بلوغ المرام - كتاب الجنايات (1)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام: كتاب الجنايات عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد ألا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة» متفق عليه وعن عائشة رضي الله تعالى عنها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يحل قتل مسلم إلا في إحدى ثلاث خصال زانٍ محصنٍ فيرجم ورجل يقتل مسلمًا متعمدًا فيُقتل ورجل يخرج من الإسلام فيحارب الله ورسوله فيُقتَل أو يصلب أو ينفى من الأرض» رواه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم وعن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء» متفق عليه وعن سمرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «من قتل عبده قتلناه ومن جدع عبده جدعناه» رواه أحمد والأربعة وحسنه الترمذي وهو من رواية الحسن البصري عن سمُرة وقد اختُلف في سماعه منه وفي رواية أبي داود والنسائي «ومن خصى عبده خصيناه» وصححه الحاكم وصحح الحاكم هذه الزيادة وعن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا يقاد الوالد بالولد» رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وصححه ابن الجارود وصححه ابن الجارود والبيهقي وقال الترمذي إنه مضطرب وعن أبي جحيفة رضي الله تعالى عنه قال قلت لعلي رضي الله تعالى عنه هل عندكم شيء من الوحي غير القرآن قال لا والذي فلق الحبة وبرأ النِّسْمة.

النَّسَمة النَّسَمة.

أحسن الله إليك عندنا بالكسر.

لا والذي برأ الحبة وبرأ النَّسَمة إلا فهم يعطيه إلا فهم يعطيه الله رجلاً في القرآن وما في هذه الصحيفة قلت وما في هذه الصحيفة قال العقل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر رواه البخاري وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي من وجه آخر عن علي رضي الله تعالى عنه وقال فيه المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم ولا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده وصححه الحاكم وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن جارية وجد رأسها قد رُضّ بين حجرين فسألوها من صنع بكِ هذا فلان فلان حتى ذكروا يهوديًّا فأومأت برأسها فأُخذ اليهودي فأقَرّ فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يُرض رأسه بين حجرين متفق عليه واللفظ لمسلم وعن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنهما أن غلامًا لأناس فقراء قطع أُذُن غلام لأناس أغنياء فأتوا النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يجعل لهم شيئًا رواه أحمد والثلاثة بإسناد صحيح وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله تعالى عنهما أن رجلاً طعن رجلاً بقرن في ركبته فجاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال أقدني فقال «حتى تبرأ» ثم جاء إليه فقال أقدني فأقاده ثم جاء إليه فقال يا رسول الله عرجت فقال «قد نهيتك فعصيتني فأبعدك الله وبطل عرجك» ثم نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقتص من جرح حتى يبرأ صاحبه رواه أحمد والدارقطني وأعل بالإرسال.

حسبك.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف رحمه الله تعالى في الربع الرابع من أرباع الكتاب كتاب الجنايات الفقهاء ومن يكتب في فقه السنة وفقه الحديث يمشون على طريقة الفقهاء في تقسيم الكتب كتب الفقه وما في حكمها من كتب أحاديث الأحكام إلى أربعة أقسام أربعة أرباع العبادات الربع الثاني المعاملات في الربع الثالث المناكحات وما يسمى في عرف المعاصرين الأحوال الشخصية والربع الأخير الجنايات هذا الربع محل عناية من أهل العلم وإن كان وإن كانت الحاجة إليه ليست مثل الحاجة إلى العبادات لأن العبادات هي وظيفة كل مسلم العبودية لله جل وعلا هي الهدف الذي من أجله خلق الله الجن والإنس الذاريات: ٥٦  المعاملات أيضًا الناس قاطبة بحاجة إليها فلا يتسنى لأحد بيد غيره شيء بيد غيره إلا عن طريق المعاملة وأما بالنسبة للمناكحات فالحاجة إليها أيضًا داعية وماسة وهي سبب بقاء النوع الإنساني ثم الجنايات وهذه يحتاج إليها لما جُبل عليه الناس عمومًا من الأثرة للنفس والتعدي على حقوق الآخرين بحيث يكون جبلة لكل أحد لولا ما يردعه من دينٍ يتَّصف به المرء أو من عقوبة حُددت من قبل الشارع ولذا جاء الدين بحفظ النفس والطرف ولذا أقيمت هذه العقوبات للمخالفين فحفظ النفوس من الضرورات الخمس التي جاءت بها الشرائع سواء كانت النفس الكاملة أو الطرف فيها من ذلك التعدي على حرمات الله مما فيه حد وهو داخل في جملة العقوبات والجنايات ولذا أُدرجت معها يبقى أبواب مثل الأطعمة بعضهم يجعلها بعد الجنايات والحدود وبعضهم يقدمها وعلى كل حال هي من المكملات فحفظ النفوس قلنا إنها من الضرورات الخمس وليست هي كل الضرورات الخمس هي من الضرورات الخمس الشرع شدد في هذا الباب وسيأتينا من الأحاديث ما يدل على أن الشرع أوصد جميع الأبواب الموصلة إلى سفك الدماء إلا بحقها كما في هذا الحديث الحديث الأول مع الأسف أن بعض الناس لا يقيم للنفس وزنًا وهذا لا شك أنه أخلَّ بضرورة من الضرورات التي جاءت الشرائع بحفظها وبالمقابل من الناس من يجعل حفظ النفس كل الضرورات ويغفل عن ضرورة حفظ الدين ويغفل عن ضرورة حفظ العقل ويتساهل في أمر في أمر يُذهب العقول سواء كان إذهابًا مؤقتًا أو دائمًا مستمرًا ويغفل عن ضرورة من الضرورات وهي حفظ النسل والأعراض تجده يتساهل يعني إذا شخص أضاع شيئًا من دينه لا يتحرك منه ساكن وإذا انتُهكت أو انتُهك عرض من أعراض المسلمين ما تحرك منه ساكن كل هذه الضرورات شرب الخمر والمُسكرات والمخدرات لا يؤثر فيه وعند ذلك إذا انتُهك ضرورة من الضرورات تجده غير الأمور التي يتساهل فيها تقوم قيامته ولا تقعد ومعه حق لأن هذه ضرورة من الضرورات التي جاءت الشرائع بحفظها ولذلك تجدون من يكتب بعض الكتابات السيئة ويرمي المتدينين بما يرميهم به من تطرف ومن تكفير وتفجير وهذا تعميم باطل يعني كم نسبة من يرتكب هذه الأمور بين المتدينين وبين المسلمين عمومًا نسبة لا تكاد تذكر تجده يقول مثلاً اللبرالي ما يفجر العلماني ما يفجر والمتدين يفعل ويفعل هذا الكلام ليس بصحيح يعني وجد ما نسبته واحد من عشرة آلاف أو أكثر تعمم هذه على المسلمين؟! الأمر الثاني أين أنت من الضرورات الأخرى تجد العلماني واللبرالي أخل بضرورات أخرى أين أنت من هذه الضرورات فالعدل لا بد منه ولا يعني هذا التقليل من شأن الجنايات والاعتداء على الناس وإزهاق الأنفس والأرواح هذه أمور يأتينا أنه أول ما يقضى بين الناس في الدماء «ولا يزال المسلم في فسحة من دينه حتى يصيب دمًا حرامًا» النساء: ٩٣  يعني الشرع ما أهمل هذه الأمور             ﭡﭢ الفرقان: ٦٨  أيضًا، فالشرع متكامل والإنسان إذا تحدث في أمر لا يعني أنه يهمل الجانب الآخر أبدا لكن يحز في النفس أن يكون الدين منصب كله على هذه الجهة نعم ينبغي العناية بأمر من الأمور إذا وجد في ظرف من الظروف أو في مكان من الأماكن يعني تجد الناس أمورهم في الدين أو في الديانة وفي التدين ماشية أيضًا عندهم من الحرص على على أعراضهم وعلى عقولهم ما يردعهم أخلوا بهذا الجانب يركز على هذا الجانب لأن النصوص الشرعية علاج لأدواء المجتمعات والأفراد فإذا وجد الخلل في جانب من الجوانب يركز عليه لكن لا على حساب غيره ونجد الخلل في جميع الجوانب يعني نجد في مجتمعات المسلمين من لا يصلي وإذا تُكلم في الموضوع قال الناس أحرار يا أخي التدخل في شؤون الناس الخاصة مشكلة نعم التدخل «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» لكن هذا يعنيك يا أخي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعنيك أنت مكلف به إذًا يعنيك فحفظ الضرورات لا بد أن يكون متكافئًا نعم إذا وجد من يخل أو انتشر أو صار ظاهرة في بلد من البلدان ضرورة من هذه الضرورات دون غيرها تعالج ويركز عليها ويؤكد عليها ووظيفة ولي الأمر بالدرجة الأولى حفظ الأديان حفظ الأنفس أيضًا حفظ العقول حفظ الأعراض هذه وظيفته على كل حال هذا الباب الذي هو كتاب الجنايات من أعظم أبواب الدين وحفظ النفوس ضرورة من الضرورات التي لا يجوز الإخلال بها بحال ولذا لو أُكره شخص على قتل إنسان وإلا يقتل إن لم يقتله قتل لا يجوز له أن يقتل إنسان ولو اقتضى الأمر إلى أن يقتل ما يقول والله أنا مكره لا لا هذا ما يدخله الكراهة لأنه ليس حفظ نفسك أولى من حفظ نفس غيرك فالمسألة في غاية الخطورة والتساهل بها والتهاون بها لا شك أنها زلة عظيمة وهفوة عظيمة جاء في قتل النفوس ما جاء في نصوص الكتاب وصحيح السنة النساء: ٩٣ نسأل الله العافية وأي وعيد أعظم من هذا فعلى كل حال الضرورات معروفة وحفظها من أوجب الواجبات على الأمة بكاملها ولا يجوز التفريط بشيء منها بحال من الأحوال ومع ذلك يحز في النفس أن يكتب ما يدل على التساهل في بعض الضرورات دون بعض، الجنايات الكتاب مر تعريفه مرارًا والجنايات جمع جناية مصدر جنى يجني جناية فهو جانٍ والطرف الآخر مجني عليه الجناية مصدر وتصدق على الكثير والقليل ويُخبر بها عن المفرد والمثنى والجمع وغير ذلك لأنها مصدر وجُمعت هنا نظرًا لتعدد الجنايات كما جمع باب المياه الماء اسم جنس يصدق على الكثير والقليل لكنه يجمع نظرًا لتعدد أنواعه والجنايات تجمع نظرًا لتعدد أنواعها فمنها الخطأ والعمد ومنها جناية النفس جناية الطرف ومنها جناية الحر جناية العبد ولكل واحد منها حكمه فنظرًا لتعدد أنواعها تجمع يقول عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله» مسلم يعني من مقتضى الإسلام أن يكون قد شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله لأنه قبل أن يشهد لم يدخل في الإسلام حتى يشهد ولا يعصم دمه حتى يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله» «إلا بإحدى ثلاث» استثناء «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث» ما هذه الثلاث؟ «الثيب الزاني» وسيأتي زِناً بعد إحصان الثيب هو من وطأ بنكاح صحيح من وطأ بنكاح صحيح هذا هو الثيب وهذا حكمه الرجم إزهاق الروح بالرجم «الثيب الزاني» فإذا زنى المُحصن رجلاً كان أو امرأة فإنه حينئذٍ يرجم إذا ثبت عليه ذلك أو اعترف به «الثيب الزاني والنفس بالنفس» «إلا بإحدى ثلاثٍ الثيبِ الزاني» بدل من ثلاث «والنفس بالنفس» معطوف عليه «والتارك لدينه المفارق للجماعة» معطوف عليه ولو رُفعت «إلا بإحدى ثلاث الثيبُ الزاني» على تقدير هي خبر لمبتدأ محذوف تقديره هي الثيبُ الزاني «والنفس بالنفس» القصاص الذي هو الحياة للجمتمعات البقرة: ١٧٩  كيف القصاص قتل كيف يكون حياة؟! نعم حياة هذا كلام الرب جل وعلا البقرة: ١٧٩  وكانت العرب تقول القتل أنفى للقتل القتل أنفى للقتل يعني القتل وجوده في معاقبة جانٍ قتل غيره ينفي القتل ويمحو أثره وفي قول الله جل وعلا مما هو أبلغ من ذلك البقرة: ١٧٩  حياة قُتل الرجل كيف يكون حياة؟! نعم حياة لأنه لو لم يقتل لتعدى على لتعدى أولياء المقتول عليه ثم رُد عليهم بمثله ثم رُد أولياء المقتول الثاني وهكذا إلى ما لا نهاية والحروب في الجاهلية الحروب الطاحنة التي تستمر سنين سببها عدم وجود شريعة عدم وجود شريعة تحكم الناس وإذا نظرنا إلى تاريخ هذه الأمة في صدرها الأول مثلاً كم قضايا القتل؟ إلى أن وجدت الفتنة إلى أن قتل عمر ثم تلاه قتل عثمان كم قضايا القتل قبل ذلك؟ ما فيه قتل عمد ما فيه بين مسلم ومسلم لا يكاد يوجد ثم لما وجدت الفِتَن بقتل عمر رضي الله عنه ثم ادلهمت هذه الفتن بقتل عثمان وجد القتل بين مسلمَيْن دعواهما واحدة كلهم يدعون الإسلام وكلهم يدعون نصر الإسلام وهذا مما يبين عظيم أثر الفتن في الأمة وأنها إذا انفتحت فغلقها صعب جدًّا نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن «النفس بالنفس» فإذا اقتُص من الجاني انتهت وخمدت الفتنة لكن ماذا عما لو تُرك إذا تُرك لا شك أن الوضع يستفحل ويشتد مثل ما ذكرنا أولياء المقتول سوف يقتلون القاتل ثم بعد ذلك المقتول الثاني له من ينتصر له ثم المقتول الثالث له من ينتصر وهكذا فلا ينتهي القتل ولذا جاء قول الله جل وعلا: البقرة: ١٧٩  القصاص أنتم ترون الأثر ولله الحمد وتعيشونه منذ سنين في هذه البلاد لتطبيقها لهذا المبدأ العظيم عشتم الأمن ولله الحمد والمنة وإن كانت قرون الفتنة بدأت تظهر لكن المؤمل في الله جل وعلا ومن ولاهم ثم من ولاهم الله جل وعلا هذا الأمر أن يقضوا على دابر الفتن وأسبابها لتُجتث من جذورها «والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة» يعني المرتد «التارك لدينه المفارق للجماعة» المرتد «من بدل دينه فاقتلوه» فالمرتد يقتل ومقتضى قوله التارك لدينه أن من بدّل دينه كالحديث الآخر إلى أي دين آخر يقتل لكن الكلام في النص إنما هو مُنصب ومتجه إلى المسلم لأنه «لا يحل دم امرئ مسلم» فالقسم الثالث منه «التارك لدينه» يعني المسلم التارك لدينه المفارق للجماعة فإذا ترك دينه بأن كان مسلمًا ثم تنصر أو تهوَّد فإنه حينئذٍ يقتل على كل حال بخلاف الكافر الأصلي الذي يُدعى للإسلام فإن أجاب وإلا فالجزية فإن لم يجب فالحرب هذه الأمور الثلاثة هل هي على سبيل الحصر أو على سبيل التمثيل مقتضى قوله لا يحل إلا هذا أسلوب حصري أسلوب حصري فلا يقتل غير هؤلاء مع أنه يوجد من يقتل غير هؤلاء يعني ما فيه إلا هؤلاء يعني نظير قوله -عليه الصلاة والسلام- «لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة» قد يقول قائل مثلاً الساحر حده القتل ما ذُكر هنا ألا يدخل في الثالث التارك لدينه ارتكب مكفر فترك دينه؟ يدخل ويدخل في الصور الثلاث صور كثيرة جدًا لكنّ الأمر في مثل هذا الأسلوب الحصري إنما هو إما أن يقال حصر إضافي أو يقال أن النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما ذكر هذه الأشياء قبل وجود غيرها من الأحكام التي تقتضي بقتل القدر الزائد على الثلاثة الصائل الذي يريد قتل الإنسان أو الاعتداء على عرضه أو الاعتداء على ماله الصائل لا شك أنه يُدفع بالأسهل فإن لم يندفع إلا بالقتل جاز «من قُتل دون عرضه فهو شهيد ومن قُتل دون ماله فهو شهيد» إلى آخره في الحديث «إذا صلَّى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله» وفي رواية «فإن معه القرين» الشيطان يقاتله على كل حال الدفع يكون بالأسهل ثم إذا لم يندفع دُفع بالأشد إلى أن يصل إلى حد أنه لو مات من الدفع لكان هدْرًا الكافر الأصلي إذا لم يستجب للدعوة للدين ولم يدفع الجزية فإنه يقاتَل «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله» ويأتي بعض الصور التي تتعلق بهذا الحديث فحديث عائشة رضي الله عنها في الحديث الثاني عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يحل قتل مسلم إلا بإحدى ثلاث خصال» يعني التشديد ما جاء في التشديد في هذه المسألة من النصوص الصحيحة الصريحة القطعية نصوص الكتاب والسنة لأن إزهاق نفس مسلمة مؤمنة تعبد الله جل وعلا أعظم من هدم الكعبة أعظم من هدم الكعبة وأيضًا قتل غير المسلم قتل المعاهد قتل الذمي جاء فيه الوعيد الشديد يقول «لا يحل قتل مسلم إلا بإحدى ثلاث خصال إلا بإحدى ثلاث خصال» بينها بقوله «زانٍ محصن» وهذا تقدم في الحديث الذي قبله «الثيب الزاني» «زانٍ محصن» الآيات بالنسبة للذكر تصفه باسم الفاعل النساء: ٢٤  وبالنسبة للأنثى تصفه باسم المفعول النساء: ٢٥  وكل منهما محصِن لصاحبه فيصح أن يقال محصِن ومحصَن ومحصِنات ومحصَنات لأن كل واحد منهما يحصل به إحصان الثاني فيرجم حده الرجم إجماعًا ولم ينكر الرجم إلا الخوارج وهم ممن لا يعتد بقوله في الوفاق ولا في الخلاف «ورجل يقتل مسلمًا متعمدًا» القتل العمد فيه القصاص وأما الخطأ وشبه العمد على الخلاف فيه فإن فيه الدية فإن فيه الدية «ورجل يقتل مسلمًا متعمدًا» ومتعمدًا قيد قُيِّد به ما جاء في الحديث السابق «والنفس بالنفس» فدل على أن قتل النفس بالنفس المقتولة إنما إذا كان ذلك قد صدر عن عمد «متعمدًا» ففيه تقييد ما أطلق في الحديث الأول «ورجل يخرج من الإسلام فيحارب الله ورسوله فيُقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض» وقوله «يخرج من الإسلام» أعم من كونه يرتد أو يبقى في حضيرة الإسلام لكنه محارب وقاطع طريق يخرج من الإسلام يعني من الاستسلام لله جل وعلا كما جاء في الخوارج أنهم يخرجون من الدين كما تخرج الرمية من السهم كما يخرج السهم من الرمية كما يخرج السهم من الرمية يخرجون من الدين يعني على قول الجمهور يخرجون من التدين وإن لم يخرجوا من الإسلام من الكلية على قول الجمهور ومن أهل العلم من يرى تكفير الخوارج وهنا لا يلزم أن يكون قاطع الطريق قد خرج من الدين بالكلية بل هذه الآية تشمله ولو لم يخرج من الدين ولو كان مسلمًا إذا قطع الطريق فحارب الله ورسوله هذا يقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض كما جاء في آية المائدة ‌ ﭿ ﮒﮓ المائدة: ٣٣  وأو هذه في الآية وفي الحديث هل هي للتتخيير أو للترتيب يعني هل الإمام مخيّر إذا وجد من يقطع الطريق له أن يصلبه مطلقًا على أي جريمة ارتكبها أو ينفيه فقط أو يُخالف فيقطع منه يد ورجل هل هو مخيّر؟ من أهل العلم من يرى أنه للتخيير والإمام مُخير في هذا يُنزل من العقوبات ما تقتضيه المصلحة بهذا الجاني قاطع الطريق المحارب ومنهم من يقول للترتيب كما هو قول ابن عباس رضي الله عنه فالقتل لمن قتل فقط من قتل يُقتل من قتل يُتَقل من قتل وأخذ المال يُصلب من قتل وأخذ المال يُصلب يعني مع قتله من أخذ المال فقط ولم يقتُل تُقطع يده ورجله من خلاف اليد اليمنى مع الرجل اليسرى ماذا يبقى للنفي؟ يبقى للنفي من أخاف الناس ولم يقتل ولم يأخذ مالاً مثل هذا يُنفى ﮒﮓ المائدة: ٣٣  فتكون "أو" للتقسيم والتنويع في الآية فالذي يقتُل يُقتل الذي يَقتل ويأخذ المال يصلب الذي يأخذ المال يسرق ويأخذ الأموال وينتهب الأموال يعني كل هذا مع الإخافة في قطع الطريق الذي يأخذ الأموال مثل هذا تقطع يده ورجله من خلاف والذي يخيف الناس ولم يقتل ولم يأخذ المال هذا ينفى من الأرض ينفى من الأرض أي أرض؟ يعني بلده يعني ينفى من بلده إلى بلد آخر؟ نعم هذا كلام جمع من أهل العلم يقولون مثل الزاني إذا زنى يُغرب إلى بلد آخر طيب قد يفسد في البلد الآخر مثل ما أفسد في البلد الأول فالنفي مع أنه منصوص عليه يعني في الآية وفي الحديث وفي حديث الزاني البكر «والبكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة» منهم من يقول يُنفى ولا تُترك له حرية التنقل والتصرف بحيث يمكن من الإفساد في البلد الثاني ومنهم من يقول يسجن ولا تتحقق فائدة النفي إلا بالسجن ينفى من بلده ويسجن في بلد آخر ليتحقق الوصف الذي هو النفس وترتفع المفسدة المترتبة على هذا النفي وفي الحديث الثالث حديث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أوّل ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء» وهذا دليل على صريح متفق عليه عليه صحيح يبين عِظَم شأن دم الإنسان وذكرنا من النصوص ما يبين ذلك من نصوص الكتاب والسنة يبيم عظم عظم شأن دم الإنسان المسلم والمُعاهد والذِّمي فإنه وجه الدلالة لا يقدم في القضاء إلا الأهم لا يقدم في القضاء إلا الأهم يعني لو أن إنسانًا تلبَّس بعدة جرائم ثم جيء به إلى القاضي ثم جيء به إلى القاضي القاضي يبدأ بأي القضايا الأهم والأعظم ولا يبدأ بأسهل القضايا هذا في شأن القضاء وفي شأن الأمر والنهي أيضًا يعني تجد شخص جالس والناس يصلون ويدخن ومسبل وحالق للحيته عدد من المحرمات هل تقول له اترك الدخان ولماذا لا تعفي لحيتك أو تأمره بالأهم الذي هو الصلاة نعم تأمره بالأهم فإذا امتثل تأمره بالذي يليه وهكذا بالتدريج كما هو شأن الدعوة إلى الأهم فالأهم «إنك تأتي قومًا أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات» إلى آخر الحديث التدرج لا بد منه وبالأهم يُبدأ فهذا الحديث يدل على أن الدماء في غاية الأهمية ولذا قُدِّمت في القضاء يوم القيامة وجاء في الحديث «أوّل ما يحاسب عليه العبد صلاته أول ما يحاسب عليه العبد صلاته» فأيهما أهم؟ يعني من أهل العلم من يقول أن الدماء في حقوق العباد والصلاة في حقوق الله جل وعلا لكن أيهما الذي يقدم؟ واحد عنده خلل في صلاته سوف يحاسب على هذا الخلل وهو أيضًا قاتل أو جاني بنفس أو طرف لأنها كلها تدخل في الدماء يتحسف على الصلاة والا على الدماء يعني الصلاة مطلوبة من الناس كلهم فهي مقدمة بالنسبة لعموم الناس الحساب عليها وأما بالنسبة للدماء لا يحاسب إلى النسبة اليسيرة التي ترتكب هذه الجريمة النكراء الشنيعة فإما أني قال أن الدماء أخص لأن الصلاة في عموم الناس والدماء من يرتكب هذه الجريمة من الناس الذين هم الأقل ومنهم من يقول المحاسبة على الصلاة أول لجميع الناس باعتبار أنها فاصل بين الكفر والإسلام «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر إلا أن الحساب عليها قد يكون في تركها بالكلية أو بالإخلال بشيء منها فيكون منه المُخرج ومنه غير المكفر على كل حال ما يتعلق بحقوق المخلوقين هذا لا إشكال في كون الدماء هي أول ما يحاسب عليه الناس وما يتعلق بحقوق الخالق فلا شك أن أول ما يحاسب عليه الناس الصلاة أخرج النسائي من حديث ابن مسعود هذا الحديث يعني رواية النسائي «أول ما يحاسب عليه العبد صلاته وأول ما يقضى بين الناس في الدماء» فدل على أن الأولية في أحدهما نسبية هذا بالنسبة لكذا وهذا بالنسبة لكذا يحاسب الإنسان بالمقاصة يأتي بأعمال صالحة أمثال الجبال ويأتي بمظالم للعباد في حديث المفلس فتحصل المقاصّة فيؤخذ من حسناته يُؤخذ من حسناته يؤخذ من حسناته ضرب هذا وشتم هذا أخذ مال هذا سفك دم هذا يعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته وهذا.. إلى آخره ثم بعد ذلك إذا فنيت حسناته ولم تتم المقاصة فإنه يؤخذ من سيئاتهم وتلقى عليه فيطرح في النار نسأل الله السلامة والعافية كل هذا يدل على عِظم شأن ما يتعلق بالمخلوق وهو الديوان أو السجل الذي لا يعفى منه عن شيء حقوق العبادة مبنية على المشاحة حقوق العباد مبنية على المشاحة فليتقها المسلم وحقوق الخالق مبنية على المسامحة مع أن الله جل وعلا كما أنه غفور رحيم هو أيضًا شديد العقاب لو حدود له واجبات له محرمات لا يجوز قربانها ولا انتهاكها ولا تجاوزها وعلى كل حال الحديث يدل على عِظَم شأن القتل وما دونه من التعدي على المخلوقين لأن الدماء تشمل النفس وتشمل الطرف الحديث الذي يليه حديث سَمُرة رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمرة جندب قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «من قتل عبده قتلناه ومن جدع عبده جدعناه» القتل معروف إزهاق النفس والجدع معروف أنه جدع الأنف أو جدع الأذن جدع طرف لكن أكثر ما يقال في الأنف رواه أحمد والأربعة العادة أن يقول رواه الخمسة رواه أحمد والأربعة وحسنه الترمذي وهو من رواية الحسن البصري وهو من رواية الحسن البصري عن سمرة يقول المؤلف وقد اختلف في سماعه منه سماع الحسن من سمرة منهم من أثبته مطلقًا ومنهم من نفاه مطلقًا ومنهم من خص السماع بحديث العقيقة في البخاري عن حبيب بن الشَّهِيْد قال قال لي محمد بن سيرين سل الحسن ممن سمعت حديث العقيقة؟ فقال من سَمُرة فقال من سمرة وعلى هذا اختلف أهل العلم في سماع الحسن من سمرة والأكثر على أنه لم يسمع منه باستثناء حديث العقيقة ومنهم من أثبت سماعه فاختلفوا في روايتهم عنه وعلى كل حال المعتمد عدم سماعه منه سوى حديث العقيقة فهذا الحديث مضعف بالانقطاع مُضعف بالانقطاع يرويه الحسن عن سمرة بصيغة عن وهو مدلس شديد التدليس ولم يسمع منه إذًا الخبر ضعيف.

الحديث الذي معنا ضعيف لأن الحسن لم يسمع من سَمرة إلا حديث العقيقة ولذا قوله «من قتله عبده قتلناه»   البقرة: ١٧٨  فالحر لا يقتل بالعبد لعدم التكافؤ وإن ذهب بعضهم إلى أنه يقتل يقتل به لعموم المائدة: ٤٥  هذا مذهب النخعي إبراهيم التابعي الجليل يرى أنه يقتل لعموم حديث النفس بالنفس وحديث الباب أيضًا لعموم آية النفس بالنفس وحديث الباب والجمهور على أنه لا يقتل الحر بالحر والعبد بالعبد المائدة: ٤٥  آية المائدة و   البقرة: ١٧٨  آية البقرة أيهم أولى أو نزل أولا البقرة  فمنهم من يقول إن آية النفس بالنفس وهي في المائدة وهي نزلت بعد سورة البقرة ناسخة ومنهم من يقول لا،   البقرة: ١٧٨  مقيد لـ المائدة: ٤٥  مقيد له قيد الحرية مقيد لإطلاق النفس بالنفس وكون المائدة نزلت بعد بعد البقرة لا يعني أن الحكم متأخر عن الحكم، كيف؟ لأن الحكم في المائدة المائدة: ٤٥  مكتوب في التوراة خلوكم معنا يا إخوان يعني قد يقول قائل مثلاً مادامت المائدة نزلت بعد البقرة والعمل على آخر ما نزل معروف القول الثاني أن الحرية قيد فالحر لا يُقتل بالعبد والمطلق يحمل على المقيد المائدة: ٤٥  مطلقة والمقيد   البقرة: ١٧٨  هذا قيد ولقائل مثل النخعي أن يقول عملاً بحديث سمرة وآية المائدة: ٤٥  والمائدة نزلت بعد البقرة إذًا تكون ناسخة ورافعة لهذا الحكم أولاً الجمع ممكن بحمل المطلق على المقيد وهذه جادة معروفة عند أهل العلم الأمر الثاني وإن كانت المائدة نزلت بعد البقرة إلا أن الحكم مفروض أولاً قبل بدليل أنه مكتوب في التوراة فتقرير الحكم قبل النفس بالنفس تقريره قبل الحر بالحر والعبد بالعبد لأن هذا من شرعنا وذاك في شرع من قبلنا وإن جاء شرعنا بإقراره إلا أن القيد جاء في شرعنا إذا كان جمهور أهل العلم أو جماهير أهل العلم على عدم قتل الحر بالعبد فالواجب قيمته بالغة ما بلغت قيمة العبد تُدفع لسيده يقول بعد هذا وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول «لا يقاد الوالد بالولد لا يقاد الوالد بالولد» يقول رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وصححه ابن الجارود والبيهقي وقال الترمذي إنه مضطرب وقال الترمذي إنه مضطرب الذي يقول الترمذي إنه مضطرب أو في اضطراب هو حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده هو حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وأما حديث عمر فهو حديث حسن ويشهد له حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا يقاد الوالد بالولد» يعني أن الوالد إذا قتل ولده متعمدًا لا يقاد به لماذا؟ لأن الوالد هو سبب الوجود بالنسبة للولد فلا يكون الولد سببًا لعدم الوالد وإعدامه والوالد لا سيما مع استقامة الفِطَر وسلامة الأديان لن يقدم على قتل ولده الذي جُبل وفُطر على الشفقة عليه إلا لأمر يقتضي ذلك ومن باب حفظ حقوق الوالدين يأتي مثل هذا الحديث «لا يقاد الوالد بولده» فليس من مكافأة سبب الوجود بالعدم بما تسبب به وأهل العلم يلحقون بالوالد الجد لأنه والد والأم على خلاف في ذلك المقصود أن الوالد زُرع وجبل على شيء من المحبة والمودة والشفقة لا تجعله يقدم على هذه الجريمة إلا بموجب وهذا الكلام إنما هو في حال استقامة الناس وحال سلامة فِطَرهم وأما بعد أن اجتالتهم الشياطين اجتالت كثيرًا منهم الشياطين ودخل فيهم ما دخل من أمور نسأل الله السلامة والعافية من مما يغيّر العقول ويلحق العقلاء بالمجانين وجد القتل بدون سبب بدون مبرِّر فقد يكون الولد من أصلح الناس وأبر الناس بوالديه ومع ذلك يقتله أبوه نظرًا لما تناوله مما يزيل عقله أو يذهب عقله فهل مثل هذا الوالد الذي تناول ما تناول من مسكرات أو مخدرات أو ما أشبه ذلك فقتل يقتل به أو لا يقتل؟ «لا يقاد» بمعنى أنه لا يقتل الوالد بولده يبقى الحديث محفوظ على عمومه أو لا؟

طالب: .............

هل نقول إنه بتناوله لهذا المخدِّر الذي أذهب عقله ارتفع عنه التكليف؟ يعني من كان زوال عقله بسببه يؤاخذ أو لا يؤاخذ؟

طالب: .............

كيف؟

طالب: .............

لم يرتفع عنه التكليف موجود والا غير موجود؟ «رُفع القلم عن ثلاثة» والمجنون إما حقيقة أو حكما فهل الشارب أو متناول المخدرات إذا ارتكب جريمة يؤاخذ عليها ويؤاخذ عليها من باب ربط الأسباب بالمسببات ربط الأسباب بالمسببات لا من باب الحكم التكليفي فهو مؤاخذ وقد تصل مؤاخذته لا سيما إذا رأى ولي الأمر قطع دابر أمثال هؤلاء تصل إلى القتل والآن المفتى به والمعمول أن مثل هؤلاء المروجين وأشباههم يقتلون تعزيرًا يعني ولو لم يحصل منهم قتل فكيف إذا حصل منهم القتل والله المستعان «لا يقاد الوالد بالولد» منهم من يلحق الأم بالوالد ويرى أن العلة الموجودة في الوالد هي موجودة في الأم بل أشد الشفقة موجودة في الأم لا شك أنها أكثر من الوالد فلن تقدم على مثل هذا إلا إذا إذا كان الوالد يستحق ذلك مثل ما قيل في الوالد ومنهم من يقول أن هذا خاص بالوالد الذي هو الذكر دون الأنثى والجد مسألة خلافية بين أهل العلم لا شك أن الشفقة شفقة الجد وإن كان أبًا إلا أنها دون شفقة الوالد الصلب المباشر ومع ذلك يبقى والد وأب كما جاء في النصوص كما جاء في النصوص هو أب يعني مثل ما قيل «أنت ومالك لأبيك» هل الأم تلحق به والجد يلحق به؟ أو هذا خاص بالأب المباشر؟ على كل حال المسألة خلافية وإذا وجد مثل هذا الخلاف فالمسألة اجتهاد ترجع إلى اجتهاد الحاكم قال وعن أبي جحيفة وهو وهب بن عبد الله السوائي رضي الله عنه قال قلت لعلي هل عندكم شيء من الوحي هل عندكم شيء من الوحي غير القرآن ما الداعي لمثل هذا السؤال؟ لأن عليًّا رضي الله عنه في آخر وقته ادُّعي فيه الاختصاص وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- اختصَّه بأمور لم يختص بها غيره كأبي بكر وعمر فضلاً عن سائر الصحابة ادُّعي هذا وادُّعي ما هو أعظم من هذا ادُّعي بأن له شيء من حقوق الرب جل وعلا ويوجد من صرف له حق الإله تعالى الله عن فعلهم علوًّا كبيرًا لكن عليًّا تركهم أو أحرقهم؟

فلما رأيت الأمر أمرًا منكرا  

 

أجتت ناري ودعوت قنبَرا   .

يعني ما تركهم رضي الله عنه ولا أقرهم ادعوا له ما لم يدعوه لمحمد -عليه الصلاة والسلام- فهذا السؤال له سبب يعني وجد الغلاة في عصره رضي الله عنه وأرضاه فاحتيج إلى مثل هذا السؤال قلت لعلي هل عندكم شيء من الوحي غير القرآن؟ عندكم شيء مختصون به اختصكم به النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ قال: لا، اكتفى بالنفي؟ لا، أقسم على ذلك لا والذي فلق الحب الحب فيه فلق مقسوم إلى نصفين فلق الحبة وبرأ النسمة برأها يعني خلقها والله جل وعلا من أسمائه البارئ برأ النسمة إلا هذا استثناء إلا فهْمٌ يعطيه الله رجلاً في القرآن إلا فهم يعطيه الله رجلاً في القرآن وهذا لا يختص بعلي ولا بأهل البيت فالفهم يوجد فيهم وفي غيرهم ولذا قال إلا فهم يعطيه الله رجلاً من أي قبيلة كان وفي أي عصر وفي أي مصر كان إلا فهمٌ يعطيه الله رجلاً في القرآن ورب مبلَّغ أوعى من سامع يعني أفهم وما في هذه الصحيفة ورقة صحيفة قلت وما في هذه الصحيفة؟ هل فيها قرآن زائد مما يتلى مما أخفي على الأمة واختص به علي؟ لا، قتل وما في هذه الصحيفة؟ قال العقل ديات والأصل في الديات أنها بالإبل مائة من الإبل وكانت تعقل تربط بالحبال في فناء المقتول يعني تدفع إليهم من جهة عاقلة القاتل العقل وفكاك الأسير وجاء الأمر به في نصوص الكتاب والسنة ويجب على المسلمين فك الأسير إذا أسر الكفار مسلمًا وجب على المسلمين فكاكه وجاءت النصوص في الحث عليه وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلمٌ بكافر لا يقتل مسلم بكافر لعدم التكافؤ فالكافر ليس بكفؤ للمسلم فلا يقاد به رواه البخاري وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي من وجه آخر عن علي وقال فيه المؤمنون تتكافؤ دماؤهم المسلم يقتل بالمسلم المسلم يقتل بالمسلم لوجود التكافؤ رجالاً كانوا أو نساءً فالرجل يقتل بالمرأة والمرأة تقتل بالرجل على ما سيأتي لكن الكافر ليس بكفؤ للمسلم والعبد ليس بكفؤ للحر كما تقدم تتكافؤ دماهؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ويسعى بذمتهم أدناهم يعني أقلهم شأنا من المكلفين يسعى بذمتهم يعني له أن يؤمن من شاء ولو كان امرأة ولذا يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- «قد أجرنا من أجرتِ يا أم هانئ» قد يقول قائل إذًا لو تُرك المجال بهذه الصورة صارت فوضى كل واحد يستقدم له واحد ويعطيه ذمته وجواره أيًّا كان إذًا ما معنى يسعى بذمتهم أدناهم يبينها قوله وهم يد على من سواهم وهم يد على من سواهم يعني إذا اتحدوا إذا اتحدوا ولم يوجد بينهم خلاف ولا نزاع كما كانوا في عصره -عليه الصلاة والسلام- فإنه يسعى بذمتهم أدناهم لكن إذا وجدت الخلافات والنزاعات بل وجد من ينازع ولي الأمر مثلاً هذا يسعى بذمته يستقدم من شاء وجد مثلاً من له مصلحة خاصة بهذا الشخص لا ينظر  إلى المصلحة العامة إذا وجد من من يستقدم من يفسد في البلد فهذا يسعى بذمتهم أدناهم لا ولذا قال وهم يد على من سواهم يعني إذا اتحدت الكلمة وصارت وجهات النظر متطابقة بين الراعي والرعية وصار عموم الناس على هذا وصارت المصلحة العامة هي المقدمة يسعى بذمتهم أدناهم ولذا يجير من يجير من المسلمين من الرجال والنساء لكن إذا اختلفت ولعبت بالناس الأهواء هذا ما يمكن أن يقال مثل هذا ولا يُقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده أصل الحديث في البخاري وهذه الزيادة مقبولة المؤمنون تكافؤ دماؤهم ويسعهى بذمتهم أدناهم سواء كان رجلاً أو امرأة لكن شريطة أن يكونوا يدًا واحدة على من سواهم يدًا واحدة على من سواهم وتكون المصلحة العامة هي المقدمة بما لا ضرر فيه على أحد أما يأتي من يسعى بذمة أحد ويجيره ويعطيه الأمان والعهد ويكون هذا الذي سعي له فيه ضرر على غيره نقول لا ولذا قال وهم يد على من سواهم ولا يقتل مؤمن بكافر في الرواية الأولى ولا يقتل مسلم بكافر وفي الرواية الثانية مؤمن بكافر والمعنى واحد لأنه إذا أطلق الإيمان دخل فيه الإسلام والعكس ولا ذو عهد في عهده ولا يقتل مؤمن بكافر واضح هذا أن الكافر إذا قتل المسلم فإنه لا يقاد به بل تدفع الدية ولا ذو عهد في عهده يعني لا يقتل ذو عهد في وقت عهده ومن قتل معاهدا جاء فيه الوعيد الشديد في الحديث الصحيح من قتل ذمِّيًّا فحال كونه في عهده ولذا قال ولا ذو عهد يعني لا يقتل لا يجوز قتل ذو عهد قتل ذي عهد في عهده من أهل العلم كالحنفية مثلاً يعملون بعموم حديث النفس بالنفس فيرون قتل المسلم بالكافر وجاء أنه -صلى الله عليه وسلم- غسل مسلمًا بمعاهد وقال «أنا أكرم من وفى بذمته» لكنه حديث مرسل وفيه أيضًا ابن البيلماني وهو ضعيف فلا تقوم به حجة يعني في مقابل حديث البخاري وألا يقتل مسلم بكافر حديث ضعيف لا يقاوم مثل هذا النص.

 

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"
هذا يقول فهمت أنه إذا لم يدفع المار بين يدي المصلي إلا بالقتل جاز له أن يقتله أم أن المقصود بالقتل في الحديث «فليقاتله» أي يدفعه بشدة.

يعن ما قال من أحد من أهل العلم أن الإنسان يتسلح يأخذ سلاح يأخذ مسدس وكل من مر بين يديه لا، هذا ليس بمقصود إجماعًا لكن لو دفعه ولم يندفع دفعه بشدة ثم سقط ومات هدر لأنه تعمّد ما نهي عنه ارتكاب ما نهي عنه والا وش معنى «فليقاتله» يعني يدفعه أولاً بالأسهل بالإشارة ثم إذا لم إذا رجع ثانية دفعه ثم بالأشد يدفع لكن ما فيه أحد قال إنه يحمل معه آلة والا سيف والا سلاح والا مسدس ويقتل على أن من أهل العلم من قال أن معنى فليقاتله يعني بالسب والشتم يعني قيل هذا وهذا الكلام ليس بصحيح لأن هذا مبطل للصلاة المرور بين يدي المصلي أسهل من السب والشتم وعلى كل حال النصوص التي يقصد منها التنفير والتشديد من أمر من الأمور والمبالغة في الدفع لا يعني أن القتل على ظاهره لكن لو دفعه ثم سقط ومات هل معنى هذا أنه قتله بسيف والا بسلاح يعني جاء أمور شدد فيها الشرع يعني من نظر من باب مثلاً فتحة من باب ونظر فجيء بسهم وغرزت عينه فقئت عينه هدر يا أخي فعلى كل حال هذه الأمور تُقدر بقدرها وليس معنى هذا أن الإنسان يتسلح في صلاته وأن يقتل من مر لا، المقصود أنه يدفع الأسهل بالأسهل لكن على كل يحافظ على صلاته.

يقول العلماء أن تارك الصلاة كافر فهل يقتل؟

الكافر إذا حكم بكفره واستتيب فلم يتب فإن حده القتل لكن مع ذلك ليس لكل أحد ليس آحاد الناس لهم أن يستتيبوا ولهم أن يقتلوا أو ينفذوا الحدود من حقوق ولي الأمر حتى ترتيب الآثار على كفره لا يُرتبها إلا ولي الأمر ما يقال والله فلان مات وكافر لا يصلى عليه ولا يدفن ولا كذا ولا يرث ولا يورث من اللي يحكم بهذا الحكم هذا حكم شرعي إذا حكم به القاضي فالأمر له وليس لآحاد الناس تنفيذ هذه الأحكام.