كتاب الصداق من المحرر في الحديث - 02

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عِدَة قبل عصمة النكاح فهو لها، وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه وأحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته»يقول: "رواه أحمد وأبو داود، وهذا لفظه، والنسائي وابن ماجه".

 أولاً: هذا الحديث من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ومضى الكلام مرارًا على هذه السلسلة، وأنه إذا كان الراوي عن عمرو ثقة، فإن الخبر لا ينزل عن درجة الحسن، والراوي عن عمرو بن شعيب هو ابن جريج، وهو ثقة معروف، لكنه مدلِّس، ولم يصرح بالتحديث عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب، ولذا الحديث مضعَّف عند أهل العلم؛ لهذا السبب.

 ومعناه أن المرأة يقول: «أيما» هذه صيغة عموم، «امرأة نكحت على صداق» يعني فرض لها صداق مقداره كذا، «أو حباء» أعطية، هبة، «أو عِدَة» وعدها بأن يعطيها كذا، أو يشتري لها كذا قبل النكاح، قبل عقد النكاح هذا يكون لها سواء كانت هذه الهبة أو العدة لها أو لغيرها من أهلها كأبيها وأخيها، هذا إذا كان قبل عقد النكاح؛ لأن هذه الهبة أو هذه العدة أو هذا الحباء إنما هو من أجلها، وإن وعد أبوها أو أخوها فإنه يكون كما قال الشراح على حسابها؛ لكي يتنازل هذا الأب أو هذا الأخ عن شيء من حقوقها، فما كان قبل عقد النكاح فإنه يكون لها، وما كان بعد العقد وثبوت العقد وانتهت حقوقها بالعقد فله أن يعد الأب أو يهب الأب، أو يهب الأخ شيئًا من المال.

 «وما كان من بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه، وأحق ما أُكرِم عليه الرجل ابنته أو أخته» التفريق في هذا الحديث بين ما كان قبل العقد وهذه الهبات وهذه العِدَات لغير الزوجة لا شك أنها مؤثرة يأتي الخاطب ويقول للأب: أنا عندي لك سيارة إذا تم الأمر أو يأتي للأخ ويقول: عندي لك سيارة، ثم بعد ذلك يوافق ويضغط على البنت ولو لم يكن مقبولًا لغير ذلك، لكن إذا تم العقد فالخاطب ما يخشى من شيء، ولهذا جاء التفريق بين ما كان قبل العقد أو بعده، منهم من يفرق بين الأب وغير الأب فيقول: الأب له أن يأخذ قبل وبعد؛ لأن له سلطانًا على مال ابنته، «أنت ومالك لأبيك»، ولا شك أن هذه الهبات وهذه العِدَات قبل العقد مؤثِّرة، مؤثِّرة في القبول والرد؛ لأن الأب له سلطان يفرض، والأخ كذلك.

 وقد حصلت وقائع، يأتي إلى أخ هذه البنت ويقول: عندي لك سيارة، وهو ما يحلم بسيارة، لو ما وعده ما ضغط على أخته وعلى أمه وعلى أسرته، وذكر فيه من الأوصاف التي تجعلهم يقبلونه، ما ليس فيه من أجل هذه السيارة، لكن إذا تم العقد ماذا يرجو الخاطب إذا تم العقد؟ «وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه، وأحق ما أُكرِم عليه الرجل ابنته أو أخته» قلنا: إن الخبر مضعَّف؛ بسبب تدليس ابن جريج.

طالب: .........

مضعَّف نعم، قد يقول قائل: لماذا يشرح إذا كان مضعَّفًا؟! لماذا يشرح؟ ولماذا يرتب عليه أحكام؟!

لا شك أن المعنى صحيح، وله حظ من النظر، والواقع يشهد له، ومع ذلك بعضهم يحتمل تدليس ابن جريج، وأيضًا لعله أن يوجد في المصادر ما فيه تصريح من ابن جريج، فلهذا الاحتمال يشرح مثل هذا الحديث وبيان معناه ما يؤثر إن كان الخبر صحيحًا قبل الحكم، وإن لم يكن صحيحًا فمن حيث المعنى لا شك أنه مؤثر، الرأي والعقل يقتضيه.

 عرفنا وقائع من هذا النوع، وأمثل بالسيارة؛ لأنها واقعة، جاء إلى أخ البنت وقال: عندي لك سيارة أثناء الخطبة، أجلب الأخ على هذا الموضوع؛ من أجل القبول بكل ما يملك بقوة وسلطة وبيان وتوسط من يمين ومن يسار بالأقارب، حتى قبلت، ولذلكم المعنى له حظ في الواقع والنظر، لكن إذا تم العقد لهذا الزوج انتهى الإشكال.

طالب: .........

الأمر لا يعدوها المهم لا يُضغَط عليها، ولا تُلزم، لا تنكح البكر حتى تستأذن، مادام ما أذنت فما لأحد كلام، هي أعرف بمصلحتها، قد يخفى عليها بعض الأمور، قد يخفى عليها بعض الأمور، لكن يبين لها، يبين لها الواقع، والوالد له بطريقته أن يضغط عليها من غير إلزام في بيان الواقع، ويذكر من الأوصاف ما يرغبها فيه.

 "وعن إبراهيم" وهو ابن يزيد النخعي، "عن علقمة" بن قيس النخعي، "عن ابن مسعود، عن ابن مسعود -رضي الله عنه-" قال أو "أنه سئل عن رجل، سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقًا، سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقًا".

 هذا حال كثير من الناس، ما يبين مقدار الصداق في العقد، كثير منهم يقول: المتفق عليه أو يبين مبلغًا يسيرًا جدًّا، ليس هو الصداق الحقيقي.

 "أنه سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض صداقًا، ولم يدخل بها حتى مات" إذا طلق قبل الدخول، إذا عقد على المرأة ثم طلقها قبل الدخول فإن كان قد فرض لها صداقًا فلها نصفه، وإن كان لم يفرض لها صداقًا فليس عليه إلا المتعة إذا ما فرض صداق وحدد، واتفق عليه، فإنه ليس لها إلا المتعة، {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ} [سورة البقرة:236]، هذا في حال الطلاق، في حال الوفاة عقد عليها، ثم مات في هذا الخبر في فتوى ابن مسعود المؤيَّدة بالدليل المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يترتب على هذا العقد ثلاثة أحكام، أولاً: لها مهر المثل، وترث، وتعتد، في مسألة الطلاق ليس عليها عدة، ليس لها، المطلقة قبل الدخول ليس عليها عدة.

 وهنا في حال الوفاة "سئل ابن مسعود عن رجل تزوج امرأة، ولم يفرض لها صداقًا، ولم يدخل بها حتى مات، فقال ابن مسعود: لها مثل صداق نسائها" مهر المثل، نسمع ونقرأ في هذه القصة كأن ابن مسعود قال ذلك مباشرة، سئل فأجاب كما يفعل كثير من الناس، ما عنده نص في المسألة ولا.. يجتهد اجتهادًا فوريًّا ويعطيه الجواب، ابن مسعود من أوعية العلم، ومن فقهاء الصحابة، ردهم شهرًا اذهبوا إلى غيري، ومازال في هذا الشهر يستخير ويتأمل وينظر ثم قال لهم ما قال في الخبر.

 "فقال ابن مسعود: لها مثل صداق نسائها" ممن تشابهها في الصفات المؤثِّرة في مقدار الجمال والعقل والتعليم، وهو مؤثر في عصرنا هذا، إذا كان لها بنت عم تزوجت على مهر معين  أو بنت خال أو قريبة، وكذا، على مهر معين، وهي تشابهها في الأوصاف فلها مثل صداق نسائها، يعني أقاربها الذين يساوونها أو يقاربونها في الأوصافك.

 "لا وكس ولا شطط، لا وكس ولا شطط" يعني لا ينقص من مهر مثلها، ولا يزاد عليه، لا ينقص فتظلم، ولا يزاد عليه فيظلم الزوج، "وعليها العدة" وعليها العدة، وعليها العدة، ذكر بعضهم أنه سئل الجهم بن صفوان عن رجل طلق امرأته قبل الدخول فقال: تعتد أربعة أشهر وعشرًا، هي ما عليها عدة، وأربعة أشهر ما هي عدة طلاق، عدة وفاة، لكنه الخذلان، نسأل الله العافية، وهذا ما له علاقة فيما نحن فيه، وعليها العدة، ومقدارها أربعة أشهر وعشرًا، جزمًا؛ لأنها تعتد بالأشهر، وليست كالمطلقة تعتد بالأقراء، وليست بذات حمل تنتهي عدتها بوضع الحمل؛ لأنها ما دخل بها.

 "وعليها العدة، ولها الميراث" هي زوجة، الميراث انعقد سببه، وهو النكاح الصحيح.

أسباب ميراث الورى ثلاثة

 

كل يفيد ربه الوراثة

وهي نكاح وولاء ونسب

 

...........................

النكاح، ويحصل بالعقد الصحيح، "وعليها العدة، ولها الميراث" هذه فتوى من ابن مسعود اجتهادًا منه.

 "فقام معقل بن سنان، فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بَرْوَع" على زِنَة جَدْوَل بَرْوَع، هكذا ضبطه أهل اللغة، ويضبطه بعض المحدثين بكسر الباء، وأهل اللغة ينصون على أنها بفتح الباء كجَدْوَل، كما في القاموس وغيره، وخطأ صاحب الصحاح أهل الحديث في كسر الباء، معقِل بن سنان الأشجعي سماه بعضهم معقل بن يسار، وفي بعض الروايات: فقام رجل من أشجع معقل بن سنان الأشجعي، كما في الرواية التي معنا، وفي رواية: معقل بن يسار، وفي رواية: قام رجل من أشجع.

 بعضهم يرى أن مثل هذا الاختلاف مؤثِّر، وهو دليل على أن الراوي لم يضبط الخبر، ومعلوم أنه إذا تُردد في الاسم بين عدد من الثقات فإنه لا يؤثر، معقل بن سنان صحابي، ومعقل بن يسار صحابي، رجل من أشجع هو معقل بن سنان، يصير فيه اختلاف؟ ما فيه اختلاف، فلا يُطعَن في الخبر من أجله، ولا يوصَف بالاضطراب، مع أن ما عندنا أرجح مما ذكر من معقل بن يسار، أو رجل من أشجع رجل من أشجع ما تخالف؛ لأن معقل بن سنان رجل من أشجع، ولو قُدِّر أنه في السند بدون صحابي، وأمكن الترجيح انتفى الاضطراب؛ لأن الاضطراب، لأن الاضطراب أن يُروَى الخبر على أوجه مختلفة متساوية، فإن أمكن الترجيح بين هذه الأوجه انتفى الاضطراب.

 "فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بَرْوَع بنت واشق امرأة منا" يعني من أشجع، "مثل ما قضيت، ففرح بها ابن مسعود، ففرح بها ابن مسعود".

 ولا شك أن الإنسان يُسَر بمن يؤيده، فكيف إذا كان المؤيِّد نصًّا ملزِمًا يُعتمَد عليه، الآن أقل ما في الأحوال أن لو كان ابن مسعود ما أصاب وقد اجتهد، وهو من أهل الاجتهاد، له أجر واحد، فإذا أصاب كما هنا فله أجران، لو لم يكن الفرح إلا من هذه الحيثية، لكن الإنسان عمومًا إذا اجتهد وأصاب، ووجد من يؤيده، ووجد من سبقه إلى هذا الأمر يفرح بذلك فرحًا شديدًا، وكم من مسألة اجتهد فيها أهل العلم وهي من عضل المسائل، اجتهدوا فيها ثم بعد ذلك..

ابن حجر يحمد الله كثيرًا، وهكذا ينبغي لكل أحد يقول: إنه اجتهد في هذه المسألة، أو في هذه الرواية أو في هذا الخبر، وتوصل إلى نتيجة، ثم وجد من يؤيده ممن سبقه من الأئمة فيقول: الحمد لله، ثم الحمد لله، ثم الحمد لله.

 لا شك أن الإصابة مطلوبة، ويفرح الإنسان بمن يوافقه، وعمر -رضي الله عنه- لما قال عبد الله بن عمر في حديث تشبيه المؤمن بالنخلة ضرب الناس في شجر البوادي، فغلب على ظني أو أردت أن أقول: إنها النخلة، فاستحييت؛ لأن في المجلس كبارًا، وابن عمر صغير ذلك الوقت، فقال لأبيه، قال: لو أنك قلتها لكان خيرًا لي، أو أحب إلي من كذا وكذا، يفرحون بالإصابة بخلاف مَن نسمع ونشاهد ممن لا يهتم ولا يكترث بأحد، يبدي ما عنده من غير تحقق نظر، وأحيانًا لا يكون من أهل الاجتهاد، وأحيانًا لا يستوعب ما في المسألة من أقوال وأدلة، ثم بعد ذلك لا يتردد في الجواب، ولكثرة ما يقع فيه من هذا النوع تجدونه لا يفرح بشيء، ولا يحزن على شيء، هذا على خطر عظيم، {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} [سورة الزمر:60]، من أعظم الكذب على الله الفتوى بغير العلم؛ {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [سورة النحل:116]، فالأمر خطير، وابن مسعود مقامه ومنزلته في الدين والعلم والفتوى والورع كل الشروط متوافرة، ومع ذلك فرح فرحًا شديدًا.

 "ففرح بها ابن مسعود رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي والترمذي وصححه، وهذا لفظه، وكذلك صححه غير واحد من الأئمة"، نعم هذا صحيح.

 "وتوقف الشافعي في صحته، توقف الشافعي في صحته" ولعل توقفه أو أن بعضهم أشار إلى أنه توقف بسبب ما ذكرناه في اسم الصحابي، وعرفنا أنه غير مؤثر؛ لأنه أينما دار فهو على صحابي، والصحابة كلهم عدول ثقات، فلو قال: فقام رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كفى، ولو لم يصرح يقول: توقف الشافعي في صحته، ورتب القول بمقتضى الحديث على ثبوته، وعرف عنه: إذا صح الحديث فهو مذهبي، وفي المستدرك للحاكم عن شيخه: لو أدركت الشافعي لقمت على رؤوس تلاميذه، يعني وهو بينهم لقلت له: فقد صح الخبر، فقل به، يقول والله أعلم.

 ثم بعد ذلك باب الوليمة.

نعم.

طالب: .........

ماذا؟

طالب: .........

أربعة أشهر وعشرة أيام.

طالب: .........

نعم تعتد.

طالب: .........

نعم المطلقة ما هناك سبب، هذا هو حقه له، وعليه في الوفاة هي زوجة، ثبت السبب سبب العدة، وثبت سبب الميراث.

طالب: .........

لا، في هذه الحالة أربعة أشهر وعشرًا، والآية صريحة في هذا.

"بسم الله، والحمد والصلاة، والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين يا رب العالمين.

قال الإمام ابن عبد الهادي -رحمه الله- في محرره:

باب الوليمة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى على عبدَ الرحمن بن عوف.."

عبدِ.. على عبدِ الرحمن..

أحسن الله إليك.

"رأى على عبدِ الرحمن بن عوف أثر صفرة قال: «ما هذا؟»، قال: يا رسول الله، إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب، قال: «فبارك الله لك، أولم ولو بشاة»، متفق عليه، واللفظ لمسلم.

 وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليأتها»، متفق عليه.

 ولمسلم: «إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرسًا كان أو نحوه».

 وعن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها، ويدعى إليها من يأباها، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله».

 وعنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان صائمًا فليصلْ..»."

فليُصَلِّ، فإن كان صائمًا فليُصَلِّ.

"«فإن كان صائمًا فليُصَلِّ، وإن كان مفطرًا فليطعم».

 وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن شاء طعم، وإن شاء ترك»، أخرجها مسلم.

 وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «طعام أول يوم حق، وطعام اليوم الثاني سنة، وطعام يوم الثالث سمعة، ومن سمع سمع الله به»، رواه الترمذي وقال: لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث زياد بن عبد الله، وهو كثير الغرائب والمناكير، كذا قال، وزياد روى له البخاري مقرونًا بغيره، ومسلم."

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب الوليمة"، والمراد به هنا وليمة العرس؛ لأنها في كتاب النكاح، وإن كانت بعض الألفاظ شاملة لوليمة العرس ولغيره.

 قال -رحمه الله-: "عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة" ردع من زعفران، كما في الرواية الأخرى، في الصحيح ردع من زعفران، وقد جاء النهي عن التزعفر بالنسبة للرجال، جاء النهي عن التزعفر بالنسبة للرجال، ورأى على ثوب عبد الرحمن بن عوف ردعًا من زعفران.

 «ما هذا؟» قال: يا رسول الله، إني تزوجت" طيب الزعفران منهي عنه بالنسبة للرجال، وليس في الخبر ما يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنكر عليه، فمن أهل العلم من يرى أن الزعفران المنهي عنه إذا كان في الجسد لا في الثوب، ووجهه بعضهم ما جاء في هذا الحديث أن الزعفران في ثوب عبد الرحمن بن عوف غير مقصود، وإنما انتقل إليه من ثوب زوجته، والمرأة مأذون لها أن تتزعفر، فإذا كان غير مقصود انتقل إليه من غير قصد، فإنه لا يؤاخذ به. ومنهم من يقول: إن هذا قبل النهي عن التزعفر.

 وعلى أي حال، الحديث في الصحيح، والنهي ثابت، فلا بد من التوجيه، ولا يضرب هذا بهذا، نعم.

 "فقال: «ما هذا؟» قال: يا رسول الله، إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب" منهم من يقول: إن المراد بالنواة هنا نواة التمر، نواة التمر، وقال بعضهم: إن هذا القول ضعيف؛ لأن النواة غير منضبطة؛ لأن بعض النوى ضعف البعض الآخر، فيه نوى كبير، ونوى صغير، فلا يتم به التحديد، ومنهم من يقول: إن النواة مقدار ثابت يوزَن به الذهب مثل ما تقول: جرام أو خمسة جرامات مثلاً يعبَّر عنه بالنواة.

طالب: ........

ماذا؟

طالب: ........

تصير معيارًا نعم، معيار، وحددوا هذا المعيار بما يزن خمسة دراهم، خمسة دراهم، يعني من الفضة، والنواة هذه لو وضعت خمسة دراهم في كفة، ووضع مقدارها من الذهب لكان وزن نواة. "قال -عليه الصلاة والسلام-: «فبارك الله لك، فبارك الله لك، أولم ولو بشاة»"، دعا له النبي- عليه الصلاة والسلام-، وتقدم في أوائل الكتاب كتاب النكاح أنه يدعى للمتزوج، كان النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا رفأ أحدًا قال: «بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما بخير»، هذا تقدم، فيدعى له بالبركة، وظهر أثر هذه الدعوة النبوية لعبد الرحمن بن عوف في ماله وعمله وبدنه وولده، من الذي دعا له؟ دعا له النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى صار من أثرياء الصحابة- رضي الله عنه وأرضاه-.

 «أولم ولو بشاة» أمر، «أولم ولو بشاة»، يعني اذبح شاة، وأطعم الناس؛ بسبب هذا العرس، هذه وليمة عرس، والأمر هنا الأصل فيه الوجوب.

 قوله: ولو بشاة مثل ما تقدم «التمس ولو خاتمًا من حديد»، يعني أقل شيء، فأخذ منه جمهور أهل العلم على وجوب الوليمة، وليمة العرس، وأخذ منه بعضهم أن أقلها الشاة، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- أولم على بعض نسائه بأقل من ذلك، بسويق ودقيق، وما أشبه ذلك، أو التمر، أولم بأقل من ذلك، مما يدل على أن الشاة ليست مقصودة، نعم من كانت حاله ميسورة مثل حال عبد الرحمن بن عوف لا ينبغي أن ينزل عن الشاة، وإن زاد بقدر الحاجة فهو مطلوب، إذا كان من دعاهم إلى حضور وليمة العرس عددًا لا يكفيهم الشاة يذبح ثانية وثالثة أو رابعة، إن احتاج بقدر الحاجة، لكن لا يصل إلى حد الإسراف والتبذير المحرم، كما هو واقع ومشاهَد الآن، وإن كان الناس في الأخير، أعني عموم الناس صاروا يهتمون بهذه الأمور، وتجمع وتوزع على الفقراء، وعلى الجمعيات، وتجد من يأكلها، ولو في آخر الليل، وتجد الفقراء مجتمعين عند هذه الجمعية ينتظرون ما يرد إليها من الولائم.

 قبل ثلاثين سنة أو ما يقرب منها خمسة وعشرين سنة على طول إلى الزبالة، ما فيه ترتيب ولا تنظيم، ولا فيه حتى تفكير في هذا الأمر، حتى خشي الناس من العقوبة، حاوية زبالة من الكبار زبالة البلدية تجد فيها الذبائح كاملة، والأطعمة نظيفة، وشوهد رجل من كبار السن جالسًا عند حاوية من هذه الحاويات يبكي، فقيل له: ما شأنك، الناس بخير ومرغبون ولا عندهم مشكلة؟ قال: أنا في مثل هذه الصور في حاوية مثل هذه الحاوية، وفيها مثل هذا الطعام مثله تمامًا ذبائح ورز وفواكه، وكذا أنا نزلت في حاوية، وأكلت في فلسطين، فأخشى أن يصيبنا ما أصابهم، نعم العاقل يعتبر ويتأثر في مثل هذه المناظر.

 «أولم ولو بشاة»، عبد الرحمن بن عوف من أثرياء الصحابة، يعني ما يتأثر إذا أولم بشاة أو شاتين، لكن ما قال له: أولم بعشر؛ لأنك قادر ومستطيع، لا، يعني أقل شيء شاة بالنسبة لك، ولو زدت أو زاد غيرك من أجل الحاجة؛ لأنه لا يليق بعد أن يدعو مائة شخص، ويذبح لهم شاة، لا يليق، يعني بقدر الحاجة.

 "متفق عليه، واللفظ لمسلم"، فوليمة العرس واجبة.

 "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليأتها، إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليأتها»" اللام لام الأمر، المتزوج مأمور بأن يولِم، «أولم»، والخطاب للمتزوج، وليس للزوجة أو أهلها، فالمأمور بالوليمة هو الزوج، وهي عليه واجبة، عليه لا على المرأة، ولا على أهلها، لكن إذا جرت العادة والعرف بأن أهل الزوجة يتولون الوليمة وإعدادها وتهيئتها، والعرف جرى بذلك، وكان لها نصيب مما دُفع، فالمسألة مسألة تنظيم، سهلة، يعني ومردها إلى الزوج يعني المال مال الزوج.

 «إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليأتها» الوليمة عند أهل العلم إذا أطلقت هي وليمة العرس، ولذا بعضهم يقصر الوجوب على وليمة العرس دون غيرها من الدعوات، وسيأتي ما يدل على التسوية بين وليمة العرس وغيرها.

 "متفق عليه.

 ولمسلم: «إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرسًا كان أو نحوه»" يعني أو غير العرس، وهذا أيضًا فيه أمر، والأصل في الأمر الوجوب؛ منهم من يصرف هذا الأمر إلى الاستحباب، يقول: لأن هذا من باب الإكرام، ولا يجتمع إكرام مع التأثيم، فيجعلون هذا من باب الأدب، وكون الأمر أو النهي من باب الأدب صارفًا عند الأكثر، صارفًا من الوجوب إلى الاستحباب، ومن التحريم إلى الكراهة.

 عرسًا كان أو نحوه.

 وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

 طيب الأمر عرفنا أنه قال بعضهم بالوجوب، وهذا هو الأصل فيه، لكن شريطة ألا يكون ثَمَّ مانع، إذا وُجِد منكر كما هو الغالب على أفراح الناس اليوم، يوجد منكرات، قام السبب، ووجد المانع، والمقدَّم في هذه الحالة هو المانع؛ لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وينبغي أن يوازَن بين هذه المفاسد وهذه المصالح، شخص يرى تحريم التصوير مثلاً والزواج زواج أبيه أو أخيه أو عمه يترتب عليه قطيعة، المسألة مسألة موازنة بين المصالح والمفاسد، وبإمكانه أن يكون في مكان لا يتعرض فيه لتصوير، أظن فيه ناس فوق يصوروننا الآن! ماذا نصنع؟! نترك الدرس؟!

مثله مثله هذا مثال عملي لما نحن فيه، إذا قام المانع من وجود منكر لا يستطيع إنكاره، أو الجلوس مع شخص لا ينبغي الجلوس معه، والجلوس معه يعد إقرارًا له على بدعته، أو على ما يرتكبه من منكر.

 على كل حال إذا وجد المانع، ولا يستطيع التغيير كما هو موجود في النساء كثيرًا، بعض النسوة المحافظات تترك الذهاب إلى الأعراس، وهي مدعوَّة بالتعيين، مدعوَّة، وتجب الإجابة، ومع ذلك تترك؛ لما ترى من المنكرات من التعري وإظهار المفاتن والمحاسن، هذه معها عذر، نعم إن حضرت وأنكرت وأثَّرت فهذا أفضل، لكن إن كانت لا تستطيع الإنكار أو جربت ما استفادت فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، الدعوة تجب إجابتها إذا عين الشخص، إذا كانت بالتعيين، أما إذا كانت جفلى، إذا كانت جفلى، وقف في المسجد في صلاة الظهر أو العصر قال: الليلة عندنا وليمة عرس، لا يتأخر أحد، هذا ما عين أحدًا، يستحب جبر خاطره، لكن لا يلزم، ومثل ما هو معمول به الآن في هذه البطاقات، يأتي بمائتي بطاقة، وثلاثمائة بطاقة، ويرميها على الأولاد والبنات والنساء، اكتبوا لمن شئتم، هذا ما عين أحدًا إلا لمن عينه، اكتبوا لفلان وفلان وفلان، هذه تلزمه، أو اتصل عليه بالتلفون وقال: الليلة زواج فلان، لا تتأخر، يتعين عليه إجابته، أما إذا كانت جفلى دعوة عامة فإنها لا تلزم.

 "وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «شر الطعام طعام الوليمة، شر الطعام طعام الوليمة»" هل يوصف الطعام بأنه شر، والمراد به أفعل التفضيل أشر الطعام؟ تحذف الهمزة من شر وخير؛ لكثرة استعمالهما في أفعل التفضيل، تحذف الهمزة شر وخير، {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً} [سورة الفرقان:24]، وهنا: «شر الطعام طعام الوليمة»، ذات الطعام شر أم ما احتف به مما ذكر؟

نعم، «طعام الوليمة يمنعها من يأتيها» من المحتاجين، ما يدعون، هؤلاء يخجلون، يجيء ناس كبار أصحاب مناصب وهيئات ومراكز اجتماعية، الفقراء هؤلاء يمنعون، وهم أحق الناس بها، وهم أحق الناس بها، «يمنعها من يأتيها»، يعني من بحاجة ماسة إلى الأكل يمنع، و«يدعى إليها من يأباها» من يرفضها، ليس بحاجة، لكن هذا الذي يدعى وإذا دعي ما أجاب ويأباها لو نسي ماذا يصير الواقع؟

طالب: ........

نعم، هذا الواقع الذي نعيشه إذا دعي الإنسان تبرر واعتذر، ويمكن ما حضر بدون اعتذار، وإذا تُرِك لام وتحدث في المجالس، وحمل في نفسه شيئًا هذا الواقع، «ويدعى إليها من يأباها، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله»، وهذا الحديث في مسلم، مما يدل على أن إجابة الدعوة واجبة.

 "وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ومن لم يجب الدعوة»" الدعوة كذا بفتح الدال، يعني الدعوة إلى الوليمة وليمة العرس، وضمها قطرب في مثلثته فأخطأ، تعرفون مثلث قطرب؟ مثلثة قطرب.. أنت؟!

طالب: ........

كنت غافلًا أنت يوم تقول؟!

طالب: ........

مثلثة قطرب يعني كان الأطفال يحفظونها.

طالب: ........

نعم كمِّل..

طالب: ........

لأنها مثلثة تقال بالفتح والكسر والضم، يأتي بالألفاظ الحروف واحدة.

بالفتح شخص ما درى

 

شيئًا ولم يجرِّب

وضم دال الدَّعوة هنا في العرس فقال: دُعوة، أخطأ ورد عليه أهل العلم، لكن المثلثة نافع جدًّا، وهي يسيرة مختصرة في حدود ثلاثين بيتًا.

طالب: ........

مثلثة قطرب، قطرب.

"وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا دعي أحدكم فليجب، إذا دعي أحدكم فليجب»" اللام لام الأمر، وهو مؤيد لما تقدم في الأحاديث الدالة على الوجوب.

 «فإن كان صائمًا فليصلِّ» والصيام  إن كان واجبًا فلا يجوز الفطر من أجل إجابة الدعوة، وإن كان مستحبًّا فالأولى أن يفطر ويجبر خاطر أخيه، لكن إن أصر ولم يفطر فلا مانع من ذلك، ليصل اللام لام الأمر، وقال بعضهم: إن المراد بالصلاة الصلاة المعروفة الشرعية الاصطلاحية يكبر ويأتي بركعتين، وهذا ما يقتضيه الحقيقة الشرعية للفظ، وقال الأكثر وهو الأولى: أن معنى فليصل ليدعُ، وهي الصلاة اللغوية، {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [سورة التوبة:103]، يصلى عليهم هم أحياء يصلى عليهم وهم أحياء؟! لا، يعني يدعى لهم، يصلي عليهم يعني يدعو لهم.

 «فليصلِّ وإن كان مفطرًا فليطعم» فليطعم ليأكل يجبر خاطر أخيه، واختلف العلماء في الأكل إجابة الدعوة، عرفنا أنها مختلف فيها بين الوجوب والاستحباب، والأدلة المذكورة تدل على الوجوب، لكن الأكل ومن كان «وإن كان مفطرًا فليطعم» اللام لام الأمر، فهل يلزم الأكل أو لا يلزم؟

مقتضى الأمر أنه يلزم، لكن الجمهور على أنه لا يجب، لكن إجابة الدعوة تكون بمجرد الحضور، ثم إذا أوجبنا الأكل بما يتم امتثال هذا الأمر فهل يتم بلقمة أو لقمتين أو ثلاث؟ قالوا: ما يحصل به مسمى الأكل ولو بلقمة.

 على كل حال الخلاف في الأكل معروف، والأكثر على أنه لا يجب، وأن هذا من باب الاستحباب، «فليطعم» طيب هذا الطعام هذا المدعو منهي عن أكل هذا الطعام، يأكل أم ما يأكل؟ ما يأكل إذا كان يضره، ما يأكله ويعتذر إذا وجد أنواعًا منها ما لا يضر يأكل منها، لكن إذا ما وجد إلا نوعًا واحدًا وهو ممنوع منه يعتذر من صاحب الطعام، ولا يأكل منه.

طالب: ........

«وإن كان مفطرًا فليطعم».

طالب: ........

نعم، نحن قلنا ما قلنا أنه يأتي من بيته من أجل الأكل، هو يأتي إجابة الدعوة، ثم إذا حضر إن كان صائمًا فليصلِّ إذا دعي، إذا دعي أحدكم فليجب خلاص هو أجاب، وحضر، «فإن كان إن كان صائمًا فليصلِّ، وإن كان مفطرًا فليطعم»، يبقى أن هناك موانع كمن في ماله شبهة، كمن في ماله شبهة أو محرم، هذه من الموانع أيضًا، الصحابة ولنقارن بين المنكرات عندهم والمنكرات عندنا، سلمان وأبو الدرداء دعاهم ابن عمر إلى وليمة عرس لابنه، فأجابوا امتثالاً للأمر، لما دخلوا وجدوا الجدران مستورة، عليها ستائر رجعوا، ما دخلوا، ما هذا يا ابن عمر؟ ما هذا يا أبا عبد الرحمن؟ قالك والله غلبنا النساء، هل يستطيع أحد أن يبني بيتًا جديدًا ولا يضع ستائر؟ ولا يضع شيئًا؟ النساء يثرن عليه ما يطعن.

طالب: ........

نعم.

طالب: ........

 غلبنا النساء، قالوا كل نتوقع أن تغلبه النساء إلا أنت يا ابن عمر، هذا الحاصل، وفي بعض الروايات: فليهتك كل واحد منكم ما يليه، يمزقون هذه الستائر على كل حال.

لا تعرضن لذكرنا مع ذكرهم

 

ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد

البون شاسع، طال العهد، وطال الأمد، وتغيرت أحوال الناس، وأخذوا عادات وتقاليد من أعدائهم، وصارت مثل الفرائض، والله المستعان.

 "وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب»" الدعوة واجبة ما فيها مثنوية، «فإن شاء طعم، وإن شاء ترك»، هذا دليل من يرى عدم وجوب الأكل، وهو صريح في ذلك، إن شاء طعم يعني أكل، وإن شاء ترك، مما يدل على أن قوله: فليطعم للاستحباب، والآن موجود بين الناس إجابة الدعوة، يدخل يأتي ويجيب الدعوة، يدخل يسلم ويطلع مباشرة، يخرج ما يأكل، ولا يجلس، ويكون بهذا أجاب الدعوة، وسلم ودعا ومشى، هذا وُجِد كثيرًا في الناس اليوم، هذا لا شك أنه أجاب الدعوة، وحصل منه الدعاء، وإن شاء طعم، وإن شاء جلس، ينطبق عليه الحديث، وإن شاء ترك، وتجد بعض الناس يجيب دعوات ثلاث أو أربع في ليلة واحدة يمر على هؤلاء وعلى هؤلاء، ويسمح خواطرهم ويجبر خواطرهم ويمشي، وهذا الحديث مستند له، «فإن شاء طعم وإن شاء ترك»، لكن المسألة مسألة عادات وأعراف، إذا كان ما عُهِد أنه ما يترك الطعام إلا لسبب ولا سبب موجود فهذا يوجد في النفس شيئًا، لكن إذا تعارف الناس على أنه يدخل ويسلم، ويخرج من غير نكير واستمرأه الناس واعتادوه ينطبق عليه هذا الحديث أحيانًا يكون عدم الحضور أفضل من الحضور والانصراف في نفوس يمكن إذا ما حضر يلتمس له عذر أو شيء، لكن حضر الآن لماذا ما يأكل؟ لماذا ما يجلس؟ الحديث الأخير مستند له، ولا يلام إن شاء طعم وإن شاء ترك، لكن جبر خاطر المسلم مما جاءت به الشريعة.

طالب: ........

الأصل أن الدعوة لوليمة العرس، وإذا قيل أو دُعِيَ إلى شيء قُيِّد، قُيِّد، الدعوة إلى وليمة ختان دعوة إلى وليمة نزول بيت، دعوة إلى كذا، والدعوات عند العرب ثمانٍ ذكرها النووي وغيره فراجعوه.

طالب: ........

مع الإعلان إطعام الناس وإظهار الفرح والسرور.

"وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «طعام أول يوم حق، وطعام اليوم الثاني سنة، وطعام اليوم الثالث سمعة، ومن سمع سمع الله به، ومن سمع سمع الله به»، رواه الترمذي وقال: لا نعرفه إلا من حديث زياد بن عبد الله البكائي، وهو كثير الغرائب والمناكير، قال: كذا قال" يعني الترمذي، "وزياد روى له البخاري مقرونًا بغيره". يعني المتابعة، وروى له مسلم، فهو من هذه الحالة ممن جاز القنطرة، ولكن مع ذلك لا يسلم من مطعن، وهو ممن تكلم فيه من رجال الصحيح، وإذا روى ما يوافَق عليه فهو مقبول، وهو في الجملة ممن جاز القنطرة، لكن يبقى أن روايته عن عطاء خاصةً بعد الاختلاط فلا تُقبَل، ومنها هذا الحديث.

 روى عن عطاء بن السائب بعد أن اختلط، ومعروف أن الرواية عن الرواة المختلطين، إما أن تكون متميزة أو غير متميزة، فإن كانت متميزة فإن كانت قبل الاختلاط قُبِلَت، وإن كانت بعد الاختلاط ردت، وإن كانت غير متميزة توقف فيها، توقف فيها حتى يوجد ما يشهد لها، وعلى كل حال هذا الحديث من رواية زياد بن عبد الله البكائي، وإن كان من رجال الصحيحين في الجملة إلا أنه يرويه عن عطاء بن السائب بعد الاختلاط فالحديث ضعيف، وترجم الإمام البخاري على ما يدل على استحباب تكرار الوليمة إلى سبع مما يدل على أنه يضعف هذا الحديث.

طالب: ........

بماذا؟ هذا؟ ماذا أقول؟

طالب: ........

ماذا مسكت؟

طالب: ........

خلاص ضعيف، كيف يعمل به وهو ضعيف؟! البخاري في ترجمته ضمنها تضعيف هذا الحديث، وأن الدعوة لا مانع منها إلى سبع، وأورد ما يدل على ذلك، لكن يبقى أن يقيد الأمر ألا يصل إلى الحد المنهي عنه من الإسراف والتبذير، «طعام أول يوم حق»، يعني واجب، «وطعام اليوم الثاني سنة»، يعني تكميل للواجب؛ لأنه قد تكون الدعوة في أول يوم لا تستوعب كل من يراد دعوته، «وطعام اليوم الثالث سمعة»، نعم قد يقصد بذلك السمعة إذا كرر الطعام يومًا، يومين، ثلاثة، أربعة، يقصد بذلك أنه ما يريد إقامة هذه السنة المأمور بها، وإكرام إخوانه، وإظهار الشكر لله -جل وعلا- يريد أن يقال: فعل كذا، ومن هذا ما يفعله الناس من الإسراف والتبذير، والزيادة على الحد الشرعي، في وقت يموت فيه فآم من المسلمين جوعًا، والله المستعان.

«ومن سمع سمع الله به»، وفي حديث «من راءى راءى الله به»، يعني يفضحه على رؤوس الخلائق في ضد ما أظهره للناس، في ضد ما أظهره للناس.

 قال: "رواه الترمذي وقال: لا نعرفه إلا من حديث زياد بن عبد الله، وهو كثير الغرائب والمناكير، كذا قال" الترمذي، ولكنه في مقابل كلام الترمذي مخرج له في الصحيحين، "روى له البخاري مقرون" ولا يعني أنه يحتج به بانفراده، ولكن خرج له الإمام مسلم، والتخريج له في صحيح البخاري تدل على شيء من القوة، وإن لم يكن بانفراده مقبولاً إلا من حيث يتابع كما هنا، وهو مخرج له في صحيح مسلم.

وبهذا نقف على باب عشرة النساء، وفيه عشرون حديثًا، ولا يَحسُن أن نبدأ غدًا بشيء يسير ثلاثة أحاديث، أربعة، أو خمسة، ويبقى بقيتها، وعلى هذا يكون هذا الدرس آخر الدروس، وغدًا ما فيه شيء.

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"