هدي النبي في رمضان (09)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد أيها الإخوة المستمعون الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً بكم إلى هذا اللقاء ضمن هذا البرنامج في هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في رمضان ونرحب في مطلع هذه الحلقة بفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير وفقه الله فحياكم الله الشيخ عبد الكريم وأهلاً وسهلاً وبكم معنا.

حياكم الله وبارك فيكم.

أيها الإخوة المستمعون الكرام كان الحديث ولا يزال موصولاً حول فضل القرآن الكريم وتلاوته في هذا الشهر العظيم شهر رمضان وعن هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، وبقيت مسألة نعرضها على فضيلة الشيخ في هذه الحلقة حول مفاضلة بين الاشتغال بالحفظ حفظ القرآن الكريم وبين تلاوته وختمه في هذا الشهر فضيلة الشيخ أيهما أولى لتالي القرآن وحافظه؟

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعل آله وصحبه أجمعين:

لا شك أن حفظ القرآن أمر في غاية الأهمية بالنسبة للمسلم لا سيما من ينتسب إلى طلب العلم وتعليمه { بَلۡ هُوَ ءَايَٰتُۢ بَيِّنَٰتٞ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ } العنكبوت: ٤٩  وجاء في وصف هذه الأمة أناجيلهم في صدورهم فالحفظ أمر مهم وهو ميسر ولله الحمد كما قال -جلَّ وعلا- { وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ } القمر: ٣٢  لكن في مثل هذه الأوقات ينبغي للمسلم أن يغتنم وقته في الإكثار من قراءة القرآن والإكثار إنما يتسنى له في القراءة المتتابعة من أوله إلى آخره بالنسبة لتحصيل أجر الحروف أكثر من ترديد ما..، القدر الذي يريد أن يحفظه ولو قال قائل أنه في نهار رمضان ينبغي أن يكثر من القراءة وفي ليله ينبغي أن يستغل بالتدبر والترتيل والحفظ؛ لأن هذه تعني المدارسة التي كان جبريل -عليه السلام- يدارس فيها النبي -عليه الصلاة والسلام- في ليالي رمضان، فلو رتب الإنسان لنفسه حزبًا معينًا للنهار يقرؤه قراءة ورتب له قدرًا من القرآن يحفظه بالليل ويتفهمه ويتدبره ويراجع عليه ما يشكل من كلام أهل العلم لأتى بالحسنيين معًا على على تقديري  فنهار رمضان ينبغي أن يستغل، وعلى الصائم أن يحفظ صيامه بالمكث في المسجد لأنه هو الذي يحفظ عليه صيامه كما كان السلف يفعلون ولذا يقول ابن عبد القوي -رحمه الله-:

وخير مقام قمت فيه وحلية  

 

تحليتها ذكر الإله بمسجد.

والقرآن أفضل الأذكار لا شك.

هو الذي من قام يقرؤه   

 

كأنما خاطب الرحمن بالكلم   .

على كل حال ينبغي لطالب العلم أن يحرص وللمسلم عمومًا أن يحرص على الإكثار من قراءة القرآن في هذا الشهر وفي غيره، لكن قد يقول قائل أن القراءة المتتابعة ميسرة بالنسبة لي والتكرار والترتيل والتدبر والحفظ أمر صعب شاق علي لا شك أن هذا يخضع للعادة يخضع للعادة فمن اعتاد القراءة نظر وحدد له وقت..، وقت طويل يعني خلال مدة طويلة، يحدد له ورد معين في في يومه وليلته مثل هذا يصعب عليه أن يكرر لكن من تعوّد التكرار وحاول أن أن يحفظ ويفهم ويتدبر فهذا أمر ييسر عليه -إن شاء الله تعالى- كما أن القرآن كله وما يتعلق به ميسر كما قال -جلَّ وعلا- { وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ } القمر: ٣٢  ابن القيم -رحمه الله تعالى- له لفتة كأنها مرت في الحلقة الماضية، يقول: ولهذا كان أهل القرآن هم العالمون به والعاملون بما فيه وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب، وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب، وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه، فليس من أهله وإن أقام حروفه إقامة السهم، ثم ذكر أن الناس في هذا على أربع طبقات أهل القرآن والإيمان وهم أفضل الناس، والثانية من عدم القرآن والإيمان والثالثة من أوتي قرآنًا ولم يؤت إيمانًا، الرابعة من أوتي إيمانًا ولم يؤت قرآنا قالوا فكما أن من أوتي إيمانًا بلا قرآن أفضل ممن أوتي قرآنًا بلا إيمان، قرآن..، إيمانًا بلا قرآن مثله النبي -عليه الصلاة والسلام- «مثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن بالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها» أفضل ممن أوتي قرآنًا بلا إيمان مثل الريحانة ريحها طيب لكن طعمها مر فكذلك من أوتي تدبرًا فكذلك من أوتي تدبرًا وفهمًا في التلاوة أفضل ممن أوتي كثرة قراءة وسرعتها بلا تدبر، قالوا وهذا هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه كان يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها وقام بآية حتى الصباح، النبي -عليه الصلاة والسلام- كرر ويسمع في صدره أزيز كأزيز المرجل ولما استمع إلى قراءة ابن مسعود حتى جاء إلى قوله -جلَّ وعلا-:{ فَكَيۡفَ إِذَا جِئۡنَا مِن كُلِّ أُمَّةِۭ بِشَهِيدٖ وَجِئۡنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰٓؤُلَآءِ شَهِيدٗا } النساء: ٤١  يقول التفت إليه فإذا عيناه تذرفان -عليه الصلاة والسلام-، وايستمع لقراءة أبي موسى وتلذذ بها ثم قال: «لقد أوتي مزمارًا من مزامير آل داود»، ومن المؤسف أن بعض الناس يعتب على من يتأثر بالقرآن ويبكي، هذه..، وقد يقع في نية القارئ، ومثل هذا أمره خطير الوقوع في النيات يقول أن هذا يتظاهر ويفعل ويترك ويتخشع أمام الناس اترك نيته إلى ربه هلا شققت عن قلبه؟! على المسلم أن يفعل ما أمر به ولا ينظر إلى نيات الناس أمر ينبغي التنبه له، هناك من عوام المسلمين من لا يحسن القراءة أمي لا يقرأ ولا يكتب ولا يقرأ القرآن مثل هذا الحمد لله البيوت مملوءة بمن يقرأ من الذكور والإناث على مثل هذا أن أن يأتي إلى ولده أو إلى بنته فيقول اقرؤوا علي أو حفظوني من القرآن آية في كل يوم أو بعض آية هذا يعينه الله سبحانه وتعالى على حفظ ما يستطيع ترديده بقية عمره، أيضًا على قارئ القرآن ألا ينظر إلى نفسه نظرة إعجاب وينظر إلى غيره ممن لا يقرأ نظرة ازدراء واحتقار، يلاحظ على بعض من يقرأ القرآن إذا نظر إلى شخص وهو يخرج من باب المسجد مبكرًا ينظر إليه ويلتفت إليه ازدراء حتى يخرج ذلك من باب المسجد، العجب، العجب فاحذره كما يقول الشيخ حافظ –رحمه الله-:

والعجب فاحذره إن العجب مجترف

 

أعمال صاحبه في سيله العرم  

نسأل الله السلامة والعافية، هذا خطير جدًا هذا يوشك أن يحبط العمل إذا أعجب الإنسان بعمله، وكم من شخص لا يعمل لكنه يأسف على ألا يعمل ولم يتمكن في أول عمره من من طلب العلم أو من قراءة القرآن شغله أمر المعيشة ثم في نهايته عمره يندم على ذلك قد يكون أفضل من بعض القراء نعم نعم ولذا يقول بعض السلف كم من نائم مرحوم وقائم محروم، سببه ومرده إلى هذا هذا هذا إلى عجب هذا وإلى ندم هذا، والله المستعان.

نسأل الله -عزَّ وجل- العفو والعافية، فضيلة الشيخ أيضًا هنا يعني مسألة بالنسبة للعوام وكبار السن ممن لا يقرؤون القرآن الكريم هل لهم إن لم يجدوا من يقرأ عليهم من أبنائهم أو بنيهم أو من حولهم، هل لهم أن يأخذوا مثلاً بالأجهزة الجديدة مثل المسجلات ونحوها فيضع السورة من القرآن فيستمع لها أقول يعني هل من توجيه في هذا الصدد وأنه أيضًا هذا من العمل الصالح الذي ينفع صاحبه.

نعم الذي لا يقرأ القرآن بنفسه ولا يتيسر له من يقرأ عليه القرآن مباشرة ويستمع لقراءته كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- مع أبي موسى وابن مسعود وغيرهما مثل هذا لا مانع بل ينبغي له أن يتخذ شيئًا من هذه الآلات التي بواسطتها يسمع كلام الله ويتدبر ويستمع ويتخشع وليحرص على قراءة القارئ الذي يؤثر فيه الذي يؤثر فيه، والتأثر بالقراءة قراءة القارئ حسن الصوت لا شك أنها تؤثر في قلب المسلم والنبي -عليه الصلاة والسلام- تأثر بالقراءة من غيره، ولا يعني هذا أن المؤثر في هذا المسلم الصوت وإنما هو القرآن المؤدى بهذا الصوت؛ لأن بعض الناس يستشكل يقول إذا كان التأثر بالقرآن نفسه لماذا لا نتأثر بقراءة زيد من الناس الذي صوته أقل مستوى من صوت هذا؟ هل التأثر بالصوت أو بالقرآن؟ نقول لا التأثر بالقرآن المؤدى بهذا الصوت، بدليل أن صاحب الصوت الحسن لو قرأ غير القرآن لما أثر مثل تأثيره بقراءة القرآن ولذا جاء الأمر بتحسين الصوت «زينوا القرآن بأصواتكم» «ليس منا من لم يتغن بالقرآن» وهكذا..، فالتأثير للقرآن المؤدّى بهذا الصوت فعلى المسلم الذي الأمي الذي لا يقرأ عليه أن يتخذ..، ولا يجد من يقرأ عليه لكن عليه أن ينشغل بهذه القراءة فيكون مستمعًا لا سامعًا ليثبت له الأجر.

فرق يا شيخ نختم بها هذه الحلقة الفرق بين المستمع والسامع حفظكم الله.

نعم المستمع هو الذي يقصد الاستماع وينتبه لما يسمع ينتبه لما يسمع، أما السامع هو الذي يطرق سمعه الكلام ويسمع الصوت لكنه غافل عنه ومنشغل.

 

أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ ونفع بما قلتم إنه سميع مجيب أيها الإخوة المستمعون الكرام بهذا نصل إلى ختام هذه الحلقة، نتقدم في ختامها بالشكل الجزيل لفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير وفقه الله، ولكم أنتم أيها الإخوة المستمعون الكرام نسأل الله -عزَّ وجل- أن ينفعنا بما سمعنا وبما قلنا إنه سميع مجيب، نلقاكم بإذن الله تعالى في الحلقة المقبلة وأنتم بخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

"