شرح منسك الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب (04)

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف- رحمه الله تعالى-: "فصل: محظورات الإحرام" المحظورات المحرومات الممنوعات الذي يمنع منها المحرم، "وهي تسعة؛ أحدها: حلق الشعر" وإن كان من شعر الرأس وما ورد فيه النص أو من بقية البدن، وحكمه حكم شعر الرأس عند عامة أهل العلم، حلق الشعر.

 "الثاني: تقليم الأظفار" قال- رحمه الله-: "فمن حلق أو قلَّم ثلاثة فعليه دم، أو إطعام ستة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام" هذه الفدية تسمى عند أهل العلم بفدية الأذى: دم، ذبح، نسيكة، شاة، أو إطعام ستة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام، كما نص على ذلك الله- جل وعلا- في كتابه: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [سورة البقرة:196].

"وفي الشعرة الواحدة أو الظفر الواحد إطعام مسكين، وفي شعرتين أو ظفرين إطعام مسكينين" الآن الثلاثة في إطعام ستة مساكين، الثلاثة إطعام ستة مساكين، مقتضى القياس أن يكون في الظفر أو الشعرة الواحدة إطعام واحد أو اثنين؟ اثنين مقتضى القياس "وفي الشعرة الواحدة أو الظفر الواحد إطعام مسكين، وفي شعرتين أو ظفرين إطعام مسكينين"، ومقتضى القياس أن يكون الإطعام لأربعة مساكين؛ لأن الثلاث إطعام ستة مساكين، لكن الوقوف على ما جاء في النص أو ما أفتى به الصحابة أمر لابد منه، وحينئذٍ لا قياس مع هذا، إذًا لو قلنا بالقياس لقلنا في الرأس كله كم مسكين؟ ملايين، ملايين، إذا  كان في الشعرة الواحدة مسكين فما يكون إطعام ستة مساكين في الرأس كله، لكن لا قياس مع النص، لا قياس مع النص، وقال أهل العلم: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع.

  "فإن خرج بعينه الشعر" خرج بعينه شعر "أو انكسر ظفره فأزالهما فلا فدية"؛ لأن هذا مؤذٍ. ولا يمكن تحمله، ولا الصبر عليه "وإن حصل له الأذى بقروح أو قمل ونحوه فأزال الشعر لذلك فدى" في المسالة الأولى الأذى بالشعر نفسه، بالظفر نفسه، الآن في المسألة الثانية الأذى ليس في الشعر ولا في الظفر، وإنما بغيرهما، بقروح أو قمل كما حصل لكعب بن عجرة رآه النبي –عليه الصلاة والسلام- والقمل يتناثر على وجهه «فقال له: أيؤذيك هوام رأسك؟ قال: نعم، قال: احلق شعرك مع الفدية» التي ذكرها الله- جل وعلا-، وذكرها نبيه -عليه الصلاة والسلام- "فأزال شعره، لذلك فدى".

الثالث من محظورات الإحرام "تغطية الرأس" المحرم منهي عن تغطية رأسه، وهو من محظورات الإحرام، "فمن غطى رأسه فدى" فدى بالفدية السابقة دم، أو إطعام ستة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام.

 "الرابع: لبس المخيط" يعني على بقية البدن، والممنوع ما يخاط على قدر العضو من أعضاء البدن أو على البدن كله، وهذا يرتكبه الناس كثيرًا في الأوقات الأخيرة؛ ليتحايلوا على الحج بدون الترخيص، يدخلون مكة يحرمون من الميقات بثيابهم، ويغطون رؤوسهم ويدخلون يوهمون الشرط أنهم غير محرمين وهم في الحقيقة قد دخلوا في النسك ومحرمون، فيرتكبون هذا المحظور، فمن لبس المخيط ولو كان لهذا الذي يعذر به الإنسان نفسه أو غطى رأسه لزمه فدية، وهؤلاء المتحايلون منهم من يحرم بثيابه، ومنهم من يتجاوز الميقات غير محرم، والفرق بينهما أن الذي يحرم بثيابه تلزمه فدية الأذى، ويلزمه إتمام الحج أو العمرة، ما يقول: أنا والله علي ثيابي ما أحرمت إلا أحرمت؛ لأن الإحرام النية، وأنت نويت من الميقات، لا يلزمك دم؛ لأنك لم تتجاوز الميقات، وإنما يلزمك فدية للبسك المخيط، ويلزمك إتمام النسك، {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [سورة البقرة: 196]، بخلاف ما لو أجل الإحرام حتى تعدى الميقات وتعدى التفتيش، فدخل غير محرم ثم أحرم وخلع ثيابه ولبس، تجرد من المخيط ولبس، هذا إذا تجاوز الميقات يلزمه دم حتم ما فيه تخيير، فرق بين هذا وذاك.

 عرفنا أن هؤلاء المتحايلين صنفان، صنف يحرم بثيابه، وإذا تجاوز التفتيش خلع الثياب ولبس الإحرام، وقد نوى الدخول في النسك من الميقات، هذا يلزمه فدية أذى للبسه المخيط، والثاني الذي تجاوز الميقات من غير إحرام، فإذا تجاوز التفتيش أحرم، مثل هذا يتحتم في حقه الدم، يذبح لتجاوزه الميقات من غير إحرام كما تقدم في الدرس الماضي، وكلا النوعين مرتكب للمحظور ومخالف، مرتكب لأمر محرم، نعم يريد أن يتوصل به إلى عبادة، والحيل إذا توصل بها إلى ارتكاب واجب أو التنصل عن محرم فلها أصل في الشرع، بخلاف العكس التي يتوصل بها إلى ترك الواجب أو فعل المحظور، هذه حيل اليهود، لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، وتستحلوا ما حرم الله بأدنى الحيل، وحينئذٍ قد يفرق بين من حجه فرض، ركن من أركان الإسلام، ويريد أن يتوصل بحيلته إلى أداء الفريضة، وبين من يريد أن يتنفل بالحج ويرتكب ما حرم الله، ويخالف الأوامر التي سُنت للمصلحة، وتجب الطاعة فيها؛ لأنها إنما سنت للمصلحة.

 على كل حال كثير من الناس الحرص على العبادة والحرص على حج بيت الله الحرام يحمله على ارتكاب محظورات، حينئذٍ نقول: لا يجوز له أن يرتكب ما حرم الله من أجل فعل نفل، نفل للحج أو العمرة، لكن إذا كان فريضة فله وجه؛ لأنه يرتكب المحظور، ويرتكب هذه الحيلة لأداء ما أوجب الله عليه، وعلى كل حال لو امتنع حتى يحصل على الترخيص ويأتي الأمور من أبوابها، ولا يرتكب محظورًا لا شك أن حجه أكمل وأقرب إلى القبول.

"الخامس: الطيب" لأن المحرم ممنوع من الطيب، السنة أن يتطيب قبل الدخول في النسك، وعائشة كانت تطيب الرسول –عليه الصلاة والسلام- لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت، لكن إذا أحرم لا يجوز له أن يتطيب.

"السادس: قتل صيد البر واصطياده" يعني سواء كان بيده وهو صيد بري ويذبحه ويقتله، أو يخرج سلاحه ليقتله ويبحث عنه "قتل صيد البر واصطياده، فمن قتل أو تلف في يده الصيد" صيد البر "فعليه جزاؤه"؛ لأنه إذا قتل باشر المحظور، وإذا تلف في يده تسبب في حصول المحظور، "فعليه جزاؤه يقول: ولا يحرم حيوان إنسي"؛ لأنه ليس بصيد الحيوان الإنسي ليس بصيد "كالدجاج، وبهيمة الأنعام، ولا صيد البحر" {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [سورة المائد:96] "ولا صيد البحر، ولا يحرم قتل محرّم الأكل كالأسد والنمر والكلب" جاء في الحديث: «خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الفأرة والعقرب والحية والكلب العقور والغراب والحدأة» يعني بمجموع النصوص تزيد على خمسة، المقصود أن هذه مأذون بقتلها في الحل والحرم؛ لأنها مؤذية بطبعها، فمثل ما أشار إليه المؤلف كالأسد والنمر أشد من الخمسة المنصوص عليها فتقتل من باب أولى، والكلب يقتل لاسيما العقور الذي يعقر الناس ويحصل منه العدوان على الناس، والكلب الذي ليس بعقور مقتضى إطلاق المؤلف "وأن كل محرم الأكل يقتل" ما يتقيد بما نص عليه، ولا يعتبر القيد الذي جاء في النص الكلب العقور، فالعلة في قتلها عدم أكلها، وأنها لا تؤكل، فيجوز قتل كل محرم الأكل وإن كان غير مؤذٍ، فالعلة في قتل الخمس الفواسق أنها لا تؤكل فيقاس عليها كل محرم القتل وهو ما يراه المؤلف- رحمه الله-، طيب قتل هرة أو قتل كلب عادي بعد أن جاء النهي عن قتل الكلاب، أو قتل أي حيوان لا يؤكل؛ لأن العلة عدم الأكل، ومن قال: العلة الأذى، اقتصر في القتل على المؤذي، والذي لا يؤذي لا يجوز قتله، ولذلك خص الغراب بالأبقع الذي يسرق الأمتعة والأطعمة، والعقور الذي يعقر الناس، بخلاف ما لا يدخل في القيد، عموم الغربان والكلاب.

 "ولا يحرم قتل الصائل" جاء صيد وصال على إنسان أراد أن يفترسه مما يؤكل كالحمار الوحشي أو الضبع أو غيرهما مما يؤكل وجاء به الفدية من كلام الصحابة، صال عليه وقتله دفاعًا عن نفسه لا شيء عليه، "ولا يحرم قتل الصائل دفعًا عن نفسه أو ماله" جاء صيد صائل وعدى على الدابة التي يركبها هذا المحرم له أن يقتله؛ دفعًا عن ماله قال: "ويحرم بإحرام" يعني ما ذكر كله يحرم بالإحرام، كما أنه يحرم بوجوده في الحرم ولو من غير محرم.

 "ولا يحرم قتل قمل وصئبان" وهي صغار القمل أو بيض القمل يقال له: صئبان، "ولو برميه ولا جزاء" يعني يرفع القمل من رأسه أو جسده ويرميه يترتب على ذلك موته أو يقتله ما عليه؛ لأنه في حكم المؤذي، فهو داخل فيما يقتل ولا جزاء، يعني قتله محرم لحاجته ولا جزاء فيه مع أن المحرم إذا احتاج إلى ارتكاب محظور، القاعدة إذا احتاج لا يأثم، لكن يلزمه الفدية، لكن هنا في هذه المسألة القمل والصئبان مؤذية بطبعها، وكل ما آذى طبعًا قُتِل شرعًا، يعني مأذون بقتله.

 "ويضمن جراد بقيمته" يعني قتل جرادة يضمنها بقيمتها، كم قيمتها؟ تقوّم الجرادة الواحدة بريال أو بريالين يقومها أهل المعرفة، وكونه يضمن التنصيص على أنه يضمن على أنه من صيد البر، كونه من صيد البر، وجاء في الآثار أنه كما يقال نثرة حوت، فهو بحري، وعلى هذا يضمن أو ما يضمن؟ لا يضمن إذا كان بحريًّا، وإذا قلنا: إنه من صيد البر فإنه يضمن كسائر الصيد، وصح عن بعض الصحابة  بعض الآثار أنهم قالوا: إنه نثرة حوت، فعلى هذا لا يضمن، ولكن الواقع يدل على أنه بري، ويؤكل حيه وميته كصيد البحر، «أحل لنا ميتتان ودمان أما الميتتان فالجراد والسمك، والدمان فالكبد والطحال» ففيه مشابهة لصيد البحر في كونه يحل ولو كان ميتًا، ومن آثار الصحابة أنه نثرة حوت، وقد صح ذلك عن بعضهم، فهو حلال يؤكل حيًّا وميتًا، وأشار بعض شراح الحديث إلى أن جراد الأندلس لا يؤكل؛ لأن فيه سمومًا فهو ضار فلا يؤكل للضرر، وإن كان الأصل في الجراد أنه مباح حيًّا وميتًا، كيف يصح عن الصحابة وعن بعض الصحابة أنه نثرة حوت ويرجح أنه بري ويفدى بقيمته؟ قالوا: لعل من قال ذلك من الصحابة إنما تلقاه من أهل الكتاب؛ لأنه غير مرفوع إلى النبي –عليه الصلاة والسلام- إذًا أين المصدر؟ هم خالطوا أهل الكتاب وسمعوا من كعب الأحبار ومن غيره، فلعل هذا متلقًى عن أهل الكتاب، وعند أهل الكتاب العجائب والأعاجيب.

 "ويضمن جراد بقيمته، وإن احتاج المحرم لفعل محظور فعله وفدى" كما تقدم في حديث كعب بن عجرة، وأنه احتاج لحلق رأسه، فأمره النبي –عليه الصلاة والسلام أن يحلق رأسه ويفدي "وإن احتاج لفعل محظور فعله وفدى" والحاجة ترفع عنه الإثم، وإن فعل محظورًا من غير حاجة يأثم ويفدي، وإن فعله لحاجة يرتفع عنه الإثم ويفدي، ولغير حاجة يفدي مع الإثم؛ لأن معنى المحظور المحرّم.

"السابع: عقد النكاح" ويحرُم ولا يصح" يعني لو حصل عقد النكاح لمحرم أو على محرمة فإنه حرام، والعقد باطل لا يصح، وجاء من حديث ابن عباس أن النبي –عليه الصلاة والسلام- تزوج ميمونة وهو محرم، وفي حديث عثمان «لا يَنكَح المحرم ولا يُنكِح» يقول "السابع: عقد النكاح، ويحرُم ولا يصح"؛ لما روى مسلم عن عثمان مرفوعًا «المحرم لا يَنكَح ولا يُنكِح» ولا فدية، يعني يكفي أنه ارتكب المحظور المحرم وبطل النكاح ولا فدية، حديث ابن عباس وهو في الصحيح أن النبي –عليه الصلاة والسلام- تزوج ميمونة وهو محرم حكم عليه أهل العلم بأنه شاذ، والصواب أن النبي –صلى الله عليه وسلم- تزوجها وهو حلال؛ لأنه مروي عنها نفسها، وهي أعرف بشأنها، ومروي عن أبي رافع السفير بينها وبين النبي –صلى الله عليه وسلم-، ابن عباس صحيح أن ميمونة خالته، لكن ليس بأعرف منها بنفسها، وكلها في الصحيح، فالمرجح أن النبي – عليه الصلاة والسلام- تزوج ميمونة وهو حلال.

"الثامن: الوطء" الثامن من المحظورات الوطء، والمقصود به الوطء في الفرج، "فلو جامع قبل التحلل الأول"؛ لأن التحلل الأول يحصل على سيأتي باثنين الرمي والحلق، أو الرمي والطواف، أو الطواف والحلق، باثنين من الثلاثة "فإذا جامع قبل التحلل الأول فسد نسكهما" نسك الواطئ والموطوءة إذا كان قبل التحلل الأول، يترتب على ذلك فساد النسك، "ويمضيان فيه" يعني يكملان حجهما مع الناس، "يمضيان في فاسده، ويقضيانه ثاني عام، ويفرق بينهما في السنة التي تليها"؛ لئلا يقع مثل ما وقع في السنة الماضية، فالأحكام المترتبة على الوطء قبل التحلل الأول أولاً فساد النسك، والمضي في فاسده وإكماله كأنه صحيح، والقضاء من العام القابل، "ويقضيانه ثاني عام"، وبهذا قضى الصحابة- رضوان الله عليهم- وعليه عامة أهل العلم.

"التاسع من المحظورات: المباشرة، فإن فعل" يعني باشر زوجته من غير إيلاج "فإن فعل فأنزل لم يفسد حجه وعليه بدنة" يعني مجرد المباشرة من غير إيلاج، طيب عليه بدنة، السنة هذي ما فيه بدنة؛ لأن الإبل السنة هذه ممنوعة من دخول المشاعر وممنوع ذبحها في الهدي والأضاحي احتياطًا للصحة العامة والحجاج على وجه الخصوص، قالوا: لأنها الحاضن لفايروس كورونا، فصدرت الفتوى بمنعها هذه السنة، طيب هذا عليه بدنة، ماذا يفعل؟ يجزئ عنها كما سيأتي بقرة؛ لأن الحكم واحد، البدنة والبقرة تجزئ عن سبعة.

قال- رحمه الله-: "وإحرام المرأة فيما تقدم كالرجل" يعني المرأة إحرامها في جميع ما تقدم كالرجل.

"إلا في اللباس" يعني ما تتجرد من المخيط وتلبس إزارًا ورداءً، لا، تحرم في قميص "إلا في اللباس وتجتنب البرقع" وهو ما يظهر العينين من غطاء الوجه تجتنبه، لا يجوز لها أن تحرم فيه، وجاء في الحديث الصحيح «ولا تنتقب المرأة» يعني المحرمة يعني لا تلبس النقاب، ومفهومه أن غير المحرمة لها أن تنتقب يعني تلبس النقاب، لكن يجب أن يحرر معنى النقاب الذي يجوز لبسه؛ لأن بعض النساء تكشف جزءًا من وجهها باسم النقاب، النقاب معناه النقب الذي يظهر سواد العين بقدرها، إن أظهر شيئًا من البشرة زائدًا على ذلك فهو سفور وليس بنقاب؛ لأن بعضهم يقول: مفهوم حديث البخاري «لا تنتقب المحرمة» أن غير المحرمة تنتقب وتلبس من هذا النقاب الموجود في الأسواق وتلبسه النساء المسلمات بعضهن هداهن الله، هذا ليس بنقاب هذا سفور، إنما النقاب النقب في غطاء الوجه بقدر الحاجة، وما زاد على ذلك فهو سفور.

 "وتجتنب البرقع والقفازين، وهما شيءٌ يعمل لليدين يدخلان فيه يسترهما من الحر" يسترهما من الحر، نعم قد تستر اليد من حرارة الشمس بالقفازين، لكن الغالب أن لبس القفازين من أجل الستر عن رؤية الرجال الأجانب، يعني من تمام الستر أن تلبس القفازين، لكن المحرمة لا يجوز لها أن تلبس القفازين. "وتجتنب ما مسه ورسٌ وزعفران" الورس نبت طيب الرائحة، وهو ملحق بالطيب فتجتنبه، ولا يمسها ولا يمس بدنها ولا ثوبها. "وتجتنب ما مسه ورسٌ وزعفران" والزعفران معروف له رائحة طيبة وحكمه حكم الطيب في رائحته ولونه، ولذا تجتنبه المحرمة. "وتجتنب تغطية وجهها ما لم تكن بحضرة الرجال الأجانب" وبعض العلماء يقول: إن إحرام المرأة في وجهها فيجب عليها كشفه كما يجب على الرجل كشف رأسه ووجهه فإحرامها في وجهها، وجاء عن عائشة وأسماء أنهن إذا حاذوا الرجال الأجانب قالت: «سدلت إحدانا جلبابها على وجهها» فتغطية الوجه عن الأجانب واجبة ولو في الإحرام.
"ويباح لها التحلي" يُباح لها التحلي، لكن شريطة ألا يراها الرجال الأجانب؛ لأن التحلي من الزينة التي منعت المرأة من إبدائها لغير محارمها.

 

قال- رحمه الله-: "فصل في الفدية، يخير بفدية حلق فوق شعرتين، وتقليم وتغطية رأس وطيب بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد بر أو نصف صاع من غيره، وإذا لم يجد قيمة ما يطعم فإنه يصوم عن كل مد يومًا"، والآن مخير بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد بر أو نصف صاع من غيره، ويصوم عن كل مد يومًا، والآن يطعم ستة مساكين لكل مسكين مد بر، والمد ربع الصاع، فكم يطعم ستة أمداد أو ثلاثة آصع من غير البر ويصوم عن كل مد يومًا، إذا قلنا: ستة أمداد من بر فكم يصوم؟

طالب: ........

ستة أيام، وإذا قلنا: يطعم ستة من غير البر، "وعن كل مسكين نصف صاع" ونصف الصاع مدان، يكون كم مدًّا؟

طالب: اثني عشر مدًّا.

اثني عشر مدًّا، وعلى هذا يصوم اثني عشر يومًا، الآن مهب مقرر في الأصل في الأصل أن يصوم ثلاثة أيام، لماذا نلجأ إلى البدل، بأن يصوم عن كل مد يومًا؟

طالب: ...........

إذا لم يجد قيمة الإطعام ينصرف فورًا إلى الصيام؛ لأنه مخير فيه ثلاثة أيام، لماذا نقول في مقابل ستة أمداد ستة أيام؟

طالب: ...........

واضح الإشكال؟ هذا في جزاء الصيد بلا شك، لكن هو المؤلف- رحمه الله- قدّمه على جزاء الصيد، والأولى أن يؤخره إلى جزاء الصيد، أما أن يقول: يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين كل مسكين مد، ويصوم عن كل مد يومًا، فيلزم عليه أن يصوم ستة أيام، أو نصف صاع فيلزم عليه أن يصوم اثني عشر يوما، يقدمها إلى هذا الموضع هذا يلاحظ عليه، مفترض أن يؤخر الكلام هذا إلى الكلام إلى جزاء الصيد، وإلا في الإطعام في فدية الأذى مباشرة يصوم ثلاثة أيام، لمَ يقول: يطعم وإن لم يجد فيصوم عن كل مد يومًا؟ هذا في جزاء الصيد، وليس فيما ذكر "ويخير بما لا مثل له" الصيد الذي له مثل كما سيأتي يُفدى بمثله، كما قضى الصحابة ببعض أنواع الصيد كما سيأتي يفدى بمثله.

 "وما لا مثل له يخير بعد أن يقومه بدراهم" هذا صيد ما له مثل ماذا يفعل؟ {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ} [سورة المائدة:95] كم يساوي إجابة اثنين أهل عدالة ومعرفة، فيقرران ما يستحقه من قيمة "بعد أن يقومه بدراهم لتعذر المثل بين إطعام وصيام" بدراهم يشترى بها طعام، ثم بعد ذلك إن أراد أن يصوم عن كل مدٍّ يومًا له ذلك.

 قال- رحمه الله-: "وأما دم متعته وقران فيجب الهدي"؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [سورة البقرة:196] الهدي متعين، لكن من لم يجد الهدي فإنه يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله تلك عشرة كاملة، "فإن عدمه" عدم الهدي ما يقول: بدل الهدي أصوم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين، لا، هذه فدية أذى، وهذا هدي متعين بدله منصوص عليه في القرآن، "فإن عدمه صام ثلاثة أيام وسبعة إذا رجع إلى أهله" والثلاثة تكون بعد إحرامه بالحج وقبل يوم عرفه، يصوم السادس والسابع والثامن وإذا رجع إلى أهله يصوم سبعة أيام، قد يؤخر الصيام؛ لأنه احتمال أن يستطيع أن يذبح ثم تفوت عليه الثلاثة الأيام يصوم بدلها أيام التشريق، والأصل أن أيام التشريق لا تصام، أيام أكل وشرب إلا لمن عدم الهدي، هدي المتعة القران يصوم ثلاثة أيام؛ لأنها في الحج، ويكمل السبعة إذا رجع إلى أهله، "فإن عدمه صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، والمحصر الممنوع من الوصول إلى عرفة حتى خرج وقت الوقوف" المحصر إذا لم يجد هديًا صام عشرة أيام ثم حل.

 "ويجب بوطء في فرج في الحج بدنة" متى؟ كيف؟

طالب: .............

متى؟ بعد التحلل الأول أما قبل التحلل الأول فإنه يفسد حجه، "ويمضي في فاسده ويكمل حجه ويقضيه من قابل" لكن إذا كان إذا حصل الوطء بعد التحلل الأول فإنه يجب عليه بدنه

"ويجب بوطء في العمرة شاة، وإن طاوعته زوجته لزمها ما ذُكر" لأن الأحكام واحدة بين الرجال والنساء إلا إذا كانت مكرهة، إذا أكرهها فإنه لا شيء عليها المكره لا شيء عليه، ويتصور أن الرجل يكره امرأته، وإذا هددها بالطلاق هل يعد إكراهًا أو ما هو بإكراه؟

طالب: .............

إذا هدد زوجته بالطلاق؟

طالب: .............

لكن الطلاق بالنسبة للمرأة ليس بالأمر السهل، قد يكون الضرب والجلد أسهل من الطلاق عندها، ألحقه كثير من أهل العلم بالإكراه، "وإن طاوعته زوجته لزمها ما ذكر" هل يتصور أن المرأة تكره الزوج؟ فيكون مكرهًا يكون عليها الفدية ولا شيء عليه، العلماء في مسألة الإكراه في الأصول قالوا: إن الرجل لا يمكن إكراهه على الزنا، وإكراه الزوجة لزوجها على الوطء غير ممكن من باب أولى، قالوا: لأنه أكره لا ينتشر بخلاف المرأة، المرأة يتصور إكراهها، لكن الرجل لا يتصور إكراهه. "وإن طاوعته زوجته لزمها ما ذكر، ولا شيء على من فكر فأنزل أو احتلم أو أمذى بنظرة". على كل حال لا يجوز أن يعرض نسكه للبطلان ولا يجوز أن يعرضه للنقص وإذا كان إنزال بسبب نظر محرم فالأمر أشد وأعظم، ولكن لا شيء على من أنزل بمجرد التفكير أو بالاحتلام أو أمذى بالنظر، لا شيء عليه.

قال- رحمه الله-: "فصل: ومن كرر محظورًا من جنسٍ ولم يفدِ فدى مرة واحدة" تتداخل هذه الكفارات، وهذه العقوبات تدخل بعضها في بعض من جنس واحد، بمعنى أنه حلق أكثر من مرة، أو قلم أظفاره أكثر من مرة أو غطى رأسه أكثر من مرة، فإن هذه الكفارات تتداخل والفدى تتداخل، لكن إذا فعل محظورًا وفدى ثم كرره مرة ثانية يلزمه أن يفدي ثانية "ومن كرر محظورًا من جنسٍ" يعني واحد "ولم يفدِ فدى مرة واحدة"؛ لأنها تتداخل "ومن فعل محظورًا من أجناس" من أجناس يعني متعددة، وليست من جنس واحد "بأن حلق وقلم أظفاره ولبس مخيطًا" الحلق غير التقليم، والتقليم غير لبس المخيط، فدى لكل واحدٍ من هذه المحظورات؛ لأنها لا تتداخل ليست من جنس واحد، والتداخل.. عموم قاعدة التداخل في الجنس الواحد، إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد ليست إحداهما مقضية والأخرى مؤداة، لا يدخل صيام في صلاة أو حج في زكاة هذه أمور متغايرة مختلفة لا تتداخل، لكن التداخل في الجنس الواحد "فإن كرر محظورًا من أجناسٍ بأن حلق، وقلم أظفاره، ولبس مخيطًا فدى لكل مرة" يعني لكل محظور فدية مستقلة "ويسقط ما يترتب على المحظور من فدية، يسقط بنسيان" قال: "ويسقط بنسيان فدية لبس" لبس المخيط "وطيب وتغطية رأس دون" قالوا: لأنه ليس فيها إتلاف هذه الأمور إذا نسي {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [سورة البقرة:286] غطى رأسه يكشف رأسه إذ لبس مخيطًا ناسيًا يخلعه، "ويسقط بنسيان فدية لبس وطيب" والطيب يغسله، وليس فيها إتلاف "وتغطية رأس دون وطء" هذا لا يسقط بالنسيان وكذلك الصيد؛ لأن فيه إتلافًا، وكذلك التقليم والحلق كلها من باب الإتلاف فلا تسقط بالنسيان، وجمع من أهل التحقيق يرون أن الحكم واحد كلها تدخل ضمن {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [سورة البقرة:286] فالناسي لا إثم عليه، وكذلك لا فدية عليه.

 "وكل هدي أو إطعام فلمساكين الحرم" ما يقول: علي هدي أذهب إلى بلدي وأذبح الهدي وأفرقه بين فقراء بلدي، لا، هذا لمساكين الحرم. "وكل هدي أو إطعام فلمساكين الحرم" ينتفعون به "وفدية الأذى واللبس ونحوهما ودم الإحصار، حيث وجد بسببه" النبي –عليه الصلاة والسلام- لما أحصر عن دخول مكة عام الحديبية أين ذبح؟ أين ذبح نسك هديه؟ في الحديبية حيث وجد، يعني وجدت المخالفة بسببها وبعضهم يعبر حيث وجد سببه، لكن "حيث وجد" يعني الأمر الذي ترتب عليه الفدية "يجزئ الصوم بكل مكان" قلنا: الدم والصيام خاص بمساكين الحرم، الهدي والإطعام خاص بمساكين الحرم، "ويجزئ الصوم بكل مكان" لماذا لا نقول: لا بد أن يصوم بمكة؟ لأن مساكين الحرم لا يستفيدون من الصيام بخلاف الهدي والإطعام فإنهم يستفيدون منه، وإفادتهم مقصودة من مقاصد الشرع "ويجزئ الصوم بكل مكان" إذًا لماذا قال: "فصيام ثلاثة أيام في الحج" ما قال: صيام ثلاثة أيام بأي مكان؟ لكنها لو فاتت أيام الحج صامها في أي مكان، لكن الأصل أن تصام في الحج، "والدم" ما المراد بالدم؟ إذا قال: عليه دم؟ قال "شاة، أو سبع بدنة، وتجزئ عنها بقرة"؛ لأن البقرة عن سبع، والبقرة عن سبع فالحكم حينئذٍ واحد، وأشرنا إلى أن الإبل تمنع في هذه السنة من دخول المشاعر، ويمنع الهدي والأضاحي منها، وعلى هذا فمن لزمه بدنة أجزأت عنها البقرة، والله أعلم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

سؤال يقول: بما ينقطع التمتع؟

ينقطع التمتع برجوع من اعتمر في أشهر الحج برجوعه إلى بلده ومجيئه مرة أخرى من أجل للحج.

يقول: هل يمكن الجمع بين حديث ابن عباس وحديث ميمونة- رضي الله عنهما- أن قصد ابن عباس بكونه –صلى الله عليه وسلم- محرمًا أي في الحرم؛ لأن الفعل أحرم مثل أصبح وأمسى وأظلم يعني دخل في الصباح دخل في المساء دخل في الظلام يقول: فعل أحرم فهو محرم دخل في الحرم أي في الحرم، لا أنه متلبس بنسك؟

 لكن العلماء ما فهموا هذا، وإن أمكن الجواب بذلك، لكن ابن عباس يجادل وينازع فيما فهمه العلماء في كونه أحرم تزوج ميمونة وهو محرم، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.