شرح مختصر الخرقي - كتاب الأقضية (01)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يقول: يسأل هذا عن طبعة (التمهيد) لابن عبد البر بتحقيق بشار عواد، وهل صحيحٌ أن فيه سقطًا؟ وكذلك (تحفة الأشراف) بتحقيقه أيضًا، هل هي أفضل طبعة؟

أولاً: (التمهيد) لابن عبد البر طُبع أول ما طُبع بالمغرب، طبعة مُقابلة على نُسخ تعرفون أن الكتاب كبير، وطبعه متأخر، ويحتاج إلى مزيد عناية؛ لأن تأليفه متقدم، ولُوحظ على الطبعة المغربية وما تلاها من الطبعات التي اعتمدت عليها بعض الخلل، وإن كان بالنسبة لحجم الكتاب يُعد أمرًا عاديًّا بالنسبة لطباعة الكتب لا بُد أن يقع فيها ما يقع، وإذا تكلمنا على الطبعات القديمة، ومنها طبعة بولاق وأنها أصح المطابع، وأن القائمين عليها علماء لا يعني أنها استوعبت ما على الأرض من النُّسخ، ووازنت بينها، واعتمدت أفضلها، قد يوجد بعد طبعتهم نُسخ خفيت عليهم، فصارت أصح من طبعة بولاق، هذا أمر معروف، وهكذا عمل البشر، طبعة بشار أنا اقتنيتها من قريب من الشهر، ومازالت في كرتونها ما تيسر لي الاطلاع عليها؛ فلذلك لا أستطيع الحكم عليها.

وأما بالنسبة لـ(تحفة الأشراف) فأنا كل اعتمادي على الطبعة الهندية، ظهرت طبعة بشار من سنين، وقالوا: إن فيها زيادة أحاديث؛ لكن هذه الأمور بالنسبة للكتب أحاديث تزيد وأحاديث تنقص تأخذ من العمر أكثر مما تستحق، لأن هذا الكتاب ما هو بأصل يُعتمد عليه، هو كالفهرس، والأصول باقية، والذي معوله وعمدته وتعامله مع الأصول قد لا يحتاج إلى هذه الكتب، أنا لا أقصد التمهيد، أقصد تحفة الأشراف وما في حكمها من الكتب التي تدل على مواضع الأحاديث، هي أشبه بالفهارس، والفهارس حادثة وطارئة، وما كان العلماء المتقدمون يعتمدون عليها، ما احتيج إليها إلا لما قلَّت العناية بالأصول، وصار طالب العلم بعيدًا عن الأصول، وصار يحتاج إلى ما يدله على موضع الحديث، ومع ذلك حتى بالنسبة لمقابلة النسخ وإن كان فيه خير، وفيه فائدة، ومقابلة الروايات والعناية بها مثل روايات الصحيح وغيره قد يقول قائل: علماؤنا لا يعرفون هذه الأمور ألبتة، ولا يُلقون لها أي بال، لماذا؟

لأنه بدل ما يعتني برواية كريمة أو رواية أبي ذر في فرق حرف أو كلمة أو كذا يمشي في الكتاب، يقطع فيه شوطًا كبيرًا، فهذا هو عمدتهم ومعولهم، لا يهتمون بهذه الأمور بقدر ما يعتنون بالغايات.

المتقدمون لا يعتنون بالعد صحيح مسلم قيل: سبعة ألاف، وقيل: ثمانية آلاف، وقال ابن سلمة: اثنا عشر ألف، من أين جاء الفرق الكبير؟ كذلك المسند قالوا: أربعين ألفًا، وبعد الطباعة نقص عشرة أو أكثر، أين ذهبت هذه الأحاديث، هل ضاعت على الأمة؟ لا، سببه أن المتقدين لا يعتنون بهذه الأعداد، ويرون أن تضييع الأوقات بِعد الأحاديث يعوق، ويصد عن حفظ عشرات، بل مئات الأحاديث.

لكن إذا نظرنا في العصور المتأخرة لفائدة هذه الأعداد الذي يعد في السابق يعد نسخة واحدة، يعد أحاديث نسخة واحدة، ويرقمها أو قد لا يرقمها بعد، فيستفيد منها بنفسه، لكن الآن الذي يعد كتابًا ويُقدمه للطباعة، ويُطبع منه عشرة آلاف، عشرين ألف نسخة بهذه الأرقام يستفيد منها جمعٌ غفير من الناس، فالتعب الذي يُبذل فيها مناسب لهذه الأعداد وهذه الجموع الذين يستفيدون منها؛ لأن العد والترقيم فيه فائدة للإحالات على المتقدم والمتأخر.

 ذهب الحُفاظ الذين يستظهرون الكتب من أولها إلى آخرها حتى وُجِد من ينفي أحاديث ثابتة من رواية البخاري أو من مسلم، يقول: ما رواه البخاري، ولا رواه مسلم، وقد يشرح الكتاب وهو معدودٌ من أهل العلم، ويخفى عليه ما بعده من الأبواب أو ما قبله من الأبواب؛ لأن الحُفاظ مع الوقت يقلون لاسيما بعدما جاءت الدعاية -لما بدأت الدراسات النظامية في البلاد العربية- جاءت الدعايات من المستشرقين ومن يوافقهم في الأفكار يقولون: الحفظ لا قيمة له؛ لأنه يُبلد الذهن، والمعول على الفهم، هذا الكلام صحيح؟ هذا بالنسبة لعلومهم علوم الدنيا قد تكون المعاناة بالفهم، كُتبهم تحتاج إلى نوع من الفهم، الحفظ ما يحتاجون إليه كثيرًا؛ لأنها بالمعاناة تثبت، مهندس أو طبيب يمسك كتابًا يحفظ؟ بالتجربة، بالعمل مثل قيادة السيارة، الذي درس في مدارس قيادة السيارات، هل هو أفضل من الذي أخذ المفتاح من جيب أبيه وهو مازال صغيرًا وراح في القيادة؟ ما هو بأفضل. ولا يحث على هذا، لكن الواقع أن هناك علومًا تحتاج إلى فهم، ولا تحتاج إلى حفظ.

العلوم التجريبية غالبها من هذا النوع، أما علومنا النصوص من الكتاب والسُّنَّة ما يُمكن أن تُدرك إلا بالحفظ، صار بعض من ينتسب إلى العلم يتبنى مثل هذه الأمور، وانصرف الناس عن الحفظ.

ولذلك مرت حقبة عندنا وعند غيرنا لو تبحث في البلد عن عشرة من الحُفاظ لكتاب الله ما وجدت، استجابةً لمثل هذه الدعايات، وأن الحفظ يُبلد الذهن، لكن هذا الكلام باطل، ونصوص الكتاب والسُّنَّة لا يُمكن أن تثبت في قلب طالب العلم إلا بالحفظ.

قد يقول بعض الناس: إن الحفظ عندي ضعيف، ما أقدر أن أحفظ، لا يُكلف الله نفسًا إلا وسعها، كرِّر وقلِّب العلم من يمين إلى يسار، ومن يسار إلى يمين، اكتبه على هذه الجهة، وضع عليه أسئلة، وأجب عليها، وناقش فيها من ترى من طلاب العلم، ويثبت إذا كنت لا تستطيع الحفظ.

وذكرنا قصة الجلالين صاحبي التفسير تفسير الجلالين جلال الدين المحلي، وجلال الدين السيوطي، المحلي قالوا: إن فهمه يثقب الألماس أو الفولاذ –ما أدري والله ما قالوا- من قوته وجودته، ولا يستطيع أن يحفظ صفحة، وقام مدةً لحفظ ملزمة من كتاب الشيرازي ما هو (المهذب)، الثاني، أبو إسحاق الشيرازي؟

طالب:.......

لا لا، في الفقه متن فقهي له (المهذب) وله كتاب آخر، ما اسمه؟

طالب:.......

هذا موجود ومتداول ومطبوع، أخذ مدة طويلة ليحفظ هذه الملزمة فيها أبواب يسيرة من الفقه من أوائله يقول: عاناه معاناة شديدة، وأنفق عليها من الوقت الطويل، حتى ارتفعت حرارته، وظهر فيه بثور، مثل هذا في الفهم متميز، وفي الحفظ ضعيف.

يُقابله السيوطي، السيوطي يقول: يحفظ مائتي ألف حديث، وما يعوقه عن الزيادة إلا أنه ما وجد، ما وجد أكثر من هذا العدد، لكن يقول: لو كُلِّفت بمسألةٍ حسابية لكان نقل جبلٍ أسهل علي منها، وكل واحد منا يعرف قدر نفسه، واحد تزيد عنده الحافظة، واحد يزيد عنده الفهم، وكل واحد يستطيع أن يعوض مع المثابرة والإخلاص والاجتهاد وزيادة الحفظ مع الوقت ممكنة؛ لأن الملكة منها ما هو غريزي، ومنها ما هو مكتسب، كم من واحدٍ من الحُفاظ يوم كان صغيرًا، بل كان يُكنى بأبي هريرة، والآن مثل المحلي؛ لأنه أهمل الحفظ، والذي عنده الفهم عن الكتب الصعبة المفيدة، ولا يعمد إلى الأساليب السهلة؛ لأن هذه لا تُعينه على تقوية فهمه مثل ما قلنا مرارًا في التأليف عند أهل العلم بالأساليب الصعبة مثل مختصر خليل المالكي، أو زاد المستقنع عند الحنابلة، لكن مختصر الخليل أشد بكثير، ما عندنا مالكية؟

يا شيخ ماذا يقول مختصر الخليل؟

طالب:.......

نعم.

طالب:.......

حفظت منه شيئًا؟

طالب:.......

صعب صعب وعر جدًّا وعر، هذا مشكلته الرموز الذي يحفظ الرموز ما عليه مشكلة، الذي يحفظ الرموز ما عنده مشكلة، سهل؛ لأن الخلافات فيه بالرموز.

طالب:.......

لا لا، الضمائر متعبة.

طالب:.......

نعم.

طالب:.......

ما هو بتعقيد، المسألة جبل طالب العلم ليأخذ العلم بقوة؛ ليتأهل، ليتفرد أن يحل جميع الإشكالات في النص؛ لأن طالب العلم في الدراسات النظامية إذا تخرج في الجامعة مثلاً من الشريعة درس أربع سنوات، وقبلها في المعهد أو في حِلق المساجد، وهو متعودٍ على أساليب المعاصرين، ولا تعود على الأمور الصعبة إذا عُين في قريةٍ نائية فكيف يفهم؟ عرضت له مسألة علمية من كتب العلم، يقلّب والله ما وجد شيئًا يقرأه، لكن إذا تعوَّد على الصعب سهُل عليه كل شيء، حتى إذا درَّس لهم يستطيع أن يتعامل مع الكتب، أما إذا تعود على أساليب المتأخرين...، ولذلك أنا ضد من يُقيم دورات في كتب المعاصرين؛ لأن كُتب المعاصرين أنت وأنت جالس في الملحق تشرب القهوة مع زملائك أو مع زوجتك أو مع شيء، تضع رجلًا على رجل وتفهم كل ما تقرأ، هذا ما فيه إشكال، ما يحتاج دورة، بينما الكتب التي تحتاج إلى معاناة، ويحتاج فهمها إلى مناقشة ومداولة مع أهل العلم هذه هي التي تربي طالب العلم، ليس من باب التعذيب، هل نقول: إن خليلًا أراد أن يُعذِّب طُلابه؟ لا، ولا المالكية حينما اعتمدوه وشرحوه وقرروه في دروسهم يُريدون المشقة على طلاب العلم، لا، يُريدون تربية طالب علم متين يستطيع أن يتعامل مع أساليب أهل العلم مهما قويت.

أنا أعرف أن بعض الإخوان يقول: نُريد أن نكمِّل الكتاب.

طالب:.......

نعم.

طالب:.......

دورات الكتب التي يشق فهمها، وتحتاج إلى معلم، أما ما لا يشق فهمه فما يحتاج إلى دورات، يفهمه طالب العلم بنفسه، وأنا شاركت في دورة قبل اثنتي عشرة سنة أو ثلاث عشرة سنة فيها خمسة كتب، أربعة لأربعةٍ من المشايخ، كل واحد يشرح كتابه، والخامس في أبوابٍ من البخاري، وأنا الذي تولاه، ماذا حصل؟ والله المشايخ يحضر عندهم أربعة، خمسة، ما يزيدون، بخلاف درس البخاري يمتلئ المسجد، الناس يبغون العلم المتين ليتربوا عليه، الآن المشايخ أبدوا ... يعني المثقفون وطلاب التخصصات غير الشرعية خلهم يقرؤون بهذه الكتب المناسبة يستفيدون؛ لأنهم لا يؤهلون لأن يُفتوا ويقضوا ويُعلموا العلم... الحين قالوا: ولا طلاب العلم ما يقرؤون في فقه السُّنَّة، فقه السُّنَّة للسيد سابق، طالب علم، طالب من غير طلاب العلم الشرعي له أن يقرأ ما الذي يمنع؟ مع أنه فيه أشياء لا يوافق عليها، لكن الكتاب سهل كلهم يفهمون.

 وأما طلاب العلم الشرعي فلا يصح أن يقرؤوا فيه تبعًا لما قلت، والسبب الذي بعث السيد سابق لتأليف الكتاب، وتيسير الكتاب، وتسهيل الكتاب هو ما قرأه في حدود ابن عرفة في تعريف الإجارة كلام شبه الألغاز ما يُفهم وشُرِح بما هو أبعد منه فالسيد سابق–رحمه الله- سهَّله أكثر من اللازم، ونظَّرته بمن خلط الخلطة، وصارت فيها قساوة قليلًا، وجاء ببرميل ماء، وصبّه عليها فساحت، فأنت لما صارت العجينة قوية جدًّا أما تزيد عليها ماءً؟ تزيد لكن بقدر.

طالب:.......

إذا زاد القدر انتهت.

نعم يا شيخ، اقرأ.

اللهم صلِّ على عبدك ورسولك.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

قال –رحمه الله تعالى-: "كتاب الأقضية: وإذا مات رجلٌ وخلَّف ولدين ومائتي درهمًا، فأقر أحدهما بمائة درهمٍ دينًا على أبيه لأجنبيٍّ، دُفع إلى المقرّ له نصف ما بقي في يده من إرثه عن أبيه، إلا أن يكون المقر عدلاً، فيشاء الغريم أن يحلف مع شهادة الابن، ويأخذ مائةً، وتكون المائة الباقية بين الابنين.

وإذا هلك رجلٌ عن ابنين، وله حقٌّ بشاهد، وعليه من الدين ما يستغرق ماله، فأبى الوارثان أن يحلفا مع الشاهد، لم يكن للغريم أن يحلف مع شاهد الميت ويستحق، فإن حلف الوارثان مع الشاهد حُكم بالدين ودفع إلى الغريم.

ومن ادعى دعوى على رجلٍ، وذكر أن بينته بالبعد منه فحلف المدعى عليه، ثم أحضر المدعي البينة حُكم بها، ولم تكن اليمين مزيلةً للحق.

واليمين التي يبرأ بها المطلوب هي اليمين بالله -عزَّ وجل- وإن كان الحالف كافرًا إلا أنه يقال له: إن كان يهوديًّا، قُل: والله الذي أنزل التوراة على موسى، وإن كان نصرانيًّا قيل له: قل: والله الذي أنزل الإنجيل على عيسى، فإن كان لهم مواضع يعظمونها، ويتقون أن يحلفوا فيها كاذبين حُلِّفوا فيها.

ويحلف الرجل فيما عليه على البت، ويحلف الوارث على دين الميت على العلم.

وإذا شهد من الأربعة اثنان أن هذا زنا بهذه في هذا البيت، وشهد الآخران أنه زنا بها في البيت الآخر، فالأربعة قذفةٌ، وعليهم الحد، ولو جاء الأربعة متفرقين، والحاكم جالسٌ في مجلس حكمه لم يقم قبِل شهادتهم".

لم يقم قبل، عندنا قبل شهادتهم.

طالب: عندنا قِبل يعني تكون الشهادة معتبرة واحدة؛ لأنه لم يقم من مجلس الحكم وإن لم يأتوا جميعًا.

هو المعنى محتمل، لم يقم قبل شهادتهم، لكن قبل شهادتهم مفهوم من السياق.

طالب: لكن ما بعدها يُبين أنها قبِل الجملة التي بعدها تُبينها يا شيخ، أحسن الله إليك.

يعني وإن جاؤوا بعد أن قام الحاكم لم يقبل شهادتهم.

"وإن جاء بعضهم بعد أن قام الحاكم كانوا قذفةً وعليهم الحد.

ومن حُكم بشهادتهما بجرحٍ أو بقتل ثم رجعا فقالا: عمدنا".

عندنا ومن حَكم، المغني معكم؟

طالب:........

نعم.

"ومن حُكم بشهادتهما بجرحٍ أو بقتل ثم رجعا فقالا عمدنا اقتُص منهما، وإن قالا: أخطأنا، غرما الدية أو أرش الجُرح، وإن كانت شهادتهما بمالٍ غرماه، ولا يُرجع به على المحكوم له، سواءٌ كان المال قائمًا أو تالفًا، وكذلك إن كان المحكوم به عبدًا أو أمةً غرما قيمته".

غَرِما ولا غُرِّما.

طالب: الذي عندي: غرِما.

هم لن يغرما بطوعهما إنما يُغرمان المسألة واحدة.

خلاص، قف على هذا طويل.

طالب: نعم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد....

فيقول المؤلف-رحمه الله تعالى-: "كتاب الأقضية" وهذا هو الكتاب الأصل في الباب الكبير يدخل فيه ما تقدم من أدب القضاء، ومن كتاب الشهادات، تقدم كتاب أدب القضاء أول الكتاب -رأيته- أدب القاضي، والثاني كتاب الشهادات، والثالث كتاب الأقضية، يعني إذا كان كتاب الأقضية لا يعني أصل الباب أو الكتاب وعند الفقهاء كتاب القضاء، ثم يندرج فيه كل هذا، لكن إذا كان كتاب الأقضية يعني في مسائل معينة مُحددة، فهذا موضوعه، لكن ذكرنا مرارًا أن ترتيب الكتاب عليه ما يُلاحظ، والسبب في ذلك أنه أول متن أُولِّف فلا بُد أن يقع فيه ما يقع.

قال: "وإذا مات رجلٌ وخلَّف ولدين ومائتي درهمًا" الأصل أن يُقسم المال بينهما إذا لم يكن له وارث غيرهما.

"فأقر" أحد الولدين "بمائة درهمٍ دينًا على أبيه لأجنبيٍّ" أقر أحدهما بمائة درهمٍ دينًا على أبيه لأجنبي، فكأن أباه بالنسبة له لم يُورِّث إلا مائة؛ لأن المائة ليست له بل عليه، ويستحق من هذه المائة –المُقرّ- خمسين.

"دُفع إلى المقر له نصف ما بقي في يده من إرثه عن أبيه" هو أقر واعترف يؤخذ خمسون فتُدفع إلى المقر له، ويبقى له خمسون.

الثاني الذي لم يُقر يأخذ المائة كاملة، إذا لم يكن لصاحب الدين بينة.

"فأقر أحدهما بمائة درهمٍ دينًا على أبيه لأجنبيٍّ، دُفع إلى المقر له نصف ما بقي في يده من إرثه عن أبيه" ما معنى "نصف ما بقي في يده من إرثه عن أبيه"؟

طالب:........

هو أخذ مائة، ونصفها خمسون، لكن هذه المائة بقيت في يده من إرثه، بقيت، ما معنى بقيت؟ "نصف ما بقي في يده من إرثه عن أبيه" ما عبارة المغني؟

طالب:........

نعم نصف ما في يده، نصف إرثه من أبيه هذه المائة.

طالب:........

ما بعد قُسِم ولا بعد صُفي.

طالب:........

كيف؟

طالب:........

هو التركة كلها مائة درهم محددة، لكن هذه المائة ما خُلِّصت بعضها عروض تحتاج إلى وقتٍ طويل في البيع.

طالب:........

هو أقر على نفسه، ما أقر علي أخيه، هو أقر على نفسه ولم يُقر على أخيه، لا يلزم إقراره ما يُلزم أخوه بتبعة هذا الإقرار.

طالب:........

على كل حال تصرف ولا ما تصرف، الخمسون تؤخذ كاملة.

طالب:........

يعني لو تصرف فيها كلها يروح الدين؟

طالب:........

لا، كونه يبقى في ذمته أو يُلزم به أو يعجز ويُسجن هذه ما يمنع القضاء.

طالب:........

نعم، ما لم....

طالب:........

المؤاخذ المُقر الذي أقر على نفسه، وإقراره لا يسري على أخيه إلا إن وافقه.

طالب:........

كيف؟

طالب:........

اعترف، هذا ادعى أن له مائة فأقر صدقه في مقابل الإنكار، واحد مُقر، والثاني مُنكر.

طالب:........

أيهم؟

طالب:.......

الإقرار هو التصديق ما فيه فرق، إذا صدقه فقد أقره، لكن.....

طالب:........

بقدر ميراثها، تدفع من الدين بقدر ميراثها.

طالب:........

النصف بين الاثنين.

طالب:........

الآن المسألة محسومة، التركة مائتا درهم، والورثة اثنان كل واحد له مائة، لكن لو قُدِّر ثلاث زوجات معهم يشتركن في الثُّمن، وأقرت واحدة يُعطى الدائن ثلث الثُّمن مع الخمسين.

طالب:........

نصفها.

طالب:........

لا، هم ثلاث؟

طالب:........

نصف نصيبها، لو شاب له النصف.

طالب:........

ما لها علاقة.

طالب:........

لأنهما اثنان قيل: نصف، لكن هؤلاء ثلاث، يصير ثلث ًا.

طالب:........

ولها النصف.

طالب:........

كيف؟

الولدان نصيبهم مفروغٌ منه، لكن هؤلاء اللاتي لهن الثمن.

طالب:........

طيب.

طالب:........

هؤلاء صار لهم النصف لماذا؟ لأنهما اثنان، وإذا قُسم الشيء على اثنين صار أنصافًا، وإذا قُسم على ثلاث صار ثلاثًا وهكذا ولو على أربع أربعة.

طالب:........

الثاني ما أقرك، ما هو بصحيح، أخوه ما يصحيح أنه مدين، فالمسألة إقرار، ما فيها بينات، لا يؤاخذ إلا المُقر.

طالب:........

ستأتي المسألة.

طالب:........

على خمسين.

طالب:........

يدفعها خمسة وعشرين نعم ربع المائة.

طالب:........

نعم.

طالب:........

أنت احسب الدين على أنهم كلهم مُقرون، ثم أخرج نصيب غير المُقر من الدين.

طالب:........

ماذا يقول؟

طالب:........

الثُّمن هي زوجة واحدة.

طالب:........

واحدة ثُمن الدين.

طالب:........

"إلا أن يكون المُقر عدلاً" فيكون إقراره بمنزلة الشهادة للدائن، هذا الولد الوارث أقر فهذه شهادة، وماذا يبقى على الثاني؟ إما أن يأتي بشاهدٍ ثانٍ، أو يحلف مع هذا إذا كان عدلاً.

"إلا أن يكون المقر عدلاً، فيشاء الغريم أن يحلف مع شهادة الابن، ويأخذ مائةً" يأخذ دينه كاملًا، وتكون المائة الباقية بين الابنين، تكون التركة مائة بدل ما هي بمائتين؛ لأن الأصل؛ لأن الدين يؤخذ من التركة قبل الإرث؛ لأن الحقوق المتعلقة بالتركة الخمسة فيها تقديم الدين على الإرث وعلى الوصايا، وقبل الديون مؤونة التجهيز، ما قال: قسموا الميراث واتركوه بدون كفن.

ويُقدم على الديون المطلقة الديون المتعلقة بعين التركة، كما لو كان الدين فيه رهن، ثم بعد ذلك الديون المطلقة، ثم بعد ذلك الوصايا، ثم الإرث.

"وإذا هلك رجلٌ عن ابنين" كسابق.

"هلك رجلٌ عن ابنين وله حقٌّ بشاهد" له حق على مدين شخص آخر.

"وعليه من الدين ما يستغرق ماله" "وعليه" على الميت "من الدين ما يستغرق ماله، فأبى الوارثان أن يحلفا مع الشاهد" له حق بشاهد ماذا يبقى؟ شاهد آخر أو يمين؛ لأن النبي –عليه الصلاة والسلام- قضى بالشاهد مع اليمين.  

"فأبى الوارثان أن يحلفا مع الشاهد لم يكن للغريم أن يحلف مع شاهد الميت"؛ لأنه مدعى عليه.

طالب:.........

نعم.

"لم يكن للغريم أن يحلف مع شاهد الميت ويستحق" لأنه متى يحلف الغريم؟ إذا لم يكن ثَم شاهد، إذا عُدمت البينة للمدعي طُلبت اليمين من المُنكِر، لكن وجِد نصف بينة من المدعي الأصل أن تُكمَّل باليمين منه أو من وارثه إذا نكلوا، هل يُقال للغريم: احلف أنت في مقابل الشاهد الموجود؟ الشاهد أقوى من اليمين بمفرده، إذا لم يكن ثَم شاهد على الدين، وأراد أن يحلف الغريم يُقبل منه، لماذا؟ لأنه مُنكر وهذا الواجب عليه، والغريم إذا رفض ونكل هل تُرد على المدعي؟ 

طالب:.........

نعم.

قال برد اليمين على المدعي جمعٌ من أهل العلم، والإمام مالك يقول: لا أعلم قائلاً برد اليمين على المدعي.

طالب:.........

قضاة عصره كانوا يحكمون بها ابن شبرمة وابن أبي ليلى وغيرهم يحكمون برد اليمين على المدعي، هل في عليها دليل أو أن هذا ما تقتضيه قواعد القضاء؛ لئلا يضيع الحق أو يُستحق بغير بينة ولا يمين؟

طالب:.........

هذا موجب القول برد اليمين أحسن من أن يُدفع الحق بغير بينة ولا يمين.

طالب:.........

لا، لا بُد أن يكون عدلًا.

طالب:.........

وشاهد على نفسه، لكن اليمين هو في أصل المسألة ما طلبوا عدالة، لكن لما اقتضت أن تُدعم بيمين لا بُد أن يكون الشاهد عدلاً؛ لأنه يقضي على أخيه لما كانت عليه فقط ما طلبوا العدالة، لكن لما تناولت الأخ الذي يؤخذ من نصيبه فلا بُد من العدالة.

طالب:.........

الغارم.

طالب:.........

المدعي طُلبت فنكل...

يقول: "وإذا هلك رجلٌ عن ابنين، وله حقٌّ بشاهد، وعليه من الدين ما يستغرق ماله، فأبى الوارثان أن يحلفا مع الشاهد، لم يكن للغريم أن يحلف مع شاهد الميت ويستحق، فإن حلف الوارثان مع الشاهد حُكم بالدين" يعني للميت، والأصل في المسألة أن عليه دينًا يستغرق التركة، فإذا استحق هذا المال إذا استحقه دُفع إلى غريمه؛ لأن الدين يستغرق التركة.

طالب:.........

ماذا تفعل؟

طالب:.........

نعم.

طالب:.........

الاستحقاق للدين الذي يستغرق التركة.

طالب:.........

انظر، فإن حلف الوارثان مع الشاهد فمن يستحق من المستحق؟ الميت، إذا حلف الوارثان اللذان يقومان مقامه، مقام الميت مع الشاهد استحق الميت الدين، ثم هذا الدين المستحق يُدفع إلى الغريم الذي له دينٌ يستغرق التركة؛ لأنه لما استحقه صار هو التركة؛ لأنك أصل المسألة "وله حقٌّ بشاهد، وعليه من الدين ما يستغرق ماله".

طالب:.........

مُطالِب ومُطالَب، نعم.

طالب:.........

لا .... المسألة اتجهت...

طالب:.........

الله يهديهم.

طالب:.........

نعم؛ لأن بعض المسائل مع التكرار تزداد تعقيدًا، أنتم تعرفون في كتاب القرض من (الروض المربع) من حضر، هل هناك أحد أدرك؟

طالب:.........

نعم؛ لأنه في آخرها "وإن كان في بلد القرض أنقص" هذا هو المتن وفي الشرح لا، صوابه أكثر، نعم في الحاشية أيد المتن، وجاء الشيوخ وشرحوا، وبعضهم أيد المتن، وكلما تأملت زادت تعقيدًا.

طالب:.........

هذه التي معنا بكتابنا أم بالروض؟

طالب:........

"وإذا هلك رجلٌ عن ابنين، وله حقٌّ بشاهد" يستحق الحق بهذا الشاهد؟

طالب:.........

إذا شهد هو في حياته إذا حلف في حياته.

طالب:........

 مات يقوم الوارثان مقامه إذا حلفا استحقا الحق، يبقى أن هذا الحق إذا ثبت لصاحبه للميت عليه دينٌ يستغرق هذا الحق، سمعت؟

طالب:........

فحلف المدعى عليه، ثم أحضر المدعي بعد حلف المدعى عليه أحضر المدعي بينة –لا هذه مسألة ثانية.

"فأبى الوارثان أن يحلفا مع الشاهد، لم يكن للغريم أن يحلف"؛ لأن اليمين ما تتجه عليه، اليمين لا تتجه على المدعى عليه ولو عند المدعي بينة، ولو لم تكن كاملة. 

طالب:.........

اليمين انظر، اليمين من الذي عليه في الأصل؟

طالب:.........

في الأصل على المُنكر، والمدعي عليه بينة، أحضر المدعي نصف بينة، تُطلب اليمين من المدعى عليه؟

طالب:.........

أنت تقول: من مدعى عليه تُطلب بينة مع المدعي له نصف بينة؟ ما اكتملت البينة.

طالب:.........

اسمع اسمع "وإذا هلك رجلٌ عن ابنين، وله شاهد بحقٌّ " هذا واضح أم ما هو بواضح؟

"وعليه من الدين ما يستغرق ماله" له ألف ريال عند زيدٍ من الناس هذا الميت له ألف ريال عند زيد من الناس.

طالب:.........

كيف؟

طالب:.........

هي مربوطة عليه من الدين ما يستغرق ماله.

طالب:.........

له دين ألف ريال، وعليه دين ألف ريال يستغرق التركة، لكن متى تكون تركة؟ إذ ثبتت له، ثم تُقام دعوى ثانية للغريم على الميت، فإذا ثبتت بالبينة، أو باليمين والشاهد، خلاص يأخذها الغريم.

طالب:.........

دعوى ثانية، نعم.

طالب:.........

نعم.

طالب:........

هات.

طالب:.........

نعم؛ لأنه عنده بينة، واليمين إنما تتجه إلى المدعى عليه إذا خلت المسألة عن بينات المدعي، نعم.

طالب:.........

معروف.

طالب:.........

هذا معروف.

طالب:........

 فإن حلف الوارثان مع الشاهد حُكم بالدين، ودُفع إلى الغريم الذي يطلب الميت.

طالب:.........

يحلف؛ لأنه.. يتمنى أن يثبت الدين لهذا الميت حتى يأخذه.

"ومن ادعى دعوى على رجلٍ، وذكر أن بينته بالبُعد منه" لا يستطيع إحضار البينة، عنده بينة لكن بعيدة في بلدٍ آخر، والأمور ما هي مثل اليوم متيسرة تتصل عليه فيرد عليك.

"فحلف المدعى عليه" لأن المسألة في حكم ما لا بينة فيه، المسألة مادام بعيدًا، ولا يستطيع الحضور، فكأنه معدوم، فاتجهت اليمين على المدعى عليه.

"فحلف المدعى عليه، ثم أحضر المدعي بينته حُكم بها، ولم تكن اليمين مزيلةً للحق" لماذا؟ لأنها أقوى من اليمين، وهي الأصل في الدعاوى، البينة هي الأصل في الدعاوى، واليمين عند عدم البينات.

طالب:.........

باليمين؟

طالب:.........

بيمين المدعى عليه، ثم بعد ذلك وجدت البينة، هل يضيع الحق؟

طالب:.........

على ما قالوا: لا يسقط بالتقادم، لكن هناك أحكام وضعية معروفة، وإلا فالأصل أن الحق لا يضيع.

"ولم تكن اليمين" من المدعى عليه عند عدم حضور بينة المدعي "مزيلةً للحق".

"واليمين التي يبرأ بها المطلوب اليمين بالله -عزَّ وجل-" لا بطلاق، ولا بظهار، ولا بغيرها من الأيمان، والمؤكدات سواءً كانت مما حقيقته يمين، أو حُكمه يمين، ما معنى حقيقته يمين؟ إذا حلف بها، إذا حلف بغير الله، وما حُكمه يمين ما يُقصد به الحث أو المنع من الطلاق ونحوه عند من يقول بذلك، فيكون حكمه حكم اليمين، ويُسمى الحلف بالطلاق، وبعضهم يقول: كيف يحلف بالطلاق؟ شِرك؟ هو ما حقيقته حلف، إنما حكمًا حُكمه حُكم اليمين؛ لأنه يلزم فيه ما يلزم الحالف من الكفارة كفارة اليمين؛ لأن مُفاده، ما يُفيده اليمين من الحث أو المنع، وليست يمينًا، ما فيها حروف قسم، لو واحد قال: والطلاق أو بالطلاق فامرأته طالق إن كان كذا، هذا يُسمونه الحلف بالطلاق، الحلف بالطلاق؛ سموه حلفًا؛ لأنه يُفيد ما يُفيده الحلف من التأكيد على الحث أو المنع بالطلاق، وكفارته كفارة يمين عند شيخ الإسلام وجمع من أهل العلم يرون هذا، وبعض من يسمع الحلف يقول: هذا شِرك، كيف يحلف بالطلاق، بغير الله؟ نقول: ما هو هذا بيمين، والحلف منعقد، وإنما يُقصد منه ما يُقصد باليمين.

طالب:.........

أين؟

طالب:.........

الحلف حقيقة بالله –عزَّ وجلَّ- والله.

طالب:.........

نعم.

طالب:.........

الحكم ما حكمه حكم اليمين كالحلف بالطلاق.

طالب:.........

كلام شيخ الإسلام معروف، وهو الذي يفتون به إذا كان قصده الحث والمنع، والمذهب معروف، وجمهور أهل العلم يُوقعونه.

طالب:.........

والله ما دام في فتاوى معتمدة فلا نستطيع خلافها.

طالب:.........

قصد؟

طالب:.........

إذا قصد ما كان قصده الحث والمنع.

طالب:.........

الأصل أن المسلم يُعظم الله –جلَّ وعلا- أعظم من كل شيء، فإذا كان الطلاق أعظم عنده من الحلف بالله فهذا مشكلة.     

"وإن كان الحالف كافرًا" ما يُحلَّف بغير الله، ما يؤمر بشرك.

"إلا أنه يقال له: إن كان يهوديًّا، قُل: والله الذي أنزل التوراة على موسى" يستحضر النبي المقدس عنده، والكتاب المقدس عنده أثناء اليمين، فيحصل عنده شيء من التردد، وكذلك "وإن كان نصرانيًّا قيل له: قل: والله الذي أنزل الإنجيل على عيسى".

"فإن كان لهم مواضع يعظمونها، ويتقون أن يحلفوا فيها كاذبين حُلِّفوا فيها" طيب هذا نصراني واتجهت عليه يمين، وقيل له "قل: والله الذي أنزل الإنجيل على عيسى"، ويُذهب به إلى كنيسة؛ لأنه يُعظمها، ويتقي اليمين فيها، كما يحلف عند منبر النبي –عليه الصلاة والسلام- إذا كان من المسلمين، هل نقول: نذهب به إلى الكنيسة يُعظمها ويحلف عندها؟ مقتضى كلامه "فإن كان لهم مواضع يعظمونها" ماذا لهم من المواضع التي يعظمونها غير معابدهم؟ أو شخص من عُباد القبور يعظم قبر فلان أو علان، يأتي يحلف عنده؟ ما نطيعه.

طالب:.........

على قصده إن كان يقصد الظهار فهو ظهار، وإن كان يقصد الطلاق فهو طلاق، وإن كان لا يقصد شيئًا فهو يمين {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ} [التحريم:1] ثم قال: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم:2] والمسألة ذكر فيها القرطبي –رحمه الله- ثمانية عشر قولاً –رحمه الله- هو إذا كان يقصد اليمين فعليه يمينه.

طالب:.........

التوجيه خير، لكن إذا وقع فماذا تحكم عليه به؟ ولا بُد.

الله صلِّ على محمد.