كتاب الصيام من سبل السلام (3)

لا، ما هو ببعيد.

نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد،

 فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «من ذرعه القيء» بالذال المعجمة والراء والعين المهملتين، أي سبقه وغلبه في الخروج، «فلا قضاء عليه، ومن استقاء» أي طلب القيء باختياره «فعليه القضاء». رواه الخمسة، وأعلّه أحمد بأنه غلط، وقواه الدارقطني، وقال البخاري: لا أَراه محفوظًا" أو لا أُراه؟

لا أُراه لا أظنه، لا أراه يعني لا أعلمه.

"وقد روي من غير وجه، ولا يصح إسناده، وأنكره أحمد وقال: ليس من ذا بشيء، قال الخطابي: يريد أنه غير محفوظ، وقال: يقال صحيح على شرطهما".

وقد قال الحاكم هذه عبارته.

طالب:...

وقد قال الحاكم: صحيح على شرطهما.

"وقد قال الحاكم صحيح على شرطهما، والحديث دليل على أنه لا يفطر بالقيء الغالب لقوله: «فلا قضاء عليه» إذ عدم القضاء فرع الصحة".

نعم الحديث من ذرعه القيء يعني سبقه وقاء من غير قصد ولا تعمد فإنه لا قضاء عليه، وهكذا في جميع الأمور لو سبقه الماء في المضمضة من غير قصد ولا اختيار فإنه لا يفطر، لو طار إلى حلقه غبار أو ذباب فإنه لا يفطر؛ لأن هذا خارج عن إرادته، لكن الكلام فيما يكون تحت إرادة الإنسان وقصده.

 من استقاء أي طلب القيء؛ لأن السين والتاء للطلب، مثل استسقاء، مثل استشفاء طلب السقيا وطلب الشفاء، ومن استقاء فعليه القضاء، وعلى كلٍّ مختلف في صحته، منهم من ضعفه، وجعله غير محفوظ، والذي يقابل المحفوظ هو إيش؟ الشاذ، على هذا يكون الحديث شاذًّا، ومتى يكون الحديث شاذًّا؟

طالب:...

إذا خالف الثقة من هو أوثق منه، على ما استقر عليه الاصطلاح عند المتأخرين، ولذا قال الحاكم: إنه صحيح على شرطهما، مقتضى كلام الحاكم أن رجاله ثقات؛ لأنهم على شرط الشيخين، والمراد بشرط الشيخين إيش؟

طالب:...

نعم رواتهما، شرط الشيخين رواتهما، أي أن هذا الحديث مخرَّج عند الحاكم من طريق رواته أخرج لهم الشيخان، ولذا قال: صحيح على شرطهما، ولو كان صحيحًا عنده ولم يخرج الشيخان لرواته أو لبعضهم قال: صحيح فحسب، قال: صحيح الإسناد. ولا يقول: على شرطهما، على الخلاف في المراد بشرط الشيخين، مما هو مستقصى ومستوعب في مظنته.

طالب:...

وهذا على شرطهما.

طالب:...

يعني بالصورة المجتمعة.

طالب: ...

فهمنا السؤال؟ السؤال واضح؟

طالب: ...

عرفنا أن المرجح عند الذهبي وابن حجر وأيضًا قبلهم العراقي والسخاوي والسيوطي وغيرهم المراد بشرط الشيخين رواتهما، على هذا يكون جميع الرواة الذين رووا الحديث من طريقهم أخرج لهم الشيخان، لكن هل هذا التخريج يكون بالصورة المجتمعة؟ يعني هذا الإسناد بهذه الصورة بهذه الصيغ للأداء أخرج لهم الشيخان، أو أنه لا يلزم؟

أخرج الشيخان لهذا الراوي عن غير هذا الشيخ، وهذا الشيخ أخرج له الشيخان عن غير شيخه وهكذا، يعني هل يشترط الحاكم للحكم على شرط الشيخين بالصورة المجتمعة أو يكتفي بأن هؤلاء الرواة مخرج لهم في الصحيحين؟

هو الثاني، ومن هنا جاءه الخلل، ومن هنا جاءه الخلل، ومن هنا جاء الخلل، تطرق الخلل إلى أسانيد الحاكم؛ لأنه لا يخرِّج بالصيغة، بالصورة المجتمعة، ولا يشترط هذا، وقد يكون هذا الراوي ممن ضُعِّف في هذا الشيخ، علمًا بأنه لو خرّج بالصورة المجتمعة ممن أخرج لهم الشيخان فوضع الصحيحين يختلف عن غيرهما، وتحري الشيخين يختلف عن تحري غيرهما، فالشيخان قد يخرجان لمن انتُقِد، يخرجان عمن انتُقِد، ومُسَّ بضرب من التجريح، لكن على سبيل الانتقاء من حديثه، ومما يعلَم أنه وافقه عليه غيره من الثقات، بخلاف غيرهم، لذا لو وجدنا حديثًا على شرط الشيخين في سنن أبي داود أو الترمذي أو النسائي أو غيرها من الكتب لا يلزم أن نحكم له بالصحة؛ لأنه قد يكون هذا الحديث مما خولف فيه هذا الراوي ممن مُسَّ بضرب من التجريح كما هو معروف.

 على كل حال تصرف الحاكم يقوي قول من يقول: إن المراد بشرط الشيخين رواتهما؛ لأنه خرّج حديثًا من طريق أبي عثمان فقال: صحيح الإسناد، وأبو عثمان ليس هو النهدي، ولو كان النهدي لقلتُ: إنه على شرطهما، فدلّ على أن المراد بشرط الشيخين عنده رواتهما، هذا الحديث الذي اختُلف فيه على هذه الكيفية منهم من يراه شاذًّا، ما وجه المخالفة في الحديث، وجه المخالفة؟

يعني أما اشترطوا في الشذوذ أن يكون مخالفة الراوي الثقة لمن هو أوثق منه؟ رواته على مقتضى كلام الحاكم وعلى فهمنا لشرطه ثقات، لكن هؤلاء الثقات الذين روي هذا الحديث من طريقهم مقتضى قول أهل العلم أنه غير محفوظ يعني شاذًّا أن فيه مخالفة، ما هذه المخالفة؟ أي خبر يخالف هذا مما هو أرجح منه؟

طالب:...

ماذا يقول؟

طالب:...

أيهما أرجح؟ الراجح هو المحفوظ والمرجوح هو الشاذ.

طالب:...

نعم كلام ابن عباس وغيره في الصحيح: الإفطار مما دخل لا مما خرج. تكون هذه هي القاعدة، ويكون هذا قد خالف القاعدة، لكن هل كلام ابن عباس مرفوع أم موقوف عليه؟

طالب:...

وهل كلامه مطَّرد أو ليس بمطَّرد؟ الحجامة هل هي مما دخل أم مما خرج؟ والحديث فيها صحيح «أفطر الحاجم والمحجوم» صحيح، قال به جمع من أهل العلم، والفريق الآخر قالوا به قبل نسخه، يعني ما اعترضوا على معناه، معناه صحيح عند الجميع، وهو ثابت، لكنه معارَض، ولا حُكِم عليه بشذوذ يعني ضُعِّف، لا، هو صحيح، لكن الذي لا يقول بأن الحجامة تفطر الصائم يقول: هو منسوخ على ما تقدم، لكن قول ابن عباس هل هو مطَّرد أو ليس بمطَّرد؟

طالب:...

ليس بمطَّرد، يعني ليست كل المفطرات مما دخل، من أعظم المفطرات الجماع، ولا تنطبق عليه هذه القاعدة، وعلى هذا فالقول بفطر من استقاء له حظ من النظر، يعني في القيء، كما أن القول بأن الحجامة مفطرة له حظ من النظر، وهو قوي على مقتضى الحديث، والسبب في ذلك أن كلاًّ من الحجامة والقيء مما يضعف الصائم، فنُهي عنه في وقت الصيام، وشُدِّد فيه حتى بلغ تفطير من تعمد ذلك.

"وعلى أنه يفطر من طلب القيء واستجلبه، وظاهره وإن لم يخرج له قيء لأمره بالقضاء".

يعني مجرد الطلب، الحكم معلق على مجرد طلب القيء، من استقاء يعني مجرد طلب القيء يفطر، لماذا؟ هذا بالنسبة لمن يعتقد أن الاستقاء مفطر هذا ما فيه إشكال؛ لأنه نوى الإفطار، لكن الذي يخفى عليه الحكم أو لا يرى، الذي يخفى عليه حكم القيء، أو الاستقاء أنه مفطر، الذي يعرف الحكم وأن الاستقاء مفطر هو باستقائه نوى الإفطار ولو لم يقئ، وهم يقولون: من نوى الإفطار أفطر، لكن الذي لا يعرف الحكم أكثر السحور وأراد النوم ولم يستطع ثم عمد إلى التخفيف، هو ما يعرف أنه إذا استقاء أفطر، لا أعني مسألة العذر بالجهل هل يعذَر من تناول مفطرًا جاهلاً أو لا، أقول: هذا مجرد عن نية الإفطار، فلا ترد هنا نية الإفطار أنه نوى الإفطار، لكن شخص حاول أن يقيء ما قاء، هل نقول: إن مثل هذا مثل من حاول نقض الطهارة ولم تنتقض؟

إذا حاول نقض الطهارة تنتقض طهارته أم لا؟ لا تنتقض، لماذا؟ لأن الطهارة فعل لا يخرج منها إلا بفعل، والصوم كفّ شرطه النية يُخرَج منه بالنية، هذا مقتضى كلامه أن من نوى الإفطار أفطر، فإذا حاول أن يقيء ولم يقئ، على مقتضى الحديث أن من استقاء يعني من طلب القيء يفطر، الفقهاء يقولون: أو استقاء فقاء، أو استقاء فقاء، يعني لا يكفي أن يطلب القيء، لا بد أن يحصل القيء والتفطير بالقيء لا بمجرد الاستقاء، وإنما طلبه ليدل على القصد؛ للتفريق بين القاصد وغير القاصد، والفطر معلق بالقيء، لا بطلب القيء، وإن كان ظاهر الحديث أن مجرد طلب القيء يفطر.

طالب:...

أنه لا يفطر حتى يقيء. يعني المسألة مفترضة في شخص لا يعرف الحكم، وإلا إذا عرف أن الاستقاء مفطر فحاول أن يستقيء ليفطر، معروف أنه ما حاول إلا ليفطر، فهم يقولون: من نوى الإفطار أفطر، ويدخل فيه هذا. 

"ونقل ابن المنذر الإجماع على أن تعمّد القيء يفطر، قلتُ: ولكنه روي عن ابن عباس ومالك وربيعة والهادي أن القيء لا يفطر مطلقًا إلا إذا رجع منه شيء فإنه يفطر، وحجتهم ما أخرجه الترمذي والبيهقي بإسناد ضعيف: «ثلاث لا يفطرون القيء والحجامة والاحتلام»".

كيف يفطرون؟ لا يفطرن. ماذا عندك؟

طالب:...

أو ثلاثة؟ ثلاث لا يفطرن، نعم.

«ثلاث لا يفطرن القيء والحجامة والاحتلام»، ويجاب عنه بحمله على من ذرعه القيء؛ جمعًا بين الأدلة، وحملاً للعام على الخاص، على أن العام غير صحيح".

العام غير صحيح، أيهما العام؟ حديث الباب أم الثلاثة؟ الثلاث هو العام، حديث الباب خاص، وهنا الخاص أصحّ من العام.

"والخاص أرجح منه سندًا، فالعمل به أولى، وإن عارضته البراءة الأصلية".

البراءة الأصلية أنه ما دام أمسك عن الطعام والشراب والجماع أن صومه صحيح، فيبقى ما عدا ذلك على البراءة الأصلية حتى يرد دليل يدل على أنه مفطر.

"وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان" سنة ثمان من الهجرة، قال ابن إسحاق وغيره: إنه خرج يوم العاشر منه، " فصام حتى بلغ كراع الغميم".

في صحيح مسلم لاثنتي عشرة، في رواية لست عشرة، كلها في الصحيح.

"بضم الكاف فراء آخره مهملة، والغميم بمعجمة مفتوحة وهو وادٍ أمام عُسْفان، "فصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب؛ ليعلم الناس بإفطاره، ثم قيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام فقال: «أولئك العصاة»، وفي لفظ: فقيل: إن الناس قد شق عليهم الصيام، وإنما ينتظرون". أم ينظرون؟

طالب:...

"وإنما ينظرون فيما فعلت بقدح من ماء بعد العصر فشرب"، رواه مسلم".

نعم المسافر له أن يصوم، وله أن يفطر، فقد صام النبي -عليه الصلاة والسلام- في السفر، ولما بلغ كراع الغميم أفطر، وعلى هذا يجوز للمسافر أن يصوم، ويجوز له أن يفطر، {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ} [البقرة:184] الصحابة كانوا يسافرون معه -عليه الصلاة والسلام-، فمنهم الصائم، ومنهم المفطر، ولا يعيب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم، لكن يبقى إذا شقّ فالفطر أولى، إذا لم يشق فالصيام أولى، إذا حصل بسببه ضرر وزادت المشقة جاء حديث: «أولئك العصاة»، أثِم الصائم حينئذٍ، والصيام مع الاستطاعة في السفر صحيح ومجزئ في قول جمهور العلماء، خلافًا للظاهرية الذين يقولون: إن الصيام في السفر لا يصحّ، ولا يجزئ، ولا يسقط الطلب؛ لأن المسافر مطالب بالعدة، ما معنى مطالب بالعدة؟

من أيام أخر، مطالب بالقضاء صام أو لم يصم، {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ} [البقرة:184] يعني فالواجب عليه عدة صام أو ما صام، وعلى هذا فصيامه غير صحيح، لكن جماهير العلماء على أن صيام المسافر صحيح وثابت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه صام في السفر، وصام أصحابه، فهو صحيح مجزئ مسقط للطلب، ويكون معنى الآية: من كان منكم مريضًا أو على سفر فأفطر فعدة من أيام أخر، يعني إذا أفطر فعليه عدة من أيام أخر، وأما إذا صام فصيامه صحيح، وبينته السُّنَّة.

"الحديث دليل على أن المسافر له أن يصوم وله أن يفطر، وأن له الإفطار وإن صام أكثر النهار، وخالف في الطرف الأول داود والإمامية فقالوا: لا يجزئ الصوم؛ لقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، وبقوله: «أولئك العصاة»، وقوله: «ليس من البر الصيام في السفر»، وخالفهم الجماهير فقالوا: يجزئه صومه؛ لفعله -صلى الله عليه وسلم-، والآية لا دليل فيها على عدم الإجزاء، وقوله: «أولئك العصاة» إنما هو لمخالفتهم لأمره بالإفطار وقد تعيّن عليهم".

نعم لما واجههم بالأمر تعيّن عليهم الإفطار، وهذا فيمن يشق عليه؛ لحديث «ليس من البر الصيام في السفر» هذه معروفة، ورد على سبب خاص، في قصة الذي ظلل عليه، ظلل عليه، وشق عليه السفر، شق عليه الصيام، وظُلِّل عليه، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «ليس من البر الصيام في السفر»، يعني في مثل هذه الحالة وإلا لو كان الحديث على إطلاقه لكان صيامه -عليه الصلاة والسلام- ليس من البر، وقد صام النبي -عليه الصلاة والسلام- في السفر، فدل على أن من الصيام في السفر ما هو بِر، ومنه ما هو ليس ببِر تبعًا للمشقة وعدمها.

طالب:...

المحلى ما أكبر من المحلى؟

"وفيه أنه ليس في الحديث أنه أمرهم، وإنما يتم على أن فعله يقتضي الوجوب".

يعني لو كان مجرد فعله -عليه الصلاة والسلام- وكونه شرب لما بلغ كراع الغميم يقتضي الوجوب قلنا: يجب على كل من سافر أن يفطر، لكن فعله هنا قضية عين لما وجدت المشقة أفطر، وإلا فقد ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه صام.

طالب:...

أين؟

طالب: ...

 لا، يبلغهم، تبلغهم النصوص، المقصود أن قوله: «أولئك العصاة» منزل على من شقّ عليهم الصيام واستمروا على هذه المشقة، ما اقتدوا به -عليه الصلاة والسلام-.

"وأما الحديث «ليس من البر» فإنما قاله -صلى الله عليه وسلم- فيمن شق عليه الصيام، نعم يتم الاستدلال بتحريم الصوم في السفر على من شق عليه، فإنه إنما أفطر -صلى الله عليه وسلم- لقولهم إنهم قد شق عليهم الصيام، والذين صاموا بعد ذلك وصفهم بأنهم عصاة، وأما جواز الإفطار إن صام أكثر النهار فذهب أيضًا إلى جوازه الجماهير، وعلّق الشافعي القول به على صحة الحديث، وهذا إذا نوى الصيام في السفر، فأما إذا دخل فيه وهو مقيم ثم سافر في أثناء يومه".

يعني سافر في أثناء النهار، يعني من صام في السفر، ابتدأ الصيام في السفر هذا يفطر، لكن من ابتدأ الصيام في الحضر ثم سافر فله أن يفطر أو لا؟ قد يقول قائل: لماذا لا يُغلَّب جانب الحضر، فيلزمه الصيام، كما قالوا: من ابتدأ المسح وهو مقيم ثم سافر يمسح مسح مقيم؛ لأنه تغليب جانب، تغليب لجانب الحضر، لماذا لا يكون الصيام مثله؟

اقرأ.

"فذهب الجمهور إلى أنه ليس له الإفطار، وأجازه أحمد وإسحاق وغيرهم، والظاهر معهم".

نعم؛ لأن الوصف الذي رتب عليه جواز الفطر موجود وهو السفر، الوصف الذي هو السفر مؤثر في الحكم، وقد عُلِّق عليه الحكم في الآية فوُجِد، فإذا وجد الوصف وُجِد الموصوف.

طالب:...

كيف من بداية اليوم؟

طالب:...

لا يأكل حتى يتصف بالوصف المبيح للفطر، أما قبل اتصافه بالوصف المبيح للفطر فإنه قد شهد الشهر، ومن شهد منكم الشهر فليصمه، ما سافر، هو ما سافر، هو مقيم الآن، ما يسافر إلا إذا باشر السفر، وقد روي عن أنس -رضي الله عنه- أنه أراد أن يسافر، لكن ليس مثل شغلك أنت، لما أراد أن يسافر يعني قبيل السفر لما وضعوا المتاع على الراحلة أكل، قُدِّم غداؤه، بالفعل هذا عازم على السفر، لكن مع ذلك قول مرجوح، وحديثه فيه كلام، وفي الترمذي، لكن متكلم فيه، ما يسلم من ضعف.

طالب:...

يأكل بالطائرة، الآن ما بعد جاء السبب، ما ورد السفر إلا لو سافر، ما سافر، إذًا هو مقيم، من شهد منكم الشهر فليصمه، هو مقيم حاضر، والوصف المبيح للإفطار غير موجود.

طالب:...

لكنه قول مرجوح ما دام مقيمًا لا يقصر ولا يفطر ولا يجمع.

طالب:...

كمِّل هذا رأيي.

"لأنه مسافر، وأما الأفضل فذهبت الهادوية وأبو حنفية والشافعي إلى أن الصوم أفضل للمسافر حيث لا مشقة عليه ولا ضرر، فإن تضرر فالفطر أفضل، وقال أحمد وإسحاق وآخرون: الفطر أفضل مطلقًا بالأحاديث التي احتج بها من قال: لا يجزئ الصوم، قالوا: وتلك الأحاديث وإن دلت على المنع، لكن حديث حمزة بن عمرو الآتي وقوله: «ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه»، وأفاد بنفيه الجناح أنه لا بأس به لا أنه محرم ولا أفضل".

على كلٍّ التفصيل يتبع المشقة، إذا لم توجد مشقة أصلاً فالصيام أفضل؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صام في السفر، إذا وجد نوع مشقة، مشقة محتملة فالفطر أفضل، {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:185] إذا وجدت مشقة لا تحتمل، يعني يتضرر الصائم فيها أولئك العصاة، يحرم عليه أن يصوم.

"واحتج من قال بأن الصوم الأفضل أنه كان غالب فعله -صلى الله عليه وسلم- في أسفاره، ولا يخفى أنه لا بد من الدليل على الأكثرية، وتأولوا أحاديث المنع بأنه لمن شق عليه الصوم، وقال آخرون: الصوم والإفطار سواء لتعادل الأحاديث في ذلك، وهو ظاهر حديث أنس: سافرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم، وظاهره التسوية".

نعم.

طالب:...

يغلبون جانب الحضر، يغلبون جانب الحضر.

طالب:...

تغليب جانب الحضر؛ لأنه ما فيه أحد يبطل صلاته إذا صلاها أربعًا، لكن إذا صلى ثنتين يوجد من يبطلها.

طالب:...

في الأصل أنه يلزمه الصلاة بدخول وقتها وهو مقيم.

"وعن حمزة بن عمرو الأسلمي هو أبو صالح أو محمد حمزة بالحاء المهملة وزاي يعد في أهل الحجاز" كذا؟

نعم.

"روى عنه ابنه محمد وعائشة، مات سنة إحدى وستين وله ثمانون سنة، أنه قال: يا رسول الله أجد فيّ قوة على الصيام في السفر، فهل علىّ جناح؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه». رواه مسلم، وأصله في المتفق عليه من حديث عائشة أن حمزة بن عمرو سأل، وفي لفظ مسلم: إني رجل أسرد الصوم أفأصوم في السفر؟ قال: «صم إن شئت، وأفطر إن شئت»، ففي هذا اللفظ دلالة على أنهما سواء، وتقدم الكلام في ذلك، وقد استدل بالحديث من يرى أنه لا يكره صوم الدهر، وذلك أنه أخبر أنه يسرد الصوم فأقره ولم ينكر عليه".

يعني في السفر ففي الحضر من باب أولى. لكن الأحاديث المفسرة الواضحة «لا صام من صام الأبد».

"وهو في السفر ففي الحضر بالأولى، وذلك إذا كان لا يضعِف به".

يضْعُف.

"وذلك إذا كان لا يضعُف به عن واجب ولا يفوت بسبه عليه حق".

لكن إذا أخلّ بواجب، إذا أخلَّ بواجب فلا شك أن الصيام وإن كان في الأصل فضله عظيم «من صام يومًا في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا»، فالصيام له فضل عظيم، لكن إذا ألهى عن واجب وهو مستحب، فلا شك أنه يمنَع، إذا ألهى أو شغل عن عبادة هي أفضل منه، فإن هذه العبادة ترجح عليه فيكرَه في حقه، وهكذا.

"وبشرط فطره العيدين والتشريق، وأما إنكاره -صلى الله عليه وسلم- على ابن عمرو صوم الدهر فلا يعارض هذا إلا أنه علم -صلى الله عليه وسلم- أنه سيضعف عنه".

وقد حصل، وقد حصل، ضعف عبد الله بن عمرو عما أوصاه به النبي -عليه الصلاة والسلام- نعم.

"لأنه علم -صلى الله عليه وسلم- أنه سيضعف عنه، وهكذا كان فإنه ضعف آخر عمره وكان يقول: يا ليتني قبلت رخصة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان -صلى الله عليه وسلم- يحب العمل الدائم وإن قلّ ويحثهم عليه، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: رُخِّص للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينًا ولا قضاء عليه. رواه الدراقطني والحاكم وصححاه.

 اعلم أنه اختلف الناس في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}، والمشهور أنها منسوخة، وأنه كان أول فرض الصيام".

نعم هذا في الصحيح، حديث سلمة بن الأكوع ما يدل على النسخ، أن التخيير بين الصيام والإطعام منسوخ، كان في أول الأمر ثم نُسخ، {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ما فيه تخيير، ابن عباس -رضي الله عنهما- يرى أن الآية غير منسوخة، وأنها في حكم الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصيام فإنه يفطر ويطعم، وفي حكمه المريض الذي لا يرجى برؤه، بجامع عدم الإطاقة، وهذا صحيح أيضًا عن ابن عباس، لكن ظاهر الآية وعلى الذين يطيقونه، وليست على الذين لا يطيقونه، الآية نصّها: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} وإن كان هناك قراءة أخرى: يُطَوَّقُونَه. أين ابن عمر؟ ما هي قراءته؟

طالب:...

أقول: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} وليست على الذين لا يطيقونه ابن عباس قال: إنها ليست منسوخة، بل حكمها باقٍ بالنسبة للشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصيام، المرأة الكبيرة التي لا تستطيع الصيام تطعم كالشيخ، وحينئذٍ تبقى الآية محكمة، ولا شك أن الآية في الذي يطيق الصيام، والذي يطيق الصيام هو مخير أو ليس بمخير؟ في أول الأمر مخير، وفي آخر الأمر ليس بمخير، وعلى هذا فالقول بأن الآية منسوخة وليست بمحكمة هذا هو الأصل، والذي يدل عليه لفظ الآية، قد يكون ابن عباس -رضي الله عنهما- فهم أن الإطعام عِدل للصيام، يعني معادل للصيام في أول الأمر، ثم بعد ذلك الآية {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} يعني مخيَّر، فالصيام عدله الإطعام، يعني يعادل الإطعام، فالذي لا يستطيع الأصل الذي هو الصيام عليه معادله وهو الإطعام، فيكون هذا قاله ابن عباس تفقهًا يعني فهمًا من الآية، وإلا فالآية صريحة في الذي يطيق الصيام، وليست في الذي لا يطيق الصيام، وحينئذٍ يكون هذا من فقه ابن عباس، لا مما يفهَم من ظاهر الآية.

"أن من شاء أطعم مسكينًا وأفطر ومن شاء صام ثم نسخت بقوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة:184]، وقيل بقوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}".

لأن قوله: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة:184] لا يقتضي المنع من الإفطار، وإنما يقتضي ترجيح الصيام على الإفطار مع الإطعام، لكن قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} هذا تعيين للصيام بالنسبة للمقيم.

"وقال قوم: هي غير منسوخة، منهم ابن عباس كما هنا، وروي عنه أنه كان يقرؤها {وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ} أي يكلفونه".

نعم، يتكلفونه مع المشقة، يعني مع المشقة.

"ويقول: ليست بمنسوخة، هي الشيخ الكبير والمرأة الهرمة، وهذا هو الذي أخرجه عنه من ذكره المصنف".

لكن الذي يُطَوَّقه مع المشقة يستطيع مع المشقة يفطر وهو حاضر مقيم يستطيع الصيام، لكن عليه مشقة.

طالب:...

نعم مشقة تحتمل، هذا يطوَّقونه، يعني مع المشقة طاقه، لا شك أن الدين يسر، لكن أيضًا الأركان لا بد من الإتيان بها، فلا يفرط بالأركان لمجرد وجود أدنى مشقة، ولذا يفتي بعض المفتونين العمال يفطرون؛ لأن عليهم مشقة، الطلاب الذين يمتحنون يفطرون؛ لأنه عليهم مشقة، لا، كل هذا ليس له حظ من النظر، لا العمل يقابل ركنًا من أركان الإسلام، ولا الدراسة، الدراسة نفل، يعني ليست بواجبة، لكن لو قدِّر أن هناك جهادًا داخل البلد وهم في الحضر، والفطر أقوى لهم وأعون لهم على العدو أو لم يستطيعوا القتال مع وجود الصيام يفطرون؛ لأن الجهاد متعين في هذه الحالة، ما دام داهمهم العدو في بلادهم.

طالب:...

أين؟

أولاً الجهاد متعين عليه، والمصلحة في الجهاد أعظم من المصلحة الناتجة عن الصيام، ضرر انهزام المسلمين أمرها ليس بالسهل مع وجود، وقد أمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بالفطر؛ لأنه أعون على العدو، لكن هذا في السفر، ويبقى الجهاد في الحضر إذا تعين على الشخص إذا داهمهم العدو تعين عليه.

"وفي سنن الدارقطني عن ابن عباس: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} واحد {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً} قال: زاد مسكينًا آخر {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ}".

نعم عليه نصف صاع من طعام عن كل يوم، لكن لو أخرج صاعًا عن كل يوم نقول: هذا تطوع خيرًا؟ وهل الواجب عليه الصاع كله أو نصفه؟

طالب: ...

يعني شخص عليه خمسة عشر يومًا فجاء بكيس أو عليه عشرة أيام، فجاء بكيس أرز فيه خمسة وأربعون كيلو قال: أدفعه أنا علي عشرة أيام، أكثر ما علي ثلاثون كيلو، أكثر ما قيل في الصاع، نقول: هل الواجب الكيس كله أو الواجب الثلاثون وما زاد فهو تطوع؟ الزيادة على العبادة تحتاج إلى تفصيل أم ما تحتاج إلى تفصيل؟

 تحتاج إلى تفصيل، إن كانت منفصلة فلها حكم، وإن كانت متصلة فلها حكم، إن كانت الزيادة متميزة جاء بنصف صاع وأعطاه الفقير ثم قال: خذ نصفًا ثانيًا، الثاني نفل اتفاقًا، لكن لو قال: هذا صاع، خذ صاعًا من غير أن يميز ما عليه وغيره، فالزيادة غير متميزة، الخلاف فيه عند أهل العلم هل الصاع كله صار واجبًا عليه، أم النصف، ويبقى النصف الثاني نفلًا وإن كان غير متميز، كما هو قول الأكثر؟

 وعلى هذا من زاد في تسبيح الركوع، الإمام راكع فالواجب من التسبيح واحدة، أدركه المأموم في التسبيحة السابعة أو السادسة، والزيادة على الواجب نفل، ماذا يترتب عليه؟

طالب:...

نعم؟

طالب:...

يترتب عليه الاختلاف في اقتداء المفترض بالمتنفل، هذا مفترض، وهذا متنفل، لكنها زيادة غير متميزة، يعني الزيادة في قدر العمل غير متميزة فيأخذ حكم الواجب.

طالب:...

نفل، ينويها سنَّة، ينويها نفلًا، ما يضر أبدًا إن شاء الله. لو جاء بصاع وكالها، كال هذه الفطرة وأطلع الأطفال والنساء والذراري وغيرهم كان هو الأولى؛ لأن هذه شعيرة ينبغي إظهارها بين الناس صغيرهم وكبيرهم، ذكورهم وإناثهم، مثل هذا ينبغي إظهاره.

طالب:...

يجوز نعم، يجوز.

طالب:...

إن دفعها مرة واحدة فلا بد من عدد الأيام للمساكين، يعني عليه فطر عشرة أيام، يدفع هذه العشرة أيام لشخص؟ نعم يدفعها لشخص كل يوم بيومه، يدفعها عشر مرات لشخص، في عشرة أيام، وإن دفع لعشرة أشخاص فلا بأس أن يدفعها دفعة واحدة، وإن صنع طعامًا يكفي عشرة فغداهم وعشاهم أجزأ.

طالب:...

لأنه متميز كل يوم بيومه، وهذا أحوط وإلا فالخلاف قائم.

طالب:...

معروف. أو في آخره أحيانًا أناس يفعلونه آخره، آخر رمضان يعشيهم.

طالب:...

نعم، ثلاثين شخصًا، ما هو بشخص واحد ثلاثين فطرة، لا، هذا فرق.

"قال: وليست منسوخة إلا أنه رخص للشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصيام. إسناده صحيح ثابت، وفيه أيضًا لا يرخص في هذا إلا للكبير الذي لا يطيق الصيام أو مريض لا يشفى، قال: وهذا صحيح، وعيّن في رواية قدر الإطعام وأنه نصف صاع من حنطة، وأخرج أيضًا عن ابن عباس وابن عمر في الحامل والمرضع أنهما يفطران ولا قضاء، وأخرج مثله عن جماعة من الصحابة، وأنهما يطعمان كل يوم مسكينًا".

يعني كالشيخ الكبير العاجز، لكن الوصف غير موجود، القدرة موجودة، والخوف على نفسيهما أو على وليدهما لا يبرر ترك القضاء، وإلا فالصواب أن الحامل والمرضع إذا أفطرت خوفًا على أنفسهما أو على غيرهما تقضيان.

"وأخرج عن أنس بن مالك أنه ضعف عامًا عن الصوم، فصنع جفنة من ثريد فدعا ثلاثين مسكينًا فأشبعهم، وفي المسألة خلاف بين السلف فالجمهور أن الإطعام لازم في حق من لم يطق الصيام".

لِكِبَرٍ.

"لِكِبَرٍ منسوخ في غيره، وقال جماعة من السلف: الإطعام منسوخ، وليس على الكبير إذا لم يطق الصيام إطعام".

كما لو عجز عن الصلاة، لو عجز عن الصلاة بالكلية، لو عجز عن أي عمل من أعمال الإسلام فالعجز لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، لا يكلف الله نفسًا إلا ما آتاها، ولا إطعام، لكن الثابت عن الصحابة وغيرهم وجوب الإطعام ولزومه.

"وقال مالك: يستحب له الإطعام، وقيل غير ذلك، والأظهر ما قاله ابن عباس، والمراد بالشيخ: العاجز عن الصوم، ثم الظاهر أن حديثه موقوف، ويحتمل أن المراد رخص النبي -صلى الله عليه وسلم- الصيغة للعلم بذلك فإن الترخيص إنما يكون توقيفًا، ويحتمل أنه فهمه ابن عباس من الآية، وهو الأقرب".

فهم من قِبل ابن عباس للآية، وإلا لو قال الصحابي: أبيح لنا، أو رخص لنا، أو أمرنا، أو نهينا مثل هذا لا يتجه إلا من له الترخيص والأمر والنهي، وهو الرسول -عليه الصلاة والسلام-، نعم.

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل هو سلمة أو سلمان بن صخر البياضي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: هلكت يا رسول الله: قال: «وما أهلكك؟» قال: وقعت على امرأتي في رمضان قال: «هل تجد ما تعتق رقبة؟» بالنصب بدل من ما، قال: لا، قال: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟» قال: لا، قال: «فهل تجد ما تطعم ستين مسكينًا؟»، الجمهور أن لكل مسكين مدًّا من طعام ربع صاع، قال: لا، قال: ثم جلس فأُتِيَ بضم الهمزة مغير الصيغة".

يعني من المعلوم إلى المجهول.

"فأُتي النبي -صلى الله عليه وسلم- "بعَرَق" بفتح العين المهملة والراء ثم قاف فيه تمر، ورد في رواية الصحيحين فيه خمسة عشر صاعًا، وفي أخرى عشرون فقال: «تصدق بهذا» قال: أعلى أفقر منا، فما بين لابتيها تثنية لابة، وهي الحرة ويقال: فيها لوبة ونوبة بالنون وهي غير مهموزة، أهل بيت أحوج إليه منا، فضحك النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت أنيابه ثم قال: «اذهب فأطعمه أهلك» رواه السبعة، واللفظ لمسلم".

يعني من عجز عن العتق وعن الصيام وعن الإطعام تسقط عنه الكفارة وتبقى دينًا في ذمته؟ كالمعسر إذا كان عليه دين لآدمي، لا يسقط، وهذا دين الله، ودين الله أحق وأوجب، هنا لم يتعرض لذكر سقوطها عنه، وكونه أعطاه هذا العرق الذي فيه التمر والطعام لا يعني أن هذا هو الكفارة نفسها، أعطاه لوجود الوصف وهو الفقر والحاجة، ما دام ما في المدينة أفقر منهم فهم أولى الناس بهذا، لكن ليس فيه تعرض لسقوط الكفارة عنه، وإن قال بعضهم: إنها مع العجز تسقط.

طالب:...

هي تلزم، هذا الأصل أنها لازمة، الأصل أنها لازمة في جميع الكفارات، في كفارة الظهار، في كفارة القتل، في كفارة كذا الأصل أن الكفارة لازمة، فالأصل لزوم الكفارة هذا هو الأصل، يبقى سقوط الكفارة هل بُيِّن أو ما بُيِّن؟

طالب:...

لكن دَين الله ماذا يعني دَين الله؟ هذا شخص ما وجد ليفي دَين الله، عليه نذر ما عنده شيء ليفي، أمي نذرت، دين الله أحق، ليس فيه ما يدل على سقوط الكفارة.

طالب:...

نعم؟ النصف أحوط، إذا قيل بالربع المُد، وقيل بالنصف، النصف قول الأكثر، وهو أحوط، نصف صاع، ومنهم من يفرق بين الحنطة وغيرها فيقول: مُدّ من بُرّ ونصف صاع من غيره، قياسًا على صنيع معاوية في الفطرة.

طالب:...

ماذا؟

طالب: ...

نعم، لا بد من الترتيب، لا بد من الترتيب، هل تجد كذا أو تجد كذا أو تجد كذا؟

طالب:...

نعم، في خمسة عشر.

"الحديث دليل على وجوب الكفار على من جامع في نهار رمضان عامدًا، وذكر النووي أنه إجماع معسرًا كان أو موسرًا".

لكن من جامع في نهار رمضان فيقال: عليه الكفارة، كفارة إيش؟ هل يقال له: عليك كفارة مجامع في نهار رمضان، أو يقال: عليك كفارة ظهار؟ شخص جامع في نهار رمضان ماذا يقال له؟ يقال: عليك كفارة مجامع في نهار رمضان يعني الذي ثبتت في هذا الحديث، أو يقال عليه كفارة ظهار؟

طالب:...

نعم؟

طالب: ...

لكن أنت لو جاءك واحد قال إنه وقع على امرأته في نهار رمضان، تقول: عليك كفارة ظهار، أو تقول: عليك كفارة مجامع في نهار رمضان؟

طالب:...

كيف كفارة يمين؟ يمكن يفهمها؟

طالب:...

لا لا لا، يقولون: كفارة ظهار، فعليه كفارة ظهار في كتب الفقه كلها، لماذا؟ ما يقولون: عليك كفارة مجامع في نهار رمضان. ثابتة بنصّ؛ لأن كفارة الظهار ثابتة بالقرآن، والقرآن معروف عند الخاص والعام، بخلاف كفارة الجماع ثبتت بالحديث، لكن قد تخفى على كثير من الناس، مثل بيعة النساء وبيعة الرجال، بيعة الرجال ثبتت أكثر من مرة من حديث عبادة بن الصامت، عبادة يقول: بايعنا على ما بايع عليه النساء. لكن أنتم قبل النساء لماذا تحول على النساء؟ يحول على النساء؛ لأن بيعة النساء مضبوطة بالقرآن، يعرفها الخاص والعام، يعرفها الكبير والصغير، في سورة الممتحنة، فيحال على المعروف، فيحال المجهول على المعروف، وإن كان ثابتًا.

طالب: ...

ماذا؟

طالب:...

درسين قبل رمضان.

طالب:...

لا ما يخلص، ما يخلص صعب.

طالب:...

نقرأ بين الإقامة، لكن ما يخلص، درسين، صوم التطوع الدرس القادم والاعتكاف وقيام رمضان الذي يليه ما فيه إشكال.

 نعم.

"الحديث دليل على وجوب الكفار على من جامع في نهار رمضان عامدًا، وذكر النووي أنه إجماع معسرًا كان أو موسرًا، فالمعسر تثبت في ذمته على أحد قولين للشافعية، ثانيهما لا تستقر في ذمته؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يبين له أنها باقية عليه، واختُلف في الرقبة فإنها هنا مطلقة".

لكن يمكن أن تعكس هذه الدعوى نقول: الأدلة دلت على وجوبها عليه، ولم يبين -عليه الصلاة والسلام- أنها لا تجب عليه. فتبقى تبقى دينًا في ذمته إن تيسر فبها ونعمت، وإن لم يوسر فالله أحق بالعفو.

"فالجمهور قيدوها بالمؤمنة؛ حملاً للمطلق هنا على المقيد في كفارة القتل".

للاتفاق في الحكم وإن اختلف السبب، خلافًا للحنفية.

قالوا: لأن كلام الله في حكم الخطاب الواحد فيترتب فيه المطلق على المقيد مطلقًا".

لكن في حمل المطلق على المقيد في هذه الصورة لا شك أن الجمهور يرون حمل المطلق على المقيد مع اتحاد الحكم وإن اختلف السبب في مثل هذه الصورة. في كفارة الظهار الرقبة مطلقة كما هنا، في كفارة القتل الرقبة مقيدة، كم كُرِّرت في كفارة القتل؟ كم كُرِّر هذا القيد من مرة؟ فتحرير رقبة مؤمنة، فتحرير رقبة مؤمنة، فتحرير رقبة مؤمنة؟

طالب:...

أو ثلاثًا؟ كم يا أشرف، في آية القتل؟

طالب:...

نعم، الثالثة ما فيه إشكال؛ لأنه اتحد الحكم والسبب، فيحمل المطلق على المقيد اتفاقًا، لكن في سورة المجادلة مطلقة، يعني كون الآية في كفارة القتل يكرَّر هذا القيد مرارًا، وفي الكفارات الأخرى ما يذكر أصلاً، أليس في مثل هذا ما يقوي رأي الحنفية؟ يعني ليست الإشارة لمرة واحدة مثلاً يقال: خطاب الله واحد، وجاء تكليف للجميع، نعم اعتبار الإيمان والمؤمنة أولى من غيرها بلا شك بالمن عليها، والقتل إزهاق روح، والرقبة في حكم المعدوم، فمن أعتق رقبة فقد أوجد غيرها بالعتق، فالذي يقتل نفسًا مؤمنة؛ لأن المسألة في قتل المؤمن، العتق، الكفارة في قتل المؤمن، من أعدم نفسًا مؤمنة أعتق نفسًا مؤمنة، أوجد مكانها، بدلاً من أن يعدم عليه أن يوجد، وفي الظهار والجماع ما فيه إعدام، ما نقول: رقبة برقبة، نعم وجب عليك رقبة، وعلى كلٍّ الراجح رأي الجمهور، لكن توجيهًا لقول الحنفية، توجيهًا لقول الحنفية، يقولون: الرقبة كُرِّر القيد مرارًا، وما أشير إليه ولا إشارة في الكفارات الأخرى، وأيضًا في القتل أعدم نفسًا مؤمنة فعليه أن يوجد نفسًا مؤمنة بالعتق؛ لأن الرقيق في حكم المعدوم، لا يتصرف، تصرفه ملك لسيده، منافعه كلها لسيده، فالحنفية يقوون رأيهم بمثل هذا، ولا يحملون المطلق على المقيد، أفقد نفسًا مؤمنة يوجد نفسًا مؤمنة، وجب عليه رقبة غير مقيدة تبقى على إطلاقها.

"وقالت الحنفية: لا يحمل المطلق على المقيد مطلقًا، فتجزئ الرقبة الكافرة، وقيل: يفصل في ذلك، وهو أنه يقيد المطلق إذا أقتضى القياس التقييد فيكون تقييدًا بالقياس كالتخصيص بالقياس، وهو مذهب الجمهور، والعلة الجامعة هنا هو أن جميع ذلك كفارة عن ذنب مكفر للخطيئة، والمسألة مبسوطة في الأصول، ثم الحديث ظاهر في أن الكفارة مرتبة كما ذكر في الحديث فلا يجزئ العدول إلى الثاني مع إمكان الأول، ولا إلى الثالث مع إمكان الثاني؛ لوقوعه مرتبًا في رواية الصحيحين".

لا شك أن الكفارات شُرعت للتطهير، وفيها أيضًا ردع لكن ملاحظة جانب التطهير والتكفير أولى من ملاحظة جانب الردع.

 لما وجبت الكفارة على أمير من الأمراء في الأندلس، أفتاه شخص اجتهد، وهو من أهل العلم، مثل هذا يقول له: كفارة عتق رقبة أعتق عشر رقاب وعاد من الغد، ما تردعه، لكن أوجب عليه صوم شهرين متتابعين، هذا أقوى في الردع بالنسبة له، نعم، أقوى في الردع بالنسبة له، لكن النصّ لا يجوز تعديه ولا تخطيه، والاجتهاد في مقابل النصّ فاسد الاعتبار، نعم الكفارات فيها تطهير، وفيها ردع له، والمال وإن رخّص على بعض الناس يبقى أنه في حق أكثر الناس رادع، يعني الذي يقطع الإشارة مثلاً يصوم ثلاثة أيام، ويطلب منه ثلاثة آلاف بدل ثلاثة الأيام، أوساط الناس ما يدفع، لكن أغنياؤهم يدفعون ثلاثين ألفًا ولا يجلس ثلاثة أيام، يدفعون، فلا شك أن جانب الردع ملاحظ لكن أقوى منه امتثال النصوص، فعلى المسلم أن يدور مع النصّ حيثما دار، الشرع رتَّب فعلينا أن نرتب، الأمر الثاني مراعاة جانب التطهير، وهو أولى من ملاحظة جانب الردع.

"وروى الزهري الترتيب عن ثلاثين نفسًا أو أكثر ورواية التخيير مرجوحة مع ثبوت الترتيب في الصحيحين، ويؤيد رواية الترتيب أنه الواقع في كفارة الظهار وهذه الكفارة شبيهة بها، قوله ستين مسكينًا ظاهر مفهومه أنه لا يجزئ إلا إطعام هذا العدد فلا يجزئ أقل من ذلك، وقال الحنفية يجزئ الصرف في واحد، ففي القدوري من كتبهم".

ماذا؟ القَدُوري.

"ففي القدوري من كتبهم: فإن أطعم مسكينًا واحدًا ستين يومًا أجزأه عندنا".

ستين يومًا، ما دفعها في يوم واحد.

"وإن أعطاه في يوم واحد فلن يجزه إلا عن يومه، وقوله: «اذهب فأطعمه أهلك» فيه قولان للعلماء: أحدهما: أن هذه كفارة، ومن قاعدة الكفارات أن لا تصرف في النفس، لكنه -صلى الله عليه وسلم- خصه بذلك، ورد بأن الأصل عدم الخصوصية. الثاني: أن الكفارة ساقطة عنه؛ لإعساره، ويدل له حديث علي -رضي الله عنه-: «كُلْه أنت وعيالك فقد كفر الله عنك»، إلا أنه حديث ضعيف، أو أنها باقية في ذمته".

نعم، وهذا هو الأصل، ما دام دَين الله أحق، ودَين المخلوق لا يسقط بالإعسار فدين الله كذلك، نعم.

"والذي أعطاه -صلى الله عليه وسلم- صدقة عليه وعلى أهله لما عرفه -صلى الله عليه وسلم- من حاجتهم، وقالت الهادوية وجماعة: إن الكفارة غير واجبة أصلاً لا على موسر ولا معسر قالوا: لأنه أباح له أن يأكل منها ولو كانت واجبة لما جاز ذلك وهو استدلال غير ناهض".

بلا شك نعم.

"لأن المراد ظاهر في الوجوب إباحة الأكل".

لا لا، ماذا يا أبا عبد الله؟

طالب:...

ماذا؟

"لأن المراد ظاهر في الوجوب، وإباحة الأكل لا تدل على أنها كفارة، بل فيها الاحتمالات التي سلفت، واستدل المهدي في البحر على عدم وجوب الكفار بأنه -صلى الله عليه وسلم- قال للمجامع: «استغفر الله وصم يومًا مكانه» ولم يذكرها، وأجيب عنه بأنه قد ثبت رواية الأمر بها ثم السبعة بهذا الحديث المذكور هنا، واعلم أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يأمره في هذه الرواية بقضاء اليوم الذي جامع فيه".

لكنه ثبت الأمر بالقضاء في السنن وغيرها، صم يومًا مكانه.

"إلا أنه ورد في رواية أخرجها أبو داود من حديث أبي هريرة بلفظ: «كُله أنت وأهل بيتك وصم يومًا واستغفر الله»، وإلى وجوب القضاء ذهبت الهادوية والشافعي؛ لعموم قوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184]، وفي قول الشافعي أنه لا قضاء؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يأمره إلا بالكفارة لا غير، وأجيب بأنه اتكل -صلى الله عليه وسلم- على ما علم من الآية، هذا حكم ما يجب على الرجل، وأما المرأة التي جامعها فقد استدل بهذا الحديث أنه لا يلزم إلا كفارة واحدة، وأنها لا تجب على الزوجة، وهو الأصح من قولي الشافعي، وبه قال الأوزاعي، وذهب الجمهور إلى وجوبها على المرأة أيضًا".

نعم؛ لأن النساء شقائق الرجال، وما ثبت في حق الرجال يثبت في حق النساء.

"قالوا: وإنما لم يذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- مع الزوج؛ لأنها لم تعترف، واعتراف الزوج لا يوجب عليها الحكم، أو لاحتمال أن المرأة لم تكن صائمة بأن تكون طاهرة من الحيض بعد طلوع الفجر".

احتمال أن تكون مكرهة، يعني أكرهها الزوج.

"بأن تكون طاهرة من الحيض بعد طلوع الفجر أو أن أو أن بيان الحكم في حق الرجل يثبت الحكم في المرأة أيضًا؛ لما عُلِم من تعميم الأحكام، أو أنه عُرِف".

لا، عرف فقرها، عرف فقرها.

"أو أنه عرف فقرها كما ظهر من حال زوجها.

واعلم أن هذا حديث جليل كثير الفوائد، قال المصنف في فتح الباري: إنه قد اعتنى بعض المتأخرين ممن أدرك شيوخنا بهذا الحديث فتكلم عليه في مجلدين".

أدرك شيوخنا أو أدركه شيوخنا؟ مدرِك أم مدرَك؟ هل هو مدرِك أم مدرَك؟ أيهما السابق؟

طالب:...

نعم. لو كان أدرك شيوخه صار مدركه هو، صار من زملائه، لكن أدركه شيوخنا يعني هو قبل شيوخهم.

"إنه قد اعتنى بعض المتأخرين ممن أدركه شيوخنا بهذا الحديث فتكلم عليه في مجلدين، جمع فيهما ألف فائدة وفائدة انتهى. وما ذكرناه فيه كفاية لما فيه من الأحكام وقد طول الشارح فيه ناقلاً من فتح الباري".

الهادوية فرقة من الزيدية غالب سكان اليمن في وقت الصنعاني منهم، غالب سكان اليمن منهم، الآن يوجد منهم عدد كبير، لكن ليسوا الغالب الآن.

لحظة، لحظة خلنا ننظر.

 مثله، مثل الرجل، عليها الكفارة إذا كانت مطاوعة.

طالب: ...

نعم.

طالب:...

نعم، لكنه مشقة عظيمة بحيث وقع على امرأته ما يستطيع، وهل ألجأه إلا الصيام؟ ما ألجأه إلا الصيام. يصوم مع الناس أسهل من أن يصوم لحاله، وبعد هي شهران ومتتابعان ولو يخرم يومًا واحدًا، لا، مشقة عظيمة على بعض الناس.

طالب:...

لا، ينتقل، إذا لم يجد ينتقل.

"وعن عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصبح جنبًا من جماع ثم يغتسل ويصوم"، متفق عليه".

طالب:...

ما عليها شيء، ما عليها شيء، ما يجبر الرجل، الرجل لا يجبر.

"وزاد مسلم في حديث أم سلمة: ولا يقضي. فيه دليل على صحة صوم من أصبح أي دخل في الصباح وهو جنب من جماع، وإلى هذا ذهب الجمهور، وقال النووي: إنه إجماع، وقد عارضه ما أخرجه أحمد وابن حبان من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا نودي للصلاة صلاة الصبح وأحدكم جنب فلا يصم يومه»، وأجاب الجمهور بأنه منسوخ، وأن أبا هريرة رجع عنه لما رُوي له حديث عائشة وأم سلمة، وأفتى بقولهما".

يعني كان أبو هريرة يرى أن الجنب لا يصحّ صومه، لما بلغه الخبر رجع عن قوله.

"ويدل للنسخ ما أخرجه مسلم وابن حبان وابن خزيمة عن عائشة "أن رجلاً جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستفتيه وهي تسمع من وراء حجاب، فقال: يا رسول الله تدركني الصلاة - أي صلاة الصبح - وأنا جنب، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم»، قال: لست مثلنا يا رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال: «والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله، وأعلمكم بما أتقي»، وقد ذهب إلى النسخ ابن المنذر والخطابي وغيرهما، وهذا الحديث يدفع قول من قال: إن ذلك كان خاصًّا به- صلى الله عليه وسلم-، ورد البخاري حديث أبي هريرة بأن حديث عائشة أقوى سندًا حتى قال ابن عبد البر: إنه صحّ وتواتر، وأما حديث أبي هريرة فأكثر الروايات أنه كان يفتي به".

يعني من رأيه، من رأيه.

"ورواية الرفع أقل ومع التعارض يرجح لقوة الطريق".

نعم يرجح الأقوى بلا شك.

"وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه»، متفق عليه. فيه دليل على أنه يجزئ الميت صيام وليه عنه إذا ما مات وعليه صوم واجب".

سواء كان واجبًا بأصل الشرع أو أوجبه على نفسه بنذر، فيصوم عنه وليه، قريبه، فيسقط عنه الصيام، ومنهم من خصّ النيابة في الصيام بالنذر.

"والإخبار في معنى الأمر أي ليصم عنه وليه، والأصل فيه الوجوب إلا أنه قد ادعى الإجماع على أنه للندب".

يعني ما يلزم الولي أن يصوم.

"والمراد من".

من الولي، من الولي.

"والمراد من الولي كل قريب، وقيل: الوارث خاصة، وقيل: عصبته، وفي المسألة خلاف، فقال أصحاب الحديث وأبو ثور وجماعة: إنه يجزئ صوم الولي عن الميت لهذا الحديث الصحيح، وذهبت جماعة من الآل ومالك وأبو حنيفة أنه لا صيام عن الميت، وإنما الواجب الكفارة لما أخرجه الترمذي من حديث ابن عمر مرفوعًا: «من مات وعليه صيام أطعم عنه مكان كل يوم مسكين»".

يعني مع تمكنه من الصيام وتفريطه يطعم عنه، وهذا في حالة ما لم يوجد من يصوم عنه.

"إلا أنه قال بعد إخراجه: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. والصحيح أنه موقوف على ابن عمر، قالوا ولأنه ورد عن ابن عباس وعائشة الفتيا بالإطعام، ولأنه الموافق لسائر العبادات فإنه لا يقوم بها مكلف عن مكلف، والحج مخصوص".

وهذا أيضًا مخصوص.

"وأجيب بأن الآثار المروية من فتيا عائشة وابن عباس لا تقاوم الحديث الصحيح، وأما قيام مكلف بالعبادة عن غيره فقد ثبت في الحج بالنص الثابت، فيثبت في الصوم به، فلا عذر عن العمل به، واعتذر المالكية عنه بعدم عمل أهل المدينة به مبني على أن تركهم العمل بالحديث حجة، وليس كذلك".

هذا حجة عندهم، عمل أهل المدينة حجة عند مالك ومن يقول بقوله.

"كما عرف في الأصول، وكذلك اعتذار الحنفية بأن الراوي أفتى بخلاف ما روى عذر غير مقبول".

والعبرة عندهم بما رأى لا بما روى، لو كان عنده ما يروي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لو كان ما يرويه ثابتًا ما أفتى بخلافه، فالمقدم عندهم الرأي دون الرواية، والجمهور على العكس، نعم.

طالب:...

ومات قبل التمكن من قضائها، ما عليه شيء، ولا وليه، إن صام فهو متبرع.

"إذ العبرة بما روى لا بما رأى كما عرف فيها أيضًا، ثم اختلف القائلون بإجزاء الصيام عن الميت هل يختص ذلك بالولي أو لا؟ فقيل: لا يختص بالولي".

لو تبرع أجنبي عن الصيام عن زيد من الناس أجزأ. لكن الولي أولى الناس بذلك.

"بل لو صام عنه الأجنبي بأمره أجزأ كما في الحج وإنما ذكر الولي في الحديث للغالب، وقيل: يصح أن يستقل به الأجنبي بغير أمر؛ لأنه قد شبهه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالدين حيث قال: «فدين الله أحق أن يقضى»، فكما أن الدين لا يختص بقضائه القريب فالصوم مثله، وللقريب أن يستنيب".

نعم.

 اللهم صل وسلم على محمد.