التعليق على تفسير القرطبي - سورة الأحزاب (03)

طالب:...........................

الإشكال يعني كونها وصفته؟

طالب:..................

 .... حاشا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأصيب في أكحله وقال: اللهم إني، ما المانع من يصحح ماذا فيها؟

طالب:......................

نعم، الجمال يُدرك لأول مرة، الجمال يُدرك لأول مرة تغض بصرها وتعرف أنه جميل.

طالب:..........................

تحديد ما يجوز، مأمورة بالغض، لكن النظر إلى عموم الرجال أو النظر لأول مرة، ما فيه إشكال، لكن التحديد، تكرار النظر إلى الرجل مثل تكرار النظر إلى المرأة، له الأولى، وليست له الثانية.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالي-: "قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} إِذْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِمَعْنَى وَاذْكُرْ. وَكَذَا وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ". 

هذا مضطرد في المواضع التي مرت بنا، في مثل هذا، يُقدرون اذكر إذ جاءت، اذكر إذ جاءوكم، اذكر إذ قالت، وهكذا؛ لأنه لا بد من التقدير.

"مِنْ فَوْقِكُمْ يَعْنِي مِنْ فَوْقِ الْوَادِي، وَهُوَ أَعْلَاهُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، جَاءَ مِنْهُ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ فِي بَنِي نَصْر، وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ فِي أَهْلِ نَجْد، وَطُلَيْحَةُ بْنُ خُوَيْلِدٍ الْأَسَدِيُّ فِي بَنِي أَسَدٍ. {وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} يَعْنِي مِنْ بَطْنِ الْوَادِي مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ، جَاءَ مِنْهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ عَلَى أَهْلِ مَكَّة، وَيَزِيدُ بْنُ جَحْشٍ عَلَى قُرَيْشٍ، وَجَاءَ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ وَمَعَهُ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ الْيَهُودِيُّ فِي يَهُودِ بَنِي قُرَيْظَةَ مَعَ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ مِنْ وَجْهِ الْخَنْدَقِ.

{وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ} أَيْ شَخُصَتْ".

شخصت: يعني ارتفعت، وتفسير زاغت بشخصت معناه أنه ارتفعت إلى فوق، مع أن الزوغان والروغان معناهما التحرك بسرعة والميل عن مكانها بسرعة، هذا هو الذي يظهر، وقيل: مالت هذا أولى من تفسيرها بشخصت؛ لأن الشخوص: الارتفاع فوق.

"وَقِيلَ: مَالَتْ، فَلَمْ تَلْتَفِتْ إِلَّا إِلَى عَدُوِّهَا دَهَشًا مِنْ فَرْطِ الْهَوْلِ. { وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِر} أَيْ زَالَتْ عَنْ أَمَاكِنِهَا مِنَ الصُّدُورِ حَتَّى بَلَغَتِ الْحَنَاجِرَ وَهِيَ الْحَلَاقِيمُ، وَاحِدُهَا حُنْجَرَةٌ، فَلَوْلَا أَنَّ الْحُلُوقَ ضَاقَتْ عَنْهَا لَخَرَجَتْ، قَالَهُ قَتَادَةُ. وَقِيلَ: هُوَ عَلَى مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ عَلَى مَذْهَبِ الْعَرَبِ عَلَى إِضْمَارِ كَادَ، قَالَ:  

إذَا مَا غَضِبْنَا غَضْبَةً مُضَرِيَّةً
 

هَتَكْنَا حِجَابَ الشَّمْسِ أَوْ قَطَرَتْ دَمَا
  

أَيْ كَادَتْ تَقْطُرُ. وَقيل: إِنَّ الرِّئَةَ تَنْفَتِحُ عِنْدَ الْخَوْفِ فَيَرْتَفِعُ الْقَلْبُ حَتَّى يَكَادَ يَبْلُغُ الْحَنْجَرَةَ مَثَلًا".

يعني تضيق عليه، فينتقل عن مكانه الأصلي إلى جهة العلو. نعم.

"وَلِهَذَا يُقَالُ لِلْجَبَانِ: انْتَفَخَ سَحْرُهُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ مَثَلٌ مَضْرُوبٌ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ بِبُلُوغِ الْقُلُوبِ الْحَنَاجِرَ وَإِنْ لَمْ تَزُلْ عَنْ أَمَاكِنِهَا مَعَ بَقَاءِ الْحَيَاةِ. قَالَ مَعْنَاهُ عِكْرِمَةُ. رَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: بَلَغَ فَزَعُهَا. وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ أَرَادَ اضْطِرَابَ الْقَلْبِ وَضَرَبَانَهُ، أَيْ كَأَنَّهُ لِشِدَّةِ اضْطِرَابِهِ بَلَغَ الْحُنْجَرَةَ. وَالْحُنْجَرَةُ وَالْحُنْجُورُ (بِزِيَادَةِ النُّونِ) حَرْفُ الْحَلْقِ".

يعني طرفه، نعم.

"{ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} قَالَ الْحَسَنُ: ظَنَّ الْمُنَافِقُونَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يُسْتَأْصَلُونَ، وَظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ أَنَّهُمْ يُنْصَرُونَ. وَقِيلَ: هُوَ خِطَابٌ لِلْمُنَافِقِينَ، أَيْ قُلْتُمْ هَلَكَ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ. وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: الظُّنُونَا وَالرَّسُولَا وَالسَّبِيلَا آخِرُ السُّورَةِ".

لأن الكلمة إذا اقترن بها أل لا تُنوَّن، والألف دليل على التنوين؛ لأن المنون إذا وُقف عليه يوقف عليه بالألف، رسولاً مثلًا، وإذا اقترن بأل الظنونا، الرسولا، السبيلا، الأصل أنه لا يُنون، والألف إنما تلحق المنون، فكيف يكون مثل هذا والرسم موجود على هذه الكيفية؟ منهم من يقول: كما رُسم يُقرأ، {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}، {يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا}، ومنهم من يقول: تُكتب تباعًا للرسم، ولا تنطق (وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ) فالأصل أنها مفتوحة، الظنونَ فتحة، وليست مدة بسبب التنوين، ولهذا

 أشكل أطالوا في الجواب عنه، والرسم هكذا فيه الألف، لكن بعض الحروف الموجودة في الرسم لا يُنطق بها، {أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ}[النمل:21] فيه الهمزة بين لام ألف، فيه لام ألف عليها همزة، وفيه ألف بعدها في الرسم، ومثل هذه الألف لا يمكن النطق بها إلا على قلب المعنى، إلا على قلب المعنى فتكون الهمزة على الألف وتكون لام ألف لا نافية، هذا يقلب المعنى، بدلًا من أن يكون فعلًا مؤكدًا يكون منفيًّا، ولا شك أن الرسم يكون فيه شيء يختلف من رسمنا الإملائي المعمول به منذ قرون، ولذا جاءت المطالبة من كثير من الأدباء والكتاب بإعادة كتابة المصحف الشريف على قواعد الإملاء، ولقيت قبولًا من بعض الأوساط، لكن أهل التحري والتثبت والاحتياط من أهل العلم الراسخين قالوا: أبدًا رسم القرآن توقيفي، لا يمكن تغييره، لا يمكن تغييره، احتج من يطالب بإعادة كتابة المصحف على الرسم الإملائي وقالوا: إن فيه اضطرابًا وازدواجية عند الطلاب، يُعَلّمون الإملاء في المدارس، فإذا قرءوا القرآن وجدوا القواعد تختلف، {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[الأعراف:56]، التاء مفتوحة، والناس يُعَلمون، الصبيان يُعَلمون أن هذه تاء مربوطة، وليست مفتوحة، فبدلًا من هذا الاضطراب والازدواجية في التعليم، قالوا: يُكتب المصحف على حرف الكتابة الإملائية الموجودة، ولا شك أن مثل هذا يُعرض القرآن للتصرفات، ويجعله مجالًا للتغيير، يمكن أن تتغير القواعد الإملائية الموجودة ثم يضطر الناس إلى تغييره ثانيةً، فيبقى على ما اتفق عليه الصحابة وأجمعوا عليه، ومع ذلك ما يخالف القواعد الإملائية المعمول بها عند الناس، وإن أمكن ردها إلى ما هو في المصحف؛ لأنه هو الأصل، فهو الأصل، وإن لم يمكن أُجيب عنه، وحفظه الناس على صورته، وبقيت كتاباتهم على هيئتها.

 يعني مثل بعض القواعد النحوية في رسم المصحف ما يخالف القواعد النحوية، هل نُغير {وَالصَّابِئُونَ} [المائدة:69]، نقول: والصابئين بدل والصابئون، أو (نبغ) نقول: نبغي؛ لأنه ما تقدمها جازم؟ نغير رسم المصحف من أجل موافقة القواعد النحوية؟!

الأصل أن القرآن هو أصل كل شيء، يُرحع إليه فتُعدل القواعد على ضوئه، إذا لم يمكن ذلك، تضبط هذه القواعد وتُفهم وتُوضح للناس، ويبقى الرسم محفوظ من التغيير والتبديل، لا شك أن مثل هذا أهيب للقرآن، أما إذا كان عرضة لأن يُغير، خالف قاعدة، تبقى القاعدة المرجوع إليها عند مَن؟ عند الكوفيين أم عند البصريين أم عند كذا، يبقى المصحف هو الأصل، هو ما اتفق عليه الصحابة وأجمعوا عليه هم والعرب الأقحاح، ولو كان فيه إشكال في العربية نظروا في هذا الإشكال في وقته، وهذه المطالبات لن تنتهي، حتى وُجد من طبع المصحف على هيئة دليل، دليل مصحف، الدليل الذي بجانبه الحروف، حرف الألف، الباء، التاء، من أجل أي حرف تريده، تريد حرف الصاد تقل وهكذا، طبعوا المصحف على هذه الكيفية، سورة البقرة هكذا، سورة آل عمران، مثل الدليل، وهذا عبث، هذا عبث في المصحف، ينبغي أن يُجعل المصحف على هيئته كما أُسر عن الصحابة -رضوان الله عليهم - واتفقوا عليه، ولا يُعرض لمثل هذا؛ لأن مثل هذه التصرفات لن تقف إلى حد، والمخترعات والمستجدات متتابعة.

 أيضًا طُبع المصحف ملونًا، فتجد آيات الأحكام بلون، وآيات الوعيد بلون، وآيات الوعد بلون، وآيات كذا، والقصص بلون، وأحيانًا تلون الحروف، وأحيانًا تلون الصفحات، كل هذا من الإحداث في هذا الكتاب العظيم الذي تكفَّل الله بحفظه. والله المستعان.                                                                   طالب:........................

ماذا؟

طالب:.....................

هذا سهل لأنه كلام بشر تغييره أمر سهل، يعني كتابة الرمز بالصريح لا إشكال فيه، لكن الإشكال في الكتاب الذي تكفَّل الله بحفظه، وأجمع الصحابة على رسمه، كيف يُطالب بتغيير هذا الرسم؟! أما أنا وأخبرنا لأن كثيرًا من الناس ما يفرق فيقرأها أنا أو أنبئنا، هذه أمرها سهل، وبقاؤها كما وجدت هو الأصل، وهذه هي الأمانة العلمية، نُبقِي كل شيء على ما كان عليه، من لم يعرف فاللوم عليه، واللوم على الكتابة والكاتب.                       

طالب:...........................          

هذا لا يجوز أن يُخرج المسلمين القرآن إلا على صورته كما أُنزل وكما أجمع عليه الصحابة، لكن الله -جل وعلا- تكفَّل بحفظه، الصبيان اكتشفوا هذه الأخطاء، ولله الحمد.  

"وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: الظُّنُونَا وَالرَّسُولَا وَالسَّبِيلَا آخِرُ السُّورَةِ، فَأَثْبَتَ أَلِفَاتِهَا فِي الْوَقْفِ وَالْوَصْلِ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِر. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو وَالْكِسَائِيِّ تَمَسُّكًا بِخَطِ الْمُصْحَفِ، مُصْحَفِ عُثْمَان، وَجَمِيعِ الْمَصَاحِفِ فِي جَمِيعِ الْبُلْدَانِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِلْقَارِئِ أَنْ يُدْرِجَ الْقِرَاءَةَ بَعْدَهُنَّ، لَكِنْ يَقِفُ عَلَيْهِنَّ. قَالُوا: وَلِأَنَّ الْعَرَبَ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي قَوَافِي أَشْعَارِهِمْ وَمَصَارِيعِهَا، قَال:

نَحْنُ جَلَبْنَا الْقُرَّحَ القَوَافِلَا
 

تَسْتَنْفِرُ الْأَوَاخِرُ الْأَوَائِلَا
  

 وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَالْجَحْدَرِيُّ وَيَعْقُوبُ وَحَمْزَةُ بِحَذْفِهَا فِي الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ مَعًا".

يعني حذف الألف، عرفنا أن السبب أن أل لا يصاحبها تنوين، والألف إنما تكتب مع التنوين.

 "قَالُوا: هِيَ زَائِدَةٌ فِي الْخَطِّ كَمَا زِيدَتِ الْأَلِفُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{ وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ} [التوبة:47]، فَكَتَبُوهَا كَذَلِكَ، وَغَيْرِ هَذَا. وَأَمَّا الشِّعْرُ فَمَوْضِعُ ضَرُورَةٍ، بِخِلَافِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ أَفْصَحُ اللُّغَاتِ، وَلَا ضَرُورَةَ فِيهِ. قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: وَلَمْ يُخَالِفِ الْمُصْحَفَ مَنْ قَرَأَ (الظُّنُونَ. وَالسَّبِيلَ. وَالرَّسُولَ) بِغَيْرِ أَلِفٍ فِي الْحُرُوفِ الثَّلَاثَةِ، وَخَطَّهُنَّ فِي الْمُصْحَفِ بِأَلِفٍ؛ لِأَنَّ الْأَلِفَ الَّتِي فِي أَطَعْنَا وَالدَّاخِلَةَ فِي أَوَّلِ (الرَّسُولَ. وَالظُّنُونَ. وَالسَّبِيلَ) كَفَى مِنَ الْأَلِفِ".

كفى، كفى من الألف، يعني يكفي.

 "كَفَى مِنَ الْأَلِفِ الْمُتَطَرِّفَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ كَمَا كَفَتْ أَلِفُ أَبِي جَادٍ مِنْ أَلِفِ هَوَّازٍ. وَفِيهِ حُجَّةٌ أُخْرَى: أَنَّ الْأَلِفَ أُنْزِلَتْ مَنْزِلَةَ الْفَتْحَةِ، وَمَا يُلْحَقُ دِعَامَةً لِلْحَرَكَةِ الَّتِي تَسْبِقُ، وَالنِّيَّةُ فِيهِ السُّقُوطُ، فَلَمَّا عُمِلَ عَلَى هَذَا كَانَتِ الْأَلِفُ مَعَ الْفَتْحَةِ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ يُوجِبُ الْوَقْفُ سُقُوطَهُمَا، وَيُعْمَلُ عَلَى أَنَّ صُورَةَ الْأَلِفِ فِي الْخَطِّ لَا تُوجِبُ مَوْضِعًا فِي اللَّفْظِ، وَأَنَّهَا كَالْأَلِفِ فِي (ساحْرَانِ) وَفِي {فَاطِرِ السَّمَوَاتِ} [الأنعام:14]،  وَفِي {وَاعَدْنَا مُوسَى} [البقرة:51]، وَمَا يُشْبِهُهُنَّ مِمَّا يُحْذَفُ مِنَ الْخَطِّ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي اللَّفْظِ، وَهُوَ مُسْقَطٌ مِنَ الْخَطِّ".

ولذلك لا يُتعرض له فاطر، واعدنا، لا يُكتب ألف في المصحف، لكن في الكلام العادي إسماعيل يكتبونها بدون ألف، الحارث يكتبونها بدون ألف، كلام الناس العادي، كان المتقدمون يكتبون مثل هذا، حارث بدون ألف، إسماعيل كذلك، مالك يكتبونها بدون ألف، ثم بعد ذلك مثل هذه لا مانع من تعديلها على ضوء القواعد؛ لأنه كلام عادي، فتُعدل، لكن كلام الله لا يُتعرض له بشيء، ولا يُخالف ما أجمعوا عليه الصحابة.                                                                                                    "وَفِيهِ حُجَّةٌ ثَالِثَةٌ هِيَ أَنَّهُ كُتِبَ عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقُولُ لَقِيتُ الرَّجُلَا. وَقُرِئَ عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقُولُ: لَقِيتُ الرَّجُلَ، بِغَيْرِ أَلِفٍ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ العلم أَنَّهُمْ رَوَوْا عَنِ الْعَرَبِ قَامَ الرَّجُلُو، بِوَاوٍ".                                                                                            هي إشباع، إشباع للضم حتى نشأ عنها واو، نعم.                                                                "وَمَرَرْتُ بِالرَّجُلِي، بِيَاءٍ".                                                                                 إشباع للكسرة حتى نتج عنها ياء.                                                     طالب:.....................

كيف؟

طالب:....................     

جماعة من أهل اللغة، ماذا عندك؟ هل قال شيئًا؟

طالب: ............

اللغة اللغة نعم.                                                                                               "أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهُمْ رَوَوْا عَنِ الْعَرَبِ قَامَ الرَّجُلُو، بِوَاوٍ، وَمَرَرْتُ بِالرَّجُلِي، بِيَاءٍ، فِي الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ. وَلَقِيتُ الرَّجُلَا، بِأَلِفٍ فِي الْحَالَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا".                              هذا أيضًا موجود إلى الآن، لكنه يُعد فاعله مخطئًا فيكتب إنهُو بواو، هذا خطأ في الإملاء، وهذه اللغة لها أصل، ويزيد بعضهم إنهوء بواو ثم همزة بعدها، وهذا خطأ على خطأ،  يعني وقفنا على كتاب من هذا النوع، لكن الواو هذه يُلتمس لها أن أصلها هذه اللغة، مع أن الكاتب لا يعرف هذه اللغة، ولم يسمع بهذه اللغة فهو مخالف للقواعد المعمول بها.                                                                  طالب:.................

نعم.

طالب:..................

ما سمعت.

طالب:...................                                                                             نعم، وغيره  وغيره كثير من الأدباء، كثير قالوا كما يُنطق يُكتب، حمد الجاسري يقول: الألف المقصورة ما لها قيمة مادام تنطق ألفًا تكتب ألفًا، سلما تُكتب بالألف مد، سلوا بالألف، نص على هذين الاسمين.                                                                                     

"قَالَ الشَّاعِرُ:                                                                                    

أَسَائِلَةٌ عُمَيْرَةُ عَنْ أَبِيهَا
 

خِلَالَ الْجَيْشِ تَعْتَرِفُ الرِّكَابَا
  

فَأَثْبَتَ الْأَلِفَ فِي (الرِّكَابَ) بِنَاءً عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ. وَقَالَ الْآخَرُ:

إِذَا الْجَوْزَاءُ أَرْدَفَتِ الثُّرَيَّا
 

ظَنَنْتُ بِآلِ فَاطِمَةَ الظُّنُونَا
  

 وَعَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ بَنَى نَافِعٌ وَغَيْرُهُ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَالْكِسَائِيُّ بِإِثْبَاتِهَا فِي الْوَقْفِ وَحَذْفِهَا فِي الْوَصْلِ. قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: وَمَنْ وَصَلَ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَوَقَفَ بِأَلِفٍ فَجَائِزٌ أَنْ يَحْتَجَّ بِأَنَّ الْأَلِفَ احْتَاجَ إِلَيْهَا عِنْدَ السَّكْتِ حِرْصًا عَلَى بَقَاءِ الْفَتْحَةِ، وَأَنَّ الْأَلِفَ تَدْعَمُهَا وَتُقَوِّيهَا. قَوْلُهُ تَعَالَى: {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا}". 

طالب:................                                                                                            مكتوب هوّز، تقول هواز أم هوّز، هوّز بدون ألف، اكتفى بألف أبيجات، كانوا يكتبون أبيجات، موجود هذا بكتب أهل العلم، فاكتُفي بألفها عن هواز.

أبيجات أبجد؟

أبجد هوز، والعنوان يعني عنوان الحروف هذه أبيجات. نعم، يكتبون أبيجات، يكتبون هذه وكتب التوعيد كلها.                                                                                                     "(هُنَا) لِلْقَرِيبِ مِنَ الْمَكَانِ. وَ(هُنَالِكَ) لِلْبَعِيدِ. وَ(هُنَاكَ) لِلْوَسَطِ. وَيُشَارُ بِهِ إِلَى الْوَقْتِ، أَيْ عِنْدَ ذَلِكَ اخْتُبِرَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَتَبَيَّنَ الْمُخْلِصُ مِنَ الْمُنَافِقِ. وَكَانَ هَذَا الِابْتِلَاءُ بِالْخَوْفِ وَالْقِتَالِ وَالْجُوعِ وَالْحَصْرِ وَالنِّزَالِ. { وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا}  أَيْ حُرِّكُوا تَحْرِيكًا. قَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ مَصْدَرٍ مِنَ الْمُضَاعَفِ عَلَى فِعْلَالٍ يَجُوزُ فِيهِ الْكَسْرُ وَالْفَتْحُ، نَحْوُ قَلْقَلْتُهُ قِلْقَالًا وَقَلْقَالًا، وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا وَزَلْزَالًا. وَالْكَسْرُ أَجْوَدُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُضَاعَفِ عَلَى الْكَسْرِ نَحْوَ دَحْرَجْتُهُ دِحْرَاجًا. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِكَسْرِ الزَّايِ. وَقَرَأَ عَاصِمٌ وَالْجَحْدَرِيُّ زَلْزَالًا بِفَتْحِ الزَّايِ. قَالَ ابْنُ سَلَامٍ: أَيْ حُرِّكُوا بِالْخَوْفِ تَحْرِيكًا شَدِيدًا".

لأن تزلزل الشيء عن مكانه: تحركه عن مكانه، يبدأ من التحرك اليسير بالعطاس ونحوه، إلى التحرك الكبير بالزلزال الشديد الشنيع، نعم، كله زلزال؛ لأنه يتزلزل ويتحرك عن مكانه.                  "وَقَالَ الضَّحَّاكُ :هُوَ إِزَاحَتُهُمْ عَنْ أَمَاكِنِهِمْ حَتَّى لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِلَّا مَوْضِعُ الْخَنْدَقِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ اضْطِرَابُهُمْ عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنِ اضْطَرَبَ فِي نَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مَنِ اضْطَرَبَ فِي دِينِهِ. وَ(هُنَالِكَ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِيهِ ابْتُلِيَ فَلَا يُوقَفُ عَلَى (هُنَالِكَ). وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} فَيُوقَفُ عَلَى (هُنَالِك)".

إذا كان العامل فيه متأخرًا فلا يوقف عليه دون عامله، {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ} وإذا كان عامله متقدمًا، يوقف عليه؛ لأنه لا يحتاج إلى ما بعده.

نعم.                                                                                     

 "قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}  أَيْ شَكٌّ وَنِفَاقٌ. { مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا}  أَيْ بَاطِلًا مِنَ الْقَوْلِ. وَذَلِكَ أنَّ طُعْمَةَ بْنَ أُبَيْرِقٍ وَمُعَتِّبَ بْنَ قُشَيْرٍ وَجَمَاعَةً نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ رَجُلًا قَالُوا يَوْمَ الْخَنْدَقِ: كَيْفَ يَعِدُنَا كُنُوزَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَبَرَّزَ؟ وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ لَمَّا فَشَا فِي أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ ضَرْبِ الصَّخْرَةِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ النَّسَائِيِّ،  فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَة".                                                        لما ضرب الصخرة -عليه الصلاة والسلام- فانكسر ثلثها، بشَّرهم بكنوز كسرى، ولما انكسر الثلث الثاني بشَّرهم بكنوز قيصر وهكذا.

طالب:..................................                                                           المنافقون، المرض غطى علي قلوبهم تغطية كاملة، من المؤمنين أو من المسلمين من في قلبه مرض، إما مرض شهوة وإما مرض شبهه، لكنه لم يغطِّها تغطية كاملة بحيث يكونوا من المنافقين.

طالب:.........

متأثر، لكنه ليس بمطبق.                                                                                        "قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} الطَّائِفَةُ تَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ فَمَا فَوْقَهُ. وَعُنِيَ بِهِ هُنَا أَوْسُ بْنُ قَيْظِيٍّ وَالِدُ عَرَابَةَ بْنِ أَوْسٍ، الَّذِي يَقُولُ فِيهِ الشَّمَّاخُ:

إِذَا مَا رَايَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ
 

تَلَقَّاهَا عَرَابَةُ بِالْيَمِينِ
  

وَ(يَثْرِبَ) هِيَ الْمَدِينَةُ، وَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- طَيْبَةَ وَطَابَةَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: يَثْرِبُ اسْمُ أَرْضٍ، وَالْمَدِينَةُ نَاحِيَةٌ مِنْهَا. قال السُّهَيْلِيُّ :وَسُمِّيَتْ يَثْرِبُ؛ لِأَنَّ الَّذِي نَزَلَهَا مِنَ الْعَمَالِيقِ اسْمُهُ يَثْرِبُ بْنُ عُمَيْلِ بْنِ مَهْلَائِيلَ بْنِ عَوَضِ بْن عِمْلَاقِ بْنِ لَاوَذ بْنِ إِرَم.َ وَفِي بَعْضِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ اخْتِلَافٌ .وَبَنُو عُمَيْلٍ هُمُ الَّذِينَ سَكَنُوا الْجُحْفَةَ فَأَجْحَفَتْ بِهِمُ السُّيُولُ فِيهَا. وَبِهَا سُمِّيَتِ الْجُحْفَة".                                                                                 يثرب كان اسمًا للمدينة، ثم لما هاجر اليها النبي -عليه الصلاة والسلام- غير هذا الاسم، سماها طابة وطيبة، وجاء تسميتها في القرآن بالدار {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ} [الحشر:9]، وعُرفت بالمدينة النبوية وصار علمًا عليها بالغلبة، وجاءت كراهة تسميتها بيثرب؛ لأنه من التثريب، تثريب اللوم من التثريب، وتسميتها بالقرآن هنا لا على سبيل الإقرار، وإنما جاء على لسان من قاله من المنافقين، فهو حكاية حال، لا أن يقول أحد: كيف يُكره تسمية المدينة بيثرب والله -جل وعلا- سماها يثرب في القرآن؟! نقول: إن هذه التسمية ما جاءت على سبيل الإقرار وعلى سبيل التثبيت للاسم، إنما هو جاء عن لسان، يحكى عن لسان المنافقين.                                                                                                "(لَا مُقَامَ لَكُمْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ".

يعني لا مقام، نعم.

"وَقَرَأَ حَفْصٌ وَالسُّلَمِيُّ وَالْجَحْدَرِيُّ وَأَبُو حَيْوَةَ: بِضَمِّ الْمِيمِ، يَكُونُ مَصْدَرًا مِنْ أَقَامَ يُقِيمُ، أَيْ لَا إِقَامَةَ، أَوْ مَوْضِعًا يُقِيمُونَ فِيهِ. وَمَنْ فَتَحَ فَهُوَ اسْمُ مَكَانٍ، أَيْ لَا مَوْضِعَ لَكُمْ تُقِيمُونَ فِيهِ".

المقام: هذه الصيغة المقام تُطلق على المكان، مكان القيام، وتُطلق على المصدر الذي هو القيام، ويجدر هنا الإشارة إلى مقام إبراهيم، هل المراد به المكان الذي قام فيه إبراهيم، أو المراد به الحجر الذي قام عليه؟ وكلاهما موضع قيام، كلاهما موضع قيام.

 لا شك أن المقام الذي قام فيه إبراهيم على هذا الحجر كان قريبًا جدًّا من الكعبة؛ لأنه إنما احتاجه لما ارتفع جدار الكعبة فصار بحاجة إلى شيء يصعد عليه فيبني ما ارتفع عنه، وقد حصل بهذا الحجر وبان أثره فيه، فالذي يقول: إن المقام مكان القيام، يقول: المقام بقرب الكعبة والحجر سواء كان قريبًا أو بعيدًا لا يترتب عليه حكم، والذي يقول: إن المقام هو هذا الحجر الذي قام عليه، يكون الحكم يتبع هذا الحجر {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125]، هل نتخذ من المكان المقام الأصلي الذي قام فيه إبراهيم -عليه السلام- في بناء الكعبة، أو نقول: إن المقام هو هذا الحجر فنتبعه بالحكم الشرعي ولو أبعد؟ يعني لو اقتضى النظر إدخال هذا الحجر إلى الأروقة {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}، هل نصلي في الأروقة؛ لأننا نتبع هذا الحجر، أو نقول: إن المقام مكان القيام الأصلي، فنصلي في مكان القيام الأصلي بقرب الكعبة، ولا ننظر إلى هذا الحجر لأن مكانه غُير، في عهد عمر اجتاحه السيل وأبعده عن مكانه، فأعاده عمر -رضي الله عنه-، ثم بعد ذلك اقتضى النظر إلى أن يُبعد عن الكعبة؛ رحمة بالطائفين؛ ليتسع مكان المطاف، ولو اقتضى النظر أن يُبعد أيضًا عشرة أمتار أو عشرين مترًا؛ ليتسع المطاف، المسألة قابلة للاجتهاد، لكن يبقى أننا إذا أردنا أن نصلي، أردنا أن نتخذ من مكان إبراهيم مصلى، هل نصلي بالقرب من الكعبة أو نتبع هذا الحجر؟

هذا محل خلاف بين أهل العلم. وكثير من الكبار توقف في هذه المسألة؛ لأنه لو اقتضى النظر أيضًا إخراج هذا الحجر عن البيت، المسجد؛ لأنه في طريق الناس ويعوقهم عن لاسيما في أوقات الزحام، نعم هذا احتمال بعيد جدًّا، ما يمكن وقوعه، شبه مستحيل، يعني بعيدًا أن يُخرج من المسجد، لكنه ليس بمستحيل، إذا اقتضى النظر ذلك لأهل العلم في وقته، الله أعلم ما يصل إليه اجتهادهم، والأصل أن يبقى في مكانه؛ لأنه عُلِّقت به ورُبطت به أحكام شرعية. أحكام شرعية، ومن اجتهد من أهل العلم معروف كلامهم، وأُلِّف في هذا كتب، أُلِّف في هذا كتب الشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني له كتاب اسمه "مقام إبراهيم" في رسالة في حدود أربعين صفحة، هل يجوز تقديمه أو تأخيره عن مكانه؟ وألف الشيخ سليمان بن حمدان ردَّ على الشيخ المعلمي، وسمى ردَّه " نقض المباني من فتوى اليماني"، " نقض المباني من فتوى اليماني" ردَّ الشيخ محمد بن إبراهيم المفتي الأكبر -رحمه الله- على الشيخ سليمان بن حمدان في كتاب أسماه ، ما اسمه؟

طالب: ............

 فيما في كتاب الشيخ سليمان بن حمدان من الغلط والخلط والبهتان.

 طالب:.............................                                                                               نقض المباني هذا كتاب ابن حمدان، المقصود أن المسألة فيها كتب، حتى فيها كتب أخرى غير هذه الكتب الثلاثة، والمسألة معروفة عند أهل العلم، والأولى أن يبقى المقام في مكانه، وإن اقتضى النظر بعد إعادته إلى قرب البيت بجوار الجدار فهو الأصل، لكن المسألة اجتهادية، في صدر الأمة، في صدر عصر هذه الأمة من السلف حُرِّك عن مكانه، فدل على أن المسألة اجتهادية.

 "(فَارْجِعُوا) أَيْ إِلَى مَنَازِلِكُمْ. أَمَرُوهُمْ  بِالْهُرُوبِ مِنْ عَسْكَرِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَتِ الْيَهُودُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ ابْنِ سَلُولَ وَأَصْحَابِهِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: مَا الَّذِي يَحْمِلُكُمْ عَلَى قَتْلِ أَنْفُسِكُمْ بِيَدِ أَبِي سُفْيَانَ وَأَصْحَابِهِ! فَارْجِعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ فَإِنَّا مَعَ الْقَوْمِ فَأَنْتُمْ آمِنُونَ.

 قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ} فِي الرُّجُوعِ إِلَى مَنَازِلِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، وَهُمْ بَنُو حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ، فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ :قَالَ ذَلِكَ أَوْسُ بْنُ قَيْظِيٍّ عَنْ مَلَأٍ مِنْ قَوْمِهِ. {يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} أَيْ سَائِبَةٌ ضَائِعَةٌ لَيْسَتْ بِحَصِينَةٍ، وَهِيَ مِمَّا يَلِي الْعَدُوَّ. وَقِيلَ: مُمْكِنَةٌ لِلسُّرَّاقِ لِخُلُوِّهَا مِنَ الرِّجَالِ. يُقَالُ: دَارٌ مُعْوِرَةٌ وَذَاتُ عَوْرَةٍ إِذَا كَانَ يَسْهُلُ دُخُولُهَا. يُقَالُ: عَوِرَ الْمَكَانُ عَوَرًا فَهُوَ عَوِرٌ. وَبُيُوتٌ عَوِرَةٌ. وَأَعْوَرَ فَهُوَ مُعْوِرٌ. وَقِيلَ: عَوِرَةٌ ذَاتُ عَوْرَةٍ. وَكُلُّ مَكَانٍ لَيْسَ بِمَمْنُوعٍ وَلَا مَسْتُورٍ فَهُوَ عَوْرَةٌ، قَالَهُ الْهَرَوِيُّ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَأَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ: (عَوِرَةٌ) بِكَسْرِ الْوَاوِ، يَعْنِي قَصِيرَةَ الْجُدْرَانِ فِيهَا خَلَلٌ. تَقُولُ الْعَرَبُ: دَارُ فُلَانٍ عَوِرَةٌ إِذَا لَمْ تَكُنْ حَصِينَةً. وَقَدْ أَعْوَرَ الْفَارِسُ إِذَا بَدَا فِيهِ خَلَلٌ لِلضَّرْبِ وَالطَّعْنِ، قَالَ الشَّاعِرُ: 

مَتَى تَلْقَهُمْ لَمْ تَلْقَ فِي الْبَيْتِ مُعْوِرًا
 

وَلَا الضَّيْفَ مَفْجُوعًا وَلَا الْجَارَ مُرْمِلَا"
  

هذا مجرد اعتذار عن حصول أو عن حضور هذه الغزوة، المنافق الذي لم يقر الإيمان في قلبه ولم يصدق بما جاء عن الله وبما وعد الله به المجاهدين، يعتذر بمثل هذا، كما اعتذر بقوله: بأنه إذا رأى بنات بني الأصفر لا يصبر، إذا رأى بنات بني الأصفر لا يصبر اعتذر بهذا، وهل هذا عذر! {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي} [التوبة:49]، هذا ليس بعذر، بدليل قوله -جل وعلا- بعد ذلك {أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التوبة:49]، قد يكون مثل هذا العذر مقبولًا إذا كان في مقابل نفل لا في مقابل واجب، يعني إذا قيل لفلان من الناس لماذا لا تحج الفريضة؟ قال: والله الحج فيه نساء، وأنا لا أصبر، نقول: لا، ليس بعذر هذا، لكن لو قيل: لماذا لا تعتمر نافلة، وتتردد على هذا البيت الشريف والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، قال: والله فيه تبرج، وأنا لا أصبر،  الذي يريحك، مقبول عذرك إن صدقت؛ لأن بعض الناس قد يتذرَّع بأشياء وليس بصحيح، لا يكون هذا هو المانع له، إنما الرغبة عن الخير والزهد فيه أو الشح بالمال، يقول: والله فيه تبرج، وأنا لا أستطيع، ما أصبر، لكن إن قال ذلك مقابل فريضة من الفرائض لا يُقبل، {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التوبة:49]، فعليك أن تؤدي ما افترض الله عليك، وعليك أن تجاهد نفسك فيما تخاف منه، إذا قال: والله لا أستطيع أن أعتمر أو أتردد على البيت، كما يفعل فلان وفلان؛ لأن فيه من التبرج ما فيه وأنا لا أصبر، قلنا: النظر قابل فقد تكون صادق وترجيحك راجح؛ لأنك إذا كنت لا تصبر عن مثل هذه الأمور فلا يجوز لك أن تعرض نفسك للفتن، وهذا في مقابل النوافل والمستحبات، يقبل، لكن أفضل منه من يأتي إلى هذه المستحبات، ويؤدي هذه المستحبات مع مجاهدة النفس في عدم الوقوع في المحرم.                                                                                                                                              "قال الْجَوْهَرِيُّ: وَالْعَوْرَةُ كُلُّ خَلَلٍ يُتَخَوَّفُ مِنْهُ فِي ثَغْرٍ أَوْ حَرْبٍ. قال النَّحَّاسُ: يُقَالُ أَعْوَرَ الْمَكَانُ إِذَا تُبُيِّنَتْ فِيهِ عَوْرَةٌ".                                                                                   مع الأسف أن بعض المسلمين يعمد إلى أن يكون بيته عورة فتجد السور نازلًا، الطويل من الرجال يستطيع أن يطل في هذا البيت، وتجد الباب يكشف عما وراءه شفاف إما زجاج أو بلاستيك أو شيء من هذا، هذه عورة بلا شك، لكن صاحبه هو الذي أرادها وجلبها إلى نفسه، ما الذي يضيره لو رفع السور ذراعًا زائدًا عما كان عليه، وجعل الباب من الحديد المتين الذي يأمن فيه على نفسه وعلى ولده وعلى عرضه وعلى ماله، ثم بعد ذلك يقول: إن بيوتنا عورة! هو الذي يجعلها على هذه الطريقة ويقول: بيوتنا عورة، وإذا قيل له: لماذا لا تحج؟ قال: والله ما أقدر أن أغادر البيت! لأني خائف والله على أولادي، ترفع السور الحمد لله  وتأمن، مثلما غيره، لكن مع الأسف أنه يجعل الباب من زجاج، والمرأة إذا كانت خلف هذا الباب تُرى، ولا يرفع بذلك رأسًا، وهذا تفريط، وهذا يغري السفهاء والجهال والفساق واللصوص، يغريهم بمثل هذا البيت، فلا يوجد ما يمنعهم من التسلُّق وتسوُّر الجدار والنزول في هذا البيت وإصابة أهله بالزعر وسرقة الأموال، وقد يصل إلى انتهاك الأعراض، نسأل الله السلامة والعافية، فعلى الإنسان أن يحتاط لنفسه ولدينه ولعرضه ولولده ولماله، فلا يعرض نفسه لمثل هذه الأمور، ويشبه المنافقين في مثل هذا {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ}، هذا تضرع، لكنهم يريدون بذلك الاعتذار عن الجهاد، والله المستعان.

"وَأَعْوَرَ الْفَارِسُ إِذَا تُبُيِّنَ فِيهِ مَوْضِعُ الْخَلَلِ. قال الْمَهْدَوِيّ: وَمَنْ كَسَرَ الْوَاوَ فِي عَوْرَةٍ فَهُوَ شَاذٌّ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ: رَجُلٌ عَوِرٌ، أَيْ لَا شَيْءَ لَهُ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يُعَلَّ فَيُقَالُ: عَارٍ، كَيَوْمٍ رَاحٍ، وَرَجُلٍ مَالٍ، أَصْلُهُمَا رَوْحٌ وَمَوْلٌ".

لكن الذي يجعل من قال رجل عور، أولًا عور صيغة مبالغة مثل حذر، ما فيه ما يمنع منها وإن كان الأصل عارٍ مثل حاذر؛ لأن صيغة المبالغة محولة عن اسم الفاعل، والأصل اسم الفاعل، والذي يمنع من الأصل رجلٌ عارٍ، هذا يحيل المعنى، فالعري غير العوار.                                                            "ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ}  تَكْذِيبًا لَهُمْ وَرَدًّا عَلَيْهِمْ فِيمَا ذَكَرُوهُ".                                     الوقوع في اللبس قد يحمل على العدول بالكلمة عن أصلها، العيد من عاد، يعود، فهو واوي، وليس بيائي، الأصل فيه أن يقال: عود، لكن لما خُشي من التباس هذا الأصل بالعود الذي هو من الخشب أو من الشجر أو ما أشبه ذلك، عُدل به إلى الياء، فكونهم عدلوا عن عارٍ إلى عور، لا شك أن الأصل يوقع في لبس، والفرع صحيح، وله نظائر في لغة العرب، إنما يقال: رجل حذر، كما قال الشاعر:

لست بليلي ولكني نهر
  

 يعني نهاري ليس بليلي إنما هو نهاري

لست بليلي ولكني نهر
 

لا أدلج الليل ولكن أبتكر
  

يعني هذا ما يسهر، ينام بالليل ويشتغل بالنهار كما هو الأصل.

"{وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ} تَكْذِيبًا لَهُمْ وَرَدًّا عَلَيْهِمْ فِيمَا ذَكَرُوهُ. {إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} أَيْ مَا يُرِيدُونَ إِلَّا الْهَرَبَ. قِيلَ: مِنَ الْقَتْلِ. وَقِيلَ: مِنَ الدِّينِ. وَحَكَى النَّقَّاشُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي قَبِيلَتَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ: بَنِي حَارِثَةَ وَبَنِي سَلِمَةَ، وَهَمُّوا أَنْ يَتْرُكُوا مَرَاكِزَهُمْ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَفِيهِمْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} الْآيَةَ. فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالُوا: وَاللَّهِ مَا سَاءَنَا مَا كُنَّا هَمَمْنَا بِهِ، إِذِ اللَّهُ وَلِيُّنَا".

أليست هذه في أُحد؟

نعم.

طالب: الآية أليست في أُحد؟

هو الظاهر، هو الظاهر، نعم؛ لأنه في آل عمران قصة أُحد.                                                 "وَقَالَ السُّدِّيُّ: الَّذِي اسْتَأْذَنَهُ مِنْهُمْ رَجُلَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ أَحَدُهُمَا أَبُو عَرَابَةَ بْنُ أَوْسٍ، وَالْآخَرُ أَوْسُ بْنُ قَيْظِيٍّ. قَالَ الضَّحَّاكُ: وَرَجَعَ ثَمَانُونَ رَجُلًا بِغَيْرِ إِذْنِهِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا} وَهِيَ الْبُيُوتُ أَوِ الْمَدِينَةُ، أَيْ مِنْ نَوَاحِيهَا وَجَوَانِبِهَا، الْوَاحِدُ قُطْرٌ، وَهُوَ الْجَانِبُ وَالنَّاحِيَةُ. وَكَذَلِكَ الْقُتْرُ لُغَةٌ فِي الْقُطْرِ".

 والطاء والتاء تتقاربان وتتعاوضان، تحل إحداهما محل الأخرى، والقطر واحد والأقطار كما يقال، القطر المصري، القطر العراقي، القطر السوري وما أشبه ذلك.

"{ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا} أَيْ لَجَاءُوهَا، هَذَا عَلَى قِرَاءَةِ نَافِعٍ وَابْنِ كَثِيرٍ بِالْقَصْرِ".

لَآتَوْهَا، لَآتَوْهَا

"{ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَأتَوْهَا} أَيْ لَجَاءُوهَا".

لأن المد معناه أعطوها، آتوها يعني أعطوها.

"هَذَا عَلَى قِرَاءَةِ نَافِعٍ وَابْنِ كَثِيرٍ بِالْقَصْرِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْمَدِّ، أَيْ لَأَعْطَوْهَا مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي حَاتِمٍ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- كَانُوا يُعَذَّبُونَ فِي اللَّهِ وَيُسْأَلُونَ الشِّرْكَ، فَكُلٌّ أَعْطَى مَا سَأَلُوهُ إِلَّا بِلَالًا".

أعطى بلسانه، وقلبه مطمئن بالإيمان، وهذا هو الإكراه المعفوّ عنه.

 "وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى قِرَاءَةِ الْمَدِّ، مِنَ الْإِعْطَاءِ. وَيَدُلُّ عَلَى قِرَاءَةِ الْقَصْرِ قَوْلُهُ: {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ}،  فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى لَأتَوْهَا مَقْصُورًا. وَفِي الْفِتْنَةِ هُنَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: سُئِلُوا الْقِتَالَ فِي الْعَصَبِيَّةِ لَأَسْرَعُوا إِلَيْهِ، قَالَهُ الضَّحَّاكُ. 

الثَّانِي: ثُمَّ سُئِلُوا الشِّرْكَ لَأَجَابُوا إِلَيْهِ مُسْرِعِينَ، قَالَهُ الْحَسَنُ.

 {وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا}، أَيْ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ إِعْطَاءِ الْكُفْرِ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى يَهْلِكُوا، قَالَهُ السُّدِّيُّ وَالْقُتَبِيُّ وَالْحَسَنُ وَالْفَرَّاءُ. وَقَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: أَيْ وَمَا احْتَبَسُوا عَنْ فِتْنَة الشِّرْكِ إِلَّا قَلِيلًا وَلَأَجَابُوا بِالشِّرْكِ مُسْرِعِينَ؛ وَذَلِكَ لِضَعْفِ نِيَّاتِهِمْ، وَلِفَرْطِ نِفَاقِهِمْ، فَلَوِ اخْتَلَطَتْ بِهِمُ الْأَحْزَابُ لَأَظْهَرُوا الْكُفْرَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ} أَيْ مِنْ قَبْلِ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ وَبَعْدَ بَدْرٍ. قَالَه قَتَادَةُ :وَذَلِكَ أَنَّهُمْ غَابُوا عَنْ بَدْرٍ وَرَأَوْا مَا أَعْطَى اللَّهُ أَهْلَ بَدْرٍ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالنَّصْرِ، فَقَالُوا: لَئِنْ أَشْهَدَنَا اللَّهُ قِتَالًا لَنُقَاتِلَنَّ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ: هُمْ بَنُو حَارِثَة، هَمُّوا يَوْمَ أُحُدٍ أَنْ يَفْشَلُوا مَعَ بَنِي سَلِمَة، فَلَمَّا نَزَلَ فِيهِمْ مَا نَزَلَ عَاهَدُوا اللَّهَ أَلَّا يَعُودُوا لِمِثْلِهَا فَذَكَرَ اللَّهُ لَهُمُ الَّذِي أَعْطَوْهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ { وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا}". 

هاتان القبيلتان هما اللذان أشار إليهما النقاش في قوله السابق، النقاش قيل: هم بنو حارثة وبنو سلمة، ومعروفٌ أن قصة بني حارثة وبني سلمة إنما هي في أُحد. {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا} [آل عمران:122]، وجاء به المؤلف هنا على الكلام على أصله في أحد، كلام النقاش ضعيف.      طالب:.............................

ماذا؟

طالب:..............................                                                                   أكره على فعل وقلبه مطمئن بالإيمان، منهم من يرى أن، مثل إيش؟

طالب:..............................

منهم من يقول: إن الفعل له أثر أبلغ من القول، فلا يُحمل عليه، وهذا قول الأكثر، ومنهم من يقول: إنه لا فرق بين القول والفعل إذا وجد الإكراه الملجئ والقلب مطمئن بالإيمان، مع أن قصة الذباب على ما فيها من خلاف في ثبوتها عند أهل العلم؛ لأنها في شرع من قبلنا، يعني يمكن أن يجاب عنها بأنها من شرع من قبلنا.

 طالب:.....................                                                                            يعني اعتذر بعدم وجود ما يقرر، عذره الأول لعدم وجود ما يقرر، وليس في قلبه شيء مما ينكر، ممكن هذا.

"{وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا} أَيْ مَسْئُولًا عَنْهُ. قَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: هُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا بَايَعُوا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ فقَالُوا: «اشْتَرِطْ لِنَفْسِكَ وَلِرَبِّكَ مَا شِئْتَ. فَقَالَ: أَشْتَرِطُ لِرَبِّي أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَشْتَرِطُ لِنَفْسِي أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَوْلَادَكُمْ، فَقَالُوا: فَمَا لَنَا إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: لَكُمُ النَّصْرُ فِي الدُّنْيَا وَالْجَنَّةُ فِي الْآخِرَةِ».  فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا} أَيْ أَنَّ اللَّهَ لَيَسْأَلُهُمْ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَة.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْل} أَيْ مَنْ حَضَرَ أَجَلُهُ مَاتَ أَوْ قُتِلَ، فَلَا يَنْفَعُ الْفِرَارُ {وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلً} أَيْ فِي الدُّنْيَا بَعْدَ الْفِرَارِ إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ آجَالُكُمْ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ فَقَرِيبٌ. وَرَوَى السَّاجِيُّ عَنْ يَعْقُوبَ الْحَضْرَمِيِّ  (وَإِذًا لَا يُمَتَّعُونَ) بِيَاءٍ. وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: (وَإِذًا لَا تَمَتَّعُوا) نُصِبَ".

تُمَتَّعُوا، تُمَتَّعُوا.

"(وَإِذًا لَا تُمَتَّعُوا) نُصِبَ بِ (إِذا)".

إذًا، ب إذًا.

"نُصِبَ بِ (إِذًا)".

 إذًا هذه من النواصب، ذكر جمع من أهل العلم أنها من النواصب، إذا قلت: سوف آتيك، قال: إذًا أكرمك، يعني أُجمل في كتب النحو، ذكروها من النواصب.                                                        "وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ (وَإِذًا لَا تُمَتَّعُوا) نُصِبَ بِ (إِذًا)، وَالرَّفْعُ بِمَعْنَى (وَلَا تُمَتَّعُونَ). وَ(إِذًا) مُلْغَاةٌ، وَيَجُوزُ إِعْمَالُهَا. فَهَذَا حُكْمُهَا إِذَا كَانَ قَبْلَهَا الْوَاوُ وَالْفَاءُ. فَإِذَا كَانَتْ مُبْتَدَأَةً نَصَبْتَ بِهَا فَقُلْتَ: إِذًا أُكْرِمَكَ.  

قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ}".

 يعني حكمها إذا جردت عن الواو النصب، وإذا اقترنت بالواو أو الفاء لاسيما مع وجود الفاصل، بينها وبين الفعل جاز الأمران، مع أنه هنا ما نصبت في الآية { وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ}، والنواصب غير إذًا تنصب مع وجود الفاصل، مع وجود لا (كي لا يكون). نعم.

 "قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ} أَيْ يَمْنَعُكُمْ مِنْهُ {إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا} أَيْ هَلَاكًا. {أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً} أَيْ خَيْرًا وَنَصْرًا وَعَافِيَةً، {وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} أَيْ لَا قَرِيبًا يَنْفَعُهُمْ وَلَا نَاصِرًا يَنْصُرُهُمْ.

قوْلُهُ تَعَالَى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ} أَيِ الْمُعْتَرِضِينَ مِنْكُمْ لِأَنْ يَصُدُّوا النَّاسَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-".                                                                  

قد هذه تأتي للتحقيق، وتأتي للتقليل، وأكثر ما تأتي للتحقيق إذا وليها الفعل الماضي، وأكثر ما تأتي للتقليل إذا وليها الفعل المضارع، وهنا { قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ} هل يقال: إنها للتقليل {قد يعلم}؟ لا، هي للتحقيق قطعًا، هي للتحقيق قطعًا، وإن كان الأكثر فيها أنها إذا وليها المضارع صارت للتقليل، فإذا قلت: قد ينجح الكسول، فهذا تقليل، لكن إذا قلت: قد ينجح المجتهد، فهذا إيش؟

طالب: تحقيق.

تحقيق، نعم.

"وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ عَاقَنِي عَنْ كَذَا أَيْ صَرَفَنِي عَنْهُ. وَعَوَّقَ، عَلَى التَّكْثِيرِ {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} عَلَى لُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ".

                                                                          

لغة أهل الحجاز في هلمَّ أنها تلزم هذه الصيغة، ولا تطابق المراد بها، فإذا ناديت الرجل قلت: هلم إلينا، إذا ناديت المرأة قلت: هلَّم إلينا، إذا ناديت الرجلين قلت: هلمَّ إلينا، إذا ناديت الرجال قلت، هلمَّ إلينا، إذا ناديت النساء قلت: هلَّم إلينا، هذه لغة قريش، لغة أهل الحجاز، وغيرهم يقولون: هلموا وهلمَّا وهلمِّي وهلمْ على حسب المدعو بها، فالمطابقة عندهم خلافًا لأهل الحجاز.                              "وَغَيْرُهُمْ يَقُولُونَ: (هَلُمُّوا) لِلْجَمَاعَةِ، وَهَلُمِّي لِلْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ: (هَا) الَّتِي لِلتَّنْبِيهِ ضُمَّتْ إِلَيْهَا (لَمَّ) ثُمَّ حُذِفَتِ الْأَلِفُ اسْتِخْفَافًا، وَبُنِيَتْ عَلَى الْفَتْحِ. وَلَمْ يَجُزْ فِيهَا الْكَسْرُ وَلَا الضَّمُّ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْصَرِفُ. وَمَعْنَى (هَلُمَّ) أَقْبِلْ، وَهَؤُلَاءِ طَائِفَتَانِ، أَيْ مِنْكُمْ مَنْ يُثَبِّطُ وَيُعَوِّقُ. وَالْعَوْقُ الْمَنْعُ وَالصَّرْفُ، يُقَالُ: عَاقَهُ يَعُوقُهُ عَوْقًا، وَعَوَّقَهُ وَاعْتَاقَهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. قَال َمُقَاتِلٌ: هُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَأَصْحَابُهُ الْمُنَافِقُون. {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ} فِيهِمْ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُمُ الْمُنَافِقُونَ، قَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ: مَا مُحَمَّد وَأَصْحَابُهُ إِلَّا أَكَلَةُ رَأْسٍ".

 يعني عددهم قليل، يعني يكفيهم رأس واحد، رأس واحد يكفيهم، عددهم قليل، رأس من الإبل، يعني عددهم دون الألف، بل دون ذلك بكثير؛ لأنهم يكفيهم رأس واحدة، فهم يغرون العدو، ويخذلون الموافق الصديق، ما دام العدد قليلًا، والعدو كثيرًا، فما لكم طاقة بمقاتلتهم.

" وَهُوَ هَالِكٌ وَمَنْ مَعَهُ، فَهَلُمَّ إِلَيْنَا.

الثَّانِي: أَنَّهُمُ الْيَهُودُ مِنْ بَنِي قُرَيْظَة،َ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: {هَلُمَّ إِلَيْنَا}، أَيْ تَعَالَوْا إِلَيْنَا وَفَارِقُوا مُحَمَّدًا فَإِنَّهُ هَالِكٌ، وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ إِنْ ظَفِرَ لَمْ يُبْقِ مِنْكُمْ أَحَدًا .

 وَالثَّالِثُ : مَا حَكَاهُ ابْنُ زَيْدٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- بَيْنَ الرِّمَاحِ وَالسُّيُوفِ، فَقَالَ أَخُوهُ وَكَانَ مِنْ أُمِّهِ وَأَبِيهِ: هَلُمَّ إِلَيَّ، قَدْ تُبِعَ بِكَ وَبِصَاحِبِكَ، أَيْ قَدْ أُحِيطَ بِكَ وَبِصَاحِبِكَ. فَقَالَ لَهُ: كَذَبْتَ، وَاللَّهِ لَأُخْبِرَنَّهُ بِأَمْرِكَ، وَذَهَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِيُخْبِرَهُ، فَوَجَدَهُ قَدْ نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- بِقَوْلِهِ تَعَالَى: { قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا}.  ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالثَّعْلَبِيُّ أَيْضًا. وَلَفْظُهُ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ هَذَا يَوْمَ الْأَحْزَابِ، انْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَوَجَدَ أَخَاهُ بَيْنَ يَدَيْهِ رَغِيفٌ وَشِوَاءٌ وَنَبِيذٌ، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ فِي هَذَا وَنَحْنُ بَيْنَ الرِّمَاحِ وَالسُّيُوفِ؟ فَقَالَ: هَلُمَّ إِلَى هَذَا، فَقَدْ تُبِعَ لَكَ وَلِأَصْحَابِكَ، وَالَّذِي تَحْلِفُ بِهِ لَا يَسْتَقِلُّ بِهَا مُحَمَّدٌ أَبَدًا. فَقَالَ: كَذَبْتَ. فَذَهَبَ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يُخْبِرُهُ فَوَجَدَهُ قَدْ نَزَلَ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْآيَةِ. {وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا}  خَوْفًا مِنَ الْمَوْتِ. وَقِيلَ: لَا يَحْضُرُونَ الْقِتَالَ إِلَّا رِيَاءً وَسُمْعَةً.

قَوْلُهُ تَعَالَى".

 طالب:......................

ماذا؟

طالب:........................

على سبيل التنزّل عندهم، على سبيل التنزل، ويريد أن يقبل منه أخوه؛ لأنه لو حلف بالإله الذي يعبده ما قبل منه أخوه المسلم، ولا تجود نفسه بذكر الله -جل وعلا-؛ لأنه لا يعترف به. طالب:.......................

أعم، أعم، نعم.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ} أَيْ بُخَلَاءَ عَلَيْكُمْ، أَيْ بِالْحَفْرِ فِي الْخَنْدَقِ وَالنَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ".

الشح عند أهل العلم أشد من البخل؛ لأنه بخل مع حرص، بخل مع حرص، فالذي يحرص على جمع المال، يحرص على الجمع ثم يبخل به فهذا شحيح، والذي لا يحرص عليه، لكن إن وقع في يده بخل به، هذا بخيل، والذي يبخل بما أوجب الله عليه، لا شك أنه مع بخله شحيح، بخلاف من يبخل بالقدر الزائد على ذلك فقد يُوصف بأنه بخيل بحيث لا يكرم الضيف، لكنه لا يقال: شحيح.           "قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَة. وَقِيلَ: بِالْقِتَالِ مَعَكُمْ. وَقِيلَ: بِالنَّفَقَةِ عَلَى فُقَرَائِكُمْ وَمَسَاكِينِكُمْ. وَقِيلَ: أَشِحَّةً بِالْغَنَائِمِ إِذَا أَصَابُوهَا، قَالَهُ السُّدِّيُّ. وَانْتَصَبَ عَلَى الْحَالِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَنَصْبُهُ عِنْدَ الْفَرَّاءِ مِنْ أَرْبَعِ جِهَاتٍ: إِحْدَاهَا: أَنْ يَكُونَ عَلَى الذَّمِّ".                                                                                على الذم مثل {حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد:4] ، نصبها على الذم.                                                  "وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ نَصْبًا بِمَعْنَى يُعَوِّقُونَ أَشِحَّةً. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: وَالْقَائِلِينَ أَشِحَّةً. وَيَجُوزُ عِنْدَهُ: وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا أَشِحَّةً، أَيْ أَنَّهُمْ يَأْتُونَهُ أَشِحَّةً عَلَى الْفُقَرَاءِ بِالْغَنِيمَةِ. قال النَّحَّاسُ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِيهِ الْمُعَوِّقِينَ وَلَا الْقَائِلِينَ؛ لِئَلَّا يُفَرَّقَ بَيْنَ الصِّلَة وَالْمَوْصُولِ. قال ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: إِلَّا قَلِيلًا غَيْرَ تَامٍّ؛ لِأَنَّ أَشِحَّةً مُتَعَلِّقٌ بِالْأَوَّلِ، فَهُوَ يَنْتَصِبُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ تَنْصِبَهُ عَلَى الْقَطْعِ مِنَ الْمُعَوِّقِينَ كَأَنَّهُ قَالَ: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يُعَوِّقُونَ عَنِ الْقِتَالِ، وَيَشِحُّونَ عَنِ الْإِنْفَاقِ عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى الْقَطْعِ مِنَ الْقَائِلِينَ أَيْ وَهُمْ أَشِحَّةً. وَيَجُوزُ أَنْ تَنْصِبَهُ عَلَى الْقَطْعِ مِمَّا فِي يَأْتُونَ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا جُبَنَاءَ بُخَلَاءَ. وَيَجُوزُ أَنْ تَنْصِبَ أَشِحَّةً عَلَى الذَّمِّ. فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ الرَّابِعِ يَحْسُنُ أَنْ تَقِفَ عَلَى قَوْلِهِ: {إِلَّا قَلِيلًا}، {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ}  وَقْفٌ حَسَنٌ. وَمِثْلُهُ (أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ) حَالٌ مِنَ الْمُضْمَرِ فِي (سَلَقُوكُمْ)، وَهُوَ الْعَامِلُ فِيهِ. {فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ}  وَصَفَهُمْ بِالْجُبْنِ، وَكَذَا سَبِيلُ الْجَبَانِ يَنْظُرُ يَمِينًا وَشِمَالًا مُحَدِّدًا بَصَرَهُ، وَرُبَّمَا غُشِيَ عَلَيْهِ. وَفِي الْخَوْفِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: مِنْ قِتَالِ الْعَدُوِّ إِذَا أَقْبَلَ، قَالَهُ السُّدِّيّ. الثَّانِي: الْخَوْفُ مِنَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا غَلَبَ، قَالَهُ ابْنُ شَجَرَةَ. 

رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ خَوْفًا مِنَ الْقِتَالِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ. وَمِنَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الثَّانِي.

تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ لِذَهَابِ عُقُولِهِمْ حَتَّى لَا يَصِحَّ مِنْهُمُ النَّظَرُ إِلَى جِهَةٍ. وَقِيلَ: لِشِدَّةِ خَوْفِهِمْ حَذَرًا أَنْ يَأْتِيَهُمُ الْقَتْلُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ. 

{فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَاد} وَحَكَى الْفَرَّاءُ (صَلَقُوكُمْ) بِالصَّادِ. وَخَطِيبٌ مِسْلَاقٌ وَمِصْلَاقٌ إِذَا كَانَ بَلِيغًا. وَأَصْلُ الصَّلْقِ الصَّوْتُ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: «لَعَنَ اللَّهُ الصَّالِقَةَ وَالْحَالِقَةَ وَالشَّاقَّةَ»".  

ومعلوم أن السين والصاد والزاي تتقارب، ويحل بعضها محل بعض، كما قُرئ السراط والصراط، وقرأ بالزاي أيضًا.

" قَالَ الْأَعْشَى:                                                                                          

فِيهِمُ الْمَجْدُ وَالسَّمَاحَةُ وَالنَّجْ                                        
 

دَةُ فِيهِمُ وَالْخَاطِبُ السَّلَّاقُ
  

قالَ قَتَادَةُ: وَمَعْنَاهُ بَسَطُوا أَلْسِنَتَهُمْ فِيكُمْ".                                                                        الخاطب المراد به الخطيب، نعم، فعيل صيغة مبالغة والأصل خاطب، فاعل.

"وَمَعْنَاهُ بَسَطُوا أَلْسِنَتَهُمْ فِيكُمْ فِي وَقْتِ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ، يَقُولُونَ: أَعْطِنَا أَعْطِنَا، فَإِنَّا قَدْ شَهِدْنَا مَعَكُمْ. فَعِنْدَ الْغَنِيمَةِ أَشَحُّ قَوْمٍ وَأَبْسَطُهُمْ لِسَانًا، وَوَقْتَ الْبَأْسِ أَجْبَنُ قَوْمٍ وَأَخْوَفُهُمْ. قَالَ النَّحَّاسُ: هَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ بَعْدَهُ {أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ} وَقِيلَ: الْمَعْنَى بَالَغُوا فِي مُخَاصَمَتِكُمْ وَالِاحْتِجَاجِ عَلَيْكُمْ. وَقَالَ الْقُتَبِيُّ: الْمَعْنَى آذَوْكُمْ بِالْكَلَامِ الشَّدِيدِ. السَّلْقُ: الْأَذَى. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

وَلَقَدْ سَلَقْنَا هَوَازِنًا
 

بِنَوَاهِلٍ حَتَّى انْحَنَيْنَا
  

 (أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ)".

طالب:.......................

شهيد؟

طالب:................

نعم، مثل ما تقدم ذكره عن حسان، رُمي بالجبن، وأجيب عنه لو كان جبانًا ما هجا المشركين، ما يهجو المشركين وهو جبان، يخاف منهم، فالجبان لا يستطيع أن يتحرش بغيره خوفًا منه، خوفًا منه اللهم إلا إذا أمن العاقبة وكان له قوم يدفعون عنه ويردون ويلجأ إليهم، ويحتمي بهم، ممكن.

 "{أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْر}؛ أَيْ عَلَى الْغَنِيمَةِ، قَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ، وَقِيلَ: عَلَى الْمَالِ أَن يُنْفِقُوهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَهُ السُّدِّيُّ: أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا يَعْنِي بِقُلُوبِهِمْ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُمُ الْإِيمَانَ، وَالْمُنَافِقُ كَافِرٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ؛ لِوَصْفِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- لَهُمْ بِالْكُفْرِ. {فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ}؛ أَيْ لَمْ يُثِبْهُمْ عَلَيْهَا، إِذَا لَمْ يَقْصِدُوا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى بِهَا.

 {وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: وَكَانَ نِفَاقُهُمْ عَلَى اللَّهِ هَيِّنًا. الثَّانِي: وَكَانَ إِحْبَاطُ عَمَلِهِمْ عَلَى اللَّهِ هَيِّنًا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا} أَيْ لِجُبْنِهِمْ، يَظُنُّونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَنْصَرِفُوا، وَكَانُوا انْصَرَفُوا، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَتَبَاعَدُوا فِي السَّيْرِ. {وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ} أَيْ وَإِنْ يَرْجِعِ الْأَحْزَابُ إِلَيْهِمْ لِلْقِتَالِ. {يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ} تَمَنَّوْا أَنْ يَكُونُوا مَعَ الْأَعْرَابِ حَذَرًا مِنَ الْقَتْلِ وَتَرَبُّصًا لِلدَّوَائِرِ. وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ: ( لَوْ أَنَّهُمْ بُدًّى فِي الْأَعْرَابِ)".

مثل غزى، نعم.

"يُقَالُ: بَادٍ وَبُدًّى، مِثْلُ غَازٍ وَغُزًّى. وَيُمَدُّ مِثْلُ صَائِمٍ وَصَوَّامٍ. بَدَا فُلَانٌ يَبْدُو إِذَا خَرَجَ إِلَى الْبَادِيَةِ. وَهِيَ الْبِدَاوَةُ وَالْبَدَاوَةُ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ. وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ مِنَ الْبَدْوِ وَهُوَ الظُّهُورُ".

أصل الكلمة من البدو وهو الظهور، بدا يبدو بدوًا يعني ظهر.                                             "وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ مِنَ الْبَدْوِ وَهُوَ الظُّهُورُ. {يَسْأَلُونَ} وَقَرَأَ يَعْقُوبُ فِي رِوَايَةِ رُوَيْسٍ: (يَتَسَاءَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ) أَيْ عَنْ أَخْبَارِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-. يَتَحَدَّثُونَ: أَمَا هَلَكَ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ؟ أَمَا غَلَبَ أَبُو سُفْيَانَ وَأَحْزَابُهُ؟! أَيْ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ سَائِلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ مِنْ غَيْرِ مُشَاهَدَةِ الْقِتَالِ؛ لِفَرْطِ جُبْنِهِمْ. وَقِيلَ: هُمْ أَبَدًا لِجُبْنِهِمْ يَسْأَلُونَ عَنْ أَخْبَارِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهَلْ أُصِيبُوا. وَقِيلَ: كَانَ مِنْهُمْ فِي أَطْرَافِ الْمَدِينَةِ مَنْ لَمْ يَحْضُرِ الْخَنْدَقَ، جَعَلُوا يَسْأَلُونَ عَنْ أَخْبَارِكُمْ، وَيَتَمَنَّوْنَ هَزِيمَةَ الْمُسْلِمِينَ. {وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا} أَيْ رَمْيًا بِالنَّبْلِ وَالْحِجَارَةِ عَلَى طَرِيقِ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لِلَّهِ لَكَانَ قَلِيلُهُ كَثِيرًا".

نعم، سؤالهم أعم، سؤالهم يسألون عن الغالب؛ لينحازوا إليه. يسألون عن الغالب؛ لينحازوا إليه، ما لهم شأن بالضعيف؛ لأنهم لا يقاتلون عن عقيدة، يرجون ما عند الله -جل وعلا-، هم يقاتلون للمغنم، هذا إذا قاتلوا  فهم يسألون عن القوي؛ لينحازوا إليه؛ لأن الهدف إنما يتحقق معه.                                                                        "قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}. فِيهِ مَسْأَلَتَانِ:

 الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} هَذَا عِتَابٌ لِلْمُتَخَلِّفِينَ عَنِ الْقِتَالِ، أَيْ كَانَ لَكُمْ قُدْوَةٌ فِي النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-؛ حَيْثُ بَذَلَ نَفْسَهُ لِنُصْرَةِ دِينِ اللَّهِ فِي خُرُوجِهِ إِلَى الْخَنْدَقِ. وَالْأُسْوَةُ: الْقُدْوَةُ.

 وَقَرَأَ عَاصِمٌ (أُسْوَةٌ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ. الْبَاقُونَ بِالْكَسْرِ، وَهُمَا لُغَتَانِ. وَالْجَمْعُ فِيهِمَا وَاحِدٌ عِنْدَ الْفَرَّاءِ. وَالْعِلَّةُ عِنْدَهُ فِي الضَّمِّ عَلَى لُغَةِ مَنْ كَسَرَ فِي الْوَاحِدَةِ: الْفَرْقُ بَيْنَ ذَوَاتِ الْوَاوِ وَذَوَاتِ الْيَاءِ، فَيَقُولُونَ: كِسْوَةً وَكُسًا".                                                 

لأن كسا واوي بخلاف لحية فإنها يائية، فيقال: كسوة كُسا، ولحية لحى؛ لأنه يائي.

طالب:............................

كلٌّ له ما يخصه، كلٌّ له ما يخصه من تخلَّف من المسلمين يعاتَب ومن المنافقين أيضًا يعاتَب، كلٌّ له ما يخصه، نعم.                                                                                                                      "فَيَقُولُونَ كِسْوَةً وَكُسًا وَلِحْيَةً وَلُحًى. قال الْجَوْهَرِيُّ: وَالْأُسْوَةُ وَالْإِسْوَةُ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ لُغَتَانِ. وَالْجَمْعُ أُسًى وَإِسًى. وَرَوَى عُقْبَةُ بْنُ حَسَّانٍ الْهَجرِيُّ".

الهجري نسبة إلى هجر.

"عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}  قَالَ: فِي جُوعِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ عُقْبَةُ بْنُ حَسَّانٍ عَنْ مَالِكٍ، وَلَمْ أَكْتُبْهُ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {أُسْوَةٌ} الْأُسْوَةُ الْقُدْوَةُ. وَالْأُسْوَةُ مَا يُتَأَسَّى بِهِ، أَيْ يُتَعَزَّى بِهِ. فَيُقْتَدَى بِهِ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ، وَيُتَعَزَّى بِهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ، فَلَقَدْ شُجَّ وَجْهُهُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَقُتِلَ عَمُّهُ حَمْزَةُ، وَجَاعَ بَطْنُهُ".

شق وجهه في أحد، غزوة أحد، وعمدت فاطمة إلى حصير فأحرقته وجعلت شيئًا من رماده على الجرح. نعم.

 "وَجَاعَ بَطْنُهُ، وَلَمْ يُلْفَ إِلَّا صَابِرًا مُحْتَسِبًا، وَشَاكِرًا رَاضِيًا. وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي طَلْحَة قَالَ:  «شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْجُوعَ وَرَفَعْنَا عَنْ بُطُونِنَا عَنْ حَجَرٍ حَجَرٍ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ حَجَرَيْنِ». خَرَّجَهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ.

 يعني كل واحد عن حجر، كل واحد من المسلمين رفع عن بطنه عن حجر، أبانا عن حجر شد به بطنه، ملأ به بطنه، وشد به ظهره، يعني المقصود من الحجر؛ لئلا يتقوس الظهر فيصعب عليه المشي، ولذا وجود البطن يقولون: هو من خير ما ينفع الظهر، حتى قال قائلهم: كنا نظن أن الرجل تحمل البطن، فإذا البطن يحمل الرجل، نعم إذا راح البطن انحنى الإنسان، وصعب عليه المشي، لكن البطن هو الذي يجعله يعتدل، ويستقيم، ويمشي مضبوطًا، وهذه فائدة شد الحجر على البطن، وإلا فمعاناة الحجر في البطن أشد من الجوع، لكنه يسند الإنسان من أجل أن يستقيم في مشيه، ويستمر فيه، كشفوا ورفعوا عن حجر حجر فرفع النبي –عليه الصلاة والسلام- عن حجرين، والله المستعان، نعم.                                                          

"«شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْجُوعَ وَرَفَعْنَا عَنْ بُطُونِنَا عَنْ حَجَرٍ حَجَرٍ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ حَجَرَيْنِ». خَرَّجَهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ فِيهِ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-".

حكمه، حكمه، الحديث ماذا قال عنه؟

طالب:...............................

هذا واضح لكن أصل القصة هذه هي التي بها سيار، وأما كلام أبي الفتح الأسدي فهذا كلامه غير معتبر للرجال، وغير مَرضي في كلامه على الرجال، وعلى كل حال الخبر مادام اقتصر الترمذي على كلمة غريب ما جاء ولا بحسن فضعفه ظاهر.

طالب:..........................

لا، قد يكون الحجر لا يكفي أحيانًا؛ لشدة الجوع، لشدة الجوع، فالمكان إذا كان فارغًا بالكلية يحتاج إلى أكثر من حجر.

 "وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا شُجَّ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ»، وَقَدْ تَقَدَّمَ. {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِر} قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الْمَعْنَى لِمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ بِإِيمَانِهِ، وَيُصَدِّقُ بِالْبَعْثِ الَّذِي فِيهِ جَزَاءُ الْأَفْعَالِ. وَقِيلَ: أَيْ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو ثَوَابَ اللَّهِ فِي الْيَوْمِ الْآخِرِ. وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْحُذَّاقِ مِنَ النَّحْوِيِّينَ أَنْ يَكْتُبَ يَرْجُو إِلَّا بِغَيْرِ أَلِفٍ إِذَا كَانَ لِوَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي فِي الْجَمْعِ لَيْسَتْ فِي الْوَاحِدِ".

 نعم تُكتب الألف بعد الواو إذا كانت للجماعة، إذا كانت الواو جماعة يُكتب بعدها ألف، وإذا كانت من أصل الفعل لا من الفعل فإنها لا يُكتب بعدها ألف، ولسنا بحاجة إلى أن نقول: لا يجوز عند الحذاق من النحويين فكل النحويين يقولون هذا.

 "وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا خَوْفًا مِنْ عِقَابِهِ، وَرَجَاءً لِثَوَابِهِ. وَقِيلَ: إِنَّ لِمَنْ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: لَكُمْ، وَلَا يُجِيزُهُ الْبَصْرِيُّونَ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ لَا يُبْدَلُ مِنَ الْمُخَاطَبِ، وَإِنَّمَا اللَّامُ مِنْ لِمَنْ مُتَعَلِّقَةٌ بِ(حَسَنَةٌ)، وَ(أُسْوَةٌ) اسْمُ كَانَ وَ(لَكُمُ) الْخَبَرُ.

وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ أُرِيدَ بِهَذَا الْخِطَابِ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْمُنَافِقُونَ، عَطْفًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ خِطَابِهِمْ. الثَّانِي: الْمُؤْمِنُونَ؛ لِقَوْلِهِ: {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِر}".

 وهذه صفة المؤمنين لا صفة المنافقين، نعم.

"وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْأُسْوَةِ بِالرَّسُولِ –صلى الله عليه وسلم- ، هَلْ هِيَ عَلَى الْإِيجَابِ أَوْ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ".

يعني الأصل فيها، الأصل الاقتداء هل هو على سبيل الوجوب حتى يرد الصارف أو على سبيل الاستحباب؟

 "عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: عَلَى الْإِيجَابِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ. والثَّانِي: عَلَى الِاسْتِحْبَابِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى الْإِيجَابِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْإِيجَابِ فِي أُمُورِ الدِّينِ، وَعَلَى الِاسْتِحْبَابِ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا".

طالب:..........................

أما بالنسبة لأمور الدين فهذا هو الأصل، أنه على الوجوب على خلاف بينهم في أفعاله -عليه الصلاة والسلام- المحمولة على الوجوب هو أن مجرد الفعل لا يدل على الوجوب، وهذا معروف عند أهل العلم، وإذا كان في أمر من أمور الدين فأفعاله حجة  ملزمة، «صلوا كما رأيتموني أصلي» ، «خذوا عني مناسككم».

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ} وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: (رَاءٍ) عَلَى الْقَلْبِ. قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ يُرِيدُ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُم} [البقرة:214] الْآيَةَ. فَلَمَّا رَأَوُا الْأَحْزَابَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ قَالُوا: هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، قَالَهُ قَتَادَةُ .وَقَوْلٌ ثَانٍ رَوَاهُ كَثَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ".

كثير، كثير، كثير بن عبد الله.

"رَوَاهُ كَثَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْمُزَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَامَ ذُكِرَتِ الْأَحْزَابُ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَنَّ أُمَّتِي ظَاهِرَةٌ عَلَيْهَا يَعْنِي عَلَى قُصُورِ الْحِيرَةِ وَمَدَائِنِ كِسْرَى فَأَبْشِرُوا بِالنَّصْرِ فَاسْتَبْشَرَ الْمُسْلِمُونَ وَقَالُوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَوْعِدُ صَادِقٍ، إِذْ وَعَدَنَا بِالنَّصْرِ بَعْدَ الْحَصْرِ. فَطَلَعَتِ الْأَحْزَابُ فَقَالَ الْمُومِنُونَ: هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ. ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ".

معروف أن كثير بن عبد الله ضعيف الرواية بهذه السلسة ضعيفة، ماذا قال عنه؟

طالب:..............................

نعم.

 "وَ(مَا وَعَدَنَا) إِنْ جَعَلْتَ مَا بِمَعْنَى الَّذِي فَالْهَاءُ مَحْذُوفَةٌ".

الهاء العائد؛ لأن الموصول يحتاج إلى صلة، ويحتاج إلى عائد ويُحذف {وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ} [المؤمنون:33] يعني تشربون منه، ويجوز حذف العائد إذا لم يوقع في لبس كما هنا.

" وَإِنْ جَعَلْتَهَا مَصْدَرًا لَمْ تَحْتَجْ إِلَى عَائِدٍ {وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} قَالَ الْفَرَّاءُ: وَمَا زَادَهُمُ النَّظَرُ إِلَى الْأَحْزَابِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ: رَأَى يَدُلُّ عَلَى الرُّؤْيَةِ، وَتَأْنِيثُ الرُّؤْيَةِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ، وَالْمَعْنَى: مَا زَادَهُمُ الرُّؤْيَةُ إِلَّا إِيمَانًا بِالرَّبِّ وَتَسْلِيمًا للقضاء، قَالَهُ الْحَسَنُ".

إذا كان الفاعل مؤنثًا غير حقيقي جاز تأنيث الفعل، وجاز تذكيره، يجوز تأنيثه، ويجوز تذكيره، لكن إذا كان الفاعل ضميرًا يعود إلى مؤنث سواء كان حقيقيًّا أو مجازيًّا على ما يقولون، فإنه يجب تأنيثه،  فتقول: الشمس طلعت، وما يجوز أن تقول: الشمس طلع، لكن يجوز أن تقول: طلع الشمس؛ لأن تأنيث الشمس ليس بحقيقي، لكن إن كان الفاعل ضميرًا يعود إلى هذا المؤنث ولو كان غير حقيقي فإنه يجب تأنيثه.

"وَلَوْ قَالَ: مَا زَادُوهُمْ لَجَازَ. وَلَمَّا اشْتَدَّ الْأَمْرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَطَالَ الْمُقَامُ فِي الْخَنْدَقِ، قَامَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَلَى التَّلِّ الَّذِي عَلَيْهِ مَسْجِدُ الْفَتْحِ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي، وَتَوَقَّعَ مَا وَعَدَهُ اللَّهُ مِنَ النَّصْرِ وَقَالَ: «مَنْ يَذْهَبُ لِيَأْتِيَنَا بِخَبَرِهِمْ وَلَهُ الْجَنَّةُ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ». وَقَالَ ثَانِيًا وَثَالِثًا فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَنَظَرَ إِلَى جَانِبِهِ وَقَالَ: «مَنْ هَذَا؟» فَقَالَ: حُذَيْفَةُ. فَقَالَ: «أَلَمْ تَسْمَعْ كَلَامِي مُنْذُ اللَّيْلَةِ؟» قَالَ حُذَيْفَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنَعَنِي أَنْ أُجِيبَكَ الضُّرُّ وَالْقُرُّ. قَالَ: «انْطَلِقْ حَتَّى تَدْخُلَ فِي الْقَوْمِ فَتَسْمَعَ كَلَامَهُمْ وَتَأْتِينِي بِخَبَرِهِمْ. اللَّهُمَّ احْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ حَتَّى تَرُدَّهُ إِلَيَّ، انْطَلِقْ وَلَا تُحْدِثْ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي». فَانْطَلَق َحُذَيْفَةُ بِسِلَاحِهِ، وَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدَهُ يَقُولُ: «يَا صَرِيخَ الْمَكْرُوبِينَ، وَيَا مُجِيبَ الْمُضْطَرِّينَ، اكْشِفْ هَمِّي وَغَمِّي وَكَرْبِي، فَقَدْ تَرَى حَالِي وَحَالَ أَصْحَابِي»، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ دَعْوَتَكَ، وَكَفَاكَ هَوْلَ عَدُوِّكَ)، فَخَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَبَسَطَ يَدَيْهِ، وَأَرْخَى عَيْنَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ".

 بسط يديه يعني رفعهما داعيًا مثنيًا على الله -جل وعلا-.

"وَهُوَ يَقُولُ: «شُكْرًا شُكْرًا كَمَا رَحِمْتَنِي وَرَحِمْتَ أَصْحَابِي». وَأَخْبَرَهُ جِبْرِيلُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُرْسِلٌ عَلَيْهِمْ رِيحًا، فَبَشَّرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ. قَالَ حُذَيْفَةُ: فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِمْ وَإِذَا نِيرَانُهُمْ تَتَّقِدُ، فَأَقْبَلَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فِيهَا حَصْبَاءُ، فَمَا تَرَكَتْ لَهُمْ نَارًا إِلَّا أَطْفَأَتْهَا، وَلَا بِنَاءً إِلَّا طَرَحَتْهُ، وَجَعَلُوا يَتَتَرَّسُونَ مِنَ الْحَصْبَاءِ. وَقَامَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى رَاحِلَتِهِ وَصَاحَ فِي قُرَيْش :النَّجَاءَ النَّجَاءَ! وَفَعَلَ كَذَلِكَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ وَالْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ وَالْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ. وَتَفَرَّقَتِ الْأَحْزَابُ، وَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَعَادَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبِهِ مِنَ الشَّعَثِ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَجَاءَتْهُ فَاطِمَةُ بِغُسْولٍ فَكَانَتْ تَغْسِلُ رَأْسَهُ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: (وَضَعْتَ السِّلَاحَ وَلَمْ تَضَعْهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، مَا زِلْتُ أَتْبَعُهُمْ حَتَّى جَاوَزْتُ بِهِمُ الرَّوْحَاءَ- ثُمَّ قَالَ- انْهَضْ إِلَى بَنِي قُرَيْظَة)، وَقَالَ أَبُو – سُفْيَانَ: مَا زِلْتُ أَسْمَعُ قَعْقَعَةَ السِّلَاحِ حَتَّى جَاوَزْتُ الرَّوْحَاء".

الخبر السابق ماذا قال عنه؟

طالب: ............

نعم. 

طالب:......................

يعني الدعاء يا صريخ المكروبين، ويا مجيب المضطرين، ليس مما تقدم.

اللهم صلِّ على محمد.