التعليق على تفسير القرطبي - سورة الطور (02)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه.

 قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى-:

 "قوله تعالى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25)، قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26)، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27)، إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28)}[الطور:25-28].

 قوله تعالى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الطور:25]، قال ابن عباس: إذا بعثوا من قبورهم سأل بعضهم بعضًا. وقيل: في الجنة "يتساءلون" أي يتذاكرون ما كانوا فيه في الدنيا من التعب والخوف من العاقبة. ويحمدون الله تعالى على زوال الخوف عنهم. وقيل: يقول بعضهم لبعض بما صرت في هذه المنزلة الرفيعة، قالوا: {قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} [الطور:26] أي قال كل مسئول منهم لسائله: {إِنَّا كُنَّا قَبْلُ} [الطور:26]. أي في الدنيا خائفين وجلين من عذاب الله، فمن الله علينا بالجنة والمغفرة. وقيل: بالتوفيق والهداية".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

 الراجح من هذه الأقوال: أن هذا القول وهذا التساؤل إنما يكونُ في الجنة. إذا منَّ الله عليهم وأدخلهم في الجنة ووقاهم عذاب النار، أما قبل ذلك فهم لا يزالون مُشفقين، لا يزالون مُشفقين، كانوا مشفقين من عذاب الله في الدنيا قبل الموت، وإذا بعثوا أيضًا لا يزالون. أما إذا دخلوا الجنة، وأمنوا، تم عليهم المنَّ من الله -جلَّ وعلا- بإدخالهم الجنة، ووقايتهم {عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور:27].

"{وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور:27] قال الحسن: {السَّمُومِ} اسم من أسماء النار وطبقة من طباق جهنم. وقيل: هو النار كما تقول: جهنم. وقيل: نار عذاب السموم. والسموم الريح الحارة تؤنث؛ يقال منه: سم يومنا فهو مسموم، والجمع سمائم، قال أبو عبيدة: السموم بالنهار، وقد تكون بالليل، والحرور بالليل، وقد تكون بالنهار، وقد تستعمل السموم في لفح البرد وهو في لفح الحر والشمس أكثر؛ قال الراجز:

اليوم يوم بارد سمومه
 

 

   XE "08-فهرس القصائد العامة:ورأيت زوجك في الوغى *متقلدا سيفا ورمحا

"  من جزع اليوم فلا ألومه

قوله تعالى". 

 أي من جزع من شدة الحر، ولا شك أن الحر مقلق. يورث ضيقًا في النفس وجزعًا، ولا يرتاح الإنسان مع الحر فهو مقلق، ومؤذٍ.

 تجد الناس في أيام الحر، وإن اجتمع مع الحر أيضًا رطوبة أو رياحٍ حارة "لفح" يعني جزع الناس ما صبروا ولا احتسبوا. فكيف بنار جهنم سمومه؟ أسأل الله السلامة والعافية، نسأل الله- جلَّ وعلا- البر الرحيم "أن يمنُّ علينا وإياكم، ويقينا عذاب السموم".

تلاحظون الأيام هذه فيها حر، حر شديد في منتصف النهار لاسيما الذي له روحات، وجيئات، وطلعات في هذا الوقت، أما بعض الناس فلا يدري لأنه لا يبعد، لا يخرج من بيته إلا لمكان قريب، هذا قد لا يشعر بهذه الأمور، وإذا اجتمع مع حر ورطوبة، وكتم في الجو، وركود في الهوى، ضاقت الأرض بما رحبت، وبقي الناس في قلق يمنعهم من مزاولة بعض الأعمال، ولذا تجدون في الأنظمة العالمية بالنسبةِ للعمال أنهم إذا وصلت درجة الحرارة إلى حد معين، فإنها تكون للعمال عطلًا رسمية تصرح بها، لا يكلفون بالعمل، والله المستعان. فكيف بعذاب جهنم؟ نسأل الله السلامة والعافية.

"قوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ} [الطور:28] أي في الدنيا بأن يمُنَّ علينا بالمغفرة عن تقصيرنا. وقيل: {نَدْعُوهُ} أي نعبده، {إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور:28]. 

وقرأ نافع والكسائي".

{وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:180]. وهذان من أسمائه الحسنى يُدعى بها: "يا بر، يا رحيم، منَّ علينا وقنا عذاب السموم" هذه من الأسماء الحسنة التي أُمرنا بالدعاء بها.

نعم.

"وقرأ نافع والكسائي: {أِنَّهُ} بفتح الهمزة؛ أي لأنه. والباقون بالكسر على الابتداء. و{الْبَرُّ} اللطيف؛ قاله ابن عباس. وعنه أيضًا: أنه الصادق فيما وعد. وقاله ابن جريج".

يعني هو الذي لا ينتهي برهُ وإحسانه إلى خلقه، {الْبَرُّ} هو: الذي لا ينتهي بره وإحسانه إلى خلقه.

"قوله تعالى: {فَذَكِّرْ} أي فذكر يا محمد قومك بالقرآن، {فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} [الطور:29] يعني برسالة ربك بكاهن تبتدع القول وتخبر بما في غدٍ من غير وحي. ولا".

يعني ذكِّر يا محمد قومك بما أوحي إليك من القرآن، فذكر بالقرآن من يخاف وعيد، وذكِّر أيضًا بما أوحي إليك من السنة، وما جاءك من ربك، السنة وحي فيذكِّر النبي –عليه الصلاة والسلام- بالقرآن في الدرجة الأولى، وهذا هو المتعين على الوعاظ، والدعاة، والناصحين، والمرشدين أن يعتنوا بنصوص الكتاب والسنة، ويكون تذكيرهم بالوحيين، الله -جلَّ وعلا- يقول: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ} [ق:45]، والسنة وحي مع القرآن، وإن اختلفا معًا في بعض الأحكام، فيذكر الناس بالكتاب والسنة، خلافًا لما يسلكه بعض الوعاظ والقُصاص من زمنٍ بعيد من عصر السلف والقُصاص الذين ليسوا من أهل العلم تجد تذكيرهم بغير الكتاب والسنة، القصص، والحوادث، والرؤى، والمنامات، والطريقة مسلوكة إلى اليوم؛ لأن فيها جذبًا لعامة الناس، كلامٌ غريب مستغرب فيه شيء من المبالغات، فيه شيء مما لا يخطر على قلوبهم، وعلى عقولهم، تجدهم يلتفتون إليه وينصاعون؛ ليجذبوا الناس بهذه الأشياء، ويترك ما أُمر به من التذكير بالقرآن، القرآن فيه كل شيء، كل ما تحتاج إليه، وما يذكر به الناس ويحتاج إليه موجود في القرآن، والسنة شارحة ومبينة وموضحة للقرآن.

 "{وَلا مَجْنُونٍ} [الطور:29] وهذا ردّ لقولهم في النبي -صلى الله عليه وسلم-  فعقبة بن أبي معيط قال: إنه مجنون، وشيبة بن ربيعة قال: إنه ساحر، وغيرهما قال: كاهن، فأكذبهم الله تعالى ورد عليهم. ثم قيل: إن معنى {فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} [الطور:29] القسم أي: وبنعمة الله ما أنت بكاهن ولا مجنون. وقيل: ليس قسما، وإنما هو كما تقول: ما أنت بحمد الله بجاهل أي قد برأك الله من ذلك". 

يعني فذكِّر فما أنت بنعمة الله عليك، وإنعامه عليه، وإكرامه لك {بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ} [الطور:29]، وهذا أمر ظاهر لكل أحد، لا يمكن أن يعتقد الإنسان في النبي –عليه الصلاة والسلام - في قرارة نفسه إلا عنادًا؛ لكثرة ما أنعم الله -جلَّ علا- على نبيه من النعم التي يقطع كل واحد أنه بعيد كل البعد من الكهانة، والسحر، والجنون إلا أنهم من باب التكذيب وشدة العناد يرمونه بما هو بريءٌ منه، ويجزمون ويعتقدون أنه بريء، وأقر بعضهم بذلك.

 "قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ} [الطور:30] أي بل يقولون: مُحمدٌ شاعر. قال سيبويه: خوطب العباد بما جرى في كلامهم. قال أبو جعفر النحاس: وهذا كلامٌ حسن إلا أنه غير مبين ولا مشروح، يريد سيبويه أن "أم" في كلام العرب لخروجٍ من حديث إلى حديث، كما قال:

أتهجر غانية أم تلم

 فتم الكلام ثم خرج إلى شيء آخر فقال:

أم الحبل واهم بها منجذم 

 ما جاء في كتاب الله تعالى من هذا فمعناه التقرير والتوبيخ والخروج من حديثٍ إلى حديث، والنحويون يمثلونها ب "بل"، {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور:30] قال قتادة: قال قومٌ من الكفار".

يمثلونها ب "بل"، إن كان المراد يجعلون معناها معنى "بل" الإضراب، الإضراب، {فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ} [الطور:29] بل يقولون، بل {يَقُولُونَ شَاعِرٌ} [الطور:30] يعني يوجد من يقول: "شاعر"، ووجد من يقول: "كاهن"، ووجد من يقول: "مجنون"، لكن الإضراب هنا لا محل له؛ لأنها كلها منفية ومنكرة، والإضراب إنما يكون إثباتًا بعد نفي. ما أنت: كذا، ولا كذا، ولا كذا بل أنت كذا، فما زال {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ} [الطور:30] مسوقًا على جهة الإنكار عليه، كما أُنكر عليهم قولهم: "كاهن، مجنون" ينكر عليهم أيضًا أنه "شاعر".

 يقول: يمثل، والنحويون يمثلونها ب"بل" إذا كانوا يجعلون معناها "بل" فالكلام ليس بصحيح؛ لأن بل تثبت ما بعدها.

إضرابٌ عما سبق، وإثباتٌ لما سيأتي، وإن كان قصده أنها تنتقل من شيءٍ إلى آخر من منفي إلى مثبت، وهنا من أسلوب إلى آخر لا مانع كون التمثيل هنا لا في المعنى.

  "{نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور:30] قال قتادة: قال قومٌ من الكفار: تربصوا بمحمد بالموت يكفيكموه، كما كفى شاعر بني فلان. قال الضحاك: هؤلاء بنو عبد الدار نسبوه إلى أنه شاعر، أي يهلكُ عن قريب كما هلك من قبل من الشعراء، وأن أباه مات شابًا، فربما يموت كما مات أبوه".

يعني كونه يوصف بهذا الوصف. هل لأنه يموت قريبًا كغيره من الشعراء؟ كثيرٌ من الشعراء عُمِّر، وغير الشعراء مات صغيرًا ليس بجادة، ولا قاعدة أن من وصف بهذا الوصف أنه يموت قريبًا كغيره من الشعراء. نعم من الشعراء من عمر أكثر من مئة سنة، فكونهم يصفونه بأنه شاعر يتربصون به كما تربصوا بالشعراء وماتوا، كل هذا لا رابط بينه، هذه أوصاف وصف بها النبي –عليه الصلاة والسلام- وُصف بأنه كاهن، وُصف بأنه شاعر، وُصف بأنه ساحر، ولا يعني أنه دليلٌ على طول العمر أو قصرهِ، بل وجد من الشعراء كغيرهم من يطول عمره، ووجد من يقصر عمرهُ، فلا ارتباط بين الشعر وطول العمر وقصره، لكن لما وصفوه بهذه الأوصاف قالوا: لا يخرج عن دائرة البشرية مادام موصوفًا بهذه الأوصاف فهو لا يخرج عن كونه بشرًا، نتربص به مثلما نتربص بغيره من البشر، نتربص به أن يموت، لا بد أن يموت طال عمره أو قصر، فمن يهلك عن قريب كما هلك من قبله من الشعراء وهلك غيرهم من غير الشعراء، فلا ارتباط بين كونه شاعرًا وبين التربص به؛ لأن الشعراء كغيرهم، منهم المعمر، ومنهم من يموت قبل ذلك.

 وأما أباه فمات شابًّا، فربما يموت كما مات أبوه، لا شك أن بعض الأوصاف تدخل في حيز الوراثة، بعض الأوصاف، والأخلاق، والطبائع، يعني يمكن أن تورث من أبٍ أو عم أو خالٍ أو جد وما أشبه، يكون نزعه عرق إلى ذلك الأب أو الجد، أما بالنسبة للعمر فلا ارتباط بين أحدٍ مع آخر لا أب، ولا جد، ولا غيره.

عبد الرحمن بن حسان بن ثابت إذا جلس في المجالس تحدَّث بكل فصاحة أن أباهُ مات عن (مئةٍ وعشرين)، وأن جده ثابت مات عن (مئةٍ وعشرين)، وأن عمه مات عن كذا، وأن خاله مات عن كذا. ماذا يقصد؟

طالب: يطول عمره.

يقصد أنه يطول عمره فمات "لثمانٍ وأربعين سنة"، "لثمانٍ وأربعين سنة"، فالعبرة بما يُكتب للإنسان من عمل ورزق، وأجل، لا يمكن أن يتأثر هذا بغيره {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} الأنعام:164]، وقبل "عشر" سنوات ذهب شخصٌ إلى قريبٍ له ليعظه؛ لأن هذا القريب بلغ "الستين" من العمر ولم يتزوج، ولا يصلي. ذهب إليه ابن عمه الناصح إليه شدّ الرحل لإسداء النصيحة له، فجاءه في يوم جمعة العصر وقال له: أنت بلغت من العمر كذا ولم تتزوج، لا ولد يذكرك ويدعو لك بخير، ولا تصلي ليختم لك بخير.

قال: أنا الآن عمري "ستين" وباقٍ مثلها أو أكثر. متى مات أبوي؟ كم عمر الوالد لما مات؟ قال: مائة وعشر. كم عمر الخال؟ وكم كذا؟ كلهم معمرون.

 يقول: والله ما جاءت الجمعة الثانية إلا ويأتيني خبره وهو على حاله، نسأل الله السلامة والعافية. فلا ارتباط بين عمر الولد وعمر الوالد أو الخال أو العم.

 " وأن أباه مات شابًا، فربما يموت كما مات أبوه. وقال الأخفش: {نتربص به إلى ريب المنون} [الطور:30] فحذف حرف الجر، كما تقول: قصدتُ زيدًا وقصدتُ إلى زيد. والمنون: الموت في قول ابن عباس".

 قال أبو الغول الطهوي: 

 

هم منعوا حمى الوقبى بضربٍ
 

 

 XE "08-فهرس القصائد العامة:ورأيت زوجك في الوغى *متقلدا سيفا ورمحا

"  يؤلف بين أشتات المنون 
 

أي: المنايا، يقول: إن الضرب يجمع بين قومٍ متفرق الأمكنة لو أتتهم مناياهم في أماكنهم لأتتهم متفرقة، فاجتمعوا في موضعٍ واحد فأتتهم المنايا مجتمعة. وقال السُدِّي عن أبي مالك عن ابن عباس: ريب في القرآن شك إلا مكانًا واحدًا في الطور {رَيْبَ الْمَنُونِ} الطور:30] يعني حوادث الأمور، وقال الشاعر: 

تربص بها ريب المنون لعلها
 

 

 XE "08-فهرس القصائد العامة:ورأيت زوجك في الوغى *متقلدا سيفا ورمحا

"  تُطلق يوما..."
 

مثل هذه القواعد العامة التي يطلقها مثل ابن عباس –رضي الله عنه وأرضاه- يعني على طالب أن يحرص عليها، هذه الكلمة في جميع القرآن كذا خلاص ارتاح، إلا كذا وكذا المستثنى يحفظ، والباقي يكون معناه على ما أطلق.

"وقال الشاعر:

تربص بها ريب المنون لعلها
 

 

 XE "08-فهرس القصائد العامة:ورأيت زوجك في الوغى *متقلدا سيفا ورمحا

"  تُطلق يومًا أو يموتُ حليلها"
 

نعم هذا يُريد هذه المرأة كأنه خطبها فرفضت، ورفض أهلها، ثم تزوجت، ومازال قلبه معلقًا بها، فتربص بها إما أن تُطلّق أو يموت حليلها. لكن أنت ماذا عنك؟ أنت ستعمر أنت أو الشاعر؟ يقول: انتظر. طيب إلى متى؟ قال: احتمال أن تُطلق، واحتمال أن يموت زوجها، واحتمال أن تموت هي، واحتمال أن تموت أنت، يعني بلا فرق.

يعني مثل واحد خطب امرأة من بلدٍ يفرضون سنًّا معينًا فارقًا بين الزوج والزوجة لا يزيد عن خمس وعشرين سنة، الذي عمره أربعون ما يمكن أن يأخد من عمرها أقل من خمسة عشر سنة، ومن عمره خمسون ما يأخذ من عمرها أربع وعشرون، هذا شخص عمره ستون خطب وحدة عمرها ثلاثون قالوا: النظام ما يسمح، قال: أصبر خمس سنين. قالوا: هي ما تصبر، فالإنسان إذا نظرت إلى شيء معين، وغافلت عن الشيء الأخر اختلت موازينك، يقول: انتظر حتى يموت أو تطلق، طيب وأنت، وهذا يقول: انتظر خمس سنين، سهلة، لتصل إلى خمس وثلاثين فيصير الفرق بيني وبينها خمسًا وعشرين.

طالب:............

وأنت تصير خمسُا وستين، الله المستعان.

نعم هذه أمور المنايا عجائب يعني سبحان الله بيد الله- جلَّ وعلا- تنظر إلى الإنسان وتقول: هذا بإذن الله يعني من خلال ما تنظر من صحته وعنايته، وأكله وشربه ونومه ومشيه، تقول: هذا سيعمر، ثم لا يلبث أن يموت بمرض أو فجأة، وما أشبه ذلك، ثم تنظر إلى الرجل الذي يقال: كيف يعيش هذا؟ عايش على علاجات وحبوب ويمين ويسار وتسد وكذا، يعني ما تجد عنده أي جهد يدل على أنه فيه نشاط وحيوية، ومع ذلك يستمر، يستمر بإذن الله.

نعم.

 "وقال مجاهد: {رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور:30]  حوادث الدهر، والمنون هو الدهر؛ قال أبو ذؤيب:

أمن المنون وريبه تتوجعُ 
 

 

 XE "08-فهرس القصائد العامة:ورأيت زوجك في الوغى *متقلدا سيفا ورمحا

"  والدهر ليس بمعتب من يجزعُ
 

 وقال الأعشى:

أأن رأت رجلاً أعشى أضر به 
 

 

 XE "08-فهرس القصائد العامة:ورأيت زوجك في الوغى *متقلدا سيفا ورمحا

"  ريب المنون ودهرٌ متبل خبل 

قال الأصمعي: المنون الليل والنهار؛ وسميا بذلك؛ لأنهما ينقصان الأعمار ويقطعان الآجال. وعنه: أنه قيل للدهر: منون؛ لأنه يذهب بمنة الحيوان أي قوته وكذلك المنية. أبو عبيدة: قيل للدهر منون؛ لأنه مضعف، من قولهم حبلٌ منينٌ أي ضعيف، والمنينُ الغبار الضعيف. قال الفراء: والمنون مؤنثة، وتكون واحدًا وجمعًا. الأصمعي: المنون واحدٌ لا جماعة له. الأخفش: هو جماعةٌ لا واحد له، والمنون يُذكَّر ويؤَّنث؛ فمن ذكره جعله الدهر أو الموت، ومن أنثه فعلى الحمل على المعنى كأنه أراد المنية.

 قوله تعالى: {قُلْ تَرَبَّصُوا} [الطور:31] أي قل لهم".

الألفاظ التي ليست صريحة في التذكير أو التأنيث يجوز تذكيرها وتأنيثها على اعتبارين: على اعتبار اللفظ المذكر، وعلى اعتبار اللفظ المؤنث. للبلد أو البقعة يجوز أن تذكّر وتؤنّث، فتذكّر باعتبار المكان، وتؤنّث على اعتبار البقعة، وتؤنّث على اعتبار البقعة.

"قوله تعالى: {قُلْ تَرَبَّصُوا} [الطور:31] أي قل لهم يا محمد تربصوا أي: انتظروا، {فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ} [الطور:31] أي من المنتظرين بكم العذاب، فعذبوا يوم بدر بالسيف.

 قوله تعالى: {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ} [الطور:32] أي عقولهم بهذا أي بالكذب عليك.

{بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الطور:32] أي أم طغوا بغير عقول. وقيل: "أم" بمعنى بل، أي: بل كفروا طغيانًا وإن ظهر لهم الحق. وقيل لعمرو بن العاص: ما بال قومك لم يؤمنوا وقد وصفهم الله بالعقل؟ فقال: تلك عقولٌ كادها الله، أي لم يصحبها بالتوفيق. وقيل: أحلامهم أي أذهانهم؛ لأن العقل لا يُعطى  للكافر ولو كان له عقل لآمن. وإنما يعطى الكافر الذهن، فصار عليه حُجة. والذهن يقبلُ العلم جملة، والعقل يُميزُ العلم، ويقدر المقادير لحدود  الأمر والنهي. وروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-".

 يذكر عن عمر -رضي الله عنه- أنه: «سأل النبي –عليه الصلاة والسلام- أين عقولنا حينما كنا نعبد التمرة، فإذا جعنا أكلناها؟ قال: أخذها باريها»، يعني العقل مهما كان إذا لم يُرِد الله للإنسان الهداية مهما كان فهو وبالٌ على صاحبه، مثل رؤوس الكفر، ورؤوس البدع ما وصلوا إلى هذه المنزلة إلا بذكاء. الأغبياء ما يمكن أن يكونوا رؤوسًا، لكن هل نفعهم ذكاؤهم حينما تركوا الحبل على الغارب لهذه العقول تخبط وتضرب يمينًا وشمالًا دون قائدٍ من نصٍّ من كتاب الله وسنة نبيه –عليه الصلاة والسلام-.

 رؤوس المبتدعة عباقرة كبارهم أذكياء، بل معددون من أذكياء العالم، يعني لو عدّدنا من رؤوسهم وجدنا أنهم ذكاؤهم ليس بالعادي، ومع ذلك حينما لم يقتضوا بكتاب الله وسنة نبيه، ولم يجعلوا قائدهم، وسائقهم، وحاديهم إلى ربهم ما جاء عنه- جلَّ وعلا- تاهوا وضاعوا، تاهوا وضاعوا، يعني أي عقلٍ لهذا الرجل الكبير الذي إذا قرأت كلامه قلت: من أين فتح عليه بهذا الكلام؟ كيف فُتح عليه بهذا الكلام وهو يقول: إن أعمى الصين يرى بقة الأندلس. يجوز ولا المجنون يقول هذا، لو تقول للمجنون: ماذا على الجدار؟ يقول لك: أمهبول أنت؟ صحيح والله.

وناس معدودون من الأذكياء والعباقرة يقول: يجوز أن يرى أعمى الصين بقة الأندلس. أين العقول؟

لكنهم قعَّدوا قواعد، ولزم عليها لوازم فالتزموا بها، وإلا فكيف يقول عاقل يتدين ويقول وهو ساجد: سبحان ربي الأسفل. نسأل الله السلامة والعافية. ومعدود من رؤوس المبتدئة. كيف يقول هذا الكلام؟ وهل يتصور أن مسلمًا يقول هذه الكلمة في بداية أمره؟ ما يمكن، هو في بداية أمره قريب من الفطرة، قريب من السنة، قريب من كذا، ثم يسترسل وراء عقله إلى أن يصل إلى هذا الحد، يقول: " ألا بذكر الله تزداد الذنوب، وتنطمس البصائر والقلوب"، أسأل الله السلامة والعافية.

هل يمكن أن يقول هذا من ينتسبون للعلم؟ لهم مصنفات، ولهم أتباع، ولهم أشياء كثيرة. سبحان الله، ابن آدم ضعيف، فإذا أبعد عن الوحيين تاه وضلَّ، فلا اعتصام إلا بالكتاب والسنة. إنها ستكون فتن، قيل: ما المخرج منها؟ قال: كتاب الله. ما فيه غيره، هذه الفتن التي تموج بالأرض تجد الناس مع الأسف الشديد حلولها يتلقونها من وسائل الإعلام. ماذا صا؟ وماذا سيصير؟ وماذا قال المحلل الفلاني؟ وماذا ذكر فلان؟ ما عندهم غير هذا، لكن لو رجعوا إلى الكتاب والسنة وجدوا المخرج، الله المستعان. 

"وروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن: رجلًا قال: يا رسول الله،  ما أعقل فلانًا النصراني! فقال: «مه، إن الكافر لا عقل له، أما سمعت قول الله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك:10]»".

نعم العاقل الذي له عقلٌ يدله على ما ينفعه، يدله على ما ينفعه، كما نُفي العلم عن المخالفين {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [الأعراف:187]، {لا يَعْلَمُونَ} الكفار لا يعلمون، لا علم عندهم، طيب ومخترعاتهم هذه التي بهرت المسلمين، وجعلت التبعية من قِبَل المسلمين لهم بسببها، هذا علم، يسمونه علمًا {لا يَعْلَمُونَ} [الأعراف:187]، ثم أثبت لهم العلم الظاهر، العلم الظاهر يوصلهم إلى ما يريدون من أمور دنياهم، لكن لو كان علمًا باطلًا حقيقيًّا لقادهم إلى الإيمان لقادهم إلى الإيمان، الحديث السابق من خرجه؟

طالب:..............

معروف الحكيم هذه بضاعته.

طالب:.............

لكن إلي قبله.

طالب:............

ما أعقل فلانًا النصراني.

طالب:............

هو نفسه هو الذي يأتي بحديث ابن عمر.

" وفي حديث ابن عمر: فزجره النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم قال: «مه، فإن العاقل من يعمل بطاعة الله»، ذكره الترمذي الحكيم أبو عبد الله بإسناده".

يعني في نوادر الأصول، وهو من مظنة الضعاف والموضوعات التي ترد كما هو معلوم مما ذكره أهل العلم.

 لو أوصى شخص أو أوقف شخصٌ على أعقل الناس، يقول أهل العلم: ينصرف إلى أزهد الناس، إلى أزهد الناس؛ لأن هذا هو الذي سعى في خلاص نفسه، وتخلَّص مما لا ينفعه.

طالب: ...........

نعم؟

طالب: ...........

فيه كتاب اسمه كتاب العقل كله موضوعات.

طالب: ...........

لا لا، لابن حبيب، الظاهر.

نعم.

{أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ} [الطور:33] أي: افتعله وافتراه، يعني القرآن. والتقول: تكلُّف القول، وإنما يستعمل في الكذب في غالب الأمر. ويقالُ: قولتني ما لم أقل! وأقولتني ما لم أقل؛ أي: ادعيته علي. وتقُول عليه أي كذب عليه. واقتال عليه تحكم قال".

وفي الحديث: «من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار»، صلى الله عليه وسلم.

نعم.

"قال:

ومنزلةٌ في دار صدقٍ وغبطةٍ
 

 

 XE "08-فهرس القصائد العامة:ورأيت زوجك في الوغى *متقلدا سيفا ورمحا

"  وما أقتال من حكمٍ علي طبيبُ 

ف "أم" الأولى للإنكار، والثانية للإيجاب أي ليس كما يقولون، {بَل لا يُؤْمِنُونَ} [الطور:33] جحدًا واستكبارًا، {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ} [الطور:34] أي بقرآنٍ يشبهه من تلقاء أنفسهم إن كانوا صادقين في أن محمدًا افتراه.

وقرأ الجحدري {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثِ مِثْلِهِ} [الطور:34] بإضافة والهاء في {مِثْلِهِ} للنبي -صلى الله عليه وسلم-".

بحديث مثل حديث النبي- صلى الله عليه وسلم-، بحديثٍ مثل حديث محمد- عليه الصلاة والسلام-. نعم لأنه حديث مثل القرآن.

"والهاء في {مِثْلِهِ} للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وأضيف الحديث الذي يُراد به القرآن إليه لأنه المبعوث به. والهاء على قراءة الجماعة للقرآن.

 قوله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ} [الطور:35] "أم" صلة زائدة، والتقدير: أخلقوا من غير شيء. قال ابن عباس: من غير ربٍ خلقهم وقدَّرهم. وقيل: من غير أمٍ ولا أب؛ فهم كالجماد لا يعقلون، ولا تقوم لله عليهم حجة، ليسوا كذلك!

يعني الواقع يرد هذا.

"أليس قد خلقوا من نطفة وعلقة ومضغة؟ قاله ابن عطاء. وقال ابن كيسان: أم خلقوا عبثًا وتركوا سدى؟ {مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ} [الطور:35] أي لغير شيء، ف {من} بمعنى اللام، {أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور:35] أي: أيقولون: إنهم خلقوا أنفسهم فهم لا يأتمرون لأمر الله، وهم لا يقولون ذلك، وإذا أقروا أن ثم خالقًا غيرهم فما الذي يمنعهم من الإقرار له بالعباد دون الأصنام، ومن الإقرار بأنه قادرٍ على البعث".

يعني هذه الاحتمالات {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور:35] إذا سُئل المخلوق، هذا الشيء مخلوق، معناه أنه موجود، هل يمكن أن يوجد نفسه؟ هل يمكن أن يُتصور أن يوجد الشيء نفسه؟ لا، هل يُتصور أن يوجد من غير شيء؟

طالب: ...........

من غير شيء، هذه مادة ليس لها أصل؟

طالب:...........

ماذا؟

طالب: ...........

ما يمكن، يعني مادة لا أصل لها هكذا وجدت.

 يعني لو جئت في مكان في بيتك مثلًا، ثم فجأة وجدت شيئًا. هل تقول: إن هذا الشيء وجد وخلق من عدم في هذا الوقت الذي غبت فيه، أو تقول: لا بد أن يكون قد أحضره أحد؟ فمن دخل المنزل؟

طالب: ...........

لا بد أن يكون أوجده أحد، يعني أنت إذا دخلت ووجدت في بيتك شيئًا غريبًا، غريبًا، هل تقول إنه وجد هكذا ولا تبحث يمينًا ولا شمالًا، ولا تجد آثارًا، ولا تسبّب، ولا تأتي بشرطة ولا غيرهم كيف دخل هذا الجسم بيتي، إلا إن كان أدخله أحد؟ لا بد أن تبذل الأسباب؛ لأنك تجذم أنه لا يمكن أن يوجد من غير شيء، هذا فطري، ولا يمكن أيضًا أن يُوجِد نفسه، {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور:35] ما فيه احتمال ثالث، الاحتمال الثالث أن لهم خالقًا، أنهم وجدوا من شيء، ولهم خالق، فمن هذا الخالق؟ ما دام يقول: لا بد من أن هناك خالقًا فأولى من يضاف له الخلق الذي خلق السموات والأرض.

"{أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ} [الطور:36] أي: ليس الأمر كذلك فإنهم لم يخلقوا شيئًا، {بَل لا يُوقِنُونَ} [الطور:36] بالحق، {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ} [الطور:37] أم عندهم ذلك فيستغنوا عن الله ويعرضوا عن أمره. وقال ابن عباس: {خَزَائِنُ رَبِّكَ} [الطور:37]: المطر والرزق. وقيل: مفاتيح الرحمة. وقال عكرمة: النبوة. أي أفبأيديهم مفاتيح ربك بالرسالة يضعونها حيث شاءوا. وضرب المثل بالخزائن؛ لأن الخزانة بيتٌ يُهيأُ لجمع أنواعٍ مختلفةٍ من الذخائر، ومقدورات الرب كالخزائن التي فيها من كل الأجناس فلا نهاية لها.

 {أَمْ هُمُ المسيطرون} [الطور:37] قال ابن عباس :المسلَّطون الجبارون. وعنه أيضًا: المبطلون. وقاله الضحاك. وعن ابن عباس أيضًا: أم هم المتولون. قال عطاء: أم هم أربابٌ قاهرون. قال عطاء: يقال: تسيطرت علي أي: اتخذتني خولًا لك. وقاله أبو عبيدة. وفي الصحاح: المسيطر، والمسيطر المسلط على الشيء؛ ليشرف عليه، ويتعهد أحواله، ويكتب عمله، وأصله من السطر؛ لأن الكتاب يسطر والذي يفعله مسطرٌ ومسيطر. يُقالُ: سيطرت علينا. قال ابن بحر {أَمْ هُمُ المسيطرون} [الطور:37] أي هم الحفظة، مأخوذٌ من تسطير الكتاب الذي يحفظ، الذي يحفظ ما كتب فيه؛ فصار فصار المسيطر هاهنا حافظًا ما كتبه الله في اللوح المحفوظ.

 وفيه ثلاث لغات: الصاد، وبها قرأت العامة، والسين وهي قراءة ابن محيصن وحميد ومجاهد وقنبل وهشامٌ وأبي حيوة، وبإشمام الصاد الزاي، وهي قراءة حمزة كما تقدم في الصراط.

 قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ} [الطور:38] أي: أيدعون أن لهم مرتقىً إلى السماء ومصعدًا وسببًا، {يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} [الطور:38] أي عليه الأخبار ويصلون به إلى علم الغيب، كما يصل إليه محمد -صلى الله عليه وسلم- بطريق الوحي".

 وكانت الشياطين يركب بعضها بعضًا إلى أن يصلوا إلى حدٍ يستمعون فيه، ويسترقون فيه السمع، ثم حُجب هذا الأمر، وحفظت السماء، وحرثت منهم ببعثة محمد – عليه الصلاة والسلام-.

"{فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [الطور:38] أي بحجةٍ بينة أن هذا الذي هم عليه حق. والسلم واحد السلالم التي يرتقى عليها. وربما سمي الغرز بذلك، قال".

"الغرز" الذي يضع فيه الراكب رجله مثل السلم، يضع رجله ثم ينتهي به إلى الدابة التي يريد ركوبها.

 "قال أبو الربيس الثعلبي يصف ناقته: 

مطارة قلبٍ إن ثنى الرجِل ربها
 

 

   XE "08-فهرس القصائد العامة:ورأيت زوجك في الوغى *متقلدا سيفا ورمحا

"  بسلم غرزٍ في مُناخٍ يعاجله

وقال زهير : 

ومن هاب أسباب المنية يلقها     
 

 

ولو رام أسباب السماء بسلم 

وقال آخر : 

تجنيت لي ذنبًا وما إن جنيه جنيته     
 

 

 XE "08-فهرس القصائد العامة:ورأيت زوجك في الوغى *متقلدا سيفا ورمحا

"  لتتخذي عُذرًا إلى الهجر سلما" 

هذا أسلوب عند بعض الناس سواءً كان من الرجال أو النساء من الرجال أو النساء، إذا كان هناك عمل لا يريده لا يُريده يفتعل مشكلة، يفتعل مشكلة حتى تصير سببًا للهجر، كما إذا جاء الزوج من سفر أو تعبان، فطولب ببعض الحقوق تجده يفتعل مشكلة، أو أرادوا شيئًا من المال، كل واحد يطالبه بشيء؛ الزوجة، والابن، والبنت يُطالبونه، تجده أول ما يدخل يفتعل له مشكلة؛ من أجل أن يصير سببًا في حرمانهم وهجرهم.

"وقال ابن مقبل في الجمع:  

لا تحرز المرء أحجاء البلاد ولا     
 

 

 XE "08-فهرس القصائد العامة:ورأيت زوجك في الوغى *متقلدا سيفا ورمحا

"  يبنى له في السماوات السلاليم 

 

الأحجاء النواحي مثل الأرجاء واحدها حجًا ورجا مقصور. ويروى".

والسلم يجمع على سلالم وسلاليم، على صيغة منتهى الجموع.

"ويروى: أعناء البلاد، والأعناء أيضًا الجوانب والنواحي، واحدها عنوٍ بالكسر. وقال ابن الأعرابي: واحدها عنًا مقصور. وجاءنا أعناءٌ من الناس واحدهم عنوٍ بالكسر، وهم قومٌ من قبائل شتى. يستمعون فيه أي عليه، كقوله تعالى: {فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه:71]  أي عليها، قاله الأخفش. وقال أبو عبيدة:  يستمعون به. وقال الزجاج: أي: ألهم كجبريل الذي يأتي النبي- صلى الله عليه وسلم- بالوحي".

يعني هل ينزل عليهم أحد بوحيٍ من السماء؟ لهم سبب يصلهم بالسماء كما هو شأن النبي –عليه الصلاة والسلام- السبب الواسطة بين النبي –عليه الصلاة والسلام- ومحمد: "جبريل"، هل عندهم أحد ينزل عليهم وحيًا؟ 

"قوله تعالى: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} [الطور:39] سفَّه أحلامهم توبيخًا لهم وتقريعًا. أي أتضيفون إلى الله البنات مع أنفتكم منهن، ومن كان عقله هكذا فلا يُستبعد منه إنكار البعث.
{أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا} [الطور:40] أي على تبليغ الرسالة، {فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ} [الطور:40] أي فهم من المغرم الذي تطلبهم به مثقَلون مجهَدون لما كلفتهم به، {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} [الطور:41] أي يكتبون للناس ما أرادوه من علم الغيوب. وقيل: أي أم عندهم علم ما غاب عن الناس حتى علموا أن ما أخبرهم به الرسول من أمر القيامة والجنة والنار والبعث باطل، وقال قتادة".

كلُّ مَن ادّعى، كل من ادعى ما هو فوق منزلته ومرتبته يفتضح، يفتضح؛ لأنه يُطلب منه أن يحقق ما ادّعاه فلا يستطيع، وقد كان قبل هذه الدعوة في منزلةٍ تليق به عند الناس، فلما ادعى هذه الدعوة نزل منها مراحل؛ لأن دعواه هذه تدل على أن باطنه أقل بكثير من ظاهره، الذي كان يتعامل معه الناس به، وهذا أمرٌ مشاهَد، أمر مشاهَد، الناس ينظرون إلى فلان ما أعلمه، ما أحلمه، ما أعقله، ثم يدَّعي دعوة أو يتصرف تصرفًا لا يليقُ به، ثم يسقط من عيون الناس؛ لأن الناس عرفوا حقيقة الأمر، وأن الرجل إن كان مستورًا قبل ذلك إلا أنه فضح نفسه.

"وقال قتادة: لما قالوا: {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور:30] قال الله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ} [الطور:41]  حتى علموا متى يموت محمد أو إلى ما يئول إليه أمره. وقال ابن عباس: أم عندهم اللوح المحفوظ فهم يكتبون ما فيه ويخبرون [ص:71] الناس بما فيه .وقال القتبي: يكتبون يحكمون والكتاب الحكم؛ ومنه قوله تعالى: { كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام:54] أي حكم، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: «والذي نفسي بيده لأحكمن بينكم بكتاب الله» أي بحكم الله.

 قوله تعالى: {أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا} [الطور:42] أي مكرًا بك في دار الندوة. {فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ} [الطور:42] أي: الممكور بهم، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، وذلك أنهم قتلوا ببدر.

 {أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ} [الطور:43] يخلق ويرزق ويمنع. {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الطور:43]  نزَّه نفسه أن يكون له شريك. قال الخليل: كل ما في سورة {وَالطُّورِ} [الطور:1] من ذكر {أَمْ} فكلمة استفهامٍ وليس بعطف.

 قوله تعالى".

هؤلاء الكفار الذين قولوا ما قالوا، وذكروا ما ذكروا في حق النبي –عليه الصلاة والسلام- وفي حق ما جاء به، يعرفون في أوقات الشدة من يلجئون إليه، يعرفون، وهم في حال السعة يشركون، لكن يعرفون أن الله -جلَّ وعلا- هو الخالق، ويعرفون أنه هو الرازق، وإذا حزبهم أمر، وضاقت عليهم الأمور، واشتدت بهم الأمور لجئوا إلى الله، وأخلصوا له، لكنهم في حالة السعة يعاندون، ويصرون، ويتبعون الآباء، ويقلدون فيما وجدوهم عليه، ويقدمونهم على ما جاء على الله- جلَّ وعلا-، لكنه إذا جاءت الشدائد لجئوا إلى الله؛ لعلمهم أنه لا ينجيهم، ولا يخلصهم إلا الله، لكن مع ذلك هذا لا ينفعهم، هذا لا ينفعهم؛ لأنهم يشركون، ينقضون هذا الإخلاص، ينقضونه، والإمام المجدد- رحمه الله- ذكر أن مشركي زماننا أعظم شركًا من الأولين، فأولئك {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [العنكبوت:66]، ثم إذا خرجوا إلى البر وأمنوا من تلاطم الأمواج، ومن الغرق {إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت:65] يقول: ومشركو زماننا شركهم دائم في الرخاء والشدة، تجد الإنسان يدهس بين الأقدام أو بين النيران، أو يلتهمه سبع، أو غرق أو حرق أو ما أشبه ذلك ويقول: يا على، يا حسين، يا بدوي يا فلان.

طالب:...........

نعم، معروف.

طالب:...........

نعم، معروف، يعني شركهم بالرخاء والشدة، تجدهم أيام الزحمات في الجمرة، وفي غيرها، وفي المطاف تسمع صوتهم: يا علي، يا علي، يا حسين، يا بدوي، يا عبد القادر، يعني كلٌّ له معبوده، نسأل الله العافية. نسأل الله السلامة.

"قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا} [الطور:44] قال ذلك جوابًا لقولهم: {فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ} [الشعراء:187]، وقولهم: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} [الإسراء:92] فأعلم أنه لو فعل ذلك لقالوا: {سَحَابٌ مَرْكُومٌ} [الطور:44]، أي بعضه فوق بعضٍ سقط علينا، وليس سماء؛ وهذا فعل".

يعني ما أشبه الليلة بالبارحة، مثل ما يقال عن الآيات الآن، عن "الكسوف"، عن "الخسوف"، عن "الزلازل" غيرها، وتُفسَّر على أنها ظواهر طبيعية، ظواهر طبيعية، يعني أمرها سهل، مثلما تطلع الشمس وتغيب، تكسف، وتزلزل الأرض وتعود كما هي، من الذي يؤمن؟ هذه آيات سببها المعاصي والذنوب، { يقولوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ} [الطور:44] سحاب، السماء بعد ذلك إذا نزل بهم العذاب لات ساعة مندم. إلى وقتٍ قريب وهو يقول: ظاهرة طبيعية ما فيها أدنى إشكال، اهتزت الأرض أمرٌ عادي وطبيعي، ارتفعت درجة الحرارة في طبقات الأرض، ثم حصل هذا الاهتزاز وهذا الارتجاج، ولا يربط الناس بربهم وخالقهم ومعبودهم؛ ليرجعوا عما هم عليه من غي وظلم وفساد، مثل ما يقول الأول: {سَحَابٌ مَرْكُومٌ} [الطور:44] والله المستعان.

طالب:...........

نعم، هذا هذا يسخر هذا يسخر. له سلف.

طالب: في زلزال 1403 كان يشرح لنا المعلم ويقول: وما أعطى قديمة التكوين الجيولوجي لا يحدث فيها زلزال كالجزيرة في نفس الأسبوع حصل زلزال...

الله المستعان.

طالب: التكوين القديم.

الله -جلَّ وعلا- يمهل للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته، يعني ما يدري إيش نتائج هذه الزلازل.

يعني مثل ما قال الشاعر في زلزال مصر الذي حصل قبل (700) سنة وأكثر، في القرن السابع أو الثامن يقول:

ما زُلزلت مصر من كيدٍ يراد بها     
 

 

 XE "08-فهرس القصائد العامة:ورأيت زوجك في الوغى *متقلدا سيفا ورمحا

"  وإنما رقصت من عدلكم طربا 

نسأل الله العافية، هذا وضع الشعراء معروف، التكسب والارتزاق والأكل بالألسنة، هذا معروف عند الشعراء، لكن الإشكال حينما يطبق الناس، ويستمعون، وينصتون، ولا أحد يبيِّن لهم الحق إلا بصوتٍ ضعيف ومتأخر، هذه مشكلة، الناس إذا حصل لهم أدنى شيء فزعوا إلى ربهم، الرسول –عليه الصلاة والسلام- لما حصل الكسوف خرج يجُر رداءه يظن أنها الساعة، هنا يبحثون عن نظارات؛ لتوضح لهم الصور، صور الكسوف، والخسوف، ويتتبعونه، وبعضهم يسافر من أجله إذا كان في بلدٍ أوضح من غيره. الله المستعان.

" وهذا فعل المعاند أو فعل من استولى عليه التقليد، وكان في المشركين القسمان".

 رؤوس هؤلاء معاندون، وأتباع هؤلاء مقلدون.

" والكسفُ جمع كسفة، وهي القطعة من الشيء، يقال: أعطني كسفةٍ من ثوبك، ويقال في جمعها أيضًا: كسف. ويقال: الكسف والكسفة واحد. وقال الأخفش: من قرأ "كسفًا" جعله واحدًا، ومن قرأ "كسفًا" جعله جمعًا. وقد تقدم القول في هذا في "سبحان" وغيرها، والحمد لله.

قوله تعالى: {فَذَرْهُمْ} [الطور:45] منسوخٌ بآية السيف. {حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يصْعَقُونَ} [الطور:45] بفتح "الياء" قراءة العامة، وقرأ ابن عامر وعاصمٌ بضمها. قال الفراء: هما لغتان: صعق وصعق مثل سعد وسعد".

وسُعِد

"مثل سَعد وسُعِد.

قال قتادة: يوم يموتون. وقيل: هو يوم بدر. وقيل: يوم النفخة الأولى. وقيل: يوم القيامة يأتيهم فيه من العذاب ما يُزيل عقولهم. وقيل: {يُصْعَقُونَ} [الطور:45] بضم الياء من أصعقه الله". 

يعني من الرباعي، لا من الثلاثي.

"قوله تعالى: {يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [الطور:46] أي ما كادوا به النبي -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا. {وَلا هُمْ يُنصَرُونَ} [الطور:46] من الله، و{يَوْمَ} منصوبٌ على البدل من {يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ} [الطور:45]".

طالب: ...........

نعم.

طالب:..................

مثل سُعِد، {وأما الذين سعدوا}، معلوم هذا.

طالب: ...........

نعم.

طالب: ...........

فيه ظلم مخُرج {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام:82] يعني الشرك، وفيه ظلم دون ظلم، كما قرر أهل العلم، ظلم الإنسان لنفسه، ظلم الإنسان لغيره لا يخرج من الملة.

طالب: ..... لكن هذه الآية على ظاهرها......

 في الاستدلال يمكن أن تستدل بها على أنها من باب التغليظ، ودخولهم في عموم اللفظ ما فيه إشكال، لكن يبقى أن كلًّا له حكمه، الظلم المخرج من الملة هذا خالد مخلد في النار، وعقوبته أعظم، نسأل الله العافية، والظلم دون ذلك تحت المشيئة.

"{عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ} [الطور:47] قيل: قبل موتهم. قال ابن زيد: مصائب الدنيا من الأوجاع والأسقام والبلايا وذهاب الأموال والأولاد. مجاهد: هو الجوع والجهد سبع سنين. وقال ابن عباس: هو القتل. وعنه".

 {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ} [الطور:47] يعني دون عذاب القيامة، يعني قبله لهم عذاب، وبالنسبة لمن نزل فيهم القرآن عُذبُوا في الدنيا، وعذاب الآخرة ينتظرهم {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى} [السجدة:21] مثل ما هنا، هناك عذاب أدنى، وهناك عذاب القيامة- نسأل الله العافية- الأكبر".

نعم.

" وعنه: عذاب القبر. وقاله البراء بن عازب وعلي -رضي الله عنهم-. ف {دُونَ} بمعنى "غير". وقيل: عذابًا أخف من عذاب الآخرة".

{عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ} [الطور:47] يعني أقل من ذلك، دونه في الشدة، وأي عذاب بالنسبة لعذاب الآخرة كلا شيء، والله المستعان.

ولذا يؤتى بأشد الناس بؤسًا في الدنيا فيغمس في الجنة فيقال له: هل رأيت بؤسًا قط؟ يقول: لا وربي، ومثله أنعم الناس إذا غمس في النار قال: ما رأت نعيمًا قط، الكُرب التي تصيب الناس في الدنيا لا شيء بالنسبة لكرب يوم القيامة.

"{وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [الطور:47] أن العذاب نازل بهم، وقيل: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [الطور:47] ما يصيرون إليه.

قوله تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور:48] فيه مسألتان:

الأولى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} [الطور:48] قيل: لقضاء ربك فيما حملك من رسالته. وقيل: لبلائه فيما ابتلاك به من قومك، ثم نسخ بآية "السيف".

 الثانية".

أهل العلم يقولون: آية "السيف" نسخت أكثر من "سبعين" آية، مع أنه يمكن التوفيق بينها وبين بعض هذه الآيات، بخلاف من يقول: إن أية السيف نُسخت بجميع هذه الآيات، وأنهم الآن المسلمون عليهم الصبر، والعفو، والصفح، وما أشبه ذلك. الأحكام الشرعية لا تتغير ولا تتبدل، تبقى آية "السيف" ناسخة لهذه الآيات، ويبقى التعامل بين المسلمين وغيرهم على حسب ما تتيحه لهم ظروفهم، وما يستطيعونه، أما أن تُؤخذ حقوقهم، وتُنتهك حرماتهم ونقول: الصبر، نعم الصبر وما دونه لا نستطيع، ما باليد حيلة، لكن يبقى أن الحكم الشرعي أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة:29].

"الثانية: قوله تعالى: {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور:48] أي بمرأىً ومنظر منا نرى ونسمع ما تقول وتفعل. وقيل: بحيث نراك ونحفظك ونحوطك ونحرسك ونرعاك. والمعنى واحد. ومنه قوله تعالى لموسى -عليه السلام-: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه:39] أي بحفظي وحراستي، وقد تقدم".

وعلى هذا فهذه الآية ليست من آية "الصفات"، مع الإقرار بأن الله -جلَّ وعلا- يبصر بعين أثبتها لنفسه، أثبتها لنفسه، فتثبت له على ما يليق بجلاله وعظمته.

"قوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ، وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطور:48-49] [ص:73] فيه مسألتان:

"الأولى: قوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} [الطور:48] اختلف في تأويل قوله: حين تقوم فقال عون بن مالك وابن مسعود وعطاء وسعيد بن جبير وسفيان الثوري وأبو الأحوص: يسبح الله حين يقوم من مجلسه؛ فيقول: سبحان الله وبحمده، أو سبحانك اللهم وبحمدك، فإن كان المجلس خيرًا ازددت ثناءً حسنًا، وإن كان غير ذلك كان كفارة له، ودليل هذا التأويل ما خرجه الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك» قال: حديث حسن صحيح غريب. وفيه عن ابن عمر قال". 

اختلف في تصحيح وتضعيفه، لكن المعتمد أنه ثابت، وقد سأل الإمام "مسلم" الإمام "البخاري" عن هذا الحديث فأثبته.

طالب:..............

على كل حال حقوق العباد لها شأن، لكن حقوق الرب- جلَّ وعلا- تخفف، وقد يرضي الله- جلَّ وعلا- من حصل له غيبة في هذا المجلس، فضل الله واسع.

 لكن يحرص الإنسان على أداء ما أُمر به، كما يحرص أشد من ذلك على اجتناب ما نُهي عنه، نعم.  

"وفيه عن ابن عمر قال: «كنا نعد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المجلس الواحد مائة مرة من قبل أن يقوم: رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور»، قال: حديث حسن صحيح غريب، وقال محمد بن كعب والضحاك والربيع: المعنى حين تقوم إلى الصلاة. قال الضحاك: يقول: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا".

 القيام هنا مجمل، مجمل، لم يأتي بيانه، فيبقى على عمومه، فيشمل القيام من المجلس، والقيام إلى الصلاة، والقيام من النوم، والقيام من القعود وهكذا، كل قيام يدخل فيه.

" قال إلكيا الطبري: وهذا فيه بعد؛ فإن قوله: {حِينَ تَقُومُ} [الطور:48] لا يدل على التسبيح بعد التكبير، فإن التكبير هو الذي يكون بعد القيام، والتسبيح يكون وراء ذلك، فدل على أن المراد فيه حين تقوم من كل مكان كما قال ابن مسعود- رضي الله عنه-. وقال أبو الجوزاء وحسان بن عطية: المعنى حين تقوم من مقامك".

منامك، منامك.

"حين تقوم".

من منامك.

"المعنى حين تقوم من مقامك. قال حسان: ليكون مفتتحًا لعمله بذكر الله. وقال الكلبي: واذكر الله باللسان حين تقوم من فراشك إلى أن تدخل الصلاة، وهي صلاة الفجر.
وفي هذا روايات مختلفات صحاح؛ منها حديثُ عبادة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من تعار في الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، والحمد لله، وسبحان الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته»، خرجه البخاري. تعار الرجل من الليل: إذا هب من نومه مع صوت؛ ومنه عار الظليم يعار عرارًا وهو صوته، وبعضهم يقول: عر الظليم يعر عرارًا، كما قالوا زمر النعام يزمر زمارًا. وعن ابن عباس «أن رسول -الله صلى الله عليه وسلم- كان يقول إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل: اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن، أنت الحق، ووعدك الحق، وقولك الحق، ولقاؤك الحق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، والنبيون حق، ومحمدٌ حق، اللهم لك أسلمت وعليك توكلت، وبك آمنت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وأسررت وأعلنت، أنت المقدم، وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت ولا إله غيرك»، متفق عليه. 
وعن ابن عباسٍ أيضًا أنه -عليه الصلاة والسلام- «كان إذا استيقظ من الليل مسح النوم عن وجهه؛ ثم قرأ العشر الآيات الأواخر من سورة "آل عمران». وقال زيد بن أسلم: المعنى {حِينَ تَقُومُ} [الطور:48] من نوم القائلة لصلاة الظهر. قال ابن العربي: أما نوم القائلة فليس فيه أثر، وهو ملحق بنوم الليل. وقال الضحاك".

يعني يصنع فيه ما يصنع بنوم الليل، يصنع فيه ما يصنع بنوم الليل من أذكار له في بدايته، وإذا تعار منه، وإذا استيقظ منه، هو ملحق بنوم الليل، ولذلك يُسأل كثير لو أن إنسانًا نام في غير وقت النوم من بعد صلاة العصر أو ما أشبه ذلك. هل يقول ما يقوله إذا أوى إلى فراشه بالليل؟

 أما الأحاديث المربوطة بالفراش فهذا فراش، أما المربوطة بنوم الليل في ليلته أوقات كذا فلا يدخل فيها.

"وقال الضحاك: إنه التسبيح في الصلاة إذا قام إليها قال الماوردي: وفي هذا التسبيح قولان؛ أحدهما: وهو قوله سبحان ربي العظيم في الركوع وسبحان ربي الأعلى في السجود.

الثاني: أنه التوجه في الصلاة يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك. قال ابن العربي: من قال إنه التسبيح للصلاة فهذا أفضله، والآثار في ذلك كثيرة أعظمها ما ثبت عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه «كان إذا قام إلى الصلاة قال: وجهت وجهي» الحديث. وقد ذكرناه وغيره في آخر سورة "الأنعام". وفي البخاري عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه قال: «قلت: يا رسول الله، علمني دعاءً أدعو به في صلاتي؛ فقال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم».

الثانية: قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطور:49] تقدم في "ق" مستوفى عند قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق:40]. وأما".

تقدم ما يتعلق بالهمزة {إِدْبَار}، {وَأَدْبَارَ} هناك في صورة "ق".

" وأما {إِدْبَارَ النُّجُومِ} فقال علي وابن عباس وجابر وأنس: يعني ركعتي الفجر. فحمل بعض العلماء الآية على هذا القول على الندب، وجعلها منسوخة بالصلوات الخمس. وعن الضحاك وابن زيد: أن قوله: {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطور:49] يريد به صلاة الصبح، وهو اختيار الطبري. وعن ابن عباسٍ: أنه التسبيحُ في آخر الصلوات. وبكسر الهمزة في إدبار النجوم قرأ السبعة على المصدر حسب ما بيناه في "ق". وقرأ سالم بن أبي الجعد ومحمد بن السميقع :أِدْبَارَ} بالفتح، ومثله روي عن يعقوب وسلام وأيوب، وهو جمع دبر ودبُر ودبر الأمر ودبره آخره".

سواءً كان منفصلًا عنه أو ملتصقًا به، وإن كان منفصلًا عنه أو ملتصقًا به، "دبر الدابة" ملتصق، وقد يأتي الشيء دبر الشيء كفصيل الناقة "يأتي دبرها" يعني: منفصلًا عنها، فلا يلزم هذا ولا هذا، من قال في دبر كل صلاة المعنى يحتمل أنه في آخرها، ويحتمل أنه بعد السلام منها، وإذا قال في دبر الصلاة يسبح في دبر كل صلاةٍ: سبح ثلاثًا وثلاثين، وحمد ثلاثًا وثلاثين، وكبر ثلاثًا وثلاثين، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله ..... إلى آخر الخبر هذا في "دبر الصلاة"، هل يقول أحد: إنها في آخر الصلاة ملتصقًا بها قبل السلام؟ هل يمكن أن يقول شخص إنها قبل السلام؟ لا، والذي يقول: إن الدبر ملتصق باستمرار ويلزم بقول: "اللهم أعني على ذكر وشكرك" قبل السلام هذا لا وجه له، يعني المعنى يحتمل، لكن ليس بإلزام.

 "وروى الترمذي من حديث محمد بن فضيل، عن رشدين بن كريب، عن أبيه، عن ابن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إدبار النجوم الركعتان قبل الفجر، وإدبار السجود الركعتان بعد المغرب» قال: حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه من حديث محمد بن فضيل عن رشدين بن كريب. وسألت محمد بن إسماعيل عن محمد بن فضيل ورشدين بن كريب أيهما أوثق؟ فقال: ما أقربهما، ومحمدٌ عندي أرجح. قال: وسألت عبد الله بن عبد الرحمن".

يعني الدارمي، يعني الدارمي.

"وسألت عبد الله بن عبد الرحمن عن هذا فقال: ما أقربهما، ورشدين بن كُريب أرجحهما عندي. قال الترمذي: والقول ما قال أبو محمد، ورشدين بن كُريب عندي أرجح من محمد وأقدم".

ما قال أبو محمد يعني: "الدارمي"، ورجَّحه على قول "البخاري".

 "وقد أدرك رشدين ابن عباس ورآه. وفي صحيح مسلم عن عائشة" .

الحديث مخرج؟

طالب: ...........

ماذا يقول؟

طالب: ...........

يعني الخبر ضعيف، لكن عطية له ذكر؟

طالب: ...........

نعم.

"وفي صحيح مسلم عن عائشة -رضي الله عنها قالت: «لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على ركعتين قبل الصبح». وعنها عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها». تم تفسير سورة "والطور" والحمد لله".

الحمد لله.

أولًا: نعلم أن هذا آخر الدروس، خلاص جاءت الامتحانات، فهذا آخر الدروس، نقف على "النجم".

طالب:............

آخر الدروس الآن في درس العشاء إن شاء الله درس "الموافقات"، العشاء لا يظن أنه خلاص دروس تفسير إن شاء الله.

طالب:...............

من يقولها؟

طالب:.............

المعلق؟ على كل حال الخلاف في كون هذه آية من آيات الصفات أو غيرها مع الجزم بإثبات الصفة ما يضر.

طالب: الحديث....

طالب: ...........

لا ما فيه شيء، انتهي..

طالب: ...........

نعم؟

طالب: ...........

سبحان والحمد لله والعكس؟

لا يضرك بأيهن بدأت. جاء الخبر بهذا.