كتاب الغصب والشفعة من المحرر في الحديث - 01

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نعم.

"بسم الله، والحمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

 اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين يا رب العالمين.

 قال الإمام ابن عبد الهادي في كتابه المحرر:

كتاب الغصَب والشفعة.."

الغصْب الغصْب.

"أحسن الله إليك.

كتاب الغصْب والشفعة

 باب الغصب والشفعة:

 عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من اقتطع شبرًا من الأرض ظلمًا طوَّقه الله إياه يوم القيامة بسبع أرضين»، متفق عليه، واللفظ لمسلم.

 وعن أنس -رضي الله عنه- قال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم بقصعة فيها طعام، فضربت بيدها فكسرت القصعة، فضمها وجعل فيها الطعام وقال: «كلوا»، وحبس الرسولَ والقصعةَ.."

الرسولُ القصعةَ.

"أحسن الله إليكم.

وحبس الرسولُ والقصعةَ.."

القصعةَ الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

نعم أحسن الله إليك.

"وحبس الرسولُ القصعةَ حتى فرغوا، فدفع القصعة الصحيحة، وحبس المكسورة، رواه البخاري.

 وللترمذي: أهدت بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- طعامًا في قصعة، فضربت عائشة، فضربت عائشة بيدها القصعة فألقت ما فيها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «طعام بطعام، وإناء بإناء»، وقال: حديث حسن صحيح.

 وعن رافع بن خَديج- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء، وله نفقته»، رواه أحمد وأبو داود وهذا لفظه، وابن ماجه والترمذي وحسنه، وحكي عن البخاري أنه قال: حديث حسن صحيح، وحكى الخطابي عن البخاري أنه ضعفه، فالله أعلم.

 وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالشُّفْعة في كل ما لم يقسَم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شُفْعَة، رواه البخاري.

 وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها وإن كان ينتظر..»."

الشفعة في كل شرك في أرض، ماذا عندك؟

هذه ليست عندي يا شيخ..

اقرأ اقرأ.

"وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الشفعة في كل شِرْك في أرض أو ريع أو حائط..»"

ربع ربع.

أحسن الله إليك.

"«الشفعة في كل شرك في أرض أو ربع أو حائط، لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريطه فيأخذ أو يدع، فإن أبى فشريكه أحق به حتى يؤذنه».

 وعنه.."

رواه مسلم.

"رواه مسلم.

 وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها وإن كان غائبًا، فإذا كان طريقهما واحد» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي والترمذي وقال: حديث حسن غريب، وقد تكلم فيه شعبة وغيره بلا حجة، وهو حديث صحيح، ورواته أثبات.

 وعنه -رضي الله عنه- قال: قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة في كل شيء، رواه الطحاوي، ورواته ثقات. وقد روي من وجه آخر.

 وعن قتادة عن أنس- رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «جار الدار أحق بالدار»، رواه النسائي والطحاوي وابن حبان، وقد أعل."

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "كتاب الغصب والشفعة" كتاب الغصب والشفعة، ثم زاد المحقق: باب الغصب والشفعة، العادة عند أهل العلم أن الكتاب يكون لشيء يضم أبوابًا، يضم أبوابًا، ويتفرع عن الكتاب عدة أبواب، وهنا قال: كتاب الغصب والشفعة لا يتفرع عنه شيء، نعم كتاب الغصب مستقل، أو باب الغصب مستقل، والشفعة مستقلة، وأدرجهما المؤلف تحت عنوان واحد، فالأصل أن يقال: باب الغصب والشفعة وليس بكتاب؛ لأنه داخل في كتاب المعاملات؛ لأنه انتقال للمال من شخص إلى شخص وبيعه بحق، وهذا بلا حق، كما أن الربا حرام، فالغصب حرام، وكلها داخلة في المعاملات، وإدخال الشفعة في هذا الباب؛ لأنها انتقال للمال قهرًا عن صاحبه كالغصب، إلا أنها بحق، والغصب بغير حق، فالغصب أخذ المال قهرًا من صاحبه بغير حق، أخذ المال قهرًا من صاحبه بغير حق.

 والشفعة وإن أخذت ممن هي بيده ممن اشترى قهرًا إلا أنه بحق، بمبرر ودليل شرعي على ما سيأتي.

 قال -رحمه الله-: "عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل" العدوي أحد العشرة المبشرين بالجنة صحابي مشهور.

 "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من اقتطع شبرًا من أرض، من اقتطع شبرًا من الأرض ظلمًا طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين»" شبر من أرض، من اقتطع شبرًا من أرض أو من الأرض ظلمًا يعني بغير حق، بغير حق، بغير طيب نفس من صاحبه فإنه حينئذ يكون ظالمًا وغاصبًا، أخذ المال قهرًا بغير حق وبغير رضا، وعقوبته كما في الحديث، نسأل الله السلامة والعافية.

 «طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين»، يعني إذا كان شبرًا، ربع متر، يُطَوَّق ويقلد إياه كالقلادة في عنقه يحمله في المحشر يوم القيامة، من سبع أرضين، لو كلف الإنسان حمل بلكة فقط واحدة عرضها شبر، قد تزيد في الطول قليلاً، وتنقص في العرض، وسمكها أقل من شبر لضاق بها ذرعًا، وضاقت به الأرض بما رحبت، فكيف إذا طُوِّقها من سبع أرضين؟ فكيف إذا كان المغصوب ذراعًا؟ كيف إذا كان باعًا أو مساحات شاسعة كما يحصل لبعض الناس؟ نسأل الله السلامة والعافية، كيف يحمل هذه المساحات إذا كان الشبر لا يستطيع حمله من سبع أرضين، ما هي أرض واحدة، كم عمق الأرض الواحدة؟ وكم عمق الثانية والثالثة والسابعة؟ كم؟! كم عمقها؟

لا يعلم قدره إلا الله، وإذا كانت مثل السموات فالأمر عظيم، خمسمائة عام الواحدة، الإنسان لا يستطيع أن يحمل مائة كيلو، فكيف بما يفوت الحصر من الأكيال والأطنان؟ كيف يتحمل العبد المسكين يحمل نفسه هذا الوعيد الشديد في أمر فانٍ وحطام زائل؟ وقد ويغتصب الأرض وتستمر في ملكه سنين لا يستفيد منها شيئًا، وقد يبيعها ويصرف ثمنها فيما لا فائدة فيه، والغالب أن المال إذا دخل بهذه الطريقة أنه يكون وبالاً على صاحبه، فإما أن ينفقه فيما لا يرضي الله؛ لأنه لا يمكن أن ينفقه فيما يرضي الله وهو غصب، إما أن ينفقه فيما لا يرضي الله فيكون وقودًا له يوم القيامة بداية ونهاية، نسأل الله العافية، وإما أن ينفقه في علاج لنفسه أو لولده، والواقع يشهد بذلك، وكثير ممن تسلط على الناس، وأخذ حقوقهم من غير حق يبتلى، يبتلى بأمراض، أو يبتلى بآفات تأتي على أمواله وتقضي عليه، وكل جسد نبت من سحت فالنار أولى به، وهذا لا شك أنه سحت.

 طوقه من سبع أرضين طوقه، الله يوم القيامة من سبع أرضين، فيه دليل على أن الأرضين سبع كالسموات {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [سورة الطلاق:12]، لكن الحديث نص صحيح صريح؛ لأنه في الصحيحين على أن الأرضين سبع، وأنها ملتصق بعضها ببعض؛ لأنها لو كانت مفصولة كل أرض- هذا قاله بعض العلماء- لو كانت مفصولة بعضها من بعض لاكتفي بتطويقها من أرض واحدة، وأهل العلم يستدلون بمثل هذا الحديث على أن من ملك أرضًا ملك هواءها وقرارها وما تحتها إلى التخوم، فله أن يبني فوقها ما شاء في جهة العلو، وله أن يحفر فيها ما شاء من جهة السفل، والهواء له حكم القرار، كما يقول أهل العلم، له أن يحفر فيها ما شاء، وله أيضًا الأرض بمحتوياتها، فلو وجد فيها معادن فهي له، ولو وجد فيها ركازًا من دفن الجاهلية فهو له، لو وجد بترولًا فهو له، نعم كل ما يدخل تحت ملكه في هذه الأرض فهو له،ولا يجوز للإنسان أن يتعدى على هوائها، ولا على أسفلها، على سفلها إلا بطيب نفس منه.

 يعني قد يُحتاج إلى جسر فوقها، أو يحتاج إلى نفق تحتها للمصلحة العامة، فهل يقال: إن هذا يمكن أن يتصرف فيه بغير إذنه؟ لا، وإذا اقتضت المصلحة العامة ذلك فإن ولي الأمر يشتريها منه، يثمنها له، أو يتفق معه على أجرة لهذا الجسر، أو لهذا النفق؛ لأنه يملك، ملك الأرض وملك هواءها، وملك قرارها، وملك سفلها وأعلاها بكل ما تحتويه هذه الأرض، يملك التراب الذي عليها يبيعه كيف شاء، وله أن يحفر فيها ما شاء ما لم يضر بجيرانه، والضرر لا بد من إزالته، فإذا كان هناك ضرر متعدٍّ من منشآته على هذه الأرض فإنه يمنع للضرر وإلا فالأصل أنها أرضه، وله أن يتصرف فيها كيفما شاء بحدود ما أباحه الله- جل وعلا-.

 "متفق عليه، واللفظ لمسلم".

 في باب الورع يذكر أهل العلم أن شخصًا اشترى من آخر أرضًا فحفرها ليزرعها، فعثر فيها على كنز، فذهب إلى البائع فقال: الكنز لك، أنا ما اشتريت إلا الأرض، والبائع قال: أنا بعتك الأرض بما فيها، قال المشتري: أنا ما لي إلا الأرض، أنا ما اشتريت إلا الأرض، ولا في ذهني ولا في نيتي أن أشتري إلا هذه الأرض، فالكنز لك، ما لي. فاختصما عند أحد القضاة فما فيه واحد تنازل عن رأيه، هذا يقول: لك، وهذا يقول: لك، هذا يقول: لك، والثاني يقول: لا، هذا ليس لي، أنا اشتريت الأرض، وليس في نيتي وقت الشراء الإيجاب والقبول إلا هذه الأرض، فاقتضى نظر القاضي قال: هل لك من ولد؟ قال: نعم ذكر، قال: لك بنت، قال الثاني: نعم، قال زوج الولد البنت، وأنفقا عليهما من هذا الكنز.

 هذا الورع الذي أعيى الكثير من المسلمين وأعجزهم، ولكن كل له مقامه.

 حسان بن أبي سنان كما في صحيح البخاري يقول: ما رأيت شيئًا أهون من الورع، ما رأيت شيئًا أهون من الورع، دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، هذا شخص يتحدث عن مقامه، وإلا فالورع من أصعب الأمور وأشق الأمور على النفوس، هذا حسان بن أبي سنان حج سنة من السنين فقيل له: أرأيت كثرة النساء في حج هذا العام والتبرج في بعضهم موجود، قال: والله إني خرجت من بيتي ورجعت إليه ما رأيت امرأة، ما رأيت امرأة.

 بالمقابل شخص وقف على أناس يتبايعون هو في ذهنه سيارة، وقفوا عندها وسبعة، سبعة ونصف، ثمانية، تسعة، وقف على عشرة قال: اشتريت بعشرة، وهو في ذهنه السيارة، وهم يبيعون أرضًا شاسعة حول هذه السيارة، وهو في ذهنه عشرة آلاف، وهم في ذهنهم عشرة ملايين، وانصرفوا، فجاء واحد يريد أن يكسبه قال: سأشتري منك، سأعطيك مكسب مليون وتطلع قال: لا، مليون، ثلاث، أربع، عشرة قال: هات، ودفع له عشرين مليونًا، وهو بذهنه السيارة بعشرة آلاف، فدفع لهم عشرة، وأخذ عشرة ما قال: أنا ما اشتريت، أنا نيتي كذا، يعني بالمقابل قصة صاحب صاحبي الأرض تختلف تمامًا عن قصة صاحب السيارة، ما قال: والله أنا ما هي بذهني، هي ما تحل له، قيمة الأرض لا تحل له، «وإنما لكل امرئ ما نوى»، {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [سورة الليل:4]، فيوجد هذا، ويوجد هذا، ويوجد من يظلم، ويوجد من يغصب، ويوجد من يتورع عن أدنى شيء، الحمد لله الأمة فيها خير، لكن يوجد من الأنواع، والله المستعان.

 فهذا الحديث فيه الوعيد الشديد لمن اغتصب، وأن الغصب من كبائر الذنوب، وعظائم الأمور، وإذا كان شيئًا يسيرًا، وكيف يتصور أن يغصب شبرًا؟ كيف يتصور أن يغصب شبرًا؟ يعني إذا أردنا حقيقة الشبر كيف يتصور إذا أراد أن يبني الجدار بينه وبين جاره أبعد دخل على جاره عشرين ثلاثين سنتيمترًا، هذا شبر بطول الأرض، والله المستعان.

 قال -رحمه الله-: "وعن أنس -رضي الله تعالى عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان عند بعض نسائه" سميت في بعض طرق الحديث أنها عائشة، وكان الناس يتحرون الإهداء له -عليه الصلاة والسلام- إذا كان في نوبة عائشة، "كان عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين" جاءت تسميتها بأنها زينب بنت جحش، أرسلت إحدى أمهات المؤمنين "مع خادم بقصعة".

 يقول ابن حجر: لم أقف على اسم الخادم، لم أقف على اسم الخادم، بقصعة إناء يشبع الخمسة كالصحفة، "بقصعة فيها طعام، فضربت بيدها" غارت أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- فضربت بيدها يعني القصعة فكسرتها، "فكسرت القصعة، فضمها النبي -عليه الصلاة والسلام- وجعل فيها الطعام" يعني جمع بين الكسر، كأنها انكسرت كسرتين أو ثلاثًا بحيث يمكن ضم بعضها إلى بعض، والخشب أمره أيسر من غيره، يعني لو كانت من زجاج ما أمكن، انتهت، لكن الخشب أمره سهل، يمكن أن تعاد بالتشريط وبالسَّلسَلة، كما انشعم قدح النبي -عليه الصلاة والسلام-.

 المقصود أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ضم الكسر إلى بعض.

 "وجعل فيها الطعام وقال: «كلوا»، وحبس الرسول -صلى الله عليه وسلم- القصعة حتى فرغوا" القصعة التي انكسرت حبسها في بيت عائشة، "فدفع القصعة الصحيحة، وحبس المكسورة"، دفع إلى زينب القصعة الصحيحة، عائشة- رضي الله عنها- كسرت فضمنت، ضمنها النبي -عليه الصلاة والسلام- القصعة التي كسرتها، فدفع إلى زينب القصعة الصحيحة السليمة مكان قصعتها التي كسرتها عائشة- رضي الله عنها-.

 وهذا شيء قد يستغربه بعض الناس من مثل أمهات المؤمنين الغيرة هذه فطرية جبلِّية، قد يتصرف الإنسان بشيء لا يحسب له حسابًا في مثل هذا المقام؛ لأن الغيرة بين الضرات معروفة، ويحصل بينهن أمور أكثر من هذا.

 المقصود أن هذا موجود بين أمهات المؤمنين، فالذي يعدد، ويتزوج أكثر من امرأة، ويأمل ألا يكون بين نسائه شيء فهذا كما قال الناظم:

.........................

 

 

 

 

متطلب في الماء جذوة نار

 

 

هذه أمور جبلية وفطرية، صحيح أن الناس يتفاوتون، ويوجد بين الضرات ما هو أعظم من ذلك من الاعتداء والضرب والكلام البذيء، ويوجد من يتعايشون، ويتحمل بعضهم بعضًا، الله- جل وعلا- يسخر بعض الناس لبعض.

 المقصود أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ضمنها، فالمتلَف لا يخلو إما أن يكون مثليًّا أو متقوَّما، فإن كان مثليًّا كالمكيل والموزون فإنه يُضمَن بمثله، وأما المتقوَّم فإنها تُدفَع قيمته، هل القصعة مثلية أم متقوَّمة؟

متقوَّمة؛ لأن الصناعات في القديم ما هي مثل إنتاج المصانع الحديثة التي تُنتِج آلاف القطع بنفس الصفة والهيئة حتى صانع واحد يصنع قصعتين تجد بينهما فروقًا، إذا كانت الصناعة يدوية، وهذا دليل لمن يقول: إن مثل هذه تُضمَن بمثلها، ولو لم تكن مثلية، ولو كانت متقوَّمة ويوجد لها مثل أو قريب منها، ومثل ذلك الحيوانات لو اعتدى شخص على بعير لآخر فذبحه فإنه يضمنه الأصل بقيمته؛ لأنه لم يجد مطابقًا مثله مائة بالمائة، اعتدى على شيء له نظير مطابق فإنه يدخل في المثلي كالموزون والمكيل، يعني في باب الصناعات الحديثة، مع أنها وإن تطابقت من كل وجه، والمصنع يصنع آلاف القطع متطابقة فإنه قد يوجَد هناك فروق دقيقة تخفى على الناظر، تخفى على الناظر.

 كثيرًا ما يحصل خلل في سيارات خرجت من المصنع، يكون بعضها فيه خلل، وبعضها سليمًا، وقل مثل هذا في جميع الأدوات يحصل فيها خلل، فالعلماء حينما يقولون: إن المثلي يضمن بمثله، والمتقوم يضمن بقيمته؛ لأن المتقوَّم يصعب ضبطه، ومهما كان التطابق والتشابه فإنه لا بد من وجود التفاوت، ولو يسيرًا.

 طيب القصعة بقصعة صناعة يدوية من خشب، قد تكون أكبر قليلاً أو أقل أو فيها، يعني هذه أفضل من حيث المنظر، وهذه أقل، فهل يمكن أن يتخذ الحديث أصلًا في ضمان المتقوَّم بمثله لا بقيمته، أو نقول: القصعتان كلاهما له -عليه الصلاة والسلام-، وهو الذي أعطى عائشة هذه، وأعطى زينب تلك، فهو يتصرف في ملكه، وأما من عداه إذا لو صارت لجاره مثلاً أهدت أم الجيران لجارتها قصعة فكسرتها، ويمكن أن يحدث هذا ولو لم يكن بين الضرات، إذا أهدت أم الجيران طعامًا في قصعة، فبدأ الزوج يأكل ويمدح من يبدأ إلى أن ينتهي، ألا تغار المرأة؟ يمكن تكسر القصعة ولو لم تكن ضرة، هل نقول: إن هذا يضمن بمثله، أعطيها قصعتك؟ يقول الزوج: أعطيها قصعتك، ويقول خلاص؟

لا، مثل هذه تضمن بالقيمة، وأما ما صنعه النبي -عليه الصلاة والسلام- فإنه يتصرف في ماله في بيتيه -عليه الصلاة والسلام-.

 "رواه البخاري.

 وللترمذي" يعني بسند صحيح: "أهدت بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- طعامًا في قصعة، فضربت عائشة -رضي الله عنها-"، هنا جاءت التسمية لأم المؤمنين المبهمة في الحديث السابق "فضربت عائشة -رضي الله عنها- بيدها القصعة فألقت ما فيها" معلوم أنها إذا انكسرت لا شك أن ما فيها يقع على الأرض "فألقت ما فيها، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «طعام بطعام وإناء بإناء»".

 كأن القصعة السليمة فيها طعام، قصعة عائشة وقصعة زينب فيها طعام، فلما كسرت انكسرت القصعة، ضمن القصعة، وضمن الطعام، أو أن الطعام في القصعة قبل كسرها هو الطعام الذي صار فيها بعد كسرها، فهذا الطعام وذلك الطعام والقصعة السليمة في مقابل القصعة المكسورة، يحتمل أن عائشة في قصعتها طعام، وزينب أهدت للنبي -عليه الصلاة والسلام- الطعام في قصعتها، فأرسل لها النبي -عليه الصلاة والسلام- طعام عائشة بقصعتها السليمة وقال: «طعام بطعام وإناء بإناء».

 وهنا يتم التنظير، ولماذا أرسل الطعام -عليه الصلاة والسلام-، والأصل أنه هدية عائشة- رضي الله عنها- لم تقبل هذه الهدية، بل ردتها بفعلها وبلسان حالها، فأرسل لها طعامًا بدل طعامها، وأنه لملم الطعام ووضعه بالقصعة المكسورة وقال هذا الطعام مكان الطعام الذي قد يكون أصابه شيء من الأرض، فيكون الطعام المتلوث قليلاً مكان الطعام النظيف، والقصعة السليمة قصعة عائشة إناء في مقابل الإناء المكسر، الذي كسرته عائشة- رضي الله عنها وأرضاها-.

"فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «طعام بطعام وإناء بإناء» وقال: هذا حديث حسن صحيح". هذا ليس بغصب، وإنما هو تعدٍّ وظلم وإتلاف، فهو مشبه للغصب في وجوب الضمان، مشبه له في وجوب الضمان.

 "وعن رافع بن خديج -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من زرع في أرض قوم بغير إذنهم، من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء، ليس له من الزرع شيء، وله نفقته»، «من زرع في أرض قوم بغير إذنهم»" يحتمل أن يكون متعديًا ظالمًا، ويحتمل أن يكون مخطئًا يظنها أرضه فزرع فيها، فتبينت أرض جاره مثلاً، وهذا يحصل كثيرًا في المنح عند تطبيقها تجد صاحب المنحة يعطى هذه الأرض ويعطى عليها رقم، والمساح مساح البلدية يقول: هذه أرضك، فيغيب عنها سنين إذا وصلت إليها العمارة عمرها، ثم بعد ذلك بدلاً من أن يعمر هذي يعمر التي بجانبها؛ لطول المدة، وللتشابه، هذا عمر في غير أرضه، أو زرع في غير أرضه.

 «من زرع في أرض قوم بغير إذنهم» عمومه يشمل ما إذا كان ظالمًا متعديًا، وما إذا كان مخطئًا، «من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء»، هذا عمر هذه الأرض، وهي ليست له، أرضه رقم ستمائة وخمس وعشرين، فعمر الأرض رقم ستمائة وست وعشرين، وصاحب الأرض التي تعمر له يتردد عليها وينظر إلى أن تمت العمارة فقال: أنت ظالم وغاصب، ليس لك شيء، طيب أين أنت يوم الحجر، حجر الأساس وهو يتردد يوميًّا، قد يكون له بيت بجواره، ويعرف هذا، هل نقول: إن هذا إقرار أو كيد إقرار له بعمارتها، أو يكيد له بحيث إذا انتهى وخسر عليها المبالغ الطائلة قال: هذه أرضي، ليس لعرق ظالم حق، أنت ظالم، وليس لعرق ظالم حق، طيب بمَ يحكم له في مثل هذه الصورة سواء إذا أخطأ من زرع أو عمر سواء كان بعلم صاحبها أو بغير علمه؟

 فعندنا من الصور التي يمكن أن تتصوَّر في مثل هذا ما إذا اعتدى وزرع أو عمَّر، اعتدى واغتصب وظلم، وعندنا صورة ما إذا أخطأ وزرع وعمر مخطئًا، وعندنا من الصور ما إذا علم صاحب الأرض أو لم يعلم سواء كان بعلمه، أو بعدم علمه، ولكل صورة حكمها، عموم الحديث يشمل من زرع في أرض قوم بغير إذنهم سواء كان متعديًا أو مخطئًا، بعلمهم أو بغير علمهم فليس له من الزرع شيء، وله نفقته، وله نفقته، قد يقول صاحب الأرض: أنا والله ما خولته يزرع، لم أخوله بالزراعة، أفسد علي أرضي، فليقلع زرعه، يأخذ زرعه وليعيد الأرض كما كانت، الحديث يقول: «من زرع بأرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء»، هذا واضح أنه معتدٍ، «وله نفقته»، لا شك أن هذا إنتاج، يعني نمو هذا الزرع إنتاج أرضه، صحيح أن هذا أنفق وألقى البذر، وحرث، يعطى نفقته، والحاكم يفرِّق بين الصور التي أوردناها، والاحتمالات التي ذكرناها، فلا يمكن أن يعامَل ظالم معتدٍ غاشم كمعاملة شخص مخطئ، فالضرر إزالته أمر مقرر في الشرع، لكنه لا يزال بضرر مثله، فالضرر لا يزال بالضرر، فإذا كان مخطئًا، فهل يقال بعد أن شيَّد عمارة أدوارًا اهدم ما بنيت، هذا إذا كان غاصبًا ومعتديًا نقول: نعم اهدم ما بنيت، اهدم ما بنيت، ويعاقب بمثل هذا، ويستحق، لكن إذا كان مخطئًا فالمسألة صلح لا ضرر ولا ضرار، إما أن تباع عليه الأرض، أو يشترى منه قيمة العمارة ولو بيعت عليه الأرض بأكثر مما تستحقه قليلاً؛ إرضاء لصاحبها؛ لتطيب نفسه، أو خفض لصاحب الأرض من قيمة العمارة شيئًا، المقصود أنه لا ضرر ولا ضرار، تسوى المسألة بالعدل بين الطرفين، بخلاف الظالم الغاصب فمثل هذا ليس له حق.

 "رواه أحمد وأبو داود وهذا لفظه وابن ماجه والترمذي وحسنه."

طالب: ........

فيمَ؟

طالب: ........

أيهم؟

طالب: ........

علم، ويتردد الأرض بينه بين بيته، والمسجد يذهب ويجيء عشر مرات في اليوم، ويقول له الناس: هذي أرضك، قال: لا، اصبر خله ينتهي، مثل هذا أيضًا يعاقب، يعاقب، وقد يقال: إن تركه له مع علمه رضى بصنيعه، على كل حال القاضي في نظره لهذه الصور وهذه القضايا يحكم لكل صورة بما يناسبها.

 "رواه أحمد وأبو داود وهذا لفظه" يعني لفظ أبي داود، "وابن ماجه ابن ماجه والترمذي" ابن ماجه بدون تاء، بدون نقط في الوقف والدرج ابن ماجه، ومثله ابن داسه وابن منده، كلها بالهاء؛ لأنها أسماء أعجمية.

 "والترمذي وحسنه، وحُكي عن الإمام البخاري أنه قال: حسن، وحكى الخطابي، وحُكي عن البخاري أنه قال: حسن، وحكى الخطابي عن البخاري أنه ضعفه، فالله أعلم"، ولا شك أن تحسينه متجه؛ نظرًا لتعدد طرقه، وتضعيفه بالنسبة لمفرداته متجه، وأوصله بعضهم إلى درجة الصحيح، المقصود أنه قابل للاحتجاج.

 قال -رحمه الله-: "وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة، قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة"، الشفعة مثل ما قلنا: أدخلت مع الغصب، باعتبار أنها أخذ مال الغير قهرًا، لكن الغصب بغير حق، وهذه بحق.

طالب: ........

تصلي العشاء..

طالب: ........

تجمع أم..؟

طالب: ........

تمام مازال وقت المغرب باقيًا، صَل...

الشفعة من الشفع، وهو ضد الوتر، الشفع ضد الوتر؛ لأن المشفِّع في مثل هذه الشفعة يضم نصيب غيره إلى نصيبه فبدلاً من أن يكون نصيبه وترًا يكون مع نصيب غيره شفعًا، ومثل هذا الشفاعة، من ذلك الشفاعة؛ لأنها بضم صوت الشافع إلى صوت المشفوع له يكون شفعًا، "قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة"، الشفعة قالوا: استحقاق ضم حق الشريك إلى نصيبه، استحقاق ومنهم من يقول: حق.

 "قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة في كل ما لم يقسم" يعني كل ما فيه اشتراك، كل ما فيه اشتراك، كل ما لم يقسم، كل من صيغ العموم، تشمل الثابت والمنقول، "فإذا وقعت الحدود" هذا في الثوابت كالأراضي، "فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة، رواه البخاري" إذا لم تصرَّف الطرق، ولا بينت الحدود فإن هذه تسمى شركة، ويصير نصيب كل واحد منهما مشاعًا، وبمثل هذه الشركة يحصل الضرر لو بيع نصيب الشريك على آخر، قد يتضرر الشريك، أما إذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق، واستقل كل واحد عن صاحبه، وعرف كل واحد نصيبه، فإنه حينئذ لا يتضرر لو بيعت على زيد من الناس، فبدلاً من أن تكون لعمرو قد تكون لزيد كالبيوت، الضرر غير موجود، خلاص كل واحد استقل بنصيبه، أما إذا كان نصيبه مشاعًا مع شريكه فإنه إذا بيع على أحد فإنه قد يتضرر، والنظر في مثل هذا إلى أصل المسألة لا إلى فروعها، وإلا قد يكون المشتري لنصيب الشريك أفضل تعاملًا من الشريك، فأين الضرر؟ إذا كان تعامله أفضل، لك خمسون بالمائة من هذه الأرض، ولزيد خمسون بالمائة، باع زيد على عمرو نصيبه، وعمرو أفضل في تعامله وفي أخلاقه من زيد، قد يقول قائل: ما فيه ضرر، الأحكام لا ينظر فيها إلى مفردات الصور، إنما ينظر فيها إلى العموم، وأنه قد يوجد هذا الضرر، وإذا ثبتت الشفعة انتفى الضرر عن الشريك وعن البائع وعن المشتري؛ لأن البائع قبض الثمن سواء كان من المشتري أو من المشفِّع، والشريك شريكه أخذ نصيب صاحبه بقيمته، ما ضر أحدًا، والمشتري دفع إليه عين ماله، رجع إليه عين ماله، فلا ضرر.

 فإذا ثبتت الشفعة انتفى الضرر، ولو لم تثبت الشفعة قد يوجد الضرر، الضرر غالب على الظن.

 "في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق، فلا شفعة، رواه البخاري.

 وعنه -رضي الله عنه-" يعني عن جابر- رضي الله تعالى عنه- "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الشفعة في كل شرك في أرض، الشفعة في كل شرك في أرض»" يعني نصيب نسبة مشاعة من هذه الأرض، «أو في ربع»، يعني دارًا، «أو حائط» يعني بستانًا، ويقال له: حائط؛ لأنه في الغالب أنه محاط بسور.

 «لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه»؛ لأنه أحق به، الشريك أحق به، «لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه»، لا يصلح ما معناه؟ لا يجوز، لا يجوز، ونسمع بعض من يتورع عن إطلاق الحكم الجازم كأن يقول إذا سئل عن شيء تجده ما يقول: حرام، ولا يقول: لا يجوز، يقول: ما يصلح، ما يصلح، يظن أن هذه الكلمة أخف، وهي في مفادها اللغوي والعرفي كذلك، هي أقل من حرام، وأقل من لا يجوز، لكن الاصطلاح الشرعي الاستعمال الشرعي لا يصلح أن يبيع يعني لا يجوز، معناهما واحد، إذا قيل: لا يصلح فمعناه لا يجوز، وهذه من الألفاظ النادرة، يستفاد منها في مثل هذا؛ لأن بعض الناس يتورع أن يقول: حرام، يتورع أن يقول: لا يجوز، ثم إذا سئل وهو متردد في الحكم قال: ما يصلح، ما يصلح، تسمع كثيرًا هذا، لكنها هنا في الحديث جاءت بإزاء لا يجوز.

 «لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه فيأخذ أو يدع» يأتي الشريك إلى شريكه ويقول: أنا والله محتاج إلى مال، إلى مال يسمونه سيولة، أنا محتاج إلى مال، وسأبيع نصيبي لك، نظر إذا قال: نعم، قال: فهو أولى الناس به، إذا قال: لا والله، ما لي نظر، وما عندي دراهم، قد يكون لا يحتاج إليه فإنه يتصرف.

 «حتى يعرض على شريكه فيأخذه أو يدع» يأخذه بقيمته، لا بد أن يكون بالقيمة، لا يتضرر شريكه يقول: لا والله، يقول يسام بخمسمائة ألف، تقول: لا، إما بأربعمئة وألا ما أريده؛ لأن بعض الناس عنده شيء، قد يكون جبل على شيء من حب الإضرار بالناس، فيقول: لا، بأربعمائة ألف، وإلا ما أريده، ثم إذا باع على غيره بخمسمائة شفع وطالب وتردد على المحاكم وعلى.. يقال لك: تسام بخمسمائة، تشتري أو تزيد ما زدت، أقل شيء لا تنقص، فالشرع الذي يراعي مصلحة الشريك فإنه لا يهدر مصلحة شريكه، ولا مصلحة المشتري أيضًا فيأخذ أو يدع، فإن أبى والله ما لي نظر بع.

 «فإن أبى فشريكه أحق به حتى يؤذنه، فإن أبى فشريكه أحق به حتى يؤذنه» حتى يخبره، حتى إذا أخبره انتهت مسؤوليته فله أن يبيعه على من شاء.

 "رواه مسلم.

 وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الجار أحق بشفعة جاره، أحق بشفعة جاره، يُنتظَر بها أو يَنتظِر بها، وإن كان غائبًا»" لا شك أن الجار قد يتضرر ببعض الجيران، فهو كالشريك من هذه الحيثية، وباعتبار أن الحدود معلومة صار كالشريك، إذا عرفت الحدود وصُرِّفت الطرق فالجار إن كان بينهما قدر مشترك يتضرر بدخول أجنبي عليه غير الجار الأول الذي قدم كل واحد منهما على الآخر على بينة، إن كان هناك قدر مشترك: طريق واحد، بئر واحد، سطح واحد، إذا كان يتضرر، قدر مشترك بينهما فإنه أحق بشفعة جاره، وبهذا تجتمع النصوص، مقتضى الحديث السابق: فإذا الحدود عرفت، وصرفت الطرق، إذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق، صرِفت فلا شفعة، هذا إذا كان في أرض بيضاء، فكيف إذا كانت في بيوت حدودها قائمة، وجدرانها مرتفعة؟ يعني من باب أولى، فهذا يدل على أنه لا شفعة للجار، والجار أحق بجاره، وفي الصحيح في البخاري: «الجار أحق بصقبه، الجار أحق بصقبه»، وسئل الأصمعي عن الصقب فقال: أنا لا أفسر حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لكن العرب تزعم أن الصقب هو اللصيق، يعني الجار الملاصق «الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها وإن كان غائبًا، وإن كان غائبًا»، طيب علم بالبيع وهو غائب، وهو غيبته طويلة.