شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (24)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال الإمام مسلم -رحمه الله تعالى-: "حدثنا زهير بن حرب ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا يحيى، وهو القطان، عن عبيد الله قال: أخبرني نافع عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تسافر المرأة ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم».

وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن نمير، وأبو أسامة ح وحدثنا ابن نمير قال: حدثنا أبي جميعاً عن عبيد الله بهذا الإسناد في رواية أبي بكر: «فوق ثلاث» وقال ابن نمير في روايته عن أبيه: «ثلاثة إلا ومعها ذو محرم».

وحدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا ابن أبي فُديك قال: أخبرنا الضحاك عن نافع عن عبد الله بن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم».

وحدثنا قتيبة بن سعيد وعثمان بن أبي شيبة جميعاً عن جرير قال قتيبة: حدثنا جرير عن عبد الملك، وهو ابن عمير عن قزعة عن أبي سعيد قال: سمعت منه حديثاً فأعجبني، فقلت له: أنت سمعت هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: فأقول على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لم أسمع! قال: سمعته يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى» وسمعته يقول: «لا تسافر المرأة يومين من الدهر إلا ومعها ذو محرم منها، أو زوجها».

وحدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن عبد الملك بن عمير قال: سمعت قزعة قال: سمعت أبا سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سمعت بمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أربعاً فأعجبنني وآنقنني، نهى أن تسافر المرأة مسيرة يومين إلا ومعها زوجها، أو ذو محرم، واقتص باقي الحديث.

حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم عن سهم ابن منجاب عن قزعة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تسافر المرأة ثلاثاً إلا مع ذي محرم».

وحدثني أبو غسان المسمعي ومحمد بن بشار جميعاً عن معاذ بن هشام، قال أبو غسان: حدثنا معاذ، قال: حدثني أبي عن قتادة عن قزعة عن أبي سعيد الخدري أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تسافر امرأة فوق ثلاث ليال إلا مع ذي محرم».

وحدثناه ابن المثنى قال: حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة بهذا الإسناد، وقال: «أكثر من ثلاث إلا مع ذي محرم».

حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا ليث عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه أن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يحل لامرأة مسلمة تسافر مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو حرمة منها».

حدثني زهير بن حرب قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن أبي ذئب قال: حدثنا سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم».

وحدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها».

حدثنا أبو كامل الجحدري قال: حدثنا بشر يعني ابن مفضل قال: حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يحل لامرأة أن تسافر ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم منها».

وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب جميعاً عن أبي معاوية قال أبو كريب: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً يكون ثلاثة أيام فصاعداً إلا ومعها أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو ذو محرم منها».

وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو سعيد الأشج قالا: حدثنا وكيع، قال: حدثنا الأعمش بهذا الإسناد مثله.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب كلاهما عن سفيان قال أبو بكر: حدثنا سفيان بن عيينة قال: حدثنا عمرو بن دينار عن أبي معبد قال: سمعت ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب يقول: «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: «انطلق فحج مع امرأتك».

وحدثناه أبو الربيع الزهراني قال: حدثنا حماد عن عمرو بهذا الإسناد نحوه.

وحدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا هشام يعني ابن سليمان المخزومي عن ابن جريج بهذا الإسناد نحوه، ولم يذكر: "لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "حدثنا زهير بن حرب ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا يحيى وهو القطان"، وتقدم الحديث في مثل هذا، "عن عبيد الله قال: أخبرني نافع عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تسافر المرأة ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم».

في روايات كثيرة، مفادها تحريم سفر المرأة دون محرم منها، ولذا ترجم النووي -رحمه الله تعالى- بقوله: باب سفر المرأة مع محرمٍ إلى حجٍ وغيره، «إلا ومعها ذو محرم» بعض الروايات: "منها" يعني محرمٌ لها، وجاء توضيح ذلك بأنه أبوها أو أخوها أو زوجها أو ابنها، وعلى هذا يتحدد المحرم بأنه زوجها، أو من تحرم عليه على التأبيد بسبب مباح، المحرم هو الزوج، أو من تحرم عليه على التأبيد، لا من تحرم عليه مؤقتاً، كزوج الأخت والعمة والخالة، إنما من تحرم عليه مؤبداً بسبب مباح إما نسب أو رضاع أو مصاهرة، كأم الزوجة وبنتها التي هي الربيبة، وكونه مباح يخرج السبب المحرم الذي هو في الأصل لا يجوز، كاللعان مثلاً، ليس بسببٍ مباح، إنما أمر به لدرء الحد عن الطرفين، ولانتفاء الولد، فلا يفيد المحرمية، هي تحرم على من لاعنها مؤبداً لكنه ليس بسببٍ شرعي معتبر كالسبب المحرم مؤبداً كالنسب والرضاع والمصاهرة، هذا ما يقرره أهل العلم، «ومعها ذو محرم» يعني منها؛ لأن بعض الروايات تقول: «ومعها ذو محرمٍ» وبعضها تقول: «ذو محرمٍ منها» لأن الرواية الأولى: «ومعها ذو محرم» محتملة لأن يكون ذو المحرم منها أو منه، من الرجل الذي صحبها في السفر، بهذا قال بعض العلماء، يقولون: إذا كان الرجل الذي يريد أن يسافر بهذه المرأة، وليس من محارمها، معه محرمٌ منه، يعني زوجته أو أخته أو أمه يدخل في هذا، إلا معها ذو محرم لمن يسافر بها، لكن الرواية الأخرى: «ذو محرمٍ منها» يحدد المراد بالمحرم، وهو أنه محرم لها مما فسر به الحديث في بعض رواياته: وزوجها، أبوها، ابنها، أخوها، جاء التفسير بهذا، وبهذا نعرف أن قول من يقول: أن للمرأة أن تسافر مع الجماعة رجال ونساء، أو مع مجموعة من النساء مع أمن الطريق، إذا وقعن في المخالفة، وصلن إلى قول من يقول: أنها تسافر مع رجلٍ ثقة، المسألة ما تنتهي، يعني من أهل العلم من يقول: تسافر مع مجموعة من النساء إذا أمنت الفتة، ومنهم من يقول: تسافر مع الجماعة رجال ونساء، وقيل: بأنها تسافر مع رجلٍ ثقة، إذاً ممن يخشَ عليها إذا سافرت مع رجل ثقة؟ أين الخشية؟ ومثل هذا القول لا يلتفت إليه، فلا بد من المحرم في السفر، لا بد منه.

وهذا الباب برواياته الكثيرة التي فيها: «فوق ثلاث» وفيها: «ثلاث» وفيها: «يوم وليلة» وفيها: «ليلة» وفيها: «يوم» وفيها: «بريد» عند أبي داود وغيره بسند صحيح، بريد، ففوق ثلاث، ثلاث، يوم وليلة، ليلة، يوم، بريد، هل لمن قال بالثلاث، وأنها هي الحد المعتبر حجة، مع هذه الروايات؟ قوله غير معتبر، من قال: باليوم والليلة، هل هو معتبر مع رواية بريد؟ لا يعتبر؛ لأن العبرة بالأقل، إذاً كيف نوفق بين هذه الروايات التي في هذه الأقوال المختلفة؟ أهل العلم يقولون: إن هذه الأحاديث جاءت علاج لوقائع معينة، امرأة سافرت ثلاث ليال، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر ثلاث ليال إلا مع ذي محرم» امرأة سافرت فوق ثلاث فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «لا يحل لامرأة تسافر ثلاث ليالٍ إلا ومعها ذو محرم»، امرأة سافرت يوم، امرأة سافرت ليلة، امرأة سافرت يوم وليلة، فجاء الجواب على قدر السؤال، وجاء الإطلاق: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا ومعها ذو محرم» فعلى هذا أن الوصف الذي أنيط به الحكم هو السفر، فدل على أن هذه الأعداد المذكورة غير معتبرة؛ لأنها جاءت علاجاً لقضايا معينة، فدل على أن الوصف المؤثر هو السفر، والسفر: مأخوذ من الإسفار، وهو البروز والظهور، فمجرد بروز المرأة عن البلد هذا سفر، ومنه السفور الذي هو إخراج وإبراز شيء من جسد المرأة هذا سفور، فالسفر مجرد البروز عن البلد، إذا باشر الوصف جاء الحكم، فعلى هذا لا يجوز لامرأة أن تسافر بغير محرم، ولا ميل واحد، ولا كيلو، إيش معنى السفر؟ السفر أنها برزت وخرجت عن البلد، طيب الأحاديث: «ثلاث ليالٍ» وأكثر من ثلاث، ويوم وليلة، ويوم، كل هذه أعداد لا مفهوم لها؛ لأنها جاءت على قضايا بعينها، والمحظور المترتب على الثلاث هو المحظور المرتب على ساعة، المحظور الذي من أجله نهي عن سفر المرأة ثلاثاً، أو يوم وليلة، أو أكثر من ثلاث، أو بريد هو المحظور المرتب على ساعة، إذاً هذه الأعداد لا مفهوم لها عند أهل العلم؛ لأنها جاءت علاج لقضايا بعينها، فالوصف المؤثر هو السفر، «إلا ومعها ذو محرم».

إذاً غير السفر، في البلد ما في سفر، إذاً تركب مع شخص بدون محرم، تأتي مسألة الخلوة، في السفر ولو لم تحصل خلوة يحرم عليها، لكن إذا انتفى الوصف المؤثر يأتينا محظورٌ آخر: «لا يخلون رجلٌ بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما» وأحاديث الخلوة معروفة، فإذا كانت داخل البلد لا بد أن ترتفع الخلوة، وإذا برزت عن البلد لا بد أن يكون معها ذو محرم، تسامح بعضهم، بعض من يفتي الآن يتسامح يقول: إذا كان السفر ساعة، أو السفر مضمون، توديها المطار، وتركب الطائرة، ما فيها إشكال مع جمع من الناس، وتنزل في المطار ويستقبلها محرم، فلا إشكال، نقول: ما اللي يضمن أن يكون السفر ساعة؟ هذا على سبيل التنزل، من الذي يضمن؟ قضايا كثيرة حاولت الطائرة الهبوط في المطار المراد ما استطاعت، فصرفت إلى آلاف الكليوات، وباتت المرأة مع غيرها، من جراء مثل هذا التساهل، تخطف الطائرة، يحصل لها ما يحصل، يحصل ما يمنعها من الهبوط، القطار كذلك، القطار أحياناً يسافر خمسمائة امرأة ما معهم ولا خمسين رجل، وحصل أن تعطل القطار في آخر الشهر، في ليلةٍ مظلمة في شدة حر، وتعطل في الطريق، وفتحت لهم الأبواب يخرجون، من اللي يضمن مثل هذه الحوادث؟ هذا على سبيل التنزل، وإلا ما فيه مفر، ولا محيد عن هذه النصوص، ثم بعد ذلك يركب على مثل هذه الفتاوى ظلمات، يقول: السفر ساعة، ساعة ما يضر، مجموعة جمع من المدرسات يسافر بهن سائق لا يمتُّ لهن بصلة، ثم هذا السائق يقول: أنا معي جمع من النسوة، لا أستطيع أن أقف في وقت صلاة الفجر؛ لأنه لا بد من الاستعداد، يدور في الرياض ساعة ساعتين يجمع المدرسات، ثم يخرج بهن إلى مدرستهن في قرية من القرى تبعد مائة وخمسين كيلو، ثم يحين وقت الصلاة يقول: ما أستطيع أنزلهن بالبر، لا بد أن تؤخر الصلاة حتى يصلن إلى المدرسة، حتى يخرج وقتها، يعني ظلمات بعضها فوق بعض، طيب العلاج؟ العلاج رأس المال الدين، وحماية العرض ضرورة من ضرورات الدين، فنؤثر الدنيا على الدين، في مقابل أنها تستلم راتب، يا أخي لا تستلم راتب، ومن النسوة من ابتلت أمها تذهب معها، وهذا احتياط وجيد أحسن من الانفلات الحاصل من بعض الناس، تذهب بأمها مسكينة عجوز تسافر يومياً ستمائة كيلو، هذه واقعة ما هي بـ...، يومياً تذهب وترجع، ترجع تجهز لها الأكل، ثم ترجع إلى القرية التي فيها هذه البنت وتجيبها بعد صلاة الظهر، مثل هذه الأمور لا بد لها من علاج، الدين ما يضيق بعلاج مثل هذه الأمور أبداً، لكن لا بد أن نسلك المسالك الشرعية، ونحتاط لأعراضنا، والله الآن يقال: الآن ما في خطر، إلا الآن الخطر محدق من كل جانب، نصير مثل النعام ندس رؤوسنا في التراب ونقول: ما في خطر! «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا ومعها ذو محرم».

ولذا الحج ركنٌ من أركان الإسلام من شرطه وجود المحرم، يسقط عن المرأة إذا كانت لا تجد محرم، نأتي إلى بقية الروايات:

يقول: "وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن نمير وأبو أسامة ح وحدثنا ابن نمير قال: حدثنا أبي جميعاً عن عبيد الله بهذا الإسناد في رواية أبي بكر: «فوق ثلاث» وقال ابن نمير في روايته عن أبيه: «ثلاثة -يعني ثلاثة أيام- إلا ومعها ذو محرم» وإذا حذف التمييز جاز تذكير العدد وتأنيثه، «إلا ومعها ذو محرم».

وحدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا ابن أبي فديك قال: أخبرنا الضحاك عن نافع عن عبد الله بن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم» كسابقه.

قال: "حدثنا قتيبة بن سعيد وعثمان بن أبي شيبة جميعاً عن جرير قال قتيبة: حدثنا جرير عن عبد الملك وهو ابن عمير عن قزعة عن أبي سعيد قال: سمعت منه حديثاً فأعجبني، فقلت له: أنت سمعت هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: فأقول على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لم أسمع؟!" يعني مع ثبوت ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام-: «من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار» الصحابة بعضهم امتنع عن التحديث بما سمع خشية أن يقع في مثل هذا الحديث، "فأقول على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لم أسمع؟! قال: سمعته يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى»" لا تشدوا الرحال، المساجد والبقاع المتميزة هي هذه الثلاثة، وما عداها على حدٍ سواء، مسجد في أقصى الدنيا، أو في قلب الجزيرة العربية لا فرق، غير هذه المساجد الثلاثة، ما في فرق، نعم قد يتميز المسجد بأمرٍ خارج، بكونه أقدم، بكون إمامه عالم يتقن الصلاة، وينفع المصلين، بكون الجماعة أكثر، يعني تمتاز الصلاة في مثل هذا، لكن لا تشد له الرحال، يعني كون مثل هذا يطلب من غير شد رحل، كون الإمام مؤثر بصوته، يذكر الناس بالقرآن أيضاً هذا مطلب، مؤثر في القلب، ومرده إلى الصلاة نفسها، فمثل هذا يطلب، لكن لا يشد له الرحل، إنما المساجد التي تشد لها الرحال هي الثلاثة: «مسجدي هذا» مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذه الإشارة استدل بها من يقول: إن الزيادات لا تدخل في مضاعفة الصلاة في مسجده -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه أشار «مسجدي هذا» والأكثر على أن الزيادات تأخذ حكم الأصل، «والمسجد الحرام»...

طالب:......

الزيادة التركية، زيادة الملك سعود، زيادة الملك فهد، هذه زيادات، توسعات يعني، يعني ما زيد فيه زيادة عثمان، ما زيد فيه على المسجد النبوي الأصلي؛ لأنه أشار إلى مسجدي هذا، وجمهور أهل العلم على أن هذه الزيادات، وهذه التوسعات له حكم الأصل، «والمسجد الحرام» جاءت النصوص بهذا اللفظ المسجد الحرام في مناسبات كثيرة، فهل المراد به المسجد مسجد الكعبة معروف الحدود، المحيط بالكعبة ببيت الله -جل وعلا-، أو المراد به الحرم؟ الجمهور على أن المراد به الحرم، وعندهم أدلة كثيرة، {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ} [(217) سورة البقرة] هل أهله أخرجوا من المسجد أو من مكة؟ من مكة، {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} [(1) سورة الإسراء] قالوا: إنه كان في بيت أم هانئ، لكن فيه ضعف، لكن المعول في هذا عند جمهور أهل العلم على أدلة ذكروها في موطنها لا نطيل بذكرها، لكن من أهل العلم من يرى أن المسجد هو المحدود بحدوده، المحيط ببيت الله -جل وعلا-.

طالب:......

المسجد، الكعبة إذا قلنا: إن مكة صارت كلها مسجد صارت مسجد الكعبة، وفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- يوم الحديبية، وأنه كان ينتقل للصلاة داخل الحرم، والصحابة -رضوان الله عليهم- انتقلوا من مكة، انتقل ابن عباس للطائف، ومنهم من اتخذ بيتين، واحد داخل الحرم، وواحد خارجه، المقصود أن أفعالهم بمجموعها تشعر بأن المضاعفة في جميع نواحي الحرم.

«والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى».. شد الرحال لا يجوز بحال من أجل بقعة اعتقاداً لفضلها سوى هذه المساجد الثلاثة، ولذا لو نذر أن يعتكف في هذا المسجد، له أن يعتكف في أي مسجد؛ لأن الحكم واحد، لو نذر أن يعتكف في المسجد الأقصى، له أن يعتكف في المسجد النبوي، وله أن يعتكف في المسجد الحرام، وإذا نذر أن يعتكف في المسجد النبوي له أن يعتكف في المسجد الحرام، وليس له أن يعتكف في الأقصى، وقل مثل هذا في المسجد الحرام إذا نذر أن يعتكف به لا يقوم غيره مقامه؛ لأنه لا بد أن يأتي بما نذر والزيادة مقبولة.

السفر لا للعبادة، أو للعبادة غير الصلاة، السفر للجهاد لا إشكال فيه، جاءت به النصوص، السفر لطلب العلم شد الرحل لطلب العلم ما فيه إشكال، شد الرحل لزيارة مريض، شد الرحل لصلة رحم، ما فيه إشكال، شد الرحل للصلاة على ميت مثل زيارته لو كان مريضاً؛ لأن عيادة المريض، واتباع الجنائز كلها سيقت مساقاً واحداً، لا لقصد البقعة، ولذا كثر الكلام لما ذهبوا إلى الصلاة على الشيخ ابن باز -رحمه الله-، كثر الكلام في هذه المسألة، كثيرٌ من أهل العلم ما تردد في الذهاب، لكن منهم من وجد إشكال، وقال: إننا نشد الرحل، ومنهم من أجاب أننا شددنا الرحل إلى المسجد الحرام، هذا ما هو بصحيح ذا، يعني لو أن الشيخ صلي عليه في الطائف ما يروحون الناس؟ اللي بيروح بيروح، يعني اللي شاد الرحل شاده، لا لأجل البقعة، واللي ذاهب إلى المسجد الحرام ما ذهب إلى المسجد الحرام لذاته، إنما ذهب ليصلي على الشيخ، فالصلاة على الميت.. افترض أن أباك مثلاً توفي في بلدٍ بعيد ما تذهب تصلي عليه، كما لو مرض تذهب تعوده، وأيضاً تشد الرحل لزيارته، وصلته، وبره، هذا لا يدخل في مثل هذا الحديث.

الشراح، وفيهم شيء من شوائب البدع، بعضهم فيه شيء من شوائب البدع يطرد هذا، ويقول: إن هذا من أجل الصلاة، وأما سائر العبادات فلا، يعني زيارة القبور، تشد الرحل لزيارة القبور والأولياء والصالحين ويتوسعون في هذا، حتى وقع كثيرٌ منهم في الشرك، وكثيرٌ منهم وقع في الوسائل الموصلة إلى الشرك من الغلو والتبرك وغير ذلك، المقصود أن مثل هذه الأمور تقدر بقدرها، وتنزل النصوص مواردها، كون أننا نعود مريض هذا لا إشكال فيه، كوننا نتبع جنازته أيضاً هذا من حقه علينا، من حق المسلم علينا، لا سيما إذا كان له أثر من والد أو قريب أو شخص أحسن إليك فضلاً على أن يكون له إحسان على الأمة بكاملها، من أهل العلم.

"وسمعته يقول: «لا تسافر المرأة يومين من الدهر إلا ومعها ذو محرم»" تقدم ثلاث، أو فوق ثلاث، والآن يقول: «يومين من الدهر إلا ومعها ذو محرم» محرم منها؛ لأن من أهل العلم من يقول: معها ذو محرمٍ منه، إذا جاء بأمه أو زوجته أو أخته يكفي، وهذه الرواية ترد هذا القول، وتفسر الرواية السابقة، «أو زوجها» «ذو محرمٍ منها» وهو من تحرم عليه على التأبيد «أو زوجها».

"وحدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن عبد الملك بن عمير قال: سمعت قزعة قال: سمعت أبا سعيد الخدري قال: سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربعاً فأعجبنني وآنقنني" آنقنني هو معنى أعجبنني، هذا من المترادف، وجاز العطف لاختلاف اللفظ، "نهى أن تسافر المرأة مسيرة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم، واقتص باقي الحديث" أين بقية الأربع؟ في الرواية الأولى والحديث كله لأبي سعيد، منها قوله: «ولا تشد الرحال» ومنها: «لا تسافر المرأة» هذه فيها ثنتين، والبقية؟ "واقتص باقي الحديث" ماذا عن باقي الحديث؟ ذكر في الشروح وإلا ما ذكر؟ طيب كيف نصل إلى هذه الخصال الأربع؟

طالب:.......

التتبع، تتبع طرق الحديث خارج الصحيح، يعني بإمكانك أن ترجع إلى جامع الأصول، فإن كانت هذه الأربع موجودة في روايات الحديث خارج الصحيح من السنن بها ونعمت، لك أن ترجع إلى المسند، وقد تقف إلى بعضها، ترجع إلى سنن البيهقي، ترجع إلى المستدرك، المستدرك يمكن ما يأتي بها؛ لأنه قدر زائد على ما في الصحيح، لكن سنن البيهقي في الغالب كفيل بمثل هذه الأمور لماذا؟ لأنه يعتمد على المستخرجات، يعني المستخرجات مثل مسند أبي عوان احتمال يأتي ببقيتها، وإذا جاء بها جاء بها صاحب جامع الأصول؛ لأنه يعتمد على المستخرجات، يأتي بها البيهقي؛ لأنه يعتمد على المستخرجات، ولعل بعض الإخوان يحضرها غداً، تحضرها يا عبد الله؟ طيب.

قال: "حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم عن سهم ابن منجاب عن قزعة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تسافر المرأة ثلاثاً إلا مع ذي محرم»" الآن مسافة ثلاث، لو أخذنا بمفهوم مثل هذا لقلنا: بإمكانها أن تجوب أقطار الدنيا في ثلاث، والمحظور المتوقع من ثلاث هو المحظور المتوقع من ساعة، إذاً هذه أوصاف، أو هذه أعداد لا أثر لها في الحكم، وإنما الوصف المؤثر هو السفر.

"وحدثني أبو غسان المسمعي ومحمد بن بشار جميعاً عن معاذ بن هشام قال أبو غسان: حدثنا معاذ، قال: حدثني أبي عن قتادة عن قزعة عن أبي سعيد الخدري أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تسافر امرأة فوق ثلاث ليال إلا مع ذي محرم»" قد يقول قائل: هذا التكرار يمل بعض طلاب العلم؛ لأنه ما في فائدة زائدة من وجهة نظره، لكن...

طالب:.......

أنا أقول: من عانى علم الحديث يطرب لمثل هذا التكرار، ولذلكم لو أحدٌ منكم قرأ في مواقيت الصلاة، من صحيح مسلم، وذكر أسانيد كثيرة وألفاظ وكذا، الذي لا يعرف مثل هذه الأمور يقول: ما الفائدة؟ ومسلم جاء بكلامٍ لا مناسبة له في هذا المقام؛ ليبين أهمية مثل هذه التصرفات في هذه الأسانيد التي لا يدركها كثيرٌ من طلاب العلم، مسلم -رحمه الله- لما ساق أحاديث مواقيت الصلاة ببراعة فائقة عن شيوخه الحفاظ الضابطين المتقنين، قال: وقال يحيى بن أبي كثير: لا يستطاع العلم براحة الجسم، يعني هل شخص مسترخي مرتاح يبي يحفظ مثل هذه الأسانيد بألفاظها ومتونها، ويؤديها كما سمعها؟ مستحيل، لا يستطاع العلم براحة الجسم، وعلى هذا على طالب العلم أن يتذوق مثل هذه الأمور، ويعرف لماذا أورد مسلم هذه؟ صحيح الإمام البخاري على طوله وعرضه وكثرة تكراره، يكرر الحديث أحياناً في عشرين موضع، وطريقة البخاري في التكرار أيضاً ما هي مثل طريقة مسلم يجمعها في مكانٍ واحد، يستغنى ببعضها عن بعض، في كل موضع يستنبط حكم من هذا المتن الذي أورده، وقد أورده سابقاً، واستنبط منه حكماً آخر، فاستنبط من الحديث عشرين فائدة، أودعها في تراجمه على هذه الروايات، بعض الناس يقول: ليش البخاري يكرر في عشرين موضع؟ ألا تعلم أنه لم يكرر حديث واحد في موضعين من غير فائدة، سواءٌ كانت في متنه أو في إسناده، ما كرر ولا حديث واحد بلفظه بإسناده ومتنه إلا في نحو عشرين موضع من سبعة آلاف وخمسمائة موضع، نادرة، فالإنسان الذي يعاني مثل هذه الأمور، ويتذوقها لا شك أنه يتكشف له أشياء يتمنى أن الإمام مسلم لو أطال وأورد كل ما بلغه من الروايات ليستفيد، وكل رواية فيها فائدة زائدة، ولولا أننا محصورون بوقت معين كان تكلمنا عليها من كل ناحية، لكن الإشكال أننا ما أخذنا ولا ربع المقرر الآن.

فعلى طالب العلم أن لا يستثقل مثل هذه الأمور، بل يعزم على فهمها، ولماذا أتى مسلم بهذا الإسناد؟ وقدم هذا الإسناد على هذا؟ ولماذا أخر هذا؟ ولماذا رتب هذا الترتيب؟ ليس من العبث أن يقدم مسلم الرواية الأولى على الثانية أبداً، أحياناً يقدم مجمل ويتبعه بمفسر، أحياناً يقدم منسوخ ويتبعه بناسخ، أحياناً العكس؛ لمقامٍ يقتضي هذا.

نعم وجد أمور تعب الشراح في إيجاد رابط بينها، تعب الشراح بسبب تقديم هذا على هذا، ما يمنع، هذا صنيع البشر، {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} [(82) سورة النساء] لكن في الجملة الصحيحين أو الصحيحان في غاية الضبط والدقة والإتقان، يعني ما تستطيع أن تقدم إسناد على آخر، يمكن يختل الترتيب.

طالب:.......

لماذا أهدرنا الروايات الأخرى؟ وجود هذه الروايات المختلفة يجعلنا نجزم يقيناً أن الأعداد غير مقصودة، وإذا ألغينا الأعداد علقنا الحكم بالمادة التي هي السفر، الوصف المؤثر، ومجرد ما يبرز عن البلد هذا هو السفر، وهو البروز وهو السفور وانتهينا، ما دام علقنا بالسفر انتهى الإشكال.

طالب:.......

الضعينة من علامة الساعة في آخر الزمان، وهذا مما يحدث كوناً لا شرعاً، يعني الأمور التي أخبر بها النبي -عليه الصلاة والسلام- أنها ستقع، هل علينا أن نحققها؟ هل علينا أن نسعى أن تلد الأمة ربتها؟ هل علينا أن نسعى؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال ذلك؟ نعم، هل علينا أن نسعى، أنا ننتبع سنن من كان قبلنا؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أخبر أنه سيكون؟ لا، الأمور تحدث كوناً، هذا ما لنا علاقة به، نحن مطالبون بالأوامر والنواهي الشرعية، أما كون الضعينة تسافر من كذا أو كذا دون محرم لا تخشى..، هذا يحدث كوناً، لكن محرم شرعاً، فلا نسعى لتحقيقه.

طالب: إذا كانت في مكة وذهبت إلى عرفات مع أنه قريب بدون.... 

المقصود أن مثل هذا ما يسمى في الغالب سفر.

طالب:......

لا، لا، المحرم في السفر، متى يشترط المحرم للحج؟ إذا ترتب عليه سفر، أما بدون سفر ما يشترط، لا فرق.

طالب:......

فرق بعضهم بين الشابة وبين الكبيرة التي لا تشتهى، لكن كما قالوا: "لكل ساقطة في الحي لاقطةٌ"، والضرورات لها أحكامها، لو أسلمت امرأة بين كفار، وتيسر لها أن تهاجر هذه ضرورة لها حكمها، لو مات المحرم في أثناء الطريق تجلس إلى أن تموت في الطريق، الضرورات لها أحكامها، فالضرورات ما تدخل في مثل هذه الأمور، أما إذا استفت من يتدين بشرطية المحرم، وأنها لا يجوز أن تسافر بغير محرم، فالمقرر أن ما عند الله لا ينال بسخطه، لكن إذا قالت: هذا مذهبنا، نحن شافعية نرى أن تحج مع جمعٍ من النسوة، إذا قالت هذا الكلام تتولى أمرها، لا أحد يلزمها، لكن إذا كان لأحد الولاية عليها لا يجوز لها أن يمكنها أن تسافر بغير محرم.

طالب:......

إذا كان الأمر إليه ما يمكنها.

طالب: يا شيخ لو قيل -حفظك الله- أن سفر الخادمة مع أهل البيت للضرورة؛ لأن تغيبها في البيت قد يفضي إلى فتنة، فيأخذونها من هذا الباب تخفيفاً للشر.

هذه المسألة أفتى بها الشيخ -رحمه الله-، الشيخ ابن باز (سنة 11) لما كانت أحداث الكويت، والناس تفرقوا، وعندهم خادمات سئل، قالوا له: تبقى لمن؟ يعني الضرر لا بد أن يزال، وإذا وجد ضرر خفيف، وضرر أشد منه لا بد أن يدفع أعلى الضررين، ولو ارتكب أخفهما، فينظر في مثل هذا.

طالب: يعني لو قلنا: بجواز هذه الصورة هي ضرورة لا نسحبها على غيرها، يعني لو قلنا: إنه يجوز للخادمة أخذها لئلا تجلس في البيت لحالها طيب إذا أمن بقاؤها في البيت....؟

إذا كان يؤمن ما يجوز.

طالب: أليس بقاؤها يا شيخ في بيتهم من دون محرم، وأيضاً السفر ومجيئها من بلدها، بقاؤها في البيت بدون محرم.

على كل حال الضرورات تقدر بقدرها، مثل ما أفتوا من أسلمت في بلد كفار، وخافت على نفسها، ومثل من مات محرمها، الضرورات تبقى أنها بقدر الضرورة، ما يزاد عليها.

طالب: لكن ألا يستوي السفر مع البقاء في بيتها، الآن جلست سنتين بمفردها مع أصحابها...؟

لا، لا، هذا ما فيه خلوة، المحظور في مثل هذه الأمور الخلوة؛ لأنه ما في سفر يقال: تحتاج إلى محرم، لكن الخلوة حرام...

طالب:......

المقصود أنه ما في سفر بالنسبة لها، هي مقيمة، مقيمة حكماً، وعلى هذا لا يشترط لها المحرم، إنما الواجب عدم الخلوة، الخلوة حرام بها.

طالب: ضابط البلد الذي يقال: أنها سافرت منه، هل هو مسقط الرأس....؟

لا، بلدها هي التي ولدت فيه.

طالب:......

إيش هو؟ والله بالنسبة للترخص في الصلاة وغيرها، الصيام والمسح، قول الجمهور منضبط، منضبط قول الجمهور، وإن كان لا ينهض من حيث الدليل، دليله غير ملزم، لكن مع ذلك هو منضبط، ومعتمد على أقوال صحابة، صحيحة عنهم، عن ابن عباس وغيره من مكة إلى جدة، من مكة إلى عسفان، من مكة إلى الطائف، هذا بالنسبة إلى المسافة، والمدة الإذن للمهاجرين بالبقاء ثلاثة أيام يدل على أن الأربعة إقامة، المقصود أن مثل هذا قد لا ينهض بإلزام الخصم، لكنه مع ذلك منضبط، ولذا الذين يفتون بالقول الآخر بالإطلاق، ولا سيما من يفتي العوام، يعني بعض طلاب العلم يقدر الأمور قدرها، ويعرف يحدد، لكن من يفتي العوام؟ العوام ما يفهمون، شلون ترده إلى العرف العامي، كيف ترده إلى العرف؟ أشباه العوام من الطلاب الذين يدرسون سنتين، ثلاث، خمس، عشر سنوات تقوله: مسافر وإلا مقيم؟ ضاعت الصلوات، وتركت الجماعات، وأفطر في رمضان سنوات عديدة، ومع ذلك نحن مسافرون، الذي ينوي إلى الرجوع إلى بلده، توظف في بلده عشر سنين، عشرين سنة يتشبث بمثل هذا القول، يقول: والله أنا ما نويت أستمر بهذا البلد، أنا بأرجع إلى بلدي، ولذلكم يعني الإنسان لا بد أن يكون لديه فقه نفس، الشيخ ابن باز -رحمة الله عليه- كان يقول بالإطلاق اللي يقول شيخ الإسلام، لكن رأى أن المسألة ضاعت، فرجع إلى قول الجمهور.

طالب:......

والشيخ محمد بن إبراهيم سئل عن ابن ثلاثة عشر، فاستفصل هل هو ولد نبيه، وإلا يمكن فيه شيء من التغفيل؟ أو يمكن يضحك عليه أو شيء من هذا؟ فلما أجيب بأنه في غاية النباهة قال: يجزئ -إن شاء الله-، يختلفون في الأعمى هل يكفي أن يكون محرم وإلا لا؟ الأعمى هل يصلح محرم وإلا ما يصلح؟

طالب:......

زوجها وهو أعمى، ألا يمكن أن تذهب إلى كذا أو كذا وهو عندها، وهو ما يشوف، لكن من الحكم الإلهية أن العميان في هذه المسألة وفي غيرها لكن في هذه المسألة ملاحظ، كثيرٌ منهم مبتلى بالشك الزائد بحيث يتحسس من أدنى شيء، فكثيرٌ منهم أشد في المحافظة على المرأة من المبصرين، عنده حساسية زائدة في هذا الباب، وهذا مبعثه الغيرة على عرضه، لكن المبصر يعتمد على بصره، فلا يتحسس أكثر من اللازم، والأعمى فاقد هذه الحاسة فيحتاط أكثر من غيره، ولا شك أن بعض الناس، يعني المسألة تحتاج عندنا أمور إذا جاءت بالشرع بمثل هذا وأطلقها؛ لأن النظر في القضايا الخاصة لا يمكن ضبطه؛ لأن بعض الناس زوج مثلاً، وبالإمكان بأدنى حيلة وبأدنى شيء تؤخذ منه زوجته بأدنى حيلة، نقول: ما يصلح هذا محرم؟ الأمور الشرعية إذا جاءت تعم، فإذا حدد زوج أخ ابن، بعضهم يتحسس، بعض العلماء يتحسس من ابن الزوج، فيقول: إذا فسدت الأوقات عند فساد الزمان لا يصح أن يكون محرماً، ولا يعتمد عليه بمفرده؛ لأنه لا يغار على زوجة أبيه مثل غيرته على أمه وأخته وابنته وإلى آخره، لكن ما دام محرم شرعي، مقرر شرعاً أنه محرم، نعم ينظر في قضايا معينة، فلان لا يصلح محرم، مثل كونه لا يصلح ولي، ينظر في كل قضية بعينها، فإذا ثبت أن هذا لا يصلح، ولا يعتمد عليه في هذا الباب يبحث عن غيره، مثل الولاية.

طالب:......

ما يجوز، ولو مائة بدون محرم، ما يجوز أبداً.

طالب:......

هذا الذي نقرر أنه محرمٌ منها، شوف «إلا ومعها ذو محرمٍ منها» انتهى الإشكال يا أخي، يعني في داخل البلد، ومعه أخته أو زوجته، زوجته أشد تحري أشد حرصاً عليه من غيره، يعني داخل ما في، تحرم الخلوة، لكن كونها تركب مع السائق من دون محرمٍ له أو لها، يعني بمعنى وجود الخلوة لا يجوز، لكن معها نسوة لا بأس؛ لأن المحظور اشتراط المحرم إنما هو للسفر، وفي البلد تحرم الخلوة، ونفرق بين هذا وهذا.

طالب:.............

شرط وجوب، لا شرط صحة، بمعنى أنها لو حجت عصت، حجت بدون محرم نقول: عاصية، ومرتكبة لإثم، ومعرضةٍ نفسها لخطر، وآثمة في سفرها، ومع ذلك حجها صحيح.

طالب: بعض العلماء ما لازموا بين المحرم و......؟

على مذهب الظاهرية، أن كل أمرٍ شرعي يعتريه إثم فهو باطل.

طالب:......

عموماً يعني النهي عندهم يقتضي الفساد، لكن الجمهور إذا كان لأمرٍ خارج لا لذات العبادة، ولا إلى شرطها يعني شرط الصحة ما هو بشرط الوجوب.

طالب: لكن عملنا بعموم قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: «من عمل علماً ليس عليه أمرنا فهو رد» فكون المرأة تسافر تحج بدون محرم، فهي عملت عملاً ليس عليه أمر الشرع إذا هو رد.

رد، يعني غير مقبول، الأجر المترتب عليه ما لها شيء منها، مثل القبول، مثل نفي القبول.

"وحدثناه ابن المثنى قال: حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة بهذا الإسناد، وقال: «أكثر من ثلاث إلا مع ذي محرم».

قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا ليث عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه أن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يحل لامرأة مسلمة تسافر مسيرة ليلة إلا ومعها ذو حرمة منها»" قلنا: إن هذا يرد قول من يقول: محرم منه.

قال: حدثني زهير بن حرب قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن أبي ذئب قال: حدثنا سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم».

ثم قال: "وحدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها».

قال: حدثنا أبو كامل الجحدري قال: حدثنا بشر يعني ابن مفضل، قال: حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يحل لامرأة أن تسافر ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم منها».

"وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب جميعاً عن أبي معاوية قال أبو كريب: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح" وهذا فيه ما تقدم من إعادة واحد من الشيوخ، "قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً يكون ثلاثة أيام فصاعداً إلا ومعها أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو ذو محرم منها»".

وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو سعيد الأشج قالا: حدثنا وكيع حدثنا الأعمش بهذا الإسناد مثله.

وقال -رحمه الله تعالى-: "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب كلاهما عن سفيان قال أبو بكر: حدثنا سفيان بن عيينة قال: حدثنا عمرو بن دينار عن أبي معبد قال: سمعت ابن عباس يقول: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب يقول: «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم»" فالخلوة سواءٌ كانت في السفر أو في الحضر لا تجوز، وأما بالنسبة لاشتراط المحرم فهو في السفر فقط دون خلوة "«ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» فقام رجل فقال: "يا رسول الله: إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا" المرأة خرجت حاجة، وهو اكتتب في غزوة كذا وكذا، قال: «انطلق فحج مع امرأتك».

"وحدثناه أبو الربيع الزهراني قال: حدثنا حماد عن عمرو بهذا الإسناد نحوه.

وحدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا هشام يعني ابن سليمان المخزومي عن ابن جريج بهذا الإسناد نحوه، ولم يذكر: "لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم".

هذا الرجل الذي خرجت امرأته إلى الحج، "أن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتب في غزوة كذا وكذا" الآن حجت مع من؟ هي حجت بدون محرم، لكن هل حجت مع النبي -عليه الصلاة والسلام- أو مع أبي بكر؟ وهل غزا وقد حج أو لم يحج؟ وإن كان قد حج فمتى؟ أبو بكر حج بالناس سنة تسع، والنبي -عليه الصلاة والسلام- حج سنة عشر، فهل نقول: إن هذه المرأة خرجت مع أبي بكر، وهو خرج يغزو؟ أو نقول: إنها خرجت في حجة الوداع وهو قد حج مع أبي بكر سنة تسع، وهذه السنة للغزو؟ لأنه قد يقول قائل -ما يستشكل مثل؟- يعني هل تحج المرأة مع النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو ما حج؟ ويبي يغزو؟ نعم قد يكون الغزو متعين، والحاجة إليه أدعى من الحاجة إلى الحج؛ لخطرٍ يهدد المسلمين مثلاً، فيكون الغزو في حقه متعين، وتخرج هي مع النبي -عليه الصلاة والسلام- في حجة الوداع، وهو يخرج في الغزو، اكتتب في الغزو، وعلى هذا يتأكد أمر المحرم، يعني إذا ترك غزو متعين، غزوٌ متعين يترك من أجله الحج -خلوكم معي يا الإخوان- ماذا نريد من هذا الكلام؟ هل النبي -عليه الصلاة والسلام- كل سنة يحج؟ حج مرة واحدة، يعني بعد الهجرة حج مرة واحدة، وقبل الهجرة حج -عليه الصلاة والسلام-، ما يتصور أنها مسقطة للفرض أبداً؛ لأن فرض الحج ما فرض إلا متأخر، فحجته قبل الهجرة هذه على طريقة قومه، وليست مما افترض الله عليه، يعني من باب تعظيم هذه المشاعر، ثبت أنه حج قبل الهجرة، وبعد فرض الحج حجة أبي بكر سنة تسع وحجة الوداع، هذه المرأة متى حجت؟ وزوجها متى حج؟ الآن حجة الزوج هذه فريضته أو من أجل أن يكون محرماً لزوجته؟ يعني ظاهر السياق أنه محرم لزوجته، وعلى هذا الذي يغلب على الظن أنه حج قبل ذلك، فتكون هي حجت حجة الوداع، وهو حج قبل ذلك مع أبي بكر.

طالب:...... يلزم على الزوج أن يخرج مع زوجته....

لا، هو خارج خارج، يعني في أمرٍ شرعي خارج خارج، والأمر لولي الأمر، هل يوجه للغزو أو للحج؟ هو باذلٌ نفسه، يقال: لا يا أخي، الحج أحسن لك، أو أفضل لك، وألزم عليك من أن تغزو، وهذا يبين أهمية المحرم، ما قال: يكفي أنها تحج مع الناس، أو مع الرسول وإلا مع أمهات المؤمنين ما يكفي، اترك الغزو وحج مع امرأتك.

طالب:......

إلا خاصةٌ بهذا، لكن ويش دلالة هذه الحادثة؟ يعني ما لها دلالة؟ ما لها دلالةٍ أن الحج مع المرأة كونه محرم أفضل من الجهاد، وأهم من الجهاد.

طالب:......

وش إيش المانع؟ ويش الأحاديث التي قرأناها تو «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا ومعها ذو محرمٍ منها».

طالب:.......

طيب، "عليها" يعني مما يحرم نكاحه عليه، منها عليها، نفس الشيء، "عليها" يعني تحرم عليه، ويحرم عليها، نفس الشيء، "منها" انتهينا منها، لكن على الرواية اللي يقول: الآن أنا عندي "عليها" أصرح من "منها"، أنا عندي "عليها" أصرح من "منها".

طالب:......

شوف ما يلزمه عند أهل العلم.

طالب:..... الحج ليس...... تجلس المرأة في بيتها ويذهب إلى الجهاد.....

خلي الأمور تنزل منازلها، هذا شخص باذلٍ نفسه لولي الأمر، وولي الأمر وجهه للجهاد، والخيار بين الأمرين، بين جهاد وبين حجٍ مع المرأة، الرسول -عليه الصلاة والسلام- رجح حج المرأة على الجهاد، وما دام باذل نفسه خارج خارج، يعني لو شخص يقول لك: والله إيش رأيك أحج بامرأتي وإلا أروح أطلب العلم؟ إيش يقال له؟ نقول: حج مع امرأتك؛ لأن هذا باذلٌ نفسه، ولذلك هو في عرضه يقول: إن امرأتي خرجت حاجة، وإن اكتتبت في غزوة كذا وكذا، يعني فماذا أصنع؟ أتركها تروح لحالها وأنا أغزو؟ قال: لا، «انطلق فحج مع امرأتك» لكن لو قال: أنا مانا بحاج ولا بغازي، بأجلس ببيتي، يلزم بأن يكون محرم؟ لا ما يلزم، والفرق ظاهر بين هذا وهذا.

طالب: ما يشعر يا شيخ -أحسن الله إليك- من قوله: «انطلق فحج مع امرأتك» أنه لم يسبق له الحج لهذا نص النبي على الحج وإلا لقال: "فحج بامرأتك" أو لقال: "فكن محرماً لها"......

المعية تحتمل كل هذا، يعني كونه حج قبل يحج معها، ما في ما يمنع.

طالب:......

لا، لا، كيف؟

طالب:......

إيه لو كان ما حج متى بيحج؟ وهذه حجة، افترضنا أنها حجة الوداع، يعني ما في إلا حجتين، هل حج مع أبي بكر، وصار في حقه حجة الوداع نفل، أسقط حجة الإسلام؟ أو نقول: ما حج، والجهاد متعين، والجهاد متعين، وهو ما حج فقال: «حج مع امرأتك»؟

طالب:......

لا، يأتينا أن قوة المحرم من ترك الحج المتعين، على أي حال المحرم في غاية الأهمية من هذا النص، على أي احتمال يعني.

طالب:......

هو انتهت جهته محددة ومنتهية غزو، ما قصد حج ولا نوى يحج، بل يمكن أنه موجه إلى الغزو؛ لأن الأمة بهذا الظرف لا سيما إذا عرف العدو أن المدينة سوف تخلو من النبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه في حجة الوداع، لا بد أن يوضع احتياطات في الثغور وفي الحدود بينهم وبين الأعداء، فهذا في غاية الأهمية، فكون هذا الأمر يترك من أجل أن يذهب محرم مع زوجته هذا يدل على أهمية المحرم في الميزان الشرعي.

طالب:......

كتب عليه الجهاد، فدل على أن المحرمية أهم من الجهاد الواجب.

طالب:......

ماذا يجاب عنه؟ يعني سفر أمهات المؤمنين.

طالب: قد يكون لهن محرم غير الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

الرسول -عليه الصلاة والسلام- توفي، يعني بعد وفاته صرن الحج، ولذلك قال لبعضهن: «هذه ولزوم الحصر» نعم.

طالب:......

كيف؟

طالب:......

فكيف يجب الحجاب عليهن؟ من وراء حجاب؟ ها؟

طالب:..... قد يكون متوقع من الصحابة استحضار هذا المعنى....

يعني أمر مقرر بأدلة صحيحة صريحة، نأتي بأمور ملتبسة، يعني ما ذكر فيها، وعدم الذكر لا يعني عدم الوجود، عدم الذكر..، فيكفينا قيام الحجة بنصٍ واحد، إذا قامت الحجة بنصٍ واحد، نعم إذا عارضه نصٌ ينفي نعم، لكن عدم الذكر لا يقاوم الذكر في النصوص الأخرى.

طالب:......

بلا شك، هذا ما نتردد في هذا ما يكفي.....، ما عند الله لا ينال بسخط الله.

طالب:......

لا، لا، المحرمية غير لازمة......

طالب:......

المال هي تابعة للنفقة الأصلية، ما دام تزوجت انتقلت منه إلى الزوج، ولو حصل؟ يجلس الدين في ذمة الأب؟ لا، كسائر النفقات، المقصود أنها خرجت أرادت الخروج مثل الفعل الماضي الذي يطلق ويراد به حصول الفعل، ويطلق ويراد به إرادة الفعل، ويطلق ويراد به الشروع في الفعل، فتفسره الروايات الأخرى، المقصود أنها عازمة على الحج.

نأخذ هذا باب الذكر؛ لأنه خفيف ما فيه مشاكل، بابين في الذكر ما فيهن إشكال؛ لأنه تأخرنا جداً، اقرأ.

قال: حدثني هارون بن عبد الله قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أن عليًا الأزدي أخبره أن ابن عمر علمهم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر كبر ثلاثاً، ثم قال: {سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ} [(13-14) سورة الزخرف] «اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا، واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل» وإذا رجع قالهن، وزاد فيهن: «آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون».

حدثني زهير بن حرب قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن عاصم الأحول عن عبد الله بن سرجس قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سافر يتعوذ من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، والحور بعد الكور، ودعوة المظلوم، وسوء المنظر في الأهل والمال.

وحدثنا يحيى بن يحيى وزهير بن حرب جميعاً عن أبي معاوية ح وحدثني حامد بن عمر قال: حدثنا عبد الواحد كلاهما عن عاصم بهذا الإسناد مثله، غير أن في حديث عبد الواحد في المال والأهل، وفي رواية محمد بن خازم قال: "يبدأ بالأهل إذا رجع" وفي روايتهما جميعاً: «اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر».

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في دعاء الركوب إذا ركب دابته في السفر، سواءٌ كان للحج أو لغيره يقول: "حدثني هارون بن عبد الله قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أن علياً الأزدي أخبره أن ابن عمر علمهم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا استوى على بعيره" في الإسناد أبو الزبير أن علياً، والمقرر عند أهل العلم أن السند المؤنن مثل المعنعن.

...................................سووا وللقطع نحا البرديجي

 

وحكم (أنَّ) حكم (عن) فالجلُّ
حتى يبين الوصل في التخريجِ

أبو الزبير عرف بالتدليس، وهنا جاء بالسند بـ(أن) وهي في حكم (عن) والمدلس لا سيما في الطبقة الثالثة من المدلسين لا بد أن يصرح بالتحديث، وهنا ما صرح أبو الزبير، مع أن تدليسه شديد، ومع ذلكم كلما جاء من عنعنات المدلسين، وما في أحكامها في الصحيحين فهي محمولة على الاتصال، لا يتردد في هذا؛ لأنها وجدت في المصادر الأخرى، وفي الروايات الأخرى، وفي المستخرجات وغيرها مصرحٌ بها، ولو لم يكن في هذا الباب إلا تلقي الأمة للصحيحين بالقبول؛ لأنه يوجد من ينبِّش مثل هذه الأمور، ويأتي إلى أحاديث، ويضعف بعض الأحاديث لكلام أهل العلم في بعض الرواة.

طالب:......

لا، لا، ما هي بمسألة تحسين، ....... ما نتردد في صحته.

طالب:......

لا، لا، هو له ما يشهد له.

طالب:......

لا، لا، الصحة لا إشكال فيها، في بعض الرواة تُكلم فيهم بكلام أشد من هذا، هم أحاديثهم التي تكلم فيها الحفاظ هي التي ينازع في تصحيحها وتحسينها، أما بقية الأحاديث التي لم يتكلم فيها أحد من أهل العلم مقطوعٌ بصحتها عند أهل العلم، ولذلك يأتي ممن دخل الهوى في قلبه، ودخلت الفتنة في نفسه، ويعرف أن من رواة الصحيح من تكلم فيه، فيأتي إلى حديثٍ الأمة مطبقة على قبوله فيجد في رواته ممن تكلم فيه، فيطعن في الحديث، ولذلك الذين يتكلمون في صلاة الجماعة مثلاً، والآن المجال واسع للكلام في مثل هذه الأمور، والصحف تتسع لمثل هذا وغيرها، حتى المؤلفات والمنشورات، صاروا ينبشون بعض الأمور، أمور تلقتها الأمة بالقبول، لا تقبل الجدال، ومع ذلك ينبش، في حديث الأعمى ابن أمِّ مكتوم «هل تسمع النداء؟» قال: لا، قال: «أجب، لا أجد لك رخصة» ذهب في بعض الرواة، طيب الرواة منهم من تكلم فيه من رواة الصحيحين، لكن رواة الصحيحين المقرر عند أهل العلم أنهم جازوا القنطرة، يعني كون الراوي متكلم فيه، يعني هل الراوي الذي حصل فيه هذا الكلام كل حديثه خطأ؟ أخطأ في أحاديث، لكن بقية أحاديثه؟ أتقنها وضبطها، ولبعض أحاديثه ما يشهد له من روايات الثقات المتقنين، ومع ذلكم عُرف الشيخان بالتحري، وشدة الانتقاء، يعني هذا الراوي المتكلم فيه يروي ألف حديث، تكلم في عشرة أحاديث، عشرين منها مثلاً، هل ينزل عن حد الضبط والإتقان؟ ما ينزل، أيضاً أصحاب الصحيحين ما يمكن أن يخرجوا لهذا الراوي ما انتقدَ عليه، هذا أمرٌ مقطوعٌ به، مجزومٌ به، ولذا ابن الصلاح، وتبعه جمعٌ غفير من أهل العلم يقول: وجميع ما في الصحيحين مقطوعٌ به، ولو لم يكن إلا تلقي الأمة بالقبول لهذين الكتابين، سوى أحرف يسيرة تكلم فيها بعض الحفاظ، مع أن هذه الأحرف اليسيرة التي تكلم فيها بعض الحفاظ الصواب مع الشيخين، ومع ذلك يأتي من ينبش، ومن...، وهذا الكلام يمشي على عوام الناس، وعلى أشباه العوام، هو....... من فتنة، كل حديث في الصحيحين هو صحيح، سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض الحفاظ، وجد أحاديث لا يمكن الإجابة عنها مثل حديث التربة في صحيح مسلم لا يمكن الإجابة عنه، لكن حديث: «حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله» الجمهور قالوا: مقلوب، ومثلوا به للمقلوب، وأنا أقول: ليس بمقلوب، ويش المانع أن يتصدق بشماله؟ ما هو المسألة مسألة إخفاء صدقة، إذا كان عن يمينه ناس، وأراد أن يتصدق على هذا ويخفيها ألا يمكن أن يدفع ما يتصدق به بشماله؟

طالب: زيادة إخفاء.

زيادة إخفاء، ومع ذلكم جاء في الحديث الصحيح: «ما يسرني أن لي مثل أحدٍ ذهباً تأتي علي ثالثة وعندي منه دينار إلا دينار أرصده لدين، إلا أن أقول به: هكذا وهكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله، ومن أمامه، ومن خلفه» فالصدقة بالشمال..، صح اليمين أفضل، لكن هذا..... الصدقة بالشمال إيش المانع؟ هل الفقير يصير بنفسه لو أعطيته شيء بشمالك، يحمل في نفسه شيء؟ كلا، أبداً، وهذا لا شك أنه مبالغة في إخفاء الصدقة، فعلى هذا نحتاط لهذا الأمر، ونعد العدة إلى مثل هؤلاء؛ لأن هؤلاء معاول هدم؛ لأنه لو تكلم في الصحيحين ما بقي لنا شيء، وتصورنا المرجئة يعتمدون على آيات الوعد، والخوارج يستدلون بآيات الوعيد، وينهدم الدين بهذه الطريقة، إذا خلت الأمة من الراسخين في العلم، الذين يتصدون لمثل هؤلاء، فإذا لم يقم كل إنسان بمهمته بما أوجب الله عليه في الدفاع عن الدين معناه انتهى الأمر.

"أن علياً الأسدي أخبره أن ابن عمر علمهم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا استوى على بعيره" يعني ركبه استوى على بعيره "خارجاً إلى سفر كبر ثلاثاً، ثم قال: «سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين»" سخر لنا هذه الدابة التي نركبها "«وما كنا له»" لهذا المركوب مقرنين، يعني مطيقين، لولا أن الله سخر لنا، من الذي يطيق البعير لو هاج عليك؟ تطيق؟ والله ما تسوى شيء عنده، رفسة ولك منتهي، "«سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين»" سخر لنا هؤلاء الكفرة، يصنعون لنا ما يريحنا في الانتقال من بلد إلى بلد، هذا تسخير من الله -جل وعلا-، "«سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون -راجعون إليه- اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى»" هذا الدعاء ينبغي أن يقوله الرجل مخلصاً لربه ليعينه على سفره، وكل ما ينوبه من أمر دينه ودنياه، «اللهم هون علينا سفرنا» والسفر كما جاء في الحديث: «قطعة من العذاب» أو من نار، فإذا لم يهون الله -جل وعلا- صار شقاء، "«اللهم هون علينا سفرنا هذا، واطو عنا بعده»" بدل من أن نستغرق الأوقات الطويلة نقطعه بأيسر وأقصر مدة ومسافة، وصحف هذا، سمعه الناس كلهم في المطاف، الناس يسمعون من يصحف ويقول: "وطوعنا بعده" وهو تصحيف، يعني من حيث المعنى، ماشي من حيث المعنى، لكن الرواية على خلافه، ما في ما يمنع أبداً، أحياناً تحس بأن السفر لا شيء، وأحياناً يكون السفر فيه مشقة وكلفة أكثر والطريق واحد، "«واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر»" نعم؛ لأن الله -جل وعلا- معنا، "«اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر»" مشقته وشدته، "«من وعثاء السفر، وكآبة المنظر»" تغير النفس التي تبدو على المنظر، على الوجه، التي تبدو على الوجه "«وكآبة المنظر»" يعني كآبة المنظر لها دلالتها على ما يخالج نفس الإنسان، فإذا وجد ما يكدر في النفس ظهر ذلك على المنظر، "«وسوء المنقلب»" يعني المرجع، "«في المال والأهل»" يعني أن يرجع الإنسان إلى أهله، وقد حصل لهم انقلاب، إيش انقلاب؟ يعني تغير في أحوالهم، سواءٌ كانت في أديانهم، أو في أبدانهم، أو في معيشتهم، "«في المال والأهل» وإذا رجع قالهن، وزاد فيهن: «آيبون»" يعني راجعون «"عابدون لربنا حامدون»" وهذه أخبار، وهي في الحقيقة أذكار.

قال: "حدثني زهير بن حرب قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن عاصم الأحول عن عبد الله بن سرجس قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سافر يتعوذ من وعثاء السفر –المشقة- وكآبة المنقلب" وهناك قال: "وكآبة المنظر" والمراد به السوء سواءً كان في المنظر أو في المنقلب، "والحور بعد الكور" وأكثر الروايات: "بعد الكون" بالنون، وإن كانت الرواية: "الكور" بالراء أشهر، الحور: يعني الرجوع، إلا حار إليه يعني رجع إليه، "الحور بعد الكور" يعني بعد الاجتماع، أن نرجع عن هذا الاجتماع إلى فرقة وشتات، أو نرجع عن اجتماع النفس على هذا الدين العظيم إلى فسقٍ أو فجور؟ فضلاً عن ردة وكفور؟ والحور بعد الكور، وأما بالنسبة للرواية الأخرى: "الكون" يعني بعد أن كنا، هذا مصدر (كان) بعد أن كنا مجتمعين على أمرنا الماثل في أمر ديننا ودنيانا نرجع عنه، يستعاذ بالله من هذا، "ودعوة المظلوم" هذا دعاء بأن يعصم الله -جل وعلا- هذا الداعي من الظلم، الذي يسبب دعوة المظلوم التي ليس بينها وبين الله حجاب، "وسوء المنظر" وهو كآبة المنظر، في الأهل والمال.

"وحدثنا يحيى بن يحيى وزهير بن حرب جميعاً عن أبي معاوية" أبو معاوية: هو محمد بن خازم، الذي تأتي الإشارة إليه في آخر الرواية، "عن أبي معاوية ح وحدثني حامد بن عمر قال: حدثنا عبد الواحد كلاهما عن عاصم بهذا الإسناد مثله، غير أن في حديث عبد الواحد: "في المال والأهل" وفي رواية محمد بن خازم قال: يبدأ بالأهل إذا رجع، وفي روايتهما جميعاً" هذه من الفروق التي يعتني بها الإمام مسلم ويبينها، قال: "وفي رواية محمد بن خازم" الذي هو أبو معاوية، "قال: يبدأ بالأهل إذا رجع، وفي روايتهما جميعاً: «اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر».

طالب:......

إيه، رواية خارج الصحيحين، ثابتة نعم.

طالب:......

وهم داخلون في الأهل نعم، لكن التنصيص عليهم؛ لأن الفتن إليهم أقرب.

طالب:.....

إذا رجع، إذا ركب، إذا ركب.

طالب:......

في غير الصحيح وردت، ما أدري الآن ما أذكرها، لكنها داخلة في الأهل في الجملة.

طالب: سوء المنقلب في الأهل والمال يعكس يعني.

ما يضر هذا؛ لأن الواو لا تدل على الترتيب، وفي كلٍ منهما رواية.

طالب:.......

ما يضر، ما يضر.

طالب:......

هو إذا ذكرت الأهل شمل الجميع، والآل والأهل يدخل فيهم الشخص دخولاً أولياً، يدخل فيهم الشخص نفسه فضلاً عن والديه ومن..، فهم أهله، والأصل أن الأهل الزوجة، أهل الرجل زوجته، لكن بالمعنى الأعم يشمل كل من يتأهل عندك في بيتك أو تتأهل عنده، ودخول الرجل في أهله وآله دخول أولي، {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ} [(46) سورة غافر] يعني فرعون ما يدخل؟ هو يدخل قبلهم {يَقْدُمُ قَوْمَهُ} [(98) سورة هود].

نأخذ الباب هذا علشان أنه أيضاً ذكر.

طالب:.......

ابن خازم، هو أبو معاوية الضرير محمد بن....

طالب:.......

خازم، نعم، إيه، حامد بن عمر البكراوي هذا معروف، كلهم معروفين، عبد الواحد بن زياد ثقة، نعم.

طالب:.......

تكرارها؟

طالب:......

والله هذه الروايات ما فيها إلا أن تقال مع دعاء الركوب، وزاد، قال: وزاد.

طالب: المحرمية في الحج يجب عليه يا شيخ، الأم.

ولا يجد ثمَّ مانع؟ ولا يوجد مانع؟ والله إلزامه فيه ما فيه، وإن كان عاد البر، والأمر به، والتشديد في شأنه في النصوص قد يرتقي إلى مثل هذا، لكن الإلزام يحتاج إلى نصٍ خاص.

طالب:.......

إذا أراد السفر.

طالب:........

من تحقق الوصف، الذي هو البروز.

نأخذ هذا الباب تروا مثله، نقف على هذا إيش رأيكم؟ إذا روجع قصير، وذكر أيضاً ما فيه إشكالات.

قال: "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ح وحدثنا عبيد الله بن سعيد (واللفظ له) قال: حدثنا يحيى وهو القطان عن عبيد الله عن نافع عن عبد الله بن عمر قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قفل من الجيوش، أو السرايا أو الحج أو العمرة إذا وفى على ثنية أو فدفد كبر ثلاثاً، ثم قال: «لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، آيبون، تائبون، عابدون، ساجدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده».

وحدثني زهير بن حرب قال: حدثنا إسماعيل يعني ابن علية عن أيوب ح وحدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا معن عن مالك ح وحدثنا ابن رافع قال: حدثنا ابن أبي فديك قال: أخبرنا الضحاك كلهم عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثله إلا حديث أيوب، فإن فيه التكبير مرتين.

وحدثني زهير بن حرب قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن يحيى بن أبي إسحاق قال: قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: أقبلنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- أنا وأبو طلحة، وصفية رديفته على ناقته، حتى إذا كنا بظهر المدينة قال: «آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون» فلم يزل يقول ذلك حتى قدمنا المدينة.

وحدثنا حميد بن مسعدة قال: حدثنا بشر بن المفضل قال: حدثنا يحيى بن أبي إسحاق عن أنس بن مالك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثله".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما يتعلق بأذكار الرجوع من السفر، الباب السابق فيمن أراد سفراً في ابتدائه، وهنا إذا رجع من سفر الحج أو غيره.

يقول: "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ح وحدثنا عبيد الله بن سعيد واللفظ له قال: حدثنا يحيى وهو القطان عن عبيد الله عن نافع عن عبد الله بن عمر قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قفل من الجيوش أو السرايا أو الحج أو العمرة" هذه أسفاره -عليه الصلاة والسلام-، ما سافر إلا لطاعة من حجٍ أو عمرة أو غزو أو هجرة، إذا قفل من الجيوش أو السرايا، إذا قفل النبي -عليه الصلاة والسلام-، الجيوش التي يقودها -عليه الصلاة والسلام-، فماذا عن السرايا؟ السرية...

طالب: ما كان يخرج معهم إلى....

يودعهم يعني، إذا خرج يودعهم؟

طالب:.......

أو يستقبلهم، يعني يستقر التعريف، ويتجه القول بأن السرية ليس معها النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذا يعرفها العلماء، يعرفون السرية: بأنها التي لم يكن فيها النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن إذا قفل من الجيوش أو السرايا أو الحج أو العمرة، يعني كونه يودع إلى أطراف البلد، أو يستقبل في أطراف البلد، هذا قفول؟ ثم إذا قفل يحتاج إلى مثل هذا؟ أو مثل هذا يقال في القفول من سفر؟ بدلالة الجيوش حج، عمرة؟

طالب: يقولون: سرية فلان سرية فلان ما ذكر أن فيها الرسول مثلاً.

طالب آخر: أيضاً ما ثبت عنه يا شيخ الخروج.

خل السرايا التي لم يذكر فيها، لكن هل يطلق بأن السرية كما يقرر أهل العلم أنها هي الغزو الذي لم يكن فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-؟

طالب: الهجوم على المدينة.. بعض الأقوام ولا تسمى جيوش.

ولا تسمى غزوة؟

طالب:.......

إلا تبوك.

طالب:........

لا، لا، الغزوة أوسع أوسع من السرية، توسعوا فيها أكثر من السرية، المقصود أن هذا النص الصحيح يدل على أن الأمر فيه سعة في التعريف.

طالب:.........

سفر مباح؟

طالب:........

لا، ما في إشكال، كل ما يفعل في الأسفار يفعل فيه، من الترخص وغيره، فضلاً عن الأذكار، الخلاف في سفر المعصية هل تقال مثل هذه الأمور؟ وهل يترخص فيها أو لا؟ والجمهور على أنه لا يترخص فيها أسفار المعصية، خلافاً للحنفية.

"إذا قفل من الجيوش أو السرايا أو الحج أو العمرة إذا أوفى" أوفى يعني ارتفع وعلا، "على ثنية"، الثنية: هي الجبل الصغير، أو فدفد، يعني مكان مرتفع، "كبر ثلاثاً"، وجاء في الحديث الصحيح: "كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا أو هبطنا سبحنا"والمناسبة ظاهرة؛ لأنك إذا ارتفعت وعلوت قد تحس في نفسك شيء من التعاظم، فتذكر أن الله -جل وعلا- أكبر، وإذا نزلت وهبطت تستحضر شيء من النزول، فتسبح الله -جل وعلا- وتنزهه عن مثل هذا التوهم، والآن يسأل عن ما في دواخل البلدان، هل يكبر إذا طلع على جسر، ويسبح إذا نزل في نفق؟ ما في ما يمنع -إن شاء الله تعالى-، أو المصعد من حيث الصعود والنزول ما في ما يمنع -إن شاء الله تعالى-؛ لأن العلة موجودة، والأمر فيه سعه -إن شاء الله تعالى-.

"كبر ثلاثاً ثم قال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له» إذا أوفى" يعني إذا حصل هذا الوصف، تحقق هذا الوصف، وهو أنه طلع على ثنية، أو فدفد، كبر ثلاثاً ثم قال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، آيبون، تائبون، عابدون، ساجدون لربنا حامدون» هنا يتجه القول بأن مثل هذا يكرر إلى أن يصل البلد، لكن يربط ذلك ويعلق بالوصف المذكور في الحديث، وهو أنه إذا أوفى، يعني ارتفع على ثنية، إذا ارتفع على مكان مرتفع يكرر مثل هذا.

طالب:........

إلى أن يصل إيش المانع؟ لأنه علق على أمرٍ، وهو إذا أوفى على ثنية أو فدفد، يعني في الطريق كله؛ لأن (إذا) تقتضي التكرار.

قال: "«آيبون، تائبون، عابدون، ساجدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده -محمد عليه الصلاة والسلام- وهزم الأحزاب وحده»" في غزوة الأحزاب، تحزب طوائف الكفر على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وضاقت بهم الأرض بما رحبت، لكن الله -جل وعلا- أرسل عليهم الرياح أو الريح العاتية التي فرقتهم، "«وهزم الأحزاب وحده»".

"وحدثني زهير بن حرب قال: حدثنا إسماعيل يعني ابن علية عن أيوب ح وحدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا معن عن مالك ح وحدثنا ابن رافع قال: حدثنا ابن أبي فديك قال: أخبرنا الضحاك كلهم عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثله إلا حديث أيوب فإن فيه التكبير مرتين" يعني يقول: الله أكبر، الله أكبر، بدلاً من التكبير ثلاثاً، وقل مثل هذا في الاختلاف في التكبير في هذه الأيام، من أهل العلم من يرى أنه مرتين، ومنهم من يرى أنه ثلاث، وكلُّ هذا مرده إلى اختلاف الرواة.

"وحدثني زهير بن حرب قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن يحيى بن أبي إسحاق قال: قال أنس بن مالك: أقبلنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- أنا وأبو طلحة، وصفية رديفته" يعني والحال أن صفية رديفته على ناقته، وتقدم ما في الإرداف من الحكم، "حتى إذا كنا بظهر المدينة قال" بظهر المدينة يعني راجع، يعني إلى أن وصل قرب المدينة، قال: "«آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون» فلم يزل يقول ذلك حتى قدمنا المدينة".

"وحدثنا حميد بن مسعدة قال: حدثنا بشر بن المفضل قال: حدثنا يحيى بن أبي إسحاق عن أنس بن مالك عن النبي عليه الصلاة والسلام بمثله".

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"