود أن النهي عن الثوب المزعفر معروف، ولا يجوز للرجل أن يلبس الثوب المزعفر، ويؤكد عليه هنا في حال الإحرام، لما ينهى عنه في حال الإحلال إضافة إلى أن رائحته طيبة.

طالب:........

فيه المعصفر، وفيه الزعفران، كل اللونين، والأحمر أشد.

طالب:........

الأصفر الغامق مو بالفاتح، وش تسمي هذا؟ أصفر ولا أيش؟ أصفر عرفاً، هذا عند الناس يسمونه أصفر؛ لكن مو بأصفر.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت" [متفق عليه].

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يحرم" ويستمر الطيب في مفرقه -عليه الصلاة والسلام- "كنت أرى وبيص المسك في رأس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هذا قبل الإحرام، ويستمر الطيب في البدن، في الرأس لا في الثوب، ولذا أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- من أراد العمرة وهو متضمخ بالطيب أن يغسل الجبة، يغسل ما لحق بثوبه لإحرامه، ونساءه -عليه الصلاة والسلام- كن يتطيبن، ويسيل الطيب على وجوههن ويراهن النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا ينكر، فكونه ينتقل من مكان إلى آخر بنفسه؛ لكن لو حك رأسه ولصق به الطيب، ثم حك وجهه وإلا بدنه عليه شيء وإلا ما عليه شيء؟ هو الذي نقله ما انتقل بنفسه، كونه ينتقل يتسرب هذا شيء ما فيه إشكال، ونص عليه في حديث أمهات المؤمنين؛ لكن كون الإنسان ينقله من مكان إلى آخر محظور من محظورات الإحرام، هل من الأولى والأحوط أن يترك الطيب لئلا ينقله من غير أن يشعر؟ لأن بعض الناس ما يتطيب، يقول: أنا ملزوم أن أتحكك، وملزوم أن....

نعم كيف؟ يقول: بعض الناس يقول: من باب الاحتياط أنا والله ما أقدر يتحكك الواحد يمين ويسار، وينقله من مكان إلى آخر، وهو لا يشعر فمثل هذا الاحتياط ينفع نعم؟ أنت افترض الطيب دهن عود مثلاً تطيب وإلا ما تطيب؟ طيب وإذا حك رأسه وصار بيده إلى الثوب؟

طالب:........

إذاً تلزمه إزالته، إذا نقله من مكان إلى آخر من غير عمد يستمر ولا يزيله، لا الأصل باقي، الأصل يسمونه أيش؟ يعني عندك شيء ابتداء يمنع من ابتدائه ولا يمنع من استمراره، المحرم لا يتطيب؛ لكن يستديم الطيب، المحرم لا ينكح ولكن يستديم النكاح.

طالب:........

لو نقله بنفسه من غير أن يشعر لزمه إزالته، إذا شعر معفو عنه؛ لكنه يلزمه إزالته، كما لو تطيب ناسياً يلزمه إزالته، فبعض الناس يتورع ويحتاط ويقول وهذا ليس من الورع بشيء، ليس من الورع لا من قبيل ولا من دبير أبداً، الأكمل أن يفعل ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- وهذه سنة، يتطيب ويحتاط بقد الإمكان، وإذا وقع شيء أو حصل شيء من غير قصد معفو عنه، وإذا نقله بنفسه إلى موضع آخر يبادر بإزالته.

((قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت)) بعد أن يفعل ماذا؟ الرمي فقط، وأيضاً والنحر، كل هذه فعلها قبل أن يطوف، ولو كان طيبه قبل أن ينحر وقبل أن يحلق لقالت: "ولحله قبل أن يطوف بالبيت" وهذا يستدل به من يستدل بأن الحل لا يحصل إلا باثنين، على خلاف فيما بينهم في إدخال النحر لكن الجمهور على أنه لا يدخل النحر؛ ليس من أسباب التحلل، يعني لو ترك النحر إلى آخر شيء.

طالب:........

نعم كيف؟ إذا فعل الثلاث وما نحر، ترك النحر آخر شيء، نعم الآن هذا فعل ثلاثة أو أربعة، فعل الرمي والحلق والطواف والسعي، ما بقي إلا النحر، يعني مقتضى كلامه أنه يحل؛ لأنهم ما علقوا الإحلال بالنحر؛ لكن النصوص أليس فيها دلالة يعني {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] يعني هذا ماله أثر في النصوص؟ ما الذي يمنع القارن من أن يحل؟ الهدي، يعني الهدي لا أثر له في الحل.

طالب:........

يعني يجوز أن يحلق قبل أن ينحر، وفعله -عليه الصلاة والسلام- ماذا فعل، أول ما بدأ رمى الجمرة، ثم... نعم طيب المقصود أن الأكثر على أنه لا يتحلل إلا بفعل اثنين من ثلاثة، وليس منها نحر الهدي، وجاء ما يدل على أن التحلل يحصل برمي جمرة العقبة فقط، وهذا الحديث لأنها قالت: "ولحله قبل أن يطوف بالبيت" يعني الطيب ارتباطه بالحل واضح؛ لكن ارتباط الحل بالطواف وكونه قبل الطواف يدل على أن ما قبله داخل في المنع، يعني قبل الحل، ما قبله، انتبه للعبارات، الآن العلماء استنبطوا من هذا الحديث أنه لا يحل إلا باثنين، استنبطوا منه أيضاً ضعف الحديث الذي فيه: "أن من رمى جمرة العقبة حل له كل شيء، على أن يطوف قبل غروب الشمس من يوم العيد" نعم الحل مشروط على أن يطوف، وعائشة -رضي الله عنها- تطيب الرسول -عليه الصلاة والسلام- قبل أن يطوف، يعني الحل المؤقت، يعني الآن رمى الجمرة ولبس ثيابه ما طاف قبل غروب الشمس ينزع الثياب، هذا مقتضى الحديث، بل هو منصوصه، هو منصوص الحديث، يعني جاء الأمر بنزع الثياب في الحديث، الحديث حكم بشذوذه لمعارضة هذا الحديث الصحيح، أولاً حديث مختلف في صحته وضعفه؛ لكن حتى على القول بأن إسناده لا بأس به معارض لهذا الحديث.

طالب:........

نعم القارن؟ مثل غيره، إذا فعل الاثنين خلاص رمى وحلق يحل، ولا يلزمه النحر باعتبار أن النحر جاء تقديمه وجاء تأخيره، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((افعل ولا حرج)) ولولا مثل هذا النص لكان للنحر أكبر الأثر في الحل {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] والمحل: هل هو مكان الإحلال، أو وقت الإحلال؟ يعني مسألة طويلة الذيول، لو بسطناها تحتاج إلى أوقات ما هو بوقت؛ لأن مقتضى النحر وتقديمه على الحلق وتقديمه على الرمي، ما قدم على شيء، جواز تقديمه تأخيره أنه يجوز أن ننحر قبل الصلاة، ألا يجوز لنا أن نرمي قبل الصلاة؟ ويجوز لنا أن نقدم النحر على الرمي، إذاً يجوز لنا أن ننحر قبل الصلاة؛ لكن أهل العلم قالوا: أن وقت نحر الهدي هو وقت الأضحية، على خلاف بينهم في مسألة التقديم في نحر الهدي معروف، قبل وقت نحره، يمكن قبل يوم العيد بعض أهل العلم يقولون؛ لأن السبب انعقد ولا يلزم وقت الوجوب.

طالب:........

هو من أعمال الحج؛ لكن هل هو من الأعمال المؤثرة في الحل أو غير مؤثر في الحل؟ الجمهور ما هو مؤثر، ما عدوه منها.

طالب:........

إيش هو؟ القارن إذا فعل اثنين يحل {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] وقت حلوله، بلغ وقت حلوله، "ولحله قبل أن يطوف بالبيت" فيستحب لمن أراد الإحرام أن يتطيب، وأيضاً يتطيب إذا أراد الطواف.

طالب:........

ما فيه شيء، على الخلاف بينهم في الحاج، هل عليه أضحية أو ليس عليه أضحية؟

طالب:........

إيه، البدن لا الثوب، البدن لا الثوب.

طالب:........

هو ينتقل للثوب، والأصل لا ينتقل للثوب، ولذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- ما عرف عنه إلا أنه يطيب رأسه، البدن أمره سهل؛ لكن يبقى أن الثوب لا، فيمنع بقية البدن من أجل الثوب.

وعن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يَنكح المحرم، ولا يُنكح، ولا يخطب)) [رواه مسلم].

يقول -رحمه الله تعالى-: وعن عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا ينكح المحرم)) نفي وإلا نهي؟ نفي، عندكم جزم وإلا رفع؟ مجزوم وإلا مرفوع؟ إذاً نفي وليس بنهي، ويراد من النفي هنا النهي، بل هو أبلغ من النهي الصريح، ((لا ينكح المحرم ولا ينكح)) يعني لا يتزوج بنفسه، ولا يزوج غيره، ولا يخطب، لا لنفسه ولا لغيره، ما دام محرماً، فالمحرم ممنوع من النكاح، والنكاح المنهي عنه يتناول العقد والوطء معاً، ويتناول كل واحد منهما على انفراده، فلا يعقد ولا يطأ، ولا ينكح أيضاً، لا يزوج غير موليته، ولا يخطب امرأة جديدة، لا له ولا لغيره، جاء في الصحيح من حديث ابن عباس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- تزوج ميمونة وهو محرم؛ لكن هذا وهم من ابن عباس -رضي الله عنهما- فالثابت عن ميمونة نفسها، وعن أبي رافع السفير بينهما أن النبي -عليه الصلاة والسلام- تزوجها وهو حلال، إذا عقد المحرم على محرمة مثلاً، والخاطب والسفير محرم، وتم العقد والعاقد محرم، العقد صحيح وإلا باطل؟ صحيح وإلا باطل؟ الزوج محرم، والزوجة محرمة، والخاطب محرم، والعاقد محرم، نعم أنت افترض الأربعة كلهم محرمون، والشهود أيضاً محرمون، والولي محرم، كلهم محرمون، كل الشلة محرمون، وهل يختلف هذا في كون الزوج فقط محرم أو الزوجة فقط محرمة؟ يختلف الحكم؟ ما يختلف الحكم، المقصود أن العقد فيه مخالفة شرعية، فيه مخالفة لما جاء في هذا الحديث؛ لكن هل هذه المخالفة تقتضي ببطلان العقد؟ يعني هل النهي يعود إلى ذات العقد أو إلى شرطه أو يعود إلى أمر خارج؟

طالب:........

العقد صحيح؛ لأن النهي يعود إلى أمر خارج، لا إلى ذات المنهي عنه، ولا إلى شرطه، معنى مقتضى القاعدة.

طالب:........

الكلام في العقد، العقد يلزم تجديده وإلا يكفي العقد الأول؟ على مقتضى قول من يقول: كل نهي يقتضي الفساد والبطلان وعدم الصحة هذا باطل، فما حصل نكاح أصلاً يحتاج إلى عقد جديد، والذي يقول: أن النهي لا يقتضي البطلان إلا إذا عاد إلى ذات المنهي عنه، مثل نكاح الأخت، أو الجمع بين الأختين، بطلان لأنه عاد إلى ذات المنهي عنه.

طالب:........

هاه؟ باطل وإلا صحيح العقد مع التحريم الإثم لا بد منه؟

طالب: يا شيخ منهي عن ذات النكاح في الإحرام.

لا لو قلنا بهذا كل شيء أجل منهي عنه، أنت انظر إلى أن ذات المنهي عنه، العقد متكامل بشروطه وأركانه وانتفاء الموانع؛ لكن بعضهم يذكر من الموانع أن لا يكون أحدهم متلبس بالإحرام، فيكون المحل غير قابل، وعلى هذا لا بد من تجديده، ولا شك أن تجديده أحوط، باطل على قول من يرى أن كل نهي يقتضي البطلان، هذا الظاهر، أما من يرون جهة الانفكاك أمر ثاني.

وعن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه- في قصة صيده الحمار الوحشي، وهو غير محرم، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه، وكانوا محرمين: ((هل منكم أحد أمره أو أشار إليه بشيء)) قالوا: لا، قال: ((فكلوا ما بقي من لحمه)) [متفق عليه] وعن الصعب بن جثامة الليثي -رضي الله عنه- أنه أهدى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حماراً وحشياً، وهو بالأبواء، أو بودان فرده عليه، وقال: ((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم)) [متفق عليه].

حديث أبي قتادة الحارث بن ربعي حينما صاد حمار الوحش، الحمار الوحشي وهو غير محرم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- مع صحابته محرمون، واستشكل كونه لم يحرم، وقد جاوز الميقات؛ لكن الجواب عنه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- بعثه مع مجموعة من أصحابه لاستكشاف حال العدو من جهة الساحل، فلم يحرم إلا بعد، المقصود أنه وقت صيده للحمار الوحشي ليس بمحرم، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما استفصل من صحابته، هل منكم أحد أمره بأن يصيد، أو أشار إليه بشيء، يعني أعانه على صيده، قالوا: لا، قال: ((فاكلوا ما بقي من لحمه)) وفي بعض الروايات: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سألهم هل معكم منه شيء؟ قالوا: معنا رجله، فأخذها النبي -عليه الصلاة والسلام- فأكلها، هذا الحديث يدل على أن من لم يصد الصيد وهو محرم، ولم يصد من أجله، ولم يعن على الصيد أنه له أن يأكل، وحديث الصعب بن جثامة أهدى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حماراً وحشياً، وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه، وقال: ((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم)) يعني هل العلة كونه محرم -عليه الصلاة والسلام-؟ يعني هل علة الرد كونه محرم؟ هذه العلة موجودة في حديث أبي قتادة، النبي محرم -عليه الصلاة والسلام-، يعني هل هي هذه العلة المؤثرة في الحكم؟ النص على: ((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم)) المحرم ممنوع، يحرم عليه {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [(96) سورة المائدة] وهو محرم في حديث أبي قتادة، وهو محرم في حديث الصعب، قبل في حديث أبي قتادة، ورد في حديث الصعب، قالوا: الوصف المؤثر هنا أنه في حديث أبي قتادة ما صيد من أجله، وفي حديث الصعب أنه صيد من أجله {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ} [(96) سورة المائدة] المراد بالصيد هنا هل هو المصيد أو الاصطياد؟ هل هو المصيد حرم عليكم {مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [(96) سورة المائدة] أو هو الاصطياد حرام؟ لأنه يصح يأتي هذا وهذا، واللفظ يحتمل هذا وهذا، فالصيد كما يطلق على المصيد، شوف مع واحد حيوان أرنب وإلا طائر مما يؤكل، تقل له: وش هذا؟ يقول: صيد، فأطلق الصيد على المصيد، وتسأل: وين فلان؟ قالوا: راح للصيد، راح يصطاد، فإطلاق الصيد على المصيد ظاهر، وإطلاقه على الاصطياد ظاهر، وفي قوله -جل وعلا-: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [(96) سورة المائدة] يحتمل هذا وهذا، حديث أبي قتادة يدل على أن الممنوع الاصطياد، وحديث الصعب يدل على أن الممنوع الصيد، والفرق المؤثر بينهما أنه في حديث أبي قتادة عند أهل العلم ما صيد من أجل المحرم، وفي حديث الصعب صيد من أجله، ولا يمكن أن يوجد وصف مؤثر غير هذا؛ لأن قوله: ((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم)) هذه العلة موجودة في حديث أبي قتادة، لو كانت موجودة في حديث الصعب لأثرت في حديث أبي قتادة؛ لكن من باب اللطف والتلطف في الرد ذكرها؛ لأن الإحرام يمنع من أكل الصيد في الجملة، ونحن محرمون، والنص من القرآن ظاهر، فهذا من باب التلطف في الرد؛ لأن من أهدي له شيء ينبغي أن يقبله، ولو كان شيئاً يسيراً حقيراً، في نظره، ((لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسٍ شاه)) فالهدية النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقبل الهدية، ويثيب عليها، فكونه رد هذا واعتذر بهذا العذر المقبول جبراً لخاطر المهدي، أليس بإمكان الصعب أن يقول: أنت حرم صحيح أنت محرم وقبلت من أبي قتادة وأنت حرم؟ ألا يمكن أن يقول هذا؟ لنفترض أن المسألة في غير الرسول -عليه الصلاة والسلام-، اثنين جايبين لك هدية، واحد رجل حمار وحشي، والثاني أرنب، تأخذ من واحد وتأكل، وتقول للثاني: أنا حرم، إذا كنت تعرف أن الظرف الذي من أجله صاد هذا مثل الظرف صار الوصف غير مؤثر؛ لكن إذا كان عندك خبر أن هذا صاحب الأرنب صادها من أجلك، وصاحب الحمار صاده له، ثم بعد ذلك طرأ أن يهديه لك، الوصف مؤثر عند أهل العلم.

"أهدى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حماراً وحشياً" وفي بعضها: "عضد من لحم حمار" وفي بعضها: "عجز حمار وحشي" المقصود أن يطلق الكل ويراد به البعض، إطلاق صحيح في لغة العرب، "بالأبواء أو بودان" موضعان معروفان، فرده -عليه الصلاة والسلام- للعلة المذكورة, وقال: "إنا لم نَرُدَه" كذا (نردَه) أو (نردُه) أو (نردِه)؟

طالب: نردُه.

اثبتوا على رأي، بفتح الدال؟ الآن العامل (لم) أثر العامل على ما بعده، (لم) ماذا تفعل في الفعل المضارع؟ تجزم، هنا يمكن الجزم؟ لو قال: لم نقبلْه، فيه إشكال وإلا ما فيه إشكال؟ ما فيه إشكال؛ لكن الحرف المضعف المشدد، والحرف المشدد عبارة عن حرفين، ساكن ومتحرك، (لم نردَه) المحدثون يفتحون الدال، والمحققون من أهل العربية يضمونها، يعني لو كان الإدغام مفكوك (لم نردده) صار مثل: (لم نقبلْه) ما فيه إشكال؛ لكن في حال الإدغام الجزم لن يظهر، كالتقاء الساكنين {إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ} [(11) سورة المجادلة] الأصل مجزوم جواب الطلب (يفسحْ) لكن لالتقاء الساكنين حرك بأي شيء؟ بالكسرة {يَرْفَعِ اللَّهُ} [(11) سورة المجادلة] حرك بالكسرة لتعذر السكون، وهنا تعذر السكون نحركه بأيش؟ بالفتح أو بالكسر؟ مثل (يفسحِ الله) (يرفعِ الله) أو بالضم؟ هم يقولون: فيه ثلاثة أوجه: الضم، وعند المحققين في اللغة العربية هو أقواها، وأضعفها عندهم الفتح، عندهم الكسر أسهل من الفتح، مع أنه يمكن ينطق به الكسر؟ (لم نردِه) لو كان الضمير ضمير مؤنث أهدى إليك أرنب فرددتها، فقلت: (لم نردَها) ما فيه إشكال إنك تفتح بدون تردد؛ لكن باعتبار أن الضمير مرفوع مبني على الضم، ومن باب الاتباع عندهم تُضم الدال المشددة، عندهم شيء يسمى الاتباع، كما تقول: الحمد لله، كسرت الدال وأتبعت اللام، أو تضم اللام لتتبعها الدال، الحمد لله، وكل هذا معروف، من باب الإتباع قالوا: تضم الدال، عندنا الأمر يبنى على ماذا؟ على ما يجزم به مضارعه، اشتريت آلة أو اشترى أبوك آلة وما صلحت، وجد فيها عيب، وقال لك: أعطها صاحبها، وش سيقول لك: (ردِه) وإلا (ردَه) ولا (ردُه) وش بيقل لك؟ الآن عندنا أمر والأمر يجزم على ما يبنى به مضارعه، وش بيقول؟

طالب:........

الهاء مبنية على الضم ما فيها إشكال في المضارع وفي الأمر مبنية على الضم.

طالب:........

انتهينا من المؤنث ما فيه إشكال، حتى عندنا في الحديث لو كانت مؤنث ما عندنا إشكال (ردَها) (لم نردَها) هذا ما فيها إشكال في المؤنث، الإشكال في المذكر الضمير مبني على الضم، نضم الفعل وإلا إيش نسوي؟ طيب ضم لي الأمر، وهو يبنى على ما يجزم به مضارعه، وش بيقل لك أبوك: ردُه وإلا ردَه؟ أنتم تسخرون من الذي يقول: ردُه.

طالب:........

لا، لا، دعنا من فك الإدغام، إذا فككنا انتهينا من كل شيء، فكينا الإدغام ما عندنا مشكلة أصلاً؛ لكن الآن الحديث مدغم، وأمرك أبوك أن تعيد الآلة التي فيها عيب وش بيقل لك؟

طالب:........

يا أخي دعونا من الفك، لو الحديث مفكوك ما صار عندنا مشكلة، الآن عندنا إدغام، والأمر يبنى على ما يجزم به مضارعه، كيف نصوغ الأمر من هذا؟

طالب:........

لا، لا، القاعدة هكذا، متفق عليه أنه يبنى على ما يجزم به مضارعه، أنا أريد أن أقرر أن كلام المحدثين صحيح، ولو تحامل عليهم النووي وخطأهم، ونقول: لم نردَها، أحياناً يتعذر عمل العامل كالتقاء الساكنين، الآن هل يجوز جر الفعل؟ ما يجوز جر الفعل بالكلية، وليس الفعل مما يدخله الجر، الجر من علامات الأسماء، لماذا قلنا: (يفسحِ الله) (يرفعِ الله) والفعل أصلاً ما يجر،

طالب: للتخلص...

نعم، ولبيان أثر العامل، لماذا؟ لأننا لا نستطيع أن نرفع، لأننا إذا رفعنا ألغينا أثر العامل، هنا لا بد أن يوجد للعامل أثر، صار ما فيه فرق أن يكون الفعل مجزوم وإلا مضموم، أنا أريد أن أقرر بهذا أن كلام المحدثين صحيح، المحدثون يروونه بفتح الدال، وتحامل النووي وقال: المحققون من أهل العربية، أبداً ولا محققون ولا شيء، في شرح مسلم يقول: "في (رده) ونحو للمذكر ثلاثة أوجه: أوضحها الضم، والثاني: الكسر، وهو ضعيف، والثالث: الفتح، وهو أضعف منه" جاء ما يدل على أن الصعب بن جثامة صاده من أجل النبي -عليه الصلاة والسلام- عند أحمد وابن ماجه، وهذا هو الوصف الحقيقي المؤثر كما ذكرنا.

طالب:........

المؤنث؟ يعني ضمير المؤنث؟

طالب:........

إيه، نعم، وش فيه؟

طالب:........

وين الجمع؟ لم نردَه لم نردَه.

طالب:........

 إيه، ما هو بجمع، هو مفرد، المردود شيء واحد.

طالب:........

النون هذه ما لها أثر، أردَه يردَه نردَه، ما يختلف الوضع فيها.

طالب:........

أصلها تضارِر أو تضارَر؟

طالب:........

معروف هذا؛ لكن الأصل في تضارر إذا فككنا وإن كان ما له علاقة، الاحتمال قائم في أن الراء الأولى مكسورة أو مفتوحة، تضارَر، وهذا متجه أن الوالدة ما تضارَر بولدها، إذا طلبت إرضاعه ما يمكن تقول لها: لا؛ لأنه يلحقها الضرر به، كما أن الوالدة لا ترفض إرضاعه ولا حضانته إذا لم يجد غيرها؛ لأنها تضارِر بهذا، المقصود أن كلامهم من حيث التأصيل صحيح؛ لكن ما هو متعارض مع ما قلناه.

طالب:........

هذا أنا أردت أن أقرر الكلام الطويل هذا الذي كثير من الإخوان كأنه مل من تكراره لأقرر أن المحدثين على الجادة.

طالب:........

((ولا ينكح)) يعني ما يتزوج ولا يزوج غيره، لا يكون طرف في العقد باعتباره متزوج سواء ذكراً كان أو أنثى، ولا يكون عاقد ما يزوج موليته وهو محرم.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((خمس من الدواب كلهن فاسق، يقتلن في الحرم، الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور)) [متفق عليه].

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((خمسة من الدواب)) (من) هذه تبعيضية وإلا بيانية؟

طالب:........

يعني هؤلاء الخمس بعضاً من الدواب، وليس من جنس الدواب لنقول بيان، هي بيانية تبعيضية، خمس من الدواب، الأصل في الدابة كل ما يدب على وجه الأرض يقال له: دابة، وخصه العرف بذوات الأربع؛ لكن هل الاصطلاح العرفي -العرف الخاص- هو المراد في الحديث؟ المراد الإطلاق، كل ما يدب على وجه الأرض، {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [سورة هود:6] {وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} [(60) سورة العنكبوت] طيب الطيور من الدواب وإلا ليست من الدواب؟ {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ} [(38) سورة الأنعام] هذه من الدواب وإلا ليست من الدواب؟ يعني العطف يقتضي المغايرة هنا وإلا تنصيص على بعض أفراد العام؟ مغايرة، يعني الدابة غير الطائر، خمس من الدواب وفيهن الغراب والحدأة طيور وإلا ما هي بطيور؟ إذاً الطائر من الدواب صح وإلا لا؟ إذاً وعطف الطائر على الدابة مغايرة وإلا تنصيص على خاص بعد عام؟ نعم تنصيص وإلا مغايرة؟ نعم تنصيص، وقد يقال: أن الطائر في هذه الآية ليست من الدواب؛ لأن الدابة تطلق بإطلاقات كثيرة؛ لكن الأصل فيها الشمول، كل ما يدب على وجه الأرض يقال له: دابة، وفي الحديث يقال: ((خمس من الدواب كلهن فواسق)) جمع فاسق، والفاسق والفسق أصله الخروج، فسقت الرطبة من قشرها يعني خرجت، والفاسق فاسق لأنه خرج عن الطاعة، وهذه الدواب فواسق، يقتلن في الحل والحرم، ثم ذكر العقرب، وهي المعروفة، والحدأة والغراب والفأرة والكلب العقور، جاء زيادات في روايات منها: "الحية" ومنها: "السبع" وجاء في بعض الروايات: "الذئب والنمر" المقصود أن العلة المؤثرة هنا لنقيس عليها ما يشاركها في العلة، أو نقول: تنصيص وخلاص ما نقيس ما يقتل إلا هذه الخمس؟ وما جاء في النصوص يلحق بها؛ لكن الفسق الوصف هذا له أثر.

طالب:........

العلة منصوصة، وهي الفسق؛ لكن هل يتفق على معنى الفسق هنا؟ الفاسق الخارج، هؤلاء الخمس وما جاء في بعض الروايات من الزيادات خروجهن وفسقهن على ماذا؟ في كونها مؤذية أو في كونها خرجت عن الجادة في أن كل ما خلق للإنسان وهذه لا تُؤكل فهي ليست له؟ أو نقول: العلة الأذى أو نقول: توقيف ما فيه قياس لعدم الاتفاق على العلة؟ منهم من يقول: العلة عدم الأكل في كونها لا تُؤكل، فيقاس عليها كل ما لا يُؤكل إلا ما جاء النهي عن قتله، ومنهم من يقول: العلة الأذى بجامع الأذى كلها مؤذية، فيقتل كل مؤذي؛ لكن هناك أشياء جاء الأمر بقتلها وإن لم تكن مؤذية، الوزغ مثلاً يقتل في الحرم وإلا ما يقتل؟

طالب: يقتل.

والعلة؟

طالب:........

هو القتل والأمر به في الحل هذا ظاهر، والعلة معروفة.

طالب:........

دعونا من الوزغ، ما فيه غير الوزغ، عندك صراصير في البيت تجيب بخاخ وتقتلها، أيش يصير؟ تقتل وإلا ما تقتل؟

طالب:........

المذكورة كلها أذاها ظاهر، العقرب والحدأة والفأر والغراب كلها مؤذية، والكلب العقور والسبع والنمر كلها مؤذية، كلها مفترسة عادية؛ لكن يبقى التنصيص على العلة وهي الفسق إذا قلنا: تقتل لأنها فاسقة فسقها هو أشد من فسق من يعصي الله -جل وعلا- على بصيرة؟ ما هو بأشد، فهل نعتبر هذه علة مؤثرة، أو نقول: فسق لكل شيء بحسبه؟ هذه فسقها بالأذى؛ لأن من أهل العلم من يرى أنها يجمعها عدم الأكل، كلها ما تؤكل إذاً كل حيوان ما يؤكل يجب قتله؛ لكن هذا فيه توسع، توسع غير مرضي، ينافي مقتضى كونه حرم آمن، يعني لو شخص رأى حمار يقتله وإلا ما يقتله لأنه لا يؤكل؟ مقتضى هذه العلة، ولا يستفاد منه، لا يركب وتعطلت منافعه، مقتضى قولهم أنه يقتل؛ لكن هذا ليس بصحيح، والذي يظهر وهو الأقرب أنه الأذى، كل مؤذي يقتل، ولذا القاعدة المقررة عند أهل العلم أن كل ما آذى طبعاً يعني طبعه الأذى فإنه يقتل شرعاً. العقرب والحدأة والغراب، جاء تقييده في بعض الروايات بالأبقع، الغراب الأبقع، وهنا مطلق، عندنا مطلق ومقيد، فهل نقيد بالأبقع أو نقول: الأبقع فرد من أفراد الغراب والتنصيص على الفرد لا يقتضي التخصيص؟ على أنه خص اللفظ بغراب الزرع الصغير، هذا نص على أنه لا يقتل، وقال بعضهم: أنه يقتل، والغراب والفأرة مؤذية بطبعها، والكلب العقور لا شك أنه يغشى على الناس منه، يغشى من ضرره فيبادر بالقتل. ((يقتلن في الحل والحرم)) الذي في الصحيحين: ((يقتلن في الحرم)) أما زيادة الحل فهي موجودة في بعض روايات مسلم، وهي من باب الأولى، إذا قتلت في الحرم تقتل في الحل من باب أولى.

طالب:........

سرقت الأمتعة، مؤذية قد تعدو على الأطفال أحياناً مقلقة، نعم، المقصود أنها مؤذية يجمعها الأذى، نعم، الأسد جاء ذكره في بعض الروايات، وهو في حقيقته كلب، كما في حديث: ((اللهم سلط عليه كلباً من كلابك)) فيدخل في الكلب العقور.

طالب:........

ثابت أصلاً، مثل هذه الأمور المنصوصة ثابتة، فسقها ثابت هي تقتل مباشرة.

طالب:........

لا، لا، معروف مميز، العقور هذا لا بد أن يستكشف، هذا لا بد من اكتشافه.

طالب:........

عاد الصائل له حكم، لو صال غيره من الأمور التي ليس من أصلها، لو صال أدنى حيوان، وليس من عادته الأذى، الصائل له حكمه، فهذا العقور من وصفه أنه يصول ويهجم.

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو محرم" [متفق عليه].

الحديث تقدم في الصيام، احتجم وهو صائم، احتجم وهو محرم، تقدم الكلام فيه؛ لكن يهمنا هنا أن الحجامة بالنسبة للمحرم لا بأس بها؛ لكن إن تطلبت حلق الشعر حلق الشعر محظور من محظورات الإحرام، والمحظور إذا احتيج إليه يفعله من غير إثم؛ لكن مع فدية، بدليل الحديث الذي يليه، فمن احتاج إلى ارتكاب المحظور يرتفع عنه الإثم، وتبقى عليه الفدية، بخلاف من فعل المحظور من غير حاجة، عليه الفدية وعليه والإثم، يحتاج إلى لبس ثوب أو سراويل للتدفئة مثلاً يلبس ولا إثم؛ لكنه مع ذلك يلزمه الفدية، الحديث الذي يليه هو شارح للذي معنا؛ لأن الحجامة لا أثر لها في الأصل إلا باعتبار أنها أحياناً تطلب حلق الشعر، وإذا حلق الشعر للحاجة فدليلها هو حديث كعب بن عجرة الذي يليه.

وعن كعب بن عجرة -رضي الله عنه- قال: "حملت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقمل يتناثر على وجهي، فقال: ((ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى، تجد شاة؟)) قلت: لا، قال: ((فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع)) [متفق عليه].

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن كعب بن عجرة الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- قال: حملت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقمل يتناثر على وجهي، فقال: ((ما كنت أرى أظن الوجع بلغ بك ما أرى)) لكن هل القمل وجع وإلا سبب الوجع؟ وهنا يكون من باب إطلاق المسبب وإرادة السبب ((ما كنت أرى)) يعني أظن الوجع بلغ بك ما أرى، أتجد شاة؟ الوجع مع القمل، القمل هل هو وجع أو مسبب للوجع أو مسبب عن الوجع؟ يعني هل من الأمراض والأوجاع ما يوجد بسببه القمل، أو أن القمل يوجد ابتداء من غير مرض ولا وجع، ثم ينشأ عنه الوجع؟

طالب:........

أنتم لا تنظرو إلى الظروف التي تعيشونه، نِعم وتيسر أسباب، انظروا إلى بعض المجتمعات تجدوا أن القمل بهذه المثابة، لا عندهم وسائل تنظيف، ولا عندهم... شغلوا بما هو أهم من فلي الرأس، أو فلي الثوب، هذا معروف حتى عند العرب، والرسول -عليه الصلاة والسلام- كان يفلل -عليه الصلاة والسلام-، مثل الظروف التي نعيشها عندك الوقت أربعة وعشرين ساعة تصرف فيها كما شئت؛ لكن كانت الظروف إلى وقت قريب والناس على عاداتهم وعلى سجيتهم، لا يستحم إلا لموجب صحيح، فيكثر فيهم مثل هذه؛ لكن يبقى السؤال الأصلي وهو لا شك أن القمل يوجد مع ترك النظافة في الجملة، يكثر ويقل بسببها؛ لكن هل هو ناشئ عن وجع في البدن، أو يكون مسبباً لوجع؟ لأن التنصيص على أنه: ((ما كنت أرى الوجع)) يعني هل النبي -عليه الصلاة والسلام- استدل بكثرة القمل على وجود وجع عنده بسبب القمل؟

طالب:........

من آثاره، بسببه، ((ما كنت أرى)) يعني أظن ((الوجع بلغ بك ما أرى)) يعني أشاهد ((أتجد شاة؟)) قلت: لا، قال: ((فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع)) هذا فيه دليل على أن الفدية على الترتيب، هنا قال: ((أتجد شاة؟ )) قال: لا، قال: ((فصم)) مفهومه على أنه لو كان يجد شاة للزمته، وأنه لا يعدل إلى الصيام والإطعام إلا إذا لم يجد الشاة؛ لكن ماذا عن الآية التي نزلت بسببه {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [(196) سورة البقرة] و(أو) هنا للتخيير، فلا شك أن التخيير إجماع بين أهل العلم، فمن لزمته فدية الأذى الثابتة بهذه الآية وهذا الحديث فهو مخير إن شاء ذبح، وإن شاء صام، وإن شاء أفطر، طيب عندنا الحديث: ((أتجد شاة؟)) قلت: لا، قال: ((فصم ثلاثة أيام، أو أطعم)) ظاهره الترتيب؛ لكن الترتيب هنا ليس على سبيل الإلزام، وإنما هو من باب المشورة، يعني إن كنت تجد شاة فهي أنفع للفقراء فاذبح من باب المشورة لا على سبيل الإلزام بدليل الآية، والتخيير إجماع عند أهل العلم.

((فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين)) يذكر عن الحسن وعكرمة أنهما قالا: الصيام عشرة أيام؛ لكن الحديث رد عليهم، ((فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع)) ومنهم من يرى أن الإطعام صاع كامل من غير البر، وأن البر نصف صاع، قياساً على الفطرة، زكاة الفطر من رمضان، ومنهم من يرى أنه نصف صاع من غير البر، ومن البر مد؛ لكن الحديث نص في أن الفدية هنا: ((لكل مسكين نصف صاع)) ولذا المتجه في الكفارات كلها أن لكل مسكين نصف صاع.

نقف على هذا ..

وصى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.