بلوغ المرام - كتاب الجامع (12)

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الدعاء هو العبادة» رواه الأربعة وصححه الترمذي الدعاء هو العبادة هذا حصر ولا شك أن كل دعاء عبادة ومن الدعاء ما هو دعاء عبادة ودعاء مسألة دعاء المسألة هو الطلب ودعاء العبادة والتقرب إلى الله جل وعلا بجميع ما افترضه ودعا إليه من نوافل وفرائض وغيرها فهناك تداخل بين الدعاء وبين العبادة قال الله جل وعلا: ﭡﭢ غافر: ٦٠  فهناك ترابط بين الدعاء والعبادة   ﯩﯪ الفرقان: ٧٧  وجاء تفسير الدعاء هنا بالإيمان وفي البخاري «دعاؤكم إيمانكم دعاؤكم إيمانكم» فالدعاء يشارك العبادة ويشارك الإيمان فهو كما يُقسِّمه أهل العلم إلى قسمين دعاء مسألة وهذا فيه الطلب من الله جل وعلا ودعاء عبادة ولذا جاء قال «إن الدعاء هو العبادة» للاهتمام بشأنه والعناية به ولأن من الدعاء ما هو عبادة أو جميع الدعاء بقسميه عبادة أنت حينما تدعو الله وتسأله شيئًا من أمور دينك أو دنياك فأنت تتعبد بهذه العبادة التي لا يجوز صرفها إلا إلى الله جل وعلا فمن دعا غير الله جل وعلا فقد أشرك لأنه عبادة محضة لا يجوز صرفها إلا لله جل وعلا وله من حديث أنس مرفوعًا بلفظ «الدعاء مخ العبادة» وهذا الحديث فيه كلام لأهل العلم كثير من أهل العلم يُضعِّفه وكونه مخ العبادة أي خلاصتها لأن فيه توجيه القلب إلى الله جل وعلا ولذا لا يستجاب لعبد غافل أو ساهي كما جاء في الخبر بل لا بد أن يكون القلب متجها أثناء الدعاء إلى الله جل وعلا قال وله يعني الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه رفعه «ليس شيء أكرم على الله من الدعاء ليس شيء أكرم على الله من الدعاء» وله يعني الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم ولكنه لا يصل إلى درجة الصحة بل هو حسن يعني أقوى من الذي قبله ولا يقوى إلى درجة الصحة «ليس شيء أكرم على الله من الدعاء» لأن الدعاء فيه اعتراف على النفس بالضعف والحاجة واعتراف لله جل وعلا بالقدرة والجود والكرم فهو كريم على الله جل وعلا.

والله جل وعلا يغضب إن تركت سؤاله

 

وبُني آدم حين يُسأل يغضب     .

كما قال الشاعر:

ولو سئل الناس التراب لأوشكوا 

 

إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا     .

تراب الموجود في كل مكان موجود في البيوت موجود في أفنية البيوت في الشوارع لكن الآن فيه صعوبة تكلفه أمر عظيم يعني لقلة ثمنه وكثرة وجوده تسأل التراب يأخذ لك من الأرض يعطيك أول ما يكلف شيء ولذا يقول الشاعر:

ولو سئل الناس التراب لأوشكوا

 

إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا  .

وهو قريب منهم لكن الآن من الصعوبة بمكان أن تسأل تراب يمكن تسأل شيء يشترى بالمال أسهل من أن تسأل تراب وهم يتحدثون في وقتهم وهو إلى وقت قريب التراب مبذول في كل مكان حتى في البيوت حتى في أماكن النوم في المساجد ولسهولته وهوانه على الناس قال.

ولو سئل الناس التراب لأوشكوا 

 

إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا  

فكيف إذا سئلوا عن شيء يكلفهم شيئًا من الجهد أو المال والله جل وعلا يغضب إن تركت سؤاله ولذا لا شيء أكرم على الله من الدعاء وعن أنس رضي الله عنه قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد» لاسيما ممن هو في صلاة فالذي جلس ينتظر الصلاة ينتظر الإقامة هذا دعاؤه لا يرد ويتناول غيره ممن هو في بيته مثلاً بعد الأذان يصلي ما كتب له الراتبة القبلية كالظهر والفجر ويرفع يديه يدعو الله جل وعلا قبل الإقامة فيكون دعا الله بين الأذان والإقامة وتوسل إليه بما شرع له من نوافل فهذا مظنة إجابة «الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد» وهذا سبب لكن قد يكون هناك مانع قد يكون هناك مانع من قبول هذا الدعاء الذي هو في الأصل لا يرد وأيضًا الدعاء في أدبار الصلوات المكتوبة لما قيل للرسول -صلى الله عليه وسلم- أي الدعاء أسمع؟ قال «جوف الليل وأدبار الصلوات المكتوبة» يعين إذا صلى الإنسان في دبر الصلاة ودبر الصلاة يطلق على ما كان متصلاً بها يعني قبل السلام وما بعد السلام لكنه لا يتخذ عادة معلوم أن الدعاء بعد الفراغ من التشهد وسؤال الله جل وعلا الأربع الاستعاذة بالله من أربع والدعاء بعده فليتخير من المسألة ما شاء قبل السلام وإن دعا بعد السلام أحيانًا فيدخل في أدبار الصلوات لأن الدبر يطلق على المتصل كما يطلق على المنفصل كما يطلق على المنفصل، الاجتماع للدعاء بعد الصلوات المكتوبات كما يفعل في بعض البلدان إذا سلم الإمام استمر في مجلسه مستقبل القبل رافعًا يديه ويدعو والمأمونون يؤمنون على دعائه هذا لم يرد به خبر لا صحيح ولا حسن ولا ضعيف كما قال ابن القيم فهو إلى الابتداع أقرب قال رحمه الله وعن سلمان رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إن ربكم حيي كريم إن ربكم حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرًا» يعني خاليتين من دون أن يجيب دعاءه ومعلوم أن رفع اليدين من أسباب الإجابة يمد يديه إلى السماء وثبت في أحاديث كثيرة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رفع يديه وأما في الاستسقاء فهو ظاهر وبالغ في رفع اليدين وفي مواطن كثيرة رفع يديه وللحافظ المنذري جزء في أحاديث رفع اليدين في الدعاء وللسيوطي رسالة اسمها فض الوعاء في أحاديث رفع اليدين في الدعاء فالأصل في الدعاء رفع اليدين إلا ما كان داخل عبادة فيتوقف فيه على النص فيتوقف فيه على النص «إن ربكم حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه» إذا كان بعض المخلوقين يستحيي من مثله أن يرده فما بالكم بالكريم الجواد اللطيف الذي هو أرحم بالإنسان من والدته اللهم إلا إذا وجد مانع يمنع من قبول الدعاء وهذا يكون بسبب العبد نفسه وهو الذي حرم نفسه فإذا بذل الأسباب أسباب القبول قبول الدعاء فلا بد أن يجاب إذا لم يكن ثَمّ مانع فإن أجيب بدعوته التي دعا بها أو ادُّخر له ما طلب وأعظم منه في يوم يكون أنفع له أو يرد عنه من السوء بمقداره أو ما هو أعظم منه وفي هذا إثبات صفة الحياء لله جل وعلا على ما يليق بجلاله وعظمته وكذلك الكرم وعن عمر رضي الله عنه قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا مد يديه في الدعاء لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه أخرجه الترمذي وله شواهد منها حديث ابن عباس عند أبي داود وغيره ومجموعها يقضي بأنه حديث حسن هذا في نقد الحافظ ابن حجر رحمه الله أن الحديث بشاهده يرتقي إلى مرتبة الحسن لغيره وعلى هذا يشرع مسح الوجه بعد الدعاء بعد رفع اليدين بالدعاء مع أن جمعًا من الحفاظ حكموا على الحديث بجميع ألفاظه وطرقه بالضعف وعلى هذا فلا يشرع مسح الوجه بعد الدعاء وهذا هو المرجح لأن ما ورد فيه لا يرتقي إلى درجة الاحتجاج فالحديث بشواهده ضعيف لا يرتقي إلى درجة العمل وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال كان.. قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة» أخرجه الترمذي وصححه ابن حبان وقال الترمذي حسن غريب والغالب فيما يقول فيه الترمذي حسن غريب أنه ضعيف أنه ضعيف بل بعضهم حمل ذلك على الاطراد فقال كل ما يقول فيه الترمذي حسن غريب فإنه ضعيف وعلى كل حال الحديث ضعيف الحديث ضعيف وجاء في الأولوية هذه «إن أقرب الناس مني مجالس يوم القيامة أحاسنهم أخلاقًا إن أقرب الناس مني مجلسًا يوم القيامة أحسنهم أخلاقا أو أحاسنهم أخلاقًا» ولا شك أن الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- فيها فضل عظيم وقد جاء الأمر بها في كتاب الله جل وعلا ﭿ الأحزاب: ٥٦  وأمر بها النبي -عليه الصلاة والسلام- في الصلاة وقال «البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي» -عليه الصلاة والسلام- وجاء الحث على الصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- في ليلة الجمعة ويومها ومن صلى على النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا والأحاديث في هذا الباب كثيرة لا تكاد تحصر قال رحمه الله وعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «سيد الاستغفار سيد الاستغفار أن يقول العبد اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبو لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت» وجاء في فضلها أو في فضل هذا سيد الاستغفار أنه من قاله من النهار موقنًا به فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومثل هذا في المساء ومن قالها.. من قالها من الليل وهو موقنًا بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة هذا سيد الاستغفار هذا الذكر والدعاء المشتمل على ذكر ودعاء جامع لمعاني كثيرة جدًا منها معاني التوبة «خلقتني وأنا عبدك» تذلل وانكسار «وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت» تقول ما استطعت ﯜﯝ البقرة: ٢٨٦  «وإذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم» فالذي لا يستطيعه الإنسان لا يُكلف به ليس معنى هذا أن الإنسان يسترخي ويرى أن كل أمر شاق عليه لا، الدين دين تكاليف والجنة حفت بالمكاره لكن الاستطاعة إذا لم يقدر الإنسان على فعل الشيء سقط عنه «اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت» اعتراف لله جل وعلا بالوحدانية «وأنا عبدك» اعتراف بالحاجة والافتقار «وأنا على عهدك أنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك» يعني ما أخذته علي من عهد وميثاق «ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أعوذ بك» أعتصم بك وألجأ إليك من عاقبة شر ما صنعت «أبوء» أعترف وأرجع وأقر «لك بنعمتك علي» بنعمتك مفرد مضاف فيعم جميع النعم ﭱﭲ النحل: ١٨  «بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي» يعترف أيضًا بذنبه فيطلب منه المغفرة «فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت» ربنا إنا ظلمنا الأعراف: ٢٣  قال رحمه الله وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدع هذه الكلمات حين يمسي وحين يصبح يدع هذه الكلمات حين يمسي وحين يصبح يعني يدخل في المساء ويدخل في الصباح وأذكار الصباح وأذكار المساء أفضل وقت لها قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كما جاء في كثير من النصوص لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدع هؤلاء الكلمات حين يمسي وحين يصبح «اللهم إني أسألك العافية في ديني ودنياي» وأي شيء أعظم من العافية بعمومها وشمولها فالعافية لا يعدلها شيء «اللهم إني أسألك العافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي» الإنسان كله عورات إذا لم يسترها الله جل وعلا افتضح بين الخلائق ونحن نسأل الله جل وعلا في هذه الساعة المباركة الذي أظهر الجميل وستر القبيح يتم نعمته بالستر في الدنيا والآخر «اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي واحفظني من بين يدي ومن خلفي واحفظني من بين يدي ومن خلفي» من أمامي ومن خلفي «وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي» وأعوذ من جميع الجهات بين يديه ومن خلفه يمينه وشماله وفوق وتحت الجهات الست كلها «وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي» وخص الاستعاذة بالعظمة من الاغتيال من تحته لأن الاغتيال الشيء أخذه خفية فيُخشى أن يخسف بالإنسان كما حصل لقارون وغيره فيستعاذ بعظمة الله جل وعلا لأن الذي من بين اليدين ومن الخلف ومن اليمين والشمال ومن الفوق قد يطلع عليه قد يطلع عليه ويتقى ويقاوَم لكن الذي من أسفل كيف يشعر به فيتقى وإذا كان الأمر من الله جل وعلا فلا يقاومه شيء من أي جهة من الجهات لكن كونه من تحت الأخذ بخفية «بينما رجل يتبختر في مشيته خُسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة» نسأل الله العافية وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول «اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك» هذه النعمة التي يتقلب فيها الإنسان يتقلب فيها الإنسان في جميع أحواله وفي جميع ما يتمنى ويريد هذه نعم تحتاج إلى شكر ﭱﭲ النحل: ١٨ ﭲﭳ إبراهيم: ٧  «اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك» لأن الإنسان لا يستطيع العيش إذا تغيرت حاله من نِعَم إلى بؤس وشقاء «وتحول عافيتك» من صحة إلى مرض وأعظم من ذلك العافية في الدين إذا كان على جادّة وعلى صراط مستقيم ثم يتحول إلى غيره من السبل التي تؤديه إلى النار نسأل الله السلامة والعافية «وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك» فجاءة أو فجأة ضُبط بهذا وهذا يعني هذه النقمة التي تأتي بغتة لا يحسب لها الإنسان حسابًا يعني فرق بين أن يتدرج الإنسان في النزول وبين أن يفجأه الأمر وكثير من الناس إذا أُخبر بأمر لم يتوقعه ينهار وقد يصاب بأمور لا يطيقها يعني فرق بين من خلال عشر سنوات صحته تتردى شيئًا فشيئًا إلى أن يصل إلى حد إلى حد اليأس هذا أسهل من أن يكون في صحته وعافيته يدخل المستشفى على رجليه ثم يقال له فيك هذا المرض الذي لا يمكن علاجه يخرج محمول وبعضهم دخل وما خرج من المستشفى وهو داخل المستشفى على رجليه لأن الفجأة لها وقع وفي آخر الزمان يكثر موت الفجأة والمفاجأة هذه لا شك أن لها أثر على النفس وعلى البدن وعلى الدين لأنه قد لا يتمكن من العُهَد وما يشغل ذمته للعباد قد لا يتمكن من هذا لكن إذا كان الأمر بالتدريج فهو يستطيع أن يتخلص مما في ذمته تدريجيًا كما هو في حالة مناسبة لذلك «وجميع سخطك» جميع ما يسخط الله ويغضبه على العبد على العبد أن يستعيذ بالله منه وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «اللهم إني أعوذ من غلبة الدين اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين» يعني الدين الذي يغلبه بحيث لا يستطيع سداده يستعيذ بالله منه ألا يلجأه إليه ولا يضطره إليه وكثير من الناس في وقتنا وزماننا بعد أن رخصت الذمم صاروا يستدينون فيما يحتاج إليه وما لا يحتاج إليه ويرهقون أنفسهم بالديون وهذا لا شك أنه تساهل غير مرضي ومن أخذ أموال الناس جاء الوعيد عليه ولما قُدِّم الميت سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- «هل عليه من دين؟» فإذا قالوا نعم قال «صلوا على صاحبكم» والشهادة على عظم شأنها في الإسلام تكفِّر كل شيء إلا الدين والشيء المقلق أن كثيرًا من المسلمين أُرهقوا بالديون فيما له سبب وما لا سبب له من غلبة الدين وغلبة العدو يعني أمام عدو لا تستطيع أن تغالبه ولا أن تدفعه هذا القهر بعينه «وشماتة الأعداء» وهذه أنكى ما يكون على القلوب الإنسان قد يصاب بمصيبة قد يقع في هفوة والا في زلة لكن إذا علم بها عدو يتشمت فيه في المجالس هذه أيضًا من الأمور التي لا تطيقها القلوب رواه النسائي وصححه الحاكم يعني كون العدو يفرح بهذا الضرر الذي حصل على على عدوه هذه كارثة وجاء الاستعاذة من شماتة الأعداء في نصوص وعن بريدة رضي الله عنه قال سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول رجلاً يقول سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً يقول اللهم إني أسالك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لقد سأل الله باسمه الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب» خرّجه الأربعة وصححه ابن حبان وعن بريدة رضي الله عنه قال سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً يقول اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد هذا سؤال والا توسل لسؤال كونه سؤال عبادة دعاء عبادة هذا ما فيه اشكال لكن إذا قُدِّم لدعاء المسألة بمثل هذا حصل ما قال «لقد سأل الله باسمه الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب» هذا توسل وتقدِمة بين يدي السؤال قال إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت يشهد لله جل وعلا بالوحدانية الأحد الصمد الذي تصمد إليه الخلائق وتتجه إليه في قضاء حوائجها ولا رب غيره ولا إله سواه أحد يستطيع أن يقضي الحوائج لا أحد غير الله جل وعلا الأحد الصمد الذي تصمد إليه الخلائق ومنهم من يقول الصمد الذي لا جوف له فليس بحاجة إلى أكل ولا شراب الذي لم يلد ولم يولد لم يلد ولم يولد يعني هل الولادة كونه لم يلد متقدم أو كونه لم يولد هو المتقدم؟ أيهما المتقدم كون الإنسان يولد والا كونه يلد كونه يولد هو المتقدم وقُدِّم لم يلد على لم يولد لأن هذا هو الواقع ادعاء الولد لله جل وعلا هو الواقع ولم يدع أحد أن الله جل وعلا وُلد وكونه يُذكر مع أنه لم يقل به أحد هذا من باب التعميم التعميم في النفي التعميم في النفي كما جاء في حديث الكسوف «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته» وهم إنما قالوا إن الشمس إنما انكسفت لموت إبراهيم ما قالوا إنها تنكسف لحياة أحد لكن من تمام النفي ومن عموم النفي أن يذكر المنفي مع ما يقابله فإذا نفي المقابل مع أنه لم يقل به أحد فلأن ينفى ما قيل به من باب أولى ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد ليس له مثيل ولا نظير ولا شبيه جل وعلا فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لقد سأل الله باسمه الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب» الذي جاء التعبير عنه بالاسم الأعظم وقد جاء أحاديث يؤخذ منها الاسم الأعظم منهم من يقول أن الاسم الأعظم هو الله وجاء ما يدل عليه ومنهم من يقول الاسم الأعظم الحي القيوم وجاء ما يشير إليه ومنهم من يقول ما جاء في هذا الخبر وكلها أسماء عظمى لله جل وعلا وكلها إذا قُدِّمت بين يدي الدعاء فإنه حري بالإجابة إذا لم يكن ثم مانع من قبوله ومما يرجى إجابته إذا صُدِّر الدعاء بيارب أو ربنا كما جاء في أواخر في آخر سورة آل عمران ربنا ربنا خمس مرات حتى قال بعضهم أن من كرر يا رب أو يا ربنا خمس مرات أجيب له استجيب له لأنه في النهاية قال آل عمران: ١٩٥  وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أصبح يقول كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أصبح يقول «اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور» «اللهم بك أصبحنا» يقدم الصباح ويقدم المساء إذا أمسى «وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور» والنشور مناسب للصباح لأنه انتشر وقام من النوم كما في النشور الذي بعد الموت بالبعث والنوم شبيه بالموت وهو الموتة الصغرى    ﭰﭱ الزمر: ٤٢  المقصود أن النوم موت جاء ما يدل عليه فإذا نُشر الإنسان بعد واستيقظ بعده ناسب أن يقال وإليك النشور وإذا أمسى قال مثل ذلك إلا أنه يقدم المساء اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا وبك نحيى وبك نموت وإليك المصير إلا أنها قال «وإليك المصير» خرجه الأربعة وبك أصبحنا وبك أمسينا متعلق بمقدر يعني بقدرتك وقوتك ولطفك وإعانتك أصبحنا ولولا ذلك كله ما أصبحنا ولا أمسينا ومعنى أصبح وأمسى أي دخل في الصباح ودخل في المساء كما يقال أسفر وأظلم وأنجد وأتهم يعني دخل في الصباح دخل في المساء دخل في تهامة دخل في نجد كما هو معلوم قال رحمه الله وعن أنس رضي الله عنه قال كان أكثر دعاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» من جوامع الأدعية وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- كثيرًا ما يدعو بهذا وإذا دعا بدعاء ضمنه هذا الدعاء يعني أدرجه معه ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار فهذه جامعة لخير الدنيا والآخرة والحسنة جنس يعم جميع الحسنات وقد يقول قائل إنها نكرة في سياق نكرة في سياق الإثبات فلا تعم لكن إذا فُسِّرت الحسنة بالنعيم أو النعمة عمت فهنا شامل لنعيم الدنيا والآخرة «وقنا عذاب النار» الوقاية من عذاب الله جل وعلا نسأل الله جل وعلا أن يمن علينا بذلك وكثر كلام أهل العلم في تفسير حسنة الدنيا وتفسير حسنة الآخرة قال ابن كثير الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي من عافية ودار رحبة وزوجة حسناء وولد بار ورزق واسع وعلم نافع وعمل صالح ومركب هنيء وثياب جميلة إلى غير ذلك مما شملته عباراتهم فإنها مندرجة في حسنة الدنيا، فأما الحسنة في الآخرة فأعلاها دخول الجنة وتوابع ذلك من الأمن وجميع ما في الجنة من النعيم المقيم فيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر.. ولا خطر على قلب بشر وأعظم ذلك كله النظر إلى وجه الله جل وعلا إلى وجهه الكريم جل وعز فهو أعظم نعيم لأهل الجنة وأما الوقاية من النار وقنا عذاب النار فهي تقتضي تيسير أسبابه في الدنيا تيسير أسباب ذلك في الدنيا من اجتناب المحارم وترك الشبهات أو العفو محضًا والمراد بقوله وتوابعه إلى آخره يعني في كلام دخول الجنة وتوابعه ما ذكرنا من النعيم المقيم الذي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وأعظم ذلك كله كما ذكرنا النظر ورؤية الرب جل وعلا أعظم نعيم لأهل الجنة قال رحمه الله وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي» يعني ما فعلته عن عمد وما فعلته عن جهل وإسرافي يعني تجاوزي للأمر المشروع «وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني» لأن الإنسان قد يخطئ على علم وقد يخطئ على جهل وقد يتجاوز ويتعدى وقد لا يتبين له الأمر مما يعلمه الله جل وعلا ويخفى على الإنسان وشمل الدعاء هذه كلها «وما أنت أعلم به مني اللهم اغفر لي جدي وهزلي» يعني ما وقع منه من هفوة وهو جادّ في ذلك أو هازل «وخطأي وعمدي وخطأي وعمدي وكل ذلك عندي» اعتراف من الإنسان على نفسه وكل بني آدم خطاء والذي يزعم أنه لا توجد عنده هذه الأشياء هو ممن زكى نفسه وقد جاء النهي عن ذلك ﯛﯜ النجم: ٣٢  فلا بد من وقوع الخطأ سواء كان من عمد أو من جهل «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت» يعني جميع الذنوب المتقدمة والمتأخرة «وما أسررت وما أعلنت» يعني ما أخفيت بيني وبين ربي وما أعلنته للناس لأن كل هذا يقع «وما أسررت» وفيه الخبر «كل أمتي معافى إلا المجاهرين» فالذنب في السر الذي يخفيه الإنسان عن الناس أمره أسهل ما لم يظهر للناس خلاف ما يفعله في السر يظهر للناس التنسك وإذا خلا بمحارم الله انتهكها هذا أعظم نسأل الله السلامة والعافية لكن إذا كان على جبلته وطبيعته يزاول بعض المعاصي ويخفيها حياء من الله جل وعلا واستحياء من خلقه فإن هذا أمره أسهل ويرجى أن يعفى عنه كما في حديث «كل أمتي معافى إلا المجاهرين» على ألا يظهر للناس خلاف ما يبطن يظهر للناس التنسك ثم بعد ذلك إذا خلا بمحارم الله انتهكها فهذا أمره أشد ولا تعارض بين الحديثين لا تعارض بين الحديثين كما في حديث «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه» هذا سياق ذم من كانت هجرته لدنيا أو لامرأة هذا سياق ذم لأنه في مقابل «من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله» لكن هل يذم من انتقل من بلد إلى بلد لطلب الرزق؟ أو بحث عن زوجة تناسبه في بلد ما فلم يجد فانتقل منه إلى غيره طلبًا لزوجة صالحة هل يذم؟ وقد أظهر للناس أنه إنما سافر للتجارة أو سافر ليتزوج هذا ما يذم أبدًا لكن إن أظهر للناس أنه إنما هاجر لله ورسوله وفي الحقيقة الأمر إنما هاجر للدنيا أو للمرأة هذا الذي يُذم والأمثلة على ذلك كثيرة «وما أعلنت وما أنت أعلم به مني وما أنت أعلم به مني» هذا شيء لا أعلمه يقع مني زلات وهفوات في السر والعلن لا ألقي لها بالاً ولا أعلم أنها تقدح والله جل وعلا يعلم ذلك منك لأنه يعلم السر وأخفى «وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر» أنت المقدم لا أحد غيرك الإنسان إذا كان له زميل أو تلميذ أقل من زميل ثم يرى في يوم من الأيام أن هذا التلميذ قُدم عليه في المجالس أو في الوظائف أو في أي مجال من المجالات قد يلوم لماذا يُقدم هذا وأؤخر أنا وهو زميلي وتلميذي «أنت المقدم» الذي يقدم هو الله جل وعلا «وأنت المؤخر» فالله هو الذي قدمه وأخرك لا تلُم المخلوق ولا تسأل المخلوق اسأل من بيده أزمة الأمور كلها «أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير» فالمرجو والمسئول والمرغوب والمرهوب منه هو الله جل وعلا بيده كل شيء واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم يقدره أو لم يكتبه الله لك لن يستطيعون أن ينفعوك بشيء وقل مثل هذا لو اجتمعوا أن يضروك بشيء لم يقدره أو لم يكتبه الله عليك لن يستطيعوا أن يفعلوا شيئًا متفق عليه وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول «اللهم أصلح لي ديني اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري» يعني هو عصمة أمري في ديني في الدنيا والآخرة به السلامة من كل الشرور والآفات ولو حصل أشياء متعلقة بالدنيا أو بالولد أو بالبدن أو ما أشبه ذلك كل شيء لا يهم إذا سلم رأس المال الذي هو الدين.

وكل كسر فإن الدين يجبره   

 

وما لكسر قناة الدين جبران 

إذا سلم الدين فالباقي كله سهل اللهم «أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري» الذي أعتصم به من كل الشرور والآفات «وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي» طلب صلاح الدين هذا هو الأصل لأن به يتحقق الهدف الذي من أجله خلقت تحقيق العبودية لله جل وعلا وإصلاح الدنيا التي فيها معاش الذي لا بد منه من أجل تحقيق الهدف إذا لم تصلح دنياك التي فيها معاشك قد لا تستطيع أن تحقق الهدف الذي من أجله خلقت ولذا جاء في قوله جل وعلا   ﯳﯴ القصص: ٧٧  لأن الإنسان قد يستغرق في تحقيق ما خلق من أجله ويضيع أمر الدنيا ويصير عالة على غيره لا تنس نصيبك من الدنيا الذي به تحقق الهدف لأن الدنيا ليست هدف وليست دار مقر وإنما دار ممر ولذا جاء في الحديث «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل» فهو من أجل الدين صلاح الدنيا من أجل الدين ومن أجل إقامة الدين بخلاف من جعل الدنيا هي الهدف وجعل الهدف من خلقه استعمار الأرض عمارة الأرض فهو من أجل تحقيق هذا الهدف يرتكب ما يخل بدينه من أجل هذا الهدف الذي جعله هدفًا لنفسه وهو عمارة الأرض ومع الأسف أنه يقول بهذا بعض من ينتسب إلى الدعوة هذا منهج خاطئ الهدف الذي من أجله خلق الإنسان تحقيق العبودية الذاريات: ٥٦  ولذا تجد بعض الكُتَّاب يسخرون من بعض العباد والزهاد لماذا؟ وش معنى العبادة والزهد إلا تعطيل الدنيا والله خلقنا واستعمركم فيها يعني طلب منكم عمارتها وهل قال لكم خربوا الدنيا ما قال أحد خربوا الدنيا من أهل العلم ولا من أهل العمل اعمر من دنياك ما يوصلك كالمطية إلى آخرتك أنت خلقت لهدف وما عدى ذلك فهو وسائل لتحقيق الهدف واحد يكتب في الصحف يقول الزهد وش الزهد وش معنى الزهد؟ إذا إذا قرأنا في الكتب عن زهد سفيان أو زهد أحمد بن حنبل يسخر يقول هؤلاء جلسوا في المساجد وعطلوا الدنيا هذا زهد والله أمرنا بعمارة الأرض استعمركم فيها يعني طلب منكم عمارتها فهل يتحقق هذا الهدف بالجلوس في المساجد؟! ويقول الشاعر ومع الأسف أن هذا البيت وأمثاله كان يردد:

إسلامنا دين .....................    .

 

.................................. 

إيش؟

إسلامنا دين يقيم حياتنا 

 

في زوايا المسجد ................

ما تحفظون البيت؟ والله نسيت البيت لكن هذا مفاده يقول ليس الإسلام الذي جاء به الرسول -عليه الصلاة والسلام- إقامة شيخ أو كذا في زوايا المسجد وجاء ما يدل على أن المسجد بيت كل تقي.

إسلامنا دين يقيم حياتنا        .

 

...................................                     .

نسيت البيت..، لكنه من هذا النوع وكان يردد وينشد في المحافل على أنه دعوة للعمل وأن الإسلام دين عمل نعم الإسلام دين عمل لكن دين عمل للدين أولاً ثم بعد ذلك للدنيا بما يقيم الدين فلا يخلط الإنسان من كثرة الدعاوى للعمل والا الكلام على البطالة وترك العمل ليس من الدين السماء لا تمطر ذهب ولا فضة لكن مع ذلك العمل في الدنيا من أجل إقامة الدين «وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي» أصلحها بحيث إذا وصلت أصل إلى مأمن وإلى جنة وإلى نعم «واجعل الحياة زيادة لي في كل خير» الحياة يعني طول العمر والزيادة في الأيام والشهور والأعوام «زيادة لي في كل خير» لأن هذه هي الفائدة من العمر العمر أيام وليالي وهي عبارة عن ظروف وحياتك الحقيقية ما تودع في هذه الظروف حياتك الحقيقية هي ما تودع في هذه الظروف مما ينفعك في آخرتك «واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل شر» هذه أدعية جوامع وليس في هذا الدعاء بالموت وإنما هي الدعاء بالموت الموصوف بالراحة الموت الموصوف بالراحة وليس الموت على إطلاقه مطلوب أو مرغوب «لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به» لكن إذا كان الموت مقرون براحة فالإنسان يبحث عن الراحة كما في قول يوسف يوسف: ١٠١  ما هو المقصود الوفاة لذاته وإنما المقصود الوفاة على الإسلام وليس في هذا تمني للموت «واجعل الموت راحة لي من كل شر» أخرجه مسلم وعن أنس رضي الله عنه قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول «اللهم انفعني بما علمتني اللهم انفعني بما علمتني» لأن العلم الذي لا ينفع وبال على صاحبه وبال على صاحبه وقيام حجة عليه فعلى الإنسان أن يعمل بعلمه والعمل هو الثمرة من العلم هو الثمرة من العلم أما إذا تعلم ولم يعمل ولم ينتفع بعلمه هذا وبال عليه وشقاء في الدنيا والآخرة «اللهم انفعني بما علمتني وعلمني ما ينفعني» ترتيب الجمل هنا «اللهم انفعني ما علمتني وعلمني ما ينفعني» لو قال اللهم علمني ما ينفعني لأن العلم قبل القول والعمل العلم            محمد: ١٩  فبدأ بالعلم قبل القول والعمل يعني لو قدمت الجملة الثانية علمني ما ينفعني وانفعني بما علمتني لأن النفع مترتب على العلم هذا ترتيب طبيعي لكن لأهمية العمل وجعل العلم بدون عمل لا قيمة له ووجوده مثل عدمه والعلم يهتف بالعلم إن أجابه وإلا ارتحل قدم العلم النفع والانتفاع بالعلم والعمل بالعلم على العلم للاهتمام بشأنه والعناية به «اللهم انفعني بما علمتني وعلمني ما ينفعني وارزقني علمًا ينفعني» ارزقني يطلب المزيد ولم يؤمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بطلب المزيد من شيء إلا من العلم طه: ١١٤  وللترمذي من حديث أبي هريرة نحوه وقال في آخره «وزدني علمًا» كما أمر الله جل وعلا نبيه أن يقول طه: ١١٤  «الحمد لله على كل حال وأعوذ بالله من حال أهل النار» قال وإسناده حسن وإسناده حسن على كل حال جملة الحمد لله على كل حال فيها نكارة عند أهل العلم وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- علمها هذا الدعاء علمها هذا الدعاء وإذا علَّم عائشة لا يتعلمه غيرها الناس كلهم بحاجة إلى ما تحتاجه عائشة رضي الله عنها الناس كلهم يحتاجون إلى تعلم هذا الدعاء الذي علمه عائشة وعائشة بدورها بلغت ما يحتاجه الناس ولو كان خاصًا بها ما بلّغت علمها هذا الدعاء «اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله» القريب منه والبعيد «عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم» يعني ما أعرف عنه شيئًا وما يخفى علي أمره ما علمت منه وما لم أعلم وأعوذ بك من الشرك كله عاجله وآجله يسأل الله جل وعلا الخير ويستعاذ به من الشر كله «عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم اللهم إني أسألك من خير ما سالك عبدك ونبيك» لأنه لا يسأل إلا ما ينفع ولا يستعيذ إلا مما يضر اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك وأعوذ بك من شر ما عاذ بك عبد ونبيك يعني الذي أوتي من جوامع الكلم يعني بعض الناس يسأل ما ينفع ويستعيذ مما يضر لكنه يسأل بما غيره أولى منه قد يسأل المسلم ما ينفعه ويستعيذ مما يضره لكنه قد يقدم شيء مفضول بخلاف النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي أوتي جوامع الكلم «وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل» كما قال الأعرابي يا رسول الله إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ لكني أسأل الله الجنة وأعوذ به من النار قال «حولها ندندن» «اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرًا أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرًا» ليس المعنى أن الإنسان يسأل الله جل وعلا ألا يصيبه ألا يصيبه ما يستفيد منه من آثاره من المصائب التي تحصل من المكفرات لا يسأل الله جل وعلا أن أن يصاب لكن إذا أصيب ليعلم أن هذا خير له أن هذا خير له أنه لا تزال المصائب بالإنسان حتى يخرج من ذنوبه طاهرًا مطهرًا ولا شك أن المصائب مكفرات للذنوب وأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم «وأعوذ بك من النار وما قرَّب إليها من قول أو عمل وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرًا» يعني بذاته أو ما يترتب عليه بذاته أو ما يترتب عليه أخرجه ابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم ثم قال في آخر حديث في الكتاب وختم به الحافظ كتابه كما ختم به البخاري كتابه وأخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان سبحانك الله وبحمدك سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم» وهذا آخر حديث في الكتاب كما أنه آخر حديث في صحيح البخاري في صحيح البخاري كلمتان «حبيبتان إلى الرحمن» يعني محبوبتان إلى الله جل وعلا «خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان» ومع هذه الأوصاف تجد كثيرًا من الناس يغفل عنها ولا تكون على لسانه باستمرار بل على الإنسان أن يكون لسانه رطبًا بهذه الأذكار أو بغيرها كما سبق في فضل الذكر وإذا كانت هاتان الكلمتان خفيفتين على اللسان فلا يتركهما إلا محروم مع أنهما محبوبتان إلى الله جل وعلا وثقيلتان في الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم «خفيفتان على اللسان» هذا واضح «ثقيلتان في الميزان» منهم من يقول كيف تكون ثقيلة وهي في الوقت نفسه خفيفة يجتمع فيها الضدان فبالإمكان أن يكون الثقيل الصحيفة التي كتبت بها هاتان الكلمتان والخلاف بين أهل العلم هل الذي يوزَن العمل أو يوزَن ما يكتب به العمل من أعيان أو يوزن صاحب العمل؟ لا شك أن العمل يوزن والله جل وعلا يحوّل هذه المعاني إلى أعيان توضع في الموازين وترجح أو تخف وفيه إثبات الميزان الذي توزن به أعمال العباد من حسنات وسيئات وله كفتان خلافًا لما يدعيه المعتزلة وغيرهم من المبتدعة الذي ينفون الميزان ويقولون إن الله جل وعلا ليس بحاجة يعلم مآل الناس بدون وزن الذي يحتاج إلى ميزان هو المخلوق ليعرف قدر العمل وقدر ما يمكن أن يوزن ومع ذلك الله جل وعلا يعلم ولا يخفى عليه شيء ويعلم المآل قبل أن يولد الإنسان ويعلم الشقاء والسعادة لكن ليقطع العذر ليقطع العذر لأنه لو أدخل النار من غير وزن ادعى أنه مظلوم لكن إذا رأى أعماله بعينه ورأى الكفة رجحت يقطع العذر ليظهر العلم من عالَم الغيب إلى عالَم الشهود لئلا يكون للناس حجة على الله جل وعلا وإلا فالله جل وعلا يعرف أنه سترجح الحسنات بالسيئات أو العكس ويعرف أن هذا مآله إلى الجنة وهذا مآله إلى النار فليس في دعوى المعتزلة أو ليس لدعواهم أي وجه وليس لها أي قبول.

 

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"
هذا يسأل يقول بعد الانتهاء من هذا الكتاب المبارك ما هي الخطة للدورة القادمة هل هي إعادة شرحه من جديد؟

هذا بعد التسجيل الظاهر إنه ما له داعي هو صحيح أن الشرح إذا أعيد قد يكون فيه تجديد ويكون في الأول أيضًا شيء قد ينسى في الشرح الثاني ويحصل تكامل بين الشرحين لكن أظن الوقت ما يسعف لأنا استغرقنا في شرحه قرابة ثمان سنوات فمثل هذا الكتاب يحتاج إلى وقت طويل وإعادة الكتاب مرة ثانية مع وجود التسجيل أظن الفائدة في الزوائد التي يمكن أن تدرك من كتب أخرى من الكتب التي شرحت قد يوجد فيها زوائد على ما في هذا الكتاب وشرحنا المحرر لابن عبد الهادي وأخذنا منه قرابة الثلثين يعني أكثر من النصف أخذنا منه وعمدة الأحكام كاملة وتقريب الأسانيد أكثر من النصف فيها زوائد على ما في شرح البلوغ وفي البلوغ ما لا يوجد هناك فالشروح متكاملة فلا داعي لإعادته من جديد.
يقول أم البدء في كتاب آخر وإن كان كتاب آخر فما هو؟
إلى الآن ما اتفقنا مع الشيخ خالد على شيء ولعل الله ييسر الأمر مع أن الأمر الآن كما تعلمون خرج من يدي ليس في يدي إنما نستطيع أن نُسدد ونقارب ولسنا على ما كنا عليه من قبل الإنسان يأتي متى ما أراد ومتى شاء لا، الأمر خرج من اليد هناك دوام ونحن ملزمين بمرجع فأعدكم إن شاء الله بعدم الانقطاع أعدكم بعدم الانقطاع إن شاء الله تعالى وإن لم يكن مُرتبًا مثل هذا الترتيب لكن شيء أحسن من لا شيء.

يقول هل من كلمة توجيهية للمرأة فيما يتعلق باللباس أمام النساء لاسيما ونحن مقبلون على إجازة وتكثر المناسبات فيها عادة.

لما نشر بين الناس وأشيع القول بأن عورة المرأة أمام المرأة من السرة إلى الركبة ولا شك أن هذا قول معروف عند أهل العلم لكن أهل العلم الذين يقولون بهذا القول يقررون بالاتفاق أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب فهل يمكن المرأة أن تستر من السرة إلى الركبة وتضمن هذا الستر لا بد أن تستر معه ما يستر المحرم فإذا جلست المرأة وعليها ما يستر وهي قائمة واقفة الركبة فالمقطوع به والمجزوم أنها إذا جلست أو انحنت لتتناول شيئًا أن السوءة لا بد أن تظهر فيكون حينئذٍ هذا اللباس حرام بالإجماع وأنا أقرر وأقول هذا القول مع أني لا أراه لكن حتى على هذا القول لا بد من أن تستر ما يتم به الواجب فترخي الستر من أجل ستر ما يجب ستره بالإجماع وهو السوءة يعني إذا جلست لا يظهر الفخذ وقد سترت الركبة وهي قائمة؟ إذًا لا بد أن تستر الساق من أجل أن تستر الفخذ إذا جلست أو انحنت لتتناول شيئًا وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وأنا أقرر هذا الكلام توجيهًا وصيانة لأقوال أهل العلم الذين قالوا بهذا القول وهو قول معروف عند أهل العلم لا يمكن أن يقول عالم ولا جاهل بأن المرأة تستر إلى الركبة وإذا جلست ظهرت سوءتها وتكون قد أدت ما أوجب الله عليها لا يمكن أن يقول هذا عاقل لا عالم ولا جاهل القول الثاني وهو المرجح وهو الذي يدل عليه الدليل وفيها آيتان من كتاب الله جل وعلا آية النور وآية الأحزاب أن عورة المرأة مع المرأة كعورتها عند محارمها كعورتها عند محارمها وعورتها عند محارمها لأن النساء نُسقن على المحارم عُطفن على المحارم وهل تستطيع البنت أن تظهر لأبيها ما ذُكر وهل تستطيع أن تظهر لأخيها ما ذُكر؟! فضلاً عمن بعُد كولد الزوج مثلاً وهو من المحارم أو والد الزوج أو العم أو الخال ممن هم أبعد من الولد والوالد لا يستطيع تستطيع أن تظهر هذه العورات وإنما تظهر ما يظهر غالبًا ما يظهر غالبًا وبعضهم يحد ذلك بأعضاء الوضوء التي تحتاجه عند محارمها فساعدها الذي تغسله للوضوء وقدمها الذي تغسله للوضوء ورأسها التي تمسحه للوضوء هذا لا بأس به وما عدا ذلك لا يجوز كشفه للمحارم ولا لغيرهم وهذا في الظروف العادية الطبيعية حينما تنتفي الفتنة أما إذا وجدت الفتنة فلا يجوز أن يخرج أي شيء يثير الرجل ولو كان من محارمها وإذا وجدت الفتنة بالنسبة للنساء فلا يخرج أن يخرج لهن شيئًا وأقرب شيء في يوم الأربعاء اتُصل عليّ امرأة تسأل وتقول بجنبي امرأة وهذا معروف من الحياء من حياء النساء ولعل السائلة هي صاحبة الشأن تقول إنني زميلة وفتنت بحبها تقول وزوجي يعاشرني أتصورها امرأة هذه تتصور هذه المرأة وزوجها يعاشرها ثم نقول ما فيه فتنة؟ الفتنة مأمونة بين النساء والله ليست مأمونة النساء لهن غرائز ولهن شهوات مثل الرجال شقائق الرجال فهذه المرأة التي تصور هذه المرأة وزوجها يعاشرها ماذا يحصل لو تفردت بها وعليها لباس مما ذكر سوف يحصل المحرم يعني تصوُّرها أثناء الجماع جماع زوجها هل جاء من فراغ؟ ثم نقول المرأة مع المرأة ما فيه إشكال كما أن الرجل مع الرجل ما فيه إشكال يعني يكثر السؤال من رجال أنه يعاشر زوجته وهو يتخيل غيرها لأنه يرى في القنوات وفي غيرها ما يثيره وقد تكون زوجته أقل مستوى مما رأى هذا كثير في الرجال لكن أن يوجد في النساء والله ما كنت أتصور والله إنه سؤال واقع سئلت عنه في يوم الأربعاء ثم نقول الأمر سهل والنساء مع النساء ما بينهن شيء ولا فتنة ولا.. والله إن الفتنة موجودة وهذا التساهل غير مرضي والنساء إذا قيل لهن بقول كالرجال إذا أفتوا بشيء يقصرون دونه والاحتياط للدين والعرض واجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ونحن في زمن فتن فلا يجوز للمسلم ذكرًا كان أو أنثى أن يُعرِّض نفسه للفتن فعلى المرأة المباشرة لهذا التساهل وعلى وليها وهو مسؤول عنها أمام الله جل وعلا ألّا يمكنها من هذا التساهل الذي لا يرضاه الله ولا رسوله ولا أحد من خلقه ممن جُبل على الفطرة واستمر عليها.