شرح المنظومة الميمية في الآداب الشرعية (6)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال العلامة حافظ -رحمه الله تعالى-:

الوصية بالسنة:

اروِ الحديث ولازم أهله فهم الـ
سامت منابرهم واحمل محابرهم
اسلك منارهمو والزم شعارهم
هم العدول لحمل العلم كيف وهم
هم الأفاضل حازوا خير منقبة
هم الجهابذة الأعلام تعرفهم
هم ناصرو الدين والحامون حوزته
هم البدور ولكن لا أفول لهم     
لم يبق للشمس من نور إذا أفلت                   لهم مقام رفيع ليس يدركه
أبلغ بحجتهم أرجح بكفتهم
كفاهمو شرفاً أن أصبحوا خلفاً
يحيون سنته من بعده فلهم
يروون عنه أحاديث الشريعة لا
ينفون عنها انتحال المبطلين وتح
أدوا مقالته نصحاً لأمته
لم يلههم قط من مال ولا خول
هذا هو المجد لا ملك ولا نسب
فكل مجد وضيع عند مجدهمو
والأمن والنور والفوز العظيم لهم
فإن أردت رقياً نحو رتبتهم
فاعمد إلى سلم التقوى الذي نصبوا
واعكف على السنة المثلى كما عكفوا
واقرأ كتاباً يفيد الاصطلاح به
فهي المحجة فاسلك غير منحرف
وحي من الله كالقرآن شاهده
خير الكلام ومن خير الأنام بدا
وهي البيان لأسرار الكتاب فبالـ
حكم نبيك وانقد وارض سنته
واعضض عليها وجانب كل محدثة
فما لذي ريبة في نفسه حرج
(فلا وربك) أقوى زاجراً لأولي الـ
ج
       

 

ناجون نصاً صريحاً للرسول نمي
والزم أكابرهم في كل مزدحم
واحطط رحالك إن تنزل بسوحهم
أولو المكارم والأخلاق والشيم
هم الأولى بهم الدين الحنيف حمي
بين الأنام بسيماهم ووسمهم
من العدو بجيش غير منهزم
بل الشموس وقد فاقوا بنورهم
ونورهم مشرق من بعد رمسهم
من العباد سوى الساعي كسعيهم
في الفضل إن قستهم وزناً بغيرهم
لسيد الحنفا في دينه القيم
أولى به من جميع الخلق كلهم
يألون حفظاً لها بالصدر والقلم
ريف الغلاة وتأويل الغوي اللئم
صانوا روايتها عن كل متهم
ولا ابتياع ولا حرث ولا نعم
كلا ولا الجمع للأموال والخدم
وكل ملك فخدام لملكهم
يوم القيامة والبشرى لحزبهم
ورمت مجداً رفيعاً مثل مجدهم
واصعد بعزم وجد مثل جدهم
حفظاً مع الكشف عن تفسيرها ودم
تدري الصحيح من الموصوف بالسقم
وهي الحنيفية السمحاء فاعتصم
في سورة النجم فاحفظه ولا تهم
من خير قلب به قد فاه خير فم
وإعراض عن حكمها كن غير متسم
مع اليقين وحول الشك لا تحم
وقل لذي بدعة يدعوك لا نعم
مما قضى قط في الإيمان من قسم
ألباب والملحد الزنديق في صمم


ج

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فلما أنهى الناظم -رحمه الله تعالى- الوصية بالقرآن بعد الوصايا العامة التي أسداها لطلاب العلم، وبعد أن أوصى بكتاب الله -جل وعلا- أوصى بسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وهما المصدران الأصلان الأصيلان للتشريع، فالسنة شقيقة القرآن وهي صنو القرآن، وتثبت بها الأحكام الزائدة على ما في القرآن، وهي بمنزلته من حيث الاحتجاج، وإن جعلها أهل العلم تالية له باعتبار القائل، فالقرآن كلام الله -جل وعلا-، والسنة كلام نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وأيضاً باعتبار الثبوت، فثبوت القرآن قطعي، وثبوت السنة منه ومنه، كما هو معلوم.

قال -رحمه الله تعالى-:

الوصية بالسنة:

السنة: ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من قول أو فعل أو وصف أو تقرير، كل هذا يسمى سنة، وأكثر ما تطلق السنة على العملية، والحديث ما يتحدث به أكثر ما يطلق على القول، وعلى كل حال السنة تشمل القول والعمل، وإن كان إطلاقها على العمل أكثر، والحديث أيضاً يشمل القول والعمل، وإن كان إطلاقه على القول أكثر.

يقول -رحمه الله تعالى-:

اروِ الحديث ولازم أهله فهم الـ
 

 

ناجون نصاً صريحاً للرسول نمي

 

"اروِ الحديث" يعني اعتني بالحديث من حيث الرواية، فعليك أن تعنى به وبأسانيده، وبدرجاته من حيث الثبوت وعدمه، ترويه بإسنادك إن تيسر، ولم يشغلك ذلك عن تحصيل المهمات؛ لأن بعض الناس يحرص على رواية الحديث، ويجمع الأجايز الكثيرة، ويكون على حساب تحصيل متين العلم لمجرد اسم الرواية، وتجده ينتقل من بلد إلى بلد من أجل أن يروي بالإجازة عن فلان أو فلان المرضي وغير المرضي، فإذا أدرك الإنسان إجازة من شيخ يتشرف بالانتساب إليه تكفيه، أما أن يضيع عمره وأوقاته وجهده في التنقل من بلد إلى بلد من أجل أن يقال: والله عنده مائة إجازة، أو أكثر أو أقل هذه حقيقة مرة.

اروِ الحديث ولازم أهله فهم الـ
 

 

ناجون نصاً صريحاً للرسول نمي

 

وأهله المراد به من يعتني به علماً وعملاً وتعليماً، لا يكفي أن يكون حافظاً للحديث من دون علم، ومن دون عمل، لا بد أن يكون عالماً بما يحفظ عاملاً به.

اروِ الحديث ولازم أهله فهم الـ
 

 

ناجون نصاً صريحاً للرسول نمي

 

فلما ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- الفرقة الناجية، وذكر أن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، وأن هناك الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، وجاء تفسيرهم بمن كان على ما كان عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه، قال الإمام أحمد وغيره: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم؟ فعامة أهل العلم على أن المراد بهم أهل الحديث.

"نصاً صريحاً للرسول نمي" يعني رفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- هم ((من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)) يعني المقتدون به، العاملون بما يسمعون من أقواله، المقتدون بما ينقل من أفعاله -عليه الصلاة والسلام-.

سامت منابرهم واحمل محابرهم

ج

 

...................................
ج

"سامت منابرهم" سمت يسمت بالضم أي قصد، يعني اقصد منابرهم "واحمل محابرهم" "سامت منابرهم" يعني اقصدها، ولو قرئ: سامَت يعني: ارتفعت منابرهم، لكن العطف عطف الأمر عليه يدل على أنه أمر لتتم المقابلة "سامِت منابرهم واحمل محابرهم" والمسامتة هذه إما أن تكون بالقصد، أو ليكون على سمتها قريباً منها؛ لأن ما كان على سمت الشيء فهو محاذياً له، مقارباً له.

سامت منابرهم واحمل محابرهم

ج

 

...................................
ج

محابرهم الذي يكتبون فيها، فاخدمهم بحمل محابرهم، واصبر على ذلك، والعلم لا يستطاع براحة جسم، ولا يستطاع بادعاء الندية أبداً، مهما بلغ طالب العلم فلا بد أن يتواضع ويحمل محابر الشيخ، أو الذي يكتب فيها، أو يحمل متاعه إن كان معه متاع، أو شيء من ذلك، لا بد أن يعرف الطالب منزلته من منازل شيخه، واحمل أيضاً المحبرة التي تجعلك شبيهاً بهم، فهم يكتبون وأنت معك محبرة مثل محابرهم تكتب عنهم ما ينطقون به.

"واحمل محابرهم" يعني محبرة مثل محابرهم "والزم أكابرهم" فالعلم إنما هو عند الكبار، العلم عند الجلة، عند الكبار، ما دام يوجد في البلد من الكبار أحد فلا تبغي به بدلاً من الصغار، ولو أعجبك بريق لفظه؛ لأن بعض الناس من طلاب العلم الصغار يكون عنده أسلوب وعنده طريقة، وعنده تفنن في العبارات يجلب طلاب العلم، ومع ذلك تجد الكبير ممن هو فوقه بمراحل في العلم والعمل لا يوجد عنده شيء من ذلك، فطلاب العلم تجدهم يعزفون عنه.

على كل حال يقول:

...................................

 

 

والزم أكابرهم في كل مزدحمِ

ما تقول: والله الشيخ هذا زحام ما نلقى عمود نتركى عليه، لا ما يصلح، ويش يقول؟ "في كل مزدحمِ" لأن بعض الناس يؤثر الراحة، فتجده يعزف عن المكان الذي فيه أدنى كلفة، فإذا كان الشيخ عنده جموع غفيرة قال: والله ما أنا رايح نزاحم الناس، لا نلقى موقف، وإذا بغينا نطلع تعبنا، وإذا بغينا ندخل تعبنا، إن أردنا عمود نتكئ عليه ما وجدنا، نروح للمقلين الذي نستطيع أن نتفاهم معهم، ونسألهم ويجيبونا بكل راحة وبساطة، وليس قصده ذلك والله أعلم، قصده أنه يبي راحة، يبي عمود يتركى عليه، ومتى ما بغى طلع، ومتى ما بغى دخل، وإن تيسر له نوم بعد غفا، وبعضهم يفعل هذا في الجمعة في صلاة الجمعة تجده يقصد المسجد اللي ما فيه عدد كبير؛ لأنه يبي يوقف عند باب المسجد ما هو موقف بعيد، ويبي مكان يتكئ عليه، ويبي مكان بارد، قد لا يجد في المساجد المزدحمة التي فيها الخطباء الذين يفيدونه المكان المناسب، وقد يضطر الإنسان إلى هذا أحياناً، فمثلاً في رمضان والجو حار، والمسجد الحرام اللي فيه الصلاة بمائة ألف صلاة، يعني قد لا يجد مكان إلا في درج أو في شمس، يقول: أذهب إلى أي مسجد ثاني، ومكة كلها حرم، وأجلس في الصف الأول، ومكان بارد واتكئ وأسمع الخطبة والحمد لله، وخطبة الحرم تعاد، هذا إن كان حريص بعد على خطبة الحرم، المقصود أن الإنسان ينظر في الباعث، ما الذي جعله يترك هذا المكان ويذهب إلى ذلك المكان؟ إن كانت المصلحة الراجحة لعلمه ودينه أجر عليها؛ لأنه ما يلزم من الكثرة من كثرة الحضور أن يكون أعلم من غيره، قد تكون الكثرة لأن هذا الشخص عنده شيء من المخالفة، عنده شيء من الإثارة، عنده شيء من كذا، والناس تشرئب نفوسهم إلى مثل هذا، وتجد القلة عند هذا العالم؛ لأنه على الجادة يقول: درب معروف، وماشيين عليه الناس، وما عنده جديد، اجلس واستفد وافهم حتى تكون مثله، جدد أنت.

"في كل مزدحمِ".

اسلك منارهمو والزم شعارهم

 

...................................

 

"اسلك منارهم" منار العلم؛ لأن العلم عند هؤلاء الأئمة الذين هم كالمنار الذي ينير الطريق للسالكين.

"والزم شعارهم" الذي هو العلم والتعليم، فأولاً تتعلم، ثم بعد ذلك تعمل وتعلم، وشعارهم العلم، وتعليم الناس، وهداية الناس، وإرشاد الناس، فاقتفي آثارهم بأن تخلص نفسك من ظلمة الجهل، وتتنور بالعلم الشرعي، ثم بعد ذلك تعمل بما علمت، وتعلم الناس وتوجه الناس إليه.

...................................

 

واحطط رحالك إن تنزل بسوحهم

 

"واحطط رحالك" خلاص هم بغيتك، أهل الحديث هم بغيتك، ماذا تريد من العلم؟ تريد حديث هم أهل الحديث، تريد فقه ما في فقه إلا بحديث، تريد تفسير ما في علم تفسير إلا بالمنقول والمأثور، كل شيء عندهم.

...................................
هم العدول........................

ج

 

واحطط رحالك إن تنزل بسوحهم
...................................
ج

((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله)).

هم العدول لحمل العلم كيف وهم
 
ج

 

أولو المكارم والأخلاق والشيمِ!
ج

 

هذه صفة أهل الحديث.

..........................كيف وهم
 
ج

 

أولو المكارم والأخلاق والشيمِ!
ج

 

نعم الناس يتفاوتون في طباعهم، فقد تجد في من يحمل العلم من جبل على شيء من شدة الطبع، هذا عليك أن تصبر عليه، تصبر على جفائه، لكن الغالب أن أهل العلم هم أهل العمل، والعلم بالتعلم كما أن الحلم بالتحلم، فالغالب أنهم هم أهل العمل، وهم الذين يمتثلون الأوامر والنواهي، تعلم يتعلم، لا تغضب ما يغضب هذا الأصل، لكن يتعلم العلم ويقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تغضب)) ثم يغضب، هذا ما هو بعلم، العلم الذي لا يتوج بالعمل ليس بعلم حقيقة.

هم الأفاضل حازوا خير منقبة
ج

 

 

...................................

يعني حازوا الفضائل والمناقب، ولو لم يكن لهم إلا نسبتهم إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- هم حملة علمه -عليه الصلاة والسلام- حملة حديثه وكلامه، والمهتمون بسيرته وشمائله، ويكفيهم أنه إمامهم، {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [(71) سورة الإسراء] فإمامهم من؟ النبي -عليه الصلاة والسلام-.

هم الأفاضل حازوا خير منقبة
ج

 

هم الأولى بهم الدين الحنيف حمي
ج

الدين لا يحمى إلا بالنصوص، لا يحمى بالكلام والجدل الخالي من الأدلة الصحيحة الصريحة لا، فإذا كانوا هم أهل النصوص والمفترض في كل من يتصدى لعلم الحديث أن يكون على ذكر من كلام الله -جل وعلا-، أن تكون له عناية بكتاب الله -جل وعلا- امتثالاً للنصوص الواردة فيما هو بصدد العناية به من السنة في الحث على كتاب الله -جل وعلا-.

هم الجهابذة الأعلام تعرفهم
ج

 

بين الأنام بسيماهم ووسمهم

هم الجهابذة، الجهبذ الجهابذة: جمع جهبذ، وهو النقاد الخبير، يعني هم أهل النقد، غيرهم لا يعنى بنقد، غيرهم لا يعنى بالنقد، وإنما الذي يعنى بالنقد هم أهل الحديث، يعني أهل القرآن، وأهل التفسير يعنون بالنقد، لا حاجة لهم إلى النقد، هم ما يحتاجون النقد لأن القرآن ثابت ثبوت قطعي، ما يمكن يعرض للموازين للنقد لإثباته أو رده، فليسوا بحاجة إلى النقد في الجملة، يعني إذا كان اهتمامهم بالقرآن محض، نعم أهل الفقه تعرفون وضع أهل الفقه، يستدلون بالأحاديث من غير تمحيص ولا نظر ولا روية، وهكذا سائر العلوم، لكن أهل السنة أهل الحديث هم أهل النقد، هم الذين إن ثبت الحديث فهو عمدتهم ومعولهم، وإن لم يثبت ردوه ورفضوه، وليس هذا الأمر إلا لهم، يعني ما يمكن أن يأتي مفسر ويصحح ويضعف بالأحاديث إن لم يكن من أهل الحديث، لا يمكن أن يأتي فقيه ويصحح ويضعف في الأحاديث إن لم تكن له عناية بالحديث.

هم الجهابذة الأعلام تعرفهم
ج

 

بين الأنام .......................

بين الناس كلهم "بسيماهم ووسمهمِ" لا شك أن السنة لها نور في الوجه لكل واحد يهتم بما يسمعه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، له نصيبه بحسب اتباعه واقتدائه، وترون بعض الناس ممن له اقتداء واتباع له هيبة في النفوس، له نصيب من: ((نصرتُ بالرعب)) بقدر ما عنده من الاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- "بسيماهم ووسمهم" لأنهم تصلهم ويطلعون أكثر من غيرهم على أوصافه -عليه الصلاة والسلام- وعلى شمائله فيقتدون به، فتكون سيماهم مطابقة لسيما النبي -عليه الصلاة والسلام- في الأمور الاختيارية، أما في الأمور الإجبارية ما يمكن أحد يقول: والله الرسول أزهر اللون لازم أصير أزهر اللون، أو ربعة لا بد أن أكون ربعة، هذا ما يمكن، لكن في الأمور الاختيارية يقتدون به -عليه الصلاة والسلام-، ولذلكم من خير ما يعين طالب العلم على الاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- والاهتداء بهديه، والاستنان بسنته معرفة خصائصه وشمائله وفضائله ومعجزاته هذه التي تقربه إلى القلوب، وأخلاقه -عليه الصلاة والسلام-.

هم ناصرو الدين والحامون حوزته
 

 

من العدو بجيش غير منهزمِ

ج

"هم ناصروا الدين" يعني الذي ليس عنده رصيد من النصوص كيف ينصر الدين؟ كيف يستطيع أن ينصر الدين؟ لا يستطيع إلا إذا كان عنده نصوص الكتاب والسنة.

................ والحامون حوزته
هم البدور ولكن لا أفول لهم

ج
 

 

من العدو بجيش غير منهزمِ
...................................
جج

البدور، الأقمار، والقمر كما هو معروف يأفل {فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ} [(77) سورة الأنعام] القمر يأفل.

هم البدور ولكن لا أفول لهم

ج
 

 

..................................

موجودون في الوقت كله، لكن لا يأفلون، لا يغيبون على الأنظار.

بل الشموس وقد فاقوا بنورهم

 

 

...................................

هم الأقمار وهم الشموس، لكن الأقمار تغيب، والشموس تغيب وتأفل.

لم يبق للشمس من نور إذا أفلت

ج

 

...................................

يعني بالليل تطلب الشمس تجد؟ ما تجد، لكن العالم تجده بالليل، القمر تطلبه بالنهار لا تجده، لكن تجد العالم بالنهار.

لم يبق للشمس من نور إذا أفلت

 

ونورهم مشرق من بعد رمسهمِ

حتى لو ماتوا ورمسوا في قبورهم، لو ناموا لو ماتوا هم موجودون، بآثارهم موجودون، بمؤلفاتهم، بطلابهم، بعلمهم الذي نشروه، وبلغوه الآفاق.

...................................

 

 

ونورهم مشرق من بعد رمسهم

حتى بعد موتهم وإدخالهم ورمسهم في قبورهم.

لهم مقام رفيع ليس يدركه
ج

ج

 

...................................
ج

لا يدرك مقامهم أحد.

...................................
ج

 

 

من العباد سوى الساعي كسعيهم

ما يمكن أن يلحق بأهل الحديث شخص بمجرد التمني، ومجرد التشبه الظاهر من غير بذل، من غير تعب كما تعبوا، فهذا العلم لا يُستطاع براحة الجسم، فتعب القوم فاتعب، إن أردت أن تكون مثلهم أو قريباً منهم فاتعب مثل تعبهم.

أبلغ بحجتهم أرجح بكفتهم
 
ج

 

...................................

"أبلغ بحجتهم" حجتهم بالغة؛ لماذا؟ لأنها مستقاة من مشكاة النبوة.

"أرجح بكفتهم" يعني إذا وزن المحدث بغيره رجحت كفته؛ لماذا؟ لأنه يعتني بخير الكلام، بخير الهدي.

......................أرجح بكفتهم
ج

 

في الفضل إن قستهم وزناً بغيرهم

قد يقول قائل: إن أهل القرآن أرجح من أهل الحديث، لكن ما يتصور أن صاحب حديث ليس من أهل القرآن، يعني في أحد من الأئمة ليست له عناية بالقرآن؟ لا يوجد، إذاً هم أهل القرآن وزيادة، لكن قد يوجد من يعتني بالقرآن ولا صلة له بالحديث.

...................................
كفاهمو شرفاً أن أصبحوا خلفاً

 

في الفضل إن قستهم وزناً بغيرهم
لسيد الحنفا في دينه القيمِ

هؤلاء هم الذين يخلفون النبي -عليه الصلاة والسلام- في تبليغ سنته لمن يأتي.

كفاهمو شرفاً أن أصبحوا خلفاً
يحيون سنته من بعده فلهم

 

لسيد الحنفا في دينه القيمِ
أولى به من جميع الخلق كلهمِ

 

يحيون السنة، ومن أحيا سنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، يحيون السنة، يعني السنة أفلت وغابت شمسها قرون من بعد القرن العاشر إلى أن قيض الله -جل وعلا- لها في العصور المتأخرة من يحييها، فقيض الله للسنة في باب الرواية والتصحيح والتضعيف الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى-، وقيض الله لمن يعمل بها ويطبقها ويتفقه من خلالها الشيخ ابن باز في هذا الباب ما له نظير، يعني فقهه فقه السنة، وقيض الله أيضاً من يحفظها الناس بعد أن أيس الناس من الحفظ من قيض من الإخوة المشايخ الفضلاء، فالله -جل وعلا- لا يحرمهم أجر هذه السنة، وأجر من عمل بها.

يحيون سنته من بعده فلهم

 

أولى به من جميع الخلق كلهمِ

 

هم أولى الناس بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وهم صحابته الحقيقيون "إن لم يصحب نفسه أنفاسه صحبوا"

يروون عنه أحاديث الشريعة لا
ج

 

يألون حفظاً لها بالصدر والقلمِ

 

"يروون عنه أحاديث الشريعة لا * يألون حفظاً" يعني لا يألون جهداً في حفظها بالصدر وبالكتابة بالقلم، يضبطونها ويتقنونها ويحفظونها في صدورهم إن تيسر وإلا ففي كتبهم.

ينفون عنها انتحال المبطلين وتحـ
 

 

ريف الغلاة وتأويل الغوي اللئمِ
ج

يعني اللئيم، جاء في الحديث: ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين)) هكذا جاء الحديث، والحديث لا يسلم من كلام، وحسنه جمع من الأئمة، وأثبتت صحته عن الإمام أحمد وغيره، وفيه أيضاً في هذا الحديث بيان لشرف أهل الحديث.

أدوا مقالته نصحاً لأمته

 

صانوا روايتها عن كل متهمِ

أدوا مقالته كما سمعوها نصحاً للأمة، ولم يبخلوا، ولم يكتموا شيئاً من العلم.

أدوا مقالته نصحاً لأمته

 

صانوا روايتها عن كل متهمِ

يبذلون العلم لمن يستحقه، ولا يكتمونه كما تقدم، نصحاً للأمة، وإبراءً للذمة من معرة الكتمان.

...................................

 

صانوا روايتها عن كل متهمِ

 

بينوا أحوال الرواة، فبينوا من يحمل عنه العلم من الثقات، وبينوا من لا يستحق الحمل، ومن له أثر في رد الأخبار، فقاموا بكل حزم وعزم وقوة في نفي ما ألصق بالسنة من غيرها، ووضعوا القواعد للجرح والتعديل، وعدلوا وجرحوا، وحفظوا وبلغوا، فلم يألوا جهداً في ذلك.

...................................
لم يلههم قط من مال ولا خول

 

 

صانوا روايتها عن كل متهمِ
...................................

(من) هذه زائدة لتأكيد النفي؟

لم يلههم قط من مال ولا خول

 

...................................
ج

يعني ما اشتغلوا بمال وانصرفوا عن السنة، جندوا أنفسهم للسنة حفظاً وتعليماً وشرحاً وتحفيظاً، وعملاً بها، ودلالة للناس عليها.

"لم يلههم قط من مال" ما اشتغلوا بأموالهم "ولا خول" يعني لا نسب، لا ولد، لا زوجات ولا شيء، ما لهم أي شيء من متع الدنيا، كل ما يتخول من متع الدنيا تركوه اهتماماً بالسنة.

"ولا ابتياع" صفق بالأسواق "ولا حرث ولا نعم" تفرغوا للسنة، وعلموها وتعلموها وعلموها الناس، وجندوا أنفسهم للعناية بها "ولا نعم" لا حرث ولا زراعة ولا ماشية ولا إبل ولا بقر ولا غنم، ولا غيرها من سائر الأموال.

هذا هو المجد، هذا هو الرفعة في الدنيا والآخرة، هذه هي الرفعة.

هذا هو المجد لا ملك ولا نسب

 

 

...................................

يعني هذا هو المجد الحقيقي لا ملك، وإن ادعى المجد وادعي له، إلا أنها في النظرة القريبة يعني في نظرة الدنيا وأهل الدنيا، لكن الكلام في المجد الدائم.

هذا هو المجد لا ملك ولا نسب

 

 

...................................

افترض أنه ملك نصف قرن، ثم النهاية أنها ((نعمت المرضعة، وبئست الفاطمة)) التبعات عظيمة ليست سهلة.

"لا ملك ولا نسب" افترض أن هذا الشخص من نسل محمد -عليه الصلاة والسلام- ثم بعد ذلك بطأ به عمله، لم يرفع بهذا العلم رأساً، ولا عمل به ما يستفيد، هذا ليس عنده شيء من المجد، نعم ينتسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ويتشرف بالانتساب إليه، وهو من ذوي القربى، لكن الكلام على ذوي القربى أهل الاتباع الذي يحبون في الله وفي رسوله -عليه الصلاة والسلام-.

هذا هو المجد لا ملك ولا نسب

 

 

كلا ولا الجمع للأموال والخدمِ

ثم ماذا إذا عد من أثرياء العالم وصار يتخبط بهذا المال يقوي جوانب الشرور، ويستعمله في إضعاف الخير وأهله؟ إن دعي إلى خير امتنع، وإن دعي إلى مخالفة بادر -نسأل الله السلامة والعافية- كما هو حال كثير ممن رأى نفسه قد استغنى {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى} [(6-7) سورة العلق] وهذا هو حال كثير من الناس، كثير من الناس ابتلي بالمال لكنه أخفق، وكثير من الناس ابتلي بالفقر وصبر، والصبر على الفقر أسهل من الصبر على توجيه الأموال فيما يرضي الله -جل وعلا-، وإن كان يوجد ممن استغل هذا المال في مراضي الله -جل وعلا-.

...................................
فكل مجد وضيع عند مجدهمو

 

 

كلا ولا الجمع للأموال والخدمِ
...................................
ج

يعني تنظر إلى العالم في ثيابه الرثة، في هيئته المتواضعة، في جسمه، وتنظر أصحاب الأموال في أبهاتهم، وتنظر أصحاب المناصب العالية في أبهة، وفي غاية من المجد القريب الذي يراه الناس.

"فكل مجد وضيع" هذا هو الحاصل، تجد الله -جل وعلا- يزرع الهيبة في قلوب أرباب الدنيا لأهل العلم، الواقع شاهد بذلك، ولا شك أن أصحاب المناصب العالية لا سيما إذا كان عندهم شيء من العقل، وشيء من الحكمة يقدمون أهل العلم، إما ابتغاءً لوجه الله -جل وعلا- يتقربون بذلك قربة، وهذا موجود، أو لجعلهم واسطة بينهم وبين عامة الناس؛ لأن عامة الناس يثقون بأهل العلم، فإذا رأوا هذا الوالي يقدر أهل العلم قرب من قلوبهم؛ لأنه إذا كان يقدر من تحب فلا شك أنك سوف تحبه وتجله وتقدره، يعني إذا رأيت من يحترم والدك، يعني الأصل أنك ما تعرفه، أو حتى بينك وبينه خلاف، ثم رأيت هذا الشخص يقدر والدك ويعظمه ويحترمه، لا شك أنك تميل إليه، فإذا كان الوالي يقدم هذا العالم قربة إلى الله -جل وعلا- هذا ما فيه إشكال، وهو المفترض في والٍ مسلم، لكن إذا كان يقدمه ليجعله واسطة بينه وبين الناس يرضي به الناس، هذا أيضاً موجود، هذا من العقل، هذا من الحكمة، بخلاف ما إذا نفض يده من أهل العلم، ومن أهل الخير والصلاح، هذا ليست عنده شيء من الحكمة.

فكل مجد وضيع عند مجدهمو

 

وكل ملك فخدام لملكهمِ
ج

كل ملك خدام للملك، والوالي العاقل من يجعل نفسه خادم للعالم، بمعنى إيش؟ أنه ينفذ ما يحكم به العالم، يعني فرق بين والٍ إذا صدر الحكم الشرعي من العالم بادر ونفذ، ما له خيار، وبهذا حينئذٍ يكون ملكه لخدمة الدين وخدمة الشرع، وهذا هو الأصل في الوالي، لكن إذا كان الوالي ينازع العالم، وبينه وبين العالم جفوة، وإذا حكم العالم بحكم وهو الذي ولاه وقلده هذا الأمر، ناقضه واعترض عليه، هذا لا يستقيم الملك مع مثل هذا، فوظيفة الوالي وكان يسمى في الأزمان السابقة عامل، كان عامل لعمر على كذا، ومع ذلك هم في الحقيقة خدام للشرع، وبهذا يشرفون، وبهذا ينالون المنازل العالية في الدنيا والآخرة.

والأمن والنور والفوز العظيم لهم

 

ج

 

...................................

لأهل العلم.

والأمن والنور والفوز العظيم لهم

 

ج

 

...................................

لا سيما العلماء بالسنة؛ لأن لهم النصيب الأوفر من هذه الأوصاف التي كمالها للنبي -عليه الصلاة والسلام- وبقدر اقتداء العالم بالنبي -عليه الصلاة والسلام- وبقدر إرثه من ميراث النبوة يكون نصيبه من هذه الأوصاف.

والأمن والنور والفوز العظيم لهم
فإن أردت رقياً نحو رتبتهم 
 

 

يوم القيامة والبشرى لحزبهمِ
ورمت مجداً رفيعاً مثل مجدهم

والله أنت تتمنى تكون مثل فلان، أن تكون مثل فلان، ما في أحد يتمنى أن يكون مثل الإمام أحمد أو مثل سفيان أو مثل علي بن المديني؟ حتى المتأخرين مثل ابن باز أو ابن عثيمين أو الألباني، كل طالب علم يتمنى أن يصل، طيب اسلك المسالك التي سلكوها، هم بشر مثلك، وقد يوجد في أوساط طلاب العلم من أعطي من الحفظ والفهم يمكن أكثر منهم، لكن اسلك مثل ما سلكوا.

يقول:

فإن أردت رقياً نحو رتبتهم 
فاعمد إلى سلم التقوى الذي نصبوا
 

 

ورمت مجداً رفيعاً مثل مجدهمِ
واصعد بعزم وجد مثل جدهمِ

والله تسترخي وتقول: أنا أصير مثلهم، وأحتاج إلى الراحة، وأنا والله الوقت وقت وناسة وهذا ربيع، وهذه استراحات، وهذه ما أدري إيش؟ لا، العلم لا ينال براحة الجسم، لا ينال العلم براحة الجسم، وهذا الأثر عن يحيى بن أبي كثير أورده الإمام مسلم بين أحاديث مواقيت الصلاة، ساق جملة من أحاديث مواقيت الصلاة، ثم قال: وقال يحيى بن أبي كثير: "لا يستطاع العلم براحة الجسم" ثم أكمل أحاديث مواقيت الصلاة، والشراح كل ضرب وادياً وفجاً لإيجاد المناسبة لهذا الكلام، لا ينال العلم أو لا يستطاع العلم براحة الجسم.

يعني الدقة في سياق المتون والأسانيد في باب المواقيت من كتاب الصلاة من صحيح مسلم تجعل الإنسان ينبهر، الإمام مسلم انبهر، فأورد هذا الأثر بين أحاديث يتصل بعضها ببعض، أخذته الحال، يعني كأنه فرض نفسه هذا الخبر بين هذه النصوص "لا يستطاع العلم براحة الجسم" وينبه بهذا سائر طلاب العلم أن يتعبوا، العلم ما يأتي بالراحة، والعلماء يقولون: العلم أعطه كلك، لتنال بعضه، لكن إذا ما أعطيته كلك يمكن ما تنال شيء.

...................................

 

واصعد بعزم وجد مثل جدهمِ

 

"واعكف" لازم؛ لأن العكوف والاعتكاف الملازمة ملازمة الشيء، يعني ما يقال: والله فلان ذهب إلى فلان وجلس عنده ساعة وعكف عنده ساعة، أو دخل المسجد، وأخذ غرض واعتكف، لا، إنما العكوف والاعتكاف طول الملازمة.

واعكف على السنة المثلى كما عكفوا

 

 

...................................

شخص يدعي أنه من أهل السنة وليس في جوفه منها شيء، أو لا عناية له بكتب السنة، ولا يقرأ في كتب السنة، ولا في شروح السنة، ولا، هذه دعوى.

واعكف على السنة المثلى كما عكفوا

 

 

حفظاً.............................

الأئمة حفاظ، ما ينال الإنسان الوصف إلا إذا حفظ وفهم، اللهم إلا إذا حاول الحفظ وعجز يعذر، ويبقى أن الفهم ويبقى أن التدوين والتصريف أيضاً مما يجعل الإنسان يوصف بهذا الوصف.

واعكف على السنة المثلى كما عكفوا

 

حفظاً مع الكشف عن تفسيرها ودمِ

بعض الناس له عناية بالمتون لكن ليست له عناية بالشروح، وإدامة النظر في الشروح تعطي طالب العلم ملكة يفهم بها السنة، ويستطيع من خلال هذه الملكة أن يشرح من السنة ما لم يشرح قبل؛ لأنه يأتيك أحاديث ما شرحت، يعني إذا كان الحديث مخرج في البخاري ترتاح، شروحه كثيرة وموجودة، مخرج في مسلم نعم، الكتب الستة مخدومة، لكن قد يعوزك حديث في الطبراني مثلاً، أو في مسند أحمد، ما سبق أن شرح، تقف تقول: هذا طلاسم ما شرحه أهل العلم؟ تشرحه أنت؛ لماذا؟ لأنه تولد عندك ملكة، وصرت بحسك وملكتك هذه تستطيع أن تتعامل مع النصوص، كما قلنا في نظيره بالأمس بالنسبة لمن يديم النظر في كلام السلف في تفسير كلام الله -جل وعلا-.

...................................
واقرأ كتاباً يفيد الاصطلاح به

 

 

........مع الكشف عن تفسيرها ودمِ
تدري الصحيح من الموصوف بالسقمِ

يعني ما يعقل أن طالب حديث ما يعرف المصطلح، مستحيل؛ لأن معرفة المصطلح والمصطلح هو القواعد المعرفة بحال الراوي والمروي لا بد من معرفتها، ولا بد من التدرج، الشيخ يقول: "اقرأ كتاباً" نقول: ما يكفي كتاب، لا بد أن تتدرج؛ لأن كتاب واحد إن قرأت من الكبار ما فهمته إلا بقراءة كتاب قبله، لا بد أن تتدرج في ثلاث كتب أو أربعة واحدة تلو الآخر، ما يناسب المبتدي، ثم بعد ذلك ما يناسب المتوسط، ثم بعد ذلك ما يناسب المتقدم والمنتهي في طريقة ذكرناها في مقدمة الألفية، يرجع إليها من أرادها، وذكرناها باختصار يعني يناسب التقديم.

واقرأ كتاباً يفيد الاصطلاح به

 

تدري الصحيح من الموصوف بالسقمِ

"فهي المحجة" الطريق الواضح البين.

فهي المحجة فاسلك غير منحرفٍ

ج

 

...................................
ج

لا يمين ولا شمال، اسلك الصراط المستقيم، اسلك هذه المحجة البيضاء ((تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها)).

فهي المحجة فاسلك غير منحرفٍ

ج

 

وهي الحنيفية السمحاء فاعتصمِ
ج

اعتصم بدينك، اعتصم بكتاب ربك وسنة نبيك -عليه الصلاة والسلام-.

وحيٌ من الله كالقرآن شاهده

 

في سورة النجم فاحفظه ولا تهمِ

السنة وحي من الله -جل وعلا- كالقرآن {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(3-4) سورة النجم].

...................................
خير الكلام ومن خير الأنام بدا

ج

 

في سورة النجم فاحفظه ولا تهمِ
...................................

 

((أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-)) خير الكلام كلام الله، وإذا قلنا: إن السنة وحي فهي مثل كلام الله، إذاً هي خير الكلام بعد كلام الله.

خير الكلام ومن خير الأنام بدا
 
ج

 

من خير قلب......................

ومن أسلم قلب، ومن أطهر قلب ومن أنصح قلب.

...................................

 

من خير قلب به قد فاه خير فمِ

 

من أطيب الأفواه فمه -عليه الصلاة والسلام-.

وهي البيان لأسرار الكتاب فبالـ
 
ج

 

إعراض عن حكمها كن غير متسمِ

ج

هي البيان، يعني ما جاء مجملاً في القرآن يبينه النبي -عليه الصلاة والسلام- {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} [(44) سورة النحل] فوظيفته -عليه الصلاة والسلام- البيان، فالسنة

هي البيان لأسرار الكتاب فبالـ
 
ج

 

إعراض عن حكمها كن غير متسمِ

ج

لا تتسم بالإعراض؛ لأنك إذا أعرضت عن المبِين فلن تفهم المبيَن، ولا ادعيت أنك من أهل الله وخاصته ومن أهل العناية بالقرآن؛ لأنه يرد عليك أشياء تحتاج إلى بيان بيانها في السنة، فالمفترض أن تعتني بالسنة كعنايتك بالقرآن.

"حكم نبيك" يعني إذا قال: افعل افعل، إذا قال: لا تفعل لا تفعل، إذا قال: حب فلان حب فلان، إذا قال: حب العمل كذا، إذا قال: أبغض أبغض، حكم نبيك، لا يكن لك خيار {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [(36) سورة الأحزاب] ما لك خيار، ليس لك خيار، إذا قضى الله ورسوله أمر سمعنا وأطعنا.

حكم نبيك وانقد وارض سنته
ج

 

 

...................................
ج

"وانقد" انقد غيرك تبعاً لما جاء في حكم نبيك -عليه الصلاة والسلام- يعني زن الناس وانقدهم، امدح هذا وذم هذا بقدر الموافقة والمخالفة لسنة النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"وارض سنته" ارض بها، لا تبغي بها بديل ولا تخالفها، يعني حكمها في نفسك وفي غيرك، وأول ما يحكم به الإنسان على نفسه؛ ليكون قدوة للناس، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في خطبة الوداع لما وضع الدماء ووضع الربا قال: ((أول دم أضعه دمنا دم الحارث بن ربيعة بن عبد المطلب، وأول رباًَ أضعه ربانا ربا العباس)) لأنه ما يمكن أن يكون قدوة وهو يفرض على الناس ويترك نفسه، أو يفرض على أولاد الناس ويترك أهله وأولاده، ما يكن قدوه بهذا حتى يبدأ بنفسه.

حكم نبيك وانقد وارض سنته
 

 

مع اليقين..........................

 

مع اليقين بدون تردد.

...................................

 

مع اليقين وحول الشك لا تحمِ

ج

أبعد عن الشك والريب، وألزم نفسك باليقين الذي لا تردد فيه ولا ريب.

"واعضض عليها" بنواجذك، عض على سنة نبيك بنواجذك، إذا سمعت حديثاً فيه أمر بادر للعمل، إذا سمعت حديثاً فيه نهي عن شيء بادر بتركه والبعد عنه.

واعضض عليها وجانب كل محدثة

ج

 

...................................

يعني التزم بالسنة وجانب البدعة: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور)) إياكم، تحذير من محدثات الأمور ومن البدع، فإن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

واعضض عليها وجانب كل محدثة

ج

 

وقل لذي بدعة يدعوك لا نعمِ

يدعوك المبتدع إلى بدعته قل: لا سمع ولا طاعة، أنا صاحب سنة، وبلغني عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كذا، وأنت تدعوني إلى خلاف ما عرف عنه -عليه الصلاة والسلام-، وعن أتباعه من سلف هذه الأمة وأئمتها.

فما لذي ريبة في نفسه حرجٌ
 

 

مما قضى قط في الإيمان من قسمِ

 

{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}[(65) سورة النساء].

فما لذي ريبة في نفسه حرجٌ
 

 

مما قضى قط في الإيمان من قسمِ

 

ليس له قسم، ليس له نصيب {فَلاَ وَرَبِّكَ} [(65) سورة النساء]... الآية.

............أقوى زاجراً لأولي الـ 

 

ألباب............................. 

أقوى زاجراً لأولي الألباب يعني الشخص العاقل ذو اللب ذو العقل السليم الذي يحرص على نجاة نفسه، أقوى زاجراً قوله -جل وعلا-: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [(65) سورة النساء] شخص كبير السن صارت له خصومة عند قاضي من القضاة، فلما انتهت وحكم عليه، قيل له: هذه لائحة إن أردت أن تعترض وترفع للتمييز، فطأطأ رأسه وبكى، كيف أعترض على حكم الله، والله -جل وعلا- يقول: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [(65) سورة النساء] كيف أعترض على حكم؟ يعني افترض أن الحكم صائب أو مخطئ لكن مقدماته شرعية فهي ملزمة لي ولغيري، ولا يعني هذا أن وجود المحاكم العليا من التمييز ومجلس القضاء أنه خطأ، لا؛ لأن كثرة المشاكل وكثرة الناس تستدعي كثرة القضاة، وكثرة القضاة تستدعي التفاوت بينهم التفاوت كبير، فلا شك أن صنيع هذا الرجل مما يحمد عليه لتسليمه التام، لكن لو وجد والله قال: أنا أشوف القضاة متفاوتين، متفاوتين القضاة، ويمكن هذا القاضي الحدث السن الجديد على القضاء يمكن إنه أخطأ، والمجال مفتوح، وليس فيه اعتراض لحكم الله -جل وعلا-، فأرفع للتمييز، يعني ليس وجود المحاكم العليا مخالف لمثل هذا، وكلها في دائرة حكم الله، الإشكال لو لم يرض بحكم القاضي وانتقل إلى حكم ثاني، انتقل إلى الحكم المدني على ما يقولون، حكم القانون، هذا الذي فيه الإشكال، نعم مثل الذي لم يرض بالنبي -عليه الصلاة والسلام- ورضي بفلان من اليهود المنافق الذي فعل كذا، فكونه ينتقل من حكم الله إلى حكم الله، حكم الله على يد هذا القاضي الصغير على يد قاضٍ هو أكبر منه هو ما زال في دائرة حكم الله، والمجال مفتوح، والحاجة داعية لما ذكرنا، أما كونه يقول: والله أنا ما أرض بحكم القاضي هذا؛ لماذا؟ لا لا، الحاكم المدني هذا عنده قوانين ثابتة ومضبوطة ومتقنة علي وعلى غيري، نقول: هذا الذي يقع في الآية: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ} [(65) سورة النساء].

(فلا وربك) أقوى زاجراً لأولي الـ
         

 

ألباب والملحد الزنديق في صممِ

أصحاب العقول يسلمون ويرضون كما فعل هذا الشخص كبير السن، وهذا في أيامنا، يعني الخير موجود في أمة محمد إلى قيام الساعة.

والملحد الزنديق الذي في صمم عن سماع الحق لا يسمع الحق، ومن باب أولى لا يعمل به، والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"