التعليق على تفسير سورة الواقعة من تفسير الجلالين (02)

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم، وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

في درس الأمس جاء سؤال عن مختصرات ابن كثير، وذكرت مختصر الشيخ أحمد شاكر، ثم بعد ذلك تركت الباقي، يعني نسيانا، فمن من مختصراته إضافة إلى عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير للشيخ أحمد شاكر، الذي ذكرناه بالأمس منها مختصر لمحمد نسيب الرافعي، وهو مختصر جيد، وعليه تعليقات جميلة لاسيما بما يتعلق بالعقيدة، فيه أيضا مختصر لمجموعة من المشايخ من مدرسي دار الحديث بمكة، صدر حديثا وهو كتاب جيد يمثل نفس الحافظ ابن كثير لأنه من أسلوبه، ولهم عناية في الاقتصار على الأحاديث الصحيحة، فهو مختصر جيد، فيه أيضا مختصر للشيخ صفي المباركفوري، مختصر نافع، هذه المختصرات الأربعة كلها اطلعت عليها وكلها جيدة ونافعة، هناك مختصرات أخرى لا أستطيع الحكم عليها لأني التصور عنها ليس بكامل، أما هذه فحصتها وخبرتها، فأربعة مختصرات كلها نافعة، وفي الدرجة الأولى منها كمختصر الشيخ أحمد شاكر إلى سورة الأنفال، هي الخمسة الأجزاء التي طبعة في وقته وأشرف على تصحيحها وصاغ بأسلوب لا نظير له، ثم بعد ذلك مختصرات متقاربة، لاسيما مختصر الشيوخ المدرسين في دار الحديث مع مختصر الشيخ المباركفوري متقاربة على حد كبير، مختصر الشيخ محمد بن سيد الرافعي مختصر أكثر اختصار منه لكن ميزته في التعليقات التي ذكرها الشيخ -رحمه الله-.

وفي أيضا مسألة أشرنا إليها وطلب بعض الأخوة التفصيل فيها، وهي مسألة النهي عن الكتابة في حديث أبي سعيد في صحيح مسلم: ((لا تكتبوا عني شيئا سواء القرآن ومن كتب عني شيئا غير القرآن فل يمحه)) قيل أن هذا كان في أول الأمر خشية أن يختلط غير القرآن بالقرآن، ومنهم من حمل النهي على كتابة غير القرآن مع القرآن في صفحة واحدة، ومنهم من قال: إن النهي عن الكتابة خشية أن يعتمد الناس على الحفظ على الكتابة ثم يضيع الحفظ، ولا شك أن الكتابة لها أثر في إضعاف الحفظ، وكل إنسان يجرب هذا من نفسه، يعني إذا كتبت أي معلومة وأودعتها الورق، لم تهتم بحفظها، والأرقام شاهدة بذلك بينما كان الناس في الهواتف العادية معهم دليل بعض الأرقام يحفظها لأنه تهمه، وبعضها يكتبها فيحفظها بالكتابة، لي نظير ما في الآن من كتابات في الجوال وأرقام في الجوال، تجد الإنسان لا يحفظ ولا رقم أمه ولا أبيه، لماذا؟ لأنه معتمد على كتابتها، لكن لو لم توجد هذه الخدمة اضطر أن يحفظها ولو أقرب الناس إليه، والناس يختلفون في الحافظة بالنسبة لهم تختلف من شخص إلى آخر، عرفنا أناس لا يحملون الدليل دليل الهاتف، يعني قبل وجود الجولات لا يحملون الهاتف وإنما يحفظون كل ما يسمعون من الأرقام، وبعضهم لا يستذكر ولا رقم واحد، وبعضهم يستذكر شيئا وينسى أشياء، وكلفة ذلك ممن له اهتمام بأي شيء بالسيارات مثلا تجده ما تمر عليه سيارة إلا وقد حفظ الرقم، لكن لو كتب عنده نسيه، وهذا هو الذي حصل، لم نهي عن الكتابة اعتمد الناس على الحفظ، صاروا كلهم حفاظ ثم أذن فيها فيما بعد: ((اكتبوا لأبي شاه))، الحديث في الصحيين، قال أبو هريرة: "ما كان أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أكثر حديثا مني إلا ما كان من

عبد الله بن عمر فإنه كان يكتب ولا أكتب"، ثم استمرت الكتابة فردية كل واحد يكتب مروياته ويختصر عليها، إضافة إلى اهتمام الناس بالحفظ في الصدر الأول، والحفاظ ما اعتمدوا على الكتابة كليا لكن لما أذن بالكتابة والتدوين الرسمي من قبل عمر بن عبد العزيز بل أمر به، عمر بن عبد العزيز أمر بالكتابة وأن تدون السنة تدوينا عام شامل فصنفوا المصنفات، ومازالت هذه المصنفات..... حتى اعتمد الناس على الكتابة ونسي الحفظ، إلي أعلم البرامج الموجودة الآلية حفظت لنا خمس مائة ألف حديث، يعني: بطرق ورواياته، يعني خمسمائة طريق، يعني بدون تكرار لا يصل ولا إلى عشر هذا المقدار، لكن الحديث يكون له عشرين أو ثلاثين طريق يعد حديث واحد،يعد أحاديث في العرف السابق، يعد أحاديث في العرف السابق، وفي عرف المتأخرين يعد حديثا واحدا إذا كان الصحابي واحد، ومع ذلك يحفظ الإمام أحمد سبعمائة ألف حديث، أكثر من البرامج الموجودة، وأبو داوود خمسمائة ألف، وغيره ست مائة ألف وهكذا المقصود أن الناس استرسلوا في التصنيف واعتمدوا على الكتابة فنسوا بل ضاع الحفظ، إلى أن وصلنا إلى وقتنا أو إلى قريب من وقتنا والناس لا يحفظون، يعني: الذي يحفظ البلوغ يقال له محدث، الذي يحفظ البلوغ يقال له محدث، من الذي يجرى على حفظ المنتقى أربعة ألف حديث من غير سند وفي سطر أو سطرين، هذا نادر جدا ثم بعد ذلك أفنية هذه السنة المندثرة، ولو كانت تختلف عن طريقة المتقدمين لأن المتقدمين يحفظون بالطرق وبالأسانيد والمتون كاملة، وهؤلاء يقتصرون على المقتصرات،وعلى كل حال هي نعمة، وفتح بالنسبة للحفظ السنة، والله المستعان، استمر الأمر على الكتابة، وصار الناس يكتبون ويودعون النصوص، وقل الحفظ صار هو على حساب الحفظ ثم جاءت المطابع، جاءت المطابع التي تطبع الكتاب في عشرة مجلدات وعشرين مجلد، وازداد الأمر سواء، لأن طالب العلم يشتري فتح الباري، أو تفسير الطبري ويودعه في الدالوب عنده في الرف، ومتى يرجع إليه؟ متى يرجع إليه؟ عند الحاجة، لكن لو لم توجد هذه المطابع لضطر أن يستعيره ويطلع عليه ليعيده إلى صاحبه، أو يضطر أن يكتب ما يحتاجه منه والكتابة رغم أنها على حساب الحفظ إلا أنها وسيلة من وسائل تثبت العلم، يعني: الاعتماد على الآلات لما جاءت الآلات لشك أنه بان النقص في الناس، اعتمد الناس على هذه الآلات بحيث يتيسر له الأمر بضغطة أزر خرج لك الحديث من أربعين طريق ثم ماذا إذا أغلق هذا الجهاز كم يثبت في ذهنه من حديث؟ الجواب: لا شيء، يعني خيال يعني يثبت له شيء ما يعطيه تصور عن الحديث ولا إجمال لكن الذي يكتب أفضل من الذي يعتمد على الآلة بكثير، ومن يعتمد على الحفظ أفضل بكثير من الذي يكتب، لأن العلم لاسيما نصوص الوحيين لا بد لها من حفظ، ما يعتمد فيها ل

مماممممعلى مجرد التماس أو تعبير أو تذكر أو شيء لا لأنها علمية محضة، تحتاج إلى حافظ قوية وتحتاج أيضا إلى فهم دقيق، على كل حال كل ما استحدث شيء جديد صار على حساب العلم، وإن كان ييسر، ييسر بالنسبة لطالب العلم، يخدم طلاب العلم لكن العلم متين لا يستطاع براحة الجسم، لا يستطاع العلم براحة الجسم، هذا قاله يحيى ابن كثير كما في صحيح مسلم في كتاب المواقيت، مواقيت الصلاة، وكثير من الشراح تعجب من إيراد هذا الأثر في هذا الموضع، وقال يحيى ابن أبي كثير: "لا يستطاع العلم براحة الجسم"، أين مواقيت الصلاة وقت صلاة الصبح وقت صلاة الظهر، صلاة العصر إلى أخره بين الأحاديث لا يستطاع العلم براحة الجسم، بعضهم يقول: هذه مقحمة مالها، يعني: مالها مناسبة، ولكن الإمام مسلم أعجبه تصرف بعض الحفاظ من الرواة في سياق المتون والأسانيد، فهجمت عليه هذه الجملة من حيث لا يشعر ليبن لطلاب العلم أنه لا يمكن أن يودعك مثل هذا العلم وهذا الحفظ إلا مع التعب، فالتحصيل ومن قرأ في سير العلماء ورأى من صبرهم على شدائد التحصيل، هان عنده كل شيء، ورأى أن العلم لا يمكن أن يأتي بهذه السهولة، لا بد من معاناة لا بد من تعب، واحد من الشيوخ توفي - رحمة الله عليه - قبل قبل ستين سنة، توفي - رحمة الله عليه - في ليلة زواجه، في ليلة الزواج لما دخل على المرأة تذكر آية، فأشكل عليه معناها فدخل مكتبته فلم يفق إلا بأذان الصبح، من تفسير إلى تفسير من تفسير إلى آخر، ليلة عرس ليلة زواج، وقبل أن يقضي شيء من حاجته، العلم يحتاج إذا أعطيته كلك أعطاك بعضه، لكن إذا تراخيت ما أمسكت شيء، فعلينا أن نهتم في تحصيل العلم، والملاحظ على بعض طلاب العلم أنهم صاروا يعتمدون على هذه الآلات وفي النهاية لا شيء لا شيء، قد يقول قائل: إن هذه الآلات نفعت كانت في السابق طالب العلم يستطيع أن يخرج الحديث من خمسة مصادر في ساعة أو ساعتين، الآن الحديث يخرج له من عشرين وثلاثين مصدر في خمس دقائق، ويطلع على ما لم يطلع عليه من نفسه، نقول: هذه الآلات نعمة من نعم الله، لكن ينبغي أن تستغل على الوجه النافع، هذه الآلات يستفاد منها متى، لا يستفاد منها في تحصيل العلم ولا تأصيله، إنما يستفاد منها إذا ضاق الوقت أو للاختبار العمل، يعني خطيب بقي عليه خمس دقائق وعنده حديث لا يدري ما درجة هذا الحديث نقول: ما في مانع أن تستفيد من هذه الآلات وتعرف درجة الحديث، لأنه ما في خيار الآن، الثاني: من أراد أن يختبر العمل، حرص على تخريج الحديث مثلا، أو الإطلاع على أقول أهل العلم في مسألة ماء بأدلتها، وجمع ما جمع ثم أراد أن يختبر عمله، هل هناك طريق لم يطلع عليه؟ هل هناك مصدر لم يصل إليه؟ هل هناك قول ما استطاع الوقوف عليه؟،  يمكن أن يستفاد من الآلات وحينئذ القدر الزائد على ما تعبت عليه يجد في القلب حاجة ماسة فيثبت حينئذ، أما أن تعتمد على الآلة من أو الأمر، أصلك ما تهيئة، لكن إذا لم يبق إلا القدر الذي لام تستطع الوقوف عليه فإنه حينئذ يثبت في القلب بلا شك، وحينئذ يستفاد من الآلات بقدر الحاجة.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى - في تفسير السورة: {وكنتم أزوجا} يعني: في القيامة، يكون الناس أصناف كما أنهم في الدنيا أصناف، هم في الدنيا أصناف وهم في الآخرة أصناف، الدنيا دار ابتلاء، الناس فيها على ثلاثة أصناف، الناس فيها على ثلاثة أصناف: منهم: السابق، ومنهم: المقتصد، ومنهم: الظالم لنفسه، {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات} [سورة فاطر:32] وهو نظير التقسيم الذي سيأتي، فالسابق هم السابقون هنا، والمقتصد هم أصحاب اليمين، والظالم لنفسه هم أصحاب الشمال، التقسيم هنا والتقسيم هناك، مع أن أهل العلم يختلفون في القسم الثالث، إلي هو الظالم لنفسه، ما المقصود به؟ السابق معروف قالوا عنه: أنه هو الذي يفعل المأمورات، سواء كانت واجبات أو مستحبات، ويتركون المنهيات، سواء كانت محرمات أو مكروهات، والمقتصد الذي يقتصر على الواجب ويترك المحرم،ويفرط في شيء من المندوبات وقل يرتكب شيء من المكروهات، هذا مقتصد، لأن هذا كفاف لا له ولا عليه، يعني أبرأ خرج من عهدة الواجب والمحرم وما عد ذلك تركا المندوبات لأنه لا يعاقب عليها، وارتكب بعض المكروهات لأنه لا يعاقب على فعله، هذا مقتصد، نقول للأول: الذي اشترى سلعة وباعها بربح والثاني: باعها برأس ماله يبقى الثالث، الظالم لنفسه: هو الذي باع بخسارة، باع بخسارة، لكن هل الأقسام كلها في دائرة الإسلام؟ لأن آية الملائكة آية فاطر تدل على ذلك، {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ومنهم ومنهم} [سورة فاطر:32] فكلهم مصطفون، ويبقى أن الظالم نفسه الذي ظلم نفسه بترك بعض الواجبات وارتكاب بعض المحرمات، وهل يطابق التقسيم الذي عندنا، السابقون، أصحاب اليمين،  أصحاب الشمال، يأتي في أصحاب الشمال، ما أعد لهم في الآخرة من العذاب، فمن قال إن الظالم لنفسه، في آية فاطر يشمل المسلم المسرف على نفسه بترك بعض الواجبات، وارتكاب بعض المحرمات، كما أنه يشمل من ظلم نفسه بما هو أكبر من ذلك من الشرك والكفر والنفاق، فيدخل فيه من المصطفين من يدخل، ويدخل فيه أيضا من خرج عن دائرة الإسلام بارتكابه ما يخرجه عنها.

القسم الأول: هم السابقون ثم أصحاب اليمين، ثم أصحاب الشمال، أصحاب القسم الأول الذي هم السابقون، هم المقربون والقسم الثاني: هم الأبرار، فالمقربون أعلى درجة من الأبرار، والأبرار لا شك أن العاقبة لهم حميدة ولا إشكال بالنسبة لهم، لكن المقربون أفضل منهم، وهم المعبر عنهم بالسابقين، المقربون لهم أعمال والأبرار لهم أعمال، بالنسبة لأعمال الأبرار وهي دون أعمال المقربين دونها لكنها أعمال توصلهم إلى الجنة، وتنجينهم بإذن الله من النار، وكل ذلك برحمة أرحم الراحمين، يقول أهل العلم: إن حسنات الإبرار سيئات المقربين، حسنات الإبرار سيئات المقربين، ليس معنى هذا أنها سيئات يعاقبون عليها، لكنها أعمال أقل من مستواهم، إذا سلم الإمام واستقبل المأمومين ورأى رجلين يقضيان من الصلاة ما يقضيان، قال: فلان الله يهديه فاتته ركعة أو ركعتين، وقال للثاني: ودخل بعده فاتته ثلاث ركعات، ما شاء الله فلان صلى مع الجماعة، الناس يتفاوتون، الناس منازل بقدر أعمالهم، يعني: إنسان يلام لو فاتته تكبيرة الإحرام، وأخر لو جاء بعد فراغ الناس من الصلاة يقول: ما شاء الله، لأنه هذا معنى قولهم حسنان الأبرار سيئات المقربين، هذا بالنسبة لكونه أدرك ركعة بالنسبة للحسن، لكن الذي فاتته ركعة بالنسبة له سيئة، ولا يعني أن هذا أن هذه سيئة يعاقب عليها لا الميزان واحد، لكن معنى ذلك أن بعض الناس يؤاخذ بما لا يؤاخذ به غيره، وهذا هو شأن الصادقين، وأما شأن من دونه في المنزلة هؤلاء لا يؤاخذون بمثل ما يؤخذ به من تقدمه في المجالات السابقة.

{وكنتم} يعني: القيامة أزواج يعني أصنافا ثلاثة وتقدمة {فأصحاب الميمنة} وهم الذين يأتون كتبهم بأيمانهم، أصحاب الميمنة يؤتى كتابه بيمينه، لكن ماذا عن السابقين؟ نعم؟

طالب:...........

السابق ألا يؤتى كتابه بيمينه؟ على كل حال كل من نجا فكتابه بيمينه، وكل من هلك فكتابه بشماله، ابن حزم له رأي في المسألة لا أعلم أن أحد قال به، وهو أن المؤمنين يعطون كتبهم بأيمانهم، والكفار يعطون كتبهم بشمالهم، وعصاة المؤمنين يعطون الكتاب من وراء الظهر، العاصي من المؤمنين، ليس من المؤمنين الخلص الذين يعطون الكتب بالأيمان، ولا من الكفار الخلص الذين يعطون الكتاب بالشمال، فتجد الواحد منهم يعطى كتابه من وراء ظهره.

فقوله هنا {فأصحاب الميمنة} وهم الذين يأتون كتبهم بأيمانهم {وأصحاب المشأمة} يعطون كتبهم بشمائلهم، لكن ماذا عن السابقين؟ سيأتي في كلام المؤلف أنهم الأنبياء الذين سبقوا الناس في كل ملة، من السابق في كل ملة نبيها ومن بعده تبع له، ويأتي الكلام في هذا.

{فأصحاب الميمنة} [سورة الواقعة:8] وهم الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم، مبتدأ خبره {ما أصحاب الميمنة} خبره{ما أصحاب الميمنة} والتكرير يعني: تكرير الخبر بلفظ المبتدأ لا شك أنه لتعظيم، لتعظيم شأنه، فإذا كررت المبتدأ أو الخبر بنفس المبتدأ لا شك أن هذا يدل على تعظيم شأنه، وكذا لو كررت جواب الشرط بنفس لفظ فعل الشرط، ((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله)) هذه تعظيم شأن الهجرة إلى الله ورسوله،لكن بالمقابل ((من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) ما كلف، لأن الهجرة لدينا أو للمرأة لا يستحق التعظيم، بل هو مستحق للذم، والسياق سياق ذم، قد يقول قائل مثلا: لماذا يذم من انتقل من بلد من إلى بلد من أجل أن يتزوج امرأة، أومن أجل أن يضارب في التجارة هل يذم من فعل ذلك؟ بحث عن زوجة في بلده فلم يجد فنتقل إلى بلد أخر عله أن يجد زوجة يذم وإلا ما يذم؟ هذا ما يذم، ومثله من ضاقت به المسالك في بلده في تجارته ما في عمل في بلده فنتقل إلى بدل أخر ونحن نرى الناس من غير ما............ ينتقلون من بلد إلى بلد تبعا للوظائف، ولا أحد ينكر عليهم، نعم لمجرد الهجرة لمجرد الزوجة، أو لمجرد الدنيا هذا ما يلام صحابه قد فعل مباحا، لكن من هاجر من أجل الدنيا أو من أجل امرأة يتزوجها، وأظهر للناس، وأظهر للناس، أنه هاجر إلى الله ورسوله هذا الذي يذم، هذا الذي يذم، كما في القصة المعروفة في مهاجر أم قيس، يعني نقول ذلك لو استطردنا قليلا لكن التوضيح بالأمثلة مهم جدا لأن هذا قد يقول قائل الناس كلهم يسافرون من أجل التجارة من أجل الزواج حتى من أهل العلم من يفعل هذا، هل العلماء ينقلون من وظائفهم من مكان إلى مكان أو ينتقلون تبع لوظائفهم ولا أحد يلومهم، نقول: نظير ذلك من دخل قبل آذان المغرب في يوم الاثنين ومعه كيس فيه التمر، وفيه الماء، وفيه القهوة، وفيه أشياء قبل أذان المغرب بنصف ساعة وصلى بسط السماط ووضع التمر والقهوة والفناجيل والماء ومدري أيش والمناديل، وكل من دخل من باب المسجد تفضل يا أبو فلان افطر معنا، فلما أذن قال: بسم الله وأكل من التمر وشرب من القهوة، الرجل ما صام ولا في أحد يقول أن الأكل في مثل هذا الوقت في هذا المكان محرم، مباح الأكل، في المسجد وفي هذا الوقت مباح، لكن ما الذي أظهره لناس؟ أظهر لناس أنه صائم، فهو يذم من هذه الحيثية وأما مجرد الأكل في المسجد ما في إشكال مباح، وكذلك الأكل مع الأذان ما في إشكال، ولو أكل بعده أو قبله لا يختلف إلا إذا أظهر للناس سواء كان بمقامه، أو بحاله ولسان حاله فإنه منهم، وهكذا من هاجر إلى دنيا يصيبها وامرأة يتزوجها، وأظهر للناس أنه مهاجر إلى ورسوله، طيب هاجر من بلد إلى بلد يريد أن يتزوج، وقال للناس والله أنا بانتقل من هذا البلد، هذا كثرت فيه المعاصي والمنكرات، أنتقل إلى بلد المنكرات فيه تقل، والإخوان فيه كثر هناك يعينونك على الطاعة،هذا الذي أظهره للناس، هذا يذم من هذه الحيثية، وقس على هذا تصرفات كثيرة تشبه هذا التصرف، ويقع فيها كثير من الناس بحيث يشعر أو لا يشعر، {ما أصحاب الميمنة} تعظيم لشأنهم بدخولهم الجنة، لاشك أن من دخل الجنة، من زح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، فقد فاز، بعض الناس يستهين بأمر النار ويقول مادام الإيمان موجود أصله موجود والمعاصي لا توجب الخلود في النار فالأمر فيه سعة، هل يصبر على النار ولو لحظة؟ يختبر نفسه لا يمس نار، يأتي لمبة من اللمبات التي مشغلة من ربع ساعة أو خمس دقائق فيلمس يمس يكفي هذا، هل يستطيع أن يصبر أويثبت هل يستطيع أن يضع أصبعه على شيء حار، والله لا يستطيع، هل يستطيع أن يمشي حافي على الإسفلت في صلاة الظهر؟ ما يستطيع، البلدان تتفاوت لكن بلدان أمرها عظيم، إذا سرق الحذاء في صلاة الظهر خلاص يجلس في المسجد، أو العصر، وبعض الناس لا يطيق ذلك في صلاة المغرب والعشاء، لا يطيق؛ لأنه مترف فمثل هذه الأمور يؤاخذ عليها النطق بمثل هذه الأمور يؤخذ عليها أقل المشركين عذاب أبو طالب بشفاعة النبي -عليه الصلاة والسلام-، عليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه، فكيف بمن يغمس كله في النار على ما سيأتي - نسأل الله السلامة والعافية-.

فالنطق بمثل هذا أمره عظيم، ومن يصبر على البلاء، من يصبر على البلاء؟ لو بات ليله وعرق في بدنه تغير عن وضعه الطبيعي يمكن يتمنى الموت من أجله، يتمنى مفارقة الحياة من أجله، أو صداع أو غير ذلك، يعني هناك أمراض في عرف الناس ليست شديدة، بل لا يزار من أبتلي بها كالزكام مثلا، لكن هل الوضع طبيعي مع الزكام؟ فيتغير كل شيء في الحياة، وهو زكام يعني يوم ثلاثة في الغالب ينتهي، فكيف بغيره، لو قطع منك أصبع وذلك النعم الموجودة في أبداننا لا نقدرها، لا يقدرها ألا من فقدها، وفي الحديث الصحيح: ((يصبح على سلاما كل واحد منكم صدقة)) السلاما المفاصل، يحتاج كل مفصل إلى صدقة شكر لهذا النعمة، طيب المفاصل تروح تتحرك على ما يريده الإنسان، طبيعي تتحرك لكن أنت تتصور إن أصبع عندك واحد لا تستطيع أن تثنيه، تعاني من هذا الأصبع من هذا الأصبع مالا يدركه إلا من ابتلي به، لو أن الرجل إذا مددت لا تنفك أو اليد تعبت تعبا شديدا بسببه ولذلك على الإنسان أن يشكر هذه النعم، والله -جل وعلا- يقبل القليل ويثيب عليه، يثيب عليه الثواب الجليل، إلى أن قال: ((ويكفي من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى)) بدقيقتين ما تحتاج إلى أن تكلف نفسك، أو تسبح، وتهلل وتكبر ثلاثمائة وستين هذي أمرها يسير، فعلى الإنسان أن يهتم لهذه الأمور يعني الاستخفاف بهذه العقوبات أمور أهوال يعني ما قرأنا في كلام أهل العلم الشارح من الكتاب والسنة، يعني: في القرآن ما يغني عن غيره، وفي السنة أيضا ما يجعل الإنسان يعش خائفا وجلا، خوف لا يوصله إلى حد اليأس والقنوط بل يبعثه على العمل، لو قرأنا في سير الصالحين من سلف هذا الأمة عرفنا أن من كان بالله أعرف كان منه أخوف.

 النبي - عليه الصلاة والسلام- كان يقوم الليل حتى تتورم قدماه وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ويصلي وفي صدره أزيز كأزيز المرجل، والواحد منا يقول: إذا ما كان هناك خلود في النار والمآل إلى الجنة لماذا لا نستمتع، هذا كلام لن يصدر عن عقل فضلا عن دين، فإن الإنسان لو وضع يده على شيء في الشمس ما استطاع أن يصبر عليه، - والله المستعان-.

{وأصحاب المشأمة} الشمال بأن يؤتى كل منهم كتابه بشماله، في مقابل أصاب الميمنة، {ما أصحاب المشأمة} ما أصحاب الميمنة تعظيم لشأنهم وما أصحاب المشأمة تحقير لشأنهم، وألئك تعظيم شأنهم بدخولهم الجنة، وهؤلاء تحقير شأنهم بدخولهم النار، - نسأل الله السلام والعافية – {والسابقون}، الآن الترتيب أحيانا يكون على سبيل التدلي، وأحيانا يكون عل سبيل الترقي، سبيل التدلي من الأسفل إلى الأعلى، من الأعلى إلى الأسفل هذا التدلي، والترقي من الأسفل إلى الأعلى، والذي عندنا بالنسبة للفظ الكلام المجمل، ما في ترتيب لأنه ذكر أصحاب الميمنة ثم أصحاب المشأمة ثم ذكر السابقين، يعني: لو كان على سبيل الترقي لذكر أصحاب المشأمة، ثم أصحاب الميمنة، ثم السابقين، ولو كان على سبيل التدلي لذكر السابقين، ثم أصحاب الميمنة، ثم أصحاب المشأمة، يعني: هناك لف ونشر، اللف حصل في أول الكلام {أصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة، والسابقون} هذا لف، نشره فيما بعد؛ لأنه بدأ بشرح أحوال السابقين، ثم ثنى بشرح حال أصحاب اليمين، ثم ثلث بحال أصحاب الشمال، يعني: لو كان ترتيب النشر التفصيلي على نفس ترتيب الإجمال قلنا: لف ونشر مرتب، وإذ اختل الترتيب قال أهل العلم: إنه لف وترتيب مشوش، يعني: يختلف عن ترتيب الإجمال، ابن القيم - رحمه الله تعالى- في كتابه طريق الهجرة ذكر الأصناف، ذكر الأصناف الثلاثة، وشرح البرنامج اليومي الذي يسيرون عليه كأنه واحد منهم، فشرح حال المقربين من الاستيقاظ إلى النوم، وشرح حال أصحاب اليمين الذين هم الأبرار من الاستيقاظ إلى النوم، ولما شرح الحال، حال المقربين ذكر أنه لم يشم لهم رائحة، لأن البرنامج الذي ذكره كأنه يحكي طريقته وخطته، هذا ليس بلازم عن أن الإنسان يتحدث عن ما يعرف ويكون مطبق له بحذافيره، قد يكون مقصر ومع ذلك ابن القيم معروف بالعباد، ومعروف بالإخلاص، روائح الإخلاص تشم من ثنايا كلامه، لكن مع ذلك قال: أنه ما شم لهم رائحة ولا شك أن هذا لا سبيل التواضع.

والله ما خوف الذنوب
لكن خوفي أن يزيغ القلب

 

وإنها على سبيل العفو والغفران
عن تحكيم هذا الوحي والقران

أنت ما تخاف من المعصية في مقابل الشرك، لكنك تخاف المعصية بعتبار عظم من عصيت، لكن إذا قارنتها بالشرك هانت، لكنها بالنسبة إلى من عصيت أمرها عظيم، شرح حال المقربين، أنا أتمنى من كل واحد من الأخوان أن يرجع إلى هذا الكلام في طريق الهجرتين، شرح البرنامج خطة يسيرون عليها، ثم شرح حال الأبرار ومنهجهم الذي يسيرون عليه، ثم شرح أحوال طبقات الأخرى، يرجع إليها في هذا الكتاب النفيس، الجامع، النافع، الماتع، فهو من أنفس كتب ابن القيم -رحمه الله تعالى- وكل ما كتبه نفيس -رحمه الله-.

يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - في قوله -جل وعلا-: {والسابقون السابقون}[سورة الواقعة:10]، قال: والسابقون إلى الخير وهم الأنبياء مبتدأ السابقون تأكيد لتعظيم شأنهم،يعني تأكيد لفظي، {أولئك المقربون*في جنات النعيم} [سورة الواقعة:11-12] السابقون إلى الخير الممتثلين لقوله -جل وعلا-: {سابقوا، سارعوا} وتجد بعض الناس يسمع الإقامة وكأنه لا يسمع، وقد وجد من سلف هذه الأمة من يقول: "إن من لا يحضر إلى المسجد حتى يدعا إنه لرجل سوء"، ما يحضر حتى يدعا حي على الصلاة حي على الفلاح، وتجد من يسمع الإقامة وكأنه لا يسمع، فإذا سمعت الأمر الإلهي فبادر للتطبيق، وإذا سمعت النهي فبادر بالترك ممتثلا.

{سابقو، وسارعوا} لتكون ممن ينطبق عليه هذا الوصف، السابقون السابق من سبق غيره، سبق غيره، وإذا نظرنا إلى الأنبياء الذين خصهم المفسر بهذا الوصف، رأينا هم قد سبقوا غيرهم وهذا سبق مطلق، وهناك سبق نسبي، كسبق أبي بكر إلى الإسلام، وسبق خديجة، وسبق علي، سبق بلال، هؤلاء سابقون، وقد جاء وصف من صلى إلى القبلتين بالسابقين الأولين، على خلاف بين أهل العلم في المراد بالسابقين الأولين، فهم سابقون، وعلى قول المؤلف يخرجهم من السبق الذي وصفهم الله به في القرآن،السبق أمر نسبي فكل من سبق غيره إلى الخير وإلى ترك ما نهي عنه فهو سابق، فالسبق المطلق لا شك أنه للأنبياء، وهناك سبق نسبي، يتصف به من يسارع إلى الاستجابة للأنبياء، فهم سابقون وهناك الأولية المطلقة، والأولية النسبية وهذا معروف في لغة العرب ونصوص الشرع، يعني: حينما يقول في صلاة الكسوف: "صلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، صلاة الكسوف فقام قيام طويلا نحو من سورة البقرة، يعني نحوا من سورة البقرة، هذا طويل يعني: بقراءة النبي -عليه الصلاة والسلام-، نحتاج إلى ساعة أو أكثر، ثم ركع ركوعا طويلا، ثم قام رفع من الركوع فقام قيام طويلا دون القيام الأول"، الأول هنا أولية مطلقة وإلا نسبية؟ مطلقة؛ لأنه لم يتقدمه شيء، ثم ركع، ثم رفع، ثم سجد، سجدتين طويلتين قال في الركع الثاني دون الركوع الأول، في السجود الثاني دون السجود الأول، لكن في الركعة الثانية، قام إلى الركعة الثانية وقد تقدم قيامان، وركوعان، وسجودان، فقال: " قام قيام طويلا دون القيام الأول، ثم ركع ركوعا طويلا دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قيام طويلا دون القيام الأول"، الآن الأول ما المراد به؟هل المراد به الأولية المطلقة، فتكون الثلاثة القيامات والثلاثة الركوعات، والثلاث السجدات متساوية، لأنها كلها تتصف بأنها دون الأولية أولية مطلقة، أو أن الصلاة متدرجة، القيام الأول أطول ثم الذي يليه، ثم الذي يليه، وهكذا الركوع والسجود؟

طالب:.........

نعم

طالب:.......

لا أهل العلم يقررونه نسبي لأن صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- على هذه الطريقة جاءت فكل قيام دون الذي قبله، وكل ركوع دون الذي قبله، فالذي يلي سابق بالنسبة للذي يليه، والذي يليه مسبوق بالنسبة للذي قبله، فالسبق نسبي، فالأنبياء هم السابقون سبقا مطلقا، سبقا مطلقا، وأول من آمن به الزمرة التي هي أول من يؤمن بالأنبياء هم السابقون، سبقا نسبيا بالنسبة لمن تأخر عنه، ومعنى كلمة سلف، يعني: مضى وسبق غيره ممن خلف، ومعلوم أن هذا المصطلح السلفي يمتد إلى نهاية القرن الثالث المنصوص عليه بقوله: ((خيركم قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم))، والخلاف في الرابع، وعلى كل حال حتى القرن مختلف فيه، هل المراد بأربعين سنة أو سبعين سنة أو مائة سنة، لكن الذي قرر ابن حجر القرون المفضلة التي تنتهي على رأس مائتين وعشرين من الهجرة، فهؤلاء سابقون لمن جاء بعدهم، فالسبق نسبي والمراد به: من اتصف به ولو تأخر زمانه على ما يختاره كثير من أهل العلم، إذا اتصف بهذا ا لوصف، وهو المسابقة والمسارعة، وإذا قلنا: أن ا لمراد بالسابقين هم المقربون، هم المقربون قلنا: أن من المقربين من تقدم زمنه ومنهم من تأخر وسيأتي في قوله {ثلة من الأولين* وقليل من الآخرين}[سورة الواقعة:13-14]، دل على أن السابقين لا يختصون بالأنبياء، لا يختص وصف السابقين بالأنبياء؛ لأنه قال: والسابقون إلى الخير وهم الأنبياء مبتدأ السابقون تأكيد لتعظيم شأنهم،أولئك المقربون. المقربون موجودون على مر العصور وهم من عمل بعملهم، من فعل المأمورات سواء كانت على سبيل الإلزام أو على سبيل الندب، وترك المحظورات سواء كان على سبيل الإلزام أو على سبيل الكراهية، من طبق هذا يستحق هذا الوصف، يستحق هذا الوصف لاسيما إذ اتصف بالمبادرة، مجرد ما يسمع الأمر يمتثل، ومجرد ما يسمع النهي يكف هذا يستحق أن يوصف بأنه سابق وأنه مقرب، وقوله {ثلة من الأولين* وقليل من الآخرين} حتى على اختياره هو في قوله: {ثلة من الأولين} مبتدأ أي: جماعة من الأمم الماضية. هل هذا الكلام يدل على اختصاص الأنبياء؟ جماعة من الأمم الماضية، وقليل من الآخرين من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهم السابقون من الأمم الماضية وهذه الأمة، يعني: كلامه يؤيد بعضه بعضا أو يرد بعضه على بعض؟ يرد بعضه على بعض؛ لأن كلامه {ثلة من الأولين} جماعة من الأمم الماضية، يعني المقصود بهم أنبياء الأمم الماضية فقط؟ أو ممن تبعهم واتصف بهذا الوصف، {وقليل من الآخرين} من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقال: {وقليل من الآخرين} وهم محمد -صلى الله عليه وسلم-، وثلة من الأولين جماعة الأنبياء السابقين،{وقليل من الآخرين} هم محمد -صلى الله عليه وسلم- كان كلامه يشهد بعضه لبعض لكنه قلق ما يمكن أن يفسر الكلام بهذا، لكن مع ذلك قوله: وهم الأنبياء قول ضعيف، والأنبياء وإن اتصفوا بهذا الوصف، وهم أحق الناس بهذا الوصف إلا أن الأمر لا يقتصر عليهم، بل كل من سبق إلى استجابة للأنبياء، وسبق وبادر إلى فعل الخيرات واجتناب المنكرات والمحظورات فإنه يستحق أن يوصف بأنه من السابقين، {ثلة من الأولين} يقول: مبتدأ خبره {على سرر موضونة} [سورة الواقعة:15]، {ثلة من الأولين} مبتدأ أي: جماعة من الأمم الماضية، وقليل من الآخرين أي من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهم السابقون من الأمم الماضية وهذه الأمة، والخبر على سرر موضونة. هذا قول أن المراد ثلة أي جماعة من الأولين، والقلة من الآخرين من هذه الأمة يدل على أن من اتصف بهذا الوصف من الأمم السابقة لاسيما إذا نظرنا إلى المجموع من آدم إلى عيسى -عليه السلام-، يعني من سابق إلى الإيمان بهم والتصديق وإتباعهم أكثر ممن سابق وسارع في هذه الأمة، يعني: إذا نظرنا إلى الأفراد فإن هذا الكلام ليس بصحيح، وأن أتباع كل نبي السابقون فيهم أكثر من السابقين في هذه الأمة فهذا الكلام ليس بصحيح؛ لأنه يأتي النبي ومعه الرهط، ويأتي النبي ومعه الرجل والرجلان، ويأتي النبي وليس معه أحد،هل نقول أن أتباع الأنبياء ممن سارع إلى التصديق بهم كل واحد بعينة أسرع أكثر ممن سارع إلى التصديق بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني إذا نظرنا إلى المجموع، مجموع الأمم السابقة وقارنا السابقين منهم مع السابقين ممن آمن بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، صار للنظر مجال، أما إذا نظرنا إلى أفرادهم فلا، على أن من أهل العلم من يرجح أن الثلة من الأولين، والقليل من الآخرين كلهم من هذه الأمة، فالثلة من الأولين من الصدر الأول من هذه الأمة في الصحابة، والتابعون، المقربون كثيرة، لأن العلم فهيم أكثر، والعمل فيهم أكثر، بينما المقربون السابقون في آخر هذه الأمة أقل بكثير، لأنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه، لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه، فمازال الخير ينقص وإن كان باقيا إلى قيام الساعة، وأنه يوجد قليل بالنسبة لمن تقدم ممن يتصف بهذا الوصف من هذه الأمة، ولا شك أن من يتصف بهذا الوصف يتمسك ويعتصم بالكتاب والسنة في الأزمان التي كثرت فيها الفتن والمنكرات، لا شك أن أمره عظيم وشأنه كبير وأجره لا شك أنه عظيم جدا ولذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داوود وهو حديث حسن: ((أن للعامل في آخر الزمان عند تغير الناس أجر خمسين من الصحابة؛ لأنهم قالوا: منا يا رسول أو منهم قال: بل منكم))؛ لأنه لا يجد من يعنيه، والفتن كثير والمغريات أكثر، بيمنا لا يوجد مغريات في الوقت السابق، نعم يوجد هواء ونفس وشيطان، لكن المغريات إلى أن فتحت الدنيا على الناس، قبل ثلاثين سنة فأمر الناس عن الجادة في الجملة، نعم الخير كثير الآن بل لو قال أحد إن الإقبال على الدين والإقبال على العلم أكثر من ذي قبل لما بعد، لكن العبرة بالعمل، يعني: يوجد علم لكن العمل قليل، بيمنا هو في السابقين العمل كثير، وإذا قارنا بين حال أهل العلم من سلف هذه الأمة وممن جاء بعدهم كما قرر ذلك الحافظ بن رجب في فضل علم السلف على الخلف، وجدنا أن العلم يكثر في المتأخرين من جهة القدر، الكم، وأما بالنسبة للكيف، فهو عند السلف أكثر، تجد كلام السلف قليل جدا كلمات معدودة لكنها كافية شافية، بينما الكلام كثير عند المتأخرين، ولكن يمكن أن يستغنى ببعضه عن بعض، يقرر الحافظ بن رجب -رحمه الله- أن من فضل عالم على غيره لكثرة كلامه فقد أجرى بسلف هذه الأمة، فقد أجرى بسلف هذه الأمة، يعني: لو قارنت بين العلماء في زماننا تجد منهم من يتكلم على الآية أو على الحديث بكلمات معدودة لكنها تكفي السامع وتشفيه، ومنهم من يطلق ويتكلم بكلام كثير جدا لكن تجد أكثره مكرر وفائدته قليلة، وهذا وصف علم السلف بالنسبة لعلم الخلف، قد يقول قائل: إن الناس احتاجوا إلى شيء من البسط والتفصيل ولذا يجيب شيخ الإسلام عن بعض الفتاوى بمائتي صفحة فتوى واحدة يكتبها مائة صفحة في جلسة والإمام أحمد يكتبها بكلمة، أو جملة، هل نقول أن شيخ الإسلام أعلم من الإمام أحمد؟ أبو بكر يفتي بكلمة أو يتوقف، وكذلك الصحابة ومن تبعهم بإحسان هذه طريقتهم، لكن كثر العلم وفرع وشقق، ومع ذلك صار على حساب العمل، صار على حساب العمل، - الله المستعان -، {قليل من الآخرين}، إذا قرن أن الثلة والقليل كلهم من هذه القلة، فمرده إلى هذا، وهو أنهم في أول الأمر على الجادة، وعلى قرب عهد بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، والمؤثرات قليلة والاختلاط بالأمم الأخرى قليل، بينما المؤثرات كثيرة، وزمان المتأخر ولذا تجدون والقلوب بين أصعبين من أصابع الرحمن تجد الإنسان اليوم على الجادة لكن من الغد أو بعد مدة تستنكر هذه الإنسان لاسيما إذا غاب عنك مدة ولو يسيرة، تجد فرق بين ما كان يعمله في العام الماضي، وما يعمله في هذه السنة، وكل إنسان يلمس هذا من نفسه، إلا من من الله عليه بتوبة ورجعة صادقة، تجده في يومه أفضل من أمسه وهكذا، لكن الكثير والغالب العكس، كل واحد منا ينظر إلى نفسه ويقارن بين حاله الآن وبين قبل عشرين سنة، كنا إذا سمعنا القرآن قبل عشرين سنة تجد البكاء كثير بين الناس فضلا عن ثلاثين وأربعين سنة، لكن الآن يقرأ القرآن بأصوات مؤثرة ولا حد يتحرك، ولا عاد حرك ساكن بين الناس، - والله المستعان-.

وعلى كل حال في هذا الكلام قولان لأهل العلم منهم من يرى أن لثلة من الأولين من الأمم الماضية، ومن الآخرين من هذه الأمة، ومنهم من يرى أن الثلة والقلة كلهم من هذه الأمة، ولا شك أن المقربين في صدر هذه الأمة أكثر منهم في أخرها، وهم الصادقون من الأمم وهذه الأمة والخبر قوله: {على سرر موضونة} [سورة الواقعة:15]،{على سرر موضونة}، أخذ يفصل في حال السابقين وهم بالنسبة للإجمال أخر من ذكر، وبالنسبة للتفصيل أول من ذكر، على سرر موضونة يعني منصوبة منسوجة يقول: بقضبان الذهب والجواهر، السرر المنسوجة بقضبان الذهب والجواهر، الذهب حرام على ذكور الأمة أن يشربوا فيه وأن يستعملوه، ولكنه في الآخرة حل لهم، والذهب والحرير يستعملها الكفار في الدنيا،وهي لهم في الدنيا ولنا في الآخرة، كما في جاء في الحديث ((هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة)) فليس شيء ممنوع في الآخرة مما منع منه في الدنيا ومن استعماله في الدنيا مع علمه بأنه ممنوع منه كما في جاء في الخمر: ((من شربها في الدنيا لم يشربها في الآخرة، ومن سمع الغناء في الدنيا لم يسمع غناء الحور العين في الجنة)) والجزاء من جنس العمل،{على سرر} وهو جمع سرير وهو ما يجلس عليه وينام عليه موضونة يعني منسوجة بقضبان الذهب والجواهر، هناك جنتان من ذهب، وجنتان من فضة، على ما ذكر في سورة الرحمن، {متكئين عليها متقابلين} [سورة الواقعة:16] {متكئين عليها} يعني: على هذه السرر، متقابلين وجوه بعضهم إلى وجوه الآخرين لا يولي أحدهم ظهره، بل الوجوه متقابلة، الوجوه متقابلة،كل إنسان يسمع هذا الكلام ويطمع فيه وتشرئبوا نفسه إليه، لكن مع الأسف أن تجد من يمني نفسه بهذا ولا يعمل أو يخالف أحيانا في بعض المراكب من وسائل النقل كراسي متقابلة، تجد كرسين هنا أو كرسين أو ثلاثة متقابلين، من الذي يركب في هذه ومن الذي يركب في هذه، تجد مع الأسف أن هذه فيها نساء ويقابلها لا رجال من غير محارمهن، هل مثل هؤلاء يرجون مثل هذه السرر التي عليها متقابلين وهن يخوضون في المحرمات؟ كل شيء برحمة أرحم الراحمين والعمل لا ينجي بذاته ((ولن ينجئ أحدكم أو أحدكم عمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته)) ولا يستطيع أحد أن يحكم على هؤلاء العصاة بحكم أو يقطع لهم بشيء لكن هذه وسائل وأسباب، هذه وسائل وأسباب ويحصل في هذه المراكب ما يحصل من المخالفات، ولذا يقول في هؤلاء: {متكئين عليها متقابلين} وإذا علمنا أن الجزاء من جنس العمل، {جزاء وفاقا} [سورة النبأ:26]، هل يرجوا من يرتكب مثل هذا المحضور مثل هذا الترغيب؟ ومثل هذا الوعد، {على سرر متقابلين} [سورة الصافات:44]، متقابلين حال، حال كونهم متقابلين من الضمير في الخبر، على سرر موضونة هذا الخبر متكئين حال، متقابلين حال، حال كونهم متكئين، وحال كونهم متقابلين، يقول: حالا من الضمير في الخبر، الخبر الذي هو على سرر موضونة والمراد: متعلق الجار والمجرور، متعلق الجار والمجرور.

{يطوف عليهم} للخدمة {ولدان مخلدون} [سورة الواقعة:17] ولدان غلمان وزنا ومعنا مخلدون والمراد بطوافه هنا: للخدمة، للخدمة، ولدان مخلدون على شكل الأولاد يهرمون، يعني: شباب صغير يخدمون أصحاب الجنة، يخدمون هذا النوع الذين هم السابقون، {يطوف عليهم ولدان مخلدون} [سورة الواقعة:17]. وقال بعض من فتن وقال بعض من فتن: أن هؤلاء الغلمان وهؤلاء الولدان يطوفون، عليهم يقولن كلام قبيح لا ينبغي أن يذكر، ورد عليه، يعني: لو بحثتم عن كتاب خواطر شيطانية، وجدتم هذا القول القبيح والرد عليه، وأنا لا أستطيع أن أذكره، لكنه قول في غاية السوء.

يطوف عليهم من أجل الخدمة ولدان مخلدون على شكل الأولاد لا يهرمون، منهم من قال: أن هؤلاء الولدان الذين هم من أولاد المؤمنين الذين لم يعلموا من الصالحات ما يستحقون به أن ينعموا لذواتهم، ولم يرتكبوا من المنكرات ما يعاقبون عليه بسببه فيدخول النار، هذا قول لكنه قول مردود لأن أولاد المؤمنين يتبعون آبائهم {ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء}[سورة الطور:21]، وأطفال المسلمين في الجنة هذا القول المجزوم به المقطوع، ومنهم من يقول: أن هؤلاء الولدان هم أطفال المشركين مهيئون للخدمة، لأنهم لا يعاقبون بذنوب آبائهم، ولم يقدموا شيئا يجزون به دخول الجنة، وعلى كل حال الخلاف في أولاد المشركين قال فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((الله أعلم بما كانوا عاملين)) وابن القيم في طريق الهجرتين في طبقات الناس ذكر الأقوال في أولاد الكفار، وأولاد المسلمين.

على شكل الأولاد لا يهرمون، يعني: لا تتغير صورهم، لكن الأولاد في الدنيا تجده في المرحلة الابتدائية على شكل، في المرحلة الثانوية على شكل آخر، بعد ذلك صار رجل كبير، ثم به النقص، هذه حال الدنيا هذه حال الدنيا، أما في الجنة فحال هؤلاء الأولاد على سن واحدة، وعلى شكل واحد لا يتغير، أبد الآباد كما أن أهل الجنة سنهم ثلاثة وثلاثين لا يزيد، كما في الأحاديث الصحيحة، ((وطول كل واحد منهم ستون ذراعا، طول أبيهم)) كما في الصحيحين وغيرهم، وأما بالنسبة للعرض كما في المسند وغيره: ((سبعة أذرع))، كم باقي يا الأخوان.

ها، وصل يعني نقف عند هذا، يعني ما في مانع أن نواصل بس أنا أخشى أن يكون في أحد يتضرر بالتأخير.

طالب:...........

إيه بس أنا أخشى أن يكون في أحد مرتب أموره على شيء، على كل حال لن نستطيع أن نكمل كل ما يتعلق بالسابقين في هذا الدرس فيرجع إلى درس لاحق إن شاء الله، والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

تواصل يا شيخ.

على كل حال من الغد إن شاء الله وما بعده سيكون الإقامة بعد نصف ساعة من الأذان، بعد نصف ساعة من الأذان، فترتب الأمور على هذا..

"
هذا يقول: ما صحة حديث فضل سورة الواقعة: ((إذا قرأت كل ليلة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا)).

ذكرنا بالأمس أنه حديث ضعيف من حديث ابن مسعود.

يقول: في حديث أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أشد حياء من العذراء في خدرها؟ كيف ذلك والعذراء في خدرها تكون أقل حياء منها في غيرها؟

هذا الكلام ما هو بصحيح العذراء البكر أشد حياء من غيرها ويضرب بها المثل، هذا إذا كانت الفطر سليمة، أما إذا مسخت الفطر، وتغيرت الفطر كما هو الحال في عصرنا هذا لا يمكن أن يقاس عليها أحد، بل تجد العذراء أقل حياء من أمه أو جدتها التي عاصرت الحياة وعايشت الناس، والكتابات الآن تنم عن شيء، يعني تجد بنت ما تزوجت تكتب في شريط على قناة أو على شيء تكتب شيء يستحي الرجل من قراءته فضلاً عن النطق به، هؤلاء ليسوا بمقياس الكلام فيمن بقي على فطرته، ولم تجتله شياطين الأنس والجن.

هل يجوز تعليق لوحات مكتوب فيها ما شاء الله لا قوة إلا بالله، أوجزء من سورة: {قل هو الله أحد} من غير أن يعتقد فيها شيء؟

ذكر الله ينبغي أن يصان عن الامتهان، والقرآن ما أنزل لهذه الأمور، ما أنزل لتعليق إنما{هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} [سورة العنكبوت: 49] لا بد أن يكون في الصدور محفوظ ويتبع ذلك التلاوة حق تلاوته، ثم بعد ذلك العمل به.

ما حكم قول صدق الله العظيم بعد قراءة آيات من القرآن وكذلك كتابتها بعد كتابة الآيات سواء كانت مسائل....؟

أما التزام ذلك فليس له أصل، التزامه في كل القراءة فلا أصل له، وإن أشار بعض المفسرين، يعني قال القرطبي وغيره: ينبغي لمن قرأ شيء من القرآن وفرغ منه أن يصدق الله ويشهد لنبيه بالبلاغ وهكذا، لكن التزام ذلك لا أصل له، يعني وإن ذكر أحيانا لا مانع له أما أن يلتزم في كل القراءة فلا.

يقول: هل يجوز استعمال جهاز عارض البروجكتر خاص بالمسجد، هل يجوز استخدامه في مركز صيفي لدعوة الشباب؟

أولا: هذه الأجهزة تعرفون أنها محدثة، واستعمالها في العبادات استعمال للمحدث في العبادات، ليتوسع الناس في مثل هذه الآلات توسعا غير مرضي، يعني الأصل أن هذه الجهاز الذي يبلغ لما جاء إلى المسلمين اختلف في هذه العبادة، فمنهم من مات ولم يستعمله، يقول: استعمل الجهاز في صلاة أو في قراءة أو في علم هذا محدث، وليس عليه أمر النبي - عليه الصلاة والسلام - ولا عنه فنعته على هذا، على أنه نعت ومبتدأ، ومنهم من رأى أن مثل هذا الجهاز الذي يبلغ الصوت الحاجة إليه داعية، فإذ دعت الحاجة إلى مثل هذا من غير مفسدة ومصلحته راجحة وأمكن تخريجه على وجه صحيح فيكون بمثابة المبلغ، أي: يسميه أهل العلم المستملي، المستملي في الدروس فالشيخ لا يستطيع أن يبلغ عشرة الآلف فهل يقول له عشرة من المبلغين الذين هم يسمونهم المستملين، يسمى المستملي واحده المستملي، فيكون واحد في هذه الجهة وواحد في الجهة هذه وواحد بعد عشرة صفوف، والثاني كذلك، إلى العشرة، فإذا قال الشيخ كلاما نقله إلى الأقرب إلى الأبعد وهكذا،إلى أن يصل إلى أخر الجمع، هذا مستملي وهذا بمثابته، ولذلك الآن ندر أن يوجد من ينكر هذه الآلات في المساجد، ويندر من يقول أن الصلاة......لكن مع ذلك التوسع الموجود في استعمال هذه الآلات غير مرضي، يعني تجد المسجد ما فيه إلا خمسة أشخاص، الإمام وخلفه أربعة وتوجد مكبر صوت ما يخرج الأربعة إلا بصداع، يرفعون الصوت والمؤثرات على شان أيش؟ هؤلاء يكفيهم صوت الإمام، يكفيهم صوت الإمام، وتجد بعض الناس يتصرف في الصلاة من أجل متابعة هذا المكبر تصرفات لا تليق بالصلاة، فتجده إذا سجد يمد عنقه إلى المكبر الذي في الأرض من أجل أن يكون صوت التكبير، ولا داعي لهذا كله، يعني: هناك أجهزة متطورة تلتقط من بعيد لا تحتاج إلى مثل هذا، على كل هذا الأمور أنا من وجهة نظري أن الناس توسعوا فيها، توسعوا فيها ينبغي أن يقتصر فيها على قدر الحاجة، نأتي إلى البروجكتر والتصوير حفل تحفيظ القرآن يكون فيه تصوير. يكون فيه عرض على شان أيش؟، يعني بعض الأخوان القائمين على هذه الأعمال يقول: إننا إذا صورناها وعرضناها على التجار وراء هذا العمل تبرعوا لمثل هذه المشاريع، لكن لو نكلمهم من دون، من دون صور ومن دون عرض ومن دون كل هذا لا يجدي، ما عند الله لا ينال بسخطه، فعلينا أن ننتبه لأننا نتقرب إلى الله بهذه الأمور، ننتبه لمثل هذه التصرفات إضافة إلى ذلك أنه يخرج مثل هذا الجهاز إلى مركز صيفي، يعني الذي تبرع به أوقفه على هذه المكان، هذا على القول بأنه لا شيء فيه مع أنني لا أقر مثل هذه الأمور لا جملة ولا تفصيل، لكن بعض المشايخ يتسامح ويحضر ويشغل حفل على ما قالوا وهو موجود ويصور ولا ينكر، نقول: أيضا هذا تعدي على إيقاف هذه الآلة على هذه المكان، هذا على فرض القول بأن مثل هذا سائغ، أو لائق.

رجل مسبوق سلم إمامه بعد الثلاثة في الصلاة الرباعية فقام يكمل ثم ذكر الإمام فقام للرابعة؟ السؤال: هل يرجع المأموم المسبوق ليأتم بإمامه أم لا؟

نعم يرجع، له أن يرجع لأنه لو لحق به ابتداء في الرابعة صلاته صحيحة،إذا يرجع.

يقول: في مسند الإمام أحمد - رحمه الله تعالى- نجد أحاديث بعض الصحابة في غير مسند الصحابي نفسه، فمثلا نجد في آخر مسند عمر حديثا لأنس وست أحاديث لابن عمر كما في طبعة الرسالة؟

طبعة الرسالة أخذت من الطبعة الأولى الميمنية بترتيبها، لكن لا شك أن المسند صنف قديما، ونسخه كثيرة ومتفاوتة في بعضها ما ليس في البعض، والترتيب أحيانا يختلف، على كل حال تأليف المتقدمين لا يحاسب مؤلفيها كما يحاسب المؤلف المتأخر، فالمتقدمون لهم طرائف في التصنيف، هم يعتبرون الترتيب ترتيب الكتب يعني فضلة، وليس من متين العلم، يعني هو مجرد فقيد العلم وطالب العلم لكن ليس هو الأساس، الأساس أن تجمع مرويات هذا العالم في هذا الكتاب سواء تقدمة أو تأخرت، ولذلك تجد أحيانا في المناسبات فيها شيئا من القلق، منسبة إيراد الأحاديث تحت الباب أو باب بعده باب، تجديد فيها شيء من الذي لا تظهر له مناسبة،إذا إضافة إلى أن هذه المؤلفات يعني طرائق التصنيف فيها عند المتقدمين فيها تختلف عن المتأخرين، فمثلا يخرج الإمام أحمد ويروي الإمام أحمد بإجماع ما في حد خالف هذا، صنفه الإمام أحمد، إذا مالفائدة من قولهم حدثنا عبد الله قال حدثنا أبي، في المسند وعبد الله يروي المسند عن أبيه، طيب ما الذي دخل الراوي في الكتاب، نقول هذه طريقة للمتقدمين الراوي يثبت اسمه في الكتاب، لتتبين أن هذه النسخة من هذا الكتاب برواية فلان.
حدثنا يحيى بن يحي قال: أخبرنا مالك، يستشهد مصنفات الشافعي، حدثنا ضبيه قال: قال الشافعي، والذي لا يعرف هذه الطريقة يحكم على هذه الكتب بأنها ليست لهؤلاء الأئمة، كما صنف بذلك من صنف بالنسبة للأم
للإمام الشافعي كتب من كتب إصلاح أشنع خطأ في التاريخ الإسلامي، الأم ليست للإمام الشافعي على شان أيش؟ على شان فيها حدثنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي أو قال الشافعي. هذا لا يعرف هجوم بمجرد وجود اسم الراوي في الكتاب، الأم للإمام الشافعي بإجماع من تقدم من الشافعية وغيرهم، المسند للإمام أحمد بإجماع من سبق من الحنابلة وغيرهم، وكذلك الموطأ وسائر الكتب، على كل حال طرائق المتقدمين تختلف عن طريقة المتأخرين في التصنيف، ومعلوم أن التصنيف كغيره من الأمور التي تحدث شيئا فشيئا تجدون في التأليف أول ما يؤلف في الفن صغير ثم بعد ذلك يأتي من يزيد على هذا المؤلف مسائل وأبواب وفصول ثم يأتي من يرتب وينظم ويهذب وهكذا في جميع العلوم.