المقدمات في شرح المقنع ونظمه (05)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فيقول الناظم –رحمه الله تعالى- وهو يتحدث عن شكر الله -جلَّ وعلا- على ما أولاه من نِعم وأسداه من آلاء، يقول:

ونحمده حمدًا يليق بِطَولِه

 

ونسأله الإخلاص في كل مقصدِ

وكيف بلوغ الشكر والشكر نعمةٌ

 

وآلاؤك اللهم تترى لمجتدِ

"وكيف بلوغ الشكر والشكر نعمةٌ" ما يمكن الوصول لنهاية الشكر؛ لأن هذا الشكر يحتاج إلى شكر، وذكرنا في الدرس الماضي أن هذا من باب التسلسل المطلوب في المستقبل، الشكر يحتاج إلى شكر، الشكر الثاني يحتاج إلى شكر، الثالث يحتاج إلى شكر، وهكذا إلى ما لا نهاية.

ولا يزال المسلم شاكرًا لربه على نِعمه ذاكرًا له، ويسأله في دُبر كل صلاةٍ أن يقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك، فالتسلسل في هذا لا نقول: جائز فقط، بل نقول: مطلوب، بخلاف التسلسل في الماضي، ذكرنا له مثالًا، وهو أن النية عمل القلب، فمن لازم كونها عملًا أن تحتاج إلى نية؛ لأنها داخلة في عموم «إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»، فهذه النية تحتاج إلى نية قبلها، والنية التي قبلها تحتاج إلى نيةٍ قبلها وهكذا، فمثل هذا لا يجوز، ممنوع، وهو التسلسل في الماضي.

تسلسل المفعولات والمخلوقات لله –جلَّ وعلا- بحثه شيخ الإسلام وغيره، وتكلموا عليه، وأفاضوا فيه، والمقام لا يحتمل، ولا يستوعب مثل هذا الكلام، فنكتفي بهذين المثالين.

الشكر يحتاج إلى شكر، ولو تسلسل واستمر، والنية لا تحتاج إلى نية، كما قرر ذلك أهل العلم.

"وآلاؤك اللهم تترى" يعني: تتتابع، "لمجتدِ" لمُريد طالب.

"حفظت لنا الذكر" وهذا من أعظم النعم أن حفظ لنا الذكر الحكيم الذي هو القرآن، فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9] وذكرنا قصة اليهودي الذي أسلم، وسبب إسلامه بقصةٍ ظاهرةٍ جليةٍ ذكرها البيهقي في (دلائل النبوة) وغيره، فلا نحتاج إلى إعادتها.

حفظت لنا الذكر الحكيم وزدتنا

 

بخير حديثٍ بالتسلسل مسندِ

بتتابع الأسانيد وتسلسلها، وبقية الأسانيد من خصائص هذه الأمة، فكل حديثٍ يُروى بإسناده من لدن الحفاظ الذين دوَّنوها في الكتب، وسطَّروها إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بأسانيد نظيفة صحيحة برواةٍ ثقات مع الاتصال، وقد وُجِد –ولله الحمد- تسلسل وتتابع الأسانيد إلى يومنا هذا، وإلى ما يشاء الله، بل إلى قيام الساعة، وهذه من خصائص الأمة، فالأمم السابقة ما تتصل أسانيدها إلى أنبيائها؛ ولذلك سهل فيها التحريف والتغيير.

طالب: ..........

المقدمة، الإشكال طول المقدمة مائة وثمانية عشر أو سبعة عشر بيتًا، هل هناك أحد عد المقدمة؟

طالب: ..........

نحن عددناها مائة وسبعة عشر.

طالب: ..........

نحن رقمناهم مائة وسبعة عشر.

على كل حال أعد ترقيمك، وليس هذا ثقة بعملنا، لكن أعطيناه من يُراجعها.

طالب: ..........

لا، أنا ما رقَّمت بيدي.

طالب: ..........

لا لا.

تحتاج إلى أكثر من درس، وهي المقدمة، وما الفائدة من المقدمة نبدأ بالمقصود؟ ولكن هذه المقدمة تستمر معك إلى نهاية الكتاب، يعني فيها اصطلاحات، وفيها أشياء مفاتيح لبعض المغاليق التي ستأتي.

يقول:

فما زال فينا كل عصرٍ أئمة

 

يذبون عن دين الهدى بالمهندِ

يذبون عنه بالسيف بالسنان، كما يذبون عنه باللسان ويُدافعون عنه.    

"فينفون تحريف الغواة ويظهروا".

"يذبون عن دين الهدى بالمهندِ" أي: بالسيف "فينفون تحريف الغواة" هذا باللسان أو بالقلم.

فينفون تحريف الغواة ويظهروا

 

الصحيح من المعلول في كل مشهدِ

الأصل ويظهرون كما هو معلوم؛ لعدم وجود المقتضي لحذف النون لا ناصب ولا جازم.

"ويظهروا.. الصحيح من المعلول في كل مشهدِ" في حديث...

طالب: ..........

لا.

ولابن عبد البر كل من عُني

 

بحمله العلم ولم يوهَّنِ

فإنه عدلٌ بقول المصطفى

 

يحمل هذا العلم

حديث «يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالِ الْمُبْطِلِينَ» الإمام ابن عبد البر بناءً على أن الحديث من باب الإخبار حكم بأن كل من يحمل العلم فهو عدل.

ولابن عبد البر كل من عُني

 

بحمله العلم ولم يوهَّنِ

فإنه عدلٌ بقول المصطفى

 

يحمل هذا العلم لكن خولفا

ابن عبد البر خُولِف في حكمه هذا؛ لأنه وُجِد من يحمل العلم ممن عنده بعض التقصير من ارتكاب المحرمات أو ترك واجبات، فلا يكون عدلًا وإن حمل العلم، ويكون حينئذٍ معنى الحديث الأمر وإن كان لفظه لفظ الخبر، الأمر بمعنى: الذي يحمل هذا العلم، والحديث حسَّنه الإمام أحمد فيما نقله الخطيب في شرف أهل الحديث وغيره، وحكم عليه بعضهم بالضعف، المقصود أن الحديث معناه: الذي يحمل، وأشار بعضم إلى أن هناك رواية باللام بلام الأمر، والواقع يشهد بأن ممن يحمل العلم فيهم نوع تقصير، بل في بعضهم تقصيرٌ شديد لا يستحقون التعديل مع هذا القصور والتقصير.

على أن الصحيح أن ما يحمله الفُسَّاق ليس بعلم، لا يستحق أن يُسمى علمًا؛ لأنه لو كان علمًا لانتفع به صاحبه، فالعلم الذي لا ينفع لا يُسمى علمًا، ولا يستحق أن يُسمى علمًا، وبدليل آية النساء: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} [النساء:17] يعني الذي يعرف تحريم شُرب الخمر، ولديه من النصوص، من نصوص الكتاب والسُّنَّة ما عنده، ويشرب الخمر، عنده الحكم معروف، ودليله معروف، هل هذا عالم أم جاهل؟

طالب: الظاهر عالم.

لكن لو كانت الآية حصرت التوبة {لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} [النساء:17]، ودل على أن ما يحمله الفاسق ليس بعلم، بل هو جاهل، ولا يعرف الحكم، ولو عرف الحكم فهو جاهل، وإلا لزم على ذلك ألا تُقبل توبته، لو قلنا: عالم، كانت توبته غير مقبولة؛ لنص الآية، بل لمفهوم الآية أنه إذا كانت التوبة لا تُقبل إلا من الجاهل فإن العالم لا تُقبل توبته.

طالب: .........

أين؟

طالب: .........

لا لا كثير من يعملها، المعلومات من الدين بالضرورة، يعلموها الناس كلهم، ويرتكبونها، يرتكبون الزنا، ويرتكبون شُرب الخمر، والقتل وغير ذلك.

طالب: .........

أين؟

طالب: .........

حقيقة شرعية لدلالة الآية.

طالب: .........

كذلك جهل، ولا لزم أن نقول: عدول، إذا قلنا: علم من حديث «يحمل هذا العلم عدوله».

طالب: ...........

هذا وصفه.

طالب: ...........

نحن نُناقش كلام ابن عبد البر الذي حكم على جميع من يحمل العلم بأنهم عدول، قلت:

ولابن عبد البر كل من عُني

 

بحمله العلم ولم يوهَّنِ

طالب: ...........

"لم يُوهَّن" لم يُضعَّف، المجهول من العلماء المضعف.

طالب: .........

ماذا؟

طالب: .........

لا، هو يتكلم حتى عن المجهولين مجاهيل، إذا عُرِف بحمل العلم فهو ثقة، خالفه أهل العلم قاطبة.

طالب: .........

ولكن خولِف قوله مرجوح.

طالب: .........

ماذا فيهم؟

طالب: .........

ما يلزم أن يكون جاهلًا، معروف بالضعف، معروف بالمخالفة يصير ضعيفًا.

طالب: .........

يعني مبتدعًا آخذًا المذهب بكامله.

طالب: .........

لكن الكلام في أهل البدع وتوثيقهم كلام طويل جدًّا، الصحيحان أعلى كُتب السُّنَّة طافحة بالرواية عن المبتدعة.

طالب: .........

الدرس ليس محل بحث، وإلا نقرأ المقدمة بسنة، ما عندنا مانع، تُريدون أن نناقش ناقشنا، في الدرس الماضي في ثلاثين بيتًا.

طالب: .........

تكون المقدمة مرت بأيام.

طالب: .........

والله أنا ودي، لكن فيه أشياء مثل هذا كلام لابن عبد البر قوي جدًّا، وردود عليه من أهل العلم كوننا ما نُشير إليها بمرورٍ سريع ما يحسن.

"ويظهروا" قالوا: النون حُذِفت لضرورة الشعر، وإلا فليس فيه مقتضي.

"الصحيح من المعلول في كل مشهدِ" الصحيح من السُّنَّة يعني عرَّفه أهل العلم بأنه: ما اجتمعت فيه الشروط الخمسة:

عدالة الرواة مع ضبطهم، يعني ثقات. 

واتصال الأسانيد.

والخلو من الشذوذ، والعلة مع الاتصال.

العدالة، والضبط، والاتصال، والسلامة من الشذوذ، والسلامة من العلة القادحة؛ لأن هناك عللًا لا تقدح.

هذا الصحيح؛ تمام الضبط، ثقة الرواة، وتمام ضبطهم، واتصال الأسانيد، والسلامة من الشذوذ، والسلامة من العلة القادحة.

إذا خف الضبط قليلًا مع بقية الشروط يُحكم عليه بأنه –عند أهل العلم- حسن.

والضعيف: ما فقد شرطًا من هذه الشروط.

"المعلول" من أقسام الضعيف، واستنكروا هذه اللفظة، وقالوا: إن الصواب فيها مُعل، لكن الاستعمال لهذا اللفظ كثير عند أهل الحديث، وعند أهل الأصول في العلة والمعلول، وفي كُتب الكلام بكثرة المعلول.

"في كل مشهدِ" هم حاضرون؛ ولذا لما قيل: هذه الأحاديث الموضوعة، قال الإمام: تعيش لها الجهابذة، لن يُترك من غير أن يُرد عليه، حاضرون في كل مشهد، ولا يفوت شيء.

يقول: "فأربعةٌ في أول الأمر عمدةٌ" ولعله يقصد بهم الخلفاء الراشدين.

فأربعةٌ في أول الأمر عمدةٌ

 

وأربعةٌ في آخر الأمر قلدِ

ولعله يقصد بهم الأئمة المتبوعين الأربعة.

"فكلٌّ أتى في الدين أقصى اجتهاده" يعني: ما قصَّر، استفرغ وسعه، واجتهد بحسب طاقته.

"أقصى اجتهاد.. وأحمدهم في النقد مذهب أحمدِ" يعني: الأربعة في آخر الأمر قُلِّدوا أو قُلَّدِ: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد آخرهم.

"فكلٌّ أتى في الدين أقصى اجتهاده.. وأحمدهم" يعني: أفضلهم "في النقد مذهب أحمدِ" الإمام أحمد بن حنبل، والواقع يشهد بذلك، وواقع الإمام نفسه يشهد بذلك، فالإمام أحمد يحفظ سبعمائة ألف حديث، وبنى مذهبه على هذا المأثور العظيم سبعمائة ألف حديث، ولا يُمكن أن يُفتي بمسألةٍ خاليةٍ من أثر.

"وأحمدهم في النقد مذهب أحمدِ" على ما قيل في الأئمة الآخرين من مدحٍ والتزامٍ للأثر: كمالك نجم السُّنن، والشافعي كذلك له يد أولى، وله سُنن ومُسند، لكن أين سُننه ومُسنده من مُسند أحمد الذي هو أعظم المسانيد، وأبو حنيفة وإن كان تميزه في الرأي، ولكنه خُرِّجت مسائله وأقواله وذُكِر فيها أدلة، وإن كان كثيرٌ منها من النوع الضعيف وإلا فقد اجتهد الحنفية في الاستدلال لمذهبه، وله مُسند، لكنه صغير، مُسند الإمام أبي حنيفة، وجمعوا جامع المسانيد للخوارزمي في مجلدين في أدلة الحنفية.

على كل حال ما منهم إلا وله مستند من كتابٍ أو سُنَّة أو قياس، وبعضهم يتوسع في هذا أكثر، وبعضهم يميل إلى الأثر أكثر، المقصود أنهم كلهم اجتهدوا، واتُبِعوا، وحُرِّرت مذاهبهم ونُقِّحت على مر القرون الماضية أكثر من اثني عشر قرنًا، وأتباعهم يتداولون هذه المسائل.

يُوجد التعصب والانتصار لمسائل لا دليل عليها أو دليلها ضعيف هذا موجود في المذاهب كلها، لكن أسعد المذاهب بالدليل وأحمدهم في النقد مذهب أحمد، ولا نقول هذا من باب التعصب، نُفضِّل بعض الكُتب عند الشافعية على بعض الكتب عند الحنابلة ما هو تعصب؛ لتميزها بالاستدلال، ما بيننا وبين أحمد أو أتباع أحمد –رحمه الله- نسب، الدِّين ما فيه مُحاباة، أنا عندي من المجموع للنووي لا يعدله كتابٌ عند الحنابلة لو كمُل، يعني المغني فيه أدلة، وفيه ذكر مذاهب واستدلال لهم، لكن النووي أقعد في الحديث من ابن قدامة، النووي مُحدِّث وناقد في نفس الكتاب، ويستدل، ويستطرد، ويرد، ويُعلل الأحاديث، فلو كمُل كتابه لكان -في تقديري- من أفضل الكُتب، لا أستطيع أن أجزم بأنه أفضل الكتب؛ لئلا يخرج شيء ما اطلعنا عليه.

المقصود أن كون مذهب أحمد أحمد هذه المذاهب وأفضلها نقوله من قناعة، ومن واقع وتجربة، ومن عرف حال الإمام أحمد جزم بهذا، محفوظه من السُّنَّة شيء كبير لا يُدانيه أحد، وإن كان الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر أخرج الإمام أحمد من الفقهاء، وصنَّفه في أهل الحديث، وألَّف في ذلك كتاب (الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة العلماء)، واقتصر على أبي حنيفة، ومالك، والشافعي.

وعلى كل حال كلٌّ يؤخذ من قوله ويُترك، حتى قولنا هذا يمر على مذاهب وعلى طلاب علم يتصدون له، ما المانع؟ فكلٌّ يقول ما يعتقده ويدين الله به.

"لفرط اتباعٍ للنبي وصحبه" هذا مرجَّح هذا دليل قوله: "وأحمدهم في النقد مذهب أحمدِ؛ لفرط اتباعٍ للنبي وصحبه".

"فمن أجل ذا لم يستجب لمهددِ" لمهددِ: الذين هددوه بالضرب والسجن في وقت المحنة.    

"فمن أجل ذا لم يستجب لمهددِ" بالهاء.

تعرفون مسألة القول بخلق القرآن، وامتحان المأمون لعلماء المسلمين ومعه ابن أبي دؤاد، امتحنوا العلماء، سجنوهم وضربوهم وقتلوا، فثبت الإمام أحمد ولم يستجب لا للسجن ولا للتهديد، وضُرِب– رحمه الله- فلم يستجب "فمن أجل ذا لم يستجب لمهددِ".

"دعوه إلى قول الضلال فلم يُجب" من القول بخلق القرآن.

"فلم يُجب.. ورد عليهم رد حبرٍ مسددِ" ولا خير؟

طالب: ..........

عندنا خير حتى في المخطوطات.

طالب: لعلها حبر يا شيخ.

في المخطوطات خير مثل ما عندنا، ويتجه لي أنها حبر

"ورد عليهم رد حبرٍ مسددِ" نقول: لعل حرف الترجي.

"وجاد لنصر الحق بالنفس صابرًا" صبر على الجلد وعلى السجن -رحمة الله عليه-.

"صابرًا.. على الجلد والتهديد من كل معتدِ" وفتنة القول بخلق القرآن مبسوطة في كُتب التواريخ وأُلِّف فيها ما أُلِّف، وهناك كتابٌ اسمه (الحيدة) لعبد العزيز الكناني، وإن كان الذهبي يُشكك في إسنادها، لكن سياقها وما ورد فيها من مناقشات كلها ما يوجد ما يمنعها.

"فباء بحمد الله بالنصر والهدى" لما صبر على الحق، وجاء في سورة العصر في قوله –جلَّ وعلا-: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} [العصر:1-3] مثل هذا {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:3]، لكن بالمقابل من خاف على نفسه ولم يأمن عليها الثبات لم يستطع الثبات، وخاف أن يُغلب على أمره فيستجيب، فالأمر في هذا يسعه أن يسكت أو يُوري بحيث لا يضل أحدٌ بسببه.

فباء بحمد الله بالنصر والهدى

 

وباؤوا بخسرانٍ وذُلٍّ مؤبدِ

"ومازالت العقبى لكل من اتقى" {الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} [هود:49]

ومازالت العقبى لكل من اتقى

 

كذلك وعد الله في الذِّكر فاهتدِ

كذا قال الله –جلَّ وعلا- في الذكر الحكيم وهو القرآن: {إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} [هود:49] النهاية والخاتمة الحسنة لهم.

فإياك عن آراء كل مزخرفٍ

 

مقالته فالسُّم في ضمنها الردي

تسمعون أحيانًا بعض الناس يكون لديه بلاغة وفصاحة يغتر بها من لم ترسخ قدمه، ويتبعهم الفئام من الناس؛ لفصاحتهم وبلاغتهم، وتجد من أهل العلم الراسخين ممن لم يؤتَ حظًّا في هذا الباب تجد الحضور لديه أقل، ولكن العقبى لهم.

"فإياك عن آراء كل مزخرفٍ" وجاء في الحديث «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا» نعم البيان وتنميق العبارات، وتزويق العبارات بحيث تأخذ بألباب وعقول السامعين قد يستجيب لباطله من يسمعه؛ ولذا أهل العلم يختلفون في هذا الحديث هل هو مدح للبيان أو ذم للبيان؟ لا شك أن هذا البيان إذا استُعمِل في بيان الحق ونصره فهو مدح، وإن استُعمل البيان في مدح الباطل وتزويقه وتمريره على الناس لا شك أنه ذم.

طالب: ............

لكن تشبيهه من وجهٍ دون وجه، يعني: بالتأثير؛ لأنه لا يلزم أن يكون المشبَّه مطابقًا للمُشبَّه به من كل وجه.

طالب: ............

نعم «أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلىَ أُمَّتِي مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ» بحيث يستطيع التأثير على الناس، وتجد صاحب الحق أقل في البيان والفصاحة، وتجد تأثيره في الناس في غوغاء الناس وعامتهم أقل، ومع ذلك طالب العلم والعالم عليه أن يأخذ بالأسباب التي تجعل الناس يقبلون كلامه؛ ولذلك ذكرنا في محاضراتٍ كثيرة أن الأصل.

قال اللهُ وقال رَسُولُـه

 

قال الصَّحابَةُ هم أُولُو العِرْفانِ

لكن مع ذلك كيف تُقدم هذه المادة إلى الناس بحيث يأخذونها؟ الآن في مأكولاتهم يُقدمونها بأطباقٍ جميلة وكذا؛ من أجل أن يُقبَل عليها، كيف بالدين الذي هو رأس المال؟! تقرأ ما يُعينك على ذلك؛ ولذا ما تقتصر على الكتاب والسُّنَّة إلا أن تُضيف إليهما ما يُعين على فهمها وتفهيمهما.

فإياك عن آراء كل مزخرفٍ

 

مقالته فالسُّم في ضمنها الردي

فقد مات خير الناس والدين كاملٌ

 



المكتوب "كاملًا" ما أدري ما الذي ينصبها؟

طالب:..........

كاملًا أم كاملٌ؟

طالب: كاملٌ.

هذا الأصل؛ لأن ما فيه ما يستدعي.

طالب: والجملة حال.

"غنيٌّ" مثله، ومكتوب غنيًّا.

"غنيٌّ عن التبيين من كل ملحدِ" لسنا بحاجة؛ لأن بعض الناس –مع الأسف- حتى من طلاب العلم يقول: لماذا لا نقرأ في كُتب الكلام ونستفيد منهم طُرقهم في المناقشات والردود؟ نقول: أنت تستفيد بعض الطرق، لكن الغاية تضيع عليك، قد تُفتَن بكلامهم، وتنصرف بسببه عن الحق إلى الباطل "غنيٌّ عن التبيين من كل ملحدِ".

"فطالب دين الحق في الرأي ضائعٌ" يعني تقول: أنا أقرأ في كُتب الفلسفة أو كُتب الكلام أو كُتب الزنادقة، وأنا حافظ لكتاب الله مُحصَّن، ما عليَّ خوف -يقولها بعض الناس- هذا الكلام ما هو بصحيح، علماء كبار فحول قرأوا في هذه الكتب ولم يستطيعوا أن يخرجوا منها، فالسلامة لا يعدلها شيء.

قد يقول قائل: شيخ الإسلام قرأ كُتبهم ولا ضره.

طالب: ..........

تستطيع أن تُجازف بعقلك الذي تعرف مداه، وتعرف مستواه أن تُجازف فتدخل، أنت لو مررت بنهرٍ أو ببحرٍ تقول: أُجازف وأسبح وأطلع مثل ما طلعوا الناس، وأنت ما تعرف أن تسبح؟ شيخ الإسلام ما دخل إلا بعد أن عرف –رحمة الله عليه- فكون طالب العلم يُجازف بنفسه ويقرأ كُتب البدع، ويقول: أنا... ما هو بصحيح؛ لأن المسألة ما هي بخسارة دنيا أو صفقة أو أسهم أو شيء، لا، خسارة رأس المال الذي هو الدين.

"ومن خاض في علم الكلام فما هُدي" للهروي يُسمونه شيخ الإسلام (ذم الكلام) كتابٌ في ذم الكلام وأهله طُبِع في ثلاثة مجلدات، من أحسن ما يُقرأ في هذا الباب.

والأئمة كلهم ذمُّوا الكلام، والشافعي له كلام قوي في ذم الكلام وأهله، وشيخ الإسلام في مصنفاته (الحموية والتدمرية) فيها كثير من الدُّرر في ذم الكلام وأهله والتحذير منه.

يقول: "كفى بهم نقصًا" في نسختي "كفانا" ماذا عندك؟

طالب: "كفى بهم نقصًا".

المخطوطة "كفانا بهم نقصًا تناقض قولهم.. فكلٌّ" وليس كلًّا "فكلٌّ يقول الحق عندي فقلدِ" هذا وصفهم؛ لأن مشاربهم متعددة لا يرجعون إلى أصول ٍواحدة، تجد المعتزلة لهم أصولهم ويعتمدون عليها ويُعولون عليها ولا يرون غيرها، فتجد المعتزلة يقولون: الحق عندنا، والأشاعرة كذلك.

الروافض وما أدراك ما الروافض من شرهم وشرورهم كل فرقة منهم تقول: الحق عندي -نسأل الله العافية- لماذا؟ لأنهم ابتعدوا عن الجادة المرسومة في كتاب الله وسنَّة نبيه –عليه الصلاة والسلام- وكلٌّ اختط له طريقًا، ويقول: هذا الطريق هو الأصح.    

"فكلٌّ يقول الحق عندي فقلدِ" وتجد هذه الفرق بينها من التفاوت الشيء الكثير، والأصول لا يقرب بعضها من بعض، بينما أهل السُّنَّة وإن صار لهم مذاهب لا في العقائد، في الفروع، يعني أصول الحنفية في العقائد، مع أصول الشافعية، مع أصول المالكية، مع أصول الحنابلة واحدة في الجملة؛ لأنهم يستندون إلى أصولٍ موحَّدة من الكتاب والسُّنَّة.

كل الطوائف وإن كانت من الطوائف البدعية قد يقولون: نحن نعتمد الكتاب والسُّنَّة، ويستدلون بالكتاب والسُّنَّة، لكن فهومهم اعتمدت على غير فهوم الصحابة، أخذوا من علوم الأولين المتقدمين الفلاسفة الذين يُقال لهم: علوم الأوائل، أخذوا منها وقعَّدوها، وجعلوها قواعد وضوابط ينطلقون منها لفهم الكتاب والسُّنَّة، ويُخضِعون لها الكتاب والسُّنَّة، بينما أهل السُّنَّة فهمهم معتمد على ما جاء عن الله وعن رسوله وعن صحابته الذين عاصروه وعايشوه وفهموا عنه؛ فلذلك انضبطت أصولهم وقواعدهم.

يقول –رحمه الله-: "ولو كان حقًّا" وبالمخطوط "فلو كان".

"فلو كان حقًّا لم يكن متناقضًا.. ولم ينتقل" ما آخر الكلام الذي كان معنا الآن؟

طالب: ..........

نعم يتنقَّل.

"ربه ذا تلددِ" يتنقَّل من شيء إلى شيء تجده اليوم على رأي وغدًا على رأي، وهكذا.

طالب: ..........

على كل حال المقصود واضح أنه لا تثبت له القَدم، فتجده كذا، وتجده كذا، وفي آخر أمره كما حدث لكبار علماء الكلام أنهم ندموا على ذلك، ندموا على تعبهم: الرازي، والآمدي، والجويني، ومجموعة من رؤوسهم ندموا على ما فرَّطوا فيه من الاتباع، وتمنى بعضهم أن لو كان على دين العجائز، وبعضهم صرَّح بـــــــ(عجائز نيسابور) فالحمد لله على هذه النعمة على أن هدانا للاتباع، ولم يبتلنا بالابتداع.

وتجد نشوة الآراء والأفكار التي اخترعوها وابتدعوها عندهم مثار إعجاب لأتباعهم، وتجد بعض هذه الفرق أخف من بعض، ومن الفرق أو غالب الفرق تجدهم يستدلون بالقرآن، ويستدلون بالسُّنَّة، لكن على غير فهم الصحابة، والإشكال فيمن يُنابذ السُّنَّة عيانًا لا يراها مرجعًا، ولا يراها مصدرًا، بل ينبذ بها، وينبذ بها بالاتباع للسُنَّة، وهم طائفةٌ واحدة تنتسب إلى الإسلام وهم الروافض، كلٌّ يستدل بالسُّنَّة إلا هم، في كُتب المعتزلة تفسير الزمخشري فيه أحاديث كثيرة جدًّا في الصحيحين وغيرهما، وقُل مثل هذا في الزيدية، وفي الجهمية، وفي المعتزلة، وفي الأشاعرة وغيرهم يستدلون، لكن الإشكال أوتوا من الفهوم.

الرافضة يقولون: سُنتكم هذه لا نعتد بها، ولا نستدل بها، وعندنا ما يكفينا مما أُثِر عن آل البيت، وما أُثِر عن آل البيت كله موضوعات ومقاطيع لا أصل لها، وينتحلون ويضعون الأكاذيب والأقاويل على الأئمة، والأئمة -منهم على الجادة- منهم براء، يعني في أئمتهم الأوائل: علي، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وزين العابدين علي بن الحسين... إلى آخره كلهم على الجادة من أهل السُّنَّة، ويُخرَّج لهم في كُتبنا كُتب السُّنَّة من الصحيحين وغيرهم، لكن هم ما يُخرِّجون لأحدٍ من أهل السُّنَّة، لا يروون لا عن أبي بكر، ولا عن عمر، ولا عن عثمان، والحديث في هذا يطول، لكن 

ولو كان حقًّا لم يكن متناقضًا

 

ولم ينتقل ربه ذا تلددِ

يتنقَّل أو ينتقل هذه... "ذا تلددِ" يعني: كل يوم له رأي، لماذا؟ لأنه لا يرجع إلى أصلٍ صحيح؛ لأن الأصل الصحيح الذي جاء ممن خلق الخلق وهو بهم عليم {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} [الملك:14] أصل ثابت ومتين وجادة مستقيمة ليس فيها تردد ولا تناقض، بخلاف آراء الرجال، حتى الإنسان يُدرك من نفسه أنه في هذا اليوم فهم هذا الكلام على وجه، ثم يتبين له في يومٍ آخر وجهٌ آخر؛ ولذا عُرِف تغير القول باختلاف الاجتهاد حتى من العالم نفسه.

يقول: "وما الحق إلا ليله كنهاره" كما جاء عنه –عليه الصلاة والسلام-: «تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لا يَزِيغُ عَنْهَا إِلاَّ هَالِكٌ».

"يزيد ضياءً" يعني مع الوقت والتحرير للمسائل، واكتمال النصوص في الباب وفي المسألة يزيدها ضياءً "خاليًّا من ترددِ" خالية من التردد.

"به يطمئن القلب" مثل هذا يُعرف بالرسوخ {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران:7] هؤلاء لا تجد في أقوالهم تناقضًا، ولا يصدرون الفتوى اليوم وينقضونها غدًا، بل يُحررها ويحرص عليها، وقد يتبين له من خلال وقوفه على نصوص أخرى أو يفتح الله له فهمًا جديدًا فتتغير فتواه، وليس في هذا عيب ولا يُنافي الرسوخ، لكن هذا قليل بالنسبة لما يصدر منه من علمٍ وتعليمٍ وفتوى، بخلاف هؤلاء الذين ليس لهم ثبات ولا قاعدةٌ ينطلقون منها، فتجد أقوالهم متضاربة متناقضة.

به يطمئن القلب غير مروعٍ

 

ولا خائفٍ بل آمنٍ من تنكدِ

القلب الراسخ مطمئن، أما الذي لا رسوخ لديه ويُفتن بتصدره للناس، فتجده في هذا اليوم يُفتي بشيء، ثم يسمع أن الصواب والدليل على خلافه، فماذا يكون موقفه؟ إذا كان ممن يحبون التصدر لا يقول: أُعلن أني أخطأت -وهذا هو الواجب عليه المُتحتم- تجده يبحث عمَّا يُبرر خطأه، ولو بقولٍ ضعيف أو بخبرٍ ضعيف، فصاحب الحق إذا أخطأ يقول: أخطأت، والأصل أن الدليل يُستدل به ويُستنار به، لا يُستدل له، إنما يُستدل به، فإذا حصل الصواب المُطابق للدليل الصحيح فالحمد لله وبها ونِعمت، وإن حصل خطأ وزلة من عالم فعليه أن يُبادر ببيانها، بيان الحق فيها، ويحرص على ألا يُفتي إلا بما صح، ألا يُفتي بما ثبت، وإذا حصل منه شيء من خلاف ذلك يرجع عنه، وإلى وقتنا هذا وشيوخنا –ولله الحمد- يُعلنون الشيخ ابن باز –رحمة الله عليه- في كثيرٍ من الفتاوى التي رأى أنه لم يتبين المسألة ولم يبحثها كما ينبغي إذا سُئِل عنها يقول: نبحثها، –رحمه الله- نبحثها، يقول بعض المذيعين: نمسح السؤال، قلنا: لا تمسحه، هذا الكلام جواب، وتربية لطلاب العلم.

وسأله أحدٌ عن معن بن زائدة هل هو صحابي أم لا؟ في أول العصر العباسي، لكن قال الشيخ: الله أعلم نبحثه –رحمة الله عليه-، وهذا كثير في كلام شيوخنا الذين هم شيوخ الآخرة في حقيقة الأمر، رحمنا الله وإياهم.

وما الحق إلا ليله كنهاره

 

يزيد ضياءً خاليًّا من ترددِ

به يطمئن القلب غير مروعٍ

 

ولا خائفٍ بل آمنٌ من تنكدِ

فمن قلَّد الآراء ضل عن الهدى

 

ومن قلَّد المعصوم في الدين يهتدِ

"فمن قلَّد الآراء ضل عن الهدى" لأن الآراء لا نهاية لها كما تقدم، "وكلٌّ يقول الحق عندي".

"ومن قلَّد المعصوم" واحدًا، "ومن قلَّد المعصوم في الدين يهتدِ" ما يقول: والله وجدت حديثًا في البخاري عن النبي –عليه الصلاة والسلام-، ثم وجدت حديثًا آخر يختلف عنه وهو صحيح، إلا أن يكون منسوخًا أو معناه مُحتمِل أو مرجوح على وجوه الترجيح عند أهل العلم التي أوصلها بعضهم كالحازمي أوصلها إلى أكثر من خمسين مُرجِّحًا في (مقدمة الاعتبار)، وفي الحافظ العراقي أوصلها إلى مائة في (من وجوه الترجيح بين الأحاديث)، وحصرها السيوطي في (تدريب الراوي) في ثمانية، وكل واحد من هذه الثمانية له فروع كثيرة.

فما الدين إلا الاتباع لما أتى

 

عن الله والهادي البشير محمدِ

ما في مصدر غير هذا يتفرَّع عن هذين المصدرين مصادر مختلفٌ فيها: التي منها القياس، والاستصحاب وغيرها من الأصول المعروفة عند أهل العلم.

كذلك قال الشافعي وغيره

 

من الناصرين الحق من كل مهتدِ

قالوا: ما فيه إلا ما أتى عن الله وعن رسوله.

العلم قال اللهُ وقال رَسُولُـه

 

قال الصَّحابَةُ هم أُولُو العِرْفانِ

وقالوا:

ما العلمُ نَصْبُكَ للخِلافِ سفاهةً

 

بين الرَّسولِ وبينَ قول فُلانِ

قال الناظم –رحمه الله-:

ومحض التلقي والقبول له بلا

 

تأولٍ أو تشبيهٍ أو رد جُحَّدِ

سمعنا وأطعنا، إذا جاء عن الله وعن رسوله فقُل: سمعنا وأطعنا.

"بلا تأول" إذا ما أعجبك الخبر ذهبت تبحث عن التأويلات؛ لتحريفه عن مساره وعن وجهه؛ للانتصار لمتبوعٍ أو لهوى "بلا تأول أو تشبيه أو رد جُحَّدِ".

فكيف يُرجي بالعقول الهدى امرؤٌ

 

وأكثر دين الحق محض تعبدِ

إذا بُحِث عن العلة تُوجد العلل المناسبة، وقد لا تُدرك العلة، فيُقال: هذا الحكم تعبُّد، لا يُدركها العقل تعبدًا "وأكثر دين الحق محض تعبدِ".

طالب: ............

امرؤٌ فاعل نعم.

"يُعرِّفك المعقول وحدة خالقٍ"؛ لأن العقول السليمة غير المتأثرة بالكلام وعلم الكلام وأهل الفلسفة الباقية على فطرتها تدلك على الحق، وتدلك وتُعرِّفك بالله «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ»، ثم بعد ذلك يستمر أو ينحرف بتأثير الأبوين وغيرهما.

"وصدقَ رسولٍ بالدليل المؤيدِ" أو صدقُ؟

طالب: صدقَ، يُعرِّف العقل يدل على صدق الرسول، فيكون معطوفًا على...

وحدةَ.

طالب: على وحدة الخالق.

أنا نطقتها هكذا، لكن خلونا نُعيدها.

"يُعرِّفك المعقول وحدةَ خالقٍ" المعقول يُعرِّفك صدق الرسول؟

طالب: العقل السليم.

الرسول يأتي من أرسله بما يدل على صدقه من المعجزات، يأتي بدلائله، ولو ما يأتي بدلائل نستطيع أن نعرفه بالعقل؟

طالب: لا، العقل إذا نظر في الدليل الذي مع الرسول لاهتدى إلى صدقه.

"وصدقَ رسولٍ بالدليل المؤيدِ" يعني:

يُعرِّفك المعقول وحدة خالقٍ

 

وصدق رسولٍ بالدليل المؤيدِ

ويكفي ارتسامٌ للدليل بعقلهِ

 

ومن بعد ذا فاعزله ...

يعني: إذا مسكت الطريق، وعرفت وحدة الخالق وصدق الرسول خلاص، اترك العقل، ما هو معناه تُهمله كأنك... لا، لكن ليس الحَكَم عندك.

ويكفي ارتسامٌ للدليل بعقلهِ

 

ومن بعد ذا فاعزله ...

الآن أنت مسكت الطريق الصحيح، وعرفت صدق ما جاء عن الله وعن رسوله، فلست بحاجة إلى العقل، عليك أن تعمل بما جاء عن الله وعن رسوله، وليس معنى هذا أنك تقول: ألغي عقلك بالكلية، تأتيك أشياء من النصوص يُحتاج فيها إلى العقل، لكنها ليست مؤصِّلة، بل هي تابعة.

طالب: ............

يعني إذا تعارض العقل مع النقل، مع أنه لا يُمكن أن يتعارض عقلٌ صريح مع نقلٍ صحيح.

وعدنا إلى ما قد نحونا بيانه

 

نُكمِّل إن شاء الإله الذي ابتُدئ

"وعدنا إلى ما قد نحونا" يعني: قصدنا "بيانه.. نُكمِّل إن شاء الإله الذي ابتدئ".

وما زال في أتباع أحمد في الورى

 

نجومٌ بهم من ضل يا صاح يهتدي

أتباع النبي –عليه الصلاة والسلام- بهم نجوم، ولا يعني بذلك الحديث «أَصحَابِي كَالنُّجُومِ، بِأيِّهم اقتَدَيتُم اهتَدَيتُمُ» الحديث لا أصل له، لكن العلماء لا شك أنهم كالمصابيح في الأرض، والنجوم يهتدي بها الناس "نجومٌ بهم من ضل يا صاح يهتدي".

"كحبرهم القاضي".

طالب: ...........

نقف؟

طالب: ...........

إلى أن القاضي يحتاج إلى ترجمته وأتباعه -رحمه الله-.

طالب: ...........

القاضي أبو يعلى نعم.

طالب: ...........

جاء من ترجمته من كلام ابنه.

طالب: في الطبقات.

في الطبقات نعم.

"