التعليق على شرح حديث (ما ذئبان جائعان) لابن رجب (05)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:

فيقول المؤلف الإمام الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى-: "ومن دقيق آفات حب الشرف طلب الولايات والحرص عليها" أولاً التنبيه على أن مجرد حصول المال من غير حب شديد له، وإلا فالأصل أن حب ما حبب في الدنيا أمر جِبِلِّي، الإنسان مجبول في نفسه أن يحب السعة والرخاء وهناءة العيش وحصول شيء يغنيه عن غيره، لكن الكلام في الحب الشديد الذي يشغله عما هو أهم منه، حصول الشرف للمسلم من غير حب شديد بحيث يشغله حبه عما خلق من أجله، مَن أشرف الخلق؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- هو أشرف الخَلْق، لكن ما شغله أو ولا أحب الشرف، ولا بذل فيه وقته، لكن الأسباب موجودة فيه -عليه الصلاة والسلام-، فحصل له هذا الشرف من غير لهث وراءه، ومن غير بذل أسباب بحيث ينشغل به عن غيره، فضلاً عن أن يبذل شيئًا من دينه من أجله.

المال إذا جاء من بيت المال من غير طلب ولا استشراف جاء الأمر بقبوله، وكان عمر -رضي الله عنه- يضرب من يأباه ويرده، فإذا كان من غير طلب ولا استشراف أخذه، تموّله ما لم يكن ثمنًا لدينه فلا.

فإذا كان المال ثمنًا للدين أو الشرف فلا.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ومن دقيق آفات حب الشرف طلب الولايات والحرص عليها" الشرف عرفنا أنه يراد به الجاه والمنزلة بين الناس بحيث يتصدَّر في المجالس، ويُطاع إذا أمر، ويُسمَع إذا تكلم، "وهو بابٌ غامض" يعني دقيق خفي، "لا يعرفه إلا العلماء" العلماء الربانيون وإلا فممن ينتسب إلى العلم من وقع في مثل هذا.

"إلا العلماء بالله العارفون به المحبون له الذين يعادُون له من جهال خَلقه" يعادَون من جهال خلقه يعني من أجله، والمعاداة مفاعلة إذا حصلت من طرف حصلت من الطرف الآخر.

"من جهال خلقه المزاحمين لربوبيته وإلهيته مع حقارتهم وسقط منزلتهم عند الله وعند خواص عباده العارفين به، كما قال الحسن" يعني هؤلاء أصحاب الجاه، وأنتم ترون منهم نماذج وأمثلة كثيرة من أهل المال وأهل الشرف، الناس يمشون وراءهم، ويقدِّرونهم ويقضون حوائجهم، ويوسعون لهم المجالس، ويضيفون عليهم الألقاب مع أن بعضهم لا يستفاد منه شيء، يكون ثريًّا ولا ينفع، يكون صاحب جاه ولا ينفع بجاهه، لكن نفوس أهل الدنيا جُبِلَت على هذا، وإلا ففي حقيقتهم عند من يعرف حقائق الأمور مثل ما قال الحسن.

قال الحسن -رحمه الله- في مثل هؤلاء: "إنهم وإن طقطقت بهم البغال" صوت الحوافر "طقطقت بهم البغال، وهملجت بهم البراذين، فإن ذل المعصية في رقابهم" يعني لا يفارقهم، "أبى الله إلا أن يذل من عصاه"، مهما ظهر أمام الناس بماله وجاهه، فإن ذل المعصية لا يفارقهم، "أبى الله إلا أن يذل من عصاه"، وهؤلاء هم في ظاهر الأمر فيما يظهر لغوغاء الناس أنهم في سعادة والأمثلة على كونهم في شقاء لا يعلمه إلا الله، كثيرة جدًّا سواء من أرباب الأموال أو أصحاب الجاه، والمقصود إذا لم يستعمل هذا المال في طاعة الله وفيما يرضي الله وذلك الجاه في نفع الناس وخدمة المسلمين فإن هذا يكون وبالاً على صاحبه.

"وحب الشرف بالحرص على نفوذ الأمر والنهي" بعض الناس يحب أن يأمر فيطاع وينهى فيوقَف عند أمره ونهيه، تجد ولايته لا شيء، ليست بشيء لو يولى طالب عريف على فصل انتفخ، فضلاً عن كونه مديرًا أو مشرفًا أو شيئًا آخر فحدث ولا حرج في الصعود، هذا وهو يعيش بين صبيان، فكيف إذا كان يأمر وينهى الكبار والأعيان والوجهاء وبعض العلماء؟! كيف؟! ماذا يكون وضعه إذا لم يكن متعلقًا بربه عارفًا به؟!

"وحب الشرف بالحرص على نفوذ الأمر والنهي وتدبير أمر الناس إذا قصد بذلك مجرد علوِّ المنزلة على الخلْق والتعاظم عليهم وإظهار صاحب هذا الشرف حاجة الناس وافتقارهم إليه" إذا كان قصده أن يظهر حاجة الناس إليه فكما سيأتي مزاحم لربوبية الله؛ لأن هذا وصفه -جل وعلا-، لأن بعض الناس تصير عنده السلعة، وليكن عنده خبز مثلاً، يمنعه مدة من أجل ماذا؟ أن تظهر حاجة الناس إليه، ويتذللون عليه ويتزاحمون، ويبذلون له الوسائط، ثم بعد ذلك يبذل، فيكون قد أحسن إليهم، وبعض التجار تجده يرفع الأسعار، ثم يتذمر الناس ثم يخفضها بناءً على أنه أحسن إليهم؛ ليريهم الحاجة إليه، وهذا واقع في كلام المؤلف -رحمه الله تعالى-.

"وافتقارهم إليه وذلهم في طلب حوائجهم منه، فهذا نفسه" فهذا نفسه، يعني هذا العمل نفسه "مزاحَمة لربوبية الله وإلهيته، وربما تسبب بعض هؤلاء إلى إيقاع الناس في أمر يحتاجون فيه إليه؛ ليضطرهم بذلك إلى رفع حاجاتهم إليه وظهور افتقارهم واحتياجهم إليه، ويتعاظم بذلك ويتكثر بذلك، وهذا لا يصلح إلا لله وحده لا شريك له، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} [سورة الأنعام:42]" يعني هذا فيه منافسة لله -جل وعلا-.

"وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ} [سورة الأعراف:94]، وفي بعض الآثار أن الله تعالى يبتلي عبده بالبلاء؛ ليسمع تضرعه" أن الله تعالى يبتلي عبده بالبلاء؛ ليسمع تضرعه.

"وفي بعض الآثار أيضًا أن العبد إذا دعا الله تعالى وهو يحبه قال الله تعالى: يا جبريل، لا تعجل بقضاء حاجته، فإني أحب أن أسمع تضرعه، فهذه الأمور أصعب وأخطر من مجرد الظلم، وأدهى وأمر من الشرك، والشرك أعظم الظلم عند الله تعالى" لا شك أن تصرفات الذي يحوج الناس إليه؛ ليريهم حاجتهم إليه، ثم بعد ذلك يقضي هذه الحاجة فيه شبه أو تشبه بالله- جل وعلا- ومزاحمة لخصائص أوصافه -جل وعلا-، وأدهى وأمر من الشرك، والشرك أعظم الظلم عند الله تعالى، هذا النوع الذي يتحدث عنه المؤلف -رحمه الله- هو من الشرك الخفي، هو من الشرك الخفي الذي يدخل فيه الإنسان وهو لا يشعر، وهو لا يشعر؛ لأن الشرك الظاهر مدرَك، ويتحاشاه الناس، المسلم يتحاشى الشرك الظاهر ما لم يوجد لديه شبهة أو لَبس تلبيس من بعض المبتدعة، لكن هذا الشرك الخفي واقع فيه كثير من الناس، وهم لا يشعرون.

طالب: ...............

فيها كلام لأهل العلم، لكن يرون أن مثل هذا في الترهيب وفي باب الفضائل والترهيب والترغيب يتساهلون فيه.

طالب: ...............

هذا الموضوع لا يجوز الاحتجاج به أصلاً.

طالب: ...............

سيأتي في حديث مسلم "في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يقول الله تعالى: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني فيهما عذبته، الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني فيهما عذبته»" هذا معروف أنه في صحيح مسلم.

وكان بعض المتقدمين قاضيًا، "وكان بعض المتقدمين قاضيًا فرأى في منامه كأن قائلاً يقول له: أنت قاضٍ والله قاضٍ فاستيقظ منزعجًا وخرج عن القضاء وتركه" الوصف بالقضاء وصف مشترَك للمخلوق ما يناسبه، وللخالق ما يناسبه، طيب لو أن شخصًا كريمًا عرف بالكرم، فرأى في منامه من يقول: أنت كريم، والله كريم، ما الذي يضيره في مثل هذا؟ هل يترك الكرم؟! هذه أوصاف مشترَكة، لكنه استشعر المضاهاة، هذا القاضي استشعر المضاهاة فاستيقظ منزعجًا وخرج عن القضاء وتركه، ولو أن كل قاضٍ سمع مثل هذا الكلام وترك القضاء، يجوز أو ما يجوز؟ القضاء من فروض الكفايات، ما يترك لمثل هذه الأمور إلا إذا غلب على الظن أنه يتضرر باستمراره فيه أو يضر غيره.

قال: "وكان طائفة من القضاة الورِعِين يمنعون الناس أن يدعوهم بقاضي القضاة" يمنعون الناس أن يدعوهم بقاضي القضاة، وهذا الوصف موجود في المذاهب الفقهية عند الشافعية وغيرهم يسمون قاضي القضاة، ويريدون بذلك رئيسهم والمقدَّم عليهم، والذي يفصل بينهم إذا اختلفوا، لكن من منع رأى أن النوع واحد، الخلْق نوع واحد في القضاء والقاضي بينهم هو الله- جل وعلا-.

قال: "وكان طائفة من القضاة الورعين يمنعون الناس أن يدعوهم بقاضي القضاة" قد ترجم الإمام المجدِّد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد: باب التسمي بقاضي القضاة وقال: هو مثل قول سفيان مثل شاه شاه عن العجم، شاه الملك عندهم، فهو ملك الملوك عندهم، وجاء فيه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا مالك إلا الله»، فإن هذا الاسم يشبه ملك الملوك، يشبه ملك الملوك الذي ذم النبي -صلى الله عليه وسلم- التسمية به وقال: لا مالك إلا الله، وهذا الحديث في الصحيح.

طالب: ...............

ماذا؟

طالب: ...............

ملك الملوك.

طالب: ...............

لا مالك ملكًا مطلقًا، الملك المطلق لله -جل وعلا- وإلا الملك الخاص فأفراد الناس يملكون.

طالب: ...............

المقصود أن المِلْك المتعارَف عليه فيما يليق بالمخلوق هذا موجود، وسمي الحكام ملوكًا بدون تردد هذا أمر متفق عليه.

يسمون في العجَم مُوْبِذ مُوْبِذَان، ما معناه؟ مُوْبِذ مُوْبِذَان قاضي القضاة، اسمها عندهم هذه ترجمتها عندهم.

"وحاكم الحكام مثله أو أشد" حاكم الحكام، ولذا لما تكنَّى بعضهم بأبي الحكم قال له: أنت أبو شريح؛ لأن الحكم هو الله.

طالب: ما يقيد  هنا يا شيخ يقال: إنه بسبب التسمية قال: لماذا سميته بأبي الحكم؟

هو الكلام على.. القصد له مدخل كبير في هذا، هناك أشياء استحدثت، استحدثها بعض المتزلفين مثل ملك الإنسانية، ملك الإنسانية هو ملك الناس الذي هو الله -جل وعلا-، الله المستعان، لكنه مُنعت التسمية نفس الملك منعها.

القذافي في آخر عمره يسمي ملك ملوك أفريقيا، الله المستعان، العبرة بما يصحب الإنسان في قبره وإلا ألقاب أو أموال أو.. هذه الأمور كلها زائلة، إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث.

طالب: ..............

الظاهر بيبرس والظاهر من أسماء الله -جل وعلا-، على كل حال فيه أمور مشتركة ومتداولة بين الناس لا يخطر على القلب المشابهة أو المشاركة لله، هذه قالت امرأة العزيز، والعزيز من أسماء الله.

"ومن هذا الباب أيضًا أن يحب ذو الشرف والولاية أن يُحمَد على أفعاله، أن يُحمَد على أفعاله ويُثنى عليه بها، ويطلب من الناس ذلك، ويتسبب في أذى من لا يجيبه إليه" أن يحب ذو الشرف والولاية أن يُحمَد على أفعاله، ويُثنى عليه بها، ويُطلَب من الناس ذلك، ويتسبب في أذى من لا يجيبه إليه، في أواخر سورة آل عمران {يُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ} [سورة آل عمران:188] بعض المفسرين أشار إلى أن مفهوم الآية أن الذي يحب أن يحمد بما فعل لا يدخل في الذم الذي أن يحمد بما فعل، والمؤلف -رحمه الله- قال: "أن يحب ذو الشرف والولاية أن يحمد على أفعاله ويثنى عليه بها" مفهوم الآية أن المدح على فعله لا يدخل في الذم.

طالب: ..............

أين؟

طالب: ..............

وإن أحب ذلك {يُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ} [سورة آل عمران:188] مفهوم الآية أن من أحب أن يحمد بما فعل أنه لا شيء فيه، المفهوم مع أنه يدخل المفهوم في إطار المذموم إذا تأثَّر بهذا المدح في قلبه، ورتَّب عليه بعض الأمور مثل ما قال المؤلف: ويتسبب في أذى من لا يجيبه إلى ذلك إذا حمله ذلك على الكبرياء وعلى الرياء لا شك أن هذا مذموم، ولو كان في فعله، بل منهم من يفعل الشيء من أجل أن يُحمَد عليه، يكون الباعث عليه الحمد فقط، هذا لا شك في ذمه، أما أن يفعل الإنسان فعلاً مخلصًا فيه لله -جل وعلا-، ثم بعد ذلك ترتب على هذا الفعل من يذكره بخير ويثني عليه فذلك عاجل بشرى المؤمن، والمسألة دقيقة جدًّا، فلا تعارض بين كلام المؤلف -رحمه الله- وبين ما يُفهَم أو ما فهمه بعضهم من الآية.

"وربما كان ذلك الفعل إلى الذم أقرب منه إلى المدح" وربما كان ذلك الفعل إلى الذم أقرب منه إلى المدح، ومع الأسف سمعنا من يثني على بعض المسؤولين بأفعال مخالفة للشرع، ومع الأسف أن ينتسب هذا إلى العلم والدعوة.

"وربما كان ذلك الفعل إلى الذم أقرب منه إلى المدح، وربما أظهر أمرًا حسنًا في الظاهر، وأحب المدح عليه، وقصد به في الباطن شرًّا" وقصد به في الباطن شرًّا يقول: وقصد تمويه ذلك وترويجه على الخَلْق، في النسخة الثانية: "وفرح بتمويه ذلك وترويجه على الخلق، وهذا يدخل في قوله تعالى: {لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ} [سورة آل عمران:188]" الآن هذا الذي مدح على فعله، لكنه قصد بهذا الفعل شرًّا، وإن كان ظاهره الخير؛ لأنه قد يكون ظاهره خيرًّا بالنسبة لقوم، ويتضرر به آخرون لو أن شخصًا اغتصب دارًا ومنحها لفلان من لا يعرف أصل القصة وأنها مغصوبة وأنه أحسن على هذه العائلة أو الأسرة الفقيرة بهذا البيت ومدحوه وأثنوا عليه وطنطنوا وكتبوا في الصحف وكذا، لكنه في حقيقة الأمر مسيء.

ومطعمة الأيتام من كَدِّ فرجها

 

 كمطعمة الأيتام من كَدِّ فرجها *.......................

يقول:

.............................

 

لك الويل لا تزني ولا تتصدقي

يغتصب بيتًا ويهديه إلى أسرة فقيرة محتاجة، يعني ظاهره عند من لا يعرف حقيقة الأمر يستحق المدح ويمدح ويثنى عليه به، لكنه في باطنه شر بلا شك.

"فإن هذه الآية إنما نزلت فيمن هذه صفاته، وهذا الوصف أعني طلب المدح من الخلق ومحبته والعقوبة على تركه لا يصلح إلا لله وحده لا شريك له"

ذكرنا كلام ابن القيم في الفوائد من قوله: إذا حدثتك نفسك بالإخلاص فاعمد إلى حب الثناء والمدح والطمع، حب الثناء والمدح فاذبحه بسكين علمك أنه لا ينفع.. لا أحد ينفع مدحه ولا يضر ذمه إلا الله.

والطمع بما في أيدي الناس يقول: اعمد إليه واذبحه بعلمك أو بسكين علمك أنه لا رازق إلا الله.

"ومن هنا كان أئمة الهدى ينهون عن حمدهم على أعمالهم وما يصدر منهم من الإحسان إلى الخلق، ويأمرون بإضافة الحمد على ذلك لله وحده لا شريك له، فإن النعم كلها منه".

 قال -رحمه الله-:

"وكان عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- شديد العناية بذلك" وكان عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- شديد العناية بذلك، "وكتب مرة إلى أهل الموسم" يعني في الحج "كتابًا يُقرأ عليهم وفيه الأمر بالإحسان إليهم وإزالة المظالم التي كانت عليهم، وفي الكتاب: ولا تحمدوا على ذلك كله إلا الله، فإنه لو وكلني إلى نفسي كنت كغيري"، يعني من الولاة الذين تقدموا عليه وسبقوه وصدر منهم بعض ما صدر، المقصود أن عمر بن عبد العزيز مثال للحاكم العادل الخليفة الراشد الذي الدنيا لا تعني عنده شيئًا، حيث لما ولي الخلافة تجرد من الدنيا كلها وجرَّد كل من حوله منها من النساء والبنين والبنات، وتركهم بدون أموال، وعرضنا لشيء من ذلك فيما تقدم وقلنا: إن عمر بن عبد العزيز لم يترك إرثًا وقيل له في ذلك فقال: من كان تقيًّا فلن يضيعه ربه، ومن كان فاسقًا فلن أعينه على فسقه.

"وحكايته مع المرأة التي طلبت منه أن يفرض لبناتها اليتامى مشهورة، فإنها كانت لها أربع بنات، ففرض لاثنتين منهن أعطى اثنتين وهي تحمد الله" وهي تحمد الله "ثم فرض للثالثة فشكرته فقال: إنما كنا نفرض لهن حيث كنتِ تُوْلِين الحمد أهله، فمري هذه الثلاث يواسين الرابعة" فمُرِي هذه الثلاث يواسين الرابعة "أو كما قال -رحمه الله-" الملحظ أنها في أول الأمر تحمد الله لما أعطى الثنتين، ولما أعطى الثالثة شكرته، طيب لا يشكر الله من لا يشكر الناس، لا يشكر الله من لا يشكر الناس، يعني إذا حمد بما تسبب فيه من خير هل يلام؟ أو يَستدرِك على من حمده على ذلك؟ لكنها منازل، فمنزلة بعض الناس فوق منازل غيره وعمر بن عبد العزيز لحظ شيئًا ما يخطر على بال كثير من الناس -رحمه الله-.

طالب: ..........

«من صنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا فادعوا له» ادعوا له هل قال: اثنوا عليه وامدحوه؟

طالب: ..........

دعاء دعاء ما هو بثناء.

طالب: ..........

أين؟

طالب: ..........

لا، شكرته يعني أثنت عليه هو فهم هذا.

"وحاصل الأمر أن يعرف أن ذا الولاية إنما هو منتصب" لتنفيذ أَمْر الله وأُمِر العباد بطاعته أو بأَمْره لتنفيذ أمْر الله وأمْر العباد بطاعته تعالى"، أو آمر؟ آمِر لأنه في مقابل ناهٍ "وحاصل الأمر أن يُعرَف أن ذا الولاية إنما هو منتصب لتنفيذ أمر الله وآمر العباد بطاعته تعالى وناهٍ لهم عما.. عن محارم الله ناصح لعباد الله" ناصح.. لأن فيه سقطًا هنا "ناصح لعباد الله بدعائهم إلى الله، فهو يقصد أن يكون الدين كله لله، وأن تكون العزة لله ومع ذلك خائف من التقصير في حقوق الله" أيضًا سقْط حدود سطرين.

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: ..........

نعيده.

وناهٍ لهم.. من هنا؟

"بطاعة الله تعالى وناهٍ لهم عن محارم الله ناصح لعباد الله بدعائهم إلى الله بدعائهم إلى الله" وبعض من يتصدَّر لتوجيه الناس هو في حقيقة الأمر يدعو إلى نفسه يدعو إلى نفسه، والأمور بمقاصدها، والله المستعان, "فهو يقصد أن يكون الدين كله لله، وأن تكون العزة لله ومع ذلك" ومع ذلك خائف من التقصير في حقوق الله أيضًا، "ومع ذلك خائف من التقصير في حقوق الله أيضًا" انتهى هنا خلاص فالمحبون.

طالب: أحسن الله إليك.. توقفنا..

ماذا؟

طالب: توقفنا...

توقفنا في القراءة هنا؟

نعم.

"بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال الإمام -رحمه الله تعالى-:

فالمحبون لله غاية مقاصدهم من الخَلْق أن يحبوا الله ويطيعوه ويفردوه بالعبودية والإلهية، فكيف من يزاحمه في شيء من ذلك، فهو لا يريد من الخَلْق جزاءًا ولا شكورًا، وإنما يرجو ثواب عمله من الله كما قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللَّهِ} [سورة آل عمران:79] الآيتين.

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم، فإنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله»، وكان -صلى الله عليه وسلم- ينكر على من لا يتأدب معه في الخطاب بهذا الأدب كما قال: «لا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد، بل قولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد» وقال لمن قال: ما شاء الله وشئت، «أجعلتني لله ندا؟! بل ما شاء الله وحده»، فمن هنا كان خلفاء الرسل وأتباعهم من أمراء العدل وقضاتهم لا يدْعُون إلى تعظيم نفوسهم ألبتة، بل إلى تعظيم الله وإفراده بالعبودية والإلهية، ومنهم من كان لا يريد الولاية إلا للاستعانة بها على الدعوة إلى الله وحده، وكان بعض الصالحين يتولى القضاء ويقول: أنا أتولاه لأستعين به على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولهذا كانت الرسل وأتباعهم يصبرون على الأذى في الدعوة إلى الله، ويتحملون في تنفيذ أوامر الله من الخلق غاية المشقة وهم صابرون بل راضون بذلك، فإن المحب ربما يتلذذ بما يصيبه من الأذى في رضى محبوبه كما كان عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنهما- يقول لأبيه في خلافته يقول لأبيه في خلافته إذا حرِص على.."

حرَص حرَص..

أحسن الله إليك.

"إذا حرَص على تنفيذ الحق وإقامة العدل: يا أبتِ لوددت أني غلت بي وبك القدور في الله-  عز وجل- وقال بعض الصالحين: وددت أن جسمي قرض بالمقاريض.. وددت أن جسمي قرض بالمقاريض وأن هذا الخَلْق كلهم.. وأن هذا الخلق كلهم أطاعوا الله -عز وجل-، فعرض قوله على بعض العارفين فقال: أي كان أراد بذلك النصيحة للخلق وإلا فلا أدري ثم غشي عليه، ومعنى هذا أن صاحب هذا القول قد يكون لَحِظ.."

لَحَظ لَحَظ..

أحسن الله إليك.

"أن صاحب هذا القول قد يكون لَحَظ نصح الخلق والشفقة عليهم من عذاب الله، وأحب أن يفديهم من عذاب الله بأذى نفسه."

طالب: ..........

لا لا..

طالب: ..........

يفديهم.

طالب: ..........

وقد يكون لِحَظِّ جلال الله وعظمته، ويمكن أن يكون القائل الذي بعثه على ذلك هذا الأمر.

"ومعنى هذا أن صاحب هذا القول قد يكون لَحِظَ.."

لَحَظَ.. أو لِحَظِّ نصح.. كله واحد.

"أن صاحب هذا القول قد يكون لِحَظِّ نصح الخلق والشفقة عليهم من عذاب الله، وأحب أن يفديهم من عذاب الله بأذى نفسه، وقد يكون لِحَظِّ جلال الله وعظمته وما يستحقه.."

بس لَحَظ كأنها أوضح.. لَحَظ..

أحسن الله إليك.

"وقد يكون لَحَظ.. وقد يكون وقد يكون لَحَظ جلال الله وعظمته وما يستحقه وما يستحقه من الإجلال والإكرام والطاعة والمحبة، فود أن الخلق قاموا بذلك، وإن حصل له في نفسه غاية الضرر، وهذا هو مشهد خواص المحبين العارفين بملاحظته، فغشي على هذا الرجل العارف، وقد وصف الله تعالى في كتابه أن المحبين له يجاهدون في سبيله ولا يخافون لومة لائم، وفي ذلك يقول بعضهم:

أجد الملامة في هواكَ لذيذة

 

 .............................

 

في هواكِ..

أحسن الله إليك.

أجد الملامة في هواكِ لذيذة

 

 حبًّا لذكركِ فليلمني اللوَّم

بركة.

طالب: ..........

مثل حب المدح إذا كانت كراهية الذم وهو عنده ما يُذَم عليه لا شك أنها فيها نوع خدش، لكن إذا كان يُذَم بما ليس فيه يُذَم بما ليس فيه فمن حقه أن يكره ذلك كراهية شديدة؛ لأن هذا ظلم وعدوان عليه، وإن كان له فيه أجر.

قال -رحمه الله-: "فالمحبون لله غاية مقاصدهم من الخَلْق أن يحبوا الله ويطيعوه كما كان الرسل يدعون أقوامهم وأممهم من أجل أن يعبدوا الله وحده ويطيعوه ويفردوه بالعبودية والإلهية، فكيف من يزاحمه في شيء من ذلك؟" فكيف بمن يزاحمه في شيء من ذلك، يعني العالِم الذي أو من يدعي العلم أو من يتصدى لنصح الناس وتوجيههم، إما أن يحب أن يطيع الناس الله -جل وعلا- ويفردوه بالعبودية والإلهية، فيكون هذا قدوته الرسل -عليهم الصلاة والسلام-، والنوع الثاني مثل ما تقدم يريد أن يتعالى على الناس ويأمرهم فيطيعوه وينهاهم فينتهوا، هذا مزاحِم لله في أمره ونهيه كما تقدم.

فكيف لا يريد من الخلق.. "فهو لا يريد من الخلق جزاء ولا شكورًا" وإنما يريدهم أن يعبد الله ويخلصوا له وجزاؤه على الله جزاؤه على الله -جل وعلا- "وإنما يرجو ثواب عمله من الله كما قال تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ} [سورة آل عمران:79]" الرباني هو الذي يتعلم العلم ويعمل به ويعلمه الناس، هذا الرباني يتعلم ويعمل ويعلِّم وقال ابن عباس: هو الذي يعلم الناس بصغار العلم قبل كباره {وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ} [سورة آل عمران:80] قال -صلى الله عليه وسلم-: «لا تطروني» يعني لا تغلوا ولا تبالغوا في مدحي بحيث تذكرون لي شيئًا من حقوق الله -جل وعلا- أو تصرفوا لي شيئًا مما لا يستحقه مخلوق، بل هو من خصائص الله- جل وعلا-.

«لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم» قالوا: ابن الله ثالث ثلاثة قالوا نسأل الله العافية.

«إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله»، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينكر على من يتأدب معه، يعني الحامل للألفاظ الآتية هو الزيادة في الأدب والاحترام والتقدير كما يزعمه بعض الغلاة إنما نفعل ذلك..

طالب: ..........

وحتى من يتأدب بالأدب الذي فيه غلو؛ لأن بعض غلاة الصوفية يزعمون أن غلوهم فيه أدب ومحبة للرسول ويرمون غيرهم بالجفاء..

تفضل.

قال -رحمه الله-: وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينكر على مَن يتأدب معه، في هذه النسخة والنسخة الأخرى: لا يتأدب، وعلى كل حال وإن كان ظاهره أو في ظاهره أدب وزيادة ومبالغة في الأدب إلا أنه في حقيقته بالنسبة لجناب الله تعالى سوء أدب سوء أدب.

طالب: ..........

يمكن توجيه هذا، ويمكن توجيه هذا؛ لأن بعض العلماء كابن عبد البر وكأن ابن حجر يميل إلى شيء منه أن الخصائص لا تقبل التخصيص، أن الخصائص لا تقبل التخصيص، فمثلاً قوله- عليه الصلاة والسلام-: «جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا» خُصِّصت خُصِّص هذه الخصيصة بالمقبرة مثلاً لا تجوز الصلاة في المقبرة؛ لورود ما يخصص المقبرة من النص العام، وهو حديث الخصائص قالوا: الخصائص ما تقبل تخصيصًا، تصلي في المقبرة؛ لأن الأرض جُعلت مسجدًا وطهورًا، والسبب في ذلك أن الخصائص فضائل للرسول- عليه الصلاة والسلام- والتخصيص تقليل لهذه الفضائل، ففيه سوء أدب مع النبي -صلى الله عليه وسلم- عرفنا الملحظ؟ جماهير أهل العلم يقولون: إن الحديث مخصوص بالمقبرة والخاص مقدَّم على العام والخاص مقدم على العالم ما لحظه ابن عبد البر -رحمه الله- هو ملحظ جيد من جهة؛ لأن هذه خصائص وفضائل للنبي -عليه الصلاة والسلام- والتخصيص تقليل لهذه الفضائل، لكن إذا تعارض حقه -عليه الصلاة والسلام- مع حق الله -جل وعلا-، فما الذي يقدَّم حق الله -جل وعلا-؛ لأن النهي عن الصلاة في المقبرة من باب حماية جناب التوحيد الذي هو حق الله كما قال: «لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد، بل قولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد»، وبعض الناس هذه ثم لا شك أنها تعني التراخي في الرتبة منزلة الرسول -عليه الصلاة والسلام- وتراخي عن رتبة الله -جل وعلا- وليست منزلة واحدة أو متقاربة، لكن مع ذلك بعض الناس يبالغ يسمع أن هذا قادح في التوحيد، ثم بعد ذلك يأتي بثم في مواطن لا تصلح فيها ثم، والتفصيل في مثل هذا قد لا يكون سائغًا أو لائقًا في أمثلة ذكرها بعض الناس جرت على ألسنتهم من باب المبالغة في مثل هذا التراخي، بل ترتب عليه نسبة ما لا يجوز على الله -جل وعلا-.

"وقال لمن قال: ما شاء الله وشئت: «أجعلتني لله نِدًّا؟! بل ما شاء الله وحده»، فمن هنا كان خلفاء الرسل وأتباعهم من أمراء العدل وقضاتهم" نحن عندنا.. فمن هنا كان خلفاء الرسل وأتباعهم من أمراء العدل وأتباعهم وقضاتهم.. فيه.. ماذا عندك؟

طالب: ..........

من أمراء العدل وقضاتهم.. نعم ما.. وأتباعهم وقضاتهم مرة ثانية.. لا، مكرر هذا..

"لا يدعون إلى تعظيم نفوسهم ألبتة" لا يدعون إلى تعظيم نفوسهم ألبتة، قد يرد على ألسنة بعض من يتصدر للتعليم أو يتصدر للدعوة هو في حقيقته من خلال ما ينضح به لسانه هو في حقيقته يدعو إلى نفسه، وقد رأى بعض السلف واعظًا فقال له: ابن مَن أنت؟ فقال: ابن فلان. فقال: أنت ابن اعرفوني، ابن اعرفوني، نسأل الله العافية.

بل إلى تعظيم الله و حده وإفراده بالعبودية والإلهية، ومنهم من كان لا يريد الولاية إلا للاستعانة بها على الدعوة إلى الله وحده.

يوسف لما قال: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ} [سورة يوسف:55] هل قصده أن يتصرف في هذه الخزائن أو من أجل الأمر والنهي والتسلط على الناس؟! لا والله ليتمكن بذلك من العدل بين الناس والدعوة لهم إلى دين الله، حيث دعاهم في السجن {أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [سورة يوسف:39].

وبعض المشايخ من شيوخنا قيل له: أنت تقول ولا يسمع لك أحيانًا، فلماذا لا تعتزل كأنك صرت ذريعة للناس ليحسنوا الظن ببعض المسؤولين وأنت مجرد تمشية قال: لا ليس الأمر كذلك، أنا إذا تركت ما سمع شيئًا ألبتة، والأمر الثاني أنني جلست من أجل الأمر والنهي، والله ما جلست من أجل الوظيفة ولا ما يترتب على الوظيفة؛ لأنه إذا كان في منصبه يسمع له ويطاع، وإذا ترك خلاص انتهى، فهذا صرَّح به بعض الشيوخ المعروفين، والناس يقعون في أعراضهم ولا تركوهم، ويلومونهم ويشددون في لومهم وهم ما يدرون عن حقيقة الحال والأمر.

"وكان بعض الصالحين يتولى القضاء ويقول: أنا أتولاه لأستعين به على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" من أجل أن يتمكن ليأمر وينهى، "ولهذا كانت الرسل وأتباعهم يصبرون على الأذى في الدعوة إلى الله، ويتحملون في تنفيذ أوامر الله من الخلق غاية المشقة" من قرأ في سيرة الرسول -عليه الصلاة والسلام- عرف ما حصل له من أذى قومه له، وكذلك سائر الرسل وأتباعهم إلى يوم القيامة، وطريق الدعوة كما يقال في الأسلوب المعاصر ليس مفروشًا بالورود، ولذلك من لازم ذلك كما جاء في سورة العصر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [سورة العصر:3] لا بد من الصبر، والمسائل التي ذكرها الإمام المجدد الأولى العلم، والثانية العمل، والثالثة الدعوة، والرابعة الصبر على الأذى. وهم صابرون بل راضون بذلك، بل بعضهم يتلذذ بمثل هذا الأذى كما كان شيخ الإسلام -رحمه الله- وهو في السجن يقول: أنا سجني خلوة، سجني خلوة وقال عبادة كيف؟

طالب: ..........

نفيي سياحة، لكن فيه عبادة، المقصود أنهم يتلذذون بمثل هذا، لكن هل للإنسان أن يعرض نفسه لهذه الأمور مما لا يستدعيه داعٍ، ويتمنى مثل هذه الأمور، يتمنى أن يسجن ليتلذذ؟ لا، الرسول- عليه الصلاة والسلام- يقول: «لا تتمنوا لقاء العدو، لكن إذا لقيتموهم فاصبروا» هذا إذا حصل تبعًا للدعوة وتبعًا لبيان الحق وإظهاره له قدوة وله سلف، أما أن يخالف من أجل أن يسجن فهذا ما فعله أحد، ولا يحمد عليه ولا يشكر عليه، بل يذم على مخالفته.

"فإن المحب ربما يتلذذ بما يصيبه من الأذى في رضى محبوبه" وما ذكر عن المحبين والعشاق وأشياء ذكروها في كتب الأدب، ولابن القيم كتاب اسمه روضة المحبين فيه أشياء من ذلك، "كما كان عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز" -رحمه الله- عبد الملك هذا شاب صغير، لما تولى أبوه الخلافة وهو على قدر كبير من العمل والعبادة والزهد وأيضًا شيء من العلم، وقد ألف الحافظ ابن رجب رسالة في سيرته سيرة عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز مطبوعة بقدر هذا الكتاب، وفيها العجائب تعرف كيف نشأ الناشئة على ما رباهم آباؤهم عليه من الخير والصلاح والفلاح، والهادي هو الله -جل وعلا-، لكن لا بد من بذل الأسباب، هذا ابن عمر بن عبد العزيز.

 "كما كان عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- يقول لأبيه في خلافته إذا حرص على تنفيذ الحق وإقامة العدل: يا أبتِ لوددت أني غلت بي وبك القدور في الله -عز وجل-" لكن عافية الله أوسع من ذلك، عافية الله أوسع من ذلك، الله لا يعرضنا للابتلاء، والقوم منازلهم تختلف عما نعيشه ونتقلب فيه، لكن مع ذلك.. "لوددت أني غلت بي وبك القدور في الله -عز وجل-، وقال بعض الصالحين: وددت أن جسمي قرض بالمقاريض، وأن هذا الخلق كلهم أطاعوا الله" يعني الإنسان لا شك أن طلب نجاته بنفسه يعني مقدَّم على كل أحد، يتمنى للناس الخير، ويحب لإخوانه ما يحبه لنفسه، لكن مع ذلك ما يلزم أن يتمنى أن يكون فداءً لغيره لاسيما في أمور الدين، "فعُرض قوله على بعض العارفين" وفي النسخة الأخرى: المتقدمين يعني متقدمين بالنسبة للمؤلف أو بالنسبة لقائل هذا القول؟

طالب: ..........

ما يمكن، لا، النسخة الثانية كأنها أوضح.

"فعرض قوله على بعض العارفين فقال: إن كان أراد بذلك النصيحة للخلق وإلا فلا أدري، ثم غشي عليه" إن كان أراد بذلك النصيحة.. ماذا؟ هذا الظاهر، يحتمل غير هذا؟! يقرض جسده بالمقاريض؛ ليطيع الناسُ الله -جل وعلا-، يريد النصيحة.

طالب: يريد تأكيد الكلام، العارف يريد تأكيد الكلام..........

يقو:ل إن كان أراد بذلك النصيحة للخلق وإلا فلا أدري، هذا تردد.

طالب: هذا تأكيد..

والله ما أدري، لكن الأسلوب أسلوب تردد.

"ثم غشي عليه" هذا الغشي الذي حصل لبعض السلف سواء كان بسبب سماعه آية من كتاب الله أو لموقف أو لشيء من هذا هذا موجود في السلف بكثرة، نعم لا يوجد ما حصل من النبي- عليه الصلاة والسلام- ولا من كبار الصحابة، إنما حصل فيمن بعدهم، وبعضهم ينكر مثل هذا، وابن سيرين كما في ترجمته في السير وغيره يقول: هذا الذي يغشى عليه بسبب سماع القرآن يقول: يوضع فوق جدار ويقرأ القرآن، إن سقط فهو صادق، كأنه يشكك في مثل هذا، لكنه موجود ومستفيض في السلف، وشيخ الإسلام يوجهه بأنه لم يحصل من النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن القرآن ثقيل كما قال الله -جل وعلا-: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} [سورة المزمل:5] وقلبه قوي يناسب هذا الوعاء، يناسب النازل، فيحصل التوازن وكذلك كبار الصحابة، استشعار هذا القول الثقيل وعظمة القرآن استمرت فيمن جاء بعدهم، لكن القلوب ضعفت، فما فيه توازن بين النازل والظرف المنزول عليه، فحصل الغشي، جاء بعدهم خلوف استشعار عظمة القرآن خفت عندهم، ولذلك لا يؤثر فيهم مثل هذا التأثير، يعني قلوبهم ليست بمستوى قلوب من تقدم، واستشعار عظمة القرآن أقل، فكأنه ضعيف ما يساوي شيئًا يعني بالنسبة لهم وتصورهم، وإلا فالقرآن هو القرآن {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [سورة الحشر:21] أي الجبل أقوى وقلب الإنسان؟ الذي بيدك تفركه بيدك يمكن تمزقه، لكن المسألة مسألة استشعار، المسألة مسألة استشعار لعظمة هذا القرآن.

"ومعنى هذا أن صاحب هذا القول قد يكون لحظ نصح الخلق والشفقة عليهم من عذاب الله، وأحب أن يفديهم من عذاب الله بأذى نفسه، وقد يكون لَحَظ جلال وعظمته" وقد يكون لَحَظ جلال الله وعظمته "وما يستحقه من الإجلال والإكرام والطاعة والمحبة فود أن الخلق قاموا بذلك، وإن حصل له في نفسه غاية الضرر" وسواء كان هذا أو ذاك كلها مما يجدر بالمسلم أن يفديه بما يستطيع قال: "وهذا هو مشهد خواص المحبين العارفين بملاحظته، فغشي على هذا الرجل العارف، وقد وصف الله تعالى في كتابه أن المحبين له يجاهدون في سبيله ولا يخافون لومة لائم" {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ} [سورة المائدة:54] وفي ذلك يقول بعضهم:

أجد الملامة في هواكِ لذيذة

 

 حبًّا لذكركِ فليلمني اللوَّم

يعني ليصنعوا ما شاؤوا، يعني وصل الحد ببعض المحبين إلى درجة الجنون، لماذا؟ لأن عنده هدف، عنده شيء ملك عليه عقله وقلبه ومشاعره وحواسه بحيث لا يرى الناس شيئًا في مقابل هذه المحبة.

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: ..........

إذا غطى أكثر الوجه..

طالب: ..........

الذي هو من أجل الصحة، الجو، والله إذا غطى أكثر الوجه فهو ممنوع.

طالب: ..........

النساء تتغطى ما فيه شيء تغطية الوجه، ما فيه شيء للمرأة ما فيه شيء؛ لأن لها أن تغطي، بل عليها أن تغطي وجهها.

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: ..........

ما هو بنقاب، هو ليس بنقاب بالنسبة للمرأة التي أذن لها، بل أمرت بتغطية وجهها ما فيه بأس، الرجل ممنوع من تغطية الوجه فلا يلبسه إذا كان يغطي الأكثر؛ لأن الحكم للغالب.

طالب: ..........

نعم؛ لأن الصلاة في المقبرة من وسائل الشرك.

طالب: ..........

الخصائص..

طالب: ..........

جعلت لي الأرض مسجدًا.. هذه من خصائصه -عليه الصلاة والسلام-، كانت الأمم السابقة ما يصلون إلا في كنائسهم في مصلياتهم، فهذا من الخصائص إذا قلنا لا تصلون في المقبرة؟ قللنا هذه الخصيصة، هذا كلام ابن عبد البر، لكننا لحظنا حق الله -جل وعلا-، ولأنه من وسائل الشرك، وهو مقدَّم على حقه -عليه الصلاة والسلام-.

طالب: ..........

يريد أن يضحي لنفسه؟

طالب: ..........

مادام اشتريت الأضحية ولا عينت فلك أن تصرفها لنفسك..

طالب: ..........

مادام ما اشتريت شف ما اشتريت الأضحية ولا عينت ما تلزم أنت إذا كان ما عندك شيء..

طالب: ..........

أنت تخلص أنت وأبوك، ما أتدخل بينكما.

طالب: طلب الإمامة والخطابة يعتبر من طلب..

 

والله الأمور بمقاصدها، إن طلب الإمامة من أجل ألا تفوته تكبيرة الإحرام أو يحافظ على حفظه أو يزيد من حفظه هذه مقاصد شرعية.