كتاب الجامع من سبل السلام (18)

نعم.

أحسن الله إليك.

"الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.

اللهم اغفر لشيخنا وللمستمعين.

أما بعد،

فقال في البلوغ وشرحه، في باب الترهيب من مساوئ الأخلاق:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب». أخرجه أبو داود، ولابن ماجه من حديث أنس نحوه.

 «إياكم» ضمير منصوب على التحذير، والمحذَّر منه الحسد، وفي ذم الحسد أحاديث وآثار كثيرة، ويقال: كان أول ذنب عصي الله به الحسد، فإنه أُمر إبليس بالسجود لآدم فحسده، فامتنع عنه، فعصى الله تعالى، فطرده، وتولد من طرده كل بلاء وفتنة عليه وعلى العباد، والحسد لا يكون إلا على نعمة، فإذا أنعم الله على أخيك نعمة فلك فيها حالتان إحداهما: أن تكره تلك النعمة، وتحب زوالها، وهذه الحالة تسمى حسدًا، والثانية: ألا تحب زوالها، ولا تكره وجودها ودوامها، ولكنك تريد لنفسك مثلها، فهذا يسمى غبطة، فالأول حرام على كل حال إلا نعمة على كافر أو فاجر، وهو يستعين بها على الفساد، وتهييج الفتنة، وإفساد ذات البين، والصلح وإيذاء العباد.."

والصلح؟!

أحسن الله إليك.. يقول زيادة من (أ).. لكن ما..

ما لها موقع.

"وهو يستعين بها على الفساد، وتهييج الفتنة، وإفساد ذات البين، وإيذاء العباد، فهذه لا يضرك كراهتك لها، ومحبتك زوالها، فإنك لم تحب زوالها من حيث إنها نعمة، بل من حيث هي آلة للفساد والبهر، ووجه تحريم الحسد ما علم من الأحاديث أنه تسخط.."

مع ما علم.

أحسن الله إليك.

"ووجه تحريم الحسد مع ما علم من الأحاديث أنه تسخط لقدر الله تعالى وحكمته في تفضيل بعض عباده على بعض."

يعني مثل ما قال المؤلف، جاء فيه أحاديث وآثار كثيرة جدًّا، وبينه العلماء في الشروح، وأهل العلم الذين لهم عناية في أدواء القلوب لهم كلام نافع في هذا الباب، لاسيما مثل ابن القيم وابن رجب، ولشيخ الإسلام إشارات في كتبه إلى شيء منها، وأيضًا في إحياء علوم الدين كلام ينفع في هذا المجال، مع الحذر مما فيه من مخالفات وأحاديث ضعيفة وموضوعة، فتقرأ هذه الكتب، ويستفاد منها في علاج هذا الداء.

أحسن الله إليك.

"ولذا قيل:

ألا قل لمن كان لي حاسدًا

 

 

 

 

أتدري على من أسأت الأدب

 

 

أسأت على الله في فعله

 

 

 

لأنك لم ترضَ لي ما وهب

 

 

فجازاك عني بأن زادني

 

 

 

وسد عليك وجوه الطلب

 

 

"

البيت الأخير ليس عندي.

يقول زيادة من (أ) البيت الأخير.

أحسن الله إليك.

"ثم الحاسد إن وقع له الخاطر بالحسد فدفعه، وجاهد نفسه في دفعه فلا إثم عليه، بل لعله مأجور في مدافعته، فإن سعى في زوال نعمة المحسود أو سعى في إزالتها فهو باغٍ على أخيه."

الحسد عمل قلبي، فإذا لم تظهر آثاره على الجوارح يتمنى ويكره أن يصاب المسلم بنعمة، ويتمنى زوالها عنه، مجرد في نفسه، في قلبه، فهل يأثم بذلك؟

 ما لم يعمل أو يتكلم فيكون حكمه حكم حديث النفس، أو أن هذه حقيقته التي جاءت النصوص بها ولو لم يعمل ولو لم يتكلم؟

نعم جمهور أهل العلم على أن هذه حقيقته التي وردت فيها النصوص ولو لم يعمل ولو لم يتكلم، ومن أهل العلم من يرى أن حكمه حكم حديث النفس مادام مكبوتًا في النفس ما سعى، ولا تكلم، ولا شيء فهذا أمر قد يكون خارجًا عن إرادتك، لكن لا شك أن القلب السليم لا ينطوي على مثل هذا الداء. ابن الجوزي يرى أنه ما عليه إثم، ومعه بعض أهل العلم، لكن عامة أهل العلم على أنه آثم بمجرد ما تنطوي نفسه على هذا الداء.

أحسن الله إليك.

"وإن لم يسع، ولم يظهر فإن كان لمانع العجز فإن كان بحيث لو أمكنه لفعل فهو مأزور."

نعم يفعل، لكن عجز، شخص ذهب إلى معصية لفعل فاحشة، لكنه عجز عن الوصول إليها، منع وحيل بينه وبينها، هل هذا آثم أو لا؟ آثم؛ لأنه سعى إليها، لكن لو تركها من غير عجز عنها فهذا ما عليه شيء.

أحسن الله إليك.

"وإن كان لمانع التقوى فقد يعذر؛ لأنه لا يستطيع دفع الخواطر النفسانية، فيكفيه في مجاهدتها ألا يعمل بها، ولا يعزم على العمل بها، وفي الإحياء: فإن كان بحيث لو ألقي الأمر إليه ورد إلى اختياره لسعى في إزالة النعمة فهو حَسَدَ حَسَدًا مذمومًا."

فهو..

حسدٌ؟

حسودٌ حسدًا مذمومًا.

نعم.

فإنه.. عندك؟

فهو حسدٌ حسدًا مذمومًا..

لا، لو حسدٌ مذموم طيب، لكن عندنا منصوبة.. الأصل كذا إلا إذا زدنا حسود حسدًا مثل ما عندنا.

حسودٌ حسدًا.

فهو حسود حسدًا مذمومًا.. حسود حسدًا مذمومًا.

طالب: ........

أو حسَدًا.

 المقصود أنه لا بد من وجود خبر.

طالب: ........

ما عندكم كتابة أنتم.

طالب: ........

عندكم حسد مكررة؟

طالب: نعم.. حَسَدَ حسدًا مذمومًا.

خلاص، ما فيه إشكال.

"وإن كان تردعه التقوى عن إزالة ذلك فيعفى عنه ما يجده في نفسه من ارتياحه إلى زوال النعمة عن محسوده، مهما كان كارهًا ذلك من نفسه بعقله ودينه، وهذا التفسير يشير إلى ما أخرجه عبد الرزاق مرفوعًا: «ثلاث لا يسلم منهن أحد؛ الطيَرة، والظن، والحسد»، قيل: فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: «إذا تطيرت فلا ترجع، وإذا ظننت فلا تحقق، وإذا حسدت فلا تبغ»، وأخرج أبو نعيم: «كل ابن آدم حسود، ولا يضر حاسدًا حسده ما لم يتكلم باللسان أو يعمل باليد»."

كلها ضعيفة هذه.

أحسن الله إليك.

"وفي معناه أحاديث لا تخلو عن مقال. وفي الزواجر لابن حجر الهيتمي أن الحسد مراتب.."

الزواجر عن اقتراف الكبائر هذا في الكبائر، وذكر منها الشيء الكثير، واستدل لها من الكتاب والسنة.

أحسن الله إليك.

"وفي الزواجر لابن الحجر الهيتمي أن الحسد مراتب، وهي إما محبة زوال نعمة الغير، وإن لم تنتقل إلى الحاسد، وهذا غاية الحسد، أو مع انتقالها إليه أو انتقال مثلها إليه وإلا أحب زوالها؛ لئلا يتميز عليه، أو لا مع محبة زوالها، وهذا الأخير هو المعفو عنه، وهذا الأخير هو المعفو عنه من الحسد إن كان في الدنيا، والمطلوب إن كان في الدين. انتهى."

الذي هو الغبطة.

"وهذا القسم الأخير يسمى غيرة، فإن كان في الدين فهو المطلوب، وعليه حُمل ما رواه الشيخان من حديث ابن عمر أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفق منه آناء الليل وآناء النهار». والمراد أنه يغار ممن اتصف بهاتين الصفتين، فيُقتدى به محبة للسلوك في هذا المسلك، ولعل تسميته حسدًا مجاز، والحديث دليل على تحريم الحسد، وأنه من الكبائر."

نعم مادام يأكل الحسنات، فالذي يقضي على الحسنات لا شك أنه محرم.

أحسن الله إليك.

"والحديث دليل على تحريم الحسد، وأنه من الكبائر، فإنه إذا أكل الحسنات فقد أحبطها، ولا تحبط إلا كبيرة، ولا تُحبِط إلا كبيرة، ونسبة الأكل إليه مجاز من باب الاستعارة.

 وقوله: «كما تأكل النار الحطب» تحقيق لذهاب الحسنات بالحسد، كما يذهب الحطب بالنار، ويتلاشى جرمه.

 واعلم أن دواء الحسد الذي يزيله عن القلب معرفة الحاسد أنه لا يضر بحسده المحسودَ في الدين، ولا في الدنيا، وأنه يعود وبال حسده عليه في الدارين؛ إذ لا تزول نعمة بحسد قط، وإلا لم.."

إلا إذا صاحبها عين.

أحسن الله إليك.

"وإلا لم تبقَ لله تعالى نعمة على أحد حتى نعمة الإيمان؛ لأن الكفار يحبون زواله عن المؤمنين، بل المحسود يتمتع بحسنات الحاسد؛ لأنه مظلوم من جهته إذا أطلق لسانه بالانتقاص والغيبة وهتك الستر، فيلقى الله تعالى مفلسًا من الحسنات محرومًا من نعمة الآخرة، كما حرم سلامة الصدر في الدنيا."

راحة قلب الحاسد والحسود هذا شقي، ولن يحصل له شيء، وقلبه يغلي كالمرجل، وتجده يتأفف ويتنفس الصعداء باستمرار، وفي النهاية لا شيء.

أحسن الله إليك.

"محرومًا من نعمة الآخرة كما حرم سلامة الصدر في الدنيا وسكون القلب والاطمئنان في الدنيا، فإذا تأمل العاقل هذا عرف أنه جر لنفسه بالحسد كل غم ونكد في الدنيا والآخرة."

يكفي يكفي بركة.

 

اللهم صل على محمد...