شرح الموطأ - كتاب القرآن (5)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

نكمل ما قرئ بالأمس

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وحدثني عن مالك عن زياد بن أبي زياد -ميسرة المخزومي- عن طلحة بن عبيد الله بن كريز –الخزاعي- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أفضل الدعاء)) يوم عرفة، أفضل دعاء يوم عرفة، ((أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة))، أفضل: مبتدأ، الدعاء: مضاف إليه، دعاء: خبره، يوم عرفة: مضاف إليه، ((أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة)) هذا يحتمل أن يكون الدعاء الفاضل منوط باليوم، فعلى هذا يشمل الحاج وغير الحاج.

أقول: تفضيل الدعاء في هذا اليوم يحتمل أن يكون منوطًا باليوم، فيشمل الحاج وغير الحاج، ويحتمل أن يراد به الحاج، فيكون المراد دعاءٌ في يوم عرفة، أو دعاءُ يوم عرفة، إذا أردنا أن نقول: إنه خاص بالحاج، والحديث يحتمل الأمرين، لفظه يحتمل أن يكون أفضل الدعاء الدعاء الذي يقال في يوم عرفة، سواءً كان القائل في عرفة أو في الأمصار لكنه في هذا اليوم، فإذا كان الدعاء منوطًا ومعلقًا باليوم شمل الحاج وغير الحاج، وإذا كان الدعاء منوطًا بالمكان الذي هو عرفة اقتصر فيه على الحاج.

ولا شك أن الحاج له مزية، الحاج له مزية على غيره، والله -جل وعلا- ينزل عشية عرفة ويضاهي ويباهي بالحاج، ((أتوني شعثًا غبرًا)) ثم يقول: ((أخبركم أني قد غفرت لكم)) لا شك أن الحاج له مزية، وهذا اليوم أيضًا له مزية، فصيامه يكفر سنتين، إذًا غير الحاج يناله من بركة هذا اليوم من فضله ما يكتب له، ((أفضل يوم طلعت عليه الشمس يوم عرفة)) هذا غير منظور فيه إلى الحج وإلى الحاج، إنما هذا يشمل الجميع، فينبغي أن يستغل هذا اليوم بالعبادة والذكر والدعاء؛ ولذا استحب جمع من أهل العلم التعريف بالأمصار، ما معنى التعريف بالأمصار؟ نعم، هذه الكلمة استغلها من استغلها بأن يلبس أهل الأمصار الإحرام، ويلزموا المساجد تشبهًا بمن وقف بعرفة، لكن لا شك أن هذا بدعة، لبس الإحرام لغير النسك بدعة، أما إن كان المقصود بالتعريف بالأمصار -وهو المأثور عن بعض السلف- لزوم المساجد تشبهًا بالحجاج، واغتنامًا لفضل هذا اليوم فلا بأس، هذا مأثور، مأثور عن السلف، كثير من السلف إذا صام لزم المسجد يحفظ صيامه، ولو في غير عرفة.

المقصود أن التعريف إن كان المقصود به لبس الإحرام، ولزوم المساجد هذا بدعة لغير الحاج، وإن كان المقصود به لزوم المساجد والتزام الذكر والعبادة في هذا اليوم العظيم فهذا مأثور.

((أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له))، زاد في حديث أبي هريرة: ((له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير))، ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له))، ((أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له)) يعني هل هذه من الدعاء؟ هل هي دعاء؟ أما دعاء المسألة فلا، ليست بدعاء مسألة؛ لأن دعاء المسألة الطلب، وهذه أعظم الأذكار، كلمة التوحيد التي شهد الله بها لنفسه، وأشهد عليها أفضل خلقه هي أفضل الأذكار، نعم هي داخلة في دعاء العبادة، وهو متضمن لدعاء المسألة، واستنبط منه أهل العلم أن الثناء دعاء، ولا شك إن كان المراد بالدعاء دعاء العبادة فالثناء والذكر من أفضل العبادات، إن كان المراد به دعاء مسألة، إن كان دعاء المسألة مأخوذ من لفظه فلا، وإن كان على سبيل الالتزام نعم، فدعاء العبادة مستلزم لدعاء المسألة، وجاء في الخبر: ((من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين)) والحديث فيه كلام لأهل العلم معروف.

الآن فيه ارتباط بين المعطوف والمعطوف عليه: ((أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت)) أو هذا استئناف؟ نعم، أو كلام مستأنف؟ الذي هو الذكر أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل الأذكار ما قاله هو والنبيون من قبله -عليه الصلاة والسلام-: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فتكون الواو استئنافية، نعم، يعني نظير ما جاء في: ((حبب إليّ من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة)) منهم من يقول: إن الثالثة معطوفة على الاثنتين، وأما لفظ: ثلاث فليس بثابت، ومنهم من يقول: هذا استئناف؛ لأن الصلاة ليست من أمور الدنيا.

على كل حال الحديث يدل على فضل كلمة التوحيد، وأنها أفضل الأذكار على الإطلاق.

يقول ابن عبد البر: "لا خلاف عن مالك في إرساله"، طلحة بن عبد الله بن كريز الخزاعي تابعي، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال، رفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو مرسل؛ ولذا يقول ابن عبد البر: "لا خلاف عن مالك في إرساله، ولا أحفظه بهذا الإسناد مسندًا من وجه يحتج به، وقد جاء مسندًا من حديث علي وابن عمرو، وقد جاء مسندًا من حديث علي وابن عمرو والفضائل لا تحتاج إلى من يحتج به" هذا كلام ابن عبد البر.

أما حديث -علي الذي أشار إليه- فهو مخرج عند ابن أبي شيبة، وحديث ابن عمرو -عبد الله بن عمرو- مخرج عند الترمذي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأيضًا عند البيهقي في الشُّعب.

المقصود أنه روي عن علي موصولًا، وروي عن عبد الله بن عمرو ومن طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والكلام في هذه السلسلة معروف لأهل العلم.

يقول ابن عبد البر: "ولا أحفظه بهذا الإسناد مسندًا من وجه يحتج به...، والفضائل لا تحتاج إلى من يحتج به" هذا جريًا على مذهب الجمهور بأنه يقبل في أحاديث الفضائل الضعيف، ولا يشترط أن تكون صحيحة أو حسنة، بل يحتج بالضعيف في الفضائل، ويشترطون لذلك شروطًا منها: أن يكون الضعف غير شديد، ومنها: أن يندرج تحت أصل عام، ومنها: ألا يعتقد عند العمل به ثبوته وإنما يعتقد الاحتياط، فقول جمهور أهل العلم الاحتجاج بالضعيف في الفضائل كما هنا.

ونقل النووي في مقدمة الأربعين الاتفاق على هذا القول، ومثله ما قاله ملا علي قاري نقل الاتفاق على العمل بالحديث الضعيف في الفضائل، لكن الاتفاق هذا منقوض لوجود الخلاف، والخلاف فيه قديمًا وحديثًا معروف عند أهل العلم.

الفضائل هم يشترطون للأحكام ألا تنزل عن الحسن، الفضائل المراد بها ما يرتب على فعله ثواب وإلا ما فيه ثواب؟ فيه ثواب، ولا يعاقب على تركه، ما الفرق بين الفضائل والسنن؟ نعم.

طالب:........

عمل جديد، طيب، أنا أقول: ما دامت الفضائل يثاب على فعلها ولا يعاقب على تركها، فما الفرق بينها وبين السنة المعروفة عند جمهور أهل العلم في الاصطلاح في حدها؟ نعم.

طالب:........

ثابتة، نعم، الآن من يقول بمشروعية صلاة التسبيح ماذا يقول؟ يقول: سنة وإلا بدعة؟ يرتب عليها ثوابًا وإلا ما يرتب عليها ثوابًا؟ هي من الفضائل أو ليست من الفضائل؟ إذًا ما يظهر فرق.

طالب:........

ما يلزم، لا يلزم، صلاة التسابيح هذه لها وقت محدد؟ وإلا يقال: إنها من السنن عند من يقول بها؟ ليست سنة، إذًا بدعة وإلا ماذا تصير؟

طالب:........

لا ما يلزم، كل الدنيا ثبوته ظني.

طالب:........

لا.......  ثبوتها، إذا قلنا: تثبت بالحديث الضعيف ما هو بظني أقل من الظن، أما بالنسبة لحدها اصطلاحًا السنة يدخل فيها الفضائل، الآن السنن الرواتب هذه، وأربع ركعات قبل العصر يستطيع أحد أن يخرجها عن تعريف السنن؟ لا يمكن، هل هي من الفضائل أو من غير الفضائل؟ من الفضائل، كونها تندرج تحت أصل عام، الغالب أن السنن أيضًا كثير منها يندرج تحت أصل عام، الآن الحديث الذي معنا يندرج في باب الأذكار، وقد جاء الحث على الذكر، صلاة التسابيح عند من يقول بها تندرج تحت الحث على الصلاة، قراءة القرآن وما ورد في ذلك من أحاديث ضعيفة في تخصيص بعض الصور، بعض الصور يقولون: من الفضائل وتندرج تحت الحث العام على قراءة القرآن، لكن حدها لا يختلف عن تعريف السنن، فإذا رتبنا على الفضائل ثواب، ولم نرتب على تركها عقاب إذًا هي من السنن، والسنن من الأحكام اتفاقًا.

الشروط التي اشترطوها لا يمكن أن تنضبط، أوصلها بعضهم إلى عشرة شروط، ابن حجر في تبيين العجب زاد على هذه الشروط، المقصود أن هذه الشروط لا تنضبط، وكل من أراد أن يثبت أمرًا ألفه بحديث ضعيف قال: من الفضائل، وإذا أراد نفيه قال: سنة ولا تثبت إلا بخبر ثابت، فمثل هذه الأمور لا تنضبط؛ ولذا يجنح بعضهم إلى أن السنن لا تثبت، ومنها الفضائل إلا بما تثبت به الأحكام؛ لأنها كلها شرع، والشرع متساوي الأقدام.

جمع من أهل العلم لا يرون العمل بالضعيف مطلقًا، أبو حاتم وأبو زرعة، ومقتضى عمل البخاري ومسلم، وبه يقول ابن العربي، ويشدد فيه، أبو حاتم لا يرى العمل بالحديث الحسن، لا يرى العمل بالحسن فضلًا عن الضعيف، أبو الحسن بن القطان لا يرى العمل بالحسن لغيره أصلًا، وأنه في دائرة الإهمال كالضعيف، جاء كثير من المتأخرين فقالوا بهذا القول مثل الشوكاني والألباني وجمع من أهل العلم، المقصود أن هذه المسألة خلافية بين أهل العلم، والجمهور عرفنا مذهبهم.

شيخ الإسلام يريد أن يوجه كلام الإمام أحمد، الإمام أحمد يفرق بين الأحكام والفضائل، نعم يفرق بين الأحكام والفضائل فيحتج بالضعيف في الفضائل، وإذا جاءت الأحكام أراد رجالًا هكذا، يعني يشد بهم القول، نعم.

شيخ الإسلام يوجه كلام الإمام أحمد أن مراده بالضعيف الحسن، مراده بالضعيف الحسن؛ لأن الإمام أحمد من المتقدمين، ولا يعرف عنهم تقسيم الأحاديث إلى ثلاثة أقسام، إنما يقسموا الحديث إلى صحيح وغير صحيح، فيكون مراده بالضعيف ما جاء في اصطلاح الترمذي ويعبر عنه بأنه حسن في المرتبة بين المرتبتين.

إذًا الضعيف لا يدخل في كلام الإمام أحمد أصلًا على قول شيخ الإسلام، نعم، لكن ماذا يلزم عليه؟ يلزم عليه أن الإمام أحمد لا يحتج بالحسن في الأحكام؛ لأنه يريد للأحكام هكذا ما يريد الضعيف الذي هو عند شيخ الإسلام يساوي الحسن، إذًا الإمام أحمد لا يحتج بالحسن في الأحكام، وهذا خلاف المعروف من مذهبه -رحمه الله-.

شيخ الإسلام أيضًا يدعم قوله: إن الحسن لا يعرف إطلاقه قبل الترمذي، وهو معروف عند شيوخ الترمذي ومن قبلهم، كما هو مقرر في موضعه.

المقصود أن هذا التقعيد ينبغي أن يكون على عدم الاحتجاج بالضعيف، ثم إذا وردنا أحاديث حكم أهل العلم بضعفها أو درست أسانيدها فوجدتها ضعيفة، ثم دلت القرائن التي لا تنهض على تقويتها، وإنما دلت القرائن على أن أهل العلم عملوا بها من غير نكير، أو ما أشبه ذلك، أو جاءت فضيلة من الفضائل في ذكر من الأذكار، وغلب على ظن الإنسان أن هذا الذكر ثابت، وإن لم يكن من حيث الصناعة، فيتسامحون في مثل هذا حتى الذين يقولون: إنه لا يحتج بالضعيف.

بعض أهل العلم يتساهل جدًّا في التصحيح والتضعيف ثم يقول: إنه لا يحتج بالضعيف، مثل الشيخ أحمد شاكر يتساهل يتساهل جدًّا جدًّا في التصحيح والتضعيف ثم يقول هذا، هو بقي عنده ضعيف من أجل أن يحتج به -رحمه الله-؟! يعني يندر أن يضعف حديثًا، بالمقابل أناس يندر أن يصح عندهم خبر لا يوجد في الصحيحين، بعض الناس يتشددون، لكن العبرة بأهل التوسط والاعتدال، وكتب الحنابلة مشحونة بالأحاديث الضعيفة، لكن يرد على هذا أنهم يحتجون بالضعيف في الأحكام، يعني كتب الفقه مشحونة، نعم يستدلون بالضعيف على واجبات، فضلًا عن السنن والمستحبات، كتب المذاهب كلها بدون استثناء، الأئمة يقررون أن الضعيف لا يحتج به في الأحكام ومع ذلك أتباعهم يحتجون بها، يريدون احتجاجًا في الأحكام، ولا شك أن هذه غفلة منهم، غفلة عن التقعيد، نعم، هو مجرد استرواح وميل، يعني إذا لم يكن في المسألة إلا هذا الحديث فكونك تعمل بهذا الضعيف أفضل من أن تهمل المسألة أصلًا، أو تجتهد اجتهادًا لا يستند إلى دليل، فالحديث ضعيف عنده أحب إليه من الرأي، وهذا مأثور أيضًا عن أبي حنيفة -رحمه الله-، ألا يعتقد عند العمل به ثبوته وإنما يعتقد الاحتياط.

على كل حال العلم متكامل، ولله الحمد، الفقهاء يكملون صنعة أهل الحديث والعكس، والمحدثون يؤصلون المسائل الفقهية بما عندهم من نصوص، فلا يقدح لا في هذا ولا في هذا، وكلها علوم الإنسان بأمس الحاجة إليها،....... نقول: إن هذا الكلام لا يفهم منه أننا نتنقص أحدًا أبدًا، بل كل منهم -أعني الفقهاء والمحدثين- كلهم محل عناية، كلهم بذل جهده، واستفرغ وسعه، لكن لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، فقيه صرف جهده ووقته للاستنباط وجهل أو غفل عما عدا ذلك لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، يأتيه الناقد من أهل الحديث ويكمل؛ ولذا تجدون تخريج كتب الفقه درب مأثور عند أهل العلم، كثيرًا ما يضعفون الأحاديث التي اعتمدها الفقهاء، يعني لا بد أن نفرق بين الاعتماد والاعتضاد، يعني كون العالم يحشد الأدلة فيأتي بالصحيح ويردفه بالحسن ويكمل بالضعيف، هذا لا يلام، نعم لا يلام؛ لأنه يشهد له ما تقدم، يعني كما قيل انتقد كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب أنه أورد فيه بعض الأحاديث الضعيفة، الشيخ محمد بن عبد الوهاب يستدل على أصل المسألة بآية من القرآن، يفتتح الباب بآية من القرآن، باب كذا وقول الله تعالى، ثم بعد ذلك يردفها بالحديث الصحيح، نعم، الذي يشمل المسألة بعمومه، ثم بعد ذلك إذا جاءه حديث يستفاد منه التعيين والتخصيص ولو كان فيه مغمز لبعض أهل العلم.

فمسألة حشد الأدلة غير الاعتماد على الضعيف؛ لأن هذه الأحاديث إنما يؤتى بها للاعتضاد، ظاهر صنيعه أنه لا يحتج بها، يعني ما يؤخذ من كونه أورد وأسند أنه يعمل به، لكن لما اشترط الصحة وفى الصحيح، على كل حال هذا من التنوع، دعاء العبادة مطلوب، ودعاء المسألة مطلوب، {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم} [(60) سورة غافر] وهذا يشمل الأمرين، نعم، فتستغل الأوقات الفاضلة بأنواع العبادات، من حيث التقعيد لا يعمل به مطلقًا، لكن كل مسألة بخصوصها، نعم؟

طالب:........

هو الكلام في الفضائل، في الجميع ما يقبل إطلاقًا، لكن ما يشد في المسألة بحيث يهمل القول الآخر، وهو قول عامة أهل العلم، نعم.

يقول: "وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي -محمد بن مسلم بن تدرس- عن طاووس -بن كيسان- اليماني عن عبد الله بن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعلمهم هذا الدعاء، كما يعلمهم السورة من القرآن"، يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن، التشبيه في حفظ حروفه؛ لأن القرآن حفظه إنما يكون بحفظ حروفه، يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم)) من عذاب جهنم، يعني من عذاب يكون في نار جهنم، ((وأعوذ بك)) معنى أعوذ، اللهم: أصلها يا الله، إني أعوذ بك يعني: أعتصم وألتجئ بك يا رب من عذاب العقوبة التي تكون في نار جهنم، ((وأعوذ بك)) وأعتصم وألتجئ إليك ((من عذاب يكون في القبر)) وأكثر ما يكون العذاب في القبر سببه: المشي بين الناس بالنميمة، وعدم الاستنزاه والاستبراء من البول، ((وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال)) فتنة ابتلاء وامتحان واختبار، المسيح الدجال: المسيح بالتخفيف وبالحاء المهملة، منهم من شددها مسِّيح، ومنهم من أعجم الحاء فقال: مسيخ، وعلى كل حال الرواية المحفوظة: المسيح بالتخفيف والحاء، الدجال: سمي بذلك؛ لأنه ممسوح العين اليمنى، وأما بالنسبة للمسيح عيسى بن مريم فهذا مسيح هداية، وأما بالنسبة للدجال فهو مسيح ضلالة، والمسيح ابن مريم سمي بذلك؛ لأنه إذا مسح ذا العاهة برئ، وقيل: لأنه مسح الأرض، وقيل: لأنه ممسوح القدم، لا أخمص له، على كل حال الفرق بينهما ظاهر، المسيح اسم وإلا وصف وإلا لقب؟ لقب، اسمه: عيسى، نعم، والمسيح؟ وصف؟ لقب؟

طالب:........

طيب، هو من حيث الاصطلاح لقب لكن جاء اسمه، اسمه المسيح ابن مريم، فهو اسم وإلا وصف؟

طالب: وصف.

أسماء الله -جل وعلا-، نعم، قد يكون اللفظ في أصله وصف، ثم يتداول فيصير اسمًا، مثل: "الرحمن الرحيم" نعم.

((وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا)) ما يعرض للإنسان في حياته مما يصرفه عن دينه، ((والممات)) ما يعرض للإنسان عند موته، وقيل: فتنته في قبره، وقد جاء الأمر بالاستعاذة من هذه الأربع، فعند مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا: ((إذا فرغ أحدكم من التشهد فليتعوذ بالله من أربع)) وفي رواية: ((فليستعذ)) فالأمر بها دل على وجوبها؛ لأن الأصل في الأمر الوجوب، وأوجبها طاووس –الراوي- وأمر ابنه بإعادة الصلاة لما ترك الاستعاذة من هذه الأربع كما في صحيح مسلم، والجمهور على أنها مستحبة وليست بواجبة، قد يقول قائل: جاء الأمر بها ((فليستعذ بالله)) اللام لام الأمر، "فليتعوذ" اللام لام الأمر، نعم، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما علمها المسيء، وأكثر من وصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يذكرها، فيقولون: هذه صوارف لهذا الأمر من الوجوب إلى الاستحباب، أبو الزبير المكي معروف تدليسه، مدلس وقد عنعن، رواه عن طاووس بالعنعنة.

وهذا يقول: ما تقولون فيمن قال: هذا من عنعنة أبي الزبير، والقول الراجح في تدليسه؟

هو مدلس، لكن تدليسه في الصحيح، في صحيح مسلم محمول على الاتصال؛ لأن عنعنات المدلسين في الصحيحين محمول عند أهل العلم على الاتصال، والحديث مما خرجه مسلم، الحديث مخرج في مسلم، فلا كلام لأحد.

طالب:........

يعني حرصًا على لفظه.

طالب:........

نعم، قد يعلمه السورة من القرآن كما يعلمهم السورة من القرآن على سبيل الاستحباب، وقد يعلمهم السورة، وقد علمهم السور من القرآن على سبيل الاستحباب، يعني المشبه به ليس بواجب، تعليم السور من القرآن واجب؟

طالب: لا، ليس بواجب.

إذًا المشبه به ليس بواجب، المقصود أن وجه الشبه هو المحافظة على حروفه كما يتعلم القرآن.

"وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي -محمد بن مسلم الذي سبق- عن طاووس -بن كيسان- اليماني عن عبد الله بن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يقول" يقول: خبر كان ((اللهم لك الحمد)) يعني بعدما يكبر تكبيرة الإحرام يقول: ((اللهم لك الحمد، أنت نور السموات والأرض)) أنت نور السموات والأرض، وجاء في آية سورة النور، {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ} [(35) سورة النــور].. إلى آخره، فالله نور، و((حجابه النور)) وفي رواية: ((النار))، {أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ} [(8) سورة النمل] ما معنى الآية؟

طالب:........

نعم؟ كيف؟

طالب:........

{وَمَنْ حَوْلَهَا} [(8) سورة النمل] لكن الآن نريد من في النار، الله -جل وعلا- حجابه النور لو كشفه نعم، وفي رواية: ((النار)) على كل حال راجعوا لها كتب التفسير، هذه فيها إشكال كبير عند أهل العلم يراجع لها كتب التفسير، يعني الاسترسال فيها يخرجنا عن موضوعنا.

((اللهم أنت نور السماوات والأرض ولك الحمد، ولك الحمد أنت قيام السموات والأرض)) قيام وقيوم بمعنى واحد، والمراد به من يقوم بحفظهما، ((ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن)) ومن فيهن (من) هذه للعقلاء، فغلب العقلاء على غيرهم، ((أنت الحق)) الإله المعبود بحق، فأنت حق وقولك حق ((أنت الحق وقولك الحق)) تعريف جزئي، الجملة ((أنت الحق، وقولك الحق، ووعدك الحق)) يدل على ماذا؟ تعريف جزئي الجملة يفيد الحصر، ((أنت الحق)) يعني لا غيرك، ((قولك الحق)) لا غيره، ((ووعدك الحق)) لا سواه، بل وعد لا يدخله خلف البتة، إنك لا تخلف الميعاد، ((ولقاؤك -الذي هو البعث- حق)) لا مرية فيه ولا شك، والإيمان بالبعث ركن من أركان الإيمان بالله -جل علا-، ((والجنة حق، والنار حق)) الجنة وجودها ونعيمها حق، والنار وجودها وعذابها حق، لا شك فيه ولا امتراء، هذا مما يجب أن يعتقده المسلم، وجود الجنة والنار لا خلاف فيه بين أهل السنة، وأنكر المعتزلة والجهمية وجودهما في الدنيا قبل الآخرة، لا حاجة لهما في نظرهم، وجودهما في الدنيا عبث عندهم، لكن الذي عليه أهل السنة من أئمة الإسلام وسلف هذه الأمة كلهم على أن الجنة والنار موجودتان، مخلوقتان، يقول -جل وعلا- في حق فرعون وأهله: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [(46) سورة غافر] متى هذا؟ في الدنيا؛ لأنه قال بعد ذلك: "ويوم القيامة أدخلوا".

طالب:......

ويوم تقوم الساعة، نعم، {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [(46) سورة غافر] نسأل الله العافية، نعم، فهذا دليل من أصرح الأدلة والأقوال على أن الجنة والنار موجودتان في الدنيا قبل الآخرة، وجاء في حديث الابتلاء والامتحان في السؤال في القبر أن المؤمن يفتح له باب إلى الجنة، وغيره يفتح له باب إلى النار، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في الأحاديث الصحيحة رأى الجنة والنار.

((والنار حق، والساعة حق)) هاه ((أنت الحق، وقولك الحق، ووعدك الحق، ولقاءك حق -أو الحق- والجنة حق، والنار حق، والساعة)) يعني قيامها الذي به تكون نهاية الدنيا ((حق، اللهم لك أسلمت)) انقدت وخضعت، ((وبك آمنت)) صدقت وأيقنت يقينًا جازمًا ((وعليك توكلت)) فوضت أموري كلها ((وإليك أنبت)) يعني: رجعت مقبلًا بقلبي وقالبي إليك ((وبك خاصمت)) من لم يقبل الدعوة، ومن خاصم بالباطل يخاصم بالله -جل وعلا-، ((وإليك حاكمت)) كل من ظلم أو جحد الحق فإنه يحاكم إلى الله -جل وعلا-، لا إلى غيره من الأعراف والعادات، ولا من القوانين المستوردة من الأعداء، إنما التحاكم إلى الله -جل وعلا-، {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} [(50) سورة المائدة] {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [(65) سورة النساء] {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ} [(44) سورة المائدة] في الآيات الثلاث، المقصود أن الأمر ليس بالسهل ولا بالهين.

((فاغفر لي ما قدمت)) يعني قبل هذا الوقت، وما أخرت عنه من الذنوب بالنسبة لمن يتصور منه وقوع الذنب، ومنه -عليه الصلاة والسلام- يكون هذا الدعاء تعليم لأمته، تعليم لأمته، وإلا فقد غفر له ما تقدم من ذنبه، وهو معصوم من أن يقع منه الذنب، ((فاغفر لي ما قدمت وما أخرت)) وأسررت يعني: أخفيت وأعلنت: المراد به أظهرت ((أنت إلهي لا إله إلا أنت))، زاد البخاري: ((ولا حول ولا قوة إلا بالله)) والحديث متفق عليه، الحديث متفق عليه.

الله نور، نعم، {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [(35) سورة النــور] يعني هل يساغ أن يسمى بعبد النور مثلًا، هل المراد بنور إطلاق المصدر على الله -جل وعلا- هل يراد به حقيقة المصدر أو اسم الفاعل؟ يعني منور، أو هو بذاته -جل وعلا- نور؟ الأصل أنه نور، كما قال عن نفسه -جل وعلا- {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [(35) سورة النــور]  كما قال عنه نبيه -عليه الصلاة والسلام-، منهم من يقول نور: يعني منور السماوات والأرض، وعلى كل حال ما دام ثبت بالكتاب والسنة هذا الإطلاق فلا مندوحة عنه، ولا محيد ولا مفر، بل علينا أن نسلم بما جاء عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام-، يعني هل يقال: النور، عبد النور مثلًا، أو عبد نور، أو لا بد أن يقال: نور السماوات والأرض؟ لأن من الأسماء ما لا يطلق إلا مع مقابله، ما تقول: عبد النافع، نعم، والله -جل وعلا- هو النافع، لكن أيضًا هو الضار، فمن الأسماء المتقابلة ما لا يمكن إفراد بعضها عن بعض، منها المضافة لا يمكن أن تطلق بغير المضاف إليه وهكذا.

وعليه الصلاة والسلام معصوم عن الذنب، بعد النبوة معصوم. على كل حال المسألة هو مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومعصوم عند عامة أهل العلم، أما من وقوع الشرك فهذا إجماع، أو وقوع ما يخل بالتبليغ أيضًا هذا إجماع، مسألة وقوع الكبائر أو وقوع الصغائر التي يوفق للرجوع عنها مسألة مختلف فيها، لكن الجمهور على أنه معصوم لا يقع منه كبيرة، يقع منه خلاف الأولى، قد يجتهد ويقع منه خلاف الأولى كما في قصة الأسرى، وهي التي يستغفر منها، نعم.

طالب:........

((نور أنى أراه)) يعني هذا مناسب مع ((حجابه النور)).

طالب:........

لو استرسلنا في هذا الموضوع لخرجنا عما يراد منا في هذا الباب، وإلا لو أردنا أن نقول مثلًا: هل هو نفس النور أو النور ينبعث منه؟ ما لنا داعي بهذا الكلام كله، نعم؟

طالب:........

هذا دعاء استفتاح، هذا الدعاء من أدعية الاستفتاح التي تقال في صلاة التهجد.

طالب:........

لا، لا هذا في أول تسليمة.

طالب:........

هو موجود على كل حال في أسماء أهل العلم عبد النور، لكن هذا مما يختلفون فيه: هل هو اسم؟ والأمر فيه سعة، وجد ما يدل عليه ومن فهمه صفه لا اسم ونفاه من الأسماء له وجه.

يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك" الأنصاري، عن عبد الله بن عبد الله بن جابر، ويقال: جبر بن عتيك الأنصاري المدني "أنه قال" كذا في رواية يحيى، وهو أولى مما جاء في الروايات الأخرى ممن أدخل بين عبد الله بن عبد الله وبين ابن عمر راويًا، فمن الرواة عن مالك من أدخل بين عبد الله وابن عمر عتيك بن الحارث، وفي رواية: جابر بن عتيك، يعني جد عبد الله، نعم، يقول ابن عبد البر: "لكن رواية يحيى أولى"، "أنه قال: جاءنا عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- في بني معاوية" في بني معاوية وهي قرية، قرية من قرى الأنصار بالمدينة "فقال: "هل تدرون أين صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مسجدكم؟" هل صلى..؟ أين صلى؟ "هل تدرون أين صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مسجدكم هذا؟ فقلت له: نعم" مراد ابن عمر أن يصلي فيه، وهذا من شدة حرصه -رضي الله عنه- على اقتفاء آثار النبي -صلى الله عليه وسلم- لكنه لم يوافق على ذلك -رضي الله عنه وأرضاه-، هو يحرص على اقتفاء آثار النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويتتبعها، ويفعل ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- فيها، بل كان يبالغ في ذلك، فذكر ابن عبد البر في التمهيد عنه أنه كان يكفكف دابته لتقع أقدامه على أقدام دابة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا اجتهادات ابن عمر مما شذ به ابن عمر -رضي الله عنهما- مما لم يوافق عليه، لم يفعله كبار الصحابة، بل المعروف عند أهل العلم من أجل حماية جناب التوحيد وسد الذرائع الموصلة إلى الشرك مثل هذه يعمونها، يحرصون على أن تخفى، لا على أن تبعث وتوجد.

"أين صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مسجدكم هذا؟ فقلت له: نعم، وأشرت له إلى ناحية منه" يعني من المسجد.

طالب:........

الخلافة؟ الخلافة ميئوس منها في بلاد كفار هذا الكلام، ...........الآن، هو يقول: ما حكمه؟ نقول:...... كافر مؤذٍ للمسلمين وشرير، والمفاضلة بين اثنين، بين هذا وبين شخص وجوده مثل عدمه.

شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في كتابه: السياسة الشرعية يقرر أن تقليل الشر بقدر الإمكان مشروع، تقليل الشر لو صار شخص مستشارًا عند ظالم، وهذا الظالم فرض ضريبة على الناس، كل واحد ألف مثلًا، فجاء هذا المستشار وقال: لو خفضتها إلى خمسمائة هان الأمر، هذه الخمسمائة ظلم، ومقالة هذا الشخص لهذا الظلم أيضًا إقرار للظلم، لكن تخفيف في المقابل، شيخ الإسلام يرى شرعية مثل هذا، فتخفيف الظلم في نظر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمة الله عليه- شرعي بقدر الإمكان.

طالب:........

نقول: يا أخي الأصل أنهم لا علاقة لهم في هذا الباب، وأنهم كونهم يصوتون لكافر إقرار وتشريع لعمله، لكن المصلحة تقتضي هذا، المصلحة، ما هي بمصلحة الإنسان الشخصية؛ لأن بعض الناس يخلط بين مصلحته الشخصية ومصلحة الأمة العامة، نعم المصلحة الشخصية لا ينظر إليها بمثل هذه الأمور، لكن إذا كانت مصلحة الأمة بكاملها تتعلق بترشيح هذا الكافر الذي هو أخف ضرًا وأخف شرًا، تخريجًا على قول شيخ الإسلام ما فيه إشكال، يعني في تاريخ الدولة نابتة السوء هذه التي يسمونها إسرائيل ألا يتفاوت المسئولون فيها شرهم زيادة ونقصًا؟ نعم، يختلفون، يعني لو شخص ترشح بين شارون هذا الطاغية الخبيث وبين شخص آخر أقل منه ضررًا فرشح المسلمون الآخر اكتفاءً لشره، ما هو بالأصل، أصل المسألة غير مشروع، لكن يبقى أن تقليل الشر بقدر الإمكان نعم، لكن لا يعني هذا أن الإنسان يقحم نفسه ليعمل ويتولى بنفسه أعمال غير مشروعة، يعني يختلف هذا عن هذا، نعم يختلف عن كونك ترشح شخصًا أنت مفروض عليك شخص، شخص أقل من الآخر في الشرط خرجناه على قول شيخ الإسلام، لكن أنت ترشح لتعمل أعمال شريرة تخالف الإسلام ولو كان ضررك على المسلمين أقل، نقول: لا يجوز أن تدخل فيها، لكن أن تتولى بنفسك إقرار الشر، فرق بين هذا وهذا.

 

نعود إلى الحديث.

"هل تدرون أين صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مسجدكم هذا؟" يعني ليصلي فيه، وعرفنا هذا من مما اختص به، وانفرد به ابن عمر من تتبع آثار النبي -عليه الصلاة والسلام- "فقلت له: نعم، وأشرت إلى ناحية منه" من المسجد "فقال: هل تدري ما الثلاث -يعني: الدعوات- التي دعا بهن فيه؟" يعني في هذا المسجد، ابن عمر يدري وإلا ما يدري؟ قال: صدقت، يدري وإلا ما يدري؟ يدري ابن عمر؛ لأنه قال في الأخير: "صدقت" ولا نقول: إن هذا مثل ما جاء جبريل يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- ويقول له: صدقت، فعجبنا له يسأله ويصدقه، هنا فيه طرح العالم المسألة على من دونه، لتقر في ذهنه إن كان جاهلًا بها عُلم، وإن كان حافظًا لها ثبتت في ذهنه، وسمعها من حضر واستفادوا، وهذا أصله سؤال جبريل للنبي -عليه الصلاة والسلام- عن الدين، عن الدين بدوائره الثلاث: الإسلام، والإيمان، والإحسان.

طالب:........

نعم، سؤال النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الشجرة التي تشبه المؤمن.

"التي دعا بهن؟ فقلت: نعم، قال: فأخبرني بهن؟ فقلت: دعا بأن لا يظهر الله -جل وعلا- عليهم عدوًّا من غيرهم" يعني من غير المؤمنين، يظهر هل معنى هذا أن المؤمنين إذا قابلوا الكفار متحتم نصرهم أو قد ينصر الكافر ويدال عليه من باب الابتلاء والامتحان؟ لكن لا يظهر، يعني ظهورًا عامًّا على وجه الأرض على المسلمين لا، لكن لا يمنع أن ينتصر الكافر من باب ابتلاء المؤمن، ابتلاء المسلمين، "بأن لا يظهر الله عليهم عدوًّا من غيرهم" يعني من غير المؤمنين، "ولا يهلكهم بالسنين" يعني بالمحل والجدب "فأعطيهما" أجيب بدعوته، أو بدعوتيه، ودعا دعوة ثالثة: بأن لا يجعل بأسهم بينهم، أعطي هاتين الدعوتين، نعم؟

طالب:........

المسئول وابن عمر أقره، المسئول هذا، فقال: هل تدرون أين صلى؟ فقلت: نعم، القائل هذا هو الذي قاله، "فأعطيهما" وأقره ابن عمر قال: صدقت، وهو الحديث في صحيح مسلم مفصل، "ودعا بأن لا يجعل بأسهم بينهم" يعني في الحروب والفتن "فمنعها، قال: صدقت" يدل على أن ابن عمر كان عنده علم من ذلك، قال ابن عمر: "فلن يزال الهرج إلى يوم القيامة" لن يزال القتل إلى يوم القيامة، وهذا بقضاء الله -جل وعلا- وقدره، وفي حديث حذيفة: أن هناك باب إذا كسر الباب بدأت الفتن، والباب هو عمر -رضي الله عنه-، لما قتل عمر بدأت الفتن، تلاه قتل الخليفة الراشد، الصوام القوّام، مظلوم بين المهاجرين والأنصار، في بلد الإسلام، وبين المسلمين، وهذا شأن الفتن، إذا بدأت واستفحلت لا يمكن السيطرة عليها، لا يمكن السيطرة عليها، هي في أول ما تكون فتية، يمكن معالجتها والسيطرة عليها، لكن إذا استفحلت لا يمكن، نعم؟

طالب:........

هذا اجتهاده، وهذا من شواذه -رضي الله عنه وأرضاه-، ما وافقه أحد.

طالب:........

أما ما جاء له ولغيره -عليه الصلاة والسلام- {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [(125) سورة البقرة] هذا للجميع، أما ما صلى به اتفاقًا -عليه الصلاة والسلام- من غير مزية له على غيره فلا يلزم.

طالب: الحرم.

ولا حرم ولا غيره، كل إنسان مطالب، أنت مصلٍّ مطالب بالصف الأول، بميامين الصفوف؛ لأنها جاءت نصوص تخصك، نعم؟

طالب:........

يتتبعونه، يذكرونه في تواريخ المدينة، ويتتبعه بعض الناس، على كل حال تتبع الآثار لا شك أنه يجر إلى أن تعبد هذه الآثار، وأن يعتقد فيها، وأن يتبرك بها، كما هو حاصل.

ثم قال: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم أنه كان يقول: "ما من داعٍ يدعو إلا كان بين إحدى ثلاث: إما أن يستجاب له -بعين ما سأل- وإما أن يدخر له -يوم القيامة- وإما أن يكفر عنه" من الذنوب نظير دعائه، وهذا الكلام قول زيد بن أسلم، يقول ابن عبد البر: "مثل هذا يستحيل أن يكون رأيًا واجتهادًا، وإنما هو توقيف، وهو خبر محفوظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام-" ثم أخرج عن جابر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((دعاء المسلم بين إحدى ثلاث: إما أن يعطى مسألته التي سأل، أو يرفع بها درجة، أو يحط بها عنه خطيئة، ما لم يدعُ بقطيعة رحم، أو بإثم، أو يستعجل)) نعم؟

طالب:........

قحط السنين، نفسه، نعم، ((اللهم اجعلها سني كسني يوسف)) يعني جدب وقحط.

طالب:........

لا، هو ثبت معروف عنه أنه يصلي، يبحث، يبحث عن هذه المواضع، بل ذكر عنه ابن عبد البر شيئًا أعظم من ذلك، ما دام يكفكف الدابة، الله المستعان.

شرح: باب العمل في الدعاء:

قال الإمام مالك -رحمه الله تعالى-:

باب العمل في الدعاء:

حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار قال: رآني عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- وأنا أدعو وأشير بأصبعين، أصبع من كل يد، فنهاني.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب كان يقول: "إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده"، وقال: بيديه نحو السماء فرفعهما".

وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: "إنما أنزلت هذه الآية، {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [(110) سورة الإسراء] في الدعاء".

قال يحيى: وسئل مالك عن الدعاء في الصلاة المكتوبة فقال: لا بأس بالدعاء فيها.

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو فيقول: ((اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت في الناس فتنة فاقبضني إليك غير مفتون)).

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما من داعٍ يدعو إلى هدى إلا كان له مثل أجر من اتبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، وما من داعٍ يدعو إلى ضلالة إلا كان عليه مثل أوزارهم لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئًا)).

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "اللهم اجعلني من أئمة المتقين".

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أبا الدرداء -رضي الله عنه- كان يقوم من جوف الليل فيقول: "نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت الحي القيوم".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: العمل في الدعاء"

"حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار قال: رآني عبد الله بن عمر وأنا أدعو وأشير بأصبعين، أصبع من كل يد، فنهاني"، فنهاني، يشير بالإصبعين، بيديه كلتيهما، بسبابتيه، فنهاه عن ذلك؛ لأنه ينافي التوحيد، لا أقول: إنه شرك، لكن المطلوب التوحيد، والإشارة إلى التوحيد بأصبع واحدة، فالواجب في الدعاء الأصل فيه إما أن يكون برفع اليدين، وتواترت الأحاديث في ذلك، وفي الباب أكثر من مائة حديث في رفع اليدين في الدعاء جمعت في رسائل مستقلة، فإما أن يكون برفع اليدين، والله -جل وعلا- يستحيي أن يرد عبده إذا رفع يديه صفرًا، يعني خاليتين، إما أن يكون باليدين وبسطهما علامة للتضرع والرغبة إلى الله -جل وعلا-، وقد ورد إنكار رفع اليدين، لكنه قول شاذ، أثر عن بعض السلف أنه قال لشخص رافعًا يديه: "ثكلتك أمك من تتناول بهما" ولعله رآه بالغ في رفع اليدين، حتى كأنه يتناول شيئًا بعيدًا، فقال له ذلك، وإلا فالأصل في رفع اليدين الثبوت القطعي من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- وقوله، مفهومه أنه لا يرده خائبًا، لا بد من.. {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [(60) سورة غافر] والإجابة إما أن تكون بعين ما طلب، أو أن يدخر له نظيره في الجنة، أو يدفع عنه من السوء ما يقابله.

أما مسح الوجه باليدين بعد الدعاء فلا يثبت، فيه حديثان ضعيفان لا تقوم بهما حجة، إن لم يكن الدعاء برفع اليدين فليكن بالإشارة بأصبع واحدة على معنى التوحيد، قاله الباجي.

وروي مرفوعًا عن أبي هريرة أن شخصًا في تشهده أشار بإصبعيه فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أحد، أحد)) نعم هذا مرفوع، وعلى كل حال فالحديث وإن كان موقوفًا على ابن عمر إلا أنه يشهد له المرفوع من حديث أبي هريرة، والمعنى صحيح، فالإشارة إلى الواحد بأصبع واحدة، وهو ما يقتضيه التوحيد مما تقدم، نعم؟

طالب:........

نعم، أنكر عليه رفع اليدين في الخطبة، أنكر عليه رفع اليدين في الخطبة، أما رفع اليدين في خطبة الاستسقاء ثابت، نعم، وحتى من الجلوس أن المصلين كلهم يرفعون أيديهم في خطبة الاستسقاء، هذا ثابت في الصحيح.

"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب كان يقول: "إن الرجل ليُرفع بدعاء ولده من بعده" ليُرفع بدعاء ولده من بعده، معلوم أنه ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)) ((أو ولد صالح يدعو له)) يحرص الإنسان على الصدقة الجارية المستمرة التي لها مصدر يضمن استمرارها ليستمر الأجر، علم ينتفع به، يحرص على أن يتعلم العلم الشرعي النافع، مخلصًا في ذلك لله -عز وجل-، ويحرص على أن يعلمه الناس، ليكون له مثل أجورهم، نعم، ويحرص على التأليف الذي لا ينقطع ثوابه.

((أو ولد صالح يدعو له)) فيحرص على تربية ولده حتى يكون صالحًا ينتفع بدعائه، فإذا لم يحرص على تربية ولده، فصلح الولد، أراد الله له الصلاح فدعا له لا شك أنه ينتفع بهذا الدعاء، لكن ليس انتفاعه مثلما لو كان هو السبب في صلاحه؛ ولذا في قوله -جل وعلا-: {وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا} [(24) سورة الإسراء] عبث؟ أو لأمر من الأمور؟ {كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [(24) سورة الإسراء] لهذا الأمر، وهذه يغفل عنها كثير من الناس، الشخص الذي لا يربي أولاده قد لا ينتفع بهم ولا بدعائهم.

"وقال" أي أشار، من إطلاق القول على الفعل، ومنه ما جاء في صفة التيمم فقال بيديه هكذا، إطلاق القول على الفعل، أشار "بيديه نحو السماء فرفعهما" لأن الله -جل وعلا- المدعو في جهة العلو، مستوٍ على عرشه فوق سماواته بائنٌ من خلقه.

يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: "إنما أنزلت هذه الآية: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} [(110) سورة الإسراء] لا تجهر بها جهرًا يشق عليك بحيث تنقطع {وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} [(110) سورة الإسراء] يعني لا تخفض بها صوتك بحيث لا تسمع نفسك {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [(110) سورة الإسراء] يعني وسطًا "في الدعاء" أرسله مالك، ووصله الإمام البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- في كتاب الدعوات، وفيه: أن المطلوب التوسط في الدعاء؛ ولذا لما رفع الصحابة أصواتهم بالدعاء قال لهم -عليه الصلاة والسلام-: ((أربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصمًّا ولا غائبًا)) يعني أربعوا: أرفقوا بأنفسكم، الإنسان يتوسط في أموره كلها، ورفع الصوت ليس مما يحمد به الإنسان؛ ولذا جاء {إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [(19) سورة لقمان] فليس مما يمدح به الإنسان، نعم عند الحاجة إلى رفع الصوت بحيث تكثير الجموع، ولا يسمعون إلا مع رفع الصوت هذا مطلوب للحاجة الداعية إليه، وأما إذا لم تدعُ إليه الحاجة فلا، مع الأسف أن بعض الأئمة من الشباب على وجه الخصوص يحرصون على أن تكون الآلات التي ترفع الصوت من المكبرات من نوع خاص، يرتفع بها الصوت جدًّا، وهذا الصوت إذا زاد عن حده فهو منكر، وهذه الآلات التي أدخلت في العبادات الخاصة، إنما أدخلت للحاجة، فيكفي منها قدر الحاجة، وما زاد على ذلك فلا، وبعضهم يزيد على ذلك فيجعل من المؤثرات الصوتية والصدى وترديد الصوت، كل هذا لا ينبغي هذا؛ لأن هذه عبادة محضة ينبغي أن تصان عن المحدثات، نعم دعت الحاجة إلى مكبرات الصوت، الحاجة تقدر بقدرها، {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} [(110) سورة الإسراء] بعض الناس يزعج المصلين، كثير من الناس يصدع رأسه من شدة الصوت، بل بعضهم لا يستطيع مواصلة الصلاة في بعض المساجد عنده نصف صف، ومع ذلك يأتي بالسماعات والآلات القوية، ويكثر من السماعات، لماذا؟ يعني مبالغات إضافة إلى كونها فوق الحاجة تدخل في حيز السرف والخيلاء وعندنا كذا وعندنا كذا، مكبرات على ما أدري كم؟ خمسين ألف وما أدري، يعني غير مقصود، هذا غير مقصود فينبغي أن يلاحظ نفسه.

{وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [(110) سورة الإسراء] يعني توسط في أمرك في الدعاء، وهذا أرسله الإمام مالك ووصله البخاري عن عائشة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وفيه أن المطلوب التوسط في الدعاء بين الجهر والمخافتة فيسمع نفسه؛ لأن ذلك أقرب إلى الإخلاص، وإنما أنزلت هذه الآية في الدعاء، هذا بيان لسبب نزول الآية، وسبب النزول له حكم الرفع، لماذا؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا بد أن يكون طرفًا في الموضوع، إذ النزول إنما يكون عليه؛ ولذا يقول حافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

وعد ما فسره الصحابي

 

رفعًا فمحمول على الأسبابِ

لأن من أهل العلم من يحكي كالحاكم أن تفسير الصحابي له حكم الرفع، لكنه محمول على أسباب النزول، أما التفسير ذاته فيدرك، بعضه يدرك من لغة العرب، فلا يكون له حكم الرفع مطلقًا.

"قال يحيى: "وسئل مالك عن الدعاء في الصلاة المكتوبة فقال: لا بأس بالدعاء فيها"، نعم، يقول الباجي: "وهذا كما قال لا بأس بالدعاء في المكتوبة وغيرها من الصلوات يدعو بما شاء من أمر دينه ودنياه، سواءً كان ذلك من القرآن وغيره، وينبغي أن يكون الدعاء في مواضع الدعاء"، في السجود، وبين السجدتين، وبعد الفراغ من التشهد، وقبل السلام، يدعو بما أحب، ((وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء)) لا باس، لكن يدعو في غير موضع الدعاء، في ركن القيام يدعو، ما يدعو، المقصود أن الدعاء لا بأس به في الصلاة، يعني في موضع الدعاء.

كأن الإمام مالك -رحمه الله تعالى- يرى أن الدعاء نوع من الأذكار، والصلاة إنما شرعت لذكر الله، بهذا وبمثله قال من قال بدعاء ختم القرآن في الصلاة، بعد الفراغ من ختم القرآن يدعو بما أحب؛ لأنه عند ختم القرآن كما ثبت عن الصحابة دعوة مستجابة، لكن هل الفراغ من القراءة وقبل الركوع موطن للدعاء في غير القنوت، في غير قنوت الوتر؟ نعم، الآن انتهى من ثنائية وفرغ من القرآن في تراويح مثلًا وأراد أن يدعو كما يفعل الناس، ومعروف في مذهب الإمام أحمد يقول الإمام -رحمة الله عليه- كان أهل مكة يفعلونها، وقيل له: ألا يكون دعاء ختم القرآن في الوتر؟ قال: لا، ليكون لنا دعاءان، فهل هذا من مواضع الدعاء؟ الذي ينكر..، نعم؟

طالب:........

نعم في الوتر، وفي صلاة الصبح، في صلاة الصبح، هذا قنوت نوازل، لكن دعاء ختم القرآن لا شك أن هذا ما أثر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه دعا بعد ختم القرآن، وقد يقول قائل: إنه ما حفظ عنه بعد أنه قرأ القرآن متتابعًا كاملًا.

طالب:.......

في العرضة الأخيرة هو ليس في صلاة، الدعاء بعد الختم ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فيه شيء، لا من قوله ولا من فعله، إنما أثر عن أنس، وأن له عند ختم القرآن دعوة مستجابة، وكان أنس -رضي الله عنه- يجمع أهله إذا ختم القرآن فيدعو ويؤمنون، ليس في الصلاة، ما هو في الصلاة هذا الكلام، الكلام في الصلاة، هل هو مشروع وإلا غير مشروع؟ لأن المسألة تباينت فيها الآراء، نعم، معروف عند الحنابلة دعاء ختم القرآن في الصلاة في التراويح في ثنائية، دعونا من كونه في وتر، في وتر القنوت مشروع، نعم لكن في ثنائية، الإمام أحمد يرى أنه دعاء، والدعاء في الصلاة لا بأس به كما يقول الإمام مالك، نعم، وما دام عند ختم القرآن دعوة مستجابة لماذا لا ندعو حتى في الصلاة؟ لكن هذه أمور توقيفية تحتاج إلى نص، ليست خاضعة للاجتهاد، فتركه لا شك أنه أولى؛ لأنه قيل ببدعيته، قيل: بأنه بدعة.

طالب:........

إذا انصرف قبل الإمام مشكلة، ما يكتب له قيام ليلة، فعلى كل حال هذا يفعله بعض الناس، إذا فرغ الإمام من قراءة آخر سورة في القرآن نوى الانفراد ثم ركع وسجد وتشهد وسلم، ثم يشهد دعوة المسلمين، يعني يشق عليه أن هذه الجموع الغفيرة تؤمن وهو لا يؤمن، يشهد دعوة المسلمين وهو جالس، فإذا فرغ الإمام من دعائه لحقه وركع معه، أدرك الركعة ثم أضاف إليها أخرى، وبهذا يكون أمن مع المسلمين ولم ينصرف قبل الإمام ولم يتلبس ببدعة على القول الآخر.

طالب:........

فرق يا أخي، قنوت الفجر ثبت من فعله -عليه الصلاة والسلام-، ثبت، هذا ليس له أصل أصلًا، غير معروف أصلًا، لكن هم يقولون مثل كلام مالك: لا بأس بالدعاء فيها، والإمام أحمد قاله، وكان أهل مكة يفعلونها، ومع هذه تجتمع من يرى أن ذلك لا بأس به، وعلى كل حال كل على مذهبه في هذا.

طالب:........

والله ما دام أصله غير موجود فالالتزام، التزام دعوات معينة مكتوبة لا يحاد عنها ولا يزاد عنها ولا ينقص في هذا الموضع يزيد الأمر، على كل حال من فعل فقد سبقه أئمة، يعني تبرأ الذمة بتقليدهم، ومن ترك فهو على الأصل، يعني كونه شافعي المذهب مثلًا، فيقنت، يتابعه، في رسالة الإمام عبد الله بن محمد ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى أهل مكة قال: "ولا نصلي خلف من لا يرى الطمأنينة في الصلاة" لماذا؟ لأن الطمأنينة ركن، "ونصلي خلف الشافعي الذي يجهر بالبسملة ويقنت في صلاة الصبح"؛ لأن هذه لها أصول يعني يمكن تجد لها أصل في الشرع، أما الذي لا أصل له أصلًا هذا هو الذي في النفس منه شيء.

يعني إذا كان الخلاف بين فاضل ومفضول الخلاف شر، إذا كانت بين سنة وبدعة فالخلاف خير، على كل حال هو صلى لأنه ما ظني يرى الحرمة، ما يلزم أن يرى الحرمة، لكن الخلاف شر في فاضل ومفضول نعم ترتكب المفضول لأن الخلاف شر، أما في سنة وبدعة ما يأتي، وعلى كل حال من اقتدى قال به أئمة، وعملت به الأمة قرونًا، يعني ما يثرب عليه ولا يلام، لكن من قال: هاتوا الدليل، أيضًا بعد لا يلام، نعم ولا يجهل ولا يضلل؛ لأنه على الأصل؛ لأن بعض الناس يحتج من الطرفين، يحتد من الطرفين، لا هذا مطلوب ولا هذا مطلوب، والله هذا أنا أقول: مسألة لا يشد فيها، نعم، لا سيما وأن الذي أفتى بها يعني ما هم من أهل الفقه المحض، من أهل الفقه والأثر، يعني ممن قال بها: الشيخ عبد العزيز -رحمه الله- مع الهيئة، إنها كانت في الوتر ثم حولت إلى التراويح، وممن يعني قال بها الشيخ، وهو من أئمة الأثر، ما هو يقال: إنسان متعصب، لكن لا يعني أنه معصوم، فالمسألة مثلما سمعتم، الذي يقول: إنها لا تفعل معه الأصل؛ لأن الأصل أن العبادات توقيفية وهاتوا ما يدل عليها ولن يجدوا، والذي قال: إنها تفعل اقتدى بأئمة وتبرأ الذمة -إن شاء الله- بتقليدهم.

طالب:........

الدعاء في الصلاة؛ لأنه يؤثر في السامع؟

طالب:........

ما فيه بأس، بس لا يلتزم أحكام التجويد ليشبه كلامه بكلام الله -جل وعلا-، لكن ترتيل الصوت وترقيقه من أجل تأثيره في السامع ما فيه شيء أبدًا، رفعه الزائد نعم، لكن رفعه بقدر ما يسمع نفسه ويتأثر بقراءته ويتغنى به هذا مطلوب.

يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه" عن مالك أنه بلغه كذا ليحيى، ولعبد الله بن يوسف وطائفة عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو فيقول: ((اللهم إني أسألك فعل الخيرات))" فعل الخيرات: يعني التوفيق لها، والقدرة على فعلها، يسأل الله -جل وعلا- أن يوفقه لفعل الخيرات، وأن يجعله قادرًا على فعلها، ((وترك المنكرات)) المنهيات، فإذا فعل الخيرات، وترك المنكرات صار تقيًّا؛ لأن التقوى فعل المأمور، وترك المحظور، والله -جل وعلا- إنما يتقبل من المتقين، ((وحب المساكين)) يسأل الله -جل وعلا- أن يحبب إليه المساكين، وأن يحببه إليهم، وحب المساكين: يعني حبي للمساكين، ويحتمل أن يكون المراد حب المساكين لي، فيكون من إضافة المصدر إلى فاعله أو مفعوله، حب المساكين لي، حب المساكين لي أو حبي للمساكين، فيكون من إضافة المصدر إلى فاعله أو مفعوله، وكلاهما مطلوب، كلاهما مطلوب، ((وإذا أدرت)) هذه رواية، ((وإذا أدرت في الناس فتنة فاقبضني إليك غير مفتون)) أدرت من الإدارة يعني أوقعت، الرواية الأخرى: ((أردت)) من الإرادة ((في الناس فتنة)) بلاء ومحنة وشر، ((فاقبضني إليك غير مفتون)) مفتون عن ديني ولا ممتحن؛ لأن الفتن قد تصرف بعض الناس عن دينه، فيؤثر دنياه على دينه، فيسأل الله -جل وعلا- أن يقبضه غير مفتون، هذا مثلما ترون عن يحيى بن سعيد أنه قال: أن رسول الله، فهو مرسل، وورد مرفوعًا عن ابن عباس، أخرجه الترمذي وغيره، يقول ابن عبد البر: "صحيح ثابت من حديث عبد الرحمن بن عايش وابن عباس وابن ثوبان، وأبي أمامة الباهلي" وهو جزء من حديث طويل، حديث اختصام الملأ الأعلى، وقد شرحه الحافظ ابن رجب في كتاب مستقل من أنفس ما كتبه ابن رجب، وكل ما كتبه نفيس، وهذا الحديث عظيم، وشرحه عظيم، على طالب العلم أن يعنى به، والحديث صححه -مثلما تسمعون- ابن عبد البر، وصححه أيضًا الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى-، على كل حال أنت راجع الترمذي وتجد الحديث طويلاً، هذا حديث اختصام الملأ الأعلى.

"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما من داع يدعو إلى هدى))" ما يهتدى به، ويستدل على الطريق الموصل إلى الله -عز وجل- ((إلا كان له مثل أجر من اتبعه)) ((من دعا إلى هدى فله مثل أجر من اتبعه)) ((ومن سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة)) بخلاف من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل]، من الناس من تكتب له الأجور قرون، ومن الناس من تجري عليه الأوزار قرون، {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(164) سورة الأنعام] لكن هذا عمله، هو تسبب في إضلال الناس يتحمل، تسبب في هداية الناس يبشر.

((لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا)) لدفع توهم نقص أجر المتبوع والتابع، وهذا فضل من الله -جل وعلا-، بخلاف أمور الدنيا، أمور الدنيا من دلك على خير، نعم في أمور الدنيا يحتاج إلى أجرة المثل على الأقل، لكن من دلك على هدى حصل لك الأجر كاملاً، وله مثل أجرك، فضل الله لا يحد، فضل الله واسع، ((وما من داع يدعو إلى ضلالة)) سواءً ابتدعها أو شهرها ودعا إليها، ولو لم يبتدعها ((إلا كان عليه مثل أوزارهم لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئًا)) عدلًا من الله -جل وعلا-، وهذا عمله، هذا عمله، {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [(39) سورة النجم] هذا من سعيه.

يقول: ((لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا))؟

ما أدري لعله يريد الإعراب؟ نعم إعراب.

((لا ينقص ذلك)) لا ينقص ذلك الفضل من الله -جل وعلا- لمن سن السنة الحسنة من أجور الأتباع شيئًا، فاعل ذلك، وشيئًا: مفعول.

يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر قال: "اللهم اجعلني من أئمة المتقين".

يقول أبو عمر: "هو من قوله -جل وعلا-: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [(74) سورة الفرقان] فإن الإنسان إذا كان إمامًا في الخير كان له من الأجر مثل أجر من اقتدى به من أتباعه؛ لأن الإمامة تقتضي التابع، وأن يكون الإمام متبوعًا، فيكون له أجره وأجر من اقتدى به، ومعلم الخير يستغفر له حتى الحوت في البحر، فعلينا أن نعنى بهذا الأمر، بلا شك أن كلما كان الإنسان أكثر تبعًا من يستفيد منه كان أعظم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- له أجر كل من تبعه، أجر كل من تبعه؛ لأنه هو الذي دل الناس على الهدى -عليه الصلاة والسلام-.

"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أبا الدرداء -عويمر- كان يقوم من جوف الليل فيقول: "نامت العيون، وغارت النجوم -يعني غربت- وأنت الحي القيوم"، "نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت الحي القيوم" هذا إذا قام من الليل، لكن الآن هل يستطيع أن يقول: نامت العيون مع الناس كلهم يسهرون الآن؟ "نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت الحي القيوم" يقول ابن عباس: هو الذي لا يزول، الحي القيوم: الذي لا يزول، الحي القيوم: جاء ما يدل على أنه الاسم الأعظم، وأنه في ثلاث آيات من القرآن: في آية الكرسي، وفي أول آل عمران، نعم، وفي طه.

الحي الذي لا يزول، وهو من قولهم: قيوم السماوات والأرض، الدائم حكمه، وهو الحافظ كما قال -جل وعلا-: {أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [(33) سورة الرعد] قاله الباجي.

والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"
يقول: هناك من لا يجوز الدعاء في الصلاة لأمور الدنيا فهل يصح هذا القول؟

هذا معروف عند الحنابلة أنه لا يجوز الدعاء "اللهم ارزقني زوجة جميلة، اللهم ارزقني سيارة فارهة، اللهم ارزقني بيتًا واسعًا" كله لا يجيزه الحنابلة، معروف هذا عندهم، لكن إطلاق النصوص يدعو بما أحب.

يقول: من تاب وقد سن سنة سيئة، فهل تغفر جميع ذنوبه حتى التي تأتي بعد توبته بسبب هذه السنة؟

على كل حال إذا سن سنة سيئة وتاب منها، لا بد أن يبين أن هذه السنة سيئة ويتبرأ منها بقدر ما أضل بها، يعني إذا كان كتبها في تأليف يكتب تأليف ينقض الأول، إذا كان في درس في الدرس الذي يليه يبين، إذا كان في خطبة على نفس المستوى على الأقل، {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ} [(160) سورة البقرة] لا بد من البيان في مثل هذا، نعم، إذا كان في الإعلام لا بد أن يبين على نفس المستوى.

يقول: غدًا عيد للنصارى اسمه شم النسيم، وبعض الأخوة عندهم محلات لبيع الحلوى، هل يجوز بيع هذه الحلوى لهم، مع أن الأصل في البيع والشراء الحِل، لكن مخافة التعاون على الإثم والعدوان،

وغلبة الظن أنهم يستعملونها لهذا العيد، لكن هي لا تصنع خصيصًا، وأرجو إيضاح مسألة دخول الشيء في التعاون على الإثم أم لا؛ لأننا نبعهم الطعام العادي هل يكون هذا عونًا لهم على أداء دينهم؟
التعاون، التعامل معهم في الجملة في البيع والشراء حلال، النبي -عليه الصلاة والسلام- باع واشترى من اليهود، فالتعامل معهم في البيع والشراء إذا كانت صورة العقد مباحة فهو حلال، لكن قد يطرأ للأمر المباح ما يجعله ممنوعًا، قد يطرأ على العقد المباح –الحلال- ما يجعله ممنوعًا، كبيع السلاح في حال الفتنة، وبيع الخل أو العنب أو التمر ممن يتخذه خمرًا، هذا لا يجوز، بيع السلعة التي يستعين بها العاصي على معصيته، إسكان من يزاول المعصية في السكن، كل هذا لا يجوز؛ لأنه تعاون على الإثم والعدوان، ومثل هذا إذا غلب على الظن أنهم يستعملون هذه الحلوى في عيدهم وعرف واطرد ذلك من فعلهم لا يجوز بيعها عليهم؛ لأنها تصير جزءًا من أعيادهم.
طالب:........
يغلقه؟ لا ما يلزم، ما يلزم، لا، العكس؛ لأن إغلاق المحلات في هذا اليوم لأنه عيد للنصارى تشبه بهم، هذا تشبه بهم.

هذا في حديث: ((من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له -إلى آخره- مائة مرة)) ثم قال: ((ولم يأتِ أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد، إلا أحد عمل أكثر من ذلك)).

هذا يقول: لماذا لا يكون المقصود بالزيادة في الحديث أن يقولها مائة مرة، ثم يكررها مائة أخرى فيذكرها مائة؟
يعني يكرر المئات، يزيد في المئات، لا يزيد على المئات، نعم.
يقول: لماذا لا يكون المقصود يقولها مائة مرة، ثم يقولها مائة مرة أخرى وهكذا؟
أما إذا زاد على الحد المشروع بأن قالها مائة مرة ومرة، أو مائة وثلاث مرات كان هذا في الممنوع، على كل حال عموم الحديث يشمل هذا وهذا، من قالها مائة وثلاث مرات، مائة وعشر مرات، مائة وخمسين مرة يصدق عليه أنه عمل أكثر من ذلك فيدخل في الحديث، كما أن من قالها مائتي مرة ثلاثمائة مرة، خمسمائة مرة يصدق عليه ذلك، يصدق عليه ذلك.

هذا يقول: ما حكم السفر إلى الدول غير الإسلامية؟

إذا كان البقاء بين أظهر الكفار لا يجوز، والهجرة من بلاد الكفر إلى ديار الإسلام واجبة، إلا من استضعف وعجز، فقد جاء عذره في القرآن، وعلى هذا لا يجوز السفر إلى البلاد غير الإسلامية والإقامة فيها، أهل العلم يقولون: إذا كانت المصلحة راجحة لتعلم علم لا يوجد عند المسلمين، والأمة بحاجة إليه، أو سفر لعلاج أو لدعوة، أهل العلم يرخصون في هذا، لكن على الإنسان أن يحتاط لدينه، والله المستعان.

يقول: ما حكم الترشيح أو التصويت لغير المسلم؟

غير المسلم لا يجوز ترشيحه ولا تصويته له، اللهم إلا إذا كانت البلاد غير إسلامية، والإنسان مضطر على البقاء فيها، أو عاجز عن الانتقال منها، ورأى أن هذا الذي يرشح يخفف الشر على المسلمين، فالمسألة اجتهادية، المسألة اجتهادية، نعم؟
طالب:........
هو ترشيح بين كفار، لكن هذا موجود مسلم ووجد في هذه البلاد وله صوت معتبر، وهذا كافر مؤذٍ ومعروف وشرير شره متعدٍّ، وهذا كافر لا يخشى شره، لا شك أن تقليل الشر بقدر الإمكان مطلوب، وإلا فالأصل أن الكافر لا عبرة به، والله المستعان، وهذا من آثار بناء النتائج التي يراد أن تكون شرعية على مقدمات غير شرعية، نعم يقيم في بلاد الكفار ثم يضطر إلى أن يتحاكم إلى غير ما أنزل الله، يتحاكم إلى القوانين الوضعية، وقد يلجأ إلى ربا، وقد يضطر إلى كذا، ما الذي اضطرك إلى البقاء يا أخي؟ العاجز، العاجز معذور، لكن من استطاع لا يجوز له ذلك بحال.

يقول: هذا أيضًا بالنسبة لحديث رفاعة بن رافع والرجل الذي زاد في قيامه من الركوع: "ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا" البعض يقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم ينكر عليه أصل عمل الزيادة،

بل امتدح ما فعل، وتأخير البيان عن وقت الحاجة يخالف كونه -عليه الصلاة والسلام- بين أكمل بيان وأتمه، فيلزم من هذا تسويغ الزيادة على المشروع -كما قالوا- فكيف نرد عليهم في هذه النقطة؟
في عصر التشريع إذا اجتهد الإنسان، فعل الخير، وقصد فعل الخير وفعله، السنة منها ما يسمى بالتقرير، التقرير؛ لأن السنة إنما تكون بالقول وبالفعل وبالتقرير وبوصفه -عليه الصلاة والسلام- بشمائله وأخلاقه وآدابه، التقرير، السنة التقريرية إذا فعل بحضرته -عليه الصلاة والسلام- شيئًا أو اجتهد شخص فقال قولًا يرجو به ما عند الله -جل وعلا-، وأقر في عهده -عليه الصلاة والسلام- من قبله -عليه الصلاة والسلام- يكتسب المشروعية، وبعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- لا كلام لأحد في هذا الباب؛ لأنه من أين يكتسب التشريع؟ من أين يكتسب الشرعية والوحي قد انقطع والإقرار الشرعي قد انتهى؟ من أين لشخص يقول كلامًا يظنه يقربه إلى الله -جل وعلا- ولا يجد من يدله على صواب قوله؟ هذا ابتداع لا بد أن يكون الدعاء -لا سيما الذي يتعبد به في الصلاة- لا بد أن يكون له أصل في الشرع من قول أو فعل، من قوله -عليه الصلاة والسلام- ومن فعله نعم، أو من تقريره، فليس في هذا مستمسك لمن أراد أن يأتي بشيء غير مشروع ويقول: إن الصحابي أقدم على غير المشروع من غير أن يسبق له شرعية، قبل أن يقره النبي -عليه الصلاة والسلام-، نقول: هو اكتسب الشرعية من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-.