كتاب الحج من سبل السلام (5)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-: "(فلما كان يومُ التَرْوية) بفتح المثناة الفوقية فراء، وهو الثامن من شهر ذي الحجة، سُمِّي بذلك؛ لأنهم يتروون فيه إذا لم يكن بعرفة ماء".

إذ لم يكن.

"إذ لم يكن بعرفة ماء، (توجهوا إلى منى وركب -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث) بفتح الكاف ثم مثلثة: لبث (قليلاً) أي بعد صلاة الفجر".

صلى الصلوات الخمس يقصر الصلوات من غير جمع، هذه السُّنَّة، والمبيت بمنى ليلة عرفة سُنَّة، فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن لا يلزم من تركه شيء.

"(حتى طلعت الشمس، فأجاز) أي جاوز المزدلفة ولم يقف بها، (حتى أتى عرفة) أي قرُب منها لا أنه دخل".

لم يقف بها -عليه الصلاة والسلام- على عادة قومه حيث كانوا يقفون بالمزدلفة، ولا يفيضون من حيث أفاض الناس، يسمون أنفسهم الحُمس، فيقفون بالمزدلفة، وسائر الناس يقفون بعرفة، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- وقف حيث وقف الناس، وأفاض من حيث أفاض الناس -عليه الصلاة والسلام-.

"(حتى أتى عرفة) أي قرُب منها لا أنه دخل بدليل: (فوجد القُبَّة) خيمة صغيرة، (قد ضربت له بنَمِرة) بفتح النون وكسر الميم فراء فتاء تأنيث محل معروف، (فنزل بها)؛ فإن نمرة ليست من عرفات".

بل هي بين مزدلفة وعرفات.

(حتى إذا زالت الشمس أمر بالقصواء).

طالب: كل المسجد ليس بعرفات؟

لا لا.

طالب: المقدمة منه فقط؟

لا لا، الأصل أن المسجد القديم الأول الذي صلى فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- مكان صلاته ليس بعُرنة وإنما هو بنَمرة، الآن جزء منه، مؤخرته من عرفة كذا؟

طالب:...

كيف؟

طالب:...

من الخلف نعم.

"(حتى إذا زالت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له) مغيَّر الصيغة".

مُغَيَّر الصيغة.

"مُغَيَّر الصيغة".

يعني مبني للمجهول بدلاً من أن يكون على الأصل مبنيًّا للمعلوم.

"مخفف الحاء المهملة: أي وضع عليها رحلها (فأتى بطن الوادي) وادي عرفة".

عُرنة، عرفة أم ماذا؟

طالب:...

 ماذا عندكم؟

طالب:...

عرفة كذا؟

كمِّل كمِّل سنرى.

"(فأتى بطن الوادي) وادي عرفة، (فخطب الناس ثم أذَّن ثم أقام فصلى الظهر)".

يعني صلى الظهر والعصر بعرفة؟ أم دخلها بعد الصلاة؟

طالب: بعد الصلاة.

إذًا بطن وادي عُرنة.

"(ثم أقام فصلى العصر) جمعًا من غير أذان، (ولم يُصَلِّ بينهما شيئًا)".

من غير إيش؟

طالب: من غير أذان.

يعني فيه أذان وإقامتان أم ما فيه؟

طالب:...

هو يقول هنا من غير إيش؟

طالب:...

أو يقصد صلاة العصر ما فيها أذان.

"(ثم ركب حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخْرات)".

إلى الصَخَرات.

"(إلى الصَخَرات وجعل جبل) فيه ضبطان بالجيم والحاء المهملة والموحدة إما مفتوحة أو ساكنة".

حبل مشاة أو جبل، لكن الغالب حبل المشاة، أكثر الروايات على هذا، مجتمعهم، حبل المشاة مجتمعهم.

"(المشاة) وبها ذكره في النهاية، وفسَّره بطريقهم الذي يسلكونه في الرمْل، وقيل: أراد صفهم ومجتمعهم في مشيهم تشبيها بحبل الرمل، (بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص)، قال في شرح مسلم: هكذا في جميع النسخ".

حتى غاب القرص، ذهبت الصفرة حتى غاب القرص، مغيب القرص قبل ذهاب الصفرة، الظاهر فالظاهر أنها حين، حين غاب القرص.

"وكذا نقله القاضي عن جميع النسخ قال: قيل: صوابه حين غاب القرص، قال: ويحتمل أن يكون قوله: "حتى غاب القرص" بيانًا لقوله: غربت الشمس".

وأنه لا مجاز في ذلك، بل غربت كلها، وليس معناه أنها شرعت في الغروب؛ لأن الماضي كما ذكرنا مرارًا يطلَق ويراد به الشروع، يطلق ويراد به الإرادة، يطلق ويراد به الفراغ من الفعل، وهو المراد هنا، غربت يعني غاب قرصها، غروبًا حقيقيًّا، وليس معناها أرادت أن تغرب، ولا شرعت في الغروب، إنما غربت وغاب قرصها.

"وذهبت الصفرة، فإن هذه قد تطلق مجازًا على مغيب معظم القرص، فأزال ذلك الاحتمال بقوله: حتى غاب القرص".

{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة:6] أي إذا أردتم القيام، فإذا قرأت القرآن إذا أردت القراءة، وهكذا، نعم.

"(ودفع، وقد شنق) بتخفيف النون: ضم وضيق (للقصواء الزمام، حتى إن رأسها ليصيب مَوْرك) بفتح الميم وكسر الراء (رَحْله) بالحاء المهملة: الموضع الذي يثني الراكب رجله عليه قدام وسط الرحل إذا ملَّ من الركوب، (ويقول بيده اليمنى)".

يجر خطام الناقة وزمامها إليه؛ لئلا تسرع، ويشير -عليه الصلاة والسلام- بيده إلى الناس: «السكينة السكينة»، لكنه يرخي لها الذمام إذا رأى المصلحة تقتضي ذلك، وأنه أسهل على الدابة وأخف لها، إذا كان الموضع مرتفعًا، إذا كان هناك موضع مرتفع أرخى لها الزمام قليلاً؛ لكي يشتد سيرها.

"أي يشير بها قائلاً: «يا أيها الناس: السكينة. السكينة» بالنصب أي الزموا (كلما أتى حبلاً) بالمهملة وسكون الموحدة من حبال الرمل، وحبل الرمل ما طال منه وضخم، (أرخى لها قليلاً حتى تصعد) بفتح المثناة وضمها يقال: صعد وأصعد، (حتى إذا أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبِّح) أي لم يصلِّ (بينهما شيئًا)".

هذه رواية جابر -رضي الله عنه- عند مسلم، جاء من حديث ابن عمر وابن مسعود وأسامة وغيرهم أنه صلى بأذانين، وفي رواية: بإقامتين ولم يذكر أذان، وفي رواية: بإقامة واحدة، في البخاري، لكن رجِّحت رواية جابر على غيرها وإن كانت في مسلم، ومسلم مفضول بالنسبة للبخاري؛ لأن جابرًا -رضي الله عنه- أتقن الحجة، وضبطها، لذا قُدِّم قوله على قول غيره-رضي الله عن الجميع-.

"أي نافلة (ثم اضطجع حتى طلع الفجر، فصلى الفجر حتى تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب حتى أتى المشعر الحرام) وهو جبل معروف في المزدلفة يقال له: قُزَح بضم القاف وفتح الزاي وحاء مهملة".

لهذا المشعر الحرام مزدلفة كلها أو الجبل فقط؟ قولان لأهل العلم، قولان لأهل العلم، ولذا من وقف بمزدلفة ولم يذهب إلى الجبل وقف بالمشعر، ذكر الله بالمزدلفة، ذكر الله عند المشعر الحرام، الرسول -عليه الصلاة والسلام- وقف عند الجبل، ذكر الله حتى أسفر جدًّا، لكن مزدلفة كلها موقف، كلها مشعر. وهذا من سعة رحمة الله بعباده، وإلا لو ضُيِّقت جُعِلت عرفة الجبل فقط أو موضع وقوفه، والمنحر هو المكان الذي نحر فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وموقف مزدلفة هو الذي وقف فيه فقط تقاتل الناس عليه.

طالب:...

يقول: نام حتى أصبح، نام حتى أصبح، مفهومه أنه لم يصل شيئًا حتى أصبح، هذا في حديث جابر، في الرواية الأخرى أنه -عليه الصلاة والسلام- أمر ونهى ورخص فدل على أنه ما نام حتى أصبح، فيشهد له كونه -عليه الصلاة والسلام- ما ترك الوتر في سفر ولا حضر، فعلى كلٍّ من ترك الوتر؛ عملاً حديث جابر فلا بأس، ومن فعله بناءً على عادته -عليه الصلاة والسلام- وأهمية الوتر حتى قيل بوجوبه فقد أحسن إن شاء الله.

"(فاستقبل القبلة فدعا وكبر وهلل، فلم يزل واقفًا حتى أسفر) أي الفجر (جدًّا) بكسر الجيم إسفارًا بليغًا".

لكنه لم يصبر حتى طلعت الشمس، لم يصبر -عليه الصلاة والسلام-؛ مخالفة للجاهلية، يجلسون إلى الإشراق، ويقولون: أشرق ثبير كيما نغير.

"(فدفع قبل أن تطلع الشمس، حتى أتى بطن مُحَسِّر) بضم الميم وفتح المهملة وكسر السين المهملة المشددة، سمي بذلك؛ لأن فيل أصحاب الفيل حسَّر فيه".

حسَر حسَر.

"حسَر فيه أي كَلَّ وأعيا، (فحرك قليلاً) أي حرك لدابته لتسرع في المشي، وذلك مسافة مقدار رمية حجر".

وهكذا ينبغي أن يُفعَل في المواطن التي فيها عصي الله -سبحانه وتعالى- أو نزل فيها عقاب أو عذاب على أمة من الأمم، وجاء النهي عن الصلاة في مواضع الخسف، والنهي عن الدخول على قوم معذبين، والله المستعان.

طالب:...

إذا جلس إلى نصف الليل أو إلى مغيب القمر يمشي، لا بأس. الرسول -عليه الصلاة والسلام- رخص للظُعن يعني للنساء ولو لم تكن ضعفة؛ لأن النساء في الغالب ضعفة.

طالب:...

هو في الغالب الجمهور على أنه إذا انتصف الليل؛ لأن الحكم للغالب، الحكم للغالب، فإذا انتصف الليل وأخذ من النصف الثاني قليلاً فقد مكث غالب الليل.

"(ثم سلك الطريق الوسطى) وهي غير الطريق التي ذهب فيها إلى عرفات".

هذه عادته -عليه الصلاة والسلام- إذا خرج من طريق يرجع من غيره، كما في العيد.

"(التي تخرج على الجمرة الكبرى) وهي جمرة العقبة، (حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة)، وهي حدٌ لمنى وليست منها".

نعم هل العقبة من منى، أو ليست منها؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، فالذي يقول: إنها من منى يقول: الرمي تحية منى، الرمي تحية منى، فكيف نقول: إن العقبة التي ترمى في تحية منى ليست من منى؟

طالب:...

هنا يقول: ليست منها، والأكثر على هذا، أنها ليست منها، لكن الذي يقول: إنها من منى قال: إن الرمية تحية منى، فكيف تحيا منى بما ليس فيها؟ كيف تكون الجمرة خارج منى والرمية تحية منى؟

أحاب الآخرون بأن الطواف تحية البيت وهو خارج البيت وليس به، على كلٍّ الأمر سهل؛ لأنها على الحد.

"والجمرة: اسم لمجتمع الحصى سميت بذلك لاجتماع الناس، يقال: أجمر بنو فلان إذا اجتمعوا، (فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف) وقدره مثل حبة الباقلاء (رمى من بطن الوادي) بيان لمحل الرمي".

فالرمي بأكبر من هذا الحجم مكروه، وقد يوقع أو يخرج من حيز السُّنَّة إلى البدعة، لا سيما إذا زاد، جاء في الحديث: «إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو»، أشار النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى هذه الحصيات وقال: «بمثلها فارموا، وإياكم والغلو»، كما أن ما كان أقل منها كذلك من فعل أساء، لكن بمثلها هو الأصل.

طالب:...

لكن الحوض هذا هل هو اجتهادي أم توقيفي؟ الحوض الموجود اجتهادي أم توقيفي؟

طالب:...

الموقع ليس فيه إشكال، الشواخص توقيفية هذه التي هي موضع الجمرة.

طالب:...

فعلى هذا لو خرج عن الحوض الموجود إلى قريب منه نقول: ما وقع؟

طالب:...

المقصود أنه إذا قلنا: توقيفي فما يجزئ الرمي إلا في الحوض، هل يلزم بقاء الحصاة في الحوض؟ أو يحصل الرمي بمجرد حذف الحصاة إلى تلك الجهة إما إلى الشاخص أو إلى مجتمع الحصا الذي في الحرم؟

طالب:...

نعم؟

يا أبا عبد الله؟

يعني لو ضرب الشاخص وخرجت عن الحوض؟ هيا يا صالح.

طالب:...

هذا ينبني على أن هذا الحوض هو اجتهادي أم توقيفي؟ فإذا قلنا: توقيفي فإن الحصا لا بد أن يستقر فيه، أو أنها إذا رماها إلى الجهة وتدحرجت من الحوض أو رمى الشاخص ولم تقع في الحوض، على كلٍّ الاحتياط شيء، وتوقف تصحيح العبادة على الفعل شيء آخر، لكن الاحتياط أن ترمي الشاخص وتقع في الحوض هذا ما فيه إشكال، أو ترمي إلى الجهة وتسقط في الحوض فلا بأس، لكن شخص رمى الشاخص وما يدري أين وقعت، أو وقعت خارج الحوض، يعني كونه ما يدري فالأصل أنها ما وقعت، الأصل أنها ما وقعت كونه ما يدري، على هذا لا بد أن يعرف أنها وقعت في الحوض، وهذا إنما يتم إذا قلنا: إن الحوض توقيفي، وكثير من الناس لا يتمكن من أداء هذه العبادة بيسر وسهولة بحيث يجزم بأنها وقعت أو لم تقع، كثير من عموم الناس لا يتمكن من ذلك، نعم مع الحرص والتحري والتثبت الذي لا يرمي إلا إذا وقف على الحوض هذا شيء آخر، لكن مع هذه الجموع الغفيرة يفترض أن كل واحد يقف على الحوض ممن يرمي الجمرة؟ كان يتقاتل الناس.

طالب:...

ومنهم من يرمي من مسافة مائة متر.

طالب:...

فيه شيء يا شيخ سليمان؟

طالب:...

نعم؟

طالب:...

لكن مكانه ما فيه إشكال، لكن لو احتاجوا إلى توسعة الحوض؟ الشاخص ما يقدرون أن يغيروا منه شيئًا.

طالب:...

لأنه يمثل التوقيف.

طالب:...

في دور ثانٍ سيسقط عنها، يقع.

طالب:...

يعرفون الأحكام.

طالب:...

كيف؟

طالب:...

يعني بدل ما هو..

طالب:...

يسهل رميه، يسهل رميه من بعد.

طالب:...

لا، المسألة يعني يحرص الإنسان بقدر الإمكان، وإذا عجز فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.

طالب:...

والله ما أذكر له تاريخًا معينًا ... والمناسك المتأخرة كلها تذكر الحوض، ابن جماعة وغيره، لكن قبلهم ما أدري والله.

 المقصود أنه رمى هذه الجمار -عليه الصلاة والسلام-، وكيفية رميه واضحة، لما رمى جمرة العقبة جعل منى عن يمينه والبيت عن يساره واستقبلها، استقبل الجمرة، دل على أن الرمي في مكان معين، لكن هل له حد بحيث إذا تجاوزه لا يصح الرمي؟

طالب:..

نعم.

طالب:...

على كلٍّ مجتمع الحصى يقال له: جمرة، المجتمع الحصى، كانت العقبة جبلًا، العقبة جبل، لذا رماها عمر -رضي الله عنه- من فوقه، من فوق الجبل، والآن أزيل الجبل وبقي الموضع.

طالب:...

نعم؟

طالب:...

والله مع الحرج يتسع، ولله الحمد. المشقة تجلب التيسير، المشقة تجلب التيسير، لكن على الإنسان أن يحرص على العبادة كما أداها النبي -عليه الصلاة والسلام-.

طالب:...

عمر رماها من فوقها، ولكنها وقعت في موضعها.

طالب:...

لا، ليس ببعيد؛ لأنه جبل، خلف العقبة إلى الآن ما هو مرمى، خلفها ليس بمرمى، الذي هو مكان الجبل.

طالب:...

عندك شيء منها أنت؟

طالب:...

نعم، راجع جزاك الله خيرًا. لكن ما قال هنا شيئًا، وأخاف ما نكمل الجمعة إلا إذا مشينا مشيًا حثيثًا.

"(ثم انصرف إلى المنحر فنحر، ثم ركب رسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر)".

قبل ذلك حلق شعره -صلى الله عليه وسلم-.

"فيه حذفٌ أي فأفاض إلى البيت فطاف به طواف الإفاضة، ثم صلى الظهر، وهذا يعارضه حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنه- "أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى الظهر يوم النحر بمنى".

بعد أن أفاض صلى بمنى، جمع بينهما أنه صلى بمكة، ثم صلى بمنى بالصحابة -رضوان الله عليهم-؛ لتحصيل أجر الصلاة خلفه، جمعًا بين الحديثين.

"وجَمع بينهما".

جُمع جُمع.

"وجُمع بينهما بأنه صلى بمكة ثم أعاده بأصحابه جماعة بمنى؛ لينالوا فضل الجماعة خلفه (رواه مسلم مطولاً)، وفيه زيادات حذفها المصنف، واقتصر على محل الحاجة هنا. واعلم أن هذا حديث عظيم مشتمل على جُمل من الفوائد ونفائس من مهمات القواعد، قال القاضي عياض: قد تكلم الناس على ما فيه من الفقه وأكثروا".

ابن المنذر، ابن المنذر صنّف في شرح الحديث كتابًا استنبط منه أكثر من مائة وخمسين فائدة، والقاضي يقول: إنه يحتمل أكثر من ذلك؛ لأنه لو تُتُبِّع وتُقُصِّي استُنبِط منه أكثر من ذلك، والله المستعان.

"وصنف فيه أبو بكر بن المنذر جزءًا كبيرًا أخرج فيه من الفقه مائة ونيفًا وخمسين نوعًا، قال: ولو تُقُصِّيَ لزيد على هذا العدد أو قريب منه".

يعني كما فعلوا بحديث ذي اليدين وحديث أم زرع، استنبطوا فوائد كثيرة جدًّا تزيد على المائة، نعم.

"قلت: وليعلم أن الأصل في كل ما ثبت أنه فعله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- في حجه الوجوب، لأمرين أحدهما: أن أفعاله في الحج بيان الحج الذي أمر الله به، والأفعال في بيان الوجوب محمولة على الوجوب. والثاني: وقوله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم-: «خذوا عني مناسككم» فمن ادعى عدم وجوب شيء من أفعاله في الحج فعليه الدليل، ولنذكر ما يحتمله المختصر من فوائده ودلائله".

لكن هو سيذكر آدابًا وسُنَنًا نفس المؤلف من حجة النبي -عليه الصلاة والسلام- المذكورة في حديث جابر، فيخرج عن هذه القاعدة، ولذا العلماء بعض الأفعال حملوها على الوجوب، وبعضها حملوها على الاستحباب، وبعضها جعلوه ركنًا، على حسب ما حفَّ بالفعل من قول وتأكيد.

"ففيه دلالة على أن غسل الإحرام سنة للنفساء والحائض ولغيرهما بالأولى، وعلى استثفار الحائض والنفساء".

لماذا لم يقل: واجب؟ المقرر أن ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- واجب، وقد فعله -عليه الصلاة والسلام-؟

طالب:...

لا، هو أيضًا اغتسل لدخول مكة، فيما ذكره عنه عمر -رضي الله عنه-.

طالب:...

يعني لا تترتب عليه آثاره.

طالب: جزء ابن المنذر هذا موجود؟

ما أدري والله، ما رأيته.

"وعلى صحة إحرامهما. وأن يكون الإحرام عقيب صلاة فرض أو نفل فإنه قد قيل: إن الركعتين اللتين أهل بعدهما فريضة الفجر، وأنه يرفع صوته بالتلبية".

سبق أن رجَّح الشارح أنها صلاة الظهر وهذا ما يختاره ابن القيم -رحمه الله-.

"قال العلماء: ويستحب الاقتصار على تلبية النبي -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- فلو زاد فلا بأس، فقد زاد عمر -رضي الله عنه-: لبيك ذا النعماء والفضل الحسن، لبيك مرهوبًا منك ومرغوبًا إليك. وابن عمر -رضي الله عنهما-: لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء إليه والعمل".

والرغباء إيش؟ إليك.

طالب:...

نعم. على كلٍّ من اقتصر على تلبيته -عليه الصلاة والسلام- فهو الأولى، وإن زاد مما ورد عن الصحابة مما سمعه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وأقره فحسن أيضًا.

"وأنس -رضي الله عنه-: لبيك حقًا حقًا تعبدًا ورقًا. وأنه ينبغي للحاج القدوم أولاً مكة ليطوف طواف القدوم، وأن يستلم الركن قبل طوافه، ثم يرمل في الثلاثة الأشواط".

الجمهور على أن طواف القدوم سنَّة، لا يلزم بتركه شيء، وقد أوجب بعضهم الدم بتركه، وهو قول عند المالكية وغيرهم، وعلى كل حال المعتمد أنه سنَّة عند جمهور العلماء، من تركه فلا شيء عليه، مع أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- فعل طواف القدوم.

طالب:...

ولا تشتمل على محظور؟ لو قال: لبيك إن العيش عيش الآخرة، ينكر عليه أم ما ينكر عليه؟

طالب:...

يعني في هذا الموضع، وإلا لو رأى شيئًا أعجبه من أمور الدنيا وقال: لبيك إن العيش عيش الآخرة فما فيه شيء.

طالب:...

لكن في هذا الموضع ليس من المواضع، لكن الله المستعان، الرسول سمعهم، وأقرهم، فمن اقتصر على تلبيته حسن، من زاد مما زاده الصحابة، وأقرهم عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- فلا بأس، وما عدا ذلك يقتصر على الوارد.

طالب:...

نعم؟

طالب:...

نعم، يقر، ما أنكر عليهم، ما أنكر عليهم.

"ثم يرمل في الثلاثة الأشواط الأول، والرمل: إسراع المشي مع تقارب الخطا، وهو الخبب، ثم يمشي أربعًا على عادته، وأنه يأتي بعد تمام مقام إبراهيم ويتلو {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125]".

ويقال مثل ما قيل سابقًا إن الصفا والمروة من شعائر الله، اتخذوا من مقام إبراهيم مصلى، فيصلي ركعتين، وهل يقال القرآن للمناسبة؟ يكون لمناسبة يأتي فيها ذكر لشيء جاء فيه شيء من القرآن، يقال؟

 ذكرنا أمس اختيار الخطيب في قراءة صلاة الجمعة ما يناسب الخطبة، وعلى كل حال امتهان القرآن غير وارد، يعني كونه يتلاعب به، وينزَّل على أحوال الناس، هذا ذمه أهل العلم، هناك امرأة تذكر في كتب الأدب لا تتكلم إلا بالقرآن، وذكروا كلامًا طويلاً لها كله بالقرآن، في مناسبات كثيرة، لكن مثل هذا تنزيل القرآن لغير ما نزل له.

"ثم يجعل المقام بينه وبين البيت ويصلي ركعتين".

يجعل المقام المراد بالمقام الحجر أو مكانه؟

طالب:...

مكانه معناه الآن تجعل المقام خلف ظهرك وتصلي إلى الكعبة.

طالب:...

المقام الآن ليس في مكانه، وعلى هذا تصلي بين الكعبة والمقام الحالي الآن، تصلي إلى مكان المقام سابقًا، وإذا قلنا: إن المراد بالمقام الحجر بغض النظر عن مكانه لو اقتضت المصلحة إبعاده أيضًا وإدخاله في الأروقة؛ توسعة للمطاف، نتبعه لصلاة الركعتين.

طالب:...

فعل عمر يدل على أن الصلاة خلف المقام ليست بواجبة، لكنه مستحب كونه صلى الركعتين بذي طوى يدل على أنه إذا صلى الركعتين في أي مكان من الحرم وحتى خارج المسجد فلا بأس، لكن السُّنَّة أن تكون في هذا الموضع، وإذا أردنا تطبيق السُّنَّة في هذا الموضع ننظر إلى المقام هل هو مكانه أم نفسه؟

طالب:...

يعني جعل المقام بظهره وصلى للكعبة، نقول: صلى خلف المقام؟ هو صلى خلف المقام أم المقام خلفه؟

طالب:...

أقول: هذا ينبني على المراد بالمقام، هل هو الحجر نفسه أو مكانه؟

طالب:...

لو افترضنا أن شخصًا يصلي على كرسي، يصلي على كرسي باستمرار في موضع معين، ثم جاء واحد وأبعد الكرسي، وأنت تنظر إلى الكرسي تقول: هذا مصلى فلان أو المكان الذي كان فيه الكرسي مصلى فلان؟

طالب:...

أو يشمل هذا وذاك؟

طالب:...

يعني كما فُعِل بالحجر يصلى في مكانه، المقصود مكانه، فإذا لم يوجد عينه وشخصه ينظر إلى مكانه.

طالب:...

الأمر؟ لأن الصحابة صلوا في أماكن متعددة، عمر -رضي الله عنه- صلى بذي طوى، وهو الذي أشار على النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يتخذ من مقام إبراهيم مصلى، فدل على أن قوله: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125] ليس على سبيل الوجوب.

طالب:...

 نعم.

طالب:...

نعم، معروف، لكن قيل بوجوبها قيل: إنها تبع للطواف، فإذا كان الطواف واجبًا فهما واجبتان، وإذا كان مستحبًّا فهي كذلك.

طالب:...

 كيف؟

طالب:...

المرجح عند جمهور العلماء أنها سنَّة، إن تركها ما عليه شيء.

طالب:...

الآن الأمر في المكان، {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125] ما فيه أمر بالصلاة، اتخذوا من هذا المكان مصلى، وهذا يشمل حتى الفرائض، {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125] يعني اجعلوه مصلى لكم هنا، هذا المكان، هل هو خاص بركعتي الطواف أو أن بيانه -عليه الصلاة والسلام- بفعله لما انتهى طوافه قال: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125] يعني في هذه الصلاة؟ 

طالب:...

على كلٍّ الاحتمال قائم، وجمهور العلماء على أنها سنَّة، ركعتا الطواف سنَّة لو تركها فلا شيء عليه.

طالب:...

هي أمر باتخاذ المكان فقط، والأمر بلازم من لوازم الشيء أمر به، أمر به، الأمر باللازم أمر بالملزوم.

طالب:...

الصلاة؟

طالب:...

وفعلها النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن فعل عمر -رضي الله عنه- حينما صلى الركعتين بذي طوى يدل على أن هذا الأمر ليس للوجوب، وأيضًا يستدلون على عدم وجوبها بـ: «خمس صلوات كتبهن الله» وغيرها.

"وقد أجمع العلماء على أنه ينبغي لكل طائف إذا طاف بالبيت أنه يصلي خلف المقام ركعتي الطواف، واختلفوا هل هما واجبتان أم لا؟ فقيل بالوجوب، وقيل: إن كان الطواف واجبًا وجبتا وإلا فسُنَّة، وهل يجبان خلف مقام إبراهيم حتمًا أو يجزئان في غيره؟ فقيل: يجبان خلفه، وقيل: يندبان خلفه، ولو صلاهما في الحجر أو في المسجد الحرام أو في أي محل من مكة جاز وفاتته الفضيلة. وورد في القراءة فيهما في الأولى بعد الفاتحة الكافرون، والثانية بعدها الصمد. رواه مسلم".

لكن في سياق حديث جابر في صحيح مسلم قرأ بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص:1] قدمها على {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}[الكافرون:1] في الذكر، لكنها معطوفة بالواو هذه لا تقتضي الترتيب، نعم.

"ودلَّ على أنه يشرع له الاستلام عند الخروج من المسجد كما فعله عند الدخول، واتفقوا أن الاستلام سنَّة، وأنه يسعى بعد الطواف، ويبدأ بالصفا ويرقى إلى أعلاه، ويقف عليه مستقبلاً القبلة ويذكر الله تعالى بهذا الذكر".

طالب:...

إذا انتهى؟

طالب:...

معروف أن الإشارة بدل، إذا لم يستطع استلامه بيده أو بما في يده من محجن ونحوه يشير إليه؛ لأنها بدل، والبدل له حكم المبدل، فإذا قلنا: المبدل سنَّة، لكن ليس بمطَّرد، بدليل أن استلام الركن اليماني سنَّة، والإشارة إليه ليست سنَّة، ليس بمطَّرد، لكن بالنسبة للحجر الإشارة إليه في سائر الأشواط هي بدل عن استلامه.

طالب:...

خروج وقت النهي، خروج وقت النهي. طاف بعد الصبح وأخَّر الصلاة حتى بلغ ذا طوى؛ لكي يخرج وقت النهي، وجاء في حديث جابر في المسند: "ولم نكن نطوف بعد الصبح وبعد العصر"، كنا نطوف مع النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم نكن نطوف بعد الصبح وبعد العصر، فدل على أن الطواف في وقت النهي لما يلزم منه من الصلاة، وإلا ففصل الطواف ما فيه إشكال، يقابله حديث: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء».

طالب:...

وإلا فيقابله حديث: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء» فيشمل جميع الأوقات، وعلى كلٍّ وقت النهي والصلاة فيه الكلام فيه طويل جدًّا، والأوقات الموسعة أمرها أخف من المضيقة ولو طاف بعد الصبح وأخَّر الصلاة إلى بعد طلوع الشمس أحسن.

طالب:...

لا، هنا كلام عن المشقة أيضًا، المشقة تجلب التيسير، إذا مُنعت من الصلاة خلف المقام تنتظر ليروح الناس كلهم؟ لكي تأتي بالواجب، إذا منعوك من الصلاة خلف المقام، مع أنه- الحمد لله- يعني: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125] اجعلوه بينكم وبين القبلة، رحت إلى أقصى الحرم وجعلته بين يديك وصليت ركعتين فقد اتخذت من مقام إبراهيم مصلى.

طالب:...

نعم؟ وإلا ماذا؟

طالب: لو كان المقام على يمين مثلاً؟

ما جعلته بينك وبين القبلة.

"ويدعو ثلاث مرات، وفي الموطأ: "حتى إذا انصبت".

انصبت؟ قبل؟ أو قبل؟

طالب:...

لا ما هو قبل، يعني إذا رقي الصفا ودل على أنه يرقى الصفا. قبله بسطر.

"ويبدأ بالصفا ويرقى إلى أعلاه ويقف عليه ويبدأ بالصفا ويرقى إلى أعلاه، ويقف عليه مستقبلاً القبلة".

يرقى إلى أعلاه استحبابًا وإلا لو لم يرقَ ولم يصعد إليه واستوعب ما بين الجبلين كفاه ذلك.

طالب:...

حدوده أقول ممر العربيات هو المجزي، ممر العربيات هو الحد المجزي.

"ويذكر الله تعالى بهذا الذكر، ويدعو ثلا مرات وفي الموطأ: حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى"، وقد قدمنا لك أن في رواية مسلم سقطًا، فدلت رواية الموطأ أنه يرمل في بطن الوادي، وهو الذي يقال له بين المسلمين".

بين إيش؟

طالب:...

بين الميلين، بين الميلين.

"الميلين وهو مشروع في كل مرة من السبعة الأشواط".

بينا السقط سابقًا في رواية مسلم أنه إن كانت كلمة سعى كما هي في بعض الروايات فلا سقط كانت موجودة، وإذا كانت غير موجودة كما هو في بعض الروايات فلا بد من تقدير رمل.

"وهو مشروع في كل مرة من السبعة الأشواط ،لا في الثلاثة الأول".

ليس مثل الطواف، يرمل في الثلاثة فقط، وإنما السعي هو السير الشديد أقرب ما يكون إلى الركض هذا في جميع الأشواط السبعة.

طالب:...

إذا كنت طفت للقدوم فلا رمل، إذا كنت متمتعًا وطفت للعمرة ورملت فلا رمل، هو في أول طواف إذا كنت ما طفت هذه أول مرة تطوف ترمل.

"كما في طواف القدوم بالبيت. وأنه يرقى أيضًا على المروة كما رقى على الصفا، ويذكر ويدعو وبتمام ذلك تتم عمرته، فإن حلق أو قصر صار حلالاً، وهكذا فعل الصحابة الذي أمرهم -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- بفسخ الحج إلى العمرة. وأما من كان قارنًا فإنه لا يحلق ولا يقصر ويبقى على إحرامه. ثم في يوم التروية وهو ثامن ذي الحجة يحرم من أراد الحج ممن حل من عمرته ويطلق هو ومن كان قارنًا إلى منى كما قال جابر -رضي الله عنه-: "فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى" أي توجه من كان باقيًا على إحرامه لتمام حجه، ومن كان قد صار حلالاً أحرم وتوجه إلى منى، وتوجه -صلى الله عليه وسلم- إليها راكبًا، فنزل بها وصلى الصلوات الخمس. وفيه أن الركوب أفضلَ من المشي".

أفضلُ.

"وفيه أن الركوب أفضلُ من المشي في تلك المواطن، وفي الطريق أيضًا، وفيه خلاف".

منهم من رجّح المشي؛ لأنه مقدَّم في الآية، {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [الحج:27] رجالاً وعلى كل ضامر، رجالاً يعني مشاة على كل ضامر يعني ركبان، فقدم في الآية الرجال وهم المشاة على الركبان، وإذا قلنا بالقاعدة التي قعدها: ابدؤوا بما بدأ الله به نقول: المشي أفضل من الركوب، كما قاله بعض أهل العلم؛ استنادًا إلى هذه الآية، ومن نظر إلى فعله -عليه الصلاة والسلام- وأنه ركب قال: الركوب أفضل.

"ودليل الأفضلية فعله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم-".

والمسألة يعني المفاضلة فيمن عنده راحلة، المفاضلة عند من عنده راحلة يترك الراحلة تمشي وهو يمشي يقول: رجالاً أفضل، أما الذي لا راحلة عنده فهذا ما فيه إشكال، قد أدى ما عليه، لكن من عنده راحلة فالركوب له أفضل، والله -سبحانه وتعالى- غني عن تعذيب نفسه.

طالب:...

موقع الأجرة من ماله، يعني إذا كانت تشق عليه، لها وقع، إذا كان أمرها يسيرًا والأجرة موجودة بحيث لا تشق عليه نقول: استأجِر؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- ركب.

طالب:...

لكنه فعل، فعل وفعله تشريع، -عليه الصلاة والسلام-، مسألة كونه طاف راكبًا؛ لأن الناس غشوه، وأحب أن يقتدوا به، فركب، على أنه جاء في رواية سنن أبي داود أنه اشتكى -عليه الصلاة والسلام- فركب، دل على أن الركوب في الطواف للحاجة.

"وأن السُّنَّة أن يصلي بمنى الصلوات الخمس، وأن يبيت بها هذه الليلة وهي ليلة التاسع من ذي الحجة. وأن السُّنَّة ألا يخرجوا يوم عرفة من منى إلا بعد طلوع الشمس. وأن السُّنَّة أن لا يدخلوا عرفات إلا بعد زوال الشمس. وأن يصلوا الظهر والعصر جميعًا بعرفات فإنه -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- نزل بنمرة وليست من عرفات".

نعم؟

طالب:...

جمعًا نعم، عرفت تفرق؟ جماعة جمعًا، لكن جميعًا إذا قلنا: إن المراد جميعًا يصلي كل واحدة في وقتها، لكن جميع الصلاتين في عرفة في ذلك المكان، المقصود جمع نعم.

طالب:...

 جمعًا.

"وأن يصلوا الظهر والعصر جمعًا بعرفات فإنه -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- نزل بنمرة وليست من عرفات، ولم يدخل إلى الموقف إلا بعد الصلاتين، وأن لا يصلى بينهما شيئًا".

وليست من عرفات عند جمهور العلماء، وإن قال المالكية: إنها من عرفة.

"وأن السُّنَّة أن يخطب الإمام الناس قبل صلاة العصرين، وهذه إحدى الأربع الخطب المسنونة، والثانية يوم السابع من ذي الحجة".

الأولى يوم السابع من ذي الحجة، الثانية باعتبار أنه ذكر هذه وفرغ منها، وإلا فالأولى يوم السابع، والثانية يوم عرفة، والثالثة يوم إيش؟ يوم النحر، والرابعة يوم النفر الأول.

"يخطب عند الكعبة بعد صلاة الظهر، والثالثة يوم النحر، والرابعة يوم النفر الأول وهو اليوم الثاني من أيام التشريق. وفي قوله: ثم ركب حتى أتى الموقف إلى آخره سنن وآداب منها: أن يجعل الذهاب إلى الموقف عند فراغه من الصلاتين. ومنها أن الوقوف راكبًا أفضل".

ما لم يشق على دابته، ما لم يشق على دابته، إن شق عليها نزل.

طالب:...

ركنها أفضل نعم، الرسول وقف على دابته.

"ومنها أن يقف عند الصخرات وهي صخرات مفترشات في أسفل جبل الرحمة وهو الجبل الذي بوسط أرض عرفات. ومنها استقبال القبلة في الوقوف".

ولا يشرع الصعود إلى الجبل والتزاحم عليه كما يفعل الآن، مع أن هناك مطالبات بتوسيع الطرق التي تؤدي إلى قمة الجبل حتى قيل: إن فيه بنايات مساجد وأشياء، فيه شيء من هذا؟ فيه بنايات أو معالم يصلى فيها أو شيء من هذا؟

طالب:...

في الجبل الذي في عرفة.

طالب:...

نعم؟ الشاخص واضح، أين الشاخص؟ لكن يقولون فيه أماكن للصلاة يصلي فيها الناس، كل هذا ليس من المشروع، وإن كان فيه شيء معالم أو محاريب أو شيء تلزم إزالته.

طالب:...

يعني في غير وقت الموسم.

طالب:...

يعني يأتي إليه الناس ويتفرجون.

طالب:...

هذا ليس من تعظيم شعائر الله، هذا ليس من تعظيم الشعائر.

طالب:...

لا، التسمية حادثة.

طالب:...

 نعم.

طالب:...

لحظة.

طالب:...

على كلٍّ الحاجة ما يحتاجه الإنسان، أقول: ما يحتاجه الإنسان أمر لا بد منه.

طالب:...

يبعد نعم.

"ومنها أن يبقى في الموقف حتى تغيب الشمس ويكون في وقوفه داعيًا، فإنه -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- وقف على راحلته راكبًا يدعو الله- عز وجل- وكان في دعائه رافعًا يديه إلى صدره وأخبرهم أن خير الدعاء دعاء يوم عرفه، وذكر من دعائه في الموقف: "اللهم لك الحمد كالذي نقول وخيرًا مما نقول. اللهم لك صلاتي ونسكي ومحياي مماتي وإليك مآبي ولك تراثي. اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ووسواس الصدر وشتات الأمر اللهم إني أعوذ بك من شر ما تجيء به الريح" ذكره الترمذي. ومنها أن يدفع بعد تحقق غروب الشمس بالسكينة، ويأمر بها الناس".

نعم الوقوف بعرفة معروف أنه ركن من أركان الحج لا يتم إلا به، من فاته فاته الحج، وجاء في الحديث: «الحج عرفة»، ووقت الوقوف عند جمهور العلماء من زوال الشمس إلى طلوع الفجر، وأي ساعة وقف من ليل أو نهار أجزأه، وإن كان من وقف بالنهار فلا بد أن يدرك شيئًا من الليل، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-. ومن انصرف قبل غروب الشمس، يلزمونه بدم، والوقوف قبل الزوال يقول به الحنابلة، والجمهور على خلافه؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- انتظر حتى زالت الشمس، فلم يدخل عرفة حتى زالت الشمس، حديث عروة بن مضرس يدل على أنه أية ساعة وقف من ليل أو نهار ساعات النهار تشمل ما قبل الزوال إلا أن هذا مجمل بُيِّن بفعله -عليه الصلاة والسلام-، فمن وقف في النهار لزمه أن يبقى حتى تغرب الشمس كما فعل -عليه الصلاة والسلام-، وأما من وقف بالليل لو مرّ مرورًا بالليل، لو مر بها مرورًا فقط كفاه ذلك، قاصدًا بذلك الوقوف، وإن كان بعضهم يقول: ما يحتاج حتى ولا القصد؛ لأن عروة بن مضرس ما عرف أنه مرّ بعرفة أو لم يمر.

 ومما يذكر من الطرائف أن شخصًا مقعدًا رأى انصراف الناس من عرفة وهو بالرياض، فبكى، فقال له ولده: ما يبكيك؟ قال: انصرفوا ولست معهم، وقد اعتاد الحج، فقال له: تريد الحج يا أبت؟ قال: نعم، قال: اركب، فركبوا بالسيارة، وعلى طول لعرفة، ونزل المزدلفة، وحج مع الناس وهو صائم يوم عرفة عند عياله ومفطر معهم وصلى معهم المغرب، وشاهد الانصراف، وهذا من تيسير الله -سبحانه وتعالى-.

"ويأمر بها الناس إن كان مطاعًا، ويضم زمام مركوبه؛ لئلا يسرع في المشي".

أما إذا لم يكن مطاعًا فمن العبث أن يأمر الناس إذا لم يكن مطاعًا، لكن إذا قال: أنا أقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام- سواء أطاعوا أو لم يطيعوا، إن عليك إلا البلاغ، ويشير للناس السكينة السكينة،  فقد أحسن.

"إلا إذا أتى جبلاً من جبال الرمال أرخاه قليلاً".

جبلاً أو حبلاً؟ حبلاً من حبال الرمل أو الرمال؟

طالب:...

المقصود به ارتفاع في الأرض، يعني هضبة من الرمل تقتضي أن يرخي زمام الدابة؛ كي تأخذ راحتها في المشي، تحتاط لما أمامها.

"إلا إذا أتى حبلاً من حبال الرمال أرخاه قليلاً؛ ليخف على مركوبه صعوده. فإذا أتى المزدلفة نزل بها وصلى المغرب والعشاء جمعًا بأذان واحد وإقامتين، وهذا الجمع متفق عليه، وإنما اختلفوا في سببه فقيل: لأنه نسك، وقيل: لأجل أنهم مسافرون، وأنه لا يصلي بينهما شيئًا".

نعم، هل الجمع هنا والقصر من أجل السفر؟ فعلى هذا من كان ساكنًا بمزدلفة وساكنًا بعرفة وساكنًا بغيرها من المشاعر نقول: إنه من أجل السفر لا يجوز لهم أن يجمعوا، ولا يقصروا الصلاة، وهو مقتضى قول الجمهور، ومن قال: إنه نُسك كالحنفية يميل إليه شيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: من كان بيته في عرفة يجمع الظهر والعصر ويقصر إذا كان حاجًّا، مثل من كان بيته بمزدلفة، مجرد افتراض يعني، يقول: يجمع ويقصر؛ لأن الجمع نسك.

طالب:...

كيف؟

طالب:...

لا، إذا لم يكن حاجًّا فماذا يدخله بالنسك؟ إذا قلنا: النسك هذا خاص بالحاج.

طالب:...

غير حاج، لا بد أن يكون حاجًّا ليتلبس بالوصف الآخر. لا بد من أحد الوصفين.

طالب:...

إذا كانوا حجاجًا يجمعون ويقصرون نعم؛ لأن الرسول ما عُرف عنه أنه قال: أتموا مثل ما قال لهم في المسجد الحرام، قال لهم: أتموا، في المشاعر ما قال لهم: أتموا.

طالب:...

نعم، يجمعون ويقصرون.

طالب:...

الحكم واحد أم؟

طالب:...

لكن ما أُثر أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: أتموا، صلى وراءه الناس كلهم من أهل مكة وغيرهم.

طالب:...

 كيف؟

طالب:...

ما تقرر عنده، هو متقرر عندهم أن غير مسافر ما يجمع ولا يقصر، والرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يجمع بمنى، ما جمع الصلوات، صلى كل صلاة بوقتها، إنما قصر، على كلٍّ الجمهور رأيهم أن الجمع والقصر ما يباح للسفر فقط.

طالب:...

لأنه تأهل، تأهل هناك.

طالب:...

لا، لا المكي ما يقصرون؛ لأن الوصف أهل مكة لا يقصرون؛ لأنهم ما عندهم مسافة، يشترطون مسافة، الجمهور يشترطون مسافة.

طالب:...

لكنه ليس بسفر عند الجمهور، ليس بسفر.

طالب:...

على كلٍّ عند الجمهور سفر ما دام أكثر من ثمانين كيلو فهو سفر.

"وقوله: "ثم اضطجع حتى طلع الفجر" فيه سنن نبوية: المبيت بمزدلفة وهو مجمع على أنه نسك، إنما اختلفوا هل هو واجب أو سنة".

وقيل بركنيته، قال بعضهم: إنه ركن لا يتم الحج إلا به.

طالب:...

 نعم. القول الوسط في هذه المسألة أنه واجب.

"والأصل فيما فعله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- في حجته الوجوب كما عرفت، وأن السُّنَّة أن يصلي الصبح بالمزدلفة ثم يدفع منها بعد ذلك، فيأتي المشعر الحرام فيقف به ويدعو، والوقوف عنده من المناسك، ثم يدفع منه عند إسفار الفجر إسفارًا بليغًا فيأتي بطن محسر فيسرع السير فيه؛ لأنه".

محلٌ.

"لأنه محلٌ غضب الله فيه على أصحاب الفيل، فلا ينبغي الأناة فيه ولا البقاء به، فإذا أتى الجمرة وهي جمرة العقبة نزل ببطن الوادي ورماها بسبع حصيات كل حصاة كحبة الباقلاء، يكبِّر مع كل حصاة، ثم ينصرف بعد ذلك إلى المنحر".

اللام مشددة أم مخففة؟ مشددة أم مخففة، والنسبة إليها؟

طالب:...

التخفيف، التخفيف، الباقلاني.

"فينحر إن كانت عنده بدنة يريد نحوها، وأما هو -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- فإنه نحر بيده الشريفة ثلاثًا وستين بدنة، وكان معه مائة بدنة فأمر عليًا عليه السلام بنحر باقيها، ثم ركب إلى مكة فطاف طواف الإفاضة، وهو الذي يقال له طواف الزيارة، ومن بعده يحلّ له كل ما حرم بالإحرام حتى وطء النساء".

نعم، إذا رمى الجمرة وحلق وطاف حلّ له كل شيء، التحلل الثاني حصل له التحلل الثاني الذي يبيح له كل شيء كان حرم عليه

طالب:...

نعم.

لحظة.

طالب:...

كيف؟

طالب:...

 لماذا؟

طالب:...

نعم، يعني هل يلزم المبيت الليل كله أم نصفه أم؟

طالب:...

ماذا فيه؟

طالب:...

نعم، هذه ما تعرض عنها، نحن ذكرناها قبل قليل.

"وأما إذا رمى جمرة العقبة ولم يطف هذا الطواف فإنه يحلّ له ما عدا النساء، فهذه الجمل من السُّنن والآداب التي أفادها هذا الحديث الجليل".

وهل يحصل التحلل الأول بواحد أو باثنين؟ هل يحصل بالرمي فقط، أو لا بد من الحلق معه؟ قولان لأهل العلم، كلاهما له وجه، له ما يدل عليه فعلى هذا من أراد التحلل فليفعل الاثنين، ومن فعل تحلل بعد الأول لا ينكَر عليه إن شاء الله.

طالب:...

يعني قدّم الطواف ونقول هنا أيضًا: متى يترك التلبية؟ ما زال يلبي حتى رمى جمرة العقبة، لو قدَّم الطواف أو قدّم النحر أو الحلق متى يقطع التلبية؟ لو فرضنا أنه أخَّر رمي الجمرة إلى آخر النهار يلبي حتى يرمي جمرة العقبة، ولو كانت عليه ثيابه تحلل؟

طالب:...

 المقصود أنه يعني إذا شرع في التحلل، إذا شرع في التحلل سواء كان برمي الجمرة أو بالطواف أو بالحلق أو بأي شيء قدِّم.

طالب:...

حتى الرمي؟ الرمي.

طالب:...

يوم الحج الأكبر يعني أخلاه من جميع العبادات.

طالب:...

على كلٍّ من أراد الاقتداء وتمام الأجر وبر الحج الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام-، لا بد أن يقتدي، وأن يفعل كما فعل، يحرص على أن تكون حجته موافقة لحجة النبي، لكن من ترك بعض الأشياء للمشقة الحاصلة اللاحقة، لكن بعضهم لتوهم المشقة يفعل هذا، لا ينبغي، الأصل أن يفعل، لكن إذا فعل أخّر رمي جمرة العقبة إلى الغد مع رمي الغد.

طالب:...

 من أهل العلم من يلزمه بدم؛ لأن وقتها يوم النحر، بخلاف رمي أيام التشريق، فأيام التشريق العبادة الواحدة.

طالب:...

متعجلين ورموا بعد نصف الليل؟

على كلٍّ سيجيء حديث النهي عن الرمي قبل طلوع الشمس سيجيء، وإن كان فيه مقال من حديث ابن عباس.

طالب:...

هو الجمهور الأكثر على أنه لا بد من اثنين.

طالب:...

مقتضاه إذا أطلقوا وقالوا: يحصل التحلل بواحد أن الطواف له حكم الرمي، لكن لو أخَّر الرمي ما يتحلل حتى يرمي فيعلقوه بالرمي أو بالتحلل بواحد؟

طالب:...

إذا رميتم، يعني لو أخَّر الرمي إلى الغد ما يتحلل أبدًا؟

طالب:...

 كيف؟

"من أفعاله -صلى الله عليه وسلم- تُبين كيفية أعمال الحج وفي كثير مما دل عليه هذا الحديث الجليل مما سُقناه خلاف بين العلماء كثير، في وجوبه وعدم وجوبه، وفي لزوم الدم بتركه وعدم لزومه، وفي صحة الحج إن ترك منه شيئاً وعدم صحته، وقد طوّل بذكر ذلك في الشرح، واقتصرنا على ما أفاده الحديث فالآتي بما اشتمل عليه هو الممتثل".

على كلٍّ طوّل ميزة، خلافًا لما تشعره عبارته هذا مجرد تطويل.

طالب:...

 لا، التطويل بمثل هذه الأمور والتفصيل وذكر الخلاف هذه ميزة هي التي تميز الشروح المطولة على المختصرات.

"لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «خذوا عني مناسككم»، والمقتدي به في أفعاله وأقواله. وعَنْ خُزَيْمةَ بن ثابتِ -رضي الله عَنْهُ-: "أنَّ النّبيَّ -صَلّى الله عَلَيْه وَسَلّم- كانَ إذا فرغَ من تلبيتهِ في حجٍ أَوْ عمرة سأَلَ الله رضوانه والجنّةَ واستعاذَ برحْمته منَ النّار" رواهُ الشافعيُّ بإسناد ضعيف".

نعم الحديث لا يثبت.

"سقط هذا الحديث من نسخة الشارح التي وقفنا عليها، فلم يتكلم عليه ووجه ضعفه أن فيه: صالح بن محمد بن أبي زائدة أبو واقد الليثي ضعّفوه".

كنيته أبو واقد، ونسبته الليثي، يوافق الصحابي.

"والحديث دليل على استحباب الدعاء بعد الفراغ من كل تلبية يلبيها المحرم".

لكن إذا قيل بضعفه ما فيه دليل.

"في أي حين بهذا الدعاء ونحوه ويحتمل أن المراد بالفراغ منها انتهاء وقت مشروعيتها وهو عند رمي جمرة العقبة، والأول أوضح".

يعني كلما فرغ من التلبية يسأل، أو إذا فرغ من التلبية برمي الجمرة أو بالطواف طواف العمرة احتمالان، وعلى كلٍّ الخبر ضعيف.

"وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم-: «نحرت هاهنا ومنى كلها مَنْحَرٌ فانحروا في رحالكم» جمع رحل، وهو المنزل «ووقفت هاهنا وعرفة كلها موقفٌ»، وحدُّ عرفة ما خرج عن وادي".

عُرنة عُرنة.

"وحدُّ عرفة ما خرج عن وادي عرنة إلى الجبال المقابلة مما يلي بساتين بني عامر، «ووقفت ههنا وجمعٌ كلها موقف» رواه مسلم. أفاد -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- أنه لا يتعين على أحد نحره حيث نحر، ولا وقوفه بعرفة، ولا جمع حيث وقف، بل ذلك موسع عليهم حيث نحروا في أي بقعة من بقاع منى، فإنه يجزئ عنهم، وفي أي بقعة من بقاع عرفة وجمع وقفوا أجزأ، وهذه زيادات في بيان التخفيف عليهم، وقد كان -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- أفاده تقريره لمن حج معه ممن لم يقف في موقفه، ولم ينحر من منحره، إذ من المعلوم أنه حج معه أممٌ لا تُحصى، ولا يتسع لها مكان وقوفه ونحره؛ هذا والدم الذي محله منى هو دم القران والتمتع والإحصار والإفساد والتطوّع بالهدى، وأما الذي يلزم المعتمر فمحله مكة، وأما سائر الدماء اللازمة من الجزاءات فمحلها الحرم المحرم وفي ذلك خلاف معروف".

لكن لو نحر المتمتع هدي التمتع في مكة، يقول: «ومنى كلها منحر» مع أنه جاء: وكلُّ؟ طالب:...

 فجاج مكة منحر أيضًا طريق ومنحر، فهل نقول: إن الهدي أو ما يلزم المعتمر بمكة وما يلزم المتمتع والقارن بمنى؟ أو أن المقصود به حتى يبلغ الهدي محله مكان حلوله وهو الحرم بجميع أجزائه، ومنى ومزدلفة ومكة وفجاجها كلها منحر، ولا يتقيد هذا بمنى؟

طالب:...

كيف؟

طالب:...

الحلّ؟

طالب:...

 ليجمع بين؟

طالب:...

 لا لا، هذا قالوه في المعتمر من مكة يخرج إلى الحِلّ يجمع في نسكه بين الحِلّ والحرم، لا لا. يعني الهدي ليجمع بين الحِلّ والحرم ويخرج به؟ لا لا لا لا، حتى يبلغ الهدي محله الهدي محله الحرم، نعم من صُدَّ عن البيت ينحر في مكانه، من صُدَّ عن البيت ينحر في مكانه، ولو كان حِلًّا.

طالب:...

يجزئ يجزئ إن شاء الله، كل الحرم يجزئ.

"وعَنْ عائشةَ رضي الله عنْها "أَنَّ النبيّ -صَلّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلّم- لَمّا جَاءَ إلى مَكّةَ دَخَلَهَا مِنْ أَعْلَاهَا وخرجَ مِنْ أَسْفَلِها. مُتّفقٌ عَلَيْهِ. هذا إخبار عن دخوله -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح، فإنه دخلها من محل يقال له".

كَداء كَداء. بالفتح والمد، وخرج من كُدى بالضم والقصر، وهناك ثالث يقال له: كُدَيّ بالتصغير، نعم.

"من محل يقال له: كَداء بفتح الكاف والمدّ غير منصرف، وهي الثنية".

الثنية، الثنية.

"وهي الثنية التي ينزل منها".

إلى المِعلاة.

"إلى المِعلاة مقبرة أهل مكة، وكانت صعبة المرتقى فسهلها معاوية ثم عبد الملك ثم المهدي ثم سهلت كلها في زمن سلطان مصر المؤيد في حدود عشرين وثمانمائة، وأسفل مكة هي الثنية السفلى يقال لها كُدى بضم القاف والقصر، عند باب الشُّبيكة ويقول أهل مكة: افتح وادخل وضم واخرج".

واضمم؟ ماذا عندكم؟

طالب:...

نعم.

"ووجه دخوله -صلى الله عليه وسلم- من الثنية العليا ما روي أنه قال أبو سفيان: "لا أسلم حتى أرى الخيل تطلع من كداء".

نعم مستبعِدًا، كداء مرتفع، كيف تطلع الخيل من كدا؟ وقد حصل، ولله الحمد، وذُكِّر بذلك، وقال بذلك حسان ما قال.

"فقال له العباس: ما هذا؟ قال: شيء طلع بقلبي وإن الله لا يطلع الخيل من هنالك أبدًا، قال العباس: "فذكرت أبا سفيان بذلك لما دخل رسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- منها" وعند البيهقي من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم-: «كيف قال حسان؟» فأنشده شعرًا:

 

عدمت بُنيتي إن لم تروها

 

 

 

 

تثير النقع مطلعها كَداء

 

 

"فتبسم -صلى الله عليه وسلم- وقال: «ادخلوها من حيث قال حسان». واختلف في استحباب الدخول من حيث دخل -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم-".

يعني هل كان قاصد -عليه الصلاة والسلام- أن يدخل ليقتدى به ويؤتسى به، أو هذا طريقه؟ وإذا كان هذا طريقه من المدينة فلمَ لمْ يخرج معه وخرج مع غيره؟ لا شك أن الدخول من الموضع العالي إلى النزول لينزل أسهل، والخروج من النازل أيسر من الطلوع من العالي، فلا شك أن القادم من المدينة ينزل من أعلى ويخرج من أسفلها، ويرجع إلى طريقه، نعم الأعلى هو طريقه، كونه خرج من أسفلها؛ لأن الطلوع الخروج من المكان العالي فيه مشقة، والمشي خمسة كيلو في مكة أرض مستوية أسهل من طلوع كيلو واحد، كونهم يخرجون من أسفلها ويستديرون حتى يرجعوا إلى طريقهم أيسر لهم ذلك. أو نقول: إن الرسول -عليه الصلاة والسلام- فعل هذا ونستحب الدخول من أعلاها، ولو لم تكن عن طريقنا، ونخرج من أسفلها؟ هذا طريق أهل المدينة، لكن لو جاء واحد من نجد وقال: أريد أن أنزل من كداء، الرسول دخل، الحنابلة يقولون: يُسَن دخول مكة من أعلاها، والمسجد من باب بني شيبة، يعني حيث دخل النبي -عليه الصلاة والسلام-، فيرون هذا مشروعًا؛ اقتداء به -عليه الصلاة والسلام-، يعني ما لم يشق، أما إذا كان يترتب عليه مشقة فالمشقة تجلب التيسير.

طالب:...

إلا اختار أيسرهما نعم. والمشقة تجلب التيسير والكراهة تزول بأدنى حاجة، قواعد مقررة عند أهل العلم.

طالب:...

هذا بالجملة ما لم يكن فيه نصّ، ما لم يكن فيه نصّ، وإلا ما فيه شك أن الأيسر أن تحرم عائشة من المحصب ولا تخرج إلى التنعيم، لكن إذا كان ترتب عليه ترك مأمور فلا.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

لا لا، غيره ثالث كُدي، ثالث.

طالب:...

كيف؟

طالب:...

طريق جدة يم الكبري هناك الرائح لجدة وفيه مواقف سيارات هناك.

طالب:...

كُدي، هو يسأل عن كُدي.

طالب:...

لا لا، يسأل عن الثالث، انتهينا من الأول والثاني.

"والخروج من حيث خرج فقيل: يستحب وأنه يعدل إليه من لم يكن طريقه عليه، وقال البعض: وإنما فعله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم-؛ لأنه كان على طريقه فلا يستحب لمن لم يكن كذلك. وقال ابن تيمية: يشبه أن يكون ذلك والله أعلم".

الثنية الثنية.

"أن الثنية العليا التي تشرف على الأبطح والمقابر إذا دخل منها الإنسان فإنه يأتي من وجه البلد والكعبة".

من وجه البيت؟

طالب:...

ماذا عندك؟

طالب:...

ماذا عندك أنت؟

طالب:...

البلد والكعبة، البيت والكعبة، إذا كان فيه: والكعبة فلا بأس، يعني يدخل مقابلًا للباب.

"فإنه يأتي من وجهة البلد والكعبة ويستقبلها استقبالاً من غير انحراف، بخلاف الذي يدخل من الناحية السفلى، لأنه يستدير".

يستدبر يستدبر. يعني العكس تمامًا، العكس تمامًا.

"يستدبر البلد والكعبة فاستحب أن يكون ما يليه منها مؤخرًا؛ لئلا يستدبر وجهها. وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان لا يقدم مكة إلا بات ليلة قدومه (بذي طُوى) في القاموس مثلثة الطاء".

نعم الفتح كأنه أكثر عندهم، أكثر ما يضبطونه بالفتح، طَوى وتُضم الطاء وتُكسر فهو مثلث نعم. يعرف الآن بالزاهر، يعرفونه بالزاهر الآن.

"ويُنَوَّن موضع قرب مكة حتى يصبح ويغتسل، ويذكر ذلك عن النبي -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- أي أنه فعله. متفق عليه. فيه استحباب ذلك، وأنه يدخل مكة نهاراً، وهو قول الأكثر. وقال جماعة من السلف وغيرهم: الليل والنهار سواء".

لأن النبي دخل -عليه الصلاة والسلام- في عمرة الجعرانة دخل ليلاً بحسب التيسير، يعني إن تيسر له الدخول نهارًا فبها ونعمت وإلا فالليل يقوم مقامه، والاغتسال لدخول مكة يعني يتجه لمن بعُد عهده بالغسل، فلما كانت وسائل النقل الإبل والمسافة بعيدة من ذي الحليفة احتاجوا أن يمشوا تسعة أيام، تغيرت روائحهم، فاحتاجوا أن يغتسلوا، لكن من اغتسل بالسيل وساعة إلا ربع وصل الحرم، نقول: يُسن له الغسل لدخول مكة؟

طالب:...

يسن يا فهد أم ؟

طالب:...

أم كلام الحاجة؟

طالب:...

لأن علة الغسل معقولة يعني ما هي بتعبدية.

طالب:...

وافق أنه اغتسل؟

طالب:...

لا، هم يحتاجون الغسل، تسعة أيام على الإبل، تسعة أيام يحتاجون، تغيرت روائحهم، كلما بعد، الجو حار لا بد منه، ومن لا يحتاجه؟ فعلة الغسل معقولة وهي التنظف.

طالب:...

ما فيه شك أن الاغتسال من أجل دخول البيت من تعظيمه، من تعظيمه، الآن يمضون من ذي طوى إلى البيت أكثر مما يمضي الجائي من السيل إلى البيت في الوقت الحاضر، كم يحتاج على الإبل من ذي طوى؟ عمر -رضي الله عنه- طاف بعد الصلاة ولا صلى إلا بعد ارتفاع الشمس بذي طوى، يحتاج إلى وقت. فيتأكد في حق من طال به العهد حتى تغيرت أو احتاج إلى الغسل، أما من لم يحتج له فالعلة معقولة.

طالب:...

للإحرام ودخول مكة، لا بأس الغسل حتى للإحرام سنَّة.

طالب:...

لن يحرم إن شاء الله.

طالب:...

الغالب أنه راكب الغالب أنه راكب.

"والنبي -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- دخل مكة في عمرة الجعرانة ليلاً. وفيه دلالة على استحباب الغسل لدخول مكة. وعن ابنِ عباس -رضي الله عنهما- أنه كان يُقَبِّلُ الْحَجَر الأسود ويَسْجُدُ عليه. رواهُ الحاكم مرفوعًا والبيْهقي موقوفًا. وحسنه أحمد، وقد رواه الأزرقي بسنده إلى محمد بن عباد بن جعفر قال: رأيت ابن عباس جاء يوم التروية وعليه حلة، مرجلاً رأسه، فقبل الحجر الأسود وسجد عليه، ثم قبله وسجد عليه ثلاثًا، رواه أبو يعلى بسنده من حديث أبي داود الطيالسي عن جعفر بن عثمان المخزومي قال: رأيت محمد بن عباد بن جعفر قبل الحجر وسجد عليه؛ وقال: رأيت خالى ابن عباس يقبل الحجر ويسجد عليه. وقال: رأيت عمر يقبل الحجر ويسجد عليه وقال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعله".

نعم الرفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- مختلف فيه، اختلف في رفعه ووقفه.

طالب:...

يضع وجهه عليه، السجود معروف.

طالب:...

نعم؟

طالب:...

عن الصحابة معروف.

طالب:...

لا سيما في الحجر نعم، يعني يلزم من التقبيل السجود كأنه من لازمه.

طالب:...

كيف؟

طالب:...

لو ما بقي إلا اليدان فأمرها سهل، الكلام على السجود، تعفير الوجه هذا الأصل في السجود. وإلا فلن يضع ركبتيه قطعًا، إذا قلنا على الأعضاء السبعة.

طالب:...

كيف؟

طالب:...

على كلٍّ الموقوف لا بأس به، مقبول، لكن المرفوع فيه نظر.

طالب:...

الأعضاء السبعة؟

طالب:...

أين يضع ركبتيه؟

طالب:...

ويقول: سبحان ربي الأعلى ويقول.. لا لا، لا لا، صورته صورة السجود.

"وحديث عمر في صحيح مسلم: أنه قبل الحجر والتزمه وقال: رأيت رسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- بك حفيًا. يؤيد هذا ففيه شرعية تقبيل الحجر والسجود عليه. وعنه أي ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أي أصحابه".

أي أصحابَه.

"أي أصحابَه الذين قدموا معه مكة في عمرة القضاء أن يرمُلوا بضم الميم ثلاثة أشواط، أي يهرولون فيها في الطواف، ويمشوا أربعًا ما بين الركنين. متفق عليه. وعن ابن عُمَر -رضي اللَّهُ تعالى عَنْهُما- أَنّهُ كان إذا طاف بالبيتِ الطّوافَ الأوَّلَ خَبَّ ثلاثًا ومشى أَرْبعًا".

يعني أول ما يصل إلى البيت سواء كان طواف عمرة أو قدوم أو إفاضة. هل يتصور في الوداع؟ يتصور أم ما يتصور؟

طالب:...

لا لا، يعني أول ما يقدم، يعني إذا قدّم السعي عليه وصار هو طواف الإفاضة ونوى الوداع والإفاضة، وما طاف إلا مرة واحدة، ما دام مفردًا أو قارنًا فقدم السعي، وطاف للإفاضة، وهو الوداع في الوقت نفسه، أو ما قدّم السعي على القول بأن السعي بعد الطواف لا يؤثر، ولذا لم تؤمر عائشة -رضي الله عنها- بالوداع، طافت وسعت للعمرة، ما أُمرت بالوداع.

طالب:...

يتصور على بُعد، يتصور على بُعد لأول ما يكوف أيًّا كان طوافه، يرمل.

"وفي رواية: رأَيتُ رسول اللَّهِ -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- إذا طاف في الحج أَو العُمْرة أَوَّل ما يقْدُمُ فإنّه يسعى ثلاثة أَطواف بالبيت، ويمشي أَربعةً. مُتّفقٌ عليهما. وأصل ذلك ووجه حكمته ما رواه ابن عباس قال: "قدم رسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- وأصحابه مكة، فقال المشركون: إنه يقدم عليكم وفد قد وهنتهم حمى يثرب، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابه أن يرملوا الأشواط الثلاثة وأن يمشوا ما بين الركنين ولم يمنعه أن يرملوا الأشواط".

إلا الإبقاء عليهم، شفقة منه -عليه الصلاة والسلام- على أصحابه.

"الركنين ولم يمنعهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم". أخرجه الشيخان، وفي لفظ مسلم: أن المشركين جلسوا مما يلي الحجر وإنهم حين رأوهم يرملون قالوا: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى وهنتهم؟ إنهم لأجلد من كذا وكذا. وفي لفظ لغيره: إن هم إلا كالغزلان، فكان هذا أصل الرمَل، وسببه إغاظة المشركين وردّ قولهم".

ولذا نازع بعضهم في مشروعيته، إنما رمل؛ لأننا راءينا به المشركين ولا مشرك هنا الآن، ثم قال: فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- فلنفعله، فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- في وقت ليس فيه مشركون في حجة الوداع، فهو مشروع، شُرِع لسبب، وارتفع السبب وبقي الحكم، كالقصر.

"وكان هذا في عمرة القضاء ثم صار سُنَّة، ففعله في حجة الوداع مع زوال سببه".

إلا أنه في عمرة القضاء من الحجر الأسود إلى الركن اليماني، ويمشون بين الركنين؛ لأن المشركين لا يرونهم، وأما في حجة الوداع رمل من الركن إلى الركن.

"وإسلام من في مكة، وإنما لم يرملوا بين الركنين؛ لأن المشركين كانوا من ناحية الحجر عند".

قُعِيْقِعان.

"عند قُعَيْقِعان، فلم يكونوا يرون من بين الركنين. وفيه دليل على أنه لا بأس بقصد إغاظة الأعداء بالعبادة، وأنه لا ينافي إخلاص العمل، بل هو إضافة طاعة إلى طاعة، وقد قال تعالى: {وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة:120]".

طالب:...

نعم؟

طالب:...

نعم، لكن الاضطباع في جميع الأشواط والرمل في الثلاثة الأولى.

طالب:...

ماذا؟ الذي بعده؟

طالب:...

الذي بعده؟

طالب:...

والذي بعده؟

ذاك سهلات، يكفي يكفي، بركة.