شرح الموطأ – كتاب الكلام (2)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا كلام طويل عن المشرق والمراد به.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء فيما يخاف من اللسان

حدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من وقاه الله شر اثنين ولج الجنة)) فقال رجل: يا رسول الله لا تخبُرُنا.

لا تخبرْنا.

أحسن الله إليك.

فقال رجل: يا رسول الله لا تخبرنا، فسكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم عاد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال مثل مقالته الأولى، فقال له الرجل: لا تخبرنا يا رسول الله، فسكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثل ذلك أيضاً، فقال الرجل: لا تخبرنا يا رسول الله، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، مثل ذلك أيضاً ثم ذهب الرجل يقول مثل مقالته الأولى فأسكته رجل إلى جنبه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من وقاه الله شر اثنين ولج الجنة، ما بين لحييه وما بين رجليه، ما بين لحييه وما بين رجليه، ما بين لحييه وما بين رجليه)).

وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- دخل على أبي بكر الصديق وهو يجبذ لسانه، فقال له عمر: مه غفر الله لك، فقال أبو بكر: إن هذا أوردني الموارد.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،

أما بعد:

 

 

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء فيما يخاف من اللسان

قدم ذكر الغيبة لكثرة وقوعها بين الناس، وإلا هي داخلة في هذا الباب، لكنه أفردها في باب خاص للاهتمام بشأنها والعناية بها، وشدة التحذير منها.

يقول:

باب: ما جاء فيما يخاف من اللسان

"حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من وقاه شر اثنين ولج الجنة))" يعني من جسده، اثنين من جسده ولج الجنة، دخل الجنة إذا كفي ووقي شر هذين الاثنين "فقال رجل: يا رسول الله لا تخبرنا" يعني الذي يستمع هذا الكلام يستعظم مثل هذا الأمر "يا رسول الله لا تخبرنا" والعلماء يوجهون مثل هذا أنه خشي من تبعة هذا القول، أنه إذا بين ووضح وفصل عجز عن اتقاء شر هذين الاثنين، فيبقى الأمر على الإجمال أيسر من التنصيص؛ لأن الشيء إذا نص عليه لزم ((ذروني ما تركتكم)) مع أن في هذا المتروك الذي فيه سعة ما دام متروك لو بين ووضح وحذر منه، ونص عليه صار الأمر فيه أشد "يا رسول الله لا تخبرنا" خلنا على الإجمال ويكون الأمر فيه أخف؛ لأن النصوص العامة والقواعد العامة يعني دخول بعض المفردات فيها أخف من أن ينص على بعض مفرداتها، يعني البدن فيه أكثر من اثنين، ما بين لحييه وبين رجليه، وفيه عينان، وفيه أذنان، وفيه يدان، وفيه أمور تزاول المعاصي بواسطتها، فالأمر أعم من أن يكون بين اللحين، وبين الرجلين، لكن إذا نص على ما بين اللحين وبين الرجلين صار الأمر فيهما أشد، فهذا يريد أن تدخل في العموم في الجملة، فيكون الأمر فيها أخف، لا تخبرنا، يعني من عرف أنه في بيته سُرق له شيء، والاحتمال لا يتعدى الزوجة والأولاد ما في غيرهم، الأبواب مغلقة، كون الأمر يبقى محتمل بين هؤلاء المجموعة خمسة أو ستة أو عشرة أيسر وإلا بين أن يبقى منصوص على شخص بعينه منهم؟ العموم أخف من التخصيص، فخشي هذا أنه إذا نص وخصص شيء يكون فيه من الشدة بحيث لا يستطاع، وإلا الرسول يقول: ((من وقاه شر اثنين ولج الجنة)) فقال رجل: يا رسول الله لا تخبرنا، كأن هذا فيه اعتراض على ما أرد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يخبر به، نعم؟

طالب:......

في رواية: "ألا" في رواية أخرى، لكن الرواية التي معنا: "لا تخبرنا" وهي رواية الأكثر، لكن في رواية أخرى أنه على سبيل العرض، يعني طلب منه برفق ألا تخبرنا، من أجل أن نتقي هذين الأمرين هذا أسلوب مقبول من أجل أن يحذر هذين الاثنين ويحتاط لهما، نعم؟

طالب:......

لا، لا، لا بد أن تدل القرائن على الزيادة، وإلا الأصل أن النفي أو النهي ثابت، هذاك نفي، وهنا نهي، الأمر الثاني أن هناك جواب القسم يدل على أنه قسم، القرينة تدل على أنه قسم.

طالب:......

إيه لا، معروف أنه لا سيما مع التكرار، يخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول ما يقول، ثم يقول: لا تخبرنا، لا تخبرنا، الرواية الأخرى فيها العرض، يعني طلب الإخبار برفق، يعني ألا تخبرنا، نعم؟

طالب:......

وين؟

طالب:......

يكون على الضد، الذي خشي من الإخبار الذي أسكته، يكون على الضد، يعني في رواية: لا تخبرنا الذي خشي من تبعة الإخبار هذا الرجل، والذي أراد الإخبار الذي أسكته، وفي رواية العرض: ألا تخبرنا، العكس، الذي خشي من تبعة الإخبار الذي أسكته.

"فسكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم عاد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال مثل مقالته الأولى" ((من وقاه الله شر اثنين ولج الجنة)) "فقال له الرجل: لا تخبرنا" فقال رجل، ثم في الموضع الثاني فقال له: الرجل، النكرة إذا أعيدت معرفة فهي عينها، نفس الرجل، لكن لو قال: فقال رجل، ثم فقال له رجل يعني آخر، فلما جاء به معرفة صار عينه، عين الرجل الأول "لا تخبرنا يا رسول الله، فسكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال مثل ذلك" ((من وقاه الله شر اثنين))... إلى آخره.

"فقال الرجل: لا تخبرنا" وهو الرجل عينه، الأول "لا تخبرنا يا رسول الله، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثل ذلك، ثم ذهب الرجل يقول مثل مقالته الأولى فأسكته رجل إلى جنبه" يعني من التكرار، من تكرار النبي -عليه الصلاة والسلام- لهذا الخبر كأنه يود أن يخبر، لكن من أدبه -عليه الصلاة والسلام- لا يحب المصادمة من أول الأمر، لعل الرجل يفهم، لعله يترك، لعله يترك من نفسه من دون أن يسكت فأسكته رجل، نعم إلى جنبه "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من وقاه الله شر اثنين ولج الجنة))" دخل الجنة ((ما بين لحييه وما بين رجليه)) يعني ما بين لحييه يعني اللسان، بين الفكين اللحيين نعم هو اللسان، وما بين رجليه يعني الفرج "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من وقاه الله شر اثنين ولج الجنة، ما بين لحييه وما بين رجليه، ما بين لحييه وما بين رجليه))" كررها ثلاثاً للتأكيد.

قال: "وحدثني مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب دخل على أبي بكر الصديق وهو يجبذ لسانه فقال له عمر" أبو بكر الصديق أفضل الأمة بعد نبيها، يعني أفضل المخلوقين بعد الأنبياء على الإطلاق، دخل عمر "دخل على أبي بكر الصديق وهو يجبذ لسانه" يجبذ ويجذب بمعنى واحد، يجذب لسانه بيده "فقال له عمر: مه" اكفف، ما الذي دعاك إلى هذا؟! "غفر الله لك! فقال أبو بكر: إن هذا أوردني الموارد".

وهل تظنون أنه ينطق بمحرم عن علم بتحريمه، وهو خير هذه الأمة بعد نبيها؟ حاشاه، وليس بمعصوم، لكن قوله: إن هذا أوردني الموارد يعني في الكلام بما هو مفضول مثلاً، وبما هو خلاف الأولى، يعني عندنا كلام واجب، وكلام مستحب، وكلام مباح، وكلام مكروه، وكلام محرم، فالذي يتكلم بالمستحب مع إمكانه أن يتكلم بالواجب، هذا خلاف الأولى، يتكلم بمباح مع إمكانه أن يتكلم بمستحب بدلاً من القيل والقال الذي لا تبعة فيه، ولا تحريم فيه يسبح ويذكر الله -جل وعلا-، صار يتكلم بما هو خلاف الأولى، فضلاً عن أن يتكلم بالمكروه والمحرم.

وسلف هذه الأمة يتعاظمون كثير من الأمور التي هي ليست بشيء عند غيرهم، ليست بشيء، يعدون بعض الأمور من العظائم وهي عندنا كأنه ذباب وقع على الأنف فطرد، لا شيء، فأبو بكر يقول: إن هذا أوردني الموارد، فكيف بغيره؟ كيف بغيره ممن اعتاد أن يقضي أوقاته بالقيل والقال، ولا بد أن يخرج عن دائرة المباح إلى المكروه، إذا كثر الكلام وطال المجلس لا بد أن يكون للشيطان فيه نصيب، ثم بعد ذلك هناك أقوام وفئام من الناس لا يتورعون عن الكلام المحرم، ومع الأسف أنه قد يوجد بين بعض طلاب العلم، بعضهم كأنه نصب حكماً بين العباد، إذا جلس في مجلس ليس له هم إلا أن فلان قال، وفلان أفتى، وفلان زعم، وفلان ترك، فيأتي يوم القيامة مفلساً، وإن كان له أعمال.

المفلس كما قال في الحديث الصحيح: أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس من لا درهم له ولا متاع، يعني الحقيقة وهي حقيقة شرعية هذا مفلس، من وجد متاعه عند رجل قد أفلس هذا هو، يعني من زادت ديونه على موجوداته هذا مفلس، لكن المفلس الحقيقي الخسارة الحقيقية خسارة الآخرة، والدنيا كلها لا تعدل شيء بالنسبة للآخرة، المفلس من يأتي بأعمال أمثال الجبال، ثم بعد ذلك يوزعها على من يقع في عرضه، يقع في ماله، يقع بشتمه، بضربه، بسفك دمه، يوزع هذه الأعمال التي هي أمثال الجبال تعب عليها، لكنه لم يستطع صيانتها ولا حمايتها، لا عن غيره بل عن نفسه، ما استطاع، اللسان هو الذي يورد الموارد، ويورد المهالك، قد ينطق بالكلمة كما تقدم لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً، وإذا كان أبو بكر هذا وضعه يقول: أوردني الموارد فكيف بغيره؟! نعم؟

طالب:......

إيه سيسترون عليه هذه عادتهم، يبهم ستراً عليه، نعم.

أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في مناجاة اثنين دون واحد

حدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار قال: كنت أنا وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عند دار خالد بن عقبة التي بالسوق، فجاء رجل يريد أن يناجيه، وليس مع عبد الله بن عمر أحد غيري، وغير الرجل الذي يريد أن يناجيه، فدعا عبد الله بن عمر رجلاً آخر حتى كنا أربعة، فقال لي وللرجل الذي دعاه: استأخرا شيئاً، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يتناجى اثنان دون واحد)).

وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون واحد)).

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في مناجاة اثنين دون واحد

ما جاء من النهي في المناجاة، يعني المفاعلة كل واحد يناجي الثاني، اثنين دون واحد، أما إذا كان أكثر من واحد كما بينه في الحديث الذي هو صدر الترجمة، المصدر به الباب فلا مانع، ولا شك أن مناجاة اثنين دون الثالث يحزنه، ويوقع في قلبه شيء، قد يسول له إبليس، ويوسوس له أنهما يريدان الإساءة إليه، ومناجاتهما بعيدة كل البعد عن هذا، وإذا وجدت مثل هذه الوساوس وهذه الخواطر حصلت البغضاء، وحصلت الشحناء، وحصلت الأحقاد بين المسلمين، وهذه أمور جاء الشرع بحسمها، ولا تدخلوا الجنة حتى تحابوا، وإذا وجدت الشحناء والبغضاء انتفت هذه الصفة التي التحاب في الله -جل وعلا-.

طالب:......

وين؟

طالب:......

هو الأمر لا يعدوه، لكن يبقى أنه لا بد أن يكون في نفسه شيء، قد يأذن من باب المجاملة، لكن نفسه لا بد أن يبقى فيها شيء.

قال: "حدثني مالك عن عبد الله بن دينار قال: كنت أنا وعبد الله بن عمر عند دار خالد بن عقبة التي بالسوق، فجاء رجل يريد أن يناجيه" يناجي من؟ يناجي عبد الله بن عمر "وليس مع عبد الله بن عمر أحد غيري وغير الرجل الذي يريد أن يناجيه، فدعا عبد الله بن عمر رجلاً آخر" بالسوق، قال: تعال يا أخي اجلس مع هذا "فدعا عبد الله بن عمر رجلاً آخر حتى كنا أربعة" المناجي والمناجى مع الثالث والرابع الذي أضيف إليه "فقال لي وللرجل الذي دعاه: استأخرا شيئاً" من أجل إيش؟ ألا يسمعا الكلام؛ لأن المناجاة الكلام الخفي، ولا يخفى إلا من أجل ألا يسمع "استأخرا شيئاً، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يتناجى اثنان دون واحد))" هذا في الكلام الخفي المخافتة في الكلام، إذا كان الكلام بلغة لا يفهمها الثالث، وإن كان مع رفع الصوت هل يدخل في هذا أو لا يدخل؟

طالب:......

نعم؟

طالب: العلة موجودة.

العلة موجودة، يعني لو دخل، جاء واحد جالس في المسجد فدخل عامل المسجد من غير العرب، ودخل مع واحد ثاني ويتكلمون وأنت جالس، نقول: لا يجوز تتكلمون حتى يحضر رابع؟

طالب: يا شيخ لو كانوا ثلاثة في مجلس ويتكلمون مع بعض ثم تكلم اثنين منهم بالإنجليزية؟

لأنهم يعرفون، هذا ما فيه إشكال، القرينة تدل على أنهم..، العلة واضحة؛ لأن القرائن لها مدخل في مثل هذا، قد يكون الاثنان ما لهم علاقة بالثالث ذا، يتحدثون في موضوع لا يعنيه، هل نقول: لا بد من إحضار رابع؛ لأن العلة موجودة؟ أو إذا دلت القرينة على أنهم مجموعة ثلاثة، ثم انفردوا بكلام بحيث لا يفهموا، بلغة لا يفهموها، وهو منهم وبينهم؟ فلا شك أن القرائن لها أثرها في مثل هذا، يعني لو أن اثنين يسولوفون مرتكئين على قدام هناك يسولفون ودخل واحد، دخل ونحر البرادة يشرب، ثالث ما يسمع كلامهم، نقول: لا بد تجيب رابع معك؟ ما له علاقة هذا، الكلام فيما إذا كانوا مجموعة ثلاثة، ثم انفرد واحد بالثاني، صاروا يتناجون، والثالث لا شك أنه يحزنه، أما إذا كان لا ارتباط له بهم أو بهما فهذا الأمر لا يدخل في مثل هذا.

أيضاً لو كانت المناجاة بين ثلاثة وأربعة دون رابع أو خامس، نفس الكلام، نفس العلة، العلة موجودة.

"وحدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون واحد))" وهو بمعنى ما تقدم، نعم؟

طالب:......

العلماء يقررون أن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، إذا كانت منصوصة، وإذا كانت مستقلة بالحكم، أما إذا كان الحكم لأكثر من علة فلا يدور معها الحكم، لكن يبقى أن العلة كالمنصوصة هنا؛ لأنه يحزنه، جاء التنصيص على أنه يحزنه، لكن إذا دلت القرائن على أنه غير مقصود في الكلام أصلاً، أو طارئ عليهما، اثنين يتناجون وواحد دخل وجلس بزاوية من المسجد، نقول: لا يتكلمون، يسكتون إلى أن يجيب رابع؟ هل هو المكلف أن يأتي أو هم؟ لا، القرائن تدل على عدم إرادته، نعم؟

طالب:......

يعني صنيع ابن عمر؟

طالب:......

يعني هذه حيلة لارتفاع العلة، يعني ابن عمر جاء بواحد للخروج من النص، يعني الإتيان برابع للخروج من النص.

طالب:......

التورق أمة الإسلام كلهم على جوازه.

طالب:......

أنت لو، لا، لا ما هو بحيلة ولا شيء يا رجال، لا أنت لو قلت مثل صنيع ابن عمر في ترك المجلس، مجلس الخيار؛ لينهي خيار المجلس كان يخطو خطوات ابن عمر من أجل أن يبطل خيار المجلس، وهو الذي جاء النص بعدم جوازه.

طالب:......

لا، لا العلة ارتفعت ويوجد رابع، بحيث لو تناجى هذان الاثنان لإيذاء هذا الثالث؛ لدفع عنه هذا الرابع الذي معه، فالعلة ارتفعت، نعم.

أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في الصدق والكذب

حدثني عن مالك عن صفوان بن سليم أن رجلاً قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أكذب امرأتي يا رسول الله؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا خير في الكذب)) فقال الرجل يا رسول الله أعدها وأقول لها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا جناح عليك)).

وحدثني مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- كان يقول: عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، ألا ترى أنه يقال: صدق وبر وكذب وفجر.

وحدثني عن مالك أنه بلغه أنه قيل للقمان: ما بلغ بك ما نرى؟ يريدون الفضل، فقال لقمان: صدق الحديث، وأداء الأمانة، وترك ما لا يعنيني.

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- كان يقول: لا يزال العبد يكذب وتنكت في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه كله، فيكتب عند الله من الكاذبين.

وحدثني عن مالك عن صفوان بن سليم أنه قال: قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أيكون المؤمن جباناً؟ قال: ((نعم)) فقيل له: أيكون المؤمن بخيلاً؟ فقال: ((نعم)) فقيل له: أيكون المؤمن كذاباً؟ فقال: ((لا)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الصدق والكذب

الصدق هو الكلام المطابق للواقع، والكذب المخالف للواقع، هذا الأصل فيه، وقد يكون مطابقاً للواقع وهو كذب، حقيقة شرعية، يعني كما جاء في تكذيب العراف والكاهن، وتكذيب القاذف، هو كاذب، وإن طابق كلامه الواقع؛ لعدم استكمال النصاب، والكاهن والعراف وإن صدق فيما يقول لكنه كاذب حقيقة شرعية؛ لأن بعض الناس يقول: لا يمكن أن أدفع التصديق عن نفسي وهو كلامه مطابق للواقع، نقول: لا بد أن تدفع التصديق، أن تقول: أنت كذبت ولو طابق الواقع، وهذه حقيقة شرعية، أما الأصل في الكلام أنه إما صدق وإما كذب، ولا واسطة بينهما عند أهل السنة، ويرى المعتزلة أن هناك واسطة كلام ليس بصدق ولا كذب، والصدق والكذب يعني مخالفة الواقع أو مطابقة الواقع بغض النظر عن القصد، فيكون كذاباً لو أخطأ، لكن الفرق بينهما أن هذا يلام عليه، ويؤاخذ به إذا كان عن قصد، وذاك لا يؤاخذ به إذا كان عن غير قصد.

قال: "حدثني مالك عن صفوان بن سليم أن رجلاً قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أكذب امرأتي" يعني أكذب عليها، أعدها ولا أفي، إذا اشتريت لها شيئاً أزيد في قيمته، اشترى هذا القماش بمائة قال: بخمسمائة، وقس على هذا "قال: أكذب امرأتي" يعني أكذب عليها يا رسول الله؟ "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا خير في الكذب))" كره الكلمة، الأصل في الكذب أنه لا خير فيه، كما قال: ((أكره العقوق)) لما سئل عن العقيقة، نفس الكلمة مكروهة، مادتها مكروهة "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا خير في الكذب)) فقال الرجل: يا رسول الله أعدها وأقول لها؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا جناح عليك))" لأن النساء جبلن على كثرة المطالب، ولا تتخلص منها إلا بمثل هذا أحياناً، يعني في ظرف لو تقول لها: لا، ما عندي استعداد مشكلة، تقوم مشكلة لا تسكن، والمشاكل لا تعد ولا تحصى بين الزوجين، فينتهي من هذا الظرف الذي يعيش فيه بمثل هذا، وتنحل فيما بعد، يعني تهدأ فيما بعد، وتراجع نفسها، والآن في هذا الظرف لا يمكن مناقشتها، في ظرف ثاني يمكن مناقشتها، فالمرأة لو لم يسلك معها هذا المسلك ما يمكن تعيش مع زوجها عيشة تضمن الاستمرار.

طالب:......

بس عاد لا يزيد زيادة فاحشة، على أنها تعرف هي يعني ما هي...

يعني من الطرائف شخص اشترى قماش لزوجته المتر بعشرة دراهم من الإمارات، وهو من أهل هذه البلاد، فجاء به فقالت زوجته: بكم هذا؟ قال: المتر بمائة درهم، ولا يوجد عندنا، ودته الخياط، وفصل ولبس في مناسبة في زواج، وكل من رآه ما شاء الله إيش هذا القماش؟ قالت: هذا من الإمارات، المتر بمائة درهم، وجاءت بوصايا كثيرة من النسوة، فلما رأى الدراهم كثيرة، وما يمكن إذا كذب على زوجته ما يمكن يكذب على الناس، فقال لها: ما دام -الحمد لله- أعجبك وأعجب النساء المتر بعشرة دراهم، فدعت عليه، قالت دعت عليه بكلام شنيع وقبيح، وقالت: إنك خجلتها بين الناس، تلبس الشيء الرديء، وهو معجب للناس كلهم، قال: رجعي الدراهم على أهله، ما يمكن نشتري هذا، فصار بدلاً من أن يكون أطيب شيء صار أردأ شيء، تبعاً لقيمته، فمثل هذه الأمور لا شك أنها تمشي الأمور، لكن إذا أريد حقيقة الأمر لا بد من المصارحة، يعني إذا دخل طرف ثالث لا يجوز الكذب عليه، هذا لا بد أن ينكشف الأمر.

"فقال: ((لا جناح عليك))" هل يدخل في حكم المرأة الولد مثلاً؟ الولد يحتاج إلى شيء، وقد يكلف الأب يحتاج إلى شيء نظيره مع زملائه وقيمته غالية، فيحضر بثمن مناسب لحاله ويقول: اشترينا لك بكذا، بعضهم يسلك التورية، يصرف الريال، يعني إذا كان بخمسة ريال، وعشرة ريال، قال: بمائة أو مائتين، يعني قرش، قال: بمائة إذا كان بخمسة، أو بمائتين يوري في مثل هذا ليسلم فالأمر في التورية أمرها واسع، لا سيما إذا كان فيها تخلص من غير حق، يعني ما هو مطالب أن يشتري له بمائة، والله ظروفه لا تحمل المائة مثلاً، فيشتري له رخيص ويقول: بمائة، بعضهم يسلك مثل هذا، وهو مخرج حسن أحسن من الكذب الصريح، وليس الولد مثل المرأة.

طالب:......

مقام إبراهيم، ذكرنا هذا في درس.

طالب:......

قلنا: هذا لمقام إبراهيم، يعني عد كذب وليس بكذب.

طالب:......

إلا فيه، مائة قرش صحيح، صحيح هو بألف ليرة مثلاً، خليه يقول: ألف، أو مائة ألف ريال يمني أو تركي، أو شيء من العملات الـ...

طالب:......

أيش هو؟

طالب:......

((لا خير)) جاء من طريق دلالة على جواز الكذب على المرأة، ما في إشكال.

قال: "وحدثني مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- كان يقول: عليكم بالصدق" إغراء، "عليكم بالصدق فإنه يهدي إلى البر" هذا الحديث مرفوع، هنا وقفه على ابن مسعود، وهو في الحقيقة مرفوع "فإن الصديق يهدي إلى البر" البر الجامع لأبواب الخير كلها "والبر يهدي إلى الجنة، وإياكم والكذب" تحذير من الكذب "فإن الكذب يهدي إلى الفجور" الذي يجمع أبواب الشرور "والفجور يهدي إلى النار، ألا ترى أنه يقال: صدق وبر" يعني يعطف الشيء على نظيره، البر عطف على الصدق "وكذب وفجر" والشيء يعطف على نظيره، فالفجور يعطف على الكذب، ولا شك أن الأمور قد تكون مقدماتها خفيفة، ثم يعاقب بما هو أشد منها، فيقع فيه، ثم يعاقب بالأعظم {ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} [(61) سورة البقرة] عوقبوا بأي شيء؟ نعم؟

طالب:......

نعم؟

طالب:......

لا، آية البقرة؟

طالب:......

نعم {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ} [(61) سورة البقرة] نعم، {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} [(61) سورة البقرة] والمقدمة الأخيرة، المقدمة الأولى صارت الآخر، يعني {بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ} [(61) سورة البقرة].

طالب:......

لا، لا أنا أبي آية البقرة.

طالب:......

المقصود أن كل ذنب رتب على ما قبله، فكونهم كفروا سببه أنهم كانوا قبل ذلك عصوا وكانوا يعتدون، عوقبوا بما هو أعظم الذي هو الكفر، فكانت النتيجة النهاية أنهم غضب الله عليهم... إلى آخره.

المقصود أن الذنب قد يكون صغير، ثم بعد ذلك يعاقب بما هو أعظم منه، ثم يعاقب بأن يخرج من الدين بالكلية.

"إياكم والكذب فإنه يهدي إلى الفجور" الآن كذب، تجد الإنسان يتساهل بالكذبة والكذبتين، ثم بعد ذلك يكون الكذب خلق له كما سيأتي.

قال: "وحدثني مالك أنه بلغه أنه قيل للقمان: ما بلغ بك ما نرى" يريدون الفضل "فقال لقمان: صدق الحديث وأداء الأمانة" والكذب من علامات النفق ((إذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان)) "وترك ما لا يعنيني" ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)).

قال: "وحدثني مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يقول: لا يزال العبد يكذب وتنكت في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه كله" يعني كما تعرض المعاصي على القلوب، وتعرض البدع على القلوب، فإذا أحبها وأشربها، وتتابعت عليه أسود قلبه، -نسأل الله السلامة والعافية-، وتنكت في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه، تجتمع هذه الأمور حتى يسود، فيكتب عند الله من الكاذبين.

قال: "وحدثني مالك عن صفوان بن سليم أنه قال: قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أيكون المؤمن جباناً؟ قال: ((نعم))" لأنه جبل على حب البقاء، والشجاعة لا شك أنها موردة، قد يقتل بسببها.

"قال: ((نعم)) فقيل له: أيكون المؤمن بخيلاً؟" لأنه جبل على حب المال "فقال: ((نعم)) فقيل له: أيكون المؤمن كذاباً؟ فقال: ((لا))" لماذا؟ لأنه لم يجبل على الكذب، جبل على حب البقاء، جبل على حب الدنيا، جبل على حب المال ((يشب ابن آدم ويشب منه خصلتان حب الدنيا وطول الأمل)).

الرجل يكذب ويتحرى الكذب، ثم بعد ذلك يكون له سجية، فلا يزال يكذب حتى يكتب عند الله كذاباً، لكن على الإنسان أن يلزم الصدق، وبعض الناس قد يكذب لا لمصلحة، إنما اعتاد هذا الأمر، صار عنده الصدق والكذب سواء، ثم ترجح عنده الكذب فصار هو ديدنه، نسأل الله العافية.

طالب:......

يعني اللي سبق؟

طالب:......

إيه معروف، هذا معروف ما في إشكال -إن شاء الله-.

طالب:......

يعني يكذب على امرأته فيما لا يتعلق بها، يعني يكذب عليها أنه فعل وترك وشجاع وفعل...، لا، لا ما ينفع هذا، يكذب عليها فيما يتعلق بها، أما ما لا يتعلق بها فهي كغيرها.

طالب:......

هذا أمره سهل إذا كان يتعلق بها، لكن لو وصف نفسه بأوصاف أو بأفعال أو كذا ليست صحيحة مثل غيرها، لكن مثل هذا يعني ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن)) لكن قد تدعوه شهوته وغريزته إلى شيء من ذلك ثم يثوب ويعود ويتوب أو لا يتوب فيعاقب به، هذا لا يخرجه من...، نعم؟

طالب:......

فيما يوافق ما يجوز أن يكذب عليها به، يعني يحرجها في أمور لا تستطيعها، فيقول: أنت مثلاً لا تعرفين الطبخ مثلاً، ثم تقول: لا، أنا أطبخ كذا، أو طبخت كذا، أو فعلت هكذا عند أهلي، أو...، يعني تتخلص منه مثلما يتخلص منها، يعني إذا عرفنا السبب والعلة التي يدور عليها الحكم تعدت، نعم.

أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في إضاعة المال وذي الوجهين

حدثني عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله يرضى لكم ثلاثاً، ويسخط لكم ثلاثاً، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم)).

تنَاصحوا وإلا تُناصحوا؟

طالب: إيه فتحها يا شيخ.

إيه عندنا فتحها، لكن معناها؟

طالب: إيه تُناصحوا.

((وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، ويسخط لكم قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال)).

وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه)).

نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في إضاعة المال وذي الوجهين

وذو الوجهين، المال هو مال الله، وصاحبه مؤتمن عليه {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [(33) سورة النــور].

قال -رحمه الله-: "حدثني مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه أبي صالح السمان ذكوان عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله يرضى لكم ثلاثاً، ويسخط لكم ثلاثاً))" ذكرنا مراراً أن ذكر العدد يفيد، يعني لو قال: إن الله يرضى لكم أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا... إلى آخره من دون ثلاثاً، فحفظها الإنسان وأراد استذكارها قد ينسى منها شيء، لكن إذا كانت ثلاث وثلاث حسب بأصابعه واحد اثنين ثلاثة، واحد اثنين ثلاثة، إذا نسي شيء لا بد أن يراجع.

قال: ((إن الله يرضى لكم ثلاثاً، ويسخط لكم ثلاثاً، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً)) وهذا مع كونه مرضي هو فرض، بل لا يصح الإسلام إلا به ((وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً)) يعني: ولا تفرقوا، بحبل الله بكتابه بدينه ((وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم)) ولي الأمر له من الحقوق ما تقدم تجب طاعته و((الدين النصيحة)) قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم)) فهو أولى الناس بالمناصحة، وهذا لا يعني كونه يناصح أو كونه ينبه لا يعني هذا نزع اليد من الطاعة، أو أن هناك تعارض بينهما، ولذا جاء الجمع بينهما في حديث عبادة بن الصامت: "بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، على أن نقوم أو نقول بالحق، لا نخاف في الله لومة لائم" لكن بالأسلوب الذي يحقق المصلحة، ولا يترتب عليه مفسدة؛ لأن شأن النصيحة، وشأن الإنكار أمره مقرر عند أهل العلم، ألا يغير بمنكر أعظم منه.

قال: ((وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم)) المناصحة لا بد منها، وإذا لم يناصح ولم يبين له كيف تستقيم الأمور إذا كان الديدن غشه بالثناء الكاذب، هذا أهل العلم يؤكدون على مثل هذا، أنه من الغش لولي الأمر أن يثنى عليه ثناءً كاذباً أنت فعلت وتركت، وما أدري ويش؟ ويغطى عنه الجانب الآخر، بل العكس نصيحته هي التي تنقذه من عذاب الله -جل وعلا-، وتنقذ غيره، فالنصح لا بد منه، لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في الأسلوب الحصري قال: ((الدين النصيحة)) لكن بالشرط الذي اتفق عليه أهل العلم، لا يترتب على ذلك مفسدة أعظم، إذا ترتب على ذلك مفسدة أعظم ما حققت النصيحة ولا حققت الأمر والنهي الفائدة المرجوة منه.

قال: ((ويسخط لكم قيل وقال)) يعني كثرة الكلام، قيل كذا، وقال فلان كذا، وكفى بالمرء إثماً أو كذباً أن يحدث بكل ما سمع، تجد الإنسان يفرح بأي خبر من أجل أن يروج به، وينفق، وتتسع له مجالس الناس، إذا جلس والله فلان -ما شاء الله- يسولف ما شاء الله، وعنده أخبار، وعنده علوم، وتجد فلان يلزم عليه، وأنت من المبطئين ما شفناك، وأنت ما سيرت، وتجده من مجلس لمجلس من أجل إيش؟ أنه قيل وقال، كأنه إذاعة، ما يسكت أبد، ولو يقول: لا إله إلا الله من دون أن يتعرض لهم بشيء استثقلوه، إذا كان هذه عادته، وهو مرغوب من أجل هذا، فكيف إذا أنكر عليهم شيئاً يكرهونه، والحق ثقيل على النفوس، يمكن ما يدعى مرة ثانية.

((ويسخط لكم قيل وقال)) وفي هذا الحديث صفتي الرضاء والسخط لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته ((يسخط لكم قيل وقال)) هذا في المباح، فكيف بالحرام؟ ((وإضاعة المال)) أنت مؤتمن على هذا المال، ليس لك، بل هو مال الله، لا يجوز لك أن تضيعه، ولا تؤتيه السفهاء ((وإضاعة المال، وكثرة السؤال)) كثرة السؤال فيما لا يعني، في أمور الدين، في أمور الدنيا، سؤال عن أمور غيبية، سؤال تعنيت، سؤال إحراج، سؤال عن أمر لا يمكن أن يقع يدخل في هذا، وإلا السؤال الذي وراءه الفائدة جاء الأمر به {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [(43) سورة النحل].

قال: "وحدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من شر الناس ذو الوجهين))" معنى ذو الوجهين أنه له وجه يقابل به فئة، وله وجه آخر يختلف تماماً يقابل به فئة أخرى.

قال: "((الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه))" تجده إذا جلس مع الأخيار من خير الناس، وإذا جلس مع الأشرار من شر الناس، وإذا جلس مع الناس العاديين صار مثلهم، كل هذا ليمشي مع جميع الناس، ومع جميع الطبقات.

المسلم عليه أن يكون مستقيماً على الصراط المستقيم ظاهراً وباطناً، رضي من رضي، وغضب من غضب، تجد بعض الناس إذا كان في مجالس يعني فيها توسع توسع أكثر من العامة، وهو في الأصل طالب علم، بحيث يتسع له مجالسهم، إذا جلس مع العباد والزهاد تجده مطأطئ الرأس كأنه أزهد الناس، وإذا جلس مع الأشرار بادرهم بالأخبار، وجاذبهم الحديث، وتوسع معهم هذا ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه، لكن لو جلس مع الأخيار مثل مجلسه السابق مع الأشرار طردوه، وإذا جلس مع الأشرار مثلما يجلس مع الأخيار استثقلوه، ولا دعوه، ويمكن يتضايقون، ويمكن يلمحون، وأحياناً يصرحون أن مجالسهم لا تتسع له، فيحتاج إلى أن يداهن هؤلاء، ويداهن هؤلاء، ويمشي مع هؤلاء على شان إيش؟ تنفق سوقه، هذا هو ذو الوجهين نسأل الله العافية، نعم؟

طالب:......

هذا في المداراة لا في المداهنة، فرق بين المداراة وبين المداهنة، المداراة ما تتنازل فيها شيء أبداً، المداهنة لا بد أن تتنازل إما بترك واجب، أو فعل محظور {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [(9) سورة القلم] أما بالنسبة للمداراة هذه ما فيها إشكال، هذه علاج، الداعي لها التأليف، كما يعطى من الزكاة ينال له الكلام، ومع ذلك قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إن شر الناس من تركه الناس اتقاء شره)).

طالب:......

لو قال: باب ما جاء في إضاعة المال وسكت، قلنا: ما العلاقة؟ ويش دخل الحديث الثاني؟ لكن الترجمة من شقين، شق له هذا وشق له هذا، ما في إشكال، نعم؟

طالب:......

لا؛ لأن مثل هذا في الغالب أولاً: يدرس وضع ولي الأمر إذا كان ممن يتقبل الحق ممن جاء به، والأصل السر هو الأصل، وهو أقرب إلى الإخلاص، هذا مفروغ منه، يعني وقع من أبي سعيد، ووقع من بعض الصحابة يعني علناً؛ لأن القلوب تتقبل مثل هذا، الآن لو تبي تنصح أعلم الناس عالم زاهد عابد تبي تنصحه ما قبل، يعني القلوب تغيرت، والمسألة مسألة تحقيق مصلحة ودرء مفسدة، المسلم بصدد تحقيق مصلحة ودرء مفسدة، فإذا كانت المصلحة تتحقق بمثل هذا فما الداعي إلى غيره؟!

طالب:......

وين؟

طالب:......

القلوب تتقبل، عمر ينكر عليه على المنبر، أبو بكر ينكر عليه، القلوب تتقبل ليش؟ لأن الحق هو رائد الجميع، الآن لو تشوف أعلم الناس، وأزهد الناس مشكلة الآن القلوب تغيرت ما تتحمل مثل هذه الأمور، وبعض الناس ما يقبل ولو كان من أهل العلم النصيحة ولو سراً، ولذلك جاء في...، مر عليكم في المصطلح لا تسدي لإيش؟ لمتكبر أو شيء من هذا أو مغرور لا تسدي له نصيحة، يستفيد منك علماً ويتخذك عدواً، هو بيغير هذه النصيحة فيستفيد منها، لكن هو بيتخذك عدو، مع أن المفترض أنك تسدي لكل أحد نصيحة، النصح لكل مسلم "بايعنا رسول الله... والنصح لكل مسلم" كما في حديث جرير بن عبد الله، نعم؟

طالب:......

هو ينظر إلى الظرف المناسب، قد لا يحتمل الشيخ ولا سؤال بعد الدرس، يطول الدرس، وتكثر المناقشات وكذا خلاص انتهى، لكن إذا كان مثلاً انتهى الدرس وبقي وقت يستغل هذا الوقت بأسئلة، إذا كان نفسية الشيخ منشرحة، ولا يحتاج إلى بيته مثلاً، إلى دورة، أحياناً يحتاج إلى الدورة، وتجد بعض الإخوان -ما شاء الله- يمشي معه إلى الباب ويمسكه ويلح، لكن ما زالوا بفلان وهو من...، بعض المحدثين قالوا: كان فلان أحسن الناس خلقاً، فما زالوا به حتى صار أسوأ الناس خلقاً، ومر بنا في آداب طالب الحديث ألا يضجر الشيخ، يعني يرفق به؛ لأنه إنسان عادي مثل الناس، يعني تركيبته مثل الناس العاديين، لكن أيضاً بالمقابل عليه أن يبذل، وعليه أن يجيب، فكل مخاطب بما يليق به.

أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في عذاب العامة بعمل الخاصة

حدثني عن مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم إذا كثر الخبث)).

وحدثني عن مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز يقول: "كان يقال: إن الله -تبارك وتعالى- لا يعذب العامة بذنب الخاصة، ولكن إذا عمل المنكر جهاراً استحقوا العقوبة كلهم".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في عذاب العامة بعمل الخاصة

عموم الناس ولو لم يفعلوا المعاصي، يعني إنما فعله بعضهم وسكت الباقون، أو أنكر بعضهم وسكت بعضهم على ما جاء في آية الأعراف؛ لأن من الناس من يفعل المعاصي، ومنهم من ينكر، ومنهم من يسكت، الذين أنكروا {أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ} والذين فعلوا المعاصي {وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} [(165) سورة الأعراف] فماذا عن الذين سكتوا؟ ابن عباس يقول: سكتوا فسُكت عنهم، فهل نجوا وإلا أخذوا؟ نعم؟

طالب: أخذوا؟

أخذوا، لماذا؟ لأنهم عصاة؛ لأنهم تركوا فريضة من فرائض الإسلام، وهي الأمر والنهي، هذا الذي يظهر من القواعد العامة، ومن النصوص الأخرى، لكن مقتضى بعضهم أنا أخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس فقط، التنصيص عليهم يدل على أن من عاداهم سلم.

على كل حال الساكت مع إمكانه أن ينكر بيده أو بلسانه لن ينجو؛ لأن بني إسرائيل إنما لعنوا بتركهم الإنكار، {كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ} [(79) سورة المائدة] فاستحقوا اللعن، ومسخوا قردة وخنازير؛ لأنهم فعلوا المنكر علناً، ولم ينكر بعضهم على بعض، والذين أنكروا نجوا.

قال: "حدثني مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم إذا كثر الخبث))" الحديث في البخاري من حديث زينب بنت جحش، وهذا أنزل حديث في صحيح البخاري، يعني تساعي الحديث، وما عنده تساعي إلا هذا الحديث، والحديث فيه طول عند البخاري: ((ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح من ردم يأجوج ومأجوج...)) إلى أن قالت: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: ((نعم إذا كثر الخبث)).

يعني رأينا ما يسر -ولله الحمد- من إقبال الناس على الالتزام، وكثرة طلاب العلم، وطلب العلم على الجادة، العناية بالكتاب والسنة، وكثرة أهل الاستقامة والخير والفضل، يعني في صفوف جميع الفئات من الكبار والصغار رجال ونساء، هذا شيء لا شك أنه يسر، هذا شيء يشرح النفس، لكن إذا نظرنا في المقابل أسواق المسلمين تعج بالمنكرات، فكثر الخبث، فيخشى من مثل هذا نعم إذا كثر الخبث، ولو كثر الصالحون، إلا إذا وجد من يرفع التبعة عن البقية ممن يأمر وينهى ممن يحصل به سقوط فرض الكفاية.

قال: "وحدثني مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز يقول: "كان يقال: إن الله -تبارك وتعالى- لا يعذب العامة بذنب الخاصة" يعني إذا كانت الخاصة في بيوتهم يفعلون المنكرات الله -جل وعلا- لا يعذب العامة بسببهم، لكن إذا عُمل المنكر جهاراً استحقوا العقوبة كلهم؛ لأنهم مذنبون كلهم، هذا مذنب بمباشرة المنكر، وذاك مذنب بترك الإنكار، فيستحقون حينئذٍ العذاب، نعم.

أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في التقى

حدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: سمعت عمر بن الخطاب وخرجت معه حتى دخل حائطاً فسمعته وهو يقول وبيني وبينه جدار وهو في جوف الحائط: عمر بن الخطاب أمير المؤمنين بخ بخ، والله لتتقين الله أو ليعذبنك.

قال مالك -رحمه الله-: وبلغني أن القاسم بن محمد كان يقول: أدركت الناس وما يعجبون بالقول.

قال مالك: يريد بذلك العمل إنما ينظر إلى عمله، ولا ينظر إلى قوله.

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في التقى

التقى التلبس بالتقوى، التقوى هي وصية الله -جل وعلا- للأولين والآخرين، وجاء الأمر بها في نصوص كثيرة.

قال: "حدثني مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: سمعت عمر بن الخطاب وخرجت معه" يعني والحال أني قد خرجت معه "حتى دخل حائطاً، فسمعته وهو يقول وبيني وبينه جدار" يخاطب نفسه، وهو في جوف الحائط "عمر بن الخطاب أمير المؤمنين" يخاطب نفسه "بخ بخ" استحسان أنه أمير المؤمنين، لكن ما بعد ذلك؟ يعني في أمور الدنيا ماشي، مستحسن أمير المؤمنين، لكن العاقبة: "والله لتتقين الله أو ليعذبنك" سواءً كنت أمير المؤمنين وإلا أسفل سافلين من طبقات الناس، إن لم تتق ليعذبنك الله، والله لتتقين الله، ولو كنت عمر بن الخطاب، أو ليعذبنك، يعني التقوى تحصل بترك المحظورات، وفعل المأمورات، يعني الذي لا يترك المحظورات، ولا يفعل المأمورات هذا لا شك أنه معرض نفسه لعقوبة الله، ولو كان من كان، ولا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى.

"قال مالك: وبلغني أن القاسم بن محمد كان يقول: أدركت الناس" القاسم بن محمد من فقهاء التابعين السبعة، ويريد بالناس الصحابة الذين أدركهم.

أدركت الناس وما يعجبون بالقول، يعني تكلم ما تتكلم لا فرق، لكن العبرة بالعمل؛ لأن كثير من الناس يتكلم، فإذا سمعت كلامه أعجبت به، لكن إذا عرضته إلى عمله وجدت فرق كبير، أدركت الناس وما يعجبون بالقول، القول إذا لم يكن له رصيد من الواقع لا قيمة له.

"قال مالك: يريد بذلك العمل" العبرة بالعمل "إنما ينظر إلى عمله ولا ينظر إلى قوله" فإن كان القول مطابق للعمل فبها ونعمت، وإلا فالمعول على العمل، والله -جل وعلا- إنما ينظر إلى القلوب والأعمال، لا ينظر إلى الصور والأبدان والأجسام والمظاهر هذه كلها لا تعدل شيئاً، ويؤتى بالرجل السمين يوم القيامة فلا يزن عند الله جناح بعوضة، نعم.

أحسن الله إليك.

باب: القول إذا سمعت الرعد

حدثني عن مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: سبحان الذي يسبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته، ثم يقول: إن هذا لوعيد لأهل الأرض شديد.

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: القول إذا سمع الرعد

يعني ماذا يقول إذا سمع الرعد؟ ليس فيه حديث مرفوع ثابت، إنما يذكر عن عبد الله بن الزبير، وهنا في الباب عن ابنه عامر.

قال: "حدثني مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث، وقال: سبحان الذي يسبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته" هذا مأثور عن ابن الزبير نفسه عبد الله بن الزبير، وهنا عن عامر ابنه، ثم يقول: "إن هذا لوعيد لأهل الأرض شديد" الرعد لا شك أنه مخيف، يخوف الله به عباده، وقد يصاحبه ما يصاحبه مما يحصل به الضرر، فلا شك أنه مثار للخوف، فعلى الإنسان أن يوجل إذا سمع هذا الرعد إلا إذا تبعه المطر فإنه يسر عن الإنسان، نعم؟

طالب:......

بالنسبة للموقوف على الصحابي قد يكون استنباط، يعني أن هذا الكلام مناسب، وهو وارد في القرآن، نعم استنباط منه مناسب للظرف، ولا يلزم أن يكون مرفوعاً، ليس هذا مما لا يدخل الاجتهاد، يقولون: من باب الاستنباط، نعم؟

طالب:......

كلها مخيفة.

طالب:......

ما أعرف، كل شيء يخصه من هذه الأدعية إلا ما جاء في مثل هذا، نعم؟

طالب: دعاء رؤية الهلال؟

هذا مذكور يعني في كتب الأذكار، وذكره شيخ الإسلام في الكلم الطيب، وذكره النووي وغيره، لكن فيه كلام، بعضهم يثبته لطرقه، نعم.

أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في تركة النبي -صلى الله عليه وسلم-

حدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- حين توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أردن أن يبعثن عثمان بن عفان إلى أبي بكر الصديق فيسألنه ميراثهن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت لهن عائشة: أليس قد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا نورث ما تركنا فهو صدقة))؟

وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يقتسم ورثتي دنانير، ما تركت بعد نفقة نسائي، ومئونة عاملي فهو صدقة)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في تركة النبي -صلى الله عليه وسلم-

التركة ما يتركه الميت من مال ونحوه، هذه تركة، فهي بمعنى متروكة.

قال: "حدثني مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- حين توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ولا خبر عندهن من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا نورث)) "أردن أن يبعثن عثمان بن عفان إلى أبي بكر الصديق" لأنه هو الذي تولى الأمر بعده -عليه الصلاة والسلام- "فيسألنه ميراثهن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت لهن عائشة" التي سمعت ما لم يسمعن، وحفظت ما لم يحفظن "فقالت لهن عائشة: أليس قد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا نورث ما تركنا فهو صدقة))؟" فالأنبياء لا يورثون، وليس همهم جمع الدنيا، حتى قال -عليه الصلاة والسلام-: ((ما يسرني أن لي مثل أحد هذا ذهباً تأتي علي ثالثة وعندي منه دينار إلا دينار أرصده لدين إلا أن أقول به هكذا وهكذا وهكذا)) فالأنبياء ما بعثوا جباة، ولا بعثوا مكتسبة مرتزقة يجمعون الأموال، إنما بعثوا لتبليغ الدين، والحرص على هداية الناس، ولذا لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، إنما ورثوا العلم، فالوارث الحقيقي للنبي هو العالم، وكل له نصيبه ممن يسعى ويجتهد مخلصاً لله -جل وعلا- من هذا الإرث، أما بالنسبة للأموال وحطام الدنيا فلا يورث النبي، وأما قول زكريا: {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي} [(5-6) سورة مريم] فالمراد به ميراث النبوة، لا ميراث المال.

قال: "وحدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يقتسم ورثتي دنانير))" يعني أي شيء من أمور الدنيا، لا دنانير ولا دراهم ولا عقار ولا بيوت ولا رباع ولا غيره ((لا يقتسم ورثتي دنانير، ما تركت بعد نفقة نسائي، ومئونة عاملي فهو صدقة)) يعني يتصدق به؛ لأنه لا يورث، والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

"
يقول: الوليد بن عبد الله بن صياد، ذكره ابن حبان في الثقات في أتباع التابعين.

أتباع التابعين في الرابعة أو في التابعين؟ هاه؟
طالب:......
الثقات لابن حبان، الأول الصحابة، نعم، في أتباع التابعين في الرابعة.
قال: يروي عن المطلب بن حنطب روى عنه مالك بن أنس.
قال ابن حجر في التعجيل: روى عن المطلب بن حنطب أنه أخرجه، وهذا الحديث، قال: لم يترجم ابن عبد البر للوليد هذا، أما ابن الحذاء فقال في الموطأ: هو أخو عمارة، قال: ولم يقع ذكره في تاريخ البخاري، ولا في كتاب ابن أبي حاتم، ولكن ذكره ابن حبان في الطبقة الثالثة من الثقات، ولم يزد على ما في الموطأ.
يقول: وكان أصغر من عمارة، فإن عمارة مذكور في التابعين، له سماع من جابر.
لكن ما بين لنا أنه...
لا، لا، جاءنا من الإخوان من قال: عمارة هذا ابن عبد الله بن صياد الذي اتهم بأنه الدجال.
طالب:......
لا أنا ما يهمني هو ثقة أو ليس بثقة، يهمني أنه هل هو لعبد الله بن صياد الذي اتهم بأنه الدجال وإلا لا؟
طالب:......
ما ذكر هنا.
طالب:......
إيه هذا هو اللي يهمنا إحنا.

يقول: بعض الإخوة هداهم الله يؤخر الكتب من على الأرض.

يعني أنه يرفع الكتاب الذي حجز صاحبه المكان له بكتابه.
يقول: ثم يتقدم مع العلم أننا سبقناه إلى المكان، وإذا رجعنا بعد النافلة تحرجنا أن نكلمه.
على كل حال الذي في داخل المسجد له أن يحجز، الذي يريد أن يتكأ على جدار ويحجز في الصف الأول له ذلك، المقصود أنه لا يجوز أن يحجز مكان ويتحجر مكان وهو خارج المسجد، اللهم إلا إذا تقدم إلى مكان ثم خرج من المسجد ليعود إليه قريباً، يعني يحتاج للدورة، يحتاج شيء، يعود قريباً لا بأس، لا بأس أن يحجز مكان.

يقول: ذكرتم في الدرس قبل الماضي في باب: ما جاء في المشرق أن المقصود به العراق لرواية الطبراني، ولكني وقفت على كلام لشيخ الإسلام في الفتاوى في المجلد الرابع.

ثم ذكر أنه يراد بالمشرق ما هو أعم من ذلك، هذا الكلام صحيح، كل ما كان شرق مكة أو شرق المدينة فهو مشرق، هذا في الكلام العام، لكن المقصود به في هذا الحديث تبينه الروايات الأخرى، رواية الطبراني تبين المراد به في هذا الحديث.