مقدمة إرشاد الساري (03)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبدنا ورسولنا محمد.

قال المؤلف –رحمه الله- : "وأما الموقوفات فإنه يجب فيها فيما صح عنده ولو لم يكن على شرطه ولا يجزم بما كان في إسناده ضعف أو انقطاع".

 لأن الاحتياط للموقوفات أخف من الاحتياط للمرفوعات، فيجزم بالشيء ولو لم يكن على شرطه.

الطالب: "ولا يجزم بما كان في إسناده ضعف أو انقطاع إلا حيث ما يكون بالجبرة، إما بالمجيء من وجه آخر، وإما بشهرته عمن قاله، وإنما يورد ما يورد من الموقوفات من رواة الصحابة –رضي الله عنهم- والتابعين وكتفاسيرهم لكثير من الآيات على طريق الاستئناس والتقوية لما يختاره من المذاهب في المسائل التي فيها الخلاف بين الأئمة، فحينئذ ينبغي أن يقال: جميع ما يورده فيه إما أن يكون مما ترجم به أو مما ترجم له، فالمقصود في هذا..."

 إن كان في العنوان فهو ترجم به، وإن كان بعد العنوان فهو ترجم له.

الطالب: "فالمقصود في هذا التأليف بالذات الأحاديث الصحيحة، وهي التي ترجم لها، والمذكور بالعرض والتبع الآثار الموقوفة والآثار المعلقة والآيات المكررة، فجميع ذلك مترجم به، إلا أنه إذا اعتبر بعضها مع بعض، واعتبرت أيضًا بالنسبة إلى الحديث يكون بعضها مع بعض منها مفسِّر ومفسَّر، ويكون بعضها كالمترجم له باعتبار، ولكن المقصود بالذات هو الأصل فقد ظهر أن موضوعه إنما هو للمسندات".

 نعم الأحاديث الأصول المسندة المرفوعة.

الطالب: "والمعلق ليس بمسند، ولذا لم يتعرض الدار قطني فيما تتبعه على الصحيحين إلى الأحاديث المعلقات؛ لعلمه أنها ليست من موضوع الكتاب، وإنما ذكرت استئناسًا واستشهادًا. انتهى من مقدمة فتح الباري بحروفه، وبالله تعالى التوفيق، والمستعان، وأما عدد أحاديث الجامع فقال ابن صلاح سبعة آلاف ومئتان وخمسة وسبعون بتأخير الموحدة عن السين، فيهما بالأحاديث المتوصلة".

في الألوف سبعة آلاف، والسبعون أيضًا بتقديم السين على الباء.

الطالب: "وتبعه النووي، وذكرها مفصلة، وساقها لها وتبعها من كتاب جواب المتعنت لأبي الفضل بن ظاهر، وتعقب ذلك الحافظ أبو الفضل ابن حجر –رحمه الله تعالى- بابًا بابًا محررًا ذلك، وحاصله أنه قال: جميع أحاديثه بالمكرر سوى المعلقات والمتابعات على ما حررته وأتقنته سبعة ألاف الموحدة بعد السين، وثلاث مئة وسبعة وتسعون حديثًا، فقد زاد على ما ذكروه".

طالب: بدون المعلقات هذا، أحسن الله إليك؟

 نعم بدون المعلقات.

طالب: المعلقات ألف وثلاث مئة وواحد وأربعون؟

 نعم.

الطالب: "فقد زاد على ما ذكروه مئة حديث واثنين وعشرين حديثًا، والخالص من ذلك بلا تكرار ألفا حديث وست مئة وحديثان".

 بدلًا من أربعة آلاف، إذا قلنا ألف حديث دون المكرر أربعة آلاف، والتحرير أنها الثاني.

طالب: وستة مئة.

 ألفان وستة مئة حديث.

طالب: لماذل أربع آلاف خطأ يا شيخ؟

 خطأ نعم.

الطالب: "وإذا ضم له المتون المعلقة مطبوعة التي لم يوصلها في موضع آخر..."

 مئة وتسع وخمس أو مئة وستون.

طالب: هذه فقط غير الموصولة.

 نعم.

الطالب: " وهي مئة وتسع وخمس صار مجموع الخالص ألفي حديث وسبع مئة وإحدى وستين حديثًا، وجملة ما فيه من التعليق ألف وثلاث مئة وأحد وأربعون حديثًا، وأكثرها مكرر مخرج في الكتاب أصول متونه، وليس فيه من المتون التي لم تخرج في الكتاب، ولو من طريق أخرى إلا مئة وستون حديثًا".

 مئة وتسع وخمسين أو مئة وستين.

طالب: الشيخ أوصلها جميعًا.

 على التردد.

طالب: ابن حجر بالتغليق.

 نعم.

الطالب: "وجملة ما فيه من المتابعة والتنبيه على خلاف الروايات ثلاث مئة وأربعة وأربعون حديثًا، فجملة ما في الكتاب على هذا المكرر تسعة آلاف واثنان وثمانون حديثًا خارجًا عن الموقوفات على الصحابة والمقطوعات عن التابعين ومن بعدهم، وأما عدد كتبه فقال في الكواكب.."

طالب: يا شيخ أحسن الله إليك، ما دام المعلقات التسع مئة وخمسين موصولة، وصلها ابن حجر في التغليق ما الحجة أن نقول: إذا جاءت بصيغة التمريض أو بصيغة الجزم؟ خلاص هي موصولة صحيحة، ما الضابط؟ أو لماذا نقول: إذا جاءت بصيغة الجزم فهي كذا، وإذا جاءت بصيغة التمريض فتحتمل الحسن والصحيح؟

 نعم؛ لأن وصل ابن حجر لها لا يلزم صحتها.

طالب: لا يلزم صحتها.

 لا يلزم من وصلها صحتها، قد يصلها بأسانيد لا تثبت، وما وقف لها على أسانيد.

طالب: لكنه بنظركم أنتم في كتاب ابن حجر تغليق التعليق يا شيخ، هل فيه أسانيد فعلًا ضعيفة؟ يوصلها؟

 لابد لابد، يعني لابد أن يصل هذه الأحاديث بأي طريق كان.

طالب: فالطريق هذا يعتريه ما يعتريه.

 نعم.

طالب:...............

 الكواكب الدراري، شرح الكرماني.

طالب: ......

 اقرأ اقرأ ضاق الوقت الآن.

الطالب: "وأما عدد كتبه فقال في الكواكب: إنها مئة وشيء، وأبوابه ثلاثة آلاف وأربع مئة وخمسون بابًا مع اختلاف القليل في نسخ الأصول".

 نعم بحسب الترقيم ظهرت الكتب سبعًا وتسعين كتابًا.

الطالب: "وعدد مشايخه الذين صرح عنهم فيه مئتان وتسعة وثلاثون، وعدد من تفرد بالرواية عنه دون مسلم مئة وأربعة وثلاثون، وتفرد أيضًا بمشايخ لم تقع الرواية عنه ببقية أصحاب الكتب الخمسة إلا بالواسطة، ووقع له اثنان وعشرون حديثًا ثلاثيات الإسناد، والله سبحانه الموفّق والمعين".

 جلها عن مكي عن إبراهيم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلامة بن أكرم.

الطالب: "وأما فضيلة الجامع الصحيح.."

 مسلم ليس فيه ولا حديث ثلاثي، كذلك أبو داود والنسائي من باب أولى، الترمذي فيه حديثان، وابن ماجه كذلك.

الطالب: "فهو كما سبق أصح الكتب المؤلفة في هذا الشأن والمتلقى بالقبول من العلماء في كل أوان، قد فاق أمثاله في جميع الفنون والأقسام وخص بمزايا بين دواوين الإسلام، شهد له بالبراعة والتقدم الصناديد العظام والأفاضل الكرام، ففوائدها أكثر من أن تحصى، وأعز من أن تستقصى.

 وقد أنبأني غير واحد عن المسندة الكبيرة عائشة بنت محمد بن عبد الهادي، أن أحمد بن أبي طالب أخبرهم عن عبد الله بن عمر بن علي أن أبى الوقت أخبرهم سماعًا قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن اسماعيل الهروي شيخ الإسلام: سمعت خالد بن عبد الله المروزي يقول: سمعت أبى سهل محمد بن أحمد الهوزي يقول: سمعت أبي زيد الهوزي يقول: كنت نائمًا بين ظفري والمقام فرأيت النبي –صلى الله عليه وسلم- في المنام فقال لي: يا أبا زيد، إلى متى تدرس كتاب الشافعي وما تدرس كتابي؟ فقلت: يا رسول الل،ه وما كتابك؟ قال: جامع محمد بن إسماعيل. وقال الذهبي في تاريخ الإسلام: وأما جامع البخاري الصحيح فأجل كتب الإسلام وأفضلها بعد كتاب الله تعالى، قال: وهو أعلى في وقتنا هذا إسنادًا للناس، ومن ثلاثين سنة يطرحون بعلو سماعه، فكيف اليوم؟ فلو رحل الشخص لسماعه من أجل فرسخ لما ضاعت رحلته. انتهى.

 وهذا قاله الذهبي –رحمه الله- في سنة ثلاثة عشرة وسبع مئة، وروي من إسناد ثابت عن البخاري أنه قال: رأيت النبي –صلى الله عليه وسلم- وكأنني واقفٌ بين يديه وبيدي مروحة أزب بها عنه، فسألت بعض المعبرين فقال لي: أنت تذب عنه الكذب، فهو الذي حملني على إخراج الجامع الصحيح. وقال: ما كتبت في كتاب الصحيح حديثًا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين. وقال: خرجته من نحو ست مئة ألف حديث، وصنفته في ست عشرة سنة، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله. وقال: ما أدخلت فيه إلا صحيحًا، وما تركت من الصحيح أكثر حتى لا يطول".

 نعم خشية الطول.

الطالب: "وقال: صنفت كتاب الجامع في المسجد الحرام، وما أدخلت فيه حديثًا حتى استخرت الله تعالى، وصليت ركعتين، وتيقنت صحته. قال الحافظ ابن حجر –رحمه الله-: والجمع بين هذا وبين ما روي أنه كان يصنفه في البلاد أنه ابتدأ تصنيفه وترتيب أبوابه في المسجد الحرام، ثم كان يخرج الأحاديث في بلده وغيرها، ويدل عليه قوله إنه أقام فيه ست عشرة سنة".

 يعني ما أقام بمكة ست عشرة سنة.

الطالب: "فإنه لم يجاور مكة هذه المدةَ كلها، وقد روي ابن عدي عن جماعة من المشايخ أن البخاري حول تراجم جامعه بين قبر النبي –صلى الله عليه وسلم- ومنبره، وكان يصلي في كل ترجمة ركعتين، ولا ينافي هذا أيضًا ما تقدم بأنه يحمل على أنه في الأول كتبه في مسودة، وهنا حوله من المسودة إلى المبيضة. وقال الفربري: وقال لي محمد بن إسماعيل: ما وضعت في الصحيح حديثًا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين، وأرجو أن يبارك الله تعالى في هذه المصنفات. وقال الشيخ أبو محمد عبد الله بن أبي جمرة قال لي: ما لقيت من العارفين عمن لقيه من السادة المقر لهم بالفضل أن صحيح البخاري ما قُرئ في شدة إلا فرجت، ولا ركب في مرتبة فغرقت. قال: وكان مجاب الدعوة، وقد دعا لقارئه –رحمه الله تعالى-.

 وقال الحافظ عماد الدين بن كثير: وكتاب البخاري الصحيح يُسستقى بقراءته الغمام، وأجمع على قبوله وصحة ما فيه أهل الإسلام، وما أحسن قول البرهان القيراطي –رحمه الله- :

حَـدِّثْ وَشَـنِّـفْ بِالْحَـدِيـثِ مَـسـامِـعِـي     فَـحَـدِيثُ مَـنْ أَهْـوَى حُـلِّـيَّ مَـسَـامِـعِـي

للهِ مَـا أَحْـلَـى مُـكَـرَّرَهُ الَّـذِي     يَـحْـلُـو وَيَـعْذُبُ فِـي مَـذَاقِ السَّـامِـعِ

بِـسـمَـاعِـهِ نِـلْـتُ الَّـذِي أَمَّـتُـلْـهُ     وَبَـلَـغْـتُ كُـلَّ مَـطَـالِـبِـي وَمَطَـامـعِي

وَطَـلَعْـتُ فِـي أُفِـقِ السَّـعَـادة صَـاعِـدًا     فِـي خَـيـرِ أَوْقَـاتِ وَأَسْـعـدَ طَـالِـعِ

وَلَـقَـدْ هـدِيـتُ لِـغَـايَةِ الْقَـصْدْ الّتِـي     صَـحَّـتْ أَدِلَّـتـهِ بِـغَـيْـرِ مُـمَـانـعِ

وَسَـمِـعْتُ نَـصَّـا لِلْـحَـدِيـثِ مُعَـرِّفَـا     مِـمَّـا تَـضَـمَّـنَـهُ كِـتَـابُ الْـجَـامِـعِ

وَهُـوَ الَّـذِي يُـتْـلَي إِذَا خَـطَـبُ عَـرَا     فَـتَـرَاهُ لِلْـمَـحـذُورِ أَعْـظَـمُ دَافِـعِ

كَـمْ مِـنْ يَـدٍ بَـيْـضَـا حَـوَاهَا طُـرْسـُهُ     تُـومِـي إِلَـى طُـرِقِ الْعُـلَا بِأَصَـابـعِ

وَإِذَا بَـدَا بِاللَّـيْـلِ أَسْـود نَـقْـشَـه     يَـجْـلُـو عَـلَـيْـنَـا كُـل بَـدْرٍ سَـاطِعِ

مَـلَـكَ الْقُـلُـوبَ بِهِ حَـدِيـثٌ نَـافِـعُ     مِـمَّـا رَوَاهُ مَـالِـكٌ عَـنْ نَـافِـعِ

فِـي سَـادَة مَـا إِنْ سَـمِـعـتَ بِمِثْلِهِم     مِـنْ مَـسْـمَـعٍ عَـالِـي الـسَّـمَـاعِ وَسَامِع

وَقَـرَاءة الْـقَـارِئ لَـهُ أَلْـفَـاظَـهُ     تَغْرِيـدُهـا يـزري بِـسَـجْـعِ السَّـاجِـع

وقول آخر:

وَفَـتَـى بـخَـارَى عِـنْـدَ كُـل مُحّدَّثٍ     هُـوَ فِـي الْـحَـدِيـثِ جُـهَـيْـنَـةُ الْأَخْـبَـارِ

لِكِـتـابِـهِ الْـفَـضْـلُ الْمُـبِـيـن لِأَنَّـهُ     أَسْـفَـارُهُ فِـي الـصَّـبْـحِ كَـالْأَسْـفَـارِ

كَـمْ أَزْهَـرتْ بِـحَـديـثِ أَوْرَاقِـه     مِـثْـل الرِّيَـاضِ لِـصَـاحِـبِ الْأّذْكَـارِ

أَلـفَـاتُهُ مِـثْـل الْـغُـصُـونِ إِذَا بَـدَتْ    مِـنْ فَـوْقِـهَـا الْهَـمَـزات كَـالْأَطْـيَـارِ

بِجَـوامِـعِ الْـكَلِـم الَّـتِـي اجْتَمَعـتْ بـهِ    مُـتَـفَـرَّقـاتِ الـزَّهـرِ وَالْأَزْهَـارِ

وقول الشيخ أبي الحسن بن علي بين عبيد الله بن عمر الشقيع، بالشين المعجمة والقاف المكسورة المشددة وبعد التحتية الساكنة عين مهملة، النابلسي المتوفى بالقاهرة سنة ست عشرة وتسعمائة:
خَـتَـمَ الصَّـحـيـحَ بِحَـمْـدِ رَبِّـي وَانْتَهَى       وَأَرَى بِـي الْجَـانِـي تَـقَـهـقَـر وَانْـتَـهَـى

فَسَـقَـى الْـبُـخَـاري جود جودِ سَحائبِ      مَا غَابَتْ الشِّعـرَى وَمَا طَلَعَ السُّهُا

الْـحَـافِـظُ الثِّـقَـةُ الْإِمَـامُ الْمُـرْتَـضَـى      مـن سَـارَ فِـي طَـلَـبِ الْـحَـديثِ وَمَـا وَهِـى

طَـلَـبَ الْحَـديث بِـكـل قَـطَـرٍ شـاسِـعٍ       وَرَوَى عَـنْ الجَـمْعِ الْـغَـفِـير أُوْلِـى الـنُّـهُـى

وَرَوَاهُ خـلـقٌ عـنْـهُ وَانْـتَـفَـعُـوا بِـهِ  وَبِـفَـضْـلِـهِ اعْـتَـرَفَ الْـبَـرِيَّـةُ كـلـهَـا
بَـحْـرٌ بـجَـامـعِـهِ الصَّـحِـيـحُ جَـوَاهِـر  قَـدْ غَـاصَـهَـا فَاجْـهَـدْ وَغـصْ إِنْ رُمْـتَـهـا
وَرَوَى أَحَـادِيـث مُـعَـنْـعَـنَـة زَهـت     تَـحْـلُـو لِـسـامِـعـهَـا إِذَا كَـرَّرْتَـهَـا

وللإمام أبي الفتوح العِجلي:

صَـحِـيـحُ الْـبُـخَـاريِّ يـا ذَا الْأّدَبْ      قَـوِّيُّ الْـمُـتُـونِ عَـدِيُّ الـرُّتَـبْ
قَـوِيـمُ الـنَّـظَـامِ بَـهِـيـجُ الـرِّوَاء      خَـطِـيـرُ يَـرُوجُ كَـنَـقْـدِ الـذَّهـبْ

فَـتِـبْـيَـانُـهُ مُـوَضِـحُ الْـمُـعْـضَـلَاتِ     وَأَلْـفَـاظُـهُ نُـخْـبَـةٌ للنَّـخَـبْ

مُـفِـيـدُ الْمَـعَـانِـي شَـرِيـفُ الْـمَـعَـالِـي      رَشِـيـقٌ أَنِـيـقٌ كَـثِـيـرُ الشُّـعَـبْ

سَـمَـا عِـزَّةً فَـوقَ نَـجْـمِ الـسَّـمَـاء      فَـكُـلُّ جَـمِـيـلٍ بـهِ يُـجْـتَـلَـبْ

سَـنَـاءٌ مُـنِـيرٌ كَـضَـوءِ الـضُّـحَـا      وَمَـتْـنٌ مـزيـدٌ لِـشَـوبِ الـرَّيَـبْ

كَـأَنَّ الْبُـخَـارِيَّ فِـي جَـمْـعِـهِ      تَـلّـقَّـى مِـنَ الْمُـصْـطَـفَـى مَـا اكَـتَـتَـبْ

فَلِلَّهِ خَـاطِـرهُ إِذَا وَعَـى      وَسَـاقَ فَـرَائِدَهُ وَانْـتَـخَـبْ

جَـزَاهُ الْإِلَهُ بِـمَـا يَـرْتَـضِـي      وَبَـلـغـهُ عَـالِـيـات الـقـرَبْ

ولابن عامر الفضل بن إسماعيل الجرجاني الأديب –رحمه الله تعالى- :

صَـحِـيـحُ الْـبُـخَـارِيَّ لَـوْ أَنْصَـفُـوه       لَـمَـا خُـطَّ إلّا بِـمَـاءِ الـذَّهَـبْ

هُـوَ الْـفَـرْقُ بَـيْـنَ الْـهُـدى وَالْـعَـمَـى      هُـوَ الـسَّـدُّ دُونَ الْـعَـنَـا وَالْـعَـطَـبْ

أَسَـانِـيـدُ مِـثْـلَ نُـجُـومِ السَّـمَـاء      أَمَـامَ مُـتُـونٍ كَـمِـثْـلِ الـشُّـهَـبْ

بِـهِ قَـامَ مِـيـزَانُ دِيـنِ الـنَّـبِـيِّ      وَدَانَ لَـهُ الْـعُـجْـمُ بـعْـدَ الـعـرَبْ

حِـجَـابٌ مِـنَ الـنَّـارِ لَا شَـكّ فِـيـهِ      يُمـيِّـزُ بَـيْـنَ الـرِّضَـا وَالْـغَـضَـبْ

وَخَـيْرُ رَفِـيـقٍ إِلَـى الْـمُـصْـطَـفَـى       وَنُـورٌ مُـبِـيـنٌ لِـكَـشْـفِ الـرِّيـبْ

فَـيـا عَـالِـمًـا أَجْـمَـعَ الْعَـالِمُون         عَـلَى فَـضْـلِ رُتْـبَـتِـهِ فِـي الـرُّتَبْ

سَـبَـقَـت الْأَئِمَّة فِيـمَـا جَـمَـعْـت       وَفـزْتَ عَـلَى رَغْـمِـهِـمْ بِالْـقَصَبْ

نَـفَـيْـتَ السَّـقِـيـمَ مِـنَ الْـغَـافِـلِـيـنَ       وَمَـنْ كَـان مُـتَّـهِـمًـا بِالْـكَـذِبْ

وَأثـبَـتَّ مَـنْ عَـدَّلَـتْـهُ الـرُّوَاة       وَصـحَّـتْ رِوَايَـتـهُ فِـي الْـكُـتُـبْ

وَأَبْـرَزتَ فِي حُـسْـنَ تَـرتـيـبِـهِ       وَتَـبْـوِيـبِـهِ عَـجَـبًـا لِلْـعَـجَـبْ

فَـأَعْـطَـاكَ رَبـكَ مَـا تَـشْـتَهِـيـه      وَأَجْـزِلَ حَـظَّـكَ فِـيـمَـا يَـهِـبْ

وَخَـصَّـكَ فِـي عَـرَصـاتِ الْجِـنَـانِ      بِـخَـيـرٍ يَـدُومُ وَلَا يَـقْـتَـضِـبْ

فلله دره من تأليف، رفع علم علمه بمعارف معرفته، وتسلسل حديثه بهذا الجامع، فأكرم بمسنده العالي ورفعته انتصب لرفع بيوت اذن اله أن ترفع فيا له من تصنيف تسجد له جباه التصانيف إذا تليت آياته وتركع، هتك بأنوار مصابيحه المشرقة من المشكلات كل مظلم، واستمدت جداول العلماء من ينابيع أحاديثه التي ما شك في صحتها مسلم، فهو قطب سماء الجوامع ومطالع الأنوار اللوامع، فالله تعالى يبوئ مؤلفه في الجنان منازل مرفوعة، ويكرمه بصلات

عائدة غير مقطوعة ولا ممنوعة".