شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (310)

 

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الأخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، طابت أوقاتكم جميعًا بكل خير، مرحبًا بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، وهو المشهور بـــــ مختصر صحيح البخاري، للإمام زين الدين، أحمد بن أحمد بن عبد اللطيف الزبيدي، المتوفّى سنة ثلاثة وتسعين وثمانمائة للهجرة- رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى–.

يتولى شرح أحاديث هذا الكتاب صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير، والذي نرحب به مع مطلع حلقتنا، فأهلاً بكم فضيلة الشيخ.

حياكم الله، وبارك فيكم، وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: نعود إلى حديث ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – حديث مائة وأربعة وعشرين في المختصر، مائة وست وخمسين في الأصل، ونستكمل ما تبقى منه، أحسن الله إليكم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فقد مضى الكلام في قوله: فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثةَ، وَقَالَ: «هَذَا رِكْسٌ»، يقول- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ–: «هَذَا رِكْسٌ»، يقول ابن حجر: كذا وقع هنا بكسر الراء وإسكان الكاف، فقيل: هي لغة في رجس بالجيم، ويدل عليه رواية ابن ماجة وابن خزيمة في هذا الحديث، فإنها عندهما بالجيم: رجس.

يقول الخطابي في أعلام الحديث: يريد أنه رجيع قد رد عن حال الطهارة إلى النجاسة، ويقال: ارتكس الرجل في البلاء، إذا رد فيه بعد الخلاص منه، يقال: ارتكس كما يقال: انتكس مثلاً، هو مريض ثم شفي من هذا المرض، ثم عاد بقوة أقوى مما كان يقال: انتكس وارتكس.

ومنه قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} [النساء:88]، أي ردهم إلى الكفر والهلاك، وقال ابن حجر بعد نقل كلام الخطابي: الأولى أن يقال: رد من حالة الطعام إلى حالة الروث؛ لأن كلام الخطابي رد عن حال الطهارة إلى النجاسة ينازع فيه، ليس كل روث نجسًا، إلا ما جاء في هذا الحديث من بعض طرقه أنها روثة حمار.

لكن الروث عمومًا روث الإبل ينازع الخطابي في كونه نجسًا، وإن كان مذهبه ذلك، والأدلة على هذه المسألة تأتي إن شاء الله تعالى في طهارة أبوال الإبل وأرواث ما يؤكل لحمه.

وقال ابن حجر بعد نقل كلام الخطابي: الأولى أن يقال: رد من حالة الطعام إلى حالة الروث، لماذا؟ لئلا يتعرض كلام الخطابي للنقض من قبل من يرى طهارة أرواث وأبوال ما يؤكل لحمه، وإن كان ابن حجر مذهبه مثل مذهب الخطابي مذهب الشافعي نجاسة الأرواث والأبوال عمومًا.

وقال ابن بطال: وقول: «هذا ركسٌ»، يمكن أن يريد معنى الرجس يقول: ولم أجد لأهل النحو شرحًا لهذه الكلمة، ما المراد بالنحو هنا؟ المراد به الإعراب أو المراد به عموم اللغة التي فيها متنها وفقهها؟

المقدم: قالها شرح على الرفع يا شيخ.

أين؟

المقدم: لماذا شرحٌ؟ ما قال ولم أجد شرحًا..

نعم شرحًا.

وقال ابن بطال: وقوله: «هذا ركس»، يمكن أن يريد معنى الرجس ولم أجد لأهل النحو شرحًا أو شرحها.. شرح هذه الكلمة، والرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أعظم الأمة في اللغة، لماذا أنا أقول قوله لأهل النحو هذا ليس بدقيق؟ لأن هذا ليس من مباحث النحو، هذه المفردات من مباحث متن اللغة، المعاجم والقواميس اللغوية؛ لأنه يستشكل بعض طلاب العلم عطف النحو على اللغة أو اللغة على النحو وليس بمشكل.

لأن النحو باب من أبواب اللغة، فن من فنون اللغة التي تبلغ عندهم إلى اثني عشر فنًّا، فنون اللغة عند أهل اللغة اثنا عشر فنًّا، منها النحو، ومنها الصرف، ومنها البيان، والمعاني، والبديع، والوضع، والاشتقاق.. إلى غير ذلك، اثنا عشر.

فقوله: ولم أجد لأهل النحو شرح هذه الكلمة، والرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أعظم الأمة في اللغة، الأصل أن يكون: لم أجد لأهل اللغة أو لأهل العربية، وتعقَّبه أبو عبد الملك بأن معناه الرد كما قال تعالى: {أُرْكِسُوا فِيهَا} [النساء:91]، أي ردوا، فكأنه قال: هذا ردٌّ عليك. انتهى.

قال ابن حجر: لو ثبت ما قال لكان بفتح الراء، يقال: ركسه ركسًا إذا رده، وفي رواية الترمذي: هذا ركسٌ يعني نجس، وهذا يؤيد الأول، وأغرب النسائي فقال عقب هذا الحديث: الركس طعام الجن.

يعني كأنه لما قال: هذا ركس كأنه قال: هذا طعام الجنة، وأغرب النسائي فقال عقب هذا الحديث: الركس طعام الجن، وهذا إن ثبت في اللغة فهو مريحٌ من الإشكال.

وفي عمدة القاري قوله: ركس بكسر الراء الرِكس، وبالفتح رَكس رد الشيء مقلوبًا، وقال النسائي في سننه: الركس طعام الجن. وقال الخطابي: الركس الرجيع، يعني قد رد عن حال الطهارة إلى حالة النجاسة، هذا كله تقدم.

ويقال: ارتكس الرجل في البلاء إذا زاد فيه بعد الخلاص منه، وقد جاء الرجس بمعنى الإثم والكفر والشرك، كقوله تعالى: {فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} [التوبة:125].

وقيل نحوه في قوله تعالى: {لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ} [الأحزاب:33]، أي يطهركم من جميع هذه الخبائث، وقد يجيء بمعنى العذاب والعمل الذي يوجبه كقوله تعالى: {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} [يونس:100]، وقيل بمعنى اللعنة والعذاب في الآخرة.

وقال ابن التين: الرجس والركس في هذا الحديث قيل: النجس، وقيل: القذر، وقال الأزهري: الرجس اسمٌ لكل ما استقذر من العمل، ويقال: الرجس المأثم، وفي العباب: الركس فعلٌ بمعنى مفعول كما أن الرجيع من رجعته والرِجس بالكسر والرَجس بالتحريك والرجس مثل كتف القذر، يقال: رجسٌ نجسٌ ورَجسٌ نَجسٌ ورَجِسٌ نَجِسٌ، وهذا من باب الإتباع.

كل هذا الكلام لتجتمع العلتان في رد الروثة، يعني في هذا الحديث ركس، والرجس النجس؛ لأنها روثة حمار؛ لكن لو كانت روثة بعير هل يرد أن يقال: هذه ركس، أو يقال بالعلة الأخرى زاد؟

المقدم: الجن.

نعم أو علف دوابهم الرجيع، والعظم زاد الجن فتجتمع العلتان.

هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري - رَحِمَهُ اللَّهُ – في هذا الموضع في كتاب: الوضوء، باب: لا يستنجى بروث، وهو من أفراد الإمام البخاري.

قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا زهير، هو ابن معاوية الجعفي، عن أبي إسحاق، هو السبيعي، قال: - ليس أبو عبيدة ذكره - ولكن عبد الرحمن بن الأسود.

حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا زهير، عن أبي إسحاق، قال: - ليس أبو عبيدة ذكره - ولكن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، أنه سمع عبد الله يقول...

تركيب الإسناد فيه إشكال أم ما فيه إشكال؟

المقدم: لا.

ولكن الإمام البخاري يرويه من طريق أبي إسحاق السَّبيعي عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه أنه سمع عبد الله بن مسعود، ما الداعي لذكر: ليس أبو عبيدة ذكره، أبو إسحاق لماذا يقول: ليس أبو عبيد ذكره؛ لأنه يرويه عنه في موضعٍ آخر خرجه عنه الترمذي من حديث أبي عبيدة، لكن هل المفترض الذي ينفي البخاري أو أبو إسحاق؟ أبو إسحاق يرويه عن أبي عبيدة عند الترمذي وغيره.

المقدم: المفترض هنا البخاري.

يقول: عن أبي إسحاق قال: ليس أبو عبيدة ذكره، ولكن عبد الرحمن بن الأسود.

المقدم: وإذا وجد أبو عبيدة هذا يضعف الحديث عند البخاري ليس على شرطه.

ليس على شرطه؛ لأنه لم يسمع من أبيه.

المقدم: معنى ذلك أنه هو الذي ذكره حتى يخرجه.

لكن يقول: قال أبو نعيم: قال حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا زهير، عن أبي إسحاق، قال: - ليس أبو عبيدة ذكره - ولكن عبد الرحمن بن الأسود.

هو يرويه من الوجهين، وكلٌّ من الأئمة يأخذ ما يناسب شرطه، فالبخاري اقتصر على عبد الرحمن بن الأسود، ولعل التقدير أن يقال: ليس أبو عبيدة ذكره فقط، ولكن ذكره أيضًا عبد الرحمن بن الأسود، يعني ما نفى أبو إسحاق أنه يرويه عن أبي عبيدة، لكنه نفى الاقتصار عليه، فكأن سياق الإسناد قال: ليس أبو عبيدة ذكره فقط، ولكن ذكره أيضًا عبد الرحمن بن الأسود، لماذا؟ لأنه رواه عن أبي عبيدة في موضع آخر؛ ليس أبو عبيدة ذكره، لكن لا يحتاج إلى ذكر أيضًا، لا يحتاج إلى ذكرٍ أصلاً لو كان لا يرويه عنده.

وما دام يرويه عنده فلماذا يقول: ليس أبي عبيدة ذكره وقد ذكره؟ لابد من التقدير فنقول: ليس أبو عبيدة ذكره يعني فقط، لكن ذكره أيضًا عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه.

ثم قال بعده: وقال إبراهيم بن يوسف، عن أبي إسحاق، حدثني عبد الرحمن.

قال ابن حجر: قوله: ليس أبو عبيدة أي ابن عبد الله بن مسعود. قوله: ذكره أي لي، يعني كأن في كلام ابن حجر أن أبا إسحاق لا يرويه مطلقًا عن أبي عبيدة، ليس أبي عبيدة أي ابن عبد الله بن مسعود، وقوله: ذكره، يعني لي، يعني يكون ذكره له؛ لأنه خرجه الترمذي من طريقه، فدل على أنه ذكره له، لكن البخاري ينتقي اقتصر على رواية ابن الأسود؛ لأن رواية أبي عبيدة عن أبيه ليست على شرطه.

ولكن عبد الرحمن بن الأسود أي هو الذي ذكره لي بدليل قوله في الرواية الآتية المعلقة: حدثني عبد الرحمن؛ لأن أبا إسحاق عُرف بالتدليس، فجاء البخاري بالطريق الآخر قال إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق حدثني عبد الرحمن لتنتهي تهمة تدليس أبي إسحاق.

بدليل قوله في الرواية الآتية المعلقة: حدثني عبد الرحمن، وإنما عدل أبو إسحاق عن الرواية عن أبي عبيدة إلى الرواية عن عبد الرحمن، مع أن رواية أبي عبيدة أعلى له؛ لكون أبي عبيدة لم يسمع من أبيه على الصحيح، كيف تكون أعلى؟

لأنها عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن أبيه، وهنا عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود، ينزل درجة، والعلو في مقابل نظافة الإسناد لا يعتد به.

وإنما عدل أبو إسحاق عن الرواية عن أبي عبيدة إلى الرواية عن عبد الرحمن مع أن رواية أبي عبيدة أعلى له؛ لكون أبي عبيدة لم يسمع من أبيه على الصحيح فتكون منقطعة بخلاف رواية عبد الرحمن فإنها موصولة، ورواية أبي إسحاق لهذا الحديث عن أبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود عند الترمذي وغيره.

إذًا كيف يقول: ليس أبو عبيدة ذكره؟ إذًا لابد من التقدير الذي ذكرناه.

عند الترمذي وغيره من طريق إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق فمراد أبي إسحاق، هنا بقوله ليس أبو عبيدة ذكره أي: لست أرويه الآن عن أبي عبيدة، وإنما أرويه عن عبد الرحمن.

والتقدير الذي ذكرناه لا يمنع أن يقال: ليس أبو عبدية ذكره، يعني فقط، ولكن ذكره أيضًا عبد الرحمن بن الأسود، واقتصر عليه البخاري هنا.

ثم قال ابن حجر بعد شرح الحديث في كلامه عن الإسناد المعلق: وقال إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق حدثني عبد الرحمن، وقال إبراهيم بن يوسف عن أبيه، يعني يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي إسحاق وهو جده، قال: حدثني عبد الرحمن يعني ابن الأسود بن يزيد بالإسناد المذكور أولًا عن أبيه أنه سمع عبد الله.

وَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ بِهَذَا التَّعْلِيقِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ دَلَّسَ هَذَا الْخَبَرَ، كَمَا حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّاذَكُونِيِّ، حَيْثُ قَالَ: لَمْ يُسْمَعْ فِي التَّدْلِيسِ بِأَخْفَى مِنْ هَذَا، قَالَ: لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَةَ ذَكَرَهُ، وَلَكِنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَلَمْ يَقُلْ ذَكَرَهُ لِي انْتَهَى.

يقول: هذا تدليس، لكن إتيان البخاري بقوله عن أبي إسحاق حدثني عبد الرحمن تنفي التهمة بالتدليس.

 وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَيْضًا عَلَى صِحَّةِ سَمَاعِ أَبِي إِسْحَاقَ لِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِكَوْنِ يَحْيَى الْقَطَّانِ رَوَاهُ عَنْ زُهَيْرٍ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِهِ: وَالْقَطَّانُ لَا يَرْضَى أَنْ يَأْخُذَ عَنْ زُهَيْرٍ مَا لَيْسَ بِسَمَاعٍ لِأَبِي إِسْحَاقَ، وَكَأَنَّهُ عُرِفَ ذَلِكَ بِالِاسْتِقْرَاءِ مِنْ صَنِيعِ الْقَطَّانِ أَوْ بِالتَّصْرِيحِ مِنْ قَوْلِهِ" فَانْزَاحَتْ عَنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ عِلَّةُ التَّدْلِيسِ، وَقَدْ أَعَلَّهُ قَوْمٌ بِالِاضْطِرَابِ.

 وَقَدْ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ، وَاسْتَوْفَيْتُهُ فِي مُقَدِّمَةِ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.

هذا كلام ابن حجر يقول: أعله قوم بالاضطراب وقد ذكر الدارقطني الاختلاف فيه على أبي إسحاق في كتاب العلل، معروف أن الدارقطني له كتاب العلل، وله أيضًا استدراكات تتبع للشيخين في صححيهما، تتبع فيه البخاري ومسلم فذكر عللًا لأحاديث خرجت في الصحيحين وأجاب الأئمة عنها.

واستثناها ابن الصلاح من المقطوع به هذا الأحاديث التي تكلم فيها بعض الحفاظ، ما يتعلق بصحيح البخاري أجاب عنه ابن حجر، وما يتعلق بصحيح مسلم أجاب عنه النووي في شرحه، بأجوبةٍ مسددةٍ في الغالب.

وقد تقصر عباراتهم عن الدفاع عن الشيخين، لكن في الجملة الحق مع الشيخين.

يقول ابن حجر: وَاسْتَوْفَيْتُهُ فِي مُقَدِّمَةِ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.

المقدم: الشرح الكبير؟

نعم.

المقدم: له كتاب اسمه الشرح الكبير أم ماذا؟

هو يقول هذا في فتح الباري هنا فتح الباري يقول: وَاسْتَوْفَيْتُهُ فِي مُقَدِّمَةِ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ هذا الاستيفاء موجود في المقدمة المسماة هدي الساري، وهي مقدمة لــــ فتح الباري، إذًا الشرح الكبير يحتمل أن يكون الفتح؛ لأن هدي الساري مقدمة له مقدمة الشرح الكبير، يعني مقدمة فتح الباري، لكن يشكل عليه أن يذكر هذا في فتح الباري كأنه يشير إلى شرحٍ آخر، وَاسْتَوْفَيْتُهُ فِي مُقَدِّمَةِ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.

فهل نقول: إن ابن حجر صنف فتح الباري .

المقدم: ولم يسمه إلا متأخرًا.

ما يزول الإشكال.

المقدم: يعني يمكن أن يكون كان ناويًا يسميه الشرح الكبير مثلاً.

ولو نوى أن يسميه الشرح الكبير يقول: استوفيته في الشرح الكبير في الشرح الكبير، ما ينتفي الإشكال، هل نقول مثلاً: إنه أنهى الكلام على صحيح البخاري بــــ فتح الباري، ثم ألف هذه المقدمة ليجعلها مقدمةً لشرحٍ أطول من فتح الباري؟

المقدم: ثم ضمت إلى الفتح ولم يشر في المقدمة أبدًا أنها مقدمة لفتح الباري يا شيخ.

هو معروف أن هدي الساري مقدمة..

المقدم: لكن داخل المقدمة إن كان أشار إلى أنها لفتح الباري ما يزول هذا الإشكال أبدًا.

صحيح، لكن الكلام كله من باب البحث عن مخرج؛ لأنه يقول: وَاسْتَوْفَيْتُهُ فِي مُقَدِّمَةِ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ، نعم ابن حجر له نكت على صحيح البخاري مستنبطة من فتح الباري، يعني لو جاء هذا الكلام في هذه النكت استوفيته في الشرح الكبير في النكت على صحيح البخاري معنا المجلد الأول.

المقدم: مخطوط.

نعم.

المقدم: ما طبع يا شيخ؟

لا، ما طبع. النكت على صحيح البخاري تأليف حافظ العصر أبي الفضل ابن حجر لخصه من شرح الكبير المسمى فتح الباري، فالشرح الكبير هو فتح الباري، وبالفعل شرحٌ كبير، كيف نخرج قوله: وَاسْتَوْفَيْتُهُ فِي مُقَدِّمَةِ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ؟

المقدم: وأشار إلى هذا الكلام في هذا الكتاب أم ما أشار؟ ما مر داخل النكت يا شيخ؟

ما أشار إليه، إنما بسطه في هدي الساري، نحن نريد المخرج من قوله: وَاسْتَوْفَيْتُهُ فِي مُقَدِّمَةِ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.

هناك أسلوب مر بنا مرارًا مستعمل في لغة العرب يسمونه التجريد، ما هو التجريد الصريح.

المقدم: معروف التجريد أن يجرد نفسه.

أن يجرد من نفسه شخصًا يتحدث عنه.

المقدم: مثل كلام سعد.

أعطى رهطًا وسعدٌ جالس، وسعد هو الذي يقول هذا الكلام، يعني كأنه جرد من نفسه شخصًا تحدث عنه، وكأنه جرد من كتابه كتابًا كبيرًا وصفه بالكبر وتحدث عنه، فلعله من هذا، ومن كان عنده فضل علمٍ فليجد به علينا.

المقدم: جزاك الله خيرًا، نحن نتلقى هذا كما يعلم الأخوة والأخوات من خلال عنوان البرنامج أو الموقع الخاص بالشيخ.

لكن خلينا لو سمحت النكت على صحيح البخاري طبعًا أنا ما أعرف أقرأ المخطوطات وصعب عليَّ، لكن هذه مخطوطة يا شيخ، هل تنصح طلبة العلم إلى أن يبادروا بإخراجها أم هي ناقصة؟

لا أظنها كاملة ما وجد إلا هذه المجلد.

المقدم: هذا المجلد فقط، ويعرف مجلدات أخرى.

ما أعرف، عنايتي بالمخطوطات ضعيفة، لكن مع ذلك الذي يريد الاقتصار على البلغة يكتفي بها مع أنه لا هجرة بعد الفتح، هذه ملخصة من فتح الباري، وكم لفتح الباري من مختصر.

المقدم: وعليها تعليقات يا شيخ، نرى في الهوامش أيضًا بخط نفس المؤلف فيما يظهر. صعب القراءة فيها، لكن بسم الله الرحمن الرحيم.

هذا ليس من خط المؤلف.

المقدم: كان الإسماعيلي في...

هات هات، هذا ليس خط ابن حجر.

المقدم: والذي تحت أيضًا والتعليق؟

كله كله ما هو خط ابن حجر، ولذلك في عنوان المخطوط يقول: لخصه، ما يقول: لخصته من شرحي، لخصه من الشرح الكبير المسمى بفتح الباري إلى آخره، هذا ليس من خط الحافظ، وإن كانت قديمة، يعني قريبة منه من عصره، لكن ليست بخطه.

ما وصل كتاب الطهارة، وكأنه يريد بها تكملة لنكت الزركشي، كما أشار في المقدمة.

يقول: وَقَدْ أَعَلَّهُ قَوْمٌ بِالِاضْطِرَابِ، وَقَدْ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ، وَاسْتَوْفَيْتُهُ فِي مُقَدِّمَةِ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ، لَكِنَّ رِوَايَةَ زُهَيْرٍ هَذِهِ تَرَجَّحَتْ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ بِمُتَابَعَةِ يُوسُفَ حَفِيدِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَتَابَعَهُمَا شَرِيكٌ الْقَاضِي وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَغَيْرُهُمَا، وَتَابَعَ أَبَا إِسْحَاقَ عَلَى رِوَايَتِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَذْكُورِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَحَدِيثُهُ يُسْتَشْهَدُ بِهِ، أَخْرَجَهُ ابن أَبِي شَيْبَة،َ وَمِمَّا يُرَجِّحُهَا أَيْضًا اسْتِحْضَارُ أَبِي إِسْحَاقَ لِطَرِيقِ أَبِي عُبَيْدَةَ.

استحضرها متى؟ ليس أبو عبيده ذكره، يعني هو على ذكرٍ منها.

اسْتِحْضَارُ أَبِي إِسْحَاقَ لِطَرِيقِ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَعُدُولُهُ عَنْهَا بِخِلَافِ رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ عَنْهُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِيهَا لِرِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كَمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، فَلَمَّا اخْتَارَ فِي رِوَايَةِ زُهَيْر طَرِيق عبد الرَّحْمَن على طَرِيق أَبُو عُبَيْدَةَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ عَارِفٌ بِالطَّرِيقَيْنِ، وَأَنَّ رِوَايَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عِنْدَهُ أَرْجَحُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فيه تعقب للعيني هنا.

المقدم: لكلامه.

نعم لكلامه..