شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح - كتاب الصوم (عام 1426 هـ) - 14

 

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم إلى حلقةٍ جديدة ضمن برنامجكم شرح كتاب الصوم من كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.

في بداية هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير فأهلًا ومرحبًا بكم فضيلة الدكتور.   

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: لازلنا في حديث أبي هريرة– رضي الله عنه–  في باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيءٌ فتُصدِّق عليه فليُكفِّر، وتوقفنا عند الحديث عن قوله: «هل تجد رقبة تعتقها؟»، وأنهينا يبدو الكلام عنها.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

في الكلام على الجملة الأولى أو الخصلة الأولى من خصال الكفارة وهي عتق الرقبة، ذكرنا: أن من أهل العلم من استدل بالإطلاق على أنه يجوز إعتاق الرقبة الكافرة والمعيبة، وأنه قال بجواز عتق الرقبة الكافرة أبو حنيفة– رحمه الله–، وبالمعيبة داود، والرقبة لا شك أنها مطلقة في الحديث، وجاء إطلاقها أيضًا في كفارة الظهار، وفي كفارة اليمين، وجاء التقييد في كفارة القتل.

مع اتحاد الحكم في وجوب الإعتاق يُحمل المطلق على المقيد في هذه الصورة عند جمهور أهل العلم، وأما بالنسبة للمعيبة: فمن قال بجواز إعتاقها، قال: إنها رقبة تثبت لها أحكام السليمة من الدية والكفارة، لكن هل فيها دية؟ إنما فيها القيمة، لكن لو نظرنا إلى الحر، شابٌّ في الثلاثين من عمره هل يختلف عن شيخ في التسعين من عمره، مقعد، أو طفل صغير زمِن؟

الدية والكفارة ثابتة للجميع، فلعل هذه وجهة نظر من يقول بجواز إجزاء المعيبة، لكن الجمهور على أن المعيبة لا تجزئ؛ لأن مَن أعتق المعيبة، ومِن لازم العيب قلة الثمن وقلة القيمة، قد تكون بُعشر القيمة؛ لأن أهلها ومواليها يريدون أن يتخلصوا منها؛ لأنها لا تنفعهم في الخدمة، بل هي عالةٌ عليهم فيبيعونها برخص، وهذا كمن أعتق الجزء فلا يُجزئ عند الجمهور، وأما بالنسبة للصغر والكبر، والسن غير معتبر عند الجمهور، فتُجزئ الصغيرة والكبيرة.

بالنسبة للعتق: هل يستوي في ذلك الذكر والأنثى؟

المقدم: رقبة ذكر، ورقبة أنثى.

تطلق على هذا وهذا، كلاهما رقبة، مع أن الرقبة في العتق تبررًا، رجاءً للثواب: المرأة على النصف من الرجل؛ لأن من أعتق رقبة وهو ذكر كانت فكاكه من النار، ومن أعتق امرأتين كانتا فكاكه من النار، فالمرأة على النصف من الرجل في هذا الباب، فهل يستوي في الكفارة إعتاق رقبة رجل أو امرأة؟ النص إطلاقه يدل على إجزاء الأنثى في مثل هذا، أليس كذلك؟

المقدم: هذا ما يُفهم.

ليس هناك ما يدل على أنها أنثى أو ذكر، والنظر في كثرة الثواب إلى نفاستها عند أهلها وغنائها، يعني: ارتفاع قيمتها من جهة، ولانتفاعها ونفعها للآخرين إذا عتُقت، فلا يستوي من يُعتق رقبة يُؤمَّل منها أنها إذا عتُقت أن تنفع الأمة بعلمٍ أو جهادٍ أو غير ذلك، ولا يستوي من أعتق رقبةً لا يُرجى منها مثل هذا، وهذا ظاهر.

قوله بعد ذلك: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟». قال: لا. وفي رواية: «فصم شهرين متتابعين». وفي رواية قال: لا أقدر. وفي رواية: وهل لقيت ما لقيت إلا من الصيام؟.

قال ابن دقيق العيد في شرح العمدة: اقتضى ذلك عدم استطاعته بسبب شدة الشبق، وعدم الصبر عن الوقاع، فنشأ لأصحاب الشافعي نظرٌ في أن هذا هل يكون عذرًا مرخصًا في الانتقال إلى الإطعام في حق مَن هو كذلك– أعني: شديد الشبق– قال بذلك بعضهم.

يعني: من تعذر بأن شهوته قوية، وقال: لا يستطيع أن يصوم، هل يُقبل عذره أو لا يُقبل؟ في سائر الكفارات هل يُعذر أو لا يُعذر؟ يقول ابن دقيق العيد: اقتضى ذلك عدم استطاعته بسبب شدة الشبق، وعدم الصبر عن الوقاع، فنشأ لأصحاب الشافعي نظرٌ في أن هذا هل يكون عذرًا مرخصًا في الانتقال إلى الإطعام في حق مَن هو كذلك– أعني: شديد الشبق– قال بذلك بعضهم.

يقول النووي في المنهاج وهو من متون الشافعية المشهورة، وعليه شروح كثيرة مثل مُغني المحتاج، ونهاية المحتاج، وتحفة المحتاج، والنجم الوهاج، والسراج الوهاج، كتب كثيرة على هذا المتن وهو متن صغير للشافعية في فقههم مطروق عندهم ومعروف، يقول النووي في المنهاج: والأصح أن العدول عن الصوم إلى الإطعام؛ لشدة العلة وهي الحاجة إلى النكاح؛ لأن حرارة الصوم مع شدة العلة قد تُفضيان به إلى الوقاع ولو في يومٍ واحد من الشهرين وذلك حرج.

يرِد على هذا الحج مثلًا إذا كان لا يستطيع، نقول: لا يحج؟ يسقط عنه الحج أو يُنيب من يحج عنه؟ وهل يؤاخذ إذا واقع زوجته في الحج أو لا يؤاخذ؟ يؤاخذ بلا شك، نعم يفرق بينهما في القضاء؛ لئلا يقع منه ما وقع في الحجة الأولى؛ لأن طرد مثل هذا الكلام أولًا: أنه أمر لا ينضبط، فكلٌّ يدعي، وكلٌ يأنس منه ولاسيما الشباب ومن لديهم القوة على مثل هذا الأمر قد.

المقدم: يدعي هذا.

نعم، قد يتعذرون بمثل هذا في صيام رمضان، يقول: أنا لا أستطيع، أعدل عن الصيام إلى الإطعام؛ لأنه شديد الشبق. فلو عُذر مثل هذا العذر في الأبواب الأخرى، لكن هل دلالة الحديث ظاهرة على عذره وانتقاله إلى الإطعام؟ يعني: هل الحديث يدل دلالةً ظاهرة على أنه عُذِر بسبب شدة الشبق؛ لأنه لا يصبر على النساء أو أنه لا يستطيع الصيام لضعفٍ في بدنه أو لأمرٍ آخر يمنعه من الصيام مع شدة الشبق؟ يعني: هل يكفي وهل يستقل شدة الشبق في عذره؟ يكفي أو ما يكفي؟

أنا أقول: لو طُرد مثل هذا العذر لتذرع به كثير من المسلمين؛ لأن هذا أمر لا ينضبط، لكن قد يقال: إنه يُعذر في غير الصيام الواجب أصالةً، يعني: مثل رمضان، وغير الحج الواجب أصالةً؛ لأن أمر الكفارة أسهل من أمر شهر رمضان.

يعني: غاية ما هناك في شهر رمضان ركن من أركان الإسلام، إذا كان لا يستطيع، يُفرَّق بينه وبين زوجته كما قال أهل العلم في التفريق بينه وبين زوجته في حج القضاء، أما أن يُتخذ عذرًا كما قال النووي بإطلاق فهذا لا يتجه.

المقدم: فتح باب.

نعم فتح باب.

يقول: والقول الثاني: لا؛ لأنه قادر فلم يجز له العدول عنه كصيام رمضان.

ولو فُتح هذا الباب، قلنا أيضًا: الذي لا يستطيع الصبر عن الأكل، بعض الناس ما يملك نفسه عن الأكل، هل نقول: يُعذر أو لا يُعذر؟ لا يُعذر؛ لأن المسألة في شهر رمضان، وهو ركن من أركان الإسلام.

وقد يكون عدم استطاعته في الحديث بالنسبة لشدة شبقه مع ضميمةٍ أخرى من علةٍ في بدنه، وقوله: لأن حرارة الصوم مع شدة العلة قد تُفضيان به إلى الوقاع ولو في يومٍ واحد من الشهرين، وذلك حرج.

نقول: الصيام الأصل فيه أنه يُضعف.

المقدم: كيف حرارة...؟

لكن في الواقع يعني: كثير من الناس يشكو أنه يُسلط في نهار رمضان.

نقول: وسبب ذلك ليس شدة الشهوة، وإنما سببه المنع مما كان مباحًا له، لما مُنع زادت الرغبة، وإلا فالأصل أن الصيام يُضعف الشهوة، «ومَن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء».

يقول: والقول الثاني: لا؛ لأنه قادرٌ فلم يجز له العدول عنه كصيام رمضان.

لأن الذي لا يتضرر بدنه بالصيام بحيث يقرر الأطباء أنه يطيق الصيام، هذا يلزمه الصيام، والذي يتضرر بالصوم: إما بزيادة في مرضه، أو بتأخر برئه، ويقرر الأطباء ذلك، الأطباء الثقات جاء فيه النص {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184]، والشرع -لله الحمد- ليس فيه تكليف بما يشق مشقةً لا تحتملها الأبدان.

قال ابن حجر: والصحيح عندهم– يعني: الشافعية– اعتبار ذلك، ويلتحق به من يجد رقبةً لا غنى له عنها، فإنه يسوغ له الانتقال إلى الصوم مع وجودها؛ لكونه في حكم غير الواجد.

ونقول: هذا أيضًا في سعة. نعم الذي لا يستطيع خدمة نفسه إلا بخادم، مثل هذا لا غنى له، وهو وإن كان واجدًا إلا أنه في حكم غير الواجد، لكن كثيرًا من الناس يدعي أنه لا يستطيع.

هناك أمور كانت كماليات، ثم مع الوقت صارت حاجيات، ثم مع اعتماد الناس لها ونظر بعضهم إلى بعض صارت في حكم الضروريات، فمتى كانت الخادمة ضرورة؟ الآن يعتبرها كثير من الناس ضرورة، حتى أُناس لا حاجة لهم بها، لو نظرت إليها بعين التدقيق والاعتبار.

يعني: تُشترط الخادمة مع العقد، هل هذه المرأة بحاجة إلى خادمة لاسيما إذا كانت من أوساط الناس؟ ليست بحاجة، تخدم نفسها. وقد يزيد الأمر فإذا بدأ الحمل طلبوا خادمة ثانية، إذا وُضع الحمل جاؤوا بمربية، ثم بعد ذلك طباخة، ثم يأتون بخياطة، ومع ذلك لا يستغنون عنها.

فافترض أن بيتًا فيه مثل هؤلاء وكلهم أرقاء، وجب عليهم عتق رقبة، يقال هؤلاء.. هذه حاجة؟ يعني: التوسع، التوسع قابلة للتوسع، وهو في أول الأمر كمالي.

يعني: نظير ما كان يُفتى به في السابق أن المكيف مثلًا المبرد والثلاجة كماليات لا تؤخذ من أجلها الزكاة، ثم بعد ذلك أصبحت من الحوائج الأصلية الضرورية فتؤخذ الزكاة من أجلها إلى أن جاء الوقت الذي تُدفع فيه الزكاة لفواتير التلفون وغيرها، بل الأمور الكمالية مثل الجوال وغيره، تجد بعض الناس عنده الجوال وزوجته عندها جوال وأبناؤه وبناته عندهم جوال ويأخذ الزكاة.

أقول: مثل هذا التوسع غير مرضي، لا يجوز مثل هذا التوسع والتساهل؛ ولذا يقول: والصحيح عندهم اعتبار ذلك، ويلتحق به من يجد رقبةً لا غنى له عنها. الكثير من الناس يقول: لا أستطيع أن أستغني عن الشغال، عن الخدامة، ما الداعي لذلك؟ المرأة قارة في بيتها وليست عاملة، يعني عذرها أنها تنام إلى منتصف النهار، هل هذا عذر؟! وليست بها علة ولا تحتاج، وبيت من أوساط الناس يعني: ما يقال من علية القوم الأصل فيهم أنهم يُخدمون، فهل نقول: هذه حاجة يعدل إلى الصيام مع وجود هذا الخادم؟ هذا أيضًا ينبني عليه شيء من التساهل ولا ينضبط، اللهم إلا إذا كانت الحاجة ضرورة يعني: إن كان الشخص لا يستطيع خدمة نفسه، أو امرأة لا تستطيع الخدمة يؤتى لها بمن يخدمها.

ويلتحق به من يجد رقبةً لا غنى له عنها، فإنه يسوغ له الانتقال إلى الصوم مع وجودها، لكنه في حكم غير الواجد.

يعني: نظير مَن عنده ماء يكفيه للوضوء أو للغُسل إلا أنه عاجز عن استعمال الماء؛ يزيد في مرضه، يؤخر في برئه، هذا حكمه حكم العادم غير الواجد، وحينئذٍ يتيمم.

وأما ما رواه الدارقطني من طريق شريكٍ عن إبراهيم بن عامر، عن سعيد بن المسيب في هذه القصة مرسلًا أنه قال في جواب قوله: «هل تستطيع أن تصوم؟». قال: إني لأدع الطعام ساعةً فما أطيق ذلك. هذا الخبر في إسناده مقال، وعلى تقدير صحته فلعله اعتل بالأمرين: لا يستطيع الصبر عن الجماع، ولا يستطيع الصبر عن الطعام، ولعل هناك عللًا أخرى؛ ولذا لا تستقل العلة الأولى بالحكم، ولا تستقل العلة الثانية بالحكم.

فلو تذرع شخص أنه لا يستطيع لشدة شبقه، يقال له: اعتزل امرأتك في هذا الوقت، وإذا كان لا يطيق ترك الطعام؛ كان يضر بصحته ويؤدي به إلى الهلاك، هذا غير مستطيع نعم، لكن إذا كان يستطيع لكنه منهوم، بعض الناس نهمة لا يستطيع، لكنه لو كان في مكان ما فيه طعام ما تضرر، فمثل هذا مستطيع.

وقال العيني: التتابع في صوم الشهرين شرطٌ بالنص، صيام شهرين متتابعين جاء في الكفارات كلها إلا في كفارة اليمين.

المقدم: على القراءة؟

على القراءة المعروفة، على القراءات كلها، اللهم إلا قراءة ابن مسعود في المتتابعات وهذه محمولةٌ على أنها قراءة تفسيرية، حكمها حكم التفسير.

فعندنا هنا مقيدة بالتتابع، في كفارة القتل: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء:92]، وفي كفارة الظهار: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [المجادلة:4]، وفي كفارة اليمين مطلقة، وعندنا.

المقدم: حمل المطلق.

يمكن حمل المطلق على المقيد؟

المقدم: هنا؟

نعم.

المقدم: اشتركا يا شيخ في، نحن قلنا أربع أشياء: إذا اشتركا في السبب والحكم، واشتركا في...

إذا اشتركا في الحكم والسبب انتهى الإشكال.         

المقدم: وهنا اشتركا في السبب.

لا، السبب لا.

المقدم: في الحكم.

الحكم كله وجوب الصيام، لكن مثل هذا يمكن أن يستعمل فيه قياس الشبه.

الذي لا يجد ما يذبح في حج التمتع والقران يصوم عشرة أيام: ثلاثة أيام في الحج، وسبعًا إذا رجع، فهذا فيه التفريق، وفي الكفارات كلها الأمر بالتتابع، فهل يقال يفرق بينها بناءً على أنه جاء التفريق في صيام من لم يجد النُّسك، أو يقال: بالتتابع طردًا للكفارات، أو يقال: تبقى على التخيير إن شاء تابع بينها وإن شاء لم يتابع؟

هذا يمكن أن يُبنى على خلافٍ في مسألة القراءة إذا صحَّ سندها ولم تتواتر، هل نقول: إنها تعامل معاملة الحديث، أو نقول: مادامت لم تثبت بها القراءة لم يثبت بها الحكم؟ وهذه مسألة معروفة عند أهل العلم، الخلاف فيها معروف.

القراءة الصحيحة التي صحَّ سندها مثل هذه في صيام ثلاثة أيام متتابعات، صح سندها، فهل نقول: إن هذه القراءة التي صح سندها يعني: يرويها ابن عباس عن النبي– عليه الصلاة والسلام– فهل نقول: إنها تفسير وحكمها حينئذٍ حكم الحديث المرفوع؟ كأن النبي– عليه الصلاة والسلام– حكم بأن الأيام الثلاثة متتابعة، حكمها حكم الحديث المرفوع ولو لم تجز القراءة بها، ولو لم تثبت قرآنًا فأقل أحوالها أن تكون مثل الحديث ، هذا قول.

ومنهم من يقول: كيف نُثبت وننفي في آنٍ واحد، كيف تثبت وتنفي؟ ننفي كونها قرآنًا، ونُثبت كونها ملزمة بحكم شرعي، فإما أن نطرد فنُثبت الجميع، أو ننفي فننفي الجميع.

ظاهر الكلام أم ليس بظاهر؟

المقدم: نعم.

ولا شك أن التتابع في صيام كفارة اليمين أولى وأحوط.

قال العيني: التتابع في صوم الشهرين شرطٌ بالنص بشرط ألا يكون فيهما رمضان وأيامٌ منهية وهي يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق، وهو قول كافة العلماء إلا ابن أبي ليلى، فإنه قال: لا يجب التتابع، والحديث حجةٌ عليه.

التتابع هنا: صيام شهرين متتابعين، أولًا: يراد بالشهرين الشهران القمريان، فإن صام من أول شهر، من يوم واحد من الشهر، يكون شهره هذا الشهر سواء كمُل أو نقص.

المقدم: وإن صام في المنتصف؟

يلزمه ستين يومًا، يلزمه أن يصوم ستين يومًا.

إذا تخلل ذلك ما يُعذر فيه بالفطر في رمضان.

المقدم: سفر، مرض.

سفر، مرض، أو كانت من الأيام المنهي عن صيامها.

المقدم: هل يعتبر هذا قطع للتابع؟

لا يقطع التتابع، لكن شريطة ألا.

المقدم: أن يتعمد السفر.

نعم، أن يتعمد السفر مثلًا من أجل أن يفطر لا، هذا يُعامل بنقيض قصده، كما أنه لا يجوز له أن يسافر في رمضان من أجل أن يفطر، لا يجوز له أن يسافر في هذه الكفارة من أجل أن يفطر. وتستطيع أن تقوى وتقدر، والتتابع التوالي.

قوله: «فهل تجد إطعام ستين مسكينًا؟». قال: لا.

المقدم: نترك القضية إذا سمحتم ما يتعلق بالإطعام في الحلقة القادمة إن شاء الله؟

نعم، لا بأس.

المقدم: أحسن الله إليكم ونفع بعلمكم، أيها الإخوة والأخوات بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة من شرح كتاب الصوم في كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.

نستكمل بإذن الله تعالى ما تبقى من ألفاظ هذا الحديث في حلقةٍ قادمة، وأنتم على خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.