شرح الموطأ - كتاب الحج (23)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء, واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب جامع الهدي:

حدثني يحيى عن مالك عن صدقة بن يسار المكي أن رجلًا من أهل اليمن جاء إلى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- وقد ضفر رأسه، فقال: يا أبا عبد الرحمن إني قدمت بعمرة مفردة، فقال له عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- لو كنت معك، أو سألتني لأمرتك أن تقرن، فقال اليماني: قد كان ذلك، فقال عبد الله بن عمر: خذ ما تطاير من رأسك واهدي، فقالت امرأة من العراق: ما هديه يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: هديه، فقالت له: ما هديه؟ فقال عبد الله بن عمر: لو لم أجد إلا أن أذبح شاةً لكان أحب إلي من أن أصوم.

وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: المرأة المُحرِمة إذا حلت لم تمتشط حتى تأخذ من قرون رأسها، وإن كان لها هدي لم تأخذ من شعرها شيئًا حتى تنحر هديها.

وحدثني عن مالك أنه سمع بعض أهل العلم يقول: لا يشترك الرجل وامرأته في بدنة واحدة، لينحر كل منهم..

ليُهدي.

طالب: أحسن الله إليك.

 ليُهدي.

طالب: ليهدي! عندنا لينحر، يا شيخ، حتى في الطبعة الثانية، مع الزقاوي.

ماذا عندك؟

طالب: ليهدي.

ليُهدي..نعم.

طالب: أحسن الله إليك..

ليهدي كل منهما بدنة بدنة.

وسئل مالك عمّن بُعث معه بهدي، ينحره في حج، وهو مهل بعمرة، هل ينحره إذا حل أم يؤخره حتى ينحره في الحج؟ ويحل هو من عمرته؟ فقال: بل يؤخره حتى ينحره في الحج، ويحل هو من عمرته.

قال مالك -رحمه الله تعالى-: والذي يُحكم عليه بالهدي في قتل الصيد، أو يجب عليه هدي في غير ذلك، فإن هديه لا يكون إلا بمكة كما قال الله -تبارك وتعالى-: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [سورة المائدة(95)]، وأما ما عُدل به الهدي من الصيام أو الصدقة فإن ذلك يكون بغير مكة، حيث أحبَّ صاحبه أن يفعله فعله.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن يعقوب بن خالد المخزومي عن أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر أنه اخبره أنه كان مع عبد الله بن جعفر فخرج معه من المدينة، فمرُّوا على حسين بن علي، وهو مريض بالسُّقْيَا، فأقام عليه عبد الله بن جعفر حتى إذا خاف الفوات خرج، وبعث إلى علي بن أبي طالب، وأسماء بنت عميس -رضي الله عنهما- وهما بالمدينة فقدما عليه، ثم إن حسينًا أشار إلى رأسه، فأمر علي برأسه، فحلق ثم نسك عنه بالسقيا، فنحر عنه بعيرًا.

قال يحيى بن سعيد: وكان حسين خرج مع عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في سفره ذلك إلى مكة.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب جامع الهدي" يعني الباب الجامع للمسائل المتعلقة بالهدي.

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن صدقة بن يسار المكي أن رجلًا من أهل اليمن جاء إلى عبد الله بن عمر وقد ضفر رأسه" ضفر رأسه: يعني جعله ضفائر، جدايل، ضفير: بمعنى مضفور، يعني مجدول.

"فقال: يا أبا عبد الرحمن، إني قدمت بعمرة مفردة" قدمت بعمرة مفردة، وهذا في وقت الحج.

"فقال له عبد الله بن عمر: لو كنت معك أو سألتني لأمرتك أن تقرن، فقال اليماني: قد كان ذلك" يعني كان في أول الأمر قارن، ثم حول نسكه إلى عمرة مفردة، ليحج بعده، كما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- من معه من الصحابة ممن قرن بين الحج والعمرة، ولم يكن معه هدي، أمرهم أن يجعلوها عمرة، وقد فعل هذا اليماني امتثالًا لذلك الأمر، فقال اليماني: قد كان ذلك. "فقال عبد الله بن عمر: خذ ما تطاير من رأسك" يعني ما ارتفع منه، يعني قصر من شعرك "وأهدي" والهدي هدي المتعة؛ لأنه أهلَّ بعمرة مفردة ليحج بعدها، عمرة.. عمرة متمتع ليحج بعدها، فهذا يلزمه هدي التمتع، "وأهدي"، "فقالت امرأة من أهل العراق: ما هديه؟" ما الذي عليه من الهدي "يا أبا عبد الرحمن؟"، هذه كنية عبد الله بن عمر "فقال: هديه؟ قالت له: ما هديه؟ فقال عبد الله بن عمر: لو لم أجد إلا أن أذبح شاةً لكان أحب إلي من أن أصوم".

المتمتع يلزمه ما استيسر من الهدي {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ} [سورة البقرة(196)]، فالصيام لمن لم يجد الهدي، والهدي، النبي -عليه الصلاة والسلام- نحر البدن، ولا شك أن الإبل والبدن أفضل؛ ولذا يقول ابن عمر: لو لم أجد إلا أن أذبح شاةً، ويصدق عليها أنه ما استيسر من الهدي، لكان أحب إلي من الصوم، وكلمة أحب أفعل تفضيل تدل على أن كلًّا منهما محبوب، الصيام والذبح، لكن الصيام إنما يكون محبوبًا بالنسبة لمن؟ لمن لم يجد الهدي، أما من وجد الهدي فلا يجزئه الصيام، {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [سورة البقرة (196)].

قال: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: المرأة المُحْرِمة إذا حلت لم تمتشط حتى تأخذ من قرون رأسها" لم تمتشط، لأن لا يسقط شيء من شعرها، وهي مازالت متلبسة بالإحرام، بقي عليها من الإحرام، من النسك، بقي عليها التقصير، وهو نسك، فلا يجوز لها أن تترفه بشيء من المحظورات حتى تأخذ من قرون رأسها، "وإن كان لها هديٌ لم تأخذ من شعرها شيئًا حتى تنحر هديها"، لقول الله -جل وعلا-: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [سورة البقرة(196)]، حتى يبلغ الهدي محله، من كان له هدي فلا يأخذ من شعره حتى يبلغ الهدي محله، وعلى هذا قد يرد على مثل هذا الكلام الحلق قبل النحر، النبي -عليه الصلاة والسلام- رمى الجمرة ثم.. نعم؟

طالب:..............

أو نحر قبل؟

طالب:.............

نحر ثم حلق، لكن لو قدم الحلق على النحر، "حلقت قبل أن أنحر؟ قال: ((افعل ولا حرج))، نعم؟ فعلى هذا لو فعل من أعمال يوم العيد -عيد النحر- يوم الحج الأكبر قدم أو أخر يتجه إليه القاعدة العامة، "ما سئل عن شيء قدم ولا أخر في ذلك اليوم، إلا قال: ((افعل ولا حرج))، نعم؟

طالب:.............

..... من جماعك هذا، من جماعك هذا، نعم؟ نعم.

طالب:............

هذا رأيه، رأيه الأخذ بالأشد، لكن الأخذ بالأقل مع أنه قول الأكثر أن ما استيسر يطلق على الشاة. ........

طالب:.............

أين؟

طالب:............

هذا رأيه، لكن مع ذلك لو أن الإنسان رجح قولًا من الأقوال، مما يحتمله النص، والاحتمال الثاني –أيضًا- قوي، فكونه يُعمد إلى هذا الاحتمال الثاني، وإن كان مرجوحًا -من وجهة نظره- إلا أنه أفضل من المفضول من كل وجه عند جميع العلماء، ومن هذه الحيثية أفضل من الصيام، إلا لو كان يقول: لا يجزئ، يعني مثلًا: يمكن أن يقول: لو لم أجد إلا أن أذبح دجاجة كان أحب إلي من الصوم، يمكن يقول مثل هذا؟ لا، لأن الدجاجة لا تجزئ، عند أحد من أهل العلم، لكن هل تجزئ عند عامة أهل العلم؟ فهو ترك مذهبه وهو تشديد في مثل هذا، وأن البدنة كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- هي الأصل، لكن هي أفضل من الصيام.

طالب:............

نعم، طيب، وبعدين.

طالب:...........

عليه أن يعتمر، فعل صورته وإلا حقيقته، عليه أن يعتمر، طواف وسعي وتقصير، تكون عمرة، تكون حقيقة العمرة هنا، نعم، إذا سعى قبل ذلك تكون حقيقة العمرة، أين؟

طالب:............

هو قال عليه أن يعتمر، وبقى عليه طواف الإفاضة، وقلنا: إنه ما دام عليه طواف وسعي، نعم؟ فالحكم هذا طواف وسعي الحج، والصورة صورة عمرة.

طالب:.............

لكن لو سعى، وما بقي عليه إلا الطواف، والصحابي يقول: عليه أن يعتمر، نعم، نقول: عليه أن يأتي بالطواف والسعي، سعي الحج الذي هو في الحقيقة صورة العمرة.

طالب:...........

فيكون سعيه لاغيًا.

طالب:...........

نعم.. فيكون سعيه لاغيًا، يأتي بالسعي، ولو أتى به في البداية؛ لأنه يلزمه أن يعتمر، ومن لازم المعتمر أن يطوف ويسعى. أين؟

طالب:.............

نحن ما وفقنا بين القولين بين قول أهل العلم فيما مضى أن الصورة صورة عمرة، وهي في الحقيقة طواف الحج وسعي الحج، سعى يكون سعيه لاغيًا يأتي بعمرة، بصورة عمرة، سعى أو ما سعى، ما يفْرِق.

يقول: "وحدثني عن مالك أنه سمع بعض أهل العلم يقول: لا يشترك الرجل وامرأته في بدنة واحدة، يهدي كل واحد بدنة بدنة" يعني الرجل بدنة، والمرأة بدنة، ولا يشتركان في واحدة.

وهذا قول مالك، لكن أكثر العلماء على جواز الاشتراك في الهدي، وقد روى أبو داود وغيره، النسائي وابن ماجة من حديث أبي هريرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم- ذبح عمن اعتمر من نسائه بقرة.

طالب:............

بينهن، نعم؟

طالب:............

والتشريك في مثل هذا جائز عند جمهور أهل العلم، خلافًا لمالك، وهو الذي يفهم من كلامه.

طالب: أحسن الله إليك، يصح الحديث العشرة، التشريك بالعشرة.

التشريك بالعشرة في الغزو.

طالب: فقط.

نعم في الغنائم، أما في الهدي والأضاحي سبعة.

عند قسم الغنائم في مكان بعيد عن البلد، الآن، فعلى الإنسان بدنة أم عشر من الغنم؟ بدنة يركبها ويستمتع بها إلى أن يصل، يستعملها في نقله ونقل أثاثه؟.

طالب:...........

وإلا عشر من الغنم يبلش+ بهم، يسوقهن، وإلا يؤجر عليهم.

طالب:...........

نعم.

طالب:............

واضح هذا، واضح أن مثل هذا أنفع.

"وسئل مالك عمن بعث معه بهدي ينحره في حج" بعث معه بهدي ينحره في حج، "وهو مهل بعمرة، هل ينحره إذا حل أم يؤخره حتى ينحره في الحج؟"؛ لأنه قال السؤال عمن بعث معه بهدي ينحره في حج، يعني في أثناء حج، وهو مهل بعمرة، المبعوث معه هذا الهدي مهل بعمرة، هل ينحره إذا حل هو؟ أو ينفِّذ ما وصي به أن هذا الهدي يُنحر في حج.

قد يكون لمن بعثه هدف وقصد، صحيح بأن يكون الناس قد اكتمل توافرهم في المواقف، فيستفيد من هذا الهدي أكبر قدر يمكن، أم يؤخره حتى ينحره يحج ويحل هو من عمرته؟ قال: بل يؤخره حتى ينحره في الحج، "ويحل هو من عمرته." يعني يجمع بينهما، لكن يفترض أنه ما أحل من عمرته، هذا المبعوث معه أهل بعمرة فقط ولم يحج، هل يرتبط به ذبح الهدي؟ والوكيل هل له أثر فيما وكل عليه؟ عمله هل له أثر فيما وكل عليه؟ نعم.

الكلام كله المقصود به الموكِّل، نعم؛ ولذا لو وكل على ذبح أضحية مثلًا هل يلزمه أن يمسك عن شعره وبشره؟ ما يلزم، فالعبرة بصاحب الهدي والأضحية.

الإمام ملك -رحمه الله تعالى- قال: "بل يؤخره حتى ينحره في الحج ويحل هو من عمرته".

يعني معروف أنه إذا جاء وقت الحج، وحل وقت النحر أنه ما بقي للعمرة أثر، يعني هو تصريح بما هو بمجرد توضيح، وإلا فيه أحد يستمر على عمرة بوقت النحر؟ نعم؟

طالب:...........

ما فيه أحد، لاسيما ممن قدم في أيام الحج من أجل الحج.

قال مالك: "والذي يحكم عليه بالهدي في قتل الصيد، أو يجب عليه هدي في غير ذلك فإن هديه لا يكون إلا بمكة".

يعني كل هدي واجب فإنه لمساكين الحرم.

أو يجب عليه هدي في غير ذلك، فإن هديه لا يكون إلا بمكة، "كما قال الله -تبارك وتعالى-: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [سورة المائدة(95)]"، هديًا بالغ الكعبة، "وأما ما عُدل به الهدي من الصيام أو الصدقة، فإن ذلك يكون بغير مكة، حيث أحب صاحبه أن يفعله فعله".

تمسك الإمام مالك بقوله -جل وعلا-: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [سورة المائدة(95)]، وفهم منه أن ما عدا الهدي يجوز أن يكون بغير مكة.

الصيام، يقول أهل العلم: يصوم حيث شاء، لماذا؟ لأنه لن ينتفع بصيامه مساكين الحرم، لكن الهدي واضح أنه لمساكين الحرم، الإطعام يستفيد منه مساكين الحرم، وإلا ما يستفيدون؟ يستفيدون؛ ولذا يقول جمع من أهل العلم: إن حكم الإطعام حكم الهدي، إنما يكون لمساكين الحرم.

"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن يعقوب بن خالد المخزومي عن أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر" بن أبي طالب "أنه أخبره أنه كان مع" مولاه "عبد الله بن جعفر، فخرج معه من المدينة" يقصدون.. أين يقصدون؟

طالب: مكة.

مكة.

"فمروا على حسين بن علي" الحسين بن علي سبط النبي -عليه الصلاة والسلام- "وهو مريض بالسُّقْيا" وقرية جامعة من أعمال الفُرع "فأقام عليه عبد الله بن جعفر" يمرِّضه.. فقام عليه يمرضه "حتى إذا خاف الفتوات خرج" ما عاد بقي وقت يكفي، تركه وخرج إلى مكة.

"وبعث إلى علي بن أبي طالب" وهو بالمدينة، الآن لن يترك حسين بدون من يمرضه، عبد الله بن جعفر عازم على الحج، فتركه خشية فوات الحج، فبعث إلى علي بن أبي طالب "وأسماء بنت عميس" وكانت تحت علي بن أبي طالب في هذا الوقت، وكانت قبل ذلك تحت أبي بكر الصديق، وكقبله تحت..؟

طالب: جعفر بن أبي طالب.

جعفر بن أبي طالب، وكانت .. أقول: وبعث إلى علي بن أبي طالب وأسماء بنت عميس من أجل أن يمرضانه، "وهما بالمدينة".. وهما بالمدينة، يعني ما حجَّا في تلك السنة.

"فقدما عليه، ثم إن حسينًا أشار إلى رأسه" يشكو من وجع في رأسه "فأمر علي برأسه فحُلق، ثم نسك عنه بالسقيا فنحر عنه بعيرًا" هذا فعل من؟ فعل علي بن أبي طالب، وهو الصحابي الخليفة الراشد ممن أمرنا بالاقتداء به، {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ} [سورة البقرة(196)]، وحديث كعب بن عجرة سبب نزول الآية واضح، أنه احتاج إلى الحلق فقالوا: انسك، وهنا أمر علي برأسه فحلق، أمر بشعر رأسه فحلق، كما فعل بكعب بن عجرة.

ثم نسك عنه بالسقيا، يعني في مكان استحلال المحظور، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أمر بحلق رأس كعب بن عجرة هل قال له: انحر في مكة هديًا بالغ الكعبة، أو قال: ((أتجد شاة)). قال: لا، قال: ((انسك نسيكة))، يعني في مكانك، هذا الأصل، ولو كان مما يجب نحره، نعم؟ في مكة لبينه؛ ولذا قال: ثم نسك عنه بالسقيا، فنحر عنه بعيرًا، {فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [سورة البقرة(196)]، وهي على التخيير كما هو ظاهر "أو"، وإن كان بعضهم يرى الترتيب، لكن "أو" هنا ظاهرة في التخيير.

رأي الإمام مالك أن مثل هذا ينحر، أين؟ كلامه السابق، "والذي يحكم عليه بالهدي في قتل الصيد، أو يجب عليه هدي في غير ذلك" يعني بسبب ترك مأمور مثلًا، أو ارتكاب محظور مما يوجب الهدي، "فإن هديه لا يكون إلا بمكة، كما قال تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [سورة المائدة(95)]"، وأما الصيام والصدقة في أي مكان، وعرفنا الخلاف في الصدقة.

هنا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- نحر عنه بعيرًا بالسقيا، وليست بمكة، فدل على أن مكان ذبح ما ترتب على قتل الصيد أو ارتكاب المحظور أنه في مكانه، ولا يلزم أن يبعث إلى الحرم، والمسألة خلافية.

"قال يحيى بن سعيد: وكان حسين" حسين بن علي "خرج مع عثمان بن عفان" يعني للحج "في سفره ذلك إلى مكة." ولم يخرج علي -رضي الله تعالى عنه- في هذه السنة. نعم؟

طالب:..........

لا، هذه بدنة، يجب عليه بدنة كاملة، لكن لو وجب عليه شاة.

طالب: ما الفرق بين هدي التمتع والقران، وبين هدي ارتكاب المحظور، وإنه جمع ..........

لا ما وجب فيه البدنة..، لا، كيف يشترك وهو واجب عليه بدنة كاملة؟ لكن لو وجب عليه شاة مثلًا.

طالب: كلامه مفهوم.

أين؟

طالب:......... كل واحد منهم عليه بدنة .........

لا حتى لو كان واحد عليه شاة يشتركان في بدنة؟ لا، عنده لا، ما فيه اشتراك، والجمهور على جواز الاشتراك. نعم.

أحسن الله إليك.

باب: الوقوف بعرفة والمزدلفة:

حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: ((عرفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن عُرَنة، والمزدلفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن محسر)).

وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- أنه كان يقول: "اعلموا أن عرفة كلها موقف إلا بطن عُرَنة، وأن المزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر".

قال مالك -رحمه الله-: قال الله -تبارك وتعالى-: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [سورة البقرة(197)]، فالرفث: إصابة النساء -والله أعلم-، قال الله -تبارك وتعالى-: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ} [سورة البقرة(187)]، قال: والفسوق: الذبح للأنصاب -والله أعلم-، قال الله -تبارك وتعالى-: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ} [سورة الأنعام(145)]، قال: والجدال في الحج: أن قريشًا كانت تقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة بقُزَح، وكانت العرب وغيرهم يقفون بعرفة، وكانوا يتجادلون، يقول هؤلاء: نحن أصوب، ويقول هؤلاء: نحن أصوب، فقال الله –تعالى-: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ} [سورة الحـج(67)]، فهذا الجدال فيما نُرى والله أعلم، وقد سمعت ذلك من أهل العلم.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب الوقوف بعرفة والمزدلفة".

الوقوف بعرفة ركن من أركان الحج، و((الحج عرفة))، والوقوف بالمزدلفة من واجبات الحج في قول الأكثر وليس بركن خلافًا لمن زعم ذلك، وليس بسنة كما قاله بعض أهل العلم، فالترخيص فيه لأهل الأعذار، يدل على عدم ركنية؛ إذ الركن لا يرخص فيه، وأيضًا الحاجة إلى الترخيص يدل على الوجوب؛ إذ المندوب لا يحتاج إلى استئذان وطلب رخصة، فأعدل الأقوال أن المبيت بمزدلفة واجب، من تركه يجبره بدم عند جمهور العلماء.

قال: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((عرفة كلها موقف..))"

يعني يجزئ الوقوف في أي جزء منها، على أن يتأكد الإنسان أنه في محيط عرفة، داخل عرفة، ولا يتساهل في هذا؛ لأنه لو وقف وانصرف وهو قريب جدًّا من حدود عرفة لمَّا يدخلها، حجه ليس بصحيح، فعرفة كلها موقف فيجزئ فيها "((وارتفعوا عن بطن عُرَنة))" وهو موضع بين منى وعرفات، يقولون ما بين العلمين الكبيرين جهة عرفة، والعلمين الكبيرين من جهة مِنى، يعني من بين الحدود.

وبطن عرنة ليس من عرفة؛ ولذا أمر بالارتفاع عنه، ونسب للإمام مالك -رحمه الله تعالى- أنه يقول: أن بطن عرنة من عرفة، لكن لا يجوز –يجزئ- لكن لا يجوز الوقوف فيه، يحرم الوقوف ببطن عرنة، وإن كان من عرفة، طيب الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((وارتفعوا عن بطن عرنة))، كيف يقول: ارتفعوا وهو من عرفة؟ قالوا: لأنه لو لم يكن من عرفة، لما احتاج أن يذكر، ((عرفة كلها موقف))، لكن مفهومه أن ما عدا عرفة ليس بموقف، فلو كان بطن عرنة ليس من عرفة لما احتيج إلى التنبيه عليه؛ ولذا لم يقل -عليه الصلاة والسلام-: عرفة كلها موقف، وارتفعوا عن منى، ارتفعوا عن مزدلفة؛ لأنها ليست من عرفة، لكن لما كانت بطن عرنة من عرفة احتاج إلى أن ينبه عليه؛ لأن الوقوف لا يجوز فيه، يأثم والوقف فيه وإن كان مجزئًا، والصواب قول عامة أهل العلم: أن بطن عُرنة ليس من عرفة، فلذا من وقف فيه فحجه باطل "((وارتفعوا عن بطن عرنة، والمزدلفة كلها موقف..))" المزدلفة يقال لها جمع؛ لأنه يجتمع فيها الناس بعد الوقوف، وهي أيضًا يزدلف فيها الناس يتقربون فيها، "((والمزدلفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن محسِّر..))" ارتفعوا عن بطن محسِّر، وهو وادٍ بين منى ومزدلفة، يقال: إن فيه أبرهة حسَر فيه وأعيى، وكل وتعب "وارتفعوا عن بطن محسر.. نعم؟

طالب:.............

المقصود أنه في وقت الوقوف وجد في عرفة.

طالب:...........

يعني من غير نية، من غير قصد.

طالب:...........

يعني ما قصد أن يدخل إلى عرفة، الأصل ..

طالب: هو عند نفسه الموقف ...........

أنا عارف، لكن دخوله.. تصوره باطل يعني، وما يتبع هذا التصور من الوقوف باطل، لكن هو دخل عرفة، ووجد فيها في الظرف الذي هو وقت الوقوف، لكنه من غير قصد، نعم.

طالب:...........

يعني أنت افترض  أنه يبغي .. يقصد مكان ثم صرفه المرور إلى جهة ودخل عرفة، وخرج منها على أساس أنها ما هي بعرفة، مثله.

طالب:............

معروف كلامك واضح، لكن حديث عروة بن مضرس: ((من أدرك صلاتنا هذه، وكان قد وقف قبل ذلك بعرفة أية ساعة من ليل أو نهار، فقد أدرك الحج))، فكونه هؤلاء يقولون: لو مُر به، لكن الذي يظهر أنه ما دام الوقوف بعرفة عبادة من العبادات، وركن ركين من أركان هذه العبادة التي هي من أركان الحج إنه لابد أن يقصد؛ لأن الأعمال بالنيات، فإذا لم يقصد الدخول، ولم يقصد الوقوف بعرفة، لا يجزئ.

طالب:.........

نعم، هل هو رجع، ووقف وإلا ما رجع؟

طالب:.........

صلاة الفجر.

طيب، وما الذي ترتب عليه؟

طالب:..........

لكن وقف مرة بعرفة والجبال ناويًا الوقوف عندها، وإن لم يعرفها، لكن إذا تردد شخص جاء بعد ما انصرف الناس، ثم تردد هل هذه عرفة أو هذه؟ قال: هذه نحتمل..، مثل جهات القبلة إذا أشكلت عليه، يصلي إلى عدد الجهات التي تحتمل أنها القبلة، فوقف عند هذا الجبل باعتبار أنها عرفة، ثم وقف عند الجبل الثاني باعتبار أنه قصد الوقوف في هذا المكان، إذًا ما ينفع، لما دخل لو قال: والله أنا شاك الآن في هذا المكان، أنا جالس على أساس أنه من عرفة –وهو بطن عرنة- لكن أنا شاك أبغي أدخل –أيضًا- أجرب هذا المكان، لكن قاصد لدخوله، فرق بين هذا وهذا.

طالب: .............

لا، هو متأكد، يعني يغلب على ظنه أنه بعرفة، وهو ببطن عرنة، البقاء لازم وجوده في عرفة، فدخل يشتري ورجع ما قصد الوقوف في دخوله.

طالب:..........

لا ما تكفي.

طالب:...........

لكن هذه عبادة تحتاج إلى نية، ((وإنما الأعمال بالنيات)).       

طالب:...........

أين؟

طالب:..........

نحن أكملنا..

طالب:.........

هنا فرق بين شخص يعرف أن عرفة فيها جبل، وجاء وقف عند جميع الجبال على أساس أنها عرفة، هذا حجه صحيح؛ لأنه قاصد الوقوف عند هذا الجبل، لكن شخص ما بذهنه أنه يدخل لعرفة، هو لزم هذا المكان الذي ليس من عرفة، وانتهى وقت الوقوف في هذا المكان، والذي يغلب على ظنه أنه بعرفة، ماذا نقول عن حجه؟ صحيح وإلا فاته الحج؟ فاته الحج. هو رأى مثلًا قيل له: قم عن هذا المكان، قم لا تجلس في هذا المكان، هذا المكان ممنوع الجلوس فيه، ثم دخل إلى عرفة غير قاصد، وهو عنده أن وقوفه في المكان الأول، نيته للمكان الأول، أو مثلًا لاح له لائح، مثلًا: بقالة أو شيء يشتريه، أو دورة مياه مثلًا: بعرفة راح يقضي حاجته ويرجع، هل نقول: إنه قصد الوقوف في هذا؟

طالب:.........

أين؟

طالب:.........

لا، لا.. هو خرج من عرفة، هو في نيته أنه خرج من عرفة، هو في نيته أن بطن عرنة هل هي عرفة؟

طالب:......... ما حدد ........

يعني قصده هذا المكان، وما حوله كله عرفة، ودخل في الجزء ...لا إشكال فيه، ما فيه إشكال، لا، أنا أتصور لو كان دخوله لعرفة بنية الخروج من عرفة.

طالب: لا هو ما يعرف ..........

ما فيه إشكال.

طالب:.........

ما فيه إشكال، الإشكال فيما لو دخل عرفة بنية الخروج من عرفة.

طالب:..........

نعم.

طالب:..........

حتى الذي دخل فيه والتي فيها البقالة من عرفة.

طالب: نعم.

انتهى الإشكال، انتهى، لكن لو قام من مكانة بنية الخروج من عرفة من أجل أن يشتري.

طالب:..........

لا، هذا يختلف تمامًا. نعم؟

طالب:..........

ولو لحظة، مجرد مرور، يكفي عند أهل العلم ولو مرور.

طالب:..........

نعم، ولو بالليل ما لم يطلع الفجر.

((وارتفعوا عن بطن محسر))، هذا الحديث الذي ذكره الإمام مالك بلاغًا، وهو موصول في صحيح مسلم من حديث جابر، في الحديث الطويل، وأيضًا في السنن من حديث أبي هريرة، فالحديث صحيح، حديث جابر: ((وقفت هاهنا، وعرفة كلها موقف))، ((وقفت هاهنا، وجمع كلها موقف)) المقصود أن الحديث لا إشكال فيه.

"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة" يعني ابن الزبير "عن" عمه "عبد الله بن الزبير أنه كان يقول: اعلموا أن عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة، وأن المزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر".

وبمعنى الحديث السابق، وهذا وإن كان موقوفًا، إلا أن الإمام مالك -رحمه الله تعالى- كثيرًا ما يردف المرفوع بالموقوف؛ ليبين استمرار العمل بهذا الحديث، وأنه أفتي به بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- فليس بمنسوخ.

"قال مالك -رحمه الله-: قال الله -تبارك وتعالى-: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [سورة البقرة(197)]" يريد أن يفسر الأمور الثلاثة، الرفث والفسوق والجدال قال: "فالرفث: إصابة النساء" الذي هو الجماع، وعلى هذا إذا كان دون الجماع، فيما دون الجماع، سواء كان بقول أو بفعل، يدخل في الرفث وإلا ما يدخل؟

طالب:.............

على كلامه.

طالب:..........

ما يدخل، "فالرفث: إصابة النساء -والله أعلم-، قال الله -تبارك وتعالى-: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ} [سورة البقرة(187)]" فالمقصود به هنا الجماع، وعامة أهل العلم على أن الرفث: الجماع، وما يقصد به الجماع، والكلام الفاحش الذي يواجه به النساء، ومنهم من يرى إطلاق الرفث على الكلام المتعلق بالنساء، ولو كان بين الرجال، البيت المنسوب الذي يذكر عن ابن عباس معروف لكنه غير مناسب أن في مثل هذا المكان.

قال: والفسوق: الذبح للأنصاب" إصابة النساء فرد من أفراد الرفث، والفسوق الذبح للأنصاب فرد من أفراد الفسوق، فهل معنى هذا أن مالك      يقصر تفسير العام بفرده، أو يريد أن يمثل؟ وهو يقول: الرفث إصابة النساء، تعريف الجزأين، تعريف الجزأين يدل على الحصر، لكن لا شك أن مثل هذا يكون من باب التعريف بالفرد من الأفراد، وهذا لا يقتضي التخصيص، في الحديث: ((ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي))، في تفسير النبي -عليه الصلاة والسلام- لقوله -جل وعلا-: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [سورة الأنفال(60)]، قال عليه الصلاة والسلام: ((ألا إن القوة الرمي))، هذا فرد من أفراد، الرمي لا يقتضي الحصر ولا يخصص به، ومثله ما معنا.

 "قال: والفسوق: الذبح للأنصاب -والله أعلم-، قال الله -تبارك وتعالى-: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ} [سورة الأنعام(145)]" لاشك أن هذا من أعظم الفسوق، كما أن إصابة النساء من أشد الرفث، فمثل هذا التفسير لا يقتضي الحصر.

"قال: والجدال في الحج: أن قريشًا كانت تقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة بقُزَح، وكانت العرب وغيرهم يقفون بعرفة" يعني الحُمْص لا يخرجون عن الحرم، ويقولون: نحن أهل الحرم كيف نخرج عنه؟ وأما من عداهم من قبائل العرب فهؤلاء يخرجون إلى الحل، والحل هنا عرفة؛ ولذا لما جاء جبير بن مطعم إلى عرفة وقد أضل بعيره، وجد النبي -عليه الصلاة والسلام- واقف مع الناس استغرب! كيف يقف مع الناس وهو من الحمص؟! والحمص لا يخرجون من الحرم!: {ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [سورة البقرة(199)]، يعنى ما فيه فرق بين قرشي هاشمي، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما فيه فرق بينه وبين غيره، الذي يجب عليه يجب على غيره في مثل هذه العبادات.

"قال: والجدال في الحج أن قريشًا كانت تقف عند المشعر الحرام من مزدلفة بقزح، وكانت العرب وغيرهم يقفون بعرفة" يخرجون عن الحرم؛ لأنهم ليسوا هم أهل الحرم "وكانوا يتجادلون يقول هؤلاء: نحن أصوب، ويقول هؤلاء: نحن أصوب" كل يصوب فعله ويتجادلون، فهذا هو فرع وصورة من صور الجدال، قل مثل هذا في ما يحصل في اجتماع الناس من عامة، ومن صالحين، وأخيار وطلاب علم، يكثر الجدال والنزاع، وأحيانًا لا أثر له ولا نتيجة عملية، ما له فائدة، ما يترتب عليه فائدة، ويطول الجدال، وترتفع الأصوات، وهذا داخل..هذا داخل، لاشك أنه جدال وفي الحج –أيضًا-.

"فقال الله –تعالى-: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ} [سورة الحـج(67)]، فهذا الجدال"، المقصود أن الإنسان يتمسك بالحق الذي عليه الدليل، ولا يتعصب لرأيه، أو تأخذه العزة بالإثم، فينتصر لقول باطل لا دليل عليه، قد يزيد على ذلك، فيلزم بلوازم، ولو كانت باطلة، مثل هذا هو الجدال الممنوع.

"فهذا الجدال فيما نرى" يعني فيما نظن "والله أعلم، وقد سمعت ذلك من أهل العلم". نعم.

أحسن الله إليك.

باب: وقوف الرجل وهو غير طاهر، ووقوفه على دابة:

سئل مالك –رحمه الله تعالى- هل يقف الرجل بعرفة، أو بالمزدلفة، أو يرمى الجمار، أو يسعى بين الصفا والمروة وهو غير طاهر؟ فقال كل أمر تصنعه الحائض من أمر الحج فالرجل يصنعه وهو غير طاهر، ثم لا يكون عليه شيء في ذلك، ولكن الفضل أن يكون الرجل في ذلك كله طاهرًا، ولا ينبغي له أن يتعمد ذلك.

وسئل مالك عن الوقوف بعرفة للراكب، أينزل أم يقف راكبًا؟ فقال: بل يقف راكبًا إلا أن يكون به أو بالدابة علة، فالله أعذر بالعذر.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب وقوف الرجل" ومثله المرأة "وهو غير طاهر" وقوف الرجل بعرفة وهو غير طاهر، ومثله المرأة، فالمرأة الحائض تقف: ((افعلي واصنعي ما يصنع الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت))، فالحائض تقف مع الناس، وهل الجنب يقف مع الناس؟ وإلا ما يقف؟ نعم.

طالب:............

صلى الجمع الظهر والعصر في أول الوقت، ثم غفا إغفاءة احتلم فيها، يلزمه أن يغتسل الآن أو متى ما اغتسل؟ إذا أراد الصلاة بمزدلفة؟

طالب:............

يلزم أم ما يلزم.

طالب:..........

إذا أراد الصلاة يلزمه ........ ما يصلي وهو جنب، لكن يقف الآن، هو الآن صلى في الساعة الواحدة، ظهر وعصر جمع تقديم، ثم أغفا إغفاءة يسيرة احتلم فيها، وكم بقي على الغروب؟ بقي ست ساعات، يقول: أنا ما أنا مغتسل حتى أريد الصلاة التي من شرطها الطهارة، يريد أن يقف وهو جنب، ما المانع.

طالب:.............

الحائض تقف: ((اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي في البيت)).

طالب:.........

يدعو لكن ما يقرأ، يقول: ما أنا بقارئ، فقط أريد أن أدعو دعاء.

طالب:...........

يعني لو سكت من دخل عرفة إلى أن خرج، نقول: محروم، لكن وقوفه صحيح أم باطل؟

طالب: صحيح.

صحيح، لكن هل يلزمه أن يغتسل الآن؟

طالب: لا يلزمه إلا إذا أراد الصلاة.

إلا إذا أراد الصلاة، أو أراد ما يشترط له الطهارة، فوقوف الرجل وهو غير طاهر، لكن لا شك أن الأكمل أن يقف طاهرًا، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- ووقوفه على الدابة، النبي -عليه الصلاة والسلام- وقف على الدابة، كما في حديث جابر في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام-، وجعل بطنه إلى الصخرات، وهو متجه إلى القبلة. نعم.

يقول: إن الإمام مالك ممن عرف عنه أنه لا يروي إلا عن ثقة، وخرَّج الرواية عن عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف، الإمام مالك هذه طريقته وهذا منهجه، وكونه ما يخل بهذا المنهج، هذا موجود عند عامة أهل العلم، تقعيد شيء ثم عند التطبيق يخرجون عن هذا التقعيد، لأمر يختص بما خرجوا إليه، والإمام مالك فيما نقل عنه قال: إن هذا -أبا أمية عبد الكريم بن أبي المخارق- قال: إنه غره بكثرة جلوسه في المسجد، فخرج عنه، روى عنه، المقصود أنه ليس بمعصوم، من قعّد قاعدة لا بد أن تنخرم عليه، يذكرون قواعد عامة ثم بعد ذلك يخالفونها، إما لأمر اقتضى هذه المخالفة، أمر اختص بما خرجوا إليه، أو لأنهم غفلوا عن ذلك؛ ولذا قالوا: من اشترط أن لا يروي إلا عن ثقة، ثم روى عمّن لم يسمه، أو نص على أنه ثقة، حدثني الثقة، يقبل؟ ما يقبل حتى يسمه، ولو قال: جميع أشياخه ثقات، لا يقبل حتى يسمي من يروي عنه منهم؛ لأنه قد يكون ثقة عنده، لكنه عند غيره ليس بثقة، فمثل هذا ما يستدرك على مالك -رحمه الله-.

يقول: "باب وقوف الرجل وهو غير طاهر، ووقوفه على دابة".

"سئل مالك: هل يقف الرجل بعرفة، أو بالمزدلفة، أو يرمي الجمار، أو يسعى بين الصفا والمروة وهو غير طاهر؟ فقال: كل أمر تصنعه الحائض من أمر الحج فالرجل يصنعه وهو غير طاهر"

لأنه ما استثني بالنسبة للحائض إلا الطواف بالبيت، فما عدا ذلك يصح من المرأة الحائض، ويصح من غيرها ممن هو غير طاهر.

"فالرجل يصنعه وهو غير طاهر ثم لا يكون عليه شيء في ذلك" ثم لا يكون عليه شيء في ذلك.

سعى وهو غير طاهر، يلزمه شيء؟ وقف وهو غير طاهر، يلزمه شيء؟

شخص كبير السن من العوام سعى أربعة عشر شوطًا؛ لأنه فاهم أن السعي ذهابٌ وإيابٌ، فلما أتم السعي، استرجع وقال: إنه على غير طهارة، فتوضأ ثم أعاده، أربعة عشر ثانية، ثم بعد ذلك سعى، فقيل له: يكفيك ربع ما صنع. هو صحيح على فعله يعني سعى ثمانية وعشرين شوطًا، نعم.

ثم لا يكون عليه شيء في ذلك، والفضل أن يكون الرجل في ذلك كله طاهر.

نعم هذه عبادات، ومزاولتها على أكمل حال لا شك أنه أفضل، وهذا من تعظيم شعائر الله، جاء في الصلاة {خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [سورة الأعراف(31)]، فكون الإنسان على أكمل هيئة، ويفعل ذلك كما قال الإمام مالك -رحمه الله-: على أكمل الوجوه، وقد كان الإمام مالك ممن يعتني بهذا الأمر، ويهتم لشؤون العبادات والتحديث وغيرها، كلها يعطيها على أكمل وجه.

"والفضل أن يكون الرجل في ذلك طاهرًا، ولا ينبغي له أن يتعمد ذلك" لا ينبغي له أن يتعمد أن يكون على غير طهارة، فإن تيسر له أن يرفع الحدث فليبادر.

"وسئل مالك عن الوقوف بعرفة للراكب" سئل مالك عن الوقوف بعرفة للراكب، قلنا: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقف راكبًا "أينزل أم يقف راكبًا؟ فقال: بل يقف راكبًا" اقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- "إلا أن يكون به" لا يستطيع أن يستمر واقفًا على الدابة، به علة "أو بدابة" علة، بحيث لا تطيق أن تحمله وقت الوقوف، فإن كان به "أو بدابة علة فالله أعذر بالعذر"، يعني فالله -جل وعلا- يعذره؛ لأن هذه سنن، وغاية ما يقال في تركها: إنها مكروهة، غاية ما يقال في ذلك، والكراهة تزول بأدنى حاجة كما يقول أهل العلم. نعم.

أحسن الله إليك.

باب: وقوف من فاته الحج بعرفة:

حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: "من لم يقف بعرفة من ليلة المزدلفة قبل أن يطلع الفجر فقد فاته الحج، ومن وقف بعرفة من ليلة المزدلفة من قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج".

وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: "من أدركه الفجر من ليلة المزدلفة ولم يقف بعرفة فقد فاته الحج، ومن وقف بعرفة من ليلة المزدلفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج".

قال مالك في العبد يعتق في الموقف بعرفة: فإن ذلك لا يجزئ عنه من حجة الإسلام إلا أن يكون لم يحرم فيحرم بعد أن يعتق، ثم يقف بعرفة من تلك الليلة قبل أن يطلع الفجر فإن فعل ذلك أجزأ عنه، وإن لم يحرم حتى طلع الفجر كان بمنزلة من فاته الحج إذا لم يدرك الوقوف بعرفة قبل طلوع الفجر من ليلة المزدلفة، ويكون على العبد حجة الإسلام يقضيها.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: وقوف من فاته الحج بعرفة".

وقوف من فاته الحج بعرفة، بعرفة: جار ومجرور متعلق بماذا؟ الآن الجار والمجرور متعلق بوقوف.

طالب:.............

وقوف بعرفة من فاته الحج؟

طالب:............

أو فاته الحج بفوات عرفة؟

طالب:.............

باب وقوف بعرفة من فاته الحج، يعني إذا وقف بعرفة من فاته الحج، ما الحكم؟ جاء يوم النحر ووقف بعرفة، يقول باب وقوف من فاته الحج بعرفة، أو فاته الحج بفوات عرفة، تقديره هكذا؟

"حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: من لم يقف بعرفة من ليلة المزدلفة قبل أن يطلع الفجر فقد فاته الحج، ومن وقف بعرفة من ليلة المزدلفة من قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج".

كلام ابن عمر موافق لما جاء بحديث عروة بن مضرس: ((من أدرك صلاتنا هذه، وكان قد وقف قبل ذلك بعرفة أية ساعة من ليل أو نهار، فقد أدرك الحج))، مفهومه أن من لم يدرك ساعة من ليل أو نهار، قبل صلاة الصبح، فإنه يكون حينئذ فاته الحج "من لم يقف بعرفة من ليلة المزدلفة قبل أن يطلع الفجر فقد فاته الحج، ومن وقف بعرفة من ليلة المزدلفة من قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج"، يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه" عروة بن الزبير "أنه قال: من أدركه الفجر من ليلة المزدلفة، ولم يقف بعرفة، فقد فاته الحج، ومن وقف بعرفة من ليلة المزدلفة من قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج" فالوقوف بعرفة يجزئ بالوقوف ولو يسارًا بعرفة في اليوم التاسع وليلة العاشر التي هي ليلة النحر، ويقولون: إن كل ليلة تابعة لليوم الذي يليها إلا ليلة يوم النحر، فهي تابعة لليوم الذي قبلها، يعني حكمًا؛ لأنك ما تستطيع أن تقول: هذه ليلة عرفة، ليلة النحر، تقول: ليلة النحر، لكن ما تقول: ليلة عرفة، وإن كانت في الحكم تابعة ليوم عرفة لإجزاء الوقوف فيها، نعم؟

طالب:.............

أما من مر بها ليلًا فلا شيء عليه عند أهل العلم، ما عليه شيء.

ومن وقف بها نهارًا ثم انصرف قبل غروب الشمس، نعم؟

طالب:.........

هذا قالوا: خالف فعل النبي -علية الصلاة والسلام- فيجبر هذه المخالفة بالدم، هذا إذا انصرف قبل غروب الشمس، أما إذا انتظر حتى تغرب الشمس ثم انصرف، فلا شيء عليه، وقد أدى ما عليه، هذا فعله -عليه الصلاة والسلام-.

طالب:..........

الوقوف قبل الزوال، حديث عروة بن مضرس: ((وكان قد وقف قبل ذلك ساعة من ليل أو نهار)) يدل على جواز الوقوف قبل الزوال؛ لأنه يصدق عليه أنه وقف ساعة من نهار وهذا قول الحنابلة، الحنابلة يجيزون الوقوف قبل الزوال، استدلالًا بعموم هذا الحديث، وغيرهم يقول: لا يجزئ الوقوف قبل الزوال؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- تحرى ذلك، وصلى الجمع ثم وقف، ولم يذكر عن أحد من أصحابه أنه وقف قبل الزوال.

طالب:...........

ما هو بهذا.

طالب:..........

قضينا من عروة بن مضرس، قضينا منه.

هذا النبي -عليه الصلاة والسلام- لما صلى الظهر والعصر جمع، دخل عرفة، نعم؟ لماذا لم يدخل قبل الصلاة وينصرف قبل الصلاة؟

أو يستفتى هل الوقوف قبل الصلاة يجزئ أو ليس بمجزئ، يعني قبل الزوال؟ ما وقع من أصحابه -عليه الصلاة والسلام- أن أحدًا منهم وقف قبل الزوال، فوقف هكذا، وقال: ((خذوا عني مناسككم))، أما بالنسبة للحاجة للسائل فليست داعية؛ لأنه ما تتصور أنه واقف قبل الزوال، مر عروة بن مضرس عرفة قبل الزوال ويأتي ليدرك صلاة الفجر. نعم؟

طالب:.............

قاعدة عامة. نعم.

طالب: قاعدة عامة.

نعم، لكن هل الفعل يخصص القول، القول يُخَص بالفعل؟

طالب:...........

لا هو فعل فعله، يعني وقع في فعله -عليه الصلاة والسلام- ما هو ركن، ووقع في فعله ما هو واجب، ووقع في فعله ما هو مستحب، وقال عن الجميع: ((خذوا عني مناسككم)).

فالأدلة الأخرى هي التي ترجح، هل هو ركن أم واجب أم مستحب؟ لابد من النظر في الأدلة الأخرى.

فهل وقوفه -عليه الصلاة والسلام- بعد الزوال وقوله: ((خذوا عني مناسككم)) كاف في إيجاب الوقوف في هذا الوقت، وأنه لو وقف في غيره لا يجزئ، الجمهور على أنه لا وقوف قبل الزوال، والمعروف عند الحنابلة أنه يجزئ. نعم؟

طالب:..........

الحنابلة عملوا بحديث عروة بن مضرس، والجمهور عملوا بفعله -عليه الصلاة والسلام-، نعم؟

طالب:.........

"قال مالك في العبد يعتق في الموقف بعرفة" حج به سيده لما صار بعرفة قال: أنت حر.

قال مالك في العبد يعتق في الموقف بعرفة: "فإن ذلك لا يجزئ عنه من حجة الإسلام" يعني لا يقع، لا يجزئ عنه، بل لا بد أن يحج حجة الإسلام، قل مثل هذا فيمن بلغ بعرفة، وكان وقت إحرامه غير مطالب بالحج على جهة الوجوب، فلما أحرم الصبي بالحج على نية النفل أو الفرض؟

طالب: النفل.

النفل، العبد لما أحرم بالحج، والمعمول به أنه يلزمه إذا عتق حجة الإسلام، هذا أحرم بالحج ثم لما وصل إلى عرفة بلغ الصبي وعتق الرقيق، هل نقول: أكمل، وانقلب الإحرام من نفل إلى فرض؟ ينقلب أم لا ينقلب؟

طالب: ما ينقلب.

الإمام مالك يقول: "في العبد يعتق في الموقف بعرفة فإن ذلك لا يجزئ عنه من حجة الإسلام، إلا أن يكون لم يحرم" يعني جاء يوم عرفة وهو ما أحرم، يحرم، وإحرامه يكون بعد عتقه يكون نفلاً أم فرضًا؟

طالب: فرض.

فرض، وإحرامه بعد بلوغه نفل أم فرض؟

طالب: فرض.

فرض، نعم. "إلا أن يكون لم يحرم فيحرم بعد أن يعتق، ثم يقف بعرفة من تلك الليلة" يعني مثل ما صور النووي -رحمه الله تعالى- من أفسد حجه، هل يمكن أن يقضي هذا الحج الفاسد في هذه السنة؟ صوره في مسألة واحدة، وهي إذا أُحصر، وتحلل، ثم فك الإحصار، نوى الخروج بطريق شرعي من النسك، ثم بعد ذلك يفك الإحصار له أن يحرم، ويأتي بحجة هي قضاء ما أفسد من حج. نعم؟

طالب:..........

الصحابة غيروا، غيروا من حج إلى عمرة، والذي حج عن غيره قيل له: ((حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة))، المقصود أن مثل هذا..

طالب:...........

نعم؛ لأنه يحل محله.

طالب:.........

نعم.

طالب:..............

طيب، والرقيق له حج.

طالب:..........

له حج.

طالب:...........

لا، ما يجزئ.

طالب: ما يجزئ.

الصبي هذا الذي رُفع له حج من حيث الأجر، لكن لا يجزئ عن حجة الإسلام، ومثله من عتق.

"إلا أن يكون لم يحرم، فيحرم بعد أن يعتق، ثم يقف بعرفة من تلك الليلة" يعني يستطيع، الآن المسألة المفترضة فيه من وصل إلى المحرم وهو غير مكلف، أو رقيق، ثم لما وصل عرفة كُلِّف، أو اعتق الرقيق، هل نقول له: ارجع إلى المحرم، وأحرم من جديد بنية أداء الفريضة؟ أو نقول: إن النية نفسها انقلبت من نفل إلى فرض؟ الإمام مالك يقول: لا، إذا أحرم لزمه ما أحرم به، نفل نفل، فرض فرض. أين؟

طالب:.........

نعم، إذا عتق وهو بعرفة وهو لم يحرم، يعني ترون كثيرًا من الناس الآن موجودين بعرفة وهم عليهم ثيابهم، ما أحرموا، نعم.

طالب:..........

موجود هذا، لاسيما من يتولى الخدمة؛ لأن الخدمة بالثوب أيسر له، ثم بعد ذلك يحرم، هل نقول له: تحرم من مكانك أو من الميقات الذي مررت به؟ نعم، يعني من حيث أنشأ. نعم.

طالب: إذا كان متمتعًا.

إذا كان متمتعًا، نعم يتصور في المتمتع، دخل بعمرة ثم بين الحج والعمرة كلف أو اعتق، هذا يحرم بحج واجب لا إشكال فيه، لكن جاء ينشأ العمرة، ولا أحرم من الحج، وإلا أنهى من نسك العمرة، ثم كلف أو أعتق.

على كل حال يقول: "إلا أن يكون لم يحرم فيحرم بعد أن يعتق، ثم يقف بعرفة من تلك الليلة، قبل أن يطلع الفجر" يعني إذا أدرك الوقوف بعرفة قبل طلوع الفجر بعد أن أحرم إحرامًا يتصور فيه وجوب النسك، يعني أحرم إحرام نسك واجب، فإن فعل ذلك أجزئ عنه، يعني جاء متمتعًا، اعتمر عمرة قبل تكليفه أو قبل عتقه، ثم حج الحج بعد تكليفه أو بعد عتقه، نقول: الحج مجزئ عن حجة الإسلام، لكن العمرة عند من يقول بوجوبها لا تجزئ.

"وإن لم يحرم حتى طلع الفجر كان بمنزلة من فاته الحج" طيب واقف مع الناس، نقول: هو وقف على أساس أنه متنفل وليس بمفترض "كان بمنزلة من فاته الحج إذا لم يدرك الوقوف بعرفة قبل طلوع الفجر من ليلة المزدلفة، ويكون على العبد حجة الإسلام يقضيها" وجاء في هذه المسألة حديث: ((أيما عبد فعليه...... حجة أخرى))، ومثله الصبي، ما فيه حديث!

"ويكن على العبد حجة الإسلام يقضيها" والمسألة خلافية؛ لأن الحج عرفة، وقد أدرك عرفة.

أقول: هذا النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((الحج عرفة))، وقد أدرك عرفة، إذًا أدرك الحج؛ ولذا يقول في التنقيح: "إن أسلم الكافر، أو أفاق المجنون، أو بلغ الصغير، أو عُتق العبد في الحج قبل الخروج من عرفة، أو بعده قبل فوات وقته إن عاد فوقف وفي العمرة قبل طوافها فيجزيهم.

طيب النية التي دخل بها نية نفل، يعني هل ينقلب النفل إلى فرض؟ نعم؟

طالب:..........

نعم، لكن أنت تفترض أنك صليت متنفلاً، وفي أثنائه قلبتها فرضًا.

طالب: يا شيخ هو لم يحج أصلًا، هو هذا الحج الذي كتب عليه لم يكتب عليه حج الفريضة، فالآن وجبت عليه.

هو هنا متنفل.

طالب: .........

يعني دخل في النسك هو متنفل، لكنه أدرك جميع أركان الحج، ما عدا نية الدخول في النسك.

طالب: لكن الكلام هو أصلًا دخل؛ لأنه هذا الذي كتب عليه شرعًا؛ لأنه غير مطالب به.

ما هو بالإشكال في هذا، ما نختلف، ولا يختلون هم في هذا، الكلام على أنه أعتق بعرفة أو بلغ، ويتمكن من الرجوع إلى الميقات، يرجع إلى السيل ويحرم بحج واجب، حجة الإسلام ،أو يحرم في مكانة من الحل بعرفة، أو لا يحرم استصحابًا للإحرام السابق، وينقلب هو بذاته فرضًا، أما الصلاة فلا يجوز فيها مثل هذا الكلام، الصلاة لا يمكن أن يحرم بها، يكبر تكبيرة الإحرام بنية النفل ثم تنقلب فرضًا –أبدًا-، هم يجيزون العكس، "وإن قلب منفرد فرضه نفلًا في وقتها متسع جاز، لكن من الأدنى إلى الأعلى لا".

يقول -رحمه الله تعالى-: وإن لم يحرم حتى طلع الفجر كان بمنزلة من فاته الحج إذا لم يدرك الوقوف بعرفة قبل طلوع الفجر من ليلة المزدلفة، ويكون على العبد حجة الإسلام يقضيها.

يقول في التنقيح: "إن أسلم الكافر، أو أفاق المجنون، أو بلغ الصغير، أو عُتق العبد في حج قبل الخروج من عرفة أو بعده قبل فوات وقته إن عاد فوقف، وفي العمرة قبل طوافها فيجزيهم.

قال الموفق وغيره: "إنما يعتد بإحرام ووقوف موجودين"، إذًا. نعم.

طالب:.........

وما قبله تطوع لم ينقلب فرضًا، وقال المجد وغيره: ينعقد إحرامه موقوفًا، يعني إذا شك، هو قريب من البلوغ، فقال: إن بلغت قبل فوات الحج في في طلوع فجر يوم النحر، فهو فرض أم نفل، يعني كمن تردد في نية رمضان، إن كان غدًا من رمضان.

طالب: صمت.

فرض أم نفل، مثله، الحنابلة ما يجيزون مثل هذا التردد، لكن شيخ الإسلام لاسيما إذا علق أمره برؤية الهلال، واحتاج إلى النوم قبل ذلك، فهذه النية تكفيه، فمثل هذا قال: إن عتقت قبل عرفة فهي حجة الإسلام وإلا تستمر نفلًا. نعم.

يقول الموفق: "إنما يعتد بإحرام ووقوف موجودين إذًا، وما قبله تطوع لم ينقلب فرضًا".

وقال المجد وغيره: "ينعقد إحرامه موقوفًا إذا تغير حاله تبين فرضيته، ولا شك أن المشقة اللاحقة بمثل هذا أنه يحرِم، ثم يطالب بالحج مرة ثانية، يعني لو قيل له: أحرم ثانية بنية الفرض، نعم.

طالب: في موضعه.

هو الآن لما أحرم الإحرام الأول يلزمه إتمامه؛ لقول الله -جل وعلا-: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [سورة البقرة(196)]، لكن هو أحرم نفلاً، لو قطع الإحرام الأول أبطله، لاشك أنه يأثم، وهم يقولون: الإحرام لا يمكن  رفضه، يستمر محرمًا ولو رفضه، وإذا أدخل إحرام على إحرام عندهم صحيح أم باطل؟ إحرام على إحرام  في غير صورة ما إذا حاضت وخشيت فوات الحج فأدخلت الحج على العمرة، صارت قارنة، نعم.

طالب:..........

سواء حجها أو عمرتها إن كانت فريضة فهي فريضة، وإن كانت نافلة فنافلة، لكن الآن نريد أن ندخل حجًّا واجبًا على حج مستحب، هذا لا يدخل عندهم، وعلى كل حال المسألة خلافية، والأمور تقدر بقدرها.

والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"