فقه الإمام البخاري في الحج (04)

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً وسهلاً بكم مستمعينا الكرام إلى هذا اللقاء مع فضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير وفقه الله في هذا البرنامج حول فقه الإمام البخاري في الحج أرحب بفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم فمرحبًا بكم شيخ عبد الكريم وأهلاً وسهلاً بكم.

حياكم الله وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

أيها الإخوة المستمعون الكرام كان الحديث في الحلقة الماضية حول اجتهاد الإمام البخاري في شروط الحج وما تميز به أو انفرد به رحمة الله تعالى عليه وفي هذا اللقاء سيكون الحديث حول إهلال أهل مكة بالعمرة فضيلة الشيخ فهل تطلعونا على ما ورد أو ما ثبت عن الإمام البخاري في كتابه رحمة الله تعالى عليه.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ذكر الإمام البخاري رحمه الله ترجمة في باب مهل.. باب مهل أهل مكة للحج والعمرة مهل أهل مكة للحج والعمرة فالترجمة تدل على أنه أنه المهل واحد بالنسبة لأهل مكة سواء في العمرة أو في الحج أورد في الباب بإسناده حديث ابن عباس في المواقيت وفيه «ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة» حتى أهل مكة من مكة ومراده من ذلك أن المكي لا يحتاج إلى الخروج إلى الميقات للإحرام منه بل يحرم من مكة كالآفاقي الذي بين الميقات وبين مكة فإنه يحرم من مكانه ولا يحتاج إلى الرجوع إلى الميقات ليحرم منه يعني كأهل جدة مثلا يحرمون من جدة سواء أرادوا الحج أو أرادوا العمرة ومن دون جدة يحرمون من مكانهم.

إذا كانوا مقيمين في ذلك المكان.

نعم من كان دون ذلك فمن حيث أنشأ هذا بعمومه «حتى أهل مكة من مكة» بعمومه يشمل الحج والعمرة وهذا منزع الإمام البخاري في الترجمة وهذا عند الجمهور محمول على الحاج يعني الذي استدل البخاري بعمومه خصه خصه الجمهور بالحاج دون المعتمر فهو من العام المخصوص من العام المخصوص المعتمر عند الجمهور يجب عليه أن يخرج إلى أدنى الحل لماذا يعللون يقولون ليجمع في إحرامه بين الحل والحرم يقول المحب الطبري: لا أعلم أحدًا جعل مكة ميقاتًا للعمرة، وكأنه خفيت الإمام البخاري بهذا أو أنه مر عليها كما مر عليها غيره من أن تلتفت النظرة لا أعلم أحدًا جعل مكة ميقاتًا للعمرة وإلا فكيف ينفي أحدًا لا أعلم أحدًا والإمام البخاري من أئمة المسلمين فقد يغفل الإنسان عن فقه الإمام البخاري انسياق وراء الأئمة المتبوعين مثلاً كما قال كما قال النووي رحمه الله لا أعلم أحدًا قال بوجوب عيادة المريض والإمام البخاري ترجم بالحرف باب وجوب عيادة المريض على كل حال الجمهور على أن المعتمر يجب عليه أن يخرج إلى أدنى الحل ليجمع في إحرامه بين الحل والحرم ظاهر الترجمة أن البخاري رحمه الله تعالى يرى أن المكي حكمه كذلك حتى في العمرة يعني في العمرة والحج استدلالاً بعموم الحديث لقوله في الترجمة باب مهل مكة للحج والعمرة واستناده في ذلك إلى عموم الحديث الصنعاني في سبل السلام يوافق البخاري رحمه الله يقول واعلم أن قوله حتى أهل مكة من مكة يدل على أن ميقات عمرة أهل مكة.

من مكة.

نعم من مكة كحجهم وكذلك القارن منهم ميقاته مكة القارن ميقاته مكة ولكن قال المحب الطبري إنه لا يعلم أحدًا جعل مكة ميقاتًا للعمرة يقول الصنعاني وجوابه أنه صلى الله عليه وسلم جعلها ميقاتًا لها يعني استدلالاً بعموم الحديث الصنعاني يستدل بعموم الحديث كصنيع الإمام البخاري وجوابه أنه صلى الله عليه وسلم جعلها ميقاتًا لها بهذا الحديث وأما ما روي عن ابن عباس أنه قال يا أهل مكة من أراد منكم العمرة فليجعل بينه وبينها بطن محسِّر وقال أيضًا من أراد من أهل مكة أن يعتمر خرج إلى التنعيم ويجاوز الحرم يقول هذه آثار موقوفة لا تقاوم المرفوع هذه من وجهة نظر الصنعاني وأما ما ثبت من أمره صلى الله عليه وسلم لعائشة بالخروج إلى التنعيم لتحرم بعمرة فلم يكن ذلك إلا تطييبًا لقلبها بدخولها مكة معتمرة كصواحباتها.

هذا من تخريج الصنعاني.

لأنه قد يورد على الإمام البخاري كون النبي عليه الصلاة والسلام أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر أخته من التنعيم الصنعاني أجاب وأما ما ثبت من أمره صلى الله عليه وسلم لعائشة بالخروج من التنعيم لتحرم بعمرة فلم يرد بذلك إلا تطييب قلبها بدخولها مكة معتمرة كصواحباتها لأنها أحرمت بالعمرة معه ثم حاضت فدخلت مكة ولم تطف بالبيت كما طفن كما يدل له قولها قلت يا رسول الله يصدر الناس بنسكين وأصدر بنسك واحد؟! قال «انتظري فاخرجي إلى التنعيم فأهلي منه» الحديث فإنه يحتمل أنها إنما أرادت أن تشابه الداخلين من الحل إلى مكة بالعمرة ولا يدل أنها لا تصح العمرة إلا من الحل لمن صار في مكة ومع الاحتمال يعني حديث عائشة مع هذا الاحتمال لا يقاوم حديث الكتاب حديث «حتى أهل مكة من مكة» أقول كذا قال الصنعاني وعندي أنه من أقوى الأدلة للجمهور الأمر بخروج عائشة إلى التنعيم من أقوى أدلة الجمهور لماذا؟ لأنه لا يمكن أن يحبسها النبي عليه الصلاة والسلام صحابته انتظارًا لعائشة هو جبر خاطرها بأن تأتي بعمرة مفردة وقد اعتمرت مع حجها لأنها أدخلت الحج على العمرة فصارت قارنة ثم جبر خاطرها بعمرة مفردة لكن يحبس الناس من أجل أن تذهب إلى التنعيم ثم تطوف ثم تسعى بغير واجب إلا أن الخروج إلى أدنى الحل بالنسبة للجهة الذي هم فيه التنعيم لا يمكن أن يحبس الناس من أجل شيء ليس بواجب ومجرد تطييب قلب نعم هو طيب قلبها بإفراد العمرة أما أن يطيب قلبها بالخروج مما ليس من أصل النسك هذا لا يمكن أن يقال به أقول عندي هذا من أقوى أدلة الجمهور لأنه لا يمكن أن يحبس النبي عليه الصلاة والسلام صحابته انتظارًا لعائشة مع كونه يجزئها أن تحرم من مكانها ويكفي في جبر خاطرها وتطييبه أن تأتي بعمرة مفردة كصواحباتها ولما حبس النبي عليه الصلاة والسلام نفسه وصحابته عُلم أن ذلك أمر لا بد منه إذا عرف هذا النبي عليه الصلاة والسلام قال أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمرها من التنعيم فهل يتعين الإحرام من التنعيم؟ يعني هل هل ميقات عمرة المكي التنعيم؟ أو يكفي غيره من جهات الحل يقول ابن حجر: روى الفاكهي وغيره من طريق محمد بن سيرين قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل مكة التنعيم.

فكأنه لا بديل له.

نعم ميقات من المواقيت كمواقيت الحج مثل ذو الحليفة وغيره وذكره بعضهم في رسم بياني للمواقيت وذكر منها التنعيم من المعاصرين في الرسائل التي يتداولها الحجاج وتوزع عليهم لكن هل هو ميقات بالفعل مثل قرن المنازل ومثل الجحفة ومثل ذي الحليفة وهو خاص بأهل مكة؟ يقول روى الفاكهي وغيره من طريق محمد بن سيرين قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل مكة التنعيم ومن طريق عطاء قال من أراد العمرة ممن هو من أهل مكة أو غيرها فليخرج إلى التنعيم أو الجعرانة فليحرم منها وأفضل ذلك أن يأتي وقتًا أي ميقاتًا من مواقيت الحج يعني أفضل من أن يحرم من أدنى الحل أن يذهب إلى أقرب المواقيت إلى ميقات من المواقيت التي حددت للحجاج.

يعني أدنى الحل يا شيخ؟

لا كلام عطاء؟

نعم.

يقول أفضل ذلك أن يأتي وقتًا أي ميقاتًا من مواقيت الحج التي هي المحددة ذو الحليفة وإلا رجع إلى السيل اللي هو قرن المنازل أو إلى الجحفة أو يلملم والأكثر على أن ميقات العمرة الحل وإنما أمر النبي عليه الصلاة والسلام عائشة بالإحرام من التنعيم لأنه لأنه كان أقرب إلى الحل أقرب الحل من مكة يعني من الجهة التي هم نازلون فيها فعرف بهذا أن ميقات أهل مكة للعمرة الحل وأن التنعيم وغيره في ذلك سواء قد يقول قائل لماذا فرقنا بين الحاج والمعتمر؟ المعتمر أخرج من الحديث بحديث عائشة الحاج سوف يجمع في تعليل أهل العلم أنه لا بد في النسك لأجل أن يجمع بين الحل والحرم الحج سوف يخرج إلى عرفة وعرفة من الحل وحينئذٍ يكون بذلك قد جمع بين الحل والحرم.

 

أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ ونفع بما قلتم أيها الإخوة المستمعون الكرام بهذا نصل إلى ختام هذه الحلقة نسأل الله تبارك وتعالى أن يجزي فضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير خيرا شكرًا لكم أنتم مستمعينا الكرام نلقاكم بإذن الله تعالى وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.