شرح القواعد الفقهية (4)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

بالنسبة للأسئلة كثيرة جدًّا والإخوان ملحُّون على أن ننهي القواعد الخمس، ولا شك أنه على حساب البسط والتوضيح والبيان وضرب الأمثلة، فنقتصر من ذلك على ما يسعف به الوقت، ونكتفي بهذا القدر من الأسئلة، وأريد أن أنبه أن درس الغد -إن شاء الله تعالى- يكون بعد صلاة المغرب بدلاً من العصر، ويقدَّم درس المغرب إلى العصر.

 بدأنا بدرس الأمس في آخره في الخاتمة خاتمة القاعدة الأولى، وهي أن هذه القاعدة قاعدة الأمور بمقاصدها، تجري في علم العربية أيضًا، فالأول ما اعتبر ذلك في الكلام، يعني أن الكلام يعتبر فيه القصد، فقال سيبويه والجمهور باشتراط القصد فيه، فلا يسمى كلامًا، ما نطق به النائم والساهي وما تحكيه الحيوانات المعلمة وخالفه بعضهم فلم يشترطه وسمى ذلك كلامًا واختاره أبو حيان، في تعريف الكلام في أخصر متون النحو قال: هو اللفظ المركب المفيد بالوضع، اللفظ معروف، والمركب، معروف، والمفيد أيضًا معروف، ولا حاجة إلى شرحها وبسطها، لكن الكلام بالوضع، يختلفون في معنى قوله: بالوضع؛ فمنهم من يقول: بالقصد، وهذا يوافق كلام سيبويه، فعلى هذا الكلام غير المقصود لا يدخل في الحد، بينما يدخل فيه الكلام المقصود، وإن كان بغير العربية؛ لأنه لفظ مركب مفيد ولو كان بغير العربية يدخل في الكلام، وإذا قلنا: إن المراد بالوضع كما قال كثير من الشراح، الوضع العربي، فيدخل فيه كلام النائم، والساهي، والغافل، وما علم من الطيور، يدخل في الكلام؛ لأنه كلام مرتب ومفيد، وموافق للوضع العربي ويخرج من الحد كلام الأعاجم، هذا في التعريف عند النحاة، وكل فن للكلام فيه تعريف يعني عند الفقهاء ما بان منه حرفان كلام، فتبطل به الصلاة لكن هل تبطل الصلاة في الكلام غير المقصود، كلام من لا شعور خرج من الإنسان.

طالب: ..............

هذا إذا قلنا: إن القصد داخل في مسمى الكلام، وإلا فالكلام ممنوع، كانوا يتكلمون وكانوا يشمت بعضهم بعضًا ويردون السلام لما نزل قوله تعالى: ﭖ ﭗ ﭘ خلاص نهي عن الكلام، والأصل أنه يتناول كل ما يطلق عليه الكلام، فإذا قلنا بقول سيبويه باشتراط القصد، فإن الصلاة حينئذٍ لا تبطل؛ لأنه ليس بكلام فهو غير مقصود، فلو وُجد إنسان راكع أو ساجد فضُرب ضربة شديدة فقال من غير شعور: (أح) كما يقوله المتوجع، وهو لا يلقي لها بالاً، مثل هذا لا تبطل به الصلاة؛ لأنه غير مقصود، كلام الأعاجم لا شك أنه عندهم كلام مركب ومفيد، لكن إذا قلنا: إن المراد به بقوله الوضع يعني القصد، فيدخل فيه كلام الأعاجم ولا يدخل هذا الخلاف في الصلاة، لو أن أعجميًا تكلم بكلام في الصلاة قاصدًا له بطلت صلاته، تبطل صلاته كالعربي، لكن في حد الكلام عند النحاة يدخل أو لا يدخل؟ هذه مسألة أخرى.

ما الذي يترتب على هذا الكلام من فوائد في الأحكام، قالوا: إذا حلف لا يكلمه فكلمه نائمًا أو مغمى عليه، أحيانًا النائم يتكلم بكلام وهو في الحقيقة أشد ما يكون حرصًا على كتمانه، ومن شدة حرصه على كتمانه قد يتكلم فيه وهو نائم بالتفصيل، حصل من هذا أشياء يؤاخذ أو ما يؤاخذ وهو نائم، النائم رفع عنه القلم، لكن إذا كان بالنسبة لحقوق الخلق مثلاً الحقوق مبنية على المشاحة، تصرفات النائم محاسب عليها فيما يتضمن من الإتلافات، لكن لو قذف وهو نائم لا يؤاخذ، لكن انقلب على شيء وهو نائم على آلة لشخص من الأشخاص فكسرها، يؤاخذ، وليس هذا من باب الحكم الشرعي إنما هو من باب الحكم التكليفي من ربط الأسباب بالمسببات والفروع كثيرة، يعني هناك قصص لا يحتملها الوقت تبين مثل هذا الاستنباط.

الطالب: .......

إذا كان بجانب أمه فانقلبت عليه فمات، إذا كانت تعرف من عادتها أنها تنقلب في النوم تضمن، إذا جرت عادتها بالتقلب وهي نائمة تضمن، ولو تركته فانقلب وهي تعرف من عادته أنه ينقلب يحصل مثل هذا، فالحكم يختلف فيما إذا كانت العادة على خلاف ذلك، إذا حلف لا يكلمه وكلمه نائمًا أو مغمى عليه فإنه لا يحنث كما جزم به الرافعي، حلف لا يكلمه فكلمه، من المكلِّم هذا؟ النائم أو الصاحي؟ نائمًا حال ممن؟ المكلِّم أو المكلَّم؟

الطالب: .........

صاحب الحال المكلِّم هذا مقتضى السياق قال: وإن كلمه مجنونًا ففيه خلاف، كلَّمَه يعني حال كونه مجنونًا ففيه خلاف، والظاهر تخريجه على الجاهل ونحوه. المجنون يقصد الكلام أو لا يقصده؟ يكون كلامًا يؤاخذ عليه أو لا يؤاخذ عليه؟ يعني في سورة سبأ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ      ﭕ ﭖ ﭗﭘ  المعتزلة يستدلون بهذه الآية على أن الكلام لا ينحصر في الصدق والكذب؛ لأن الكذب قوبل بالجِنة ما قوبل بالصدق، وأهل السنة الكلام إما صدق، وإما كذب، ولا واسطة بينهما، استدلالهم صحيح أو ما هو صحيح؟

طالب: .........

خلونا نستفيد مما معنا من الكلام ونربط بعضه ببعض؛ لأنهم يطنطنون بمثل هذا يقولون: هناك كلام ليس بصدق ولا كذب؛ لأن الكذب ما قوبل بصدق في هذه الآية قوبل بجِنة ﭖ ﭗﭘ فإما أن نقول: إن كلام المجنون ليس بكلام أصلاً كالنائم والساهي، والمغمى عليه وما علم من الطيور، ونشترط فيه القصد، فيكون المجنون في حكمهم، فيخرج من كونه كلامًا ويسلم كلام أهل السنة من الاعتراض، أو نقول: إن كلام المجنون كلام معتبر، ومنه الصدق والكذب، يعني ما طابق الواقع منه فهو صدق، وما خالف الواقع فهو كذب ولا واسطة، لكن يبقى مسألة مقابلة الكذب بكونه به جنة، فدل على أن كلام المجنون لا يوصف بكونه كذبًا؛ لأنه قوبل به، وهل يمكن أن يوصف بالصدق وأكثره ليس بصدق؟ لا يمكن، إذاً يُخرج على أن كلام المجنون ليس بكلام فلا يدخل في الحصر وتطّرد القاعدة معنا قال: وإن كلمه مجنونًا ففيه خلاف والظاهر تخريجه على الجاهل ونحوه، يعني يعذر بجنونه، كما أن الجاهل يعذر بجهله، وإن كان سكران حنث على الأصح، حلف وهو سكران ألا يكلم زيدًا ثم كلمه وهو سكران، قالوا: يحنث إلا إذا انتهى إلى السُّكْر الطافح، يعني الذي يغلب على العقل غلبة تامة بحيث لا يعي ما يقول، وتكليف سكران لا شك أنه إذا زال عقله بالكلية فهو في حكم المجنون، وبعضهم يؤاخذه ولو وصل إلى هذا الحد يؤاخذه، ويوقع طلاقه، ويرتب الأحكام على تصرفاته، لماذا؟ لأنه هو الذي تسبب في إزالة عقله، فيتحمل مسؤولية ما تسبب عنه فهو من باب ربط السبب بالمسبب، يعني مثلما يتلفه النائم قالوا: ولو قرأ حيوان آية سجدة.

يا إخوان، الفقهاء يفترضون مسائل يعني هي في عرف كثير من المتعلمين مضحك، يعني حيوان يقرأ آية سجدة؟! لكن وما يدريك؟ لو توضأ بنية مسح اللوح المحفوظ يرتفع حدثه أو ما يرتفع؟ يعني الافتراضات عند الفقهاء يقولون: لو صلى جماعة في سفينة فحاذاهم سفينة أخرى واقتدوا بهم صلوا معهم، ثم فرقهم الموج يستمرون أو نقطع؟ يعني مثل هذا متصور أو غير متصور؟ متصور، لكن في حياتنا العملية جاء سؤال قريب جدًّا من هذا، يعني ما نستبعد الافتراضات التي يذكرها الفقهاء؛ لأنها..، وما يدريك لعلها تقع، قوم سكنوا في عمارة وأرادوا أن يصلوا جميعًا ما وجدوا إلا الصالة، صالة العمارة، الصالة تستوعب أربعة صفوف، فإذا وقف الإمام في صف وتأخر ما يسعهم، وما فيه حل إلا أن يفتح المصعد، يصير محرابًا، فتح المصعد وصار فيه الإمام ووضعوا عصا علشان ما يتقفل المصعد، جاء طفل وشال العصا تسكَّر على الإمام، وصعد به إلى الدور السابع وهم في الأرض، يعني هذا مثل السفينة يا إخوان، يعني تخريج المسائل بعضها على بعض ممكن، فمثل هذا لا نستغرب مثل هذه الافتراضات التي يذكرونها، يعني أحيانا يذكرون توفي زيد عن ألف جدة، هذا مستحيل، عن ألف جدة؟! لكنهم يذكرون مثل هذه الافتراضات، وجعل بعض المغاربة من علماء القرن السابق الخلاف في حكم تارك الصلاة من هذا النوع أنه مجرد افتراض، مثل قولهم: توفي عن ألف جدة؛ لأنه لا يمكن أن يتصور أن مسلم يترك الصلاة.

لو قرأ حيوان آية سجدة، قال الأسنوي: كلام الأصحاب مشعر بعدم استحباب السجود لقراءته، يعني هل يتصور أن شخص يستمع لقراءة حيوان من أجل أن يسجد؛ لأنه مستمع، السامع ما عليه سجود لكن هل يتصور أنه يقرأ قراءة هذا الحيوان، يعني القارئ لا يصلح أن يكون إماما للمستمع، ويخرَّج عليه سماع القراءة من المسجل أو الراديو، لا يصلح أن يكون إماما للمستمع فلا يسجد، ومثل هذا النائم أو الساهي لو قرأ. يُسمع في المستشفيات ممن أصيب بالإغماء التام تُسمع قراءة القرآن واضحة من بعض الناس، وبعضهم إذا جاء وقت الأذان أذّن هذا موجود، يعني مشاهد، ما هي قضايا نادرة، لا، كثير، صاحب الذكر يذكر الله، صاحب التلاوة يقرأ، وذُكر عن بعض الشيوخ الذي أفنى عمره في التدريس في آخر يوم من حياته وهو في حالة إغماء تام يشرح، وسُمع من يغني، وسُمع من يسُبّ ويشتم، فليختار الإنسان لنفسه ما ينفعه. فهذا المغمى عليه الذي في العناية المركزة قرأ ومرت آية سجدة تسجد أو ما تسجد؟ استمعت له وأعجبتك قراءته، إضافة إلى وضعه وحاله وأنت مستمع ومتطهر ومستقبل القبلة، ولا عندك أدنى إشكال، إذا لم يسجد التالي، لا يسجد المستمع من باب أولى، وإذا كان القارئ لا يصلح أن يكون إماما للمستمع؛ فإنه أيضا لا يسجد. لا يصلح أن تكون إمامة، امرأة تقرأ آية سجدة، ابنته تقرأ أو زوجته تقرأ وهو بجوارها وقرأت آية سجدة وسجدت، على كلام أهل العلم لا يسجد؛ لأنها لا تصلح أن تكون إمامًا له.

قالوا ومن ذلك المنادى النكرة إذا قُصد نداء واحد بعينه تعرَّف، مُبصر يدعو رجلا: يا رجلُ ساعدني على حمل المتاع مثلاً، لأنه نكرة تعيّن بالنداء، لكن لو لم يقصد إذا تعرّف بُني على الضم، قيل: يا رجلُ، الأعمى يريد أن يجتاز الدائري مثلا، أو شارع سريع خط سريع، فيحس بقرع النعال يقول: يا رجلاً خذ بيدي؛ لأنه غير مقصود، ما يقصد رجل بعينه، فالقصد دخل في هذه الأبواب من ذلك قبل وبعد والجهات الست إذا حذف المضاف ونُوي بني على الضم، وإن لم ينو أُعرب ﯞ ﯟ    ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ أما بعد إذا لم يُنو؛ أُعرب، (فساغ لي الشراب وكنت قبلاً).

قال: ومن ذلك العلم المنقول من صفة إن قُصِدَ به لمح الصفة المنقول منها أدخل فيه: (ال) وإلا فلا؛ لأن العلم معرفة ولا حاجة لدخول (ال) عليه، لا يحتاج إلى تعريف، و(ال) للتعريف فإن قُصد به لمح الصفة أدخلت عليه (ال) كما تقول الحسن العباس وهكذا، وإلا فلا، قال: ومن ذلك أو هذه القاعدة أيضًا تدخل في علم العَروض، فإن الشعر عند أهله كما قالوا: كلام موزون مقفّى مقصود به ذلك، يعني مقصود أن يكون شعرًا، وأمّا ما يقع موزونًا اتفاقًا لا عن قصد فإنه لا يسمى شعرًا، قالوا: وعلى ذلك خُرِّج ما وقع في كلام الله –تعالى- كقوله -جل وعلا-: ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ وقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: «هل أنت إلا أصبع دَمِيتِ، وفي سبيل الله ما لَقِيتِ» هذا شعر، هذا موزون، لكن الله -جل وعلا- نفى عن نبيه الشعر، فهذا غير مقصود فلا يسمى شعرًا: «أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب» من هذا الباب، لكن وُجد من تصرف بعض أهل العلم ما لا يليق وما لا يحسن مثل نظم الحديث النبوي. الله -جل وعلا- ينفي عن نبيه أن يكون شاعرًا ثم يحوِّل كلامه إلى شعر مثل نظم البلوغ مثلاً، تحويل كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى شعر، وقد نفاه الله عنه، لا شك أنه غير مستساغ وقد وُجد.

ثم بعد هذا في القاعدة الثانية "اليقين لا يُزال بالشك". وتلاحظون في القواعد الأربعة الآتية فيها شيء من الاستعجال. القاعدة الثانية "اليقين لا يُزال بالشك" ودليلها قوله عليه -الصلاة والسلام-: «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثًا أم أربعًا؟ فليطرح الشك، وليبنِ على ما استيقن» خرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد، وفي الترمذي وغيره من حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا كان أحدكم في المسجد فوجد ريحًا بين أليتيه، فلا يخرج حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا» ولها أدلة، القاعدة لها أدلة كثيرة في الشرع.

«إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثًا أم أربعًا؟» يطرح الشك ويبني على اليقين، فيجعل العدد ثلاثًا ويأت برابعة، إذا شك هل صلى اثنتين أم ثلاث، يبني على اليقين؛ فيجعلهما ثنتين ويأتي بثالثة أو رابعة عند المقتضي.

مسألة -وأخشى إن تجاوزنا الحديث تُنسى- إذا شك: هل غسل العضو مرتين أو ثلاث؟ القاعدة أن تكون اثنتين يبني على اليقين ويزيد ثالثة، هذه القاعدة، والأولى في مثل هذا الشك أن يبني على الأكثر وهو الأحوط، لماذا لا نقول مثلما جاء في الحديث؟ لأنه في الصلاة التردد بين مبطل للصلاة وبين مصحح لها، بين مبطل يعني إذا قلنا: تردد صلى ثلاث أو أربع؟ فقال: اجعلوها ثلاثًا دفعا للوسواس، نقول: احتمال أن تكون صلاتك باطلة؛ لأنك ما صليت إلا ثلاثًا، بينما لو تردد هل غسل العضو مرتين أو ثلاث، إذا بنينا على الأقل بنينا على أنه غسلها ثلاثًا ولم نأمره بغسلة أخرى، هذا وضوء صحيح وشرعي، وجاء به النص الصحيح الصريح، ففي الصلاة ترددٌ بين البطلان وعدمه، وفي الوضوء تردد بين السنة والبدعة، فرق بين هاتين المسألتين وإن كان كثير من الفقهاء يجعلون حكمًا واحدًا؛ فهذا مما يخرج عن القاعدة في الترمذي من حديث أبي داود وغيره عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان أحدكم في المسجد فوجد ريحا بين أليتيه، فلا يخرج حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحا» يعني في مسائل الطهارة إذا كان متوضأ فشك في الحدث؛ فالأصل أنه متوضئ، والعكس إذا كان محدثا ثم شك في الطهارة؛ فالأصل أنه محدث، هذه حجة من قال: إنه يغسل، لكن لماذا تردد وقال بين سنة وبدعة ولو في الصورة ولو كانت غير مرادة تجتنب، ولو كانت غير مرادة، ولو كانت كل ما خشي أن يوقع في البدعة يجتنب، الآن عندنا يقين الطهارة فوجد ريحًا بين أليتيه، فلا يخرج حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا، كيف يجد ريحًا؟ ولا يخرج حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا؟ يعني وجد مظنة خروج ريح، والشيطان يتلاعب بمقاعد بني آدم ولو استرسل مع هذا الأمر لكان كثير من الناس يُبتلى، وهذه بوابة يلج منها الموسوسون ولا يكادون ينفكون بعد ذلك منه إلا بعناية إلهية، وعزيمة صادقة، وصدق لجوء إلى الله جل وعلا، لا شك أن مثل هذا يفتح بابًا للشيطان، باب للوسواس، فإذا ولجه عسر عليه الخروج منه، إذا كان البناء على الأصل في الطهارة أيضًا؛ فماذا عن قوله -عليه الصلاة والسلام-: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا، فإنه لا يدري أين باتت يده» طهارتها مشكوكة أو متيقنة؟

طالب: .........

لا، طهارتها يعني قبل هذا الشك.

طالب: ........

متيقنة، طرأ على هذا اليقين شك، فإنه لا يدري أين باتت يده، رفعنا اليقين بالشك، ليس بأيدينا إلا أن نقول: هذا تعبد، الأمر بالغسل تعبدا، وإلا على القاعدة لا يلزم من أن نغسل اليد؛ لأن الأصل الطهارة، لكن النص صحيح وصريح، وليس بأيدينا كما يقول أهل العلم في المسائل التي لا تدرك عللها ولا حكمها، يقولون: تعبد الأمر تعبدي.

طالب: .........

يجب، نعم، يجب.

طالب: ........

القاعدة معناها اليقين -كما قالوا في المصباح-: العلم الحاصل عن نظر واستدلال، وهذا يعبر عنه بالعلم -العلم النظري- بخلاف العلم الضروري الذي يحصل لا عن نظر ولا استدلال، ومقصودهم بالعلم الذي لا يحتمل النقيض، فإن احتمل النقيض فإن كان راجحًا فالظن والمرجوح الوهم، والمساوي الشك؛ لأننا نحتاج إلى تعريف الشك الذي لا يحتمل النقيض بوجه من الوجوه عندهم يسمى علم، فإن احتاج إلى نظر واستدلال قالوا: علم نظري، وإن لم يحتج إلى نظر ولا استدلال قالوا: علم ضروري، والاستدلال عليه من الواقع كثير، يعني الواحد نصف الاثنين، علم أو ظن أو وهم أو شك؟

طالب: .........

علم، ضروري أو نظري؟

طالب: ......

ضروري لا يحتاج إلى نظر واستدلال. لو سألت أجهل عجوز في الدنيا وقلت لها: كم نصف الاثنين؟ قال لك: واحد، لكن إذا قلت ثلاثة عشر ألف ومائة وواحد وسبعين اقسمها على سبعة، الناتج علم؛ لأنه لا يحتمل نقيضها لو كانت القسمة صحيحة يكون علمًا، لكنه يحتاج إلى نظر واستدلال ومقدمات، يعني علم الناس بمكة مثلاً ضروري ما فيه أحد يشك أن هناك بلد اسمه مكة لا سيما المسلمين، قل مثل هذا في البلدان المعروفة التي تتردد على ألسنة الناس، هذا علمها ضروري، لو قيل لك: بغداد، تقول: إيش بغداد؟! لا بد أن أرجع إلى معجم البلدان؟! لا، لكن هناك قرى وهجر يمكن ما سمعت بها أبدًا، فيقال: أنا والله رحت البلد كذا تحتاج إلى أن تتأكد من هذا الخبر، ومكان وجود هذه المدينة، وترجع إلى معجم البلدان، أو تقف عليها بنفسك؛ فهذا يحتاج إلى نظر واستدلال، فالعلم الحاصل عن نظر واستدلال قالوا: هو اليقين، في المفردات للراغب اليقين من صفة العلم، ومقتضاه أنه غير العلم، لكنه من صفته؛ ولذا يقال: علم اليقين، وعين اليقين، وحق اليقين؛ علم اليقين إذا أخبرك من تثق بعلمه وتحلف على خبره، أن في السوق يباع عسل، العسل، تصور أنه انقطع مدة ثم جاءك جمع لا يمكن أن يتواطؤوا على كذب ولا شيء قالوا: إن العسل يباع في السوق، أو الجراد، أو الكمأة، وما أشبه ذلك، هذا علم يقيني، إذا ذهبت إلى السوق ورأيته بعينك صار عين اليقين، لكن إذا أدخلت أصبعك في العسل ولعقته صار حق اليقين، وهذا وضحه ابن القيم في مدارج السالكين وغيره، في المفردات قال: اليقين من صفة العلم فوق المعرفة والدراية، فيقال: علم يقين، ولا يقال: معرفة يقين، والفرق بين العلم والمعرفة -كما قرر أهل العلم- أن العلم لا يستلزم سبق الجهل، بينما المعرفة تستلزم سبق الجهل، فالله -جل وعلا- يوصف بالعلم ولا يوصف بالمعرفة، وإن كان المرد في ذلك كله إلى الثبوت وعدم الثبوت يقابل العلم الظن، والشك، والوهم، الظن قُوبل بالعلم في قول الله جل وعلا: ﰜ  ﰝ ﰞ  ﰟ ﰠ ﰡ ﰢ فقوبل الظن باليقين، الفقهاء ما حملوا اليقين على وجهه وعلى أصله، بل توسعوا فيه، فأدخلوا فيه المظنون، يقول النووي في المجموع: واعلم أنهم يطلقون العلم واليقين ويريدون بهما الظن والظاهر لا حقيقة العلم واليقين، يطلقون العلم واليقين ويريدون بهما الظن والظاهر لا حقيقة العلم واليقين، يعني من باب التجوز والتوسع، وإلا فالعلم شيء والظن شيء، فالذي يغلب على الظن ظن هذا احتمال الراجح ظن، والذي لا يحتمل النقيض علم ويقين، يقول القَرافِي: دعت الضرورة للعمل بالظن؛ لتعذر العلم في أكثر الصور فتثبت عليه الأحكام لندرة خطئه وغلبة إصابته، والغالب لا يترك للنادر، وبقي الشك غير معتبر إجماعًا، يقول: دعت الضرورة للعمل بالظن؛ لتعذر العلم في أكثر الصور. سبب هذا الكلام أن أكثر الأحكام الشرعية أدلتها أخبار آحاد، وأخبار الآحاد لا تفيد إلا الظن، إذًا أكثر الأحكام الشرعية عمدتها أدلة ظنية سواء كانت ظنية في ثبوتها أو في دلالتها، فالحكم حينئذٍ مبني على الظن، وغالب الأحكام بناؤها على الظن، أخبار الآحاد، معروف الخلاف فيها هل تفيد العلم كما قال الحسين الكَرابِيسِي وداود الظاهري، أو تفيد الظن مطلقًا كما يقول به الجمهور المتكلمين والفقهاء، أو تفيد العلم إذا احتفت بها قرينة كما يقول ذلك شيخ الإسلام وابن القيم، وابن رجب، وغيرهم المقصود أنه إذا تجرد خبر الواحد عن القرينة يفيد الظن، وبناء الأحكام الشرعية على أحاديث آحاد في الغالب، فأكثر الأحكام على ما قال عندنا هنا؛ لتعذر العلم في أكثر الصور فتثبت عليه الأحكام لندرة خطئه، أولا العمل بخبر الواحد لم يختلف فيه أحد ممن يعتد بقوله، فهو حجة ملزمة لا تردد في قبوله، ولو قيل بأنه لا يفيد في أصله إلا الظن إلا إذا احتفت به قرينة فالعمل به واجب ولا مندوحة عن العمل به، يقول: وغلبة إصابته، والغالب لا يترك للنادر، وبقي الشك غير معتبر إجماعًا، ومسألة إفادة خبر الواحد يعني بحثناها في مناسبات كثيرة وهي موجودة بإفاضة.

الشك التردد بين أمرين بلا مرجح لأحدهما على الآخر، يقول ابن القيم في بدائع الفوائد: حيث أطلق الفقهاء لفظ الشك فمرادهم به التردد بين وجود الشيء وعدمه تساوى الاحتمال أو رجح أحدهما، يعني ما يعاملون المسألة بدقة بحيث يكون الاحتمال خمسين بالمائة، المقصود أنه يوجد النقيض، تساوى الاحتمال أو رجح أحدهما، ويدخل في هذا التوسع الظن، والوهم، وقال النووي في شرح مسلم تفسير الشك بمستوي الطرفين إنما هو اصطلاح طارئ للأصوليين، وأما في اللغة فالتردد بين وجود الشيء وعدمه كله يسمى شكًّا سواء المستوي، والراجح، والمرجوح، يعني مثل كلام ابن القيم هذه القاعدة اليقين لا يُزال بالشك تدخل في جميع أبواب الفقه كما قرر ذلك أهل العلم، والمسائل المخرجة عليها تبلغ ثلاثة أرباع الفقه أو أكثر، فهذه القاعدة في غاية الأهمية يستصحبها الإنسان طالب العلم، تنفعه في كثير من الأبواب ويندرج تحتها قواعد القاعدة الأصلية اليقين لا يُزال بالشك، ثم يندرج تحتها قواعد كثيرة منها الأصل بقاء ما كان على ما كان، فمن تيقن الطهارة وشك في الحدث فهو متطهر، من تيقن في الحدث وشك في الطهارة فهو محدث، لكن ماذا عمن تيقنهما وشك في السابق منهما؟ هو متيقن أنه أحدث ومتيقن أنه توضأ، فاليقين حاصل بهما وجهل السابق منهما ما يدري هو أحدث ثم توضأ أو توضأ ثم أحدث؟ يقول أهل العلم: فهو بضد حاله قبلهما، هو جازم أنه دخل الدورة ونقض الوضوء، لكن ما يدري هو قبل الصلاة أو بعد الصلاة؟ نسي، توضأ لصلاة الفجر وخرج إلى المسجد ورجع من المسجد، هو جازم أنه داخل الدورة، لكن نسي هل هو قبل الوضوء أو بعده، شك في السابق منهما، قال: وبضد حاله قبلهما، حاله قبل الوضوء والحدث المشكوك في السابق منهما هو بضدها، الشخص انتبه من النوم ودخل الدورة، أو توضأ، ما يدري قبل دخول الدورة ثم صلى ثم رجع ودخل الدورة وهو ما يدري، الأصل أنه قبلهما محدث، استيقظ من النوم وحصل منه وضوء، وحصل منه حدث، وجهل السابق منهما قالوا: فهو بضد حاله قبلهما، ضد حاله حاله الأولى قبلهما أنه محدث، إذًا هو الآن متطهر، لماذا؟ لأن الحدث الأول ارتفع بيقين وشُك في رفع هذا الرافع لهذا الحدث، قال: هو بضد حاله قبلهما.

من القواعد الأصل براءة الذمة، نذكر مثالاً واحدًا أو أحيانًا يمكن ما نذكر مثال؛ لأن الوقت الأصل براءة الذمة؛ ولذلك لم يقبل في شغلها شاهد واحد، يعني ادعى زيد على عمرو بأن في ذمته له مبلغ من المال، بمجرد الدعوى لا يلتفت إليها، بمجرد الدعوى؛ لأن الأصل براءة الذمة، زيد المدعي معه شاهد، ابحث عن ثاني، قال: والله ما عندي ثاني، أيضًا لا يرتفع هذا الأصل بالظن المبني على خبر هذا الشاهد، لكن لو كان معه ثاني ارتفع الأصل، لو حلف مع الشاهد ارتفع الأصل؛ لأن فيه قوة يمكن أن تقاوم هذا الأصل، من شك في شيء هل فعله أو لم يفعله، فالأصل أنه لم يفعله، الأصل أنه لم يفعله، الفقهاء يقولون: من شك في ترك ركنٍ فكتركه، لما قام إلى الركعة الثالثة شك في الركعة الأولى هل سجد سجدتين أو سجدة واحدة؟ الآن هو شك في ترك ركن، هل هذا شك في الترك أو شك في الفعل؟ أو من لازم هذا أن يوجد هذا؟ لأنه نقيضه لابد من وجود الأمرين على حد سواء؛ لأن القاعدة من شك في شيء هل فعله أو لا، فالأصل أنه لم يفعله، والفرع -يقول الفقهاء-: من شك في ترك ركن فتركه الفرع مطابق للأصل أو غير مطابق؟ لأن من لازم الشك في الترك الشك في الفعل فهو مندرج تحت القاعدة، فالأصل أنه لم يأت بهذا الركن، فعليه أن يأتي بركعة، الثانية تقوم مقام الأولى وهكذا، إذا شك طرأ عليه الشك بعد الفراغ من العبادة فإنه لا يلتفت إليه؛ لأن هذا لا ينتهي من القواعد المتفرعة من هذه القاعدة الكبرى، الأصل العدم قالوا من أمثلة ذلك قول عامل القراض -المراد بالقراض المضاربة؛ شخص عنده مال، لكن ليس عنده فراغ أو ليست لديه قدرة للعمل في التجارة، فاتفق مع شخص أن يعمل بهذا المال على نسبة من الربح، أن يكون ربح بينهما، وأصل المال يعود إلى صاحبه، هذه يسمونه قراض، ويسمى أيضًا مضاربة- قول عامل القراض: لم أربح، تحاسبوا بعد سنة وما وجدوا إلا رأس المال، مئة ألف، قال صاحب المال: أين الأرباح؟ قال المضارب العامل: لم أربح، فيقبل قول العامل؛ لأن الأصل عدم الربح، يقبل قوله، ومن قبل قوله لا بد أن يكون مع يمينه يرتفع هذا الأصل، إذا أحضر صاحب المال بينات تدل على أنه ربح، لأنا نحتاج إلى بينات؛ لأن العقود أكثر من عقد، وكل عقد يحتاج إلى بينة، وإن قامت بينة بربحه في جميع هذه العقود فتفي.

في الأشباه لابن نُجَيْم يقول: ليس الأصل العدم مطلقًا، وإنما هو في الصفات العارضة، وأما في الصفات الأصلية فالأصل الوجود، الصفات العارضة والصفات الأصلية، اشترى جارية ثم ادعى البائع أنها تتصف بوصف مميز، خياطة مثلاً، وادعى المشتري أنها ثيب، في الوصف الطارئ الذي هو الخياطة الأصل العدم، في البكارة والثيبوبة الأصل الوجود، فيقبل قول من يدعي الأصل، على كلام ابن نُجيم فروع هذه المسائل مثلما قالوا يعني تدخل في جميع أبواب الفقه، هذه القاعدة قاعدة عظيمة جدًّا، قالوا: الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم؛ لحديث: «ما أحل الله فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو. قال: فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئًا» يقول: أخرجه البزار والطبراني من حديث أبي الدرداء، وحسن السيوطي إسناده، وروى الترمذي وابن ماجه من حديث سلمان قال -عليه الصلاة و السلام-: «الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه» والحديث له طرق أخرى، يقول الله -جل وعلا-: ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ  خلق لكم هذا أيضًا مما يستدل به على أن الأصل الإباحة، هذا عند الشافعي، عند أبي حنيفة الأصل فيها المنع حتى يدل الدليل على الإباحة، كذا نسبه السيوطي لأبي حنيفة، ونقل ابن نُجيم -وهو أعرف بمذهبه عن البدائع بدائع الصنائع- المختار ألا حكم للأفعال قبل الشرع، يعني كون نقول ونحن ما عندنا دليل هذا مباح، أو نقول: هذا حرام، الأصل أنه لا نحكم بشيء مادام ما وقفنا على دليل، المختار ألا حكم للأفعال قبل الشرع، وفي شرح المنار: الأصل في الأشياء الإباحة عند بعض الحنفية ومنهم الكرخي، وقال بعض أصحاب الحديث: الأصل فيها الحظر، وقال أصحابنا: الأصل فيها التوقف، بمعنى أنه لا بد لها من حكم، لكنا لم نقف عليه بالفعل، وفي الهداية أن الإباحة أصل، كذا في الأشباه، يتبين هذا لو أن إنسانًا خرج إلى نزهة فوجد نباتًا أعجبه، أو وجد حيوانًا ليس مما جاء النص فيه ليس ذي ناب ولا ذي مخلب من الطير، يأكل أو ما يأكل؟ وجد نباتًا أو حيوانًا ليس مما جاء الدليل على حله ولا على تحريمه، ليس فيه نص، يأكل أو ما يأكل؟ على قول الشافعية يأكل؛ لأنّه لا يوجد ما يمنع، والأصل الحل، وعلى قول الحنفية لا يأكل؛ لأنه لا يوجد ما يبيح، والأصل الحظر، قالوا: الأصل في الأبضاع التحريم، فإذا تقابل في المرأة حل وحرمة، غلبت الحرمة، كيف يتقابل في المرأة حل وحرمة؟ يعني هل هذا التقابل في وجود ما يقتضي الحل ووجود ما يقتضي الحرمة في العتق؟ الصورة.

طالب: ...........

نعم أعتق واحدة من إمائه ونسي على التعيين، هل يجتنب الجميع؟ ومثله أيضًا مثل ما تفضل الأخ الرضاع، هل إذا وجد رضاع بالفعل أرضعت امرأة هذا الولد، وشُك في بلوغ العدد الخمس الرضعات، وشُك فيه: هل كمل الحولان أو لم يكمل؟ على قول الجمهور الأصل إذا أردنا الأصل قلنا: اليقين لا يُرفع بالشك، وهذا شك، فهذا الرضاع لا يُحرِّم؛ عملاً بالقاعدة الأصلية، لكن إذا عملنا بالقاعدة الفرعية، الأصل في الأبضاع التحريم، قلنا: لا يجوز الزواج لهذا الولد من هذه المرأة أو من بناتها أو أخواتها، ظاهر أو ما هو ظاهر؟ يعني لا شك أن الأبضاع يحتاط لها أكثر من غيرها، النبي -عليه الصلاة والسلام- في قصة عبد بن زمعة أخو سودة أم المؤمنين، لما قضى به لزمعة، قال: هو لك يا عبد بن زمعة واحتجبي منه يا سودة، فدل على أن هذا الباب لا بد فيه من الاحتياط، الآن قضى به، قضى بالولد هذا أنه أخ لسودة، أخ لها، الولد للفراش، ولد على فراش أبيها فهو أخ لها، لكن لما كان الاحتياط في هذا الباب قال: احتجبي منه يا سودة، لو وُجد رضاع رضعتين ثلاث أربع لم تكمل الخامسة، لا شك أن مثل هذا لا يحرم، لكن طردًا لهذه القاعدة لا يجوز أن يتزوج هذه المرأة أو شيئا من بناتها؛ للاحتياط للأبضاع، وقد قيل بالتحريم في أقل من ذلك.

طالب: .........

أربع هذه أربع ما تدخل؟

طالب: ............

هو لا تدخل في الأصلية، الشك لا يزيل اليقين، لكن تدخل في الأصل في الأبضاع الاحتياط والتحريم.

طالب: .........

تدخل، لكن ماذا عن قولهم -قول بعض الحنفية نسب إلى الحنفية، قالوا: إذا حكم القاضي لأحد الخصمين ولو عرف المحكوم له أنه غير محق يعني في الحديث: «إنما أنا بشر أقضي على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه، فإنما أقضي له بقطعة من نار، فليأخذها أو ليدعها» الحنفية يقولون: لا يحل له ما قضي له به وإن علم أنّه لا يستحقه، فإذا تداعى رجل وامرأة، هو يدعي الزوجية وهي تدعي عدم الزوجية أو أحضر بينة ولو كانت كاذبة، فقضي له بذلك، يقول الحنفية: تحل أنه يطؤها، ويحتاطون في الأموال في مثل هذه المسألة أكثر من احتياطهم للأبضاع، مع أن الأصل أن يكون العكس، إذا اشتبهت أخته بأجنبية امتنع الزواج، اشتبهت أخته بنساء قرية محصورات، يمتنع الزواج، لكن في غير المحصورات، يعلم علم اليقين أن أباه ذهب إلى الهند وتزوج امرأة وأنجبت بنتًا قبل عشرين سنة، وراح هو إلى الهند يريد أن يتزوج بعد عشرين سنة، وهو ما يعرف أخته من بين هالمليار، نقول: لا تتزوج؟ يتزوج أو ما يتزوج؟

طالب: ...........

وإن وقع على هذه البنت؟

طالب: .........

غير محصورات، لكن تجويز النكاح في مثل هذه الصورة إنما هو للضرورة؛ لئلا ينسد عليه باب النكاح، والفروج -يقول أهل العلم-: لا يجوز التحري فيها، لكن واحدة من مليار، ما هي مسألة تحري واحدة من عشر يمكن أن يتحرى.

طالب: .........

لا هناك مسائل لا يتصور فيها الاحتياط، شخص طلق امرأته مرتين، وحسبتا عليه طلقتين شرعيتين، حسبتا عليه، الثالثة طلقها وهي حائض، فقيل له: لم يقع الطلاق، فعاشرها ثم بحث المسألة وترجح عنده وقوع الطلاق، ماذا يصنع؟ يفارقها فقط؛ لأن الطلاق وقع وهي ثالثة، وهو يحسب على نفسه؛ لأن الذي يتزوجها بعده احتمال أن تكون على ما أفتي، هي في ذمته، مازالت في ذمته وقد أفتي بأن طلاق الحائض لا يقع، فمثل هذا هل يقال له: طلق رابعة؛ لتبين منك بيقين وتحل لمن بعدك، أو نقول: تكفي، مادام اقتنعت بأن الطلاق يقع، ترجح عندك، أو نقول: هذه مسألة اجتهادية، والاجتهاد لا ينقض باجتهاد، فتبقى في عصمتك؟ على كل حال هذه مسألة مشكلة، ولا يحلها إلا أن يوقع طلقة لا خلاف فيها لتحل لمن بعده، قال: الأصل في الكلام الحقيقة، لو حلف ألا يبيع ولا يشتري، فوكل من يبيع له ويشتري له لم يحنث؛ حملا للفظ على الحقيقة، ولو حلف لا يدخل دار زيد لم يحنث إلا بدخول ما يملكه زيد لا ما يكون بإعارة أو إجارة؛ لأن إضافة ذلك إليه مجاز، والأصل في الكلام الحقيقة، لكن مسألة الأيمان والنذور مردها إلى العرف عند الأكثر، ومنهم من يقول أن مردها إلى نية الحالف.

مسألة تعارض الأصل مع الظاهر عندنا أصل وعندنا ظاهر، يقول ابن الصلاح: إذا تعارض أصلان أو أصل وظاهر، وجب النظر في الترجيح كما في تعارض الدليلين أيهما أقوى الأصل أو الظاهر؟ إذا أرسلت الولد أو أرسلت أحدا يشتري لك قلمًا أحمر، فجاء لك من المكتبة بقلم لونه أحمر، قلت: لا، أنا لا أريد هذا، أنا أريد أكتب باللون الأحمر، أعده على صاحبه قال: ما نقبل الترجيع، يُلزم بأخذه أو ما يلزم؟ الأصل أنه أحمر، لونه أحمر، انتهى الإشكال، لكن الظاهر أنه يريد الكتابة باللون الأحمر، فتعارض عندنا أصل وظاهر، الآن الظاهر أن هذا الشخص يريد قلمًا أحمر ليكتب كتابة حمراء، يعني هو في ذهنه ما عنده سواء اللون أسود أو أصفر أو أبيض، ما يهم، يهم أن يكتب العناوين بقلم أحمر وما أشبه ذلك، هذا الظاهر الذي يظهر من الطلب، لكن الأصل أنه مادام جاب اللون أحمر، هذا قلم أحمر ماذا يقال عن هذا القلم؟ هذا قلم أحمر ما يشك في كونه قلمًا أحمر، لكن إذا عبيناه حبرًا أسود كتب أسود، فهل المنظور إليه الأصل، الذي هو اللون فقط، أو المنظور إليه الحبر الذي يكتب إليه؟ الأصل اللون والظاهر الحبر، ولو أرسل الولد قال: هات لي قلمًا أحمر وجاب له قلمًا أسود، لكنه يكتب أحمر، جاب على الظاهر ما جاب على الأصل بخلاف الأول. ولو أنت جالس في مطعم، وقلت لصاحب المطعم: هات لي إبريقًا أحمر، أنت تبغي شايًا أحمر، وجاب لك إبريقًا أحمر فيه شاي أخضر، أنت ما تشرب الشاي الأخضر، أو العكس، لا شك أنه في مثل هذه الصور يتعارض الأصل مع الظاهر، فنحتاج إلى مرجح، أنت لما تقول له: هات لي أحمر، أنت تبغي الإبريق اللون، لون الإبريق؟ يعني في الشراء يحتمل أن الإنسان يستهويه اللون، لكن هذه مسألة دقائق وأنت ماشي ومخليه، فأنت لا تريده، فهنا يترجح ما في جوفه، لكن لو كنت تريد أن تشتري إبريقًا مثلاً، تقول له: أحمر، ما فيه ما يعارضه.

صور هذه المسألة في تعارض الأصل مع الظاهر شيء ما ينتهي، دخلت مكتبة زميلك، وهذا رددناه كثيرًا، فوجدت كتابًا مكتوبًا عليه اسمك في مكتبة زميلك، الأصل أن الكتاب لك، لكن الظاهر أنه بيد زميلك فهو له، فنحتاج إلى مرجح، فإن كنت عرف عنك أنك تبيع فيرجح الظاهر، إذا عرف عنك أنك ما تبيع ألبتة وإنما تعير، فيرجح الأصل، وقل مثل هذا في صور كثيرة جدًا.

طالب: ........

الظاهر هو العرف، نحن نريد مسألة العرف، وما العرف؟ العادة محكمة ستأتي، لكن عندنا ظاهر وعندنا أصل، إيش عرف الناس في هذا؟ لكن هذه الصور التي قلناها هو يطلب شاهي، هو الأصل أنه يطلب شاهي في مثل هذا، لكن لو طلب قلمًا أحمر؟

طالب: ..............

الله أعلم، هذا نحتاج إلى مرجح؛ لأن بعض الناس يهوى اللون الأحمر، قال: لا، هات لي قلمًا أحمر، فالمقصود أن مثل هذه تحتاج إلى مرجح.

طالب: .......

على كل حال في كل مسألة لها ما يرجحها إذا تعارض أصلان، أو أصل وظاهر وجب النظر في الترجيح كما في تعارض الدليلين، فإذا تردد في الراجح فهي من مسائل القولين، وإن ترجح دليل الظاهر حُكم به بلا خلاف، وإن ترجح دليل الأصل حكم به بلا خلاف، المقصود أنه ينظر في مثل هذه الصور إلى مرجح ما يترجح فيه الأصل جزمًا وما يترجح فيه الظاهر جزما، الشهادة ظاهر وليست هي الأصل، الأصل كما تقدم براءة الذمة، وفي مثل هذا يترجح الظاهر على الأصل، فيُحكم بالشهادة ولو خالفت الأصل ما يترجح فيه الأصل، على الأصح ضابطه أن يستند الاحتمال إلى سبب ضعيف، كما لو جرح صيدًا وغاب ثم وجده ميتًا أو وقع في بئر مثلاً، الآن ترجح الأصل جرح صيد وغاب، ثم وجده ميتًا، هل موته بسبب الجرح أو بسبب آخر؟ قد يترجح الظاهر بنكاية الجرح في الصيد إذا كانت قوية، قلنا: الذي يغلب على الظن أنه بسبب الجرح، وإذا كانت ضعيفة قلنا: لا، وحينئذٍ نرجح الأصل، ومثل هذا لو وقع في بئر، فالذي يغلب على الظن أن موته غرقًا ما ترجح فيه الظاهر على الأصل بأن كان السبب قويًا، كمن شك في شيء مؤثر في الصلاة كترك ركن بعد انقضائها فلا أثر له؛ لأن الظاهر انقضاء العبادة على الصحة، هنا أيضًا تعارض وليس المراد بذلك تقابلهما من كل وجه، وإنما بحسب ما يلوح للمجتهد، لو رأى طائرًا فقال لزوجته: إن لم أصد هذا الطائر اليوم فأنت طالق، ثم اصطاد في ذلك اليوم طائرًا من فصيلته، من جنسه، قال لزوجته: إن لم أصد هذا الطائر اليوم فأنت طالق، ثم غاب عنه فاصطاد في ذلك اليوم طائر، الآن عندنا تردد في أصلين؛ لأنه جهل هل هذا الطائر هو الذي حلف عليه أو غيره؟ ففي وقوع الطلاق التردد؛ لتعارض أصلين، الأصل بقاء النكاح، والأصل عدم اصطياد الطائر الذي علق عليه النكاح، ورجح النووي عدم الوقوع، الآن عندنا أصلان: الأصل بقاء النكاح، والأصل أن الطائر ما صيد الذي حلف عليه، يعني وقع الشك فيه وفي غيره، فعندنا تعارض أصلين، ورجح النووي عدم الوقوع، الأصل بقاء النكاح وارتفاعه مشكوك فيه، ارتفاعه مشكوك فيه.

طالب: .........

قصده يصيد هذا الطائر.

طالب: ..........

لا، يريد هذا الطائر، إن لم أصد هذا الطائر، هذا قصده.

طالب: ......

نعم يقصد الطائر بعينه، هو يقول: أنا أقصد هذا الطائر بعينه، إن لم أصد هذا الطائر. تعارض الظاهرين إذا أقرت المرأة بالنكاح وصدقها المقَرّ بالزوجية، المقَرّ له صدقها بالزوجية، أقرت المرأة بالنكاح وصدقها المقر له بالزوجية، يقول: فالجديد قبول الإقرار؛ لأن الظاهر صدقهما فيما تصادقا عليه، والقديم إن كانا بلديين طولبا بالبينة لمعارضة هذا الظاهر بظاهر آخر؛ لأن البلديين يعرف حالهما غالبا، ويسهل عليهما إقامة البينة، يعني الأصل النكاح أو عدم النكاح في هذه الصورة بدون بينة؟ وجد شخص معه امرأة، قال: زوجتي، هو ما ثبت النكاح ببينة، ثم شككنا فيما يطرؤ عليه من فراق، الآن ما بعد ثبت أصل النكاح. يقول: إذا أقرت المرأة بالنكاح وصدقها المقر له بالزوجية، هذا ظاهر، يعني كونها زوجته ظاهر، وكونه في بلد لا يكفي إقامة البينة، يعني ما معه دفتر عائلة يثبت أنها زوجته، والأصل أنه لو كان هناك إذا أثبت الظاهر أنه لا بد من إثباته، فتعارض عندنا ظاهران والمرجح الثقة بالرجل وعدم الثقة به، يعني لو وجدت رجلاً ظاهره الاستقامة، يرجح أن تكون زوجته، إذا كان الرجل في موقع شبهة أو في موقع ريبة مثلاً، ودلت القرائن ولو لم تكن قوية على أنها دعوى..، كثير فإنه حينئذٍ لا يصدق إلا ببينة.

طالب: ...........

لا، ليست من هذه القاعدة، لو أقر الرجل وأنكرت المرأة؛ المرأة هي التي معها الأصل. يقول الناظم:

الفقه مبني على قواعد    

 

خمس هي الأمور بالمقاصد   

وبعدها اليقين لا يُزال     

 

بالشك فاستمع لما يقال   

ثم قال الثانية:

 

 

دليلها من الحديث يا فتى  

 

في مسلم وغيره قد ثبتا     

من طرق عديدة وتدخل      

 

جميع الأبواب تفصَّل       

وتحتها قواعد مستكثرة        

 

من درجة فهاكها محبرة           

غدا إن شاء الله الدرس بعد صلاة المغرب، وإن احتجنا قد نحتاج إلى وقت ليس بالطويل؛ لأن الإخوان كأنهم مصرين على أن تكمل القواعد ولو كانت باختصار.

"
سؤال: هذا يقول سمعنا الشيخ ابن باز يعلق على حديث معاوية -رضي الله عنه-: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» قوله -رحمه الله-: معنى ذلك أن من لم يتفقه أن الله لم يرد به خيرًا ولا حول ولا قوة إلا بالله.

سؤال: هذا يقول سمعنا الشيخ ابن باز يعلق على حديث معاوية -رضي الله عنه-: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» قوله -رحمه الله-: معنى ذلك أن من لم يتفقه أن الله لم يرد به خيرًا ولا حول ولا قوة إلا بالله. يقول: وسمعنا منكم بشرى، وكان ذلك في إذاعة القرآن بقولكم أو ما يقاربه: فليس معنى ذلك أن من لم يتفقه أن الله لا يريد به خيرًا، فأنا في حيرة، فكما تعلم أن الأمة كثير منها من لم يتفقه، ومنهم آباؤنا وأمهاتنا نرجو أن توضح.
نص الحديث كما في الصحيحين وغيرهما: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين» ومفهوم الحديث أن من لم يتفقه في الدين لم يرد الله به خيرًا، لكن هل معنى هذا أن الله -جل وعلا- أراد به شرًّا؛ لأنه لا شيء إلا الخير والشر، فإذا لم يثبت الخير ثبت له نقيضه؟ وصورنا المسألة في رجل من عامة المسلمين من العوام لا يقرأ ولا يكتب، أُمّي، فتح الله عليه في أمور الدنيا ورزقه الأموال الكثيرة، رزقه الأموال الطائلة، فاكتسبها من وجهها، وبذلها في وجوهها الشرعية، وضرب في أبواب الخير، في كل باب منها بسهم وافر، هل نقول: إن مثل هذا أراد به شرًّا، أو أن الله -جل وعلا- لم يرد به خيرا؟ يعني هل الخير والشر ضدان أو نقيضان؟ بمعنى إذا قلنا ضدان أنهما ضدان قلنا: إنه قد يرتفع الوصف بالخير، والوصف بالشر، ويحل محلهما شيء آخر، وإذا قلنا هما نقيضان إذا ارتفع الخير حل محله الشر، فهذه الصورة التي ذكرتها شخص من العامة لا يقرأ ولا يكتب، فضلاً عن أن يتفقه فتح الله عليه في أمور الدنيا، أو فتح الله عليه في باب مساعدة الناس ببدنه، وألسنة الناس تلهج بالدعاء له، والثناء عليه، سواء كان الأول أو الثاني، هل نقول: إن مثل هذا أراد الله به شرًّا، أو نقول: إن الله -جل وعلا- لم يرد به خيرًا في باب الفقه في الدين ولم يرد به شرًّا، وإنما أراد به خيرًا في باب آخر، في باب البذل، في باب الصدقة، في أبواب الخير الأخرى، ويكون الحديث مخرجه الإغراء بالفقه، والحث عليه، وبيان فضله، وأنه لا شيء أدخل في الخير منه، وهو المراد بالفقه في الدين كما ذكرنا سابقًا، الفقه في الدين بجميع أبوابه، فالذي ينفق في سبيل الله لا شك أن الله أراد به خيرًا من هذه الحيثية، ولم يرد به خيرًا في باب التفقه في الدين، ولكن لا يعني أن الله -جل وعلا- أراد به شرًّا؛ لأن الخير والشر نقيضان، فعندنا ثلاثة أشخاص أحدهما تصدق بمئة ريال، والآخر سرق مئة ريال، والثالث ما سرق ولا تصدق، فالذي تصدق بالمئة هذا أراد الله به خيرًا، والذي سرق المئة أراد الله به شرًّا والثالث لا خير ولا شر. اتضح الكلام أو ما اتضح؟ يعني الإشكال عند السائل حينما قال الشيخ -رحمه الله-: ولا حول ولا قوة إلا بالله، لم يرد الله به خيرًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يعني نرى في عامة المسلمين من هو أفضل وخير من كثير من المتعلمين، فالمتجه أن الخير والشر ضدان لا نقيضان، وإذا قلنا: إنهما نقيضان لقلنا: إنه إذا ارتفع الخير لزم الوصف بالشر، والتمثيل بالثلاثة الذي تصدق والذي سرق والذي كف خيره وشره، فالمقصود أن مثل هذه الأمور بعض النصوص تأتي للإغراء بالشيء، وهذا أسلوب معروف، فمثل هذا فيه إغراء للتفقه، كما أنه جاء إغراء بأبواب أخرى، إغراء بالجهاد، وإغراء بالبذل والنفقة في سبيل الله، وإغراء بأبواب الخير كلها، إغراء بالصيام؛ «من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا»، إغراء بالصلاة، وهكذا..، وهذا الأسلوب لا يعني الحصر -حصر الخير بالفقه.