شرح الموطأ - كتاب القبلة (2)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هذا له علاقة بالدرس كنتُ أردتُ التنبيه عليه لكني أجلته إلى هذا اليوم: أن بعض الناس إذا تسوك يبقى في فمه أثر من السواك كسر وإلا شيء فيقوم بإلقائها في المسجد، وبعض الناس بقايا الطعام التي تبقى في فمه، وأناس ما يتساقط من شعره، المقصود أن هذه الأمور مسائلها لا تنحصر، وكل ما يستقذر ممنوع، ولا يتقيد ذلك بالنجس؛ لأن النخامة والنخاعة طاهرة ومع ذلك خطيئة، فكل ما كان في معناها يدخل في حكمها، المطلوب أن تنظف المساجد وتطيب، وقد نص أهل العلم في كتاب الاعتكاف وفي باب الاعتكاف من كتب الفقه أن تصان المساجد عن هذه الأشياء حتى ما يتساقط من شعر ولو يسير، تقليم الأظافر ولو لم يلقَ في المسجد يصان عنه المسجد، كل ما يستقذر يصان عنه المسجد.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للحاضرين يا ذا الجلال والإكرام.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: ما جاء في القبلة:

حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آتٍ فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن قدم المدينة ستة عشر شهرًا نحو بيت المقدس، ثم حولت القبلة قبل بدر بشهرين.

حدثني عن مالك عن نافع أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "ما بين المشرق والمغرب قبلة إذا توجه قبل البيت".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في القبلة" بعد أن ذكر أن هذه القبلة وهي متجه المصلين أشرف الجهات قِبل البيت تصان عما يستقذر من بصاقٍ وغيره، ذكر ما جاء فيها، وما يتعلق بها من أحكام، استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة عند أهل العلم، شرطٌ لصحة الصلاة، لا تصح الصلاة بدونها، والمراد بذلك الفريضة، أما النافلة فتصح إلى غير القبلة، حيث ما توجهت به راحلته تصح.

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار -العدوي مولاهم- عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح" (بينما) أصلها (بين) زيدت عليها (ما) "بينما الناس بقباء" بالمد والتذكير والصرف على الأشهر، فتقول: بقباءٍ بالمد بقباءٍ والتذكير والصرف "في صلاة الصبح" وفي حديث البراء في الصحيحين: "أنهم كانوا في صلاة العصر" لكن لم يبين المكان، فحمل على أن أهل قباء كانوا في صلاة الصبح، وبنو حارثة الذين جاءهم عباد بن بشر يخبرهم كانوا في صلاة العصر، تأخر إخبار أهل قباء لبعدهم عن مسجده -عليه الصلاة والسلام-، وتقدم إخبار بني حارثة لقربهم منهم؛ لأنهم داخل المدينة، كانوا في صلاة الصبح فأتاهم آتٍ لم يسم، وإن زعم بعضهم أنه عباد بن بشر الذي أخبر بني حارثة، لكن لم يسمّ في شيء من طرق الحديث، لم يسمّ، "إذ جاءهم فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أنزل عليه الليلة قرآن" أنزل عليه الليلة قرآن، قرآن في كل ليلة ينزل عليه، في كثير من الليالي ينزل عليه قرآن، لكن المراد به القرآن الذي يخص تحويل القبلة من بيت المقدس إلى جهة الكعبة "وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبِلوها" وفي رواية: "فاستقبَلوها" يعني ضبطت هكذا وهكذا "فاستقبِلوها" أمر، أُمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يستقبل القبلة {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة] والأمر له -عليه الصلاة والسلام- أمرٌ لأمته، فاستقبِلوها أو فاستقبَلوها امتثلوا هذا الأمر؛ لأن الأصل أن الدين للجميع والأصل الاقتداء والائتساء به -عليه الصلاة والسلام-، وما دام أمر أن يستقبل الكعبة فأمته في حكمه -عليه الصلاة والسلام-، "أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام" يعني إلى بيت المقدس على القبلة الأولى "فاستداروا إلى الكعبة" أي تحولوا إلى جهة الكعبة وهم في صلاتهم، هم في صلاتهم صلوا بعض الصلاة إلى جهة بيت المقدس ثم ائتموها فاستداروا إلى جهة الكعبة، فدل على أن الناسخ إنما يلزم العمل به من بلوغه لا من نزوله، ولذا لم يؤمروا بالإعادة، لا إعادة هذه الصلاة ولا ما تقدم من الصلوات قبلها العشاء وقبلها المغرب وقبلها العصر بعد التحويل وهم يصلون إلى بيت المقدس، فدل على أنه يعمل بالمنسوخ حتى يبلغ الناسخ، وكذلك العام يعمل به حتى يبلغ المخصص، كذلك المطلق يعمل به حتى يرد المقيد وهكذا، فالإنسان مطالب بما يبلغه من نصوص، ولو خفي عليه شيء من النصوص التي تتضمن أحكام طول عمره ما عوقب على ذلك، ولا أوخذ عليه، ومن أسباب اختلاف أهل العلم في مسائل العلم أن بعضهم قد يبلغه ما لا يبلغ الآخر، فلا يؤاخذ من لا يبلغ الآخر، لكن من بلغه شيء عن الله وعن رسوله لزمه العمل به، ولا يقول قائل: إنني أعمل بما بلغني من غير تحري ولا تثبت، إنما تبحث المسألة إذا أردت أن تستقل بنفسك تبحث عنها وفي نصوصها من جميع الوجوه، عندك آية تتضمن حكمًا، حديث يتضمن حكمًا، تنظر في هذه الآية وفي هذا الحديث، الآية لا إشكال في ثبوتها قطعية الثبوت تنظر في ثبوت الخبر، فإذا ثبت تنظر ما يفيده هذا الخبر من حكمٍ شرعي، ومن عمل بهذا الخبر من الأئمة، وهل لهذا الخبر من مخصص أو مقيد؟ وهل هو محكم أو منسوخ؟ تنظر في الخبر من جميع جوانبه، هذا المفترض في طالب العلم، نعم إذا لم يجد بعد البحث والتحري ما يقيد هذا الخبر أو ما يخصصه أو ما ينسخه يعمل به، يبحث ويسأل أهل العلم، إن كانت لديه أهلية بأن كان فقيهًا بالقوة القريبة من الفعل يكفيه بحثه، وإن لم يكن كذلك فليتأكد بسؤال أهل العلم.

هؤلاء استداروا كما هم إلى جهة الكعبة، ولم يستأنفوا الصلاة، ولم يعيدوا ما صلوه إلى جهة بيت المقدس بعد النسخ، فدل على أن المنسوخ يعمل به حتى يبلغ الناسخ.

هؤلاء خاطبهم المخبر وقال لهم: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- قد أنزل عليه الليلة قرآن فيصح تجوز مخاطبة المصلي لمصلحة الصلاة، ويستجيب المصلي إذا تبين له صدق المخبر وصواب المخبر، لو أن شخصًا يصلي إلى جهة فقيل له: الجهة خلفك ماذا يصنع؟ جاءه مخبر ثقة قال: الجهة خلفك، يستدير ويصلي إلى الجهة الثانية؟ نعم إذا اجتهد في موضعٍ يسوغ له فيه الاجتهاد، إذا اجتهد في موضعٍ يسوغ له فيه الاجتهاد بأن كان في مكان لا يوجد ما يستدل به على القبلة، ولا من يسأل من ثقة، ولا يوجد محاريب، ولا يوجد ما يمكن أن يستدل به على القبلة واجتهد في البَرّ مثلًا اجتهد وتحرى ثم صلى إلى جهةٍ غلب على ظنه أنها هي القبلة، مثل هذا يستدير كما هو ولا يعيد، ولو أتمَّ صلاته على تلك الجهة كفته {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ} [(115) سورة البقرة] لكن إن كان في مكانٍ لا يسوغ له فيه مثل هذا الاجتهاد، بإمكانه أن يصل إلى القبلة بيقين مثل هذا يستأنف، وقد حصل من امرأتين صليتا في مكانٍ واحد كل واحدة إلى جهة، كل واحدة ظهرها إلى ظهر الأخرى من غير اجتهاد ولا تحرٍّ، نعم؟

طالب:......

لا، الغفلة، صلت هذه وصلت هذه، الله غفور رحيم أينما تولوا فثم وجه الله، مثل هذا ما هو بمحل الاجتهاد، ليس هذا المحل قابل للاجتهاد، البلدان ليست محل الاجتهاد، بإمكانها أن تسأل، هناك بلدان هي مثل البراري والقفار، بلدان مثل البراري والقفار في الحكم، بلاد الكفار مثلًا لا يمكن أن يسأل، ولا يوجد ثقة عنده يسأله، ولا يوجد مساجد ولا محاريب ولا..، هنا نقول: يجتهد، لكن هل له أن يسأل كافرًا؟ يقول: أين جهة مكة مثلًا؟ الجهة أي جهة، المهم أنه أقرب من غيرها، إلى جهة أقرب من غيرها، نعم؟

طالب:......

هو المفترض في المخبر أن يكون ثقة، لكن هذا ليس بثقة.

طالب:......

لا، هو إن تصور أن السائل لا علم له البتة، جاهل بكل المقاييس وخبر أدنى شخص أفضل من خبره هنا يحصل ترجيح، هل يوجد في الدنيا على ما يقال: بلد تستوفيه كل الجهات إلى جهة القبلة؟ كل الجهات الأربع إلى جهة القبلة؟

طالب:......

كيف؟

طالب:......

أي بحر؟

طالب:......

موازٍ لمكة، نعم إذا وازى مكة خلاص، وهذا معروف أنه مبني على القول بكروية الأرض.

طالب:......

ما اسمها؟ لها اسم؟

طالب:......

فقط؟

طالب:......

لا، قالوا الإخوان: فيه شيء تصلي إلى الجهات الأربع، نعم؟

طالب:......

.........، لكن تصلي إلى أي جهة؛ لأنك إذا افترضت أن مكة هنا، إذا تصورنا أن مكة في وسط الدائرة هنا، والبلد الثاني هنا فأي جهة...... ما يختلف، ما يختلف إذا كان موازيًا من الجهات الأخرى للأرض لمكة، هؤلاء على جهةٍ مقطوعٌ بها، أهل قباء بنو حارثة على جهةٍ قطعية، على قبلةٍ قطعية، من أين جاء القطع؟ نعم رأوه رؤية، رؤية قطعية، يصلي إلى جهة بيت المقدس، فصلاتهم إلى جهة بيت المقدس مقطوعٌ بها، وتحولوا عنها إلى خبر هذا الواحد، فهل للإنسان أن ينتقل من قطعي إلى ظني؟ أو نقول: خبر الواحد إذا كان المخبر ثقة يفيد القطع؟ أو نقول: إنه لا يفيد القطع حتى تحتف به قرينة؟

طالب:.......

هذا فيه قرائن معروفة، هنا فيه قرائن، وهذه المسألة أقول فيها أقوال: منهم من يقول: إنهم عملوا بالظن وانتقلوا من القطع إليه؛ لأن خبر الواحد يفيد القطع مطلقًا، هذا معروف عن حسين الكرابيسي وداود الظاهري، وبعض أهل العلم، ومنهم من يقول: إنه لا يفيد القطع مطلقًا؛ لأنه إذا أفاد القطع انتقل من كونه خبر واحد، ومنهم من يتوسط ويقول: إنه يفيد القطع إذا احتفت به قرينة، وهنا احتفت به قرينة، عرفوا من حال النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يتشوف إلى تحويل القبلة، وفيه قوله -جل وعلا-: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [(144) سورة البقرة] ثم جاء النسخ، فالقرينة دلت على أن خبره محفوظ، وأنه مقطوعٌ به؛ لأن خبر الواحد في الأصل لا يفيد إلا الظن عند الجمهور، لماذا؟ لأن المخبر مهما كان من الثقة والضبط والإتقان إلا أنه ليس بمعصوم من الخطأ والوهم ليس بمعصوم، وقد حصل الخطأ من كبار الحفاظ من مالك نجم السنن، أخطأ في أحرف يسيرة، فإذا تصورنا أن مثل مالك ومن فوق مالك ممن لم تضمن له العصمة يقع في الخطأ، حتى من بعض الصحابة وقع الوهم، فخبر مثل هذا هل يمكن أن يجزم به مائة بالمائة، أو لوجود الاحتمال الثاني احتمال النقيض تنزل النسبة إلى تسعة وتسعين، ثمانية وتسعين، تسعين، ثمانين، سبعين، على حسب ما عند الراوي من كثرة الأوهام وقِلّتها؟ تنزل النسبة، وهو في عداد الثقات ممن يقبل خبره، يعني العمل بخبر الواحد واجب بإجماع من يعتد بقوله من أهل العلم، يعني لا تلازم بين وجوب العمل وكونه يفيد القطع أو الظن، فهذه النسبة إذا وجدت ولو واحد بالمائة؛ لأن العلم عندهم ما لا يحتمل النقيض، فإذا احتمل النقيض ولو واحد بالمائة نزل الخبر من المائة إلى تسعة وتسعين، إلى ثمانية وتسعين، إلى تسعين، إلى آخره، هذه القرينة التي احتفت بهذا الخبر صارت في مقابل هذا الاحتمال الضعيف، فارتفع هذا الاحتمال فأفاد خبره القطع، وهذا هو أعدل الأقوال في المسألة، فيه نُقول عن شيخ الإسلام وابن القيم وابن رجب وجمع من أهل العلم تؤيد هذا، ولا نطيل في هذه المسألة؛ لأنها بحثت في مناسبات كثيرة.

يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب أنه قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن قدم المدينة ستة عشر شهرًا" وفي الصحيحين: "أو سبعة عشر شهرًا" على الشك، فمن جزم بالستة عشر كما في حديث الباب ألغى الزائد من الشهر الأول ومن الثاني، ألغى الزائد ومن الشهر الأول، ويقع في السنة الأولى من الهجرة، والزائد من الشهر الأخير من السنة الثانية، ومن قال سبعة عشر، من جزم بسبعة عشر جبر، النبي -عليه الصلاة والسلام- قدم في شهر ربيع الأول، في أي يوم؟ في الثاني عشر من شهر ربيع الأول، والتحويل حصل في نصف رجب من السنة الثانية، في منتصف رجب من السنة الثانية، فكم يكون؟ كم تكون المدة على التحرير؟ ربيع الأول والثاني وجماد أول والثاني أربعة مع اثنا عشر، ستة أشهر، لكن إذا نظرنا أنه جاء في الثاني عشر من الأول والخامس عشر يعني المسألة ثلاثة أيام زيادة......، ربيع الأول والثاني وجمادى وجمادى الثاني الآخرة أربعة مع اثني عشر، فهي ستة عشر وأيام، فمن قال: سبعة عشر جبر هذه الأيام جعلها شهرًا كاملًا، ولهم عادة في هذا.

"ثم حولت القبلة قبل بدر بشهرين" لأن بدر كانت في رمضان في السابع عشر منها، قبله بشهرين في السابع عشر من رمضان يعني شهرين ويومين، سهل الكسور عندهم يتسامحون فيها، يجبرونها ويحذفونها، الخلاف في سِن النبي -عليه الصلاة والسلام- عند وفاته كلها صحيحة، ستين، ثلاثة وستين، خمسة وستين، على هذه الطريقة منهم من يجبر، ومنهم من يحذف.

ثم بعد هذا يقول: "حدثني عن مالك عن نافع أن عمر بن الخطاب قال: "ما بين المشرق والمغرب قِبلة إذا توجه قِبَل البيت" روى الترمذي من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) مالك عن نافع عن ابن عمر السند كالشمس، الإمام مالك عن نافع أن عمر، نافع أدرك عمر وإلا ما أدرك؟ ما دام عن عمر ما أدرك، هو موصول من الأحاديث الموصولة، على كل حال يغني عنه المرفوع من حديث أبي هريرة، قواه البخاري وقال الترمذي: حسنٌ صحيح ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) قال الترمذي بعد ذلك: "وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) منهم عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس، وقال ابن المبارك: "ما بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المشرق" الآن الخطاب وقع في المدينة فكيف يقال: "ما بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المشرق؟" يتجه وإلا ما يتجه؟ يعني إذا تصورنا اتجاه مثل هذا الكلام لأهل المدينة ومن في سمتها قبلتهم بين المشرق والمغرب، وكذلك من يقابلهم في الجهة الأخرى من هو عن يسار الكعبة في جهة الجنوب، قبلتهم غير المشرق والمغرب، لكن كيف يقال لأهل المشرق: قبلتهم بين المشرق والمغرب على كلام ابن المبارك؟ الآن هذا الخطاب وقع في المدينة، لكن هل يصلح لأهل نجد أن يقال: بين المشرق والمغرب قبلة؟ طيب هل يقال: أن يصلح لأهل مصر أن يقال: بين المشرق والمغرب قبلة؟ ما يمكن؟ جهة الشرق والغرب لا يمكن أن يوجه لهم مثل هذا الكلام، إنما يوجه لأهل الشمال، الجنوب، قبلتهم بين المشرق والمغرب، فكيف يقول ابن المبارك: لأهل المشرق؟ هو لا يريد المشرق الذي هو شرق مكة، لا، إنما يريد جهات من المشرق هي إلى الشمال أقرب كخراسان وغيرها، فإذا تصورنا أن هذه هي الكعبة، المدينة هنا وهذا الغرب وهذا الشرق، بين المشرق والمغرب قبلة انتهى الإشكال، ونحن هنا في الشرق لا يمكن أن نقول: إن قبلتنا بين المشرق والمغرب، لكن يمكن أن نقول: بين الشمال والجنوب، وأهل مصر في الجهة هذه، وأهل اليمن وجنوب الجزيرة في الجهة هذه يتجه لهم خطاب المدينة، لكن ابن المبارك يقول: لأهل المشرق يعني هؤلاء الذين هنا جهة خراسان الشمال الشرقي، فإذا اتجهوا إلى جهة مكة هذا الغرب وهذا الشرق جهتهم مقبولة، لكن يبقى أنه يكون فيها انحراف لو صلبوا إلى ما بين الجهتين بالنسبة لهم إذا قلنا على التحرير بين المشرق والمغرب تكون جهتهم هنا، لكن ليس فيه إشكال للتجوز، والحديث كله فيه تيسير على الأمة؛ إذ مفاده الاكتفاء بالجهة، يمكن أن يقال لأهل المدينة: بين المشرق والمغرب قبلة ويراد بذلك عين الكعبة؟ نعم، لا يمكن، وهو ما يدل عليه قوله -جل وعلا-: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة] والمراد بالشطر الجهة، وبهذا قال الجمهور، فالحديث دليل على أن الواجب استقبال الجهة لا العين في حق من تعذرت عليه العين، في حق من تعذرت عليه عين الكعبة، وقد ذهب إليه جمهور العلماء، ويؤيدهم قوله -جل وعلا-: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ}[(144) سورة البقرة].

الشافعية عندهم أن الواجب استقبال العين عين الكعبة، لكن إن أريد به حقيقة القول لا شك أنه حرج، بل متعذر، استقبال العين عمن بعد عن البيت متعذر، الآن العمائر المحيطة بالحرم التي لا يمكن من خلالها رؤية البيت يصعب جدًّا أن يستقبل الإنسان عين الكعبة فضلًا عمن بعد في خارج مكة أو في الأمصار البعيدة كيف يقال: إن الواجب استقبال العين؟ هم يقولون بالتحري، تتحرى إصابة العين، فعلى هذا يكون الخلاف لفظي إلا أن قول الشافعي يبعث على مزيد التحري، حتى قال قائلهم: إنه إذا لم يجزم بإصابة العين أو لم يغلب على ظنه إصابة العين يقسم الجهة، فيضع دائرة ويضع فيها خطوط متعارضة ويصلي في كل حقل إلى أن يصيب الكعبة، إلى أن يجزم أنه أصاب عين الكعبة، هل يرد الشرع بمثل هذا؟ الشرع المبني على التيسير مبني على هذا؟ أقول: يمكن أن يرد مثل هذا؟ لا، في مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) تيسير للأمة، المقصود أن تقصد الجهة، وتجتهد وتتحرى.

ابن عبد البر -رحمه الله تعالى- له كلام هو في الجملة ما يختلف معه فيه، يقول: تضيق القبلة على أهل المسجد الحرام، الذين داخل المسجد ما الواجب فرضهم؟ إصابة العين، وهي لأهل مكة أوسع، حتى يصرح بعضهم أن قبلتهم المسجد، ثم لأهل الحرم أوسع، ثم لأهل الآفاق أوسع، هذا الكلام صحيح، كلما بعد الإنسان تعذر عليه إصابة العين أكثر، لكن لو أن شخصًا صلى في الدور الثاني مثلًا، أو بين عمد وفي المواسم في الصفوف الأخيرة لن يرى الكعبة، فلم سلم وجد أنه صلى إلى غير الكعبة ماذا يقال له؟ تصرف بعض الناس بالفرش يجعل كثيرًا من الناس يصلي إلى غير القبلة، يجر الفرش حتى تصير عند العمود، وبدل ما هي القبلة كذا جعلها كذا، هذا موجود، والناس ما لهم إلا هذا الفرش وإلا الخطوط لكن الخطوط تروح مع الفرشات.

فإذا صلى اعتمد هذا الفرش وصلى يوم سلم إلى أين؟ القبلة يمين، يقال له: أعد هذا ليس بمكانٍ للاجتهاد؟ هل يقال له: أعد؟ وإذا صلى في الدور الثاني ماذا يصنع والناس قدامه ما يقدر يفعل شيئًا؟ يعني في صلاة التراويح مثلًا قدامك في الدور الثاني عشرين صفًّا، هذا إن أمكن أن ترى الكعبة لولا إذا ركع الناس، لكن إذا أمكن أن ترى الكعبة ولو مع الركوع إذا ركع الناس رأيتها وتعدى يمديك+؟

طالب:......

نعم، لكن هل قطع صلاته وكبر من جديد؟

طالب:......

لا هو يلزم، لا يلزم، يلزم إذا صلى إلى غير الجهة إلى غير الكعبة، وهو داخل المسجد صلاته باطلة، فيستأنفها من جديد.

طالب:......

هو ما يلزم أن ينحرف عن القبلة، ومَن يكبر يتكلم بشيء يسمعه الناس؛ لأن بعض الناس يصعب عليه أنه ينتقد..... صحيح، يعني ينوي أن يقطع ما فات ويكبر في نفسه من جديد ويتبع الإمام.

طالب:......

لا، لا، ما يكفيه؛ لأن ما تقدم باطل.

طالب:......

لا، هو إذا أصابها في الأولى ما هو منحرف -إن شاء الله-، لكن ترى هذه المسألة يقع فيها كثير من الناس، هو الممكن وضع أعلام أو أشياء تدل عليها على سمتها، لكن أيضًا التصرف والزيادة والنقصان عما عهد عليه الأمر ما ينبغي، ما ينبغي أبدًا.

على كل حال إذا عرف باطراد أن هذه متجهة تكفي، لكن يبقى أن الوضع مع الزحام قد يصلي الإنسان إلى غير القبلة، وعلى من استطاع أن يصيب العين هذا هو الفرض والمتعين عليه، ولو إذا ركع الناس ينظر إلى الكعبة، ولو إذا سجدوا إذا ما تمكن من رؤيتها إذا ركعوا إذا سجدوا يحاول يتأكد؛ لأن هذا شرط من شروط صحة الصلاة، لكن إن كان مع الركوع رآها ثم اتجه إليها يستأنف من جديد وإن كان في السجود فاته ركعة وهكذا.

طالب:......

هم يقولون: لا بد أن يستقبل البنيان الهواء ما يكفي إلا في حالة واحدة ما لو أزيلت، يعني أزيلت فيما بعد نسأل الله السلامة، فمن يصححها يقول: هو بمثابة هواء الكعبة، يعني الذي في الدور الثاني والذي في السطح ما يصلون إلى عينها، إلى هوائها، والهواء له حكم القرار، لكن إذا لم يصلِّ إلى شاخص صلى في الحجر واستدبر مثلًا الكعبة في النافلة، هم يجيزون النافلة داخل البيت، ما حكم صلاته؟ هو الحجر لا شك أنه من البيت قصر فيهم النفقة وعجزوا عن إكماله، فالصلاة النافلة يصححونها داخل البيت على أن يصلي إلى شاخص، صلى إلى الحجر أو إلى الفتحة التي في الحجر، ما هو هذه الفتحة بينهن، صلى هنا لا إلى شاخص، أو صلى إلى الباب وهو مفتوح وهو داخل الكعبة تصح وإلا ما تصح؟ نعم الجمهور أنها لا تصح، لا بد أن يصلي إلى شاخص، ومن قال: إن الهواء له حكم القرار ما دام الجهة موجودة، وصححنا أصل النفل داخل البيت ما يمنع.

طالب:......

يظن أن هذه القبلة غفلة؟ يعني أخطأ، أخطأ في موضعٍ لا يسوغ فيه الاجتهاد يعيد، نعم يعيد.

أحسن الله إليك.

"باب: ما جاء في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-:

حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن رباح وعبيد الله بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله سلمان الأغر عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام)).

وحدثني عن مالك عن خَبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة.."

خُبيب، خُبيب، الجادة.

طالب: أنا عندي بالفتح، أحسن الله إليك.

قالوا في آداب طالب الحديث أن يعنى بنسخته وكتابه على روايةٍ معتمدة موثقة مصححة مقابلة بأصول، وقال النووي: يكفي أصل واحد فقط، لا، لا بد من العناية بالكتب، نعم.

أحسن الله إليك.

"وحدثني عن مالك عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي)).

وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد المازني -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة))".

يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-" يعني ما جاء في فضل الصلاة في مسجده -عليه الصلاة والسلام-، وأن البقعة الواقعة بين بيته ومنبره -عليه الصلاة والسلام- روضةٌ من رياض الجنة.

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن رباح -المدني- وعبيد الله –مصغر- بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله سلمان الأغر -المدني مولى جهينة- عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام))" ((صلاةٌ في مسجدي هذا)) الإشارة إلى موجود، موجود في الأعيان لا في الأذهان، وبهذا يستدل من يقول: إن التضعيف لا يشمل التوسعات، بل هو خاصٌ بمسجده -عليه الصلاة والسلام-؛ ولذا يقول النووي: ينبغي أن يحرص المصلي على الصلاة في الموضع الذي كان في زمانه -عليه الصلاة والسلام- دون ما زيد فيه بعده؛ لأن التضعيف إنما ورد في مسجده، وقد أكده -عليه الصلاة والسلام- بقوله: ((هذا)) بخلاف مسجد مكة فإنه يشمل جميع مكة، بل صحح النووي أنه يشمل جميع الحرم، وهو قول الأكثر، التضعيف يشمل جميع الحرم في قول الجمهور، لهم أدلة منها: أن الإسراء كان من بيت أمِّ هانئ لا من المسجد، وقد جاء قوله -جل وعلا-: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(1) سورة الإسراء] والحديث فيه مقال لأهل العلم، لكن قوله -جل وعلا-: {وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ} [(217) سورة البقرة] هل أُخرجوا من المسجد أو من مكة؟ نعم {وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ} [(217) سورة البقرة] فدل على أن مكة كلها مسجد، على كل حال المسألة مبسوطة في مواضع، لكن الذي يترجح أن مكة كلها حرم بخلاف المدينة.

مسألة التوسعة جاء فيها ما يدل على..، لكن الأحاديث لا تسلم من مقال: ((مسجدي وإن وصل إلى صنعاء)) يعني أحاديث ما..، المقصود عند أهل العلم أن الزيادة لها حكم المزيد، والكلام لو أردنا أن نتحدث عن الحرمين وأحكام الحرمين ترى ما ينتهي، والتوسعات هل لها حكم؟ التوسعات المحاطة بسور الحرم لا إشكال فيها، لكن التوسعات غير المحاطة هذه لا تأخذ حكم المسجد، لا تأخذ أحكام المسجد، وما ينتهي الكلام في هذه المسائل.

الآن التوسعات في حرم المدينة المحاطة بالسور هذه لا إشكال فيها أنها داخلة المسجد، يبقى التوسعات التي فيها شبوك، مجرد شبوك، وفيها دورات المياه هذه لا تدخل في المسجد، ويجلس فيها الحيض، التوسعات التي في المسجد الحرام التوسعة المحاطة بالأسوار، توسعة الملك فهد هذه داخلة في المسجد، لكن توسعة الساحات غير داخلة في المسجد، المسعى ما زال خارج المسجد، لم يدخل في المسجد، حتى وضعه الآن وكيفيته لم يدخل، لكن لو وجد سور كبير يكون من وراء المسعى دخل، لو وسّع المسجد مثلًا بدائرةٍ كبيرة بحيث تشمل المسعى دخل المسجد.

طالب:......

المسعى الآن خارج المسجد خروجًا ظاهرًا.

طالب:......

لا، لا، ما هي بمسألة متصلة، الآن وضع المسجد هكذا، هذا المسجد هذه الدائرة والمسعى بجواره.

طالب:......

لا، لا، متصلة بالمسعى هكذا.

طالب:......

ماذا هو؟

طالب:......

ما يلزم، لكن وضعها وحقيقتها خارج المسجد بجوار المسجد، حتى لو رأيت الصور صورته خارج عن المسجد بلا شك، الذين صلوا به مع الحاجة إذا اتصلت الصفوف ما يخالف، أما يصلون به من غير اتصال الصفوف والمسجد غير ممتلئ لا، كلٌ على مذهبه، يوجد من يصلون في دكاكينهم ومحلاتهم وشوارعهم، الله المستعان، التساهل كبير.

طالب:......

لا، إذا خرج عن المسجد بطل طوافه.

طالب:......

لا، من الغرائب السنة هذه أناس طافوا..، سعوا خارج المسعى بالساحة بجواره، خمسة أسئلة جاءت بهذه الطريقة، وبعضهم يجادل يقول: كان المسعى واديًا، وما يدريك أن هذا الذي بجواره كان من الوادي، تحديده بهذه الجدران حادث، نقول: لو قيل بهذا ما انتهت المسألة بعد، صارت المشاعر لعبًا.

طالب:......

نعم؛ لأن الزحام اضطرهم إلى هذا، لكن عليهم الإعادة على كل حال.

طالب:......

لا، لو يرون المصلين، واضطروا إلى ذلك، واتصلت الصفوف بحيث وصلوا إلى باب هذه العمائر ما يخالف، أما إذا وجد فاصل لا، أدوار العمائر التي تصح الصلاة في أرضها تصح في علوها مثل المسجد.

يقول: ((صلاةٌ في مسجدي هذا خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه)) خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه، الصلاة هذه تشمل الفريضة والنافلة في قول الأكثر، وزعم الطحاوي أن التضعيف خاصٌ بالفرائض؛ لأن النوافل فعلها في البيوت أفضل، إذًا التضعيف خاص بالفرائض عنده، وقال غيره يعني قول الأكثر يشمل النوافل أيضًا، ولا يمنع أن تكون النوافل في بيوت مكة وفي بيوت المدينة أفضل منها في بيوت غيرها من البلدان، ومن المسجد أيضًا.

يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((صلاةٌ في مسجدي هذا خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام)) إلا المسجد الحرام، يقول ابن بطال: يجوز في هذا الاستثناء أن يكون المراد إلا المسجد الحرام فإنه مساوٍ أو فاضل أو مفضول؛ لأن ما في ما يدل على المساواة لمسجده -عليه الصلاة والسلام-، أو لكونه أفضل أو دونه، إنما هذا الاستثناء يدل على أن المسجد الحرام ليس كغيره من المساجد، إلا المسجد الحرام يدل على أنه ليس كغيره من المساجد، لكن يبقى هذا الاستثناء ما بين فيه منزلة هذا المسجد بالتحديد، إلا المسجد الحرام فإنه مثله، مساوٍ، أو إلا المسجد الحرام فإنه فوقه أو دونه، لكن ليس كغيره، الاحتمال قائم.

يقول ابن بطال: يجوز في هذا الاستثناء أن يكون المراد فإنه مساوٍ لمسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- أو فاضلًا أو مفضولًا، والأول أرجح هذا عند من؟ ابن بطال وابن بطال مَن؟ مالكي، والأول أرجح؛ لأنه كان فاضلًا أو مفضولًا لم يعلم المقدار إلا بدليل بخلاف المساواة، انتهى.

قال ابن حجر: كأنه لم يقف على الدليل، الدليل الثاني وهو كونه فاضلًا، وقد أخرج الإمام أحمد وصححه ابن حبان من طريق عطاء عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلاةٌ في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواها من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاةٌ في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في هذا)) يعني في مسجده -عليه الصلاة والسلام-، إذًا تكون الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، وحسبت الصلاة الواحدة قدرت بالسنين صارت خمسًا وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة، هذا من حيث الفضل لا من حيث الإجزاء، يقول: أروح أصلي لي فرض واحد وأجلس لي خمسة وخمسين سنة ما أصلي، إنما من حيث الفضل والأجر، مسألة التضعيف غير الصلاة مسألة خلافية، يقول شخص: أنا زكاتي مائة ألف أروح أطلع ريالا واحدًا في المسجد الحرام بمائة ألف، وينتهي الإشكال، لا هذا ما يمكن، إنما المراد بذلك فضل الصلاة وغيرها من العبادات في هذا المكان المقدس.

استدل بهذا الحديث على تفضيل مكة على المدينة؛ لأن الأمكنة إنما تشرف بفضل العبادة فيها على غيرها، وهذا قول الجمهور، وحكي عن مالك أيضًا، ورجحه ابن عبد البر وجمعٌ من المالكية، والمشهور عن مالك وأكثر أصحابه أن المدينة أفضل من مكة؛ للحديث الذي يلي حديث الباب: ((ما بين بيتي ومنبري)) ونصوص أخرى، واستدل الجمهور بأدلة كثيرة منها: قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((والله إنك -يعني مكة- لخير أرض الله  وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك لما خرجت)) حديثٌ صحيح مخرجٌ في السنن، وصححه ابن خزيمة وابن حبان.

على كل حال الأدلة على تفضيل مكة على المدينة أكثر؛ ولذا رجح ابن عبد البر وهو مالكي المذهب قول الجمهور.

"وحدثني عن مالك عن خبيب بن عبد الرحمن -بن خبيب بن يسار الأنصاري- عن حفص بن عاصم -بن عمر بن الخطاب- عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد الخدري -بالشك- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة))" حقيقةً بأن تكون مقتطعة منها، كما أن الحجر الأسود والنيل والفرات وسيحان وجيحان من الجنة، يعني جاءت أدلة تدل على وجود شيء في هذه الدنيا مما هو من الجنة، ((ومنبري على حوضي)) قال الشراح: أي ينقل المنبر الذي كان عليه أثناء هذه الكلمة وأثناء هذه المقالة يوم القيامة فينصب على حوضه -عليه الصلاة والسلام-، ((ومنبري على حوضي)) يعني منبري يكون على حوضي يوم القيامة، منبري الذي أتكلم عليه الآن يكون على حوضه -عليه الصلاة والسلام- يوم القيامة.

((ما بين بيتي)) بيت مفرد وهو مضاف والمفرد المضاف يعم، فهل المراد بهذا جميع بيوته -عليه الصلاة والسلام-؟ لأن بيوته سرد هكذا، بدءًا من بيت عائشة إلى آخر البيوت، وعلى هذا تتسع بقعة الروضة، أو المقصود به بيتي يفسر بالرواية الأخرى: ((ما بين قبري ومنبري)) وإن كان فيها كلام؟ فيكون المراد به بيت عائشة؛ لأنه هو الذي صار قبره فيه -عليه الصلاة والسلام- احتمالان؛ لأن المفرد يعم، لكن بيته الذي قبر فيه -عليه الصلاة والسلام- أظهر وهو بيت عائشة.

ما الذي يفيده هذا الكلام ((ما بين بيتي ومنبري روضةٌ من رياض الجنة))؟ ما الذي يفيده هذا الكلام؟ هل هو مجرد خبر عارٍ عن الفائدة العملية أو أن له فائدة عملية؟ هل معنى هذا أننا نقول: له فائدة، فالصلاة فيه أفضل؟ هذه البقعة الصلاة فيها أفضل؟ المكث في انتظار الصلاة أفضل، قراءة القرآن أفضل؛ لأنها روضة من رياض الجنة؟ أو نقول: هو مجرد خبر كما قيل: النيل والفرات، هل السباحة بالنيل أفضل من السباحة بغيره؟ نعم؟

طالب:......

له فائدة، عموم قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)) هذه روضة من رياض الجنة إذًا نرتع ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)) عموم هذا الخبر يدل على أن هذا له مزية؛ لأنه روضة من رياض الجنة، وقد أمرنا بأن نرتفع فيه، تفسير الخبر بفردٍ من أفراده لا يعني قصره عليه، تفسير الخبر بفردٍ من أفراده هذه المسألة مرت بنا مرارًا، تفسير الخبر بفردٍ من أفراده لا يقتضي الاقتصار عليه، تفسير النبي -عليه الصلاة والسلام- القوة بالرمي {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [(60) سورة الأنفال] ((ألا إن القوة الرمي)) هل معنى هذا أننا لا نستعد بغير الرمي؟ تفسير الظلم بالشرك هذا يلغي جميع أنواع الظلم غير الشرك؟ هذه مسألة مرت بنا مرارًا، وقررت في دروسٍ كثيرة.

على كل حال مقتضى قوله: ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)) يدل على أن لهذه البقعة مزية، فيتحراها الإنسان، يمكث فيها، ويقرأ فيها، ويصلي فيها، لكن إذا جاءت الصلاة فالأفضل الصف الأول، على كل حال الروضة الآن مفروشة بفراش خاص أبيض، والناس عوام الناس يتبعون هذه العلامات، المكبرية التي في المسجد الحرام لون الفرش التي تحتها في الأرض مثل لون الروضة، فجاء شخص يقول: هذه روضة، ما دليلك؟ قال: الفرش مثل فرشة الروضة، صحيح موجودة، هم يستدلون بالقرائن ولو ضعفت.

يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر -بن محمد بن عمرو بن حزم- عن عباد بن تميم -بن زيد بن عاصم الأنصاري- عن -عمه أخ أبيه لأمه- عبد الله بن زيد المازني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة))" استدل بهذا من فضل المدينة على مكة، بحيث لم يثبت في بقعة خبر أنها من الجنة إلا هذه البقعة المقدسة، قال ابن عبد البر: هذا النص لا يقاوم ما جاء في مكة، مثل هذا النص لا يقاوم ما جاء في مكة.

طالب:......

نعم من الجنة، والكعبة أعظم وأعظم. نعم.

طالب:......

الحجر الأسود والكعبة نفسه، كثير من بعض الشراح الذين عندهم روائح الغلو في النبي -عليه الصلاة والسلام- يتكلمون في هذا المجال بكلامٍ يخالف ويعارض النصوص، ويزعمون أن البقعة التي دفن فيها النبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل من الكعبة، وأفضل من العرش، وأفضل من كذا..، قالوه يعني، فإن كان مجرد نظر إلى البقعة نفسها فلا، وإن كان الجسد الشريف المدفون فيها هذا بلا شك، أقول: هذا غلو، إن كان مجرد تراب دفن فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا غلو، أفضل من العرش؟ أما الجسد الطاهر المدفون في هذه البقعة ما في مخلوق يوازيه، نعم.

طالب:......

من نقل الإجماع؟

طالب:......

الإجماع دونه خرط القتاد، يعني أفضل من الكعبة؟ الكلام على البقعة، دعنا من الجسد الشريف هذا محل إجماع، أما البقعة لذاتها لا.

نعم.

"باب: ما جاء في خروج النساء إلى المساجد:

حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)).

وحدثني عن مالك أنه بلغه عن بسر بن سعيد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا شهدت إحداكن صلاة العشاء فلا تمسن طيبًا)).

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل امرأة عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- أنها كانت تستأذن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى المسجد فيسكت، فتقول: والله لأخرجن إلا أن تمنعني، فلا يمنعها.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "لو أدرك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أحدث النساء لمنعهن المساجد، كما منع نساء بني إسرائيل".

قال يحيى بن سعيد -رحمه الله-: فقلت لعمرة -رحمها الله-: أو منع نساء بني إسرائيل المساجد؟ قالت: نعم".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في خروج النساء إلى المساجد"، "المساجد" بالجمع، وفي بعض النسخ: "المسجد" بالإفراد، ويراد به الجنس.

يقول: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه..." هذا البلاغ أخرجه مسلم من رواية الزهري عن سالم عن أبيه فهو متصل، والحديث في الصحيحين "أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله))" لا تُمنع مساجد الله إذا خرجت تريد الصلاة، لكن لو احتف بخروجها أمرٌ ممنوع منعت من أجله، إذا احتف بخروجها أمرٌ ممنوع منعت من أجله، لو خرجت متطيبة متبرجة مع سائق أجنبي لا يوجد من يوصلها إلى المسجد إلا هو إذًا تمنع، لا لأنها منعت من المسجد إنما منعت لما قارن هذا الخروج إلى المسجد، فالمنع الذي يمنع امرأته لأنها تخرج متبرجة؛ لأنها تخرج متطيبة، تخرج مع سائق أجنبي مع وجود فتنة، تمنع لما يصاحب هذا الخروج لا لذات الخروج، فهو من العام المخصوص، وجاء في الحديث الصحيح: ((ويخرجن تفلات)) أي غير متطيبات، وسيأتي في الحديث الذي يليه، وفي سنن أبي داود وصححه ابن خزيمة عن ابن عمر مرفوعًا: ((لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهن خيرٌ لهن)) وجاء في الحديث الصحيح: ((وبيتها خيرٌ لها)) لكن كون البيت خيرًا لا يقتضي المنع، لا يقتضي منع المرأة من المسجد، نعم إذا خشيت الفتنة، إذا قارن الخروج أمر محرم تمنع من أجله.

يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه عن بسر بن سعيد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا شهدت إحداكن صلاة العشاء فلا تمسن طيبًا))" وهذا البلاغ أيضًا وصله مسلم "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا شهدت))" المراد: أرادت شهود صلاة العشاء، ومرَّ بنا مرارًا أن الفعل الماضي يطلق ويراد به الإرادة، يطلق ويراد به الفراغ من الفعل، يطلق ويراد به الشروع في الفعل، وهنا إذا أرادت شهود العشاء مع الجماعة في المسجد فلا تمسن طيبًا، زاد مسلم قبل الذهاب؛ لأنه هو سبب الفتنة، المقصود أنها تمنع من الطيب إذا أرادت أن تخرج من بيتها، بخلاف ما إذا شهدت وانتهت ورجعت إلى بيتها تتطيب.

طالب:......

ولا أثناء الصلاة؛ لأنه يترتب عليه خروج من المسجد، لما يترتب عليه خروج من المسجد.

يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد –الأنصاري- عن عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل -أخت سعيد بن زيد أحد العشرة، العدوية صحابية من المهاجرات- امرأة عمر بن الخطاب -ابن عمها- أنها كانت تستأذن عمر بن الخطاب إلى المسجد" وهي امرأته مذكورة بجمالها، تزوجها عمر بعد ثلاثة أو أربعة، المقصود أنها مثار فتنة، وعمر يتشوف إلى أنها لا تخرج إلى المسجد، لكنه يقف عند النص: ((لا تمنعوا)) وهي أيضًا تريد الأجر بخروجها إلى الصلاة مع جماعة المسلمين، تشهد صلاتهم ودعوهم "كانت تستأذن عمر بن الخطاب إلى المسجد فيسكت" لأنه يكره خروجها "فتقول: والله لأخرجن إلا أن تمنعني" لأنها ترى أنه إذا منعها وقد نوت الخروج أنه يكتب لها أجرها كما قرر ذلك الباجي، يقول: "فلا يمنعها" لئلا يخالف النص، لا يقع في مخالفة الحديث.

عبد الله بن الزبير احتال على خروجها؛ لأنه تزوجها بعد ذلك، تزوجها عبد الله بن الزبير، احتال لمنعها ولم يمنعها.....، وقف في طريقها بحيث لا تراه، وهي ذاهبة إلى صلاة العشاء، فلما مرت ضربها من الخلف واختفى، لما رجعت من المسجد، قالت: خلاص لن أخرج إلى المسجد مرة ثانية، فسد الزمان وفسد أهله، والله المستعان.

يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد -الأنصاري- عن عمرة بنت عبد الرحمن -بن سعد بن زرارة الأنصارية- عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "لو أدرك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أحدث النساء لمنعهن المساجد كما منع نساء بني إسرائيل"، لو أدرك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أحدث النساء من الطيب والتجمل وقلة التستر يعني التبرج؛ لأنه فتحت الدنيا بعده -عليه الصلاة والسلام- لمنعهن المساجد، وفي رواية: المسجد، وهو المناسب لعود الضمير على مفرد كما منعه أي المسجد نساء بني إسرائيل، وإسرائيل: هو يعقوب بن إسحاق "قال يحيى بن سعيد: فقلت لعمرة" قال الحافظ: يظهر أنها تلقت الخبر عن عائشة، ويحتمل أن يكون عن غيرها، وقد ثبت ذلك من حديث عروة عن عائشة موقوفًا أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح، ولفظه: قالت: ((كنَّ نساء بني إسرائيل يتخذن أرجلًا من خشب يستشرفن للرجال في المساجد، فحرم الله عليهن المساجد، وسلطت عليهن الحيضة)) وهذا وإن كان موقوفًا فحكمه حكم الرفع؛ لأنه لا يقال بالرأي، مسألة سلطت عليهن الحيضة، وهل الحيض خاص ببني إسرائيل أو كان قبل ذلك؛ لأنه أمرٌ كتبه الله على بنات آدم؟ مسألة معروفة عند أهل العلم، لكن أصله من بدء خلق النساء، وكونه سلطت عليهن الحيضة يعني زاد، زاد عليهن الدم، ما يمنع منه، وإن كان بعضهم يضعف هذا الخبر من أجل هذه الكلمة، ما يلزم.

هناك امرأتان من بني إسرائيل -وهذا الخبر في الصحيح عند مسلم- كلاهما بغي إحداهما طويلة والأخرى قصيرة فاتخذت القصيرة أرجلًا من خشب، فدل على أن هذا الصنيع ليس من صنيع العفيفات في الأصل، وإنما هو من صنيع أهل البغاء، فينبغي أن يحرص على مثل هذا أن يجتنبه النساء، وقد شاع بين نساء الأخيار والخيرات، على كل حال هذا أصله ومنشأه، والله المستعان.

تمسك بعضهم بقول عائشة: "لو رأى" في منع النساء مطلقًا، لكن هل الحديث يقتضي المنع أو يقتضي السماح؟ هل هو دليل على من قال بالمنع أو دليل على قول من قال بعدم المنع؟ نعم دليلٌ على قول من قال بعدم المنع؛ لأن مفاده أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يمنع، والعبرة والحجة في منعه -عليه الصلاة والسلام-، نعم إذا وجد ما يقتضي المنع مثل ما أسلفنا يكون المنع لا لذات الخروج وإنما لما يحتف به، فتمسك بعضهم بقول عائشة: "لو رأى" في منع النساء مطلقًا فيه نظر، إذ لا يترتب على ذلك تغيير حكم، يعني بعض تصرفات بعض الأفراد لا يقتضي تغيير حكم شرعي ثابت يعني كغيره من القضايا، هناك أحكام شرعية ثابتة قد يتصرف بعضهم من خلال هذه الأحكام تصرفات غير مرضية ما يمنع الحكم أنه يمنع هذا التصرف الخاص، يعني كما يحتف بزواج المسيار، وزواج بنية الطلاق، أو مثلًا مسألة التورق، أو المسائل التي يكثر فيها التصرفات التي هي غير مرضية، فلا يمنع أصل الحكم تمنع مثل هذه التصرفات، بل ظاهر الحديث يدل على عدم المنع؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- علم ما سيحدثه النساء، فما أوحى إلى نبيه -عليه الصلاة والسلام- بمنعهن، ولو كان ما أحدثن يستلزم المنع من المساجد لكان منعن من غيرها كالأسواق أولى.

المقصود أن من يلاحظ عليها ارتكاب مخالفة في منعها تمنع من أجل المخالفة لا لذات الذهاب إلى المسجد والصلاة فيه وشهود الجماعة.

سم...

"