شرح كتاب التوحيد - 66

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نعم.  

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال الإمام المجدد–رحمه الله تعالى-: "بابٌ لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة: عن جابرٍ –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «لا يُسْألُ بِوَجْهِ الله إلا الجَنَّة» رواه أبو داود.

فيه مسائل:

الأولى: النهي عن أن يُسأل بوجه الله إلا غاية المطالب.

الثانية: إثبات صفة الوجه".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد...

فيقول المؤلف –رحمه الله تعالى- في هذا الباب: "بابٌ لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة، وفي الأول لا يُرد من سأل بالله.

السؤال بالله أوسع من السؤال بوجه الله، السؤال بوجه الله وجه الله أخص، وإن كان الكل محل تعظيمٍ وإجلال واحترامٍ وتقدير، ولا يجوز لأحدٍ أن يتنقص شيئًا من شعائر الله فضلاً عن الله وما يتعلق به، فهو محل التعظيم، وشعائره محل تعظيم، تعظيم شعائر الله من تقوى القلوب، فما بالكم بما يتعلق به -جلَّ وعلا-.

{تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:78] ذو الجلال الرب –سبحانه وتعالى- واسمه مضافٌ إليه {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ} [الرحمن:27] {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ} [الرحمن:78] {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ} [الرحمن:27].

هنا الوصف بذي الجلال في الآية الأولى للرب وليس للاسم، فالرب الاسم اكتسب التعظيم من إضافته إلى الرب، واكتسب التعظيم والوصف بأنه ذو الجلال اكتسبه من إضافته {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ} [الرحمن:78] اكتسب الاسم التعظيم من إضافته إلى الرب، وهنا في الآية الأخيرة قال: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ} [الرحمن:27] فالوصف للمضاف لا للمضاف إليه، فالوجه استحق هذا التعظيم بهذا الوصف لذاته أنه أخص من المجموع والجملة.

وعلى كل حال كل ما يتعلق بالله –جلَّ وعلا- وما له به أدنى صلة حتى من شعائره محلٌّ للتعظيم، فالذي يتنقص شيئًا من الشعائر أو شيئًا مما أمر الله به إن هذا على خطرٍ عظيم، ونسمع كثيرًا من كثيرٍ من الناس من يهزأ ويسخر من بعض السُّنن الثابتة عن الله وعن رسوله– عليه الصلاة والسلام- أو يسخر بمن التزم بها واستقام على أمر الله، هذا عليه خطرٌ عظيم من النفاق، نسأل الله العافية.

فإذا كانت الشعائر محل تعظيم وهي تعظيمها من تقوى القلوب، فما الشأن بالله وما يتعلق به؟ لا يُرد من سأل بالله لا يُرد كما في الباب السابق؛ لأنه سأل بعظيم، واستعاذ ومن استعاذ بعظيم فإنه لا يُرد كما جاء في حديث الجورية التي قالت: أعوذ بالله منك، قال: «لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ».

قد لا يكون الأمر سهلاً على النفس أن يُفارق امرأةً بذل جميع ما في وسعه أن توافق عليه، ويوافق عليها أهله، يعني يسهل على المسلم إذا دخل على امرأةٍ واستعاذت بالله منه أن يقول: «لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ الْحَقِي بِأَهْلِكِ» أو لا تلزم الإجابة لكل أحد، والإجابة بالنسبة له –عليه الصلاة والسلام- كمال؟ «مَنِ استَعَاذَ بالله فأعيذوه ومَن سألَ باللهِ فأعطوه» وقلنا: إن هذا الأمر منه ما هو واجب، ومنه ما هو مُستحب.

فإذا استعاذت المرأة التي خطبها ووافقت عليه، وهذا يحصل كثيرًا أنها توافق، ويظن أنه كسب أمرًا عظيمًا بموافقتها لمالها أو لجمالها أو لأي مزية فيها، ثم يقال لها ما تندم من أجله في قبولها لهذا الرجل، فإذا دخل بها قالت: أعوذ بالله منك، هل يلزمه أن يقول: «لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ الْحَقِي بِأَهْلِكِ» أو نقول: هذا كمال يليق به –عليه الصلاة والسلام- وما دونه ينظر في المصالح والمفاسد والدوافع والأسباب؟ فإن كانت استعاذتها لأمرٍ شرعي اكتُشف فيما بعد في هذا الرجل يقتضي التفريق بينهما فإنه يجب عليه.

هذا لا يُرد من سأل بالله، وهنا "لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة" مفهوم الترجمة السابقة وما جاء فيها من حديث أنه يجوز السؤال بالله، والترجمة الثانية مفادها أنه لا يجوز السؤال بوجه الله إلا في الجنة فقط، فما الفرق بين لا يُرد من سأل بالله، الثاني: "لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة" هل نستطيع أن نقول: لا يُسأل بالله إلا الجنة؟ لا؛ لأن الترجمة السابقة فيها «ومَن سألَ باللهِ فأعطوه» هل نقول: إنه ما فيه تناقض ولا اختلاف، ويبقى «ومَن سألَ باللهِ فأعطوه» ولو ارتكب هذا المُحرَّم؛ لأنه سأل بالله كمال لو سأل بوجه الله؟ لا.

طالب:........

صدقت.

فعرفنا الفرق بين الباب الأول والباب الثاني، وفي الباب الثاني "لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة".

كثيرًا ما نسمع من السائلين: سألتك بالله، هذا جائز أو قد يقول: سألتك بوجه الله.

أولاً: الوجه لله –جلَّ وعلا- صفة من صفاته اللائقة بجماله وجلاله وعظمته، نُثبتها كما أثبتها الله –جلَّ وعلا- وأثبتها له نبيه –عليه الصلاة والسلام- على ما يليق بجلاله وعظمته.

طوائف من المبتدعة قالوا: لا نُثبت الوجه لله، ويؤولون الوجه بالذات، لا يُثبتونها؛ لأنه- على حد زعمهم- فيه مشابهة بالمخلوق؛ لأن للمخلوق وجهًا، فإذا أثبتنا أن لله وجهًا، فقد شبهناه، أيضًا للمخلوق ذات، فينبغي ألا يُثبتوا الذات أيضًا؛ لأنه يقتضي المشابهة بالمخلوق، والكلام في الصفات كما يقول أهل العلم: فرعٌ عن الكلام في الذات.

طالب:........

هذا تأويل، ولو قاله البخاري، هو تأويل بلا شك بهذه الصيغة تأويل.

طالب:........

لا، ما يلزم، لكن في بعض السياقات تجد بعض أهل العلم يرد ذهنه ويسلك مسلكًا لا يُوافق عليه، وإلا فالأصل في جملته البخاري إمام من أئمة أهل السُّنَّة والجماعة.

طالب:.......

يقول: إذا أوَّل في موضع وعُرِف من منهجه أنه يُثبت الصفات والأسماء لله –جلَّ وعلا- أنه يُقبل منه.

مثال ذلك: ما جاء في تأويل بعض الشراح من أهل السُّنَّة الذين يُثبتون الأسماء والصفات "والذي نفسي بيده" قال: روحي في تصرفه، هذا خطأ ونجزم بالخطأ إذا كان ممن لا يُثبت الصفات، نقول: قال: روحي فرارًا من إثبات الصفة، والذي يُثبت الصفات، ويُثبت اليد لله –جلَّ وعلا- وأوَّل باللازم، قلنا: إن اللازم صحيح، من في المخلوقات من روحه ليست بيده جلَّ وعلا؟ لكن يبقى المدار على أن هذا يُثبت الصفات، وهذا يفر من إثبات الصفات، ويبقى أن كل أحدٍ مُطالبٌ بأن يقول: هذا النص فيه إثبات اليد لله –جلَّ وعلا- كما يليق بجلاله وعظمته، وإذا أثبت فالتأويل باللازم وهو القول باللازم صحيح "روحي في تصرفه"، هل يوجد أحد روحه ليست في تصرف الله -جلَّ وعلا-؟ لا، لكنه مع ذلك يُثبت ويُعرَف ويستفيض عنه أنه يُثبت اليد لله -جلَّ وعلا-.

طالب:........

أي الآيات؟

طالب:........

بعض العلماء من أهل السُّنَّة يُنازعون في بعض الآيات هل هي من آية الصفات أو لا؟ مثل: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذاريات:47] هذه ليست من آيات الصفات، يعني بأيدٍ يعني بقوة، قد يقول قائل: إنكم تؤولون، نقول: لا، انظر السياق، السياق يدل على ذلك، كذلك هل هذه من آيات الصفات؟ السياق يُحدد المطلوب.

طالب:........

منهم من يثبت الجنب لله –جلَّ وعلا- بهذه الآية.

طالب:.......

إذا ما ورد فيه نص فالأصل الكف.

المبتدعة الذين لا يثبتون الوجه لله –جلَّ وعلا- وغيره من الصفات، يقولون: للمخلوق صفات، بهذه الألفاظ، فإذا أثبتنا لله الوجه، والمخلوق له وجه، كنا شبَّهنا الخالق بالمخلوق، يُقال لهم: المخلوق له وجه، والله –جلَّ وعلا- له وجه، ولكلٍّ من اللفظ ما يخصه ويليق به كما أن بعض المخلوقات تتشابه في الأسماء وتختلف في حقائقها، للجمل وجه، وللإنسان وجه، وللقرد وجه وهي كلها مخلوقات تتشابه أم ما تتشابه؟ والخالق –جلَّ وعلا- له ما يليق بجلاله وعظمته من ذلك مما لا يكون فيه أدنى مشابهة ومماثلة لمخلوقاته.

"لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة" الجنة هي أعظم المطالب؛ ولذلك خُصَّت بهذا، لا يُسأل بهذا الاسم العظيم أو بهذا الوصف العظيم إلا أعظم المطالب وهو الجنة.

لو سأل بوجه الله ما هو أعظم من مدلول اللفظ (الجنة) بعموم اللفظ يشمل أعلاها وأدناها، فلو سأل ما هو أعلى درجات الجنة بوجه الله –جلَّ وعلا- لكان السؤال صحيحًا؛ لأنه من الجنة يشمله العموم «وَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَعْلَى الْجَنَّةِ» فإذا سأل الله –جلَّ وعلا- بوجهه الفردوس ما يكون مُخالفًا للحديث.

طالب: ........

ماذا؟

طالب:.......

الرؤية، سأل الله بوجهه رؤيته يوم القيامة، هذا من لازم دخوله الجنة، هذا من اللازم أنه إذا دخل الجنة سأل الرؤية، والأصل في الأسئلة والدعاء، وعدم الاعتداء فيه ما جاء على جهة الإجمال يُجمَل، كما تقول: أسألك بوجهك رؤيتك في الجنة، ومصاحبة نبيك وكذا وكذا، كما تستعيذ بالله من النار وحياتها وعقاربها، وأغلالها وسعيرها، هذا اعتداء في الدعاء، فما جاء مُجملًا يبقى على إجماله.

طالب:.......

لأنه أخص.

طالب:.......

بوجهك؟

طالب: ........

عمومًا هذا ما فيه إشكال، اسأله عما شئت عمومًا، لكن الكلام بوجه الله.

طالب:.......

الاستعاذة غير السؤال «أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِك الّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظّلُمَاتُ» هل هذا استعاذة بوجه الله؟ «أعوذ بالله العظيم وسلطانه القديم».

طالب:.......

هذا ليس بسؤال بوجه الله.

طالب:.......

يبقى موضوع الاستعاذة غير السؤال، فموضوع الاستعاذة أخص؛ لأنه من باب درء المفسدة، والسؤال من باب جلب المصلحة.

طالب:........

عموم الاستعاذة.

طالب:........

إذا سأل بوجه الله يسأل مَن؟

طالب:........

هو إذا قسته على الجنة، وأنه من مآلات الجنة أو من أسباب دخول الجنة، لكن التوسع في هذا يُقتصر، لا ينبغي، بل يُقتصر على هذا الحصر الوارد "لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة" وإلا فجميع ما يُقرِّب إليها من الوسائل له حكم الغاية التي هي الجنة.

طالب:.......

أعم من الدعاء.

"عن جابرٍ –رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «لا يُسْألُ بِوَجْهِ الله إلا الجَنَّة» رواه أبو داود" أبو داود ما تعقبه بشيء، هل تعقبه أبو داود بشيء؟ ما أذكر فيه كلامًا لأبي داود، وعلى هذا يكون أبو داود سكت عنه، فهو مما يُحتج به عنده على القول: بأن من سكت عنه كما يقول: صالح أو حسن، كما في النسخة الأخرى من رسالته إلى أهل مكة، ولكن الواقع بالتتبع لأحاديث أبي داود في سُننه أنه سكت عن أحاديث ضعفها شديد، ومنها ما هو ضعيف، مع أنه يقول: ما فيه وهنٌ شديد بيَّنته، وسكت عن أحاديث لم يُبينها؛ إما لظهور ضعفها، أو لأنه تكلم عنها في مواضع أُخر، أو أن علة هذا التضعيف الشديد في راوي من رواته، وقد تكلم عليه في موضعٍ آخر، فكلامه ليس منحصرًا في الحديث نفسه، نقول: سكت عنه، ومن لازم ذلك أن يكون حسنًا، الواقع في سُنن أبي داود يشهد أن هناك أحاديث سكت عنها في موضعها ما أقول: سكت مطلقًا، فقد يكون تكلم في موضعٍ آخر على راوٍ هو موضع التضعيف، أو نُقل عنه كما نقل الآجري عنه في الكلام على الأحاديث والرواة، وبعضها لا تجد لها تأويلاً، لا تجد لسكوته تأويلاً، ولا مفر من أن يكون الحديث ضعيفًا ولو سكت عنه أبو داود.

وعمومًا هذه القواعد العامة المطلقة التي يُطلقها أهل العلم أغلبية وليست كُلية؛ لأن الواقع يشهد بذلك.

طالب:........

سليمان أول الحديث؛ لأن فيه سليمان بن قرن، ويزيد –لا إله إلا الله- قالوا: ومدار الحديث على سليمان بن قرن بن معاذ، وقد اختُلف فيه، قال الإمام أحمد: ثقة، وقال ابنه عبد الله: وكان أبي يتتبع حديث قطبة بن عبد العزيز، وسليمان بن قرن، ويزيد بن العزيز بن سياهٍ.

سياه مصروف أم غير مصروف؟

طالب:.......

هو أعجمي بالاتفاق، هو مصروف أم غير مصروف، نقول: سياهَ أم سياهٍ؟

طالب:.......

استُعمِل عَلمًا، وكان في الأعجمية وصفًا؛ ولذلك صرفوه.

وقال: هؤلاء قومٌ ثقات، وهو أتم حديثًا من سفيان وشعبة وهم أصحاب كُتب، وإن كان شُعبة وسفيان أحفظ منه، وذكره الذهبي في ذكر أسماء من تُكلِّم فيه وهو موثَّق، قال المُخرِّج: وعليه في السند حسن، وللحديث شاهدٌ من حديث أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه- وغيره.

ماذا قال عبد الحق؟

طالب:........

وسليمان، لكن له شاهد من حديث أبي موسى وغيره، فبمجموع هذه الطُّرق يتجه قول من حسَّنه.

طالب:........

الحصر «لا يُسْألُ بِوَجْهِ الله إلا الجَنَّة» لا يجوز أن يُسأل بوجه الله غير الجنة، أي: محرَّم.

طالب:........

ما سمعت، التوسل بمن؟

طالب:.......

مسألة دعاء الصفة، كون الإنسان يدعو الصفة كما يقول كثيرٌ من الأعراب هذا مسموع: يا وجه الله، يقولونها، الأعراب يقولون هكذا، شيخ الإسلام نقل في المسألة كلامًا قويًّا جدًّا، قال: إنه كفر، ونقل عليه الإجماع أيضًا.

طالب: ........

ماذا؟

طالب:.......

وهذا إذا اتجه إلى الصفة جعلها هي المخاطبة بطلبه، ولكن الاستعاذة «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ» ما الفرق بين سؤالها والاستعاذة بها، فيه فرق؟  

طالب:.......

نعم؛ ولذلك صار أمرها أخف، وجاء بها النص «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ» كلمات الله وكلامه صفةٌ من صفاته فاستعاذ بها، فالاستعاذة جائزة، بخلاف الصفة وتوجيه السؤال إليها.

طالب:.......

التوسل يتردد بين الطلب، لكنه في حقيقة أمره لا يطلب من الصفة كالاستعاذة، بخلاف المواجهة في الطلب يا رحمة الله ارحمني، يا وجه الله، وإن كان كثيرٌ ممن يُطلقها لا يقصد هذا المعنى، وأن الوجه مُنفكٌ عن الله –جلَّ وعلا-، ويُطالب بمفرده، لا بأنه هو الله- جلَّ وعلا-.

على كل حال التفاصيل الدقيقة في مثل هذه الأمور قد تُوقع في إشكالات، فطريقة السلف الإجمال عمومًا.

طالب:.......

إلا الجنة.

يقول –رحمه الله تعالى-: "فيه مسائل:

الأولى: النهي عن أن يُسأل بوجه الله إلا غاية المطالب" وغاية المطالب هي أيش؟ الجنة بالنص «لا يُسْألُ بِوَجْهِ الله إلا الجَنَّة» قد يقول قائل: إن غاية المطالب رضا الله، فهذا غاية، ولكن المؤلف حينما قال في هذه المسألة: "النهي عن أن يُسأل بوجه الله إلا غاية المطالب" مقصوده الاستنباط من الحديث، الحديث المذكور في الباب، فالمقصود بالتحديد الجنة.

"الثانية" يعني المسألة الثانية "إثبات صفة الوجه" لله –جلَّ وعلا-، وهذا أمر مُجمعٌ عليه بين أئمة الإسلام من أهل السُّنَّة من سلف الأئمة وأئمتها، كلهم مجمعون على إثبات صفة الوجه، والدليل القطعي من كتاب الله وسُنَّة نبيه -عليه الصلاة والسلام-.

اقرأ الباب.

"باب ما جاء في اللو: وقول الله تعالى: {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} [آل عمران:154] الآية، وقوله: {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} [آل عمران:168] الآية.

في (الصحيح) عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قال: «اِحْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ، وَلَا تَعْجَزْن، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ لَكَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اَللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ؛ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ اَلشَّيْطَانِ».

فيه مسائل:

الأولى: تفسير الآيتين في آل عمران.

الثانية: النهي الصريح عن قول: لو أني، إذا أصابك شيء.

الثالثة: تعليل المسألة بأن ذلك يفتح عمل الشيطان.

الرابعة: الإرشاد إلى الكلام الحسن.

الخامسة: الأمر بالحرص على ما ينفع مع الاستعانة بالله.

السادسة: النهي عن ضد ذلك وهو العجز".

يقول –رحمه الله تعالى-: "باب ما جاء في اللو" (لو) واضح المقصود بها فيما ورد في الباب هو أنها يُعتَرض بها أحيانًا على ربوبية الله –جلَّ وعلا- يُعتَرض بها على قدر الله –جلَّ وعلا- يُعتَرض بها على تقديراته –عزَّ وجلَّ- ويُعتَرض بها على كثيرٍ من أمور الدنيا.

والأصل في (لو) حرف امتناعٍ لامتناع، بخلاف (لولا) التي هي حرف امتناعٍ لوجود، (لولا) حرف امتناع لوجود، ومضت (لولا) في بابٍ تقدم "لولا البط لسرقنا اللصوص" هذا (لولا) فيه الامتناع وهو السرقة لوجود البط، فهذا حرف امتناعٍ لوجود.

والذي معنا حرف امتناعٍ لامتناع، ومادام حرفًا، و(أل) في الأصل لا تدخل إلا على الأسماء، وهنا دخلت على الحرف؛ لأنه لا يُراد الحرف ذاته، وإنما يُراد اللفظ، اللفظ الموجود هنا "اللو" الذي هو (لو)، و(لو) باعتبار حروفه المركبة وما يتركب منها للفظ يُمكن التعبير عنها، إذا قلت: (مِن) حرف جر، ما إعراب (مِن)؟ (مِن) مبتدأ؛ لأن المقصود اللفظ (مِن)، وحرف خبر.

ولو قلت: جاء زيدٌ من السوق، هل تستطيع أن تقول: جاء زيدٌ من السوق (مِن) هذه اسم؟ لا، حرف بالاتفاق.

طالب: ........

"باب ما جاء في اللو" قلنا: إن (أل) لا تدخل إلا على الأسماء، دخولها على الحرف أو الفعل؛ لأن المراد اللفظ لا حقيقة الحرف، ولا حقيقة الفعل، في هذا يقول الإمام ابن مالك:

بِالْجَرِّ وَالتَّنْوينِ وَالنِّدَا وَأَلْ
 

 

وَمُسْنَدٍ لِلاسْمِ تَمْيِيزٌ حَصَلْ
 

يعني عن قسيميه الفعل والحرف.

وهل حرف التعريف (أل) ولا اللام؟ هو عندنا يقول: (أل) في موضعٍ آخر، يقول:

أَلْ حَرْفُ تَعْرِيفٍ أو الَّلامُ فَقَطْ
 

 

فَنَمَطٌ عَرَّفْتَ قُلْ فِيهِ النَّمَطْ
 

على كل حال دخولها على مثل هذا؛ لأن المقصود اللفظ لا حقيقة الحرف، وقد تدخل على الفعل في قوله:

مَا أَنْتَ بِالحَكَمِ ألتُرْضَى حُكُومَتُهُ
 

 

وَلاَ الأَصِيلِ وَلاَ ذِي الرَّأْيِ وَالجَدَلِ
 

"ألترضى" دخلت على الفعل، ولكنها مؤوَّلة بالموصول الذي تُرضى، فــــــــ(أل) بمعنى الموصول.

قد تدخل (أل) ولا تُكسِب تعريفًا حتى على الاسم، فإذا كان الاسم علمًا، مثل: حسن، هل يكون حسن بدون (أل) غير معرفة، فإذا اقترنت به (أل) صار معرفة؟ لا، وإنما يقولون بأن (أل) هذه لمح الأصل، ونظائره من الأسماء كلها لا تُكسبها التعريف، وإنما يُلمح بها الأصل، فإذا أردت الحُسن ومقصودك في مخاطبة هذا الرجل بهذا الاسم أنك تستحضر وصفه بهذا الاسم، فتقول: الحسن، وإلا فالأصل هو حسن بدون (أل) ولا يكتسب التعريف بها، ولها استعمالات كثيرة.

هذا بعث أكثر من سؤال بعضها مُختصر.

يقول: أعتذر مقدمًا قد تجد أنه يحتاج منى الاعتذار.

أنا ما رأيت شيئًا يحتاج إلى اعتذار.     

يقول: أم الولد إذا قتلت سيدها، هل ينطبق عليها من تعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه؟

يعني لو أن وارثًا قتل سيده حُرِم من الإرث؛ لأن القتل من موانع الإرث، ويُطبقون عليه القاعدة مَن تعجل شيئًا قبل أوانه عوقِب بحرمانه، وأم الولد ليست من الورثة، وتُحرم من الإرث بسبب هذا، لكن هل تُحرم من العتق؛ لأنها تعتق بموت سيدها، وتعجَّلت موته فقتلته فتُحرم ما تعجلت فلا تكون أم ولد؟

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

السبب ليس لذاتها لتُحرم به، وإنما السبب ولدها، ولكن قد تستحق القتل؛ لأنها قتلت، إذا قتلته متعمدة، ولم يعفُ الورثة إلا إذا اعتبرنا أن ولدها من الورثة وهو عاصب، ويملك التنازل على ما سبق في درس الفقه.

في حديث أنس –رضي الله عنه- قال أبو طلحة لأم سُليم: لقد سمعت صوت رسول الله –صلى الله عليه وسلم– ضعيفًا" والحديث في البخاري في كتاب المناقب، قال في (فتح الباري): كذا لأبي ذر عن الكشميهني يعني: هلِموا ولغيره هلُمَّ وهي لغةٌ حجازية هلُم عندهم لا يؤنَّث، ولا يُثنى، ولا يُجمع، ومنه قوله تعالى: {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزاب:18]؟

لغتهم حجازية، لكن غيرهم من بني تميم مثلاً أو غيرهم من هُذيل أو القبائل الأخرى يُطابقون، فيُفرد للمفرد، ويُذكَّر للمذكر: هلُمَّ، ويُجمع: هلِموا، ويؤنَّث: هلُمِّي إلى آخره، فيه المطابقة، وفيه لزوم الإفراد.

والأحاديث فيها ما جاء على لغة قريش، وفيها ما جاء على لغاتٍ أخرى من تميم أو هذيل أو غيرهما، فلا إشكال.

والإمام البخاري –رحمه الله تعالى- أحيانًا يذكر الرواية على لغة قريش، ويُترجم بغيرها، فقال في (صحيحه) رحمه الله: بابٌ إذا لم تستحِ -بالكسر بدون ياء- فاصنع ما شئت، والحديث الذي أورده تحت هذه الترجمة "إذا لم تستحي" بالياء بياءٍ واحدة، الأصل بياءين عند قريش، وبواحدةٍ عند بني تميم "فإذا لم تستحِ" حُذفت الياء للجازم بناءً على لغة تميم، وإثبات الياء الواحدة على لغة قريش في الحديث، والأصل كما جاء في القرآن {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي} [البقرة:26] فالبخاري قد يُترجم بلغة ويُورد الحديث بلغةٍ أخرى.

يقول: وفي حديث ابن مسعود –رضي الله عنه- في نفس الباب يقول الشارح –رحمه الله-: قوله: «حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ» أي: هلِموا إلى الطهور، هلِموا بالجمع، وهناك في الآية {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزاب:18] بالإفراد؟

وإذا كان هذا جائزًا في لغات العرب فلا مانع من أن يستعمل هكذا ويُستعمل هكذا، {ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} [غافر:67] {طِفْلًا} [غافر:67] مفرد أم جمع؟

طالب:........

طيب {يُخْرِجُكُمْ} [غافر:67]؟

طالب:........

يُلزمونه بحالةٍ واحدة في حال الإفراد والتثنية والجمع، واللغة الأخرى كما هو معلوم مثل ما عندنا المطابقة.

يقول: فهل لهذا وجه في اللغة عمل عليه الشارح، يقول الشارح: أي هلِموا إلى الطهور في (فتح الباري) فهل لهذا وجهٌ في اللغة عمل عليه الشارح؟

نعم، ولم يقل به الكشميهني، وقال به جمعٌ من الرواة، رواة الصحيح.

مسألةٌ أخرى وهي في نفس الشرح، قال: وقد اشتهر تسبيح الحصى، ثم قال: وأما تسبيح الحصى فليست له إلا هذه الطريق الواحدة، فهل يُقصد الاشتهار بهذا الطريق أم ماذا؟

الاشتهار وعدمه أمور نسبية، ولا يُقصد بالاشتهار هنا تعدد الطرق، وقد يكون مشتهرًا على الألسنة فقط، ويتداوله أهل العلم وإن لم يكن له إلا طريقًا واحدة؛ لأن الشهرة منها ما هو اصطلاحي، ومنها ما هو غير اصطلاحي، وكم من حديثٍ اشتهر على ألسنة الناس وهو لا أصل له أصلاً، فيُسمى حديثًا مُشتهرًا يعني على الألسنة، بخلاف الحديث المشهور المصطلح عليه.

يقول: طلبٌ وليس له ما يشفع لي عندكم إلا ما تُشاهدونه في هذه الورقة لو كان هناك درس في النحو؟

يا ليت وقتًا، نُدرِّس ما نستطيع تدريس الذي نقدر عليه، وفي (النُقاية) للسيوطي أربعة عشر فنًّا درسنا منه ما قدَّر الله وكتب الله تدريسه، وبقي منها فنون منها ما لا يصلح للتدريس عندنا مثل علم الكلام، ومنها ما هو قابل، وإن كان في الأصل ليس من معارفنا وهو قسم الطب، لكن الطب في ذلك الكتاب طب ما هو بالطب المبني على آلات ومُختبرات وكذا، حتى ما نكون تسلقنا أشياء ما نُحسن... أنا شرحت كتاب الطب من صحيح البخاري، وشرحت كتاب الطب من صحيح مسلم، ومن كتب أخرى، ونظرت في قسم الطب من كتاب السيوطي فوجدت أنه مقدورٌ عليه من الطب القديم.

ومن أمثلته: هل الأفضل المكان المكشوف أو المكان المسقوف؟ أيهما أفضل للصحة؟

طالب:.......

وإذا صار غبار تتغطى؟                   

هو أجاب عن هذا إذا كان الجو نقيًّا ونظيفًا فالمكشوف، وإذا كان فيه نوع تلويث فالمسقوف.

طالب:........

ماذا فيه؟

طالب:........

لا لا، ما تنفع المكيفات، الهواء الطبيعي الأصلي إذا كان نقيًّا فهو أفضل على أي حال.

طالب:.........

أين؟

طالب:........

مثل؟

طالب:........

النفس يقصد النفس، يعني إذا امتلأ فأنت كيف تتنفس؟

طالب:........

إذا استغل الإنسان الثلثين بكاملهما فكيف تنفس؟

طالب:........

ما هو بالقصد المعدة داخل....

طالب: الفراغ.

المقصود الفراغ.

طالب: أحسن الله إليك بالنسبة (للنقاية) شرحتم –حفظكم الله- ستة أنواع من العلوم: علم التفسير، وعلم الحديث، وعلم أصول الفقه، وعلم الفرائض، وعلم النحو، وعلم التصريف.

آخر واحد ماذا؟

طالب: علم التصريف.

التصريف نعم.

طالب: غدًا فيه درس؟

لا لا، ما فيه درس.

طالب:.........

يمكن أن نأخذ المغرب والعشاء ونكمل بعد، كم بقي الآن من أسبوع؟

طالب:........

ما يخالف، نأخذ المغرب والعشاء ونأخذ ما تريدونه.