شرح متن الورقات في أصول الفقه (18)

الثالث: قياس الشبه وهو الفرع المتردد بين أصلين، هنا يقول: قياس الشبه: هو الفرع المتردد بين أصلين فيلحق بأكثرهما شبهاً: يعني يوجد فرع لا حكم له في الشرع -لم ينص عليه- وهناك أصل يشبه، يشبهه هذا الفرع من وجه له حكم شرعي، وهناك أيضا أصل آخر يشبهه هذا الفرع له حكم شرعي، فيتردد الفرع بين هذين الأصلين، وحينئذ قد تحصل الحيرة وقد لا تحصل حيرة، إذا ترجح أحدهما أمر سهل، يعني أشبه هذا الأصل من وجه، وأشبه الأصل الثاني من وجهين، فنلحقه بأكثرهما شبهاً.

أشبه هذا الأصل بثلاثة أوجه من أوجه الشبه ووجه الشبه الثاني -الأصل الثاني- من خمسة أوجه فنلحقه بأكثرهما شبهاً.

ابن قدامة في الروضة يقول: اختلف في تفسيره ثم في أنه حجة، فأما تفسيره فقال القاضي يعقوب: هو أن يتردد الفرع بين أصلين حاضر ومبيح، ويكون شبهه بأحدهما أكثر، نحو أن يشبه المبيح في ثلاثة أوصاف، ويشبه الحاضر في أربعة فنلحقه بأشبههما به -يعني بأكثرهما شبهاً به- ومثاله: تردد العبد بين الحر وبين البهيمة، العبد يقرر أهل العلم أنه لا يملك بالتمليك، وقال بعضهم بأنه يملك، فمن قال: لا يملك، قال: هو يشبه البهيمة من وجوه كثيرة، ومن قال: يملك، قال: هو يشبه الحر ولو من وجه، التكليف على أقل الأحوال، وتحمل المسؤولية، ينكح ويطلق، فهو مشبه للحر.

أذِّن ونكمل، أذِّن.

ما زلنا يا إخوان في قياس الشبه الذي مُثِّل له بالرقيق، وهو مشبه للحر من وجوه، ومشبه للبهيمة من وجوه، فإذا جنى هذا الرقيق جناية، هل تكون جنايته ملحقة بجناية البهيمة، أو تكون جناية ملحقة بجناية الحر؛ لأن له إرادة كالحر؟ أو نقول: لأنه لا يملك كالبهيمة، وأيضاً في ملكه خلاف، تبعاً لتردده بين هذين الأصلين؟

فمن وجوه شبهه يقول: مثلوا له بالعبد المتردد بين الحر وبين البهيمة في أنه يملك، وفي ضمان متلفه، فمن لم يملكه قال: حيوان؛ يجوز بيعه، ورهنه، وهبته، وإجارته، وإرثه أيش وإرثه يعني يورث كالمال سواء بسواء، أشبه الدابة، يشبه..، حيوان يجوز بيعه، ورهنه، وهبته، وإجارته، وإرثه، فهو مشبه للدواب.

ومن يملكه يقول: يملك بالتمليك، قال: يثاب، ويعاقب، وينكح، ويطلق، ويكلف أشبه الحر، فيلحق بما هو أكثر بهما شبهاً.

المذي مشبه فرع متردد بين أصلين، بين البول فيحكم بنجاسته، وبين المني فيحكم بطهارته.

أمثلة هذا النوع من قياس الشبه كثيرة، ولذا اختلف للآن عندنا قياس العلة، العلة موجبة فهو قوي، قياس الدلالة العلة غير موجبة، ولذا يحصل التنازع في بعض المسائل التي يستدل عليها بقياس الدلالة.

قياس الشبه أضعف وإلا أقوى؟ نعم؟

أنت إذا نظرت إلى قياس الدلالة، لا يوجد له إلا أصل واحد ما في تردد، الآن هذا التردد بين أصلين ألا يضعف الإلحاق؟ نعم؟ يعني لو أشبه أصلاً واحداً نعم، مالت النفس إلى إلحاقه بهذا الأصل صار من باب قياس الدلالة، لكن إذا ألحقناه بهذا الأصل جاءنا من يقول: لماذا لا نلحقه بكذا؟ فهو أضعف من النوعين السابقين، ولذا اختلفت الرواية عن الإمام أحمد في قياس الشبه، وروي أنه صحيح، وروي أنه غير صحيح، وللإمام الشافعي قولان كالروايتين، ووجه كونه حجة أنه يثير ظناً غالباً، يثير ظناً غالباً، أيش معنى يثير ظناً غالباً؟

يعني كون هذه المسألة، كون هذا الفرع أقرب شبه بهذا الأصل فيكون أرجح، يعني لو وجد فرع متردد بين أصلين على حد سواء في وجوه الشبه، الآن يثير ظناً غالباً وإلا شكاً؟

شك، مع الاحتمال المساوي شك، لكن وجدناه فيما يشبه من أحد الأصلين أقوى، إذن الأقوى هو الغالب، لو ألحقناه بالأضعف لقلنا: يثير وهماً، لو ألحقناه بالمساوي لقلنا: يثير شكاً، إذا ألحقناه بأشبههما وأقربهما وأقواهما شبهاً، نعم، قلنا: يثير ظناً غالباً، والعمل بالظن الغالب أولى من ترك العمل بالحكم أصلاً؛ لأنك مخير بين أمرين: إما أن تعمل بهذا الظن الغالب على ضعفه، أو تترك العمل بالكلية في هذا الحكم حتى..، تتوقف فيها حتى تجد فيها حكماً مناسباً، لا شك أن مثل هذا يثير ظناً غالباً، والله المستعان.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فقد قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

ومن شرط الفرع: أن يكون مناسباً للأصل فيما يجمع به بينهما للحكم، ومن شرط الأصل: أن يكون ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين، ومن شرط العلة: أن تطرد في معلولاتها، فلا تنتقض لفظاً ولا معنىً، ومن شرط الحكم: أن يكون مثل العلة في النفي والإثبات، والعلة هي الجالبة للحكم، والحكم هو المجلوب للعلة.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فلما ذكر القياس وعرفه وذكر أقسامه، وأنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قياس الدلالة، وقياس العلة، وقياس الشبه، تقدمت هذه الأنواع -تقدم شرحها-.

أردف ذلك بالشروط التي تشترط لصحة القياس، فذكر منها ما يتعلق بالفرع، ومنها ما يتعلق بالأصل، ومنها ما يتعلق بالعلة والحكم، واقتصر في كل واحد منها على شرط واحد؛ لأن الكتاب في غاية الاختصار، وقد ألف للمبتدئين، وإلا فالشروط كثيرة جداً.

شروط الأصل أوصلها الشوكاني إلى اثني عشر شرطاً، وشروط الفرع ذكر منها أربعة، وشروط العلة وصلت إلى أربعة وعشرين شرطاً، أربعة وعشرين شرطاً، فيكون المجموع أربعين، نعم، في كثير منها أو في بعضها نزاع بين أهل العلم، هل يشترط، أو هل يمكن إدراجه بغيره من الشروط، يمكن تداخل بعض هذه الشروط مع بعض؟ وبعضها فيه..، في إثباته نزاع، لكن ما يمنع أننا نطلع على هذه الشروط إجمالاً، التي ذكرها الشوكاني.

من شروط الأصل ما ذكره المؤلف، والمؤلف في ترتيبه قدم الفرع على الأصل، قال: ومن شرط الفرع، ثم قال: ومن شرط الأصل، يعني الأصل أن يقدم الفرع وإلا الأصل؟

طالب: الأصل.

نعم، الأصل هو الأصل على اسمه، ولا يقدم الفرع على أصله، كما أنه لا يقدم الولد على أبيه، لا يقدم الفرع على أصله، يعني ترتيب فني، وإلا ما يضر أن تقدم فرع وإلا أصل هنا، ولا تقول: خالفت السنة، ولا الأصل أكبر من الفرع ولا أصغر، نعم، كون الأصل ثابت بنص شرعي يقتضي تقديمه على الفرع الذي هو ثابت بقياس من هذه الحيثية، لكن لعل المؤلف نظر إلى هذه الأمور من وجهة، وهي أن الفرع هو المقصود بحثه بالذات في هذا الباب، يعني الأصل -المقيس عليه- هل يحتاج إليه في هذا الباب باعتباره محل بحث في هذا الباب، أو أن القياس إنما أوجد للفرع المقيس؟

يعني هل نحتاج إلى إثبات حكم الأصل في هذا الباب، أو نحتاج إلى إثبات حكم الفرع في هذا الباب؟

طالب:.......

نعم، نحن نحتاج إلى إثبات حكم الفرع وإلا فالأصل ثابت بنص، ولهذا قُدِّم، يعني من قدم الأصل -والمسألة مسألة تنظيمية، يعني سواء قدم أو أخر الأمر سهل يعني الخطب سهل- لكن مسألة ترتيبية فنية، لو قدم الأصل باعتبار أنه ثابت بنص، والفرع مقيس عليه ثابت بالقياس لاتحادهما –لاشتراكهما- في العلة، فيبقى الترتيب مناسب للأصل، يقدم الأصل.

ومن نظر إلى أن الفرع هو المقصود بالذات، المطلوب إثبات حكمه في هذا الباب قدم الفرع، كما فعل المؤلف، على كل حال يعني مثل ما قلنا: مسألة سهلة.

الشروط التي ذكرها الشوكاني للأصل اثنا عشر:

الأول منها: أن يكون الحكم الذي أريد تعديته إلى الفرع ثابتاً في الأصل؛ فإنه لو لم يكن ثابتاً فيه بأن لم يشرع فيه حكم ابتداء أو شرع ونسخ، لم يمكن بناء الفرع عليه.

الشرط الذي ذكره المؤلف: ومن شرط الأصل أن يكون ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين، بدليل متفق عليه بين الخصمين: يعني مثاله: إذا قال الحنبلي أو الشافعي: الماء المستعمل لا يجوز التطهر به ثانية، فانتقل حينئذ من كونه مطهر إلى كونه طاهر، هذا يقوله من؟

شافعي أو حنبلي.

طالب: حنبلي.

كلاهما، كلاهما.

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

كلاهما والحنفية أيضاً، لكن بينهم فروق في القليل والكثير وتحديده، لكن إذا قال الحنبلي والشافعي؛ لأن الحنفي رأيه أشد من رأي الشافعية والحنابلة في هذا، عندهم رواية في مذهبهم أن الماء الذي رفع به الحدث ينجس، ما يكفي أن يكون طاهراً، عندهم هم، لكن دعونا في مذهب الشافعية والحنابلة.

إذا قال الحنبلي: الماء المستعمل لرفع الحدث طاهر وليس بطهور، بمعنى أنه لا يجزئ التطهر به مرة ثانية، وجعل هذا أصلاً، وقال: يقاس عليه الحجر الذي رمي به أولاً لا يرمى به ثانياً؛ لأنه استعمل في عبادة، إذن لا ينفع استعماله مرة ثانية، كاستعمال الماء في الوضوء، يريد أن يلزم مالكياً بأن لا يرمي بالحجر مرة ثانية لماذا؟ لأنه استعمل في عبادة، ومادام استعمل في عبادة لا يصلح أن يستعمل مرة ثانية قياساً على الماء الذي استعمل في الطهارة مرة أولى فلا يستعمل مرة ثانية.

عندنا خصم وهو الحنابلة والشافعية في جهة والمالكية في جهة أخرى، يسلم المالكي بهذا؟ يسلم وإلا ما يسلم؟ لا يسلم، لماذا؟ لأنه لا يوافق على حكم الأصل، عنده الماء المستعمل -عند المالكية- الماء المستعمل يجوز التطهر به ثانية وثالثة ورابعة، ويبقى طهوراً، ويبقى أنه أولى باسم الطهور من الماء الذي لم يستعمل، لماذا؟ لماذا صار أولى من الماء الذي لم يستعمل أصلاً، يا إخوان تأملوا، ومر عليكم في أوائل كتب الفقه، نعم؟

طالب:.......

نعم؟

طالب:.......

إيه هو استعمل في عبادة، لكن أولئك يقولون: استعمل في عبادة خلاص انتهى، وهؤلاء يقولون: هو أولى من الماء غير المستعمل.

لو نظرنا إلى الصيغة، صيغة طهور، طهور أيش؟ صيغة أيش؟ مبالغة، صيغة مبالغة، لماذا استحق هذه المبالغة؟ لأنه تكرر فيه أو منه التطهير، فتطهر به مراراً فصار طهوراً، فاستحق هذا الوصف، استحق هذه المبالغة فهو أولى من غيره.

نعود إلى أصل المسألة التي معنا: أن يكون الحكم، حكم الأصل متفق عليه بين الخصمين، شوف أيش يقول: من شرط الأصل أن يكون ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين: الآن هل يتفق الحنابلة والشافعية مع خصومهم من المالكية على أصل المسألة التي هي عدم الوضوء بالماء المستعمل؟ يتفقون وإلا يختلفون؟ ما يختلفون، إذن يختلفون في الفرع المقيس عليه من باب أولى، فإذا قاس الحنبلي أو الشافعي الحجارة المستعملة التي رمي بها واستعملت في الرمي مرة أولى فلا تعاد مرة ثانية قياساً على الماء المستعمل، قال لك المالكي: لا، أنا لا أوافق على الأصل، فكيف تريدونني أن أوافق على الفرع؟

هذا معنى قوله: أن يكون الأصل ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين.

واقتصر على هذا الشرط؛ لأهميته ووضوحه، وإلا فالشروط كما ذكرنا اثنا عشر.

الشرط الأول من الشروط التي ذكرها الشوكاني: أن يكون الحكم الذي أريد تعديته إلى الفرع في الأصل، فإنه لو لم يكن ثابتاً فيه بأن لم يشرع فيه حكم ابتداء، أو شرع ونسخ لم يكن بناء الفرع عليه.

الذي لم يشرع فيه حكم ابتداء يستحق أن يسمى أصلاً، نعم؟ هل يستحق أن يسمى أصلاً؟ هو بحاجة إلى أن يبحث فيه عن أصل، فهو كالفرع، إذن هل نحتاج إلى هذا الشرط؟

لا نحتاج إلى هذا الشرط إلا في شقه الثاني، يعني لو كان الأصل ثابتاً بدليل منسوخ، ثابتاً بدليل منسوخ، أن يكون الحكم الذي أريد تعديته ثابتاً في الأصل فإنه لو لم يكن ثابتاً بأن لم يشرع فيه حكم ابتداء، هذا ما نحتاج إليه، أو شرع ثم نسخ، يعني إذا كان الأصل المقيس عليه، الأصل المقيس عليه ثابتاً بحكم أو بدليل منسوخ، أما مع الاتفاق على النسخ فلا يمكن أن يقول بهذا أحد من أهل العلم، نعم، لكن يتصور أن يقيس العالم على حكم ثابت بدليل منسوخ إذا لم يبلغه الناسخ، أو ينازع في كونه منسوخاً، ينازع في كونه منسوخاً، ينازع في كونه منسوخاً، فعلى سبيل المثال لو قال القائل: إن الذي لا يجد النعلين يلبس الخفين ويقطعهما أسفل من الكعبين، ويقول: النص محكم محكم، والثاني الذي لم يذكر فيه القطع مطلق والأول مقيد، والمقيد..، يعني القطع قيد، وحينئذ يحمل المطلق على المقيد فنحتاج إلى قطع، كونه ما ذكر القطع اكتفاء بذكره أولاً، فنحتاج إلى أن نقطع، فإذا قال مثل هذا، نقيس عليه أيش؟

السراويل -مثلاً- ماذا نصنع بالسراويل؟ يقول: إذا لم نجد إزاراً نلبس السراويل ونقطع السروال بدل ما يكون سابغ إلى فوق الكعب نقطعه بالقدر المجزئ،؛ لأن لبس السراويل للحاجة كما أن لبس الخف للحاجة، واحتجنا إلى قطعها بالنص، ولبس السراويل للحاجة إذن نكتفي بالقدر المجزئ منها، إلى ما يستر العورة، وما زاد على ذلك قدر زائد على الحاجة، فجعلوا هذا فرع والخف أصل، وهذه مسألة تقريبية ترى، ما قال أحد بالسروال وأنه يقطع أو ما يقطع، لكن هذا مثال للتقريب.

على قول من يقول بأن قطع الخف محكم وليس بمنسوخ، يمكن أن يقيس عليه مثل هذا، بجامع أن كلاً منهما لباس حاجة لعدم وجود المنصوص عليه من النعل والإزار.

يقول الخصم: أنا لا أوافق على قطع الخف، لماذا؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- خطب بعرفة وحضره الجموع الغفيرة ممن لم يحضره بالمدينة ولم يشر إلى القطع، فدل على أنه منسوخ القطع، إذن الأصل دليله منسوخ، فإذن لا نحتاج..، لا نستطيع أن نقيس عليه؛ لأن دليله منسوخ، ظاهر وإلا ما هو بظاهر، واضح وإلا ما هو بواضح؟ ما تعرفون حكم لبس الخف للمحرم، وأن فيه خلافاً بين أهل العلم، هل يقطع أو لا يقطع؟ وأن من قال بقطعه قال: ((وليقطعهما)) قيد، نص مقيد وذاك مطلق، وحينئذ يحمل المطلق على المقيد وينتهي الإشكال، والذين قالوا يلبس بدون قطع يقولون: نسخ.

النبي -عليه الصلاة والسلام- خطب بالمدينة وبين الأحكام وقال: ((من لم يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين))، وهذا متقدم، وفي عرفة بعد ذلك خطب وحضره جموع غفيرة، يعني ما يقال اكتفاء بما بيِّن في المدينة، حضره جموع غفيرة ممن لم يحضر هناك، ولا أشار إلى القطع، مع أدلة أخرى تعضد المسألة، والنهي عن إضاعة المال وما أشبه ذلك.

فإذا قسنا السراويل على الخف، وقلنا: يقطع السروال ويقتصر منه على قدر الحاجة، كما يقطع الخف، نحتاج إلى مقيس عليه ثابت بنص محكم لم يثبت بنص منسوخ.

يقول الخصم: أنا لا أوفاقك على الأصل فضلاً عن الفرع، ويمكن أيضاً إدخال هذا الشرط فيما ذكره المؤلف من أن يكون الأصل ثابتاً بنص متفق عليه بين الخصمين.

من الشروط التي ذكرها الشوكاني: أن يكون الحكم الثابت في الأصل شرعياً، فلو كان عقلياً أو لغوياً لم يصح القياس عليه؛ لأن بحثنا إنما هو بالقياس الشرعي، كيف؟

البحث في القياس الشرعي، هناك شيء يسمى القياس في اللغة، القياس في اللغة وفيه كتب مؤلفة، وأيضاً العقليات يدخلها القياس، ويدخلها التنظير، هل معنى هذا أنه لا يثبت القياس في اللغويات ولا في العقليات؟ لكن المقصود بالقياس الذي يبحث هنا، وهو القياس الشرعي، لابد أن يكون الأصل شرعياً، ثبوت الحكم في الأصل شرعياً لا لغوياً ولا عقلياً، وإلا فالقياس في اللغة معروف، والقياس في العقليات والتنظير لها معروف.

أن يكون الحكم الثابت في الأصل شرعياً، فلو كان عقلياً أو لغوياً لم يصح القياس عليه؛ لأن بحثنا إنما هو بالقياس الشرعي.

مسألة اختلفوا فيها: هل يثبت القياس على النفي الأصلي:

الحكم الثابت بالاستصحاب -استصحاب النفي الأصلي- وكل على أصله في الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع، هل هي على المنع أو على الإباحة؟ وسبق بحثها.

إذا كان الحكم الأصلي ثابتاً بالنفي الأصلي، حكم الأصل يثبته من يقول به بالنفي الأصلي، وهذا يتصور في العبادات، مثل هذا يتصور في العبادات؟ نعم؟

طالب:.......

نعم، لا يتصور؛ لأن العبادات لا بد فيها من نص؛ لأنها لا يدخلها الأقيسة، فهناك شيء -عين ينتفع بها- يمكن الانتفاع بها، دليل إباحتها: عدم وجود النص على تحريمها، فنحتاج إلى..، فاحتجنا إلى شيء مماثل لهذا الشيء الذي استدل أهل العلم على جوازه بعدم نص يدل على تحريمه فنقيس عليه.

على سبيل المثال: الأطعمة، الأطعمة: وجدت حيوان لا تعرف له حكماً في الشرع، ولم يرد فيه نص لا بنفي ولا بإثبات، والعلماء يختلفون في هذا، منهم من يقول: الحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه الله، ومنهم من يقول: الحرام ما حرمه الله، هناك خلاف بين من يقول: الحلال ما أحله الله، وبين من يقول: الحرام ما حرمه الله؟ هناك خلاف؟ هذا قال به جمع، وهذا قال به جمع؟

طالب:.......

هذا جعل الأصل الحل، ولا حرام إلا ما حرمه الله، والثاني جعل الأصل التحريم ولا حلال إلا ما أحله الله، دعونا نجعل الأصل الحل في الأطعمة:

وجدنا نوع من النبات بحثنا له عن أصل يدل على منعه ما وجدنا قلنا: يؤكل بناء على أن الحرام ما حرمه الله، وهذا باق على الأصل ولم نجد فيه نصاً، ثم وجدنا نباتا يشبهه، هل نقيس هذا النبات الثاني على الأول؟ أو نستدل للثاني بما استدللنا به على الأول.

طالب:.......

نعم؟

طالب: أن يكون لوحده.....مسألة أخرى ما يقاس عليه..؟

يعني نستدل له بالقاعدة العامة على ما سيأتي، على ما سيأتي: إذا كان الفرع يتناوله النص الذي يستدل به للأصل، يتناوله بعمومه، إذا كان يتناوله بعمومه لا نحتاج إلى قياس على ما سيأتي.

طالب: .....ثابت بالدليل....؟

وين؟

طالب: الذي قسنا عليه؟

المسألة اختلفوا هل يثبت القياس على النفي الأصلي وما كان قبل الشرع، فمن قال: إن نفي الحكم الشرعي حكم شرعي جوز القياس عليه، ومن قال: إنه ليس بحكم شرعي لم يجوز القياس عليه.

يا إخوان ذكرنا هذه المسألة مراراً في مناسبات، وذكرنا السقنقور على سبيل المثال، نعرف السقنقور أيش هو؟ معروف؟

طالب:.......

أيش يشبه، تعرفه؟

طالب:.......

يعرفونه الإخوان، وين عايش وين؟

طالب:.......

لكنه صغير يعيش في الرمل، ويذكره العطارون (علاج لبعض الأمراض)، معروف، ما تعرف السقنقور؟ هاه؟

طالب:.......

يشبه الوزق إلا أنه يعيش في التراب في الرمال، وهو أملس ما هو بمثله.

طالب:.......

لا أصغر من السحلية نوع ثاني.

طالب:.......

إيه يصير منقط ويصير سادة ويصير... وفيه أنواع، عرفناه وإلا ما عرفناه؟

العطارون يذكرونه يصفونه وعندهم كميات منه، تنك مجفف، عرفته؟

طالب:.......

لا، لا غيره، نوع ثاني، هو أنواع، {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [(31) سورة المدثر]، هذا النوع أنا جئت به مثالاً، ولو غريب، صاحب حياة الحيوان قال: طوله ثلاثة أذرع في عرض شبر.

طالب: طويل...؟

ولا يوجد إلا في طنطا أو الهند، يا أخي بكثرة يوجد، ويوصف، وما زال الناس يأكلونه بعضهم، بعض العامة يأكله حي، ما يبي بعد، أملس يروح بسرعة، نعم، أقصد أنه معروف، والمسألة بحاجة إلى بحثها، فالعطارون الآن يصفونه لبعض الناس.

طالب: ما يقال للضرورة؟

لا، لا، ما هي بمسألة ضرورة، لا، أمورهم أهون –كمال- تأتي إلى تبحث عن دليل يدل على إباحته أو على تحريمه ما تجد شيئاً، فإذا قلت: الأصل في الأعيان المنتفع بها الإباحة، والأطعمة لا حرام إلا ما حرمه الله، تأكل، ثم تأتي إلى شيء يشبهه تقيسه عليه.

طالب: ما يقاس ما ثبت الدليل بهذا.

لكن هل الاستصحاب دليل أو ليس بدليل؟

طالب: دليل ثابت.

هل الاستصحاب دليل أو عدم دليل.

طالب: إذا قلنا: إنه ليس دليلاً؟

إذا قلنا: دليل لازم نقيس عليه يصير ثابت بدليل.

طالب:.......

ما يحتاج تقول: ليس بدليل هذا الثاني بعد ما في دليل إذن كل على أصله.

بعض الإخوان كأنهم ما هم مستعدين لسماع مثل هذا الكلام، في استعداد؟، نعم، إذا في استعداد نسترسل وإلا ما في فائدة.

طالب: يستدعى؟

إي لأنه ما شفت يجاوب، ألمسألة مو بصعبة على شان نقول..

الشوكاني يقول: أن يكون الطريق إلى معرفته سمعية؛ لأن ما لم تكن طريقه سمعية لا يكون حكماً شرعياً، وهذا عند من ينفي التحسين والتقبيح العقليين لا عند من يثبتهما.

الرابع: أن يكون الحكم ثابتاً بالنص، وهو الكتاب أو السنة، أن يكون الحكم ثابتاً بالنص يعني حكم الأصل ثابت بنص من الكتاب أو السنة، وهل يجوز قياسه على الحكم الثابت بمفهوم الموافقة أو المخالفة؟

قال الزركشي: لم يتعرض له، ويتجه أن يقال: إن قلنا: إن حكمهما حكم النطق فواضح، وإن قلنا: كالقياس فيلحق به.

عندنا دليل من الكتاب أو من السنة يدل على التحريم، ووجدنا فرعاً يناسب المنصوص عليه في العلة نقيس، لكن عندنا دليل يدل على حكم بنطقه، دلالته في محل النطق هذا منطوق، والفرع المقيس عندنا لا يشبه المنطوق، يشبه المفهوم، يعني مأخوذ من دلالة اللفظ لا في محل النطق، سواءً في ذلك مفهوم الموافقة أو المخالفة.

نعم، مفهوم الموافقة يعني قياس أو أخذ تحريم السب للوالدين من التأفيف، وهذا يسمى قياس الأولى، وهو مفهوم موافقة؛ لأنه يتفق مع المنطوق في الحكم، هل نحتاج إلى أن نقيس فرع على الحكم المستنبط من مفهوم النص سواءً كان موافقة أو مخالفة؟

هذا مختلف فيه، هذا مختلف فيه.

أن يكون الحكم ثابتاً من نص وهو الكتاب والسنة، وهل يجوز القياس على الحكم الثابت بمفهوم الموافقة أو المخالفة؟

قال الزركشي: لم يتعرضوا له، ويتجه أن يقال، إن قلنا: إن حكمهما حكم النطق يعني نستدل بالمفهوم مثل ما نستدل بالمنطوق، يعني النص يتناول دلالة النص في محل النطق وفي غير محل النطق تتناول المنطوق والمفهوم، فإذا قلنا: إنه يستدل على الحكم المستنبط من مفهوم النص ويكون دليلاً ثابتاً استنبطناه من النص وإن لم يكن من منطوقه بل من مفهومه نستطيع أن نقيس عليه.

من يأتي لنا بمثال فيه مفهوم؟ مثال له مفهوم ومنطوق، نص له منطوق ومفهوم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

((إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث))، منطوقه: أن ما بلغ القلتين بالتحديد لم يحمل الخبث.
مفهوم الموافقة أيش؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

لا.

طالب:.......

أكثر من القلتين، مفهوم الموافقة: أن ما زاد على القلتين لا يحمل الخبث، مفهوم المخالفة: ما كان أقل من القلتين فإنه يحمل الخبث، واضح وإلا ما هو بواضح؟ نعم.

طالب:.......

((إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث))، منطوقه: أن ما بلغ هذا المقدار من غير زيادة ولا نقص فإنه لا يحمل الخبث -لا ينجس- مفهوم الموافقة: أن ما زاد على القلتين فإنه لا يحمل الخبث، يعني لا ينجس، ولماذا قلنا: مفهوم موافقة؛ لأنه يوافق المنطوق في الحكم، ظاهر وإلا ما هو بظاهر.

مفهوم المخالفة من هذا النص أن ما نقص عن القلتين فإنه يحمل الخبث، هذا أصل -الحديث أصل- وما يستنبط منه ويستدل به عليه أصل.

منطوق الحديث -ما يستنبط من منطوق الحديث أصل- ما يستنبط من مفهومه -مفهوم الموافقة- أصل، ما يستنبط من مفهومه -مفهوم المخالفة- أصل، دليله مفهوم النص، وذاك دليله منطوق النص.

كوننا نقيس على المنطوق هذا ظاهر، هذا الأصل في باب القياس، لكن إذا أتينا بغير الماء، بغير الماء مثلاً، وأردنا أن نقيس الزيت مثلاً الزيت، وقلنا: هذا الزيت أقل من قلتين إذن ينجس إذا وقعت فيه النجاسة، ينجس لماذا؟ لأنه أقل من قلتين، قياساً على ما دل عليه مفهوم المخالفة في الحديث عن أبي سعيد وغيره، إذن ينجس.

قسنا الآن الزيت الذي لم يبلغ القلتين على الماء الذي لم يبلغ قلتين، وقلنا بنجاسته؛ أخذاً من مفهوم المخالفة من النص.

إذا كان الزيت قلتين نقيس منطوق على منطوق، وإذا كان أكثر من قلتين نقيس مفهوم الموافقة على مفهوم الموافقة.

يقول: والظاهر -يقول الشوكاني-: والظاهر أنه يجوز القياس عليهما عند من أثبتهما؛ لأنه يثبت بهما الأحكام الشرعية كما يثبت بالمنطوق، وأما ما ثبت بالإجماع...

انتهينا مما ثبت بالمفهوم، لكن ما ثبت بالإجماع ما ثبت بالإجماع، وخلونا في نفس الحديث، نفس الحديث.

طالب:.......

لا الحديث الثاني، الحديث الثاني: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)).

بالمناسبة حديث القلتين من أهل العلم من عمل به -بمنطوقه ومفهومه- وهذا عند من يصححه، وهو المعتمد عند الحنابلة والشافعية، ومنهم من لا يعمل بمنطوقه ولا بمفهومه، وهم مذهب المالكية؛ بناءً على ضعفه، ومنهم من يعمل بمنطوقه دون مفهومه، وهذا قول من؟ شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.

شيخ الإسلام يعمل بمنطوق الحديث ولا يعمل بمفهومه؛ لأن مفهومه مخالف بمنطوق حديث: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء))، مفهومه مخالف، وإذا خولف المفهوم بمنطوق قدم المنطوق.

إذا كان الأصل ثابتاً بإجماع، ولم نعرف الأصل الذي استند عليه هذا الإجماع، هل نقيس عليه؟ وفي الحديث: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غلب على لونه وطعمه وريحه))، الزيادة ضعيفة باتفاق الحفاظ ((إلا ما غلب))، لكن الإجماع قائم على أن ما غلب على لونه أو ريحه أو طعمه -لون النجاسة أو ريحها أو طعمها- أنه نجس بالإجماع.

فعندنا برميل فيه زيت أكثر من قلتين، وقعت فيه نجاسة ونطل في البرميل ونشم النجاسة، زيت نشم فيه النجاسة، وتغير لون الزيت بلون النجاسة، أو طعم الزيت تغير بطعم النجاسة، هل نقول: إن هذا..، حكم هذا الزيت نجس قياساً على الماء الذي تغير بالنجاسة، والأصل ثبت بإجماع أهل العلم، إذن الفرع يثبت بالإجماع، أو بالقياس على ما أجمع عليه، واضح وإلا ما هو بواضح؟

طالب: واضح.

الإخوان اللي ساكتين ما ندري أيش وراءهم، واضح وإلا ما هو بواضح، طيب العهدة عليهم.

وأما ما ثبت بالإجماع ففيه وجهان، قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي وابن السمعاني: "أصحهما الجواز"، وحكاه ابن برهان عن جمهور أصحاب الشافعي، والثاني عدم الجواز ما لم يعرف النص الذي أجمعوا لأجله؛ لأنه معروف أنه ما في إجماع إلا لابد أن يستند على نص سواءً عرفنا ذلك النص أو لم نعرفه.

قال ابن السمعاني: وهذا غير صحيح؛ لأن الإجماع أصل في إثبات الأحكام كالنص، فإذا جاز القياس على الثابت بالنص جاز على الثابت بالإجماع.

ولا شك أن من يقدم الإجماع على النصوص، يقدم القياس على الإجماع على القياس على ما ثبت بالنص، وفي وقته في الإجماع بينا أن من أهل العلم من الأصوليين من قال: إن الإجماع مقدم على النصوص؛ لأنه لا يحتمل نسخاً ولا تأويلاً بخلاف النص.

الخامس: ألا يكون الأصل المقيس عليه فرعاً لأصل آخر، وإليه ذهب الجمهور، وخالف في ذلك بعض الحنابلة والمعتزلة وأجازوها.

في مثالنا الزيت الذي قسناه على الماء نعم، الزيت قسناه على الماء صح وإلا لا؟ لو جاءنا مائع ثالث، ولم يبلغ القلتين وقعت فيه نجاسة قلنا: ينجس قياساً على الزيت المقيس على الماء، فرع الفرع، يصح وإلا ما يصح؟

طالب:.......

تقول يصح؟

طالب: أقول لا يصح؟

كيف؟

طالب: أقول لا يصح.

الآن عندنا أصل ثابت بنص، الفرع المقيس عليه ثابت بالقياس؛ لاشتراكهما في العلة، وجدنا شيئاً ثالثاً نبي نقيسه على هذا الفرع، والفرع الذي قسناه على الأصل، وألا يكون الأصل المقيس عليه فرعاً لأصل آخر، وإليه ذهب الجمهور، وخالف في ذلك بعض الحنابلة والمعتزلة وأجازوه.

واحتج الجمهور على المنع بأن العلة الجامعة بين القياسين إن اتحدت كان ذكر الأصل الثاني تطويلاً، ما نحتاج أن نذكر الزيت، لسنا بحاجة أن نذكر الزيت، نأتي إلى هذا الفرع غير الزيت ونقيسه على الماء مباشرة، يعني إذا كانت العلة موجودة في الفرع مثل وجودها في الأصل فنقيسها على الأصل دون الواسطة؛ لأن ذكر الواسطة تطويلاً بلا فائدة، فيستغنى عن ذلك بقياس الفرع الثاني على الأصل الأول.

وإن اختلفت -إن اختلفت العلة- يعني المفترض أن العلة في الأصل -الأصل الأصلي- والمقيس عليه واحدة، ثم جاءنا ثالث إن اتحدت علته مع الثاني، والثاني قد اتحدت علته مع الأول، نعم؟

طالب:.......

نقيس الثالث على الأول.

الآن لو سئلت مثلاً كيل كم تقديرك؟

قلت: تقديري مثل زيد الذي تقديره مثل تقدير عمرو، الذي تخاطبه لا يعرف زيداً، هو يعرف عمراً، فأنت تقول له: تقديري مثل تقدير زيد الذي تقديره مثل تقدير عمرو، الآن عرف، ليش عرف؟ لأنه يعرف تقدير عمرو، وهو ما يعرف زيد ولا تقديره، فعرف تقديرك لكن أنت طولت بغير طائل، لماذا لا تقول تقديري مثل تقدير عمرو؟ ما هو بتطويل؟

طالب: بلى.

هو صحيح أن تقديرك مثل تقدير زيد سبعين ثمانين تسعين في المائة مثل تقدير زيد، وتقدير زيد مثل عمرو، فأنت لا تحتاج إلى ذكر الواسطة؛ لأن العلة موجودة في الأطراف الثلاثة على حد سواء، فلسنا بحاجة إلى ذكر الواسطة، فنقيس الفرع الثاني على الأصل الأول، وإن اختلفت لم ينعقد القياس الثاني؛ لعدم اشتراك الأصل والفرع في علة الحكم، يعني لو قدر أن الثاني -المقيس الثاني- على الأصل الأول تختلف العلة، نعم، تختلف العلة، إيه، إذن كيف نقيس أصل على فرع مقيس على أصل تختلف فيه العلة؟

طالب: يبطل.

خلاص يبطل القياس؛ لأنا اشترطنا أن وجود العلة في الفرع مثل وجودها في الأصل، لكن لو قال قائل ممن أجاز مثل هذا النوع نعم، وقال: إن الفرع الأول يتفق مع الأصل في العلة بنسبة ثمانين في المائة، والفرع الثاني يتفق مع الفرع الأول في العلة بنسبة ثمانين بالمائة، إذن الفرع الثاني يتفق مع الأصل بنسبة كم؟

يعني هل المفترض أن تكون العلة موجودة في الفرع مطابقة مثل وجودها في الأصل مائة بالمائة؟ نعم، ما يجد، فإذا كانت نسبة المطابقة بين الأصل والفرع بنسبة ثمانين بالمائة، وغلب على الظن تحقق هذه العلة نعم، استطعنا أن نقيس، جيد وإلا لا؟

إذا كان الفرع الثاني بنسبة ثمانين بالمائة مع الفرع الأول، إذن نسبة الفرع الثاني مع الأصل بنسبة ستين بالمائة، ستين بالمائة، وحينئذ لو دققنا في مثل هذه واعتبرناها وجدنا القول الثاني، ترى ما هو بلاغي تماماً.

طالب: العلة ما انتهت أصلاً نهائياً؟

العلة موجودة.

طالب: ما اختلفت نهائياً.

لا، لكن اختلفت.

طالب:.......

ما في شك، نعم، لكن لو قيل لك -مثلاً-: نحتاج..، لو قيل لشخص من الأشخاص من أهل الخبرة والرأي والدراية: نحتاج إلى شخص يشغل هذا المنصب ومواصفاته كذا وكذا وكذا، أو شخص كان يشغل منصب وتوفي، هذا الشخص فقيد نريد مثله تماماً لشغل هذا المنصب، نعم، جيد، فوجدنا شخصاً تتوافر فيه من الصفات في الشخص السابق بنسبة ثمانين بالمائة جيد مقبول، لكن لو ابتداءً وجدنا ستين بالمائة ما قبلناه، نقول: قبلنا هذا ثمانين بالمائة يمشي، فتوفي الثاني فوجدنا شخص بنسبة ثمانين بالمائة، لكن لو نسبنا الثاني إلى الأصل الذي توفي الأول، يعني ما يصح، ما يصح يجي بعده، نعم، الأمور يسهل بعضها بعض، وهذا يا إخوان مثال تقريبي.

 

تفضل، يا..، جزاك الله خيراً.....

هذا يقول: هل ابن حزم يقول بنفي القياس جملة وتفصيلاً، أو ينفي بعض أنواع القياس ويأخذ ببعضه ولو كان قليلاً؟

له كتاب أشرنا إليه، اسمه إبطال القياس، ومقتضى كلامه النظري في الكتاب وفي المحلى وفي غيره من كتبه أنه لا يقول بالقياس مطلقاً، لكن مع الأسف الشديد أنه ألغى القياس في باب الأحكام والفروع، واستعمله على أوسع نطاق في الأصول، وليته عكس، ليته عكس كما اشرنا، لكن مثل هؤلاء الذين يقولون بهذه القواعد النظرية المطلقة التي لها آثارها أحياناً يحتاجون إليه، أحياناً لا يكون هناك مفر من القياس، فتجده من شعور أو من لا شعور يقتحم هذه الغمرات فيقيس ولو لم يشعر، يعني نظيره كتقرير أهل العلم أنه لا يقاس في العبادات، لا قياس في العبادات، العبادات فيها قياس عند أهل العلم؟
نعم، لا يدخلها القياس؛ لأنها تعبدية، ومع ذلكم إذا نظرنا في كتب الفقه في المذاهب كلها قد نجد قياساً، يحتاج إليه في مناقشة خصم فلا مفر له عنه، فكثير من الذين يقعدون ويميلون ويستروحون إلى أمور تجدهم يخالفونها، وإن كان عاد ليس هو الغالب قليل، إنما المخالفة توجد.