المقدمات في شرح المقنع ونظمه (01)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

في هذا اليوم المبارك من غرة شهر الله المحرَّم سنة أربعين وأربعمائة وألف نبدأ في شرح كتاب المُقنِع للإمام الموفَّق ابن قدامة –رحمه الله تعالى-، بعد أن أنهينا أشهر متون الحنابلة وأول متونهم وهو مختصر الخرقي، وينص المترجمون على أن المقنِع أشهر كتاب عند الحنابلة بعد مختصر الخرقي.

هذا الكتاب ضمن سلسلةٍ ألَّفها الإمام الموفَّق في فقه الإمام أحمد بن حنبل، أول هذه السلسلة العُمدة في الفقه، والعُمدة ألَّفها الموفَّق للمبتدئين على قولٍ واحد وعلى روايةٍ واحدة، يفتتح كل بابٍ من أبوابها بحديثٍ صحيح، ثم يُفرِّع عليه المسائل، وهذه طريقةٌ فريدة سلكها الإمام الموفَّق؛ ولذا انتُفِع بكتابه، واشتهر هذا الكتاب، وأفاد الناس منه ودرسوه درَّسوه وشرحوه؛ ولأهميته كان ضمن من شرحه شيخ الإسلام ابن تيمية

هذه السلسلة ابتدأت بهذا الكتاب المُختصر، وثاني هذه السلسلة هو كتابنا المُقنِع، وهو في الغالب على روايتين يُطلقهما المؤلِّف؛ ليتعوَّد الطالب الذي تجاوز مرحلة المبتدئين بدراسة العمدة، وتأهَّل لدراسة هذا الكتاب، فالإمام الموفَّق يُطلق الروايتين في هذا الكتاب؛ ليتعوَّد الطالب النظر، وسيرد مبيَّنًا هذا في ثنايا الكتاب، إن شاء الله تعالى.

ثالث هذه السلسلة: كتاب الكافي، ويذكر فيه من الروايات أكثر من ذلك، أحيانًا ثلاث أو أربع روايات؛ ليتعوَّد الطالب الاجتهاد في إطار المذهب، ويذكر الأدلة، المُقنِع مجرد من الأدلة، ولكن الكافي يذكر فيه المؤلف الأدلة من الكتاب والسُّنَّة مع ذِكر هذه الروايات.

فالطالب إذا وصل إلى هذه المرحلة، وتأهل للنظر في الكافي، ووازن بين النظر في الأدلة، واستدل للمسائل، ووازن بين هذه الروايات، يتأهل لما هو أعلى من ذلك وهو الاجتهاد، الذي ألَّف فيه الإمام الموفَّق كتابه الكبير العظيم المغني شرح مختصر الخرقي.

وفِّق الإمام الموفَّق -فهو كاسمه أو كلقبه موفَّق-، والسِّر في ذلك –والله أعلم- أن علمه وفقهه ليس نظريًّا، بل هو علمٌ وفقه مقرونٌ بالعمل والإخلاص، وهو معروفٌ بالزُّهد في الدنيا والعبادة والتأله، وألَّف في موضوعاتٍ كثيرة منها: الرقائق.

وعلى كل حال يهمنا من هذه السلسلة ما نحن بصدده، بصدد شرحه بحسب التيسير، ولا يُنتَظر أن يُشرَح الكتاب بمثل الشروح الكبيرة المستوعبة، نُبين ألفاظه، والروايات توجَّه، وتُذكَّر أدلتها مع قراءة نظمه الذي هو في الأصل كان هو المقصد، والدرس أعلنا عنه مرارًا أنه سيكون في النظم، لكن أشار علينا من تعين إجابته أن يكون الذي بأيدي الطلاب والأصل في الدرس المُقنِع، ويُقرأ من نظمه ما يُناسب الدرس المشروح، يُقرأ من نظمه لابن عبد القوي ما يُناسب الدرس المشروح.

النظم نظم ابن عبد القوي نظم طويل جدًّا، يعني في اثني عشر ألف بيت أو يزيد، أنا ما أحصيته إحصاءً دقيقًا، لكن بالتقريب أو يزيد على ذلك.

النظم فيه فائدة لا تُوجد في شيءٍ من كُتب الفقه لا تُوجد في كُتب الفقه أصلًا؛ ولذلك تجد كثيرًا من المتفقهة من طُلاب العلم فيهم شيء من القسوة، والقلب ليس له نصيب من فقهه، وهذا مُلاحظ الناظم عالج هذه القضية، ففي أول البيوع مثلًا يقول:

إياك والمال الحرام مورِّثًا

 

 

تبوء بخسرانه وتكمد في غدِ

 

وفي أول الجنائز، وفي الوصايا ذكر أشياء يحتاجها طالب العلم أبياتًا وعظية مُرقِّقة، وفي كتاب الجنائز أظن صفحة مائة، يقول –رحمه الله تعالى-: كتاب الجنائز   

خذوا أُهبةً في الزاد فالموت كائنٌ

 

 

فما منه من منجى ولا عنه عُندد

 

فما داركم هذي بدار إقامةٍ

 

 

ولكنها ابتلاءٍ وتزودِ

 

أما جاءكم عن ربكم وتزودوا

 

 

فما عُذر من وافاه غير مزودِ

 

فما هذه الأيام إلا مراحل

 

 

تُقرِّب من دار اللقا كل مُبعدِ

 

ومن سار نحو الدار سبعين حجةً

 

 

فقد حان منه الملتقى أو كأن قضي

 

فما الناس إلا مثل سفرٍ تتابعوا

 

 

مُقيمٍ لتهويمٍ على إثر مغتدِ

 

وفي السُّقم والآفات أعظم حكمةٍ

 

 

مُيقظةٍ ذا اللُب عند التفقد

 

يُنادي لسان الحال جِدُّوا لترحلوا

 

 

عن المنزل الغث الكثير التنكدِ

 

أتاكم نذير الشيب والسُّقم مخبرًا

 

 

بأنك تتلو القوم في اليوم أو غدِ

 

إلى آخر ما قال.

ألا مثل هذا لا يحتاجه طالب الفقه؟ وخُذ مثل هذا كثيرًا في النظم، ومع أنه نظم يحتاجه طالب العلم؛ لأن النظم هو الذي يثبت إذا حُفِظ وحِفظ مثل هذه المنظومة فيه صعوبة ولاسيما عند من في حافظته ضعف، وأما صاحب الحافظة القوية حفظوا الألوف المؤلفة من الأحاديث ومن الشعر، لكن الذي حافظته لا تُسعِف، ولعلنا في طريقنا ونحن نشرح الكتاب ننتقي بعض الأبيات التي ينبغي حفظها، ولعل ذلك لا يبلغ ربع النظم.

على أن الشيخ حمد بن ناصر آل مُعمَّر اختصر هذه المنظومة، اختصرها يمكن في ربع حجمها أو أكثر قليلًا.

المقصود أن منظومة الشيخ حمد موجودة مختصر عقد الفرائد، ومطبوعة قبل الأصل، مطبوعة بالمطبعة السلفية، والأصل مطبوع بالمكتب الإسلامي.

لكن يُشكِل على نظم الشيخ حمد أنه في موازنته لاختصاره ومقارنته بمختصر المُقنِع الذي هو زاد المستقنِع قد يُورِد شطر بيت، ولا يُورِد الشطر الثاني؛ لعدم الاحتياج إليه، وهذا بالنسبة للنظم يُفقده قوته ورونقه، وأحيانًا -ولعل مرجع ذلك إلى النسخة التي طُبِع عنها- تجد كلمة مفقودة في بيت، واختصار الشيخ ابن معمَّر جيد في جملته، وانتقاء خبير فقيه، لكن يبقى أن الأصل هو الأصل، وإذا مررنا بأبياتٍ تستقل بالمعاني، وأشرنا إلى حفظها، وأنتم لستم بحاجة إلى مثل هذا الكلام وأنتم بهذا المستوى من العلم والفضل والحرص على التعلم، لكن من باب التذكير.

كان المُقترح الذي أعلنت عنه مرارًا في دروسٍ مضت هو النظم، لكن بعض الطلاب يتثاقل النظم، ولا يستسيغه، ولو اقترنا بالنظم ما انتهينا أبدًا، نظم طويل، تصور تشرح ألفية العراقي بخمس سنين، وهذا خمسة عشر ألفية، مع أن ألفية العراقي سهلة، وهذا أصعب بكثير، تحتاج إلى أضعاف أضعاف المدة التي يُشرَح فيها ألفية ابن مالك أو ألفية العراقي أو غيرها من الألفيات.

نشرح الفصل أو الباب من المُقنِع، ثم بعد ذلك نقرأ النظم ونُعلِّق على كلماته المستغلقة، وتكون الأحكام مرت في المقنِع ما تحتاج إلى شرح، ونعرف أن الكلام النظري سهل، لكن العبرة بالتطبيق، إذا كان مُختصر الخرقي ثلاثة عشرة سنة؟

طالب: ...........

فهذا يحتاج إلى... الله المستعان.

الكتاب له نُسخة مُصوَّرة من مكتبة شيستربيتي التي صوَّرت كُتب مخطوطات جامعة الإمام محمد بن سعود، هذه النسخة كثيرة الطمس، كثيرة الخفاء في التصوير؛ ولعل ذلك لأن الأصل كذلك، وهي نسخةٌ قديمة، وهي أقدم ما يُوجد.

نسخة بخط الشيخ قرناس، وهي التي طُبِعت عنها طبعة المكتب الإسلامي برعاية الشيخ علي بن عبد الله الثاني –رحمه الله- في نُسخة بخط الشيخ عبد الله بن عايض، من علماء عُنيزة، ومن الطرائف أن الشيخ هذا توفي في المقبرة وهو طالعٌ لتشييع أحد الأموات من جماعته.

نُسخة بخط الشيخ ابن سعدي، وهي التي كتب معها (الإنصاف)، وعلَّق على أشياء يسيرة منها، وأول المشروع تعليق على أول كتاب الحج من النظم، وأعرف السِّر في هذا، وهو أنني قبل أربعين سنة كنت أشرح النظم، وأبدأ بكتاب الحج من غير أن أعرف أن الشيخ فعل هذا، وعلَّقت على أشياء يسيرة منه، طويل الكتاب، مُمل، والشيخ علَّق أيضًا على أبياتٍ من كتاب النكاح، ثم رأى الشيخ أن يكتفي بنسخ كتاب (الإنصاف) تحت الأبيات من النظم، ونُسخته موجودة في الدارة، وصوِّرت للطلاب الذي سجَّلوا الكتاب في رسائل علمية بلغت خمسًا وأربعين رسالة.

نُسخة بخط الشيخ شيخنا الشيخ علي بن إبراهيم بن صالح المُشيقح، نسخها قبل ستين سنة أو سبعين سنة –رحمه الله-، وهذا الشيخ وإن كان كثيرٌ منكم أو أكثركم لا يعرفه هو من أشد الناس عنايةً بالفقه الحنبلي، ولديه جميع المطبوعات في وقته؛ لأنه توفي قبل عشر سنوات أو أكثر، والمخطوطات أيضًا ما تسمع بحاشية إلا وهي عنده من المخطوطات، واستفاد كثيرٌ من الباحثين من مكتبته في تحقيق المخطوطات تؤخذ منه، الشيخ له عناية بالمخطوطات وينسخ بنفسه، وشرح العمدة لشيخ الإسلام الذي حُقِّق وطُبِع كله من عنده، من عند الشيخ، وغيره من الكُتب (الأصول) لابن مفلح، وكُتب كثيرة جدًّا، و(التحرير) للمرداوي.

نُسخته هذه صورت منها نُسختين نُسخة عندي، ونُسخة لما شرع الشيخ عبد الله بن عقيل في إقراء الكتاب، قلت للشيخ: أنا عندي نُسخة، وقال: جزاك الله خيرًا نراها، وأعطيتها إياه، ويوم قبل قال: تعال خُذ كتابك، قلت له: والله أنا أعطيتك إياه هدية يا شيخ، وله المِنَّة والمعروف الذي قبِلها.

هذه النُّسخ المتأخرة فيها أخطاء كثيرة؛ لعدم وجود الأصل القديم الذي يُمكن الاعتماد عليه.

المُقنِع له شروح كثيرة هي موجودة في كُتب التراجم، وفي المواقع ويصعب استقصاؤها واستيعابها ولكن الاطلاع عليها سهل، الاطلاع عليها سهل.

يقول المرداوي في مقدمة (الإنصاف) هو شرح للمُقنِع، يقول: فإن كتاب المُقنِع من أعظم الكُتب نفعًا، وأكثرها جمعًا، وأوضحها إشارة، وأسلسها عبارة، وأوسطها حجمًا، وأغزرها علمًا، وأحسنها تفصيلًا وتفريعًا، وأجمعها تقسيمًا وتنويعًا، وأكملها ترتيبًا وألطفها تبويبًا، قد حوى غالب أمهات مسائل المذهب، فمن حصَّلها فقد ظفر بالكنز والمطلب، فهو كما قال مصنفه فيه: جامعًا لأكثر الأحكام، ولقد صدق وبر ونصح، فهو الحبر الإمام، فإن من نظر فيه بعين التحقيق والإنصاف وجد ما قاله حقًّا وافيًا بالمراد من غير خلاف.

ذكروا -من باب التذكير-: شرح المقنِع بهاء الدين المقدسي المتوفى سنة أربعة وعشرين وستمائة، وشرحه شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر المقدسي في (الشرح الكبير) مطبوع ومتداول وهو جُله مستمدٌ من (المُغني) بحيث تقرأ الصفحة والصفحتين والثلاث من (الشرح الكبير) وتجدها بحروفها في (المغني)، لكن مسائل المغني من (مختصر الخرقي) فيها اختلاف وتفاوت وزيادة ونقص عمَّا في المقنع، فلا يُقال: إنه ليس له جهد، لا، له جُهد كبير، ويزيد صاحب (الشرح الكبير) في التخريج وعزو بعض الأقوال، إضافةً إلى شرح المسائل التي لا تُوجد في مختصر الخرقي، قالوا: شرحه زين الدين أبو البركات بن عثمان بن أسعد التنوخي الدمشقي المتوفى سنة خمسٍ وتسعين وستمائة (الممتع في شرح المقنع) مطبوع في ستة مجلدات بتحقيق الدكتور عبد الملك بن عبد الله بن دهيش إلى آخره.

ومن شرح ابن حمدان في أربعة مجلدات، وابن عبد القوي صاحب النظم له شرح شرحه في (مجمع البحرين) بلغ به إلى أثناء الزكاة، وهي من الكتب التي أثنى عليها صاحب (الإنصاف) بالتحرير والتحقيق والتصحيح للمذهب، فإنه قال: أبتدئ بالأصح في المذهب نقلاً أو الأقوى دليلًا، وإلا قلت مثلًا: روايتان أو وجهان. وشرحه سعد الدين مسعود بن أحمد الحارثي.

جاء في مقدمة (الإنصاف) ومما نقلت منه من الشروح قطعة من الحارثي من العارية إلى الوصايا. شرحه ابن عبيدان بلغ به باب ستر العورة، وشرحه شمس الدين بن مُفلِح صاحب (الفروع)، شرحه في ثلاثين مجلدًا.

جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن محمد المرداوي، والبرهان أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن مُفلح، وهو ابن صاحب (الفروع).

والبرهان أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مُفلح صاحب (المُبدِع) وشرحه من أفضل الشروح وأيسرها، شرح متوسط ليس بالمطوَّل وليس بالمختصر، هو إلى الطول أقرب، لكنه مع ذلك لا يُقارن بالشرح الكبير، وفي المُبدِع طُبِع قال ابن بدران في المدخل: وهو شرحٌ حافل، وفيه من الفوائد والنقول ما لا يُوجد في غيره، وقال: مزج بالمتن بالشرح، ولم يتعرض به لمذاهب المخالفين إلا نادرًا، ومال فيه إلى التحقيق، وضم الفروع، سالكًا مسلك المجتهدين في المذهب، وهو أنفع شروح المُقنِع للمتوسطين، وعلى طريقته سار شارح (الإقناع)، ومنه يستمد.

منهم من أفرد شرح المناسك فقط كالمؤلف ابن قدامة، ومحمود بن محمد الفومني الرابغي ثم المكي، ووضع حواشي على المقنع كثيرة جدًّا من حاشية لابن مُفلِح الشارح السابق، وجمال الدين أبو المحاسن يوسف بن محمد المرداوي، وهو شارح أيضًا، وابن النقيب، وسليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، وهذه الحاشية لم يُجزَم بنسبتها إلى الشيخ؛ لأنها وجِدت في خطِّه، وكما قال الطابع: والظاهر أنها له، والنسخة طُبِعت في المطبعة السلفية وكانت بخط الشيخ محمود بن عبد الله التويجري، وأخوه عبد الرحمن.

كُتِب على غلافها: منقولةٌ من خط الشيخ سليمان ابن الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، وهي غير منسوبةٍ لأحد، والظاهر أنه هو الذي جمعها، فجزاه الله خيرًا.

ترجَّح للوالد شيء؟

طالب: ...........

في نُسخة للمقنع بخط الشيخ وجِدت بخطٍّ جميلٍ جدًّا، بخط الشيخ سليمان بن عبد الله متن المقنع.

طالب: ...........

معروف.

جيء بها من مصر، وحصل بين تُجار الكُتب فيها نزاع حول الثمن وسوء فهم في القيمة، فأخذها الملك سلمان حينما كان أميرًا للرياض بأعلى قيمةٍ ادُّعيَت، ووضعها في الدارة، الدارة صوَّرت منها نُسخًا، ووزعتها على المشايخ، تصوير جميل لو قيل: إنه أفضل من الأصل لما بعُد على ورق يُسمونه الكوشيه الفاخر.

على كل حال الكتاب مخدوم، فيه حاشية قريبة من الحاشية المنسوبة للشيخ سليمان طُبِعت قديمًا، طُبِعت سنة ألف وثلاثمائة واثنين وعشرين بمطبعة المنار، وكُتِب عليها: لا يُعرَف صاحبها، وقد طُبِع عن نسخةٍ جميلة الخط كُتِبت سنة ألف ومائتين وسبعة وعشرين، وعليها حاشيةٌ حافلةٌ جليلة لم يُذكر على النسخة اسم صاحبها.

طالب: ...........

فيه فروق.

طالب: ...........

مَن سليمان؟

طالب: ...........

ما لها علاقة ولا كتبها الشيخ سليمان، وفيه حاشية لابن فيروز.

طالب: ...........

ما أدري والله، ما رأيتها.

لكن هذه الحاشية مطبوعة قديمًا بمطبعة المنار، والنُّسخ كلها وقف لله تعالى؛ ولذلك يندر وجودها عند الطلاب، ولم تُصوَّر، طُبِعت على نفقة بعض المخلصين، وقد جعله الطابع وقفًا لله تعالى لا يجوز لأحدٍ أن يبيع ما يقع منه.

وإذا أردنا أن نحصر الحواشي فلن نستطيع، لماذا؟ لأنه ما من عالمٍ عنده نُسخة لاسيما من الحنابلة إلا ولديه نُسخة مخطوطة قبل الطبع، ويُعلِّق عليها من هذا الكتاب، ومن ذلك الكتاب؛ ولذلك لا يُمكن أن تُحصر هذه الحواشي، مثل ما قالوا في الحواشي على (تفسير البيضاوي)، الموجود في الكُتب المنصوص عليه مائة وعشرون حاشية، لكن أنا ملكت نُسخًا كثيرة جدًّا عليها حواشي قلمية ما تُذكر ولا ذُكِرت؛ ولذلك الحصر صعب.

وهذه نُسخة من المُقنِع، نُسخة خطية قديمة، وعليها حواشي كثيرة –ما نقدر أن نتصرف في الكتاب يتقطع- والله ودي أن تروا بعض الصفحات ما فيها موضع قلم إلا وفيه حاشية مثل هذه الصفحة، وهي نسخة قديمة ما هي بحديثة، لكن مالك النسخة أساء؛ لأن في النسخة نقصًا، فيها نقص في أولها ورقتان في الأول نقص ورقتين، وفي آخرها صفحة أقل من ورقة، يعني وجه من ورقة، الناسخ يبدو أنه ما وجد كتاب المقنع الذي يُكمِّل، فنسخ الورقتين من الإقناع، والأخيرة من دليل الطالب.

طالب: ...........

لا ما بيَّن، هو بيانه ليس بواضح، وقد وجد: كتاب المقنِع تأليف الموفق بن قدامة ما عدا الورقتين الأوليين فمن الإقناع، والصفحة الأخيرة من دليل الطالب، كما أشار إلى ذلك ناقله.

ما أدري والله، ما رأيت شيئًا.

أذكر أن عندي نُسخًا البحث عنها صعب، ما رأيت شيئًا، يبدو والله أعلم أنه عرف ذلك من المقابلة.

طالب: ...........

ولا تنظر إليه.

الله يسامحك يا أبا عبد الرحمن.

هذا فيه جمع للمقنع مع غيره، ومن أشهر هذه الكُتب التي جمعت بين المُقنِع مثل (منتهى الإيرادات) الجمع بين المُقنِع والتنقيح وزيادات، وهو كتابٌ متين، شرعنا فيه قبل مختصر الخرقي، فاستصعبه كثيرٌ من الطلاب، وعدلنا عنه، والشيخ المبارك موجود في هذه الكُتب أعظم الله أجره.

وممن جمع بين المقنِع والتنقيح أيضًا: الشويكي في كتابه (التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح)، وهو مطبوعٌ بمطبعة أنصار السُّنَّة، ثم طُبِع مُحققًا في رسلة دكتوراه في ثلاثة مجلدات.

وقرأت مَن نقل عن الشيخ عبد الرحمن السعدي أن (التوضيح) أفضل من (المنتهى) مع أنهم يتفقون على أن المنتهى أقعد بالمذهب من غيره.

قالوا: إذا اختلف الإقناع مع المنتهى، التنقيح الذي ضُم إلى المقنع في (منتهى الإيرادات) في الجمع بين المقنع والتنقيح وزيادات، و(التوضيح) في الجمع بين المقنِع والتنقيح هو هذا اسمه (التنقيح المُشبِع في تحرير أحكام المقنع) تأليف علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي صاحب (الإنصاف) ومؤلفه خبير بالمذهب، وخبير بالكتاب، واطلاعه على كتب المذهب وسردها في كتابه وعلى الأصحاب شيء مذهل، تعجب كيف اجتمع له هذا الكم الهائل من الكتب، وتيسر له مراجعتها! ويقول في المسألة: قال به فلان، وفلان، وفلان، وهو المرجَّح في الكُتب الآتية، ويذكر عشرة أو أكثر، لكن كلٌّ مُيسَّر لِما خُلِق له.

واحد من شيوخنا يقول: أنا لا أقتني (الإنصاف) وما فيه إلا –صلى الله عليه وسلم- إلا أربع مرات وهو اثنا عشر مجلدًا.

طالب: ...........

المقصود أن الكلام لا أدري هل الذي طبع الكتاب أضاف –صلى الله عليه وسلم- في مواضع كثيرة، وإلا فأنا مر عليَّ في نقلٍ واحد أربع مرات صلى الله عليه وسلم؟ ما أدري هذه مبالغة من الشيخ أو أنه... الله أعلم، لكن الكتاب نافع لاسيما لمن له عناية بالمذهب.

وهذا المذهب كما تعلمون هو مذهبٌ فقهي وعلى رأي الإمام أحمد، وهو إمام أهل السُّنَّة وحافظ الإسلام، يحفظ سبعمائة ألف حديث، إمام أهل السُّنَّة وله مواقف مشهورة في نصر السُّنَّة، فمذهبه –والله أعلم- أقرب المذاهب إلى السُّنَّة.

على كل حال العبرة بــــــــ(قال) الله وقال رسوله، والحَكم الدليل من الكتاب والسُّنَّة.

وكون الإنسان يقرأ في هذه المذاهب أو يعتني بمذهبٍ منها هذا من باب الضبط، يعني لو قيل لطالب العلم: تفقَّه من الكتاب والسُّنَّة مباشرةً تضييع له، لا بُد أن يتفقه على كتابٍ في مذهبٍ مُعتبر معتنىً به خلال قرون وعقود الإسلام، ثم بعد ذلك يتأهل للنظر فيه إذا نظر في هذا الكتاب وتصوَّر مسائله، واستدل لها، ونظر فيمن وافق وفيمن خالف وفي أدلتهم، تأهل للاجتهاد صار حينئذٍ فرضه الاجتهاد والعمل بالكتاب والسُّنَّة، أما قبل ذلك فلا يستطيع، أين يذهب؟ تقول له: تفقَّه من الكتاب والسُّنَّة.

وهذا مثال واقعي لما جاءت الدعوة إلى نبذ كُتب الفقه والنظر في الكتاب والسُّنَّة والتفقه منهما جاء شاب وهو يقرأ في صحيح مسلم مر عليه باب الأمر بقتل الكلاب، أخذ المسدس ما رأى من كلبٍ إلا أفرغ في رأسه رصاصة، الباب الذي يليه باب نسخ الأمر بقتل الكلاب، ماذا يفعل هذا؟ هذا يصلح يتفقَّه من الكتاب والسُّنَّة؟

لا بُد أن يكون لديه أهلية للنظر في الكتاب والسُّنَّة، الكتاب والسُّنَّة فيهما المطلق والمقيد، والعام والخاص، والناسخ والمنسوخ، فيها أشياء كثيرة تفوت المتوسطين من طلاب العلم فضلًا عن المبتدئين.

طالب: ...........

اليوم ما فيه شرح.

طالب: ...........

المقنِع؟

طالب: ...........

جابوا من مكتبة السوادي ما أدري، طبعته مكتبة السوادي بجدة بتحقيق محمود الأرناؤوط، ومراجعة والده الشيخ عبد القادر، مع أنهما ليسا من المتخصصين في المذهب، لكن يكفيهم أنهم أهل عناية وتحرٍّ ودقة في الضبط، والله المستعان.