كتاب الجهاد من سبل السلام (5)

نعم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم.

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

قال- رحمه الله تعالى- في البلوغ وشرحه:

"وَعَنْ عَلِيٍّ- رضي الله عنه- أَنَّهُمْ تَبَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد مُطَوَّلًا، وَفِي الْمَغَازِي مِنْ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَلِيٍّ- رضي الله عنه - أَنَّهُ قَالَ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُو لِلْخُصُومَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ قَيْسٌ الراوي: وَفِيهِمْ أُنْزِلَتْ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [سورة الحج:19]، قَالَ: هُمْ الَّذِينَ تَبَارَزُوا يوم بَدْرٍ، حَمْزَةُ وَعَلِيٌّ وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ- لعنهم الله-، وَتَفْصِيلُهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُ بَرَزَ عُبَيْدَةُ لِعُتْبَةَ وَحَمْزَةَ لِشَيْبَةَ وَعَلِيٍّ لِلْوَلِيدِ. وَعِنْدَ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ: فَقَتَلَ عَلِيٌّ وَحَمْزَةُ مَنْ بَارَزَهُمَا، وَاخْتَلَفَ عُبَيْدَةُ وَمَنْ بَارَزَهُ بِضَرْبَتَيْنِ، فَوَقَعَتْ الضَّرْبَةُ فِي رُكْبَةِ عُبَيْدَةَ، فَمَاتَ مِنْهَا لَمَّا رَجَعُوا بِالصَّفْرَاءِ. وَمَالَ عَلِيٌّ وَحَمْزَةُ عَلَى مَنْ بَارَزَ عُبَيْدَةَ فَأَعَانَاهُ عَلَى قَتْلِهِ، وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْمُبَارَزَةِ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ.

وَذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إلَى عَدَمِ جَوَازِهَا، واشترط الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إذْنَ الْأَمِيرِ كَمَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ."

المبارزة هي جزء، فرع من المجاهدة للأعداء، فبدلًا من أن تكون جماعية تكون إفرادية، ولا مانع منها إذا غلب على الظن غلبة المسلم على خصمه، وأذِنَ بذلك الأمير- أمير الجهاد- المسؤول عنه، وغلب على الظن أنَّ المسلم هو الذي يغلب الكافر؛ لأنَّه بهذه المبارزة إذا قتله المسلم، ثم قتل المسلم كافرًا آخر، ثم ثالثًا وهكذا لا شك أنَّها تكسر نفوس المجاهدين من الأعداء، ويدخلهم ما يدخلهم من التخذيل والرعب والخوف، فقد ينسحبون بأقل خسائر، أو ينهزمون بأقل خسائر من المسلمين، لكن إذا خرج أو برز لمبارزة شخص ما عُرِفَ بالشجاعة، ولا يغلب على الظن أنَّه يقتل، بل يُقتل، وإن كان مآله إلى الجنة إن شاء الله تعالى والشهادة، لكن هذا لا شك أنَّه يُوقع في نفوس المسلمين شيئًا من الانكسار.

أحسن الله إليك.

طالب: .........

نعم.

طالب: ..........

ما فيه شك أنَّ مثل هذا جبان، لا يجوز له أن يخرج؛ لأنَّ الأثر عليه وعلى غيره.

أحسن الله إليكم.

طالب: ........

منع الحسن ينصب على هذا.

أحسن الله إليكم.

"وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: إنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، يَعْنِي {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [سورة البقرة:195]، قَالَهُ رَدًّا عَلَى مَنْ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ حَمَلَ عَلَى صَفِّ الرُّومِ حَتَّى دَخَلَ فِيهِمْ. رَوَاهُ الثَّلَاثَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ، وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.

أَخْرَجَهُ الْمَذْكُورُونَ مِنْ حَدِيثِ أَسْلَمَ بْنِ يَزِيدَ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ: كُنَّا بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ فَخَرَجَ صَفٌّ عَظِيمٌ مِنْ الرُّومِ، فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صَفِّ الرُّومِ حَتَّى حَصَلَ فِيهِمْ، ثُمَّ رَجَعَ مُقْبِلًا فَصَاحَ النَّاسُ، سُبْحَانَ اللَّهِ أَلْقَى بِيَدِهِ إلَى التَّهْلُكَةِ، فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّكُمْ تُؤَوِّلُونَ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، وَإِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، إنَّه لَمَّا أَعَزَّ اللَّهُ الإسلام، وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ قُلْنَا بَيْنَنَا سِرًّا: إنَّ أَمْوَالَنَا قَدْ ضَاعَتْ، فَلَوْ أَنَّا أقمنا فِيهَا وَأَصْلَحْنَا مَا ضَاعَ مِنْهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، فَكَانَتْ التَّهْلُكَةُ الْإِقَامَةَ الَّتِي أَرَدْنَا.

وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ- رضي الله عنهما- وَغَيْرِهِ نَحْوُ هَذَا التَأْوِيلِ في الْآيَةِ. قِيلَ: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ دُخُولِ الْوَاحِدِ فِي صَفِّ الْقِتَالِ وَلَوْ ظَنَّ الْهَلَاكَ."

بادئ الأمر وظاهره أنَّ الذي يُلقي بنفسه إلى حيث يغلب على ظنه أنَّه يُقتل أنَّه ملقٍ بيده إلى التهلكة، وأنَّ الذي يُنفق جُلَّ ماله أنَّه ألقى بيده إلى التهلكة، وهكذا في جميع الأعمال الفاضلة، لكن المراد من الآية عكس ذلك، الذي يقبض يده عن الإنفاق هو الذي ألقى بيده على التهلكة، والذي جَبُنَ عن ملاقاة الأعداء هو الذي ألقى بيده إلى التهلكة؛ لأنَّ التهلكة إنَّما تقع في مخالفة أمر الله، وأمر رسوله- عليه الصلاة والسلام- هذه التهلكة؛ لأنَّ العبرة بالحياة، الحياة الحقيقية التي تُكسب العمل الصالح وهذا من أفضل الأعمال، هذه هي الحياة، وضدها هو التهلكة.

أحسن الله إليك.

"قِيلَ: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ دُخُولِ الْوَاحِدِ فِي صَفِّ الْقِتَالِ وَلَوْ ظَنَّ الْهَلَاكَ."

هذا ما يُسمَّى بمسألة الانغماس في صفوف الأعداء، ولو ظنَّ أنَّه يُقتل، ولا شك أنَّ النصوص جاءت بجواز أن يكون المرء سببًا في إزهاق نفسه، يكون سببًا، لكن لم يرد نص في أن يُباشر الإنسان قتل نفسه، فرقٌ بين هذا وهذا، يكون سببًا في قتل نفسه، قصة الغلام التي سيقت في شرعنا مساق المدح تسبب في قتل نفسه، وأبو بكرة تدلى من بكرة إلى حصن في الطائف، فدخل إلى الأعداء بمفرده، وأُقِرَّ، لكن لا يجوز للإنسان بحال أن يتولى ويُباشر قتل نفسه بنفسه.

أحسن الله إليك. 

ومع ذلكم هذه عزيمة، مع أنَّه ما يُرخَّص للإنسان ألا يثبت إذا زاد العدد على الضعف، {الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} [سورة الأنفال:66]، فالمصابرة للضعف فقط، الواحد يجب أن يصبر لاثنين، لكن لا يلزمه أن يصبر لثلاثة، لكن لو صبر لعشرة حتى قُتل فهذه عزيمة، ما فيه إشكال، لكنه لا يُلزم بالصبر لأكثر من اثنين.

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: ..........

ماذا فيه؟

طالب: .........

لكن ما أهلك نفسه بنفسه.

طالب: يغلب على ظن الإنسان أنَّه يتسبب.

ما يضر، إذا تسبب ما يضر مثل ما إذا باشر، إذا باشر القتل فلا شك أنَّ هذا لم يرد به شيئًا.

طالب: ............

نعم، مع الكثرة قد لا يهلك، الوقائع التي حصلت دلت على أنَّ كثيرًا منهم نجوا، اقتحموا في الأعداد، وانغمسوا فيهم، وقتلوا منهم ما يقتلون، وفي النهاية ينجون، ينجيهم الله.

طالب: ..........

كلامه في القتال المشروع، الجهاد القتال المشروع. أمَّا غير المشروع فمن البداية كله ممنوع.

أحسن الله إليكم.

"قُلْت: أَمَّا ظَنُّ الْهَلَاكِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ، إذْ لَا يُعْرَفُ مَا كَانَ ظَنُّ مَنْ حَمَلَ هُنَا، وَكَأَنَّ الْقَائِلَ يَقُولُ إنَّ الْغَالِبَ فِي وَاحِدٍ يَحْمِلُ عَلَى صَفٍّ كثير أَنَّهُ يَظُنُّ الْهَلَاكَ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ- رحمه الله- فِي مَسْأَلَةِ حَمْلِ الْوَاحِدِ عَلَى الْعَدَدِ الْكَثِيرِ مِنْ الْعَدُوِّ: إنَّهُ صَرَّحَ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِفَرْطِ شَجَاعَتِهِ، وَظَنِّهِ أَنَّهُ يُرْهِبُ الْعَدُوَّ بِذَلِكَ، أَوْ يُجْرئُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْمَقَاصِدِ الصَّحِيحَةِ فَهُوَ حَسَنٌ، وَمَتَى كَانَ مُجَرَّدَ تَهَوُّر فَمَمْنُوعٌ لَا سِيَّمَا إنْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ وَهَنُ الْمُسْلِمِينَ.

 قُلْت: وأَخَرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ- قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَلَا بَأْسَ بِهِ- عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ رَجُلٍ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ فَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ فَرَجَعَ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي حَتَّى أُهْرِيقَ دَمُهُ»، قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَالْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ تَدُلُّ على جَوَازُ الْمُبَارَزَةِ لِمَنْ عَرَفَ مِنْ نَفْسِهِ بَلَاءً فِي الْحُرُوبِ وَشِدَّةً وَسَطْوَةً."

طالب: ..............

ابن حجر هو المصنف، أي هو المصنف مصنف الأصل، فتح الباري.

"وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما- قَالَ: حَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَّعَ، متفق عليه.

 دلَّ عَلَى جَوَازِ إفْسَادِ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِالتَّحْرِيقِ وَالْقَطْعِ؛ لِمَصْلَحَةٍ فِي ذَلِك،َ ونَزَلَتْ الْآيَةُ: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا} [سورة الحشر:5]، قَالَ الْمُشْرِكُونَ: إنَّك تَنْهَى عَنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، فَمَا بَالُ قَطْعِ الْأَشْجَارِ وَتَحْرِيقِهَا؟

 قَالَ فِي مَعَالِمِ التَّنْزِيلِ: (اللِّينَةُ) فَعْلَةٌ مِنْ اللَّوْنِ.."

معالم التنزيل لمن؟

طالب: البغوي.

نعم، هو تفسير البغوي.

"(اللِّينَةُ) فَعْلَةٌ مِنْ اللَّوْنِ، وَتُجْمَعُ عَلَى أَلْوَانٍ، وَقِيلَ: مِنْ اللِّينِ، وَمَعْنَاهُ النَّخْلَةُ الْكَرِيمَةُ، وَجَمْعُهَا لِينٌ، وَقَدْ ذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ إلَى جَوَازِ التَّحْرِيقِ وَالتَّخْرِيبِ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ، وَكَرِهَهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَاحْتَجَّا بِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَصَّى جُيُوشَهُ أَلَا تَفْعَلُوا ذَلِكَ."

لا سيما إذا غلب على الظن أنَّه يؤول للمسلمين، وينتفعون به، ويستفيدون منه، وإذا كان فيه إضعاف للعدو فلا مانع منه.

أحسن الله إليك.

"وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي بَقَائِهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا تَصِيرُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَأَرَادَ بَقَاءَهَا لَهُمْ، وَذَلِكَ يَدُورُ عَلَى مُلَاحَظَةِ الْمَصْلَحَةِ.

وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا تَغُلُّوا، فَإِنَّ الْغُلُولَ»، بِضَمِّ (الْغَيْنِ) الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ (اللَّامِ) «نَارٌ وَعَارٌ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

 تَقَدَّمَ أَنَّ الْغُلُولَ الْخِيَانَةُ في الغنيمة."

الأخذ منها قبل قسمتها هذا غلول، الأخذ من الغنيمة قبل قسمتها هذا هو الغلول، ولا يختص ذلك بالغنيمة، إنَّما الأمور العامة للمسلمين إذا أُخِذَ منها بغير حق فهذا غلول، «من استعملناه على شيء فليأتنا بقليله وكثيره».

"قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ يَغُلُّهُ فِي مَتَاعِهِ أَيْ يُخْفِيهِ، وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ، (وَالْعَارُ) الْفَضِيحَةُ، فَفِي الدُّنْيَا أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ افْتَضَحَ بِهِ صَاحِبُهُ، وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَلَعَلَّ الْعَارَ يُفِيدُهُ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ:  قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَذَكَرَ الْغُلُولَ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ فَقَالَ: «لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ، عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَك مِنْ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُك».. الْحَدِيثَ."

هذا يُفتضح على رؤوس الأشهاد يوم القيامة- نسأل الله السلامة والعافية-.

أحسن الله إليك.

"وَذَكَرَ فِيهِ الْبَعِيرَ وَغَيْرَهُ. فَإِنَّهُ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ يَأْتِي الْغَالُّ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الشَّنِيعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ، فَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْعَارُ يوم القيامة، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ شَيْءٌ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا ذَنْبٌ لَا يُغْفَرُ بِالشَّفَاعَةِ؛ لِقَوْلِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا أَمْلِكُ لَك مِنْ اللَّهِ شَيْئًا»."

لكنَّه من ضمن الذنوب والكبائر التي هي تحت المشيئة.

أحسن الله إليك.

"وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَوْرَدَهُ فِي مَحَلِّ التَّغْلِيظِ وَالتَّشْدِيدِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُغْفَرُ لَهُ بَعْدَ تَشْهِيرِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ.

وَالْحَدِيثُ الَّذِي سُقْنَاهُ وَرَدَ فِي خِطَابِ الْعَامِلِينَ عَلَى الصَّدَقَاتِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْغُلُولَ عَامٌّ لِكُلِّ مَا فِيهِ حَقٌّ لِلْعِبَادِ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْغَالِّ وَغَيْرِهِ.

 فَإِنْ قُلْت: هَلْ يَجِبُ عَلَى الْغَالِّ رَدُّ مَا أَخَذَ؟

قُلْت: قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْغَالَّ يُعِيدُ مَا غَلَّ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَأَمَّا بَعْدَهَا فَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَمَالِكٌ: يَدْفَعُ إلَى الْإِمَامِ خُمُسَهُ، وَيَتَصَدَّقُ بِالْبَاقِي، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ لَا يَرَى ذَلِكَ، وَقَالَ: إنْ كَانَ مَلَكَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ.."

لأنَّه صار من نصيبه في القسمة ليس له أن يتصدق؛ إذ لو كان هذا الذي غلَّه لمَّا قُسِمَت القسمة وُجِد أنَّ نصيبه يُقابل هذا المغلول، هذا لا يلزمه رده، وإن كان قد فعل محرمًا.

"وَإِنْ لم يكن مَلَكه فَلَيْسَ لَهُ التَّصَدُّقُ بِمَالِ الغير، قال: وَالْوَاجِبُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى الْإِمَامِ كَالْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ.

وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ.

 فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السَّلَبَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ الْعَدُوِّ والْكَافِرِ يَسْتَحِقُّهُ قَاتِلُهُ سَوَاءٌ، قَالَ الْإِمَامُ قَبْلَ الْقِتَالِ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَاتِلُ.."

يعني هل قول النبي- عليه الصلاة والسلام-: «من قتل قتيلًا فله سَلَبه» خاص بالمخاطبين، يعني احتاج إلى أن يُكرر هذا الكلام في كل غزوة، أو نقول: إنَّه لهم، ولمن يأتي بعدهم من الأُمَّة، فيكون تشرعًا عامًا فلا نحتاج إلى أن يقول أمير الجيش: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ؟

أحسن الله إليك.

"وسواء كان القاتل مُقْبِلًا أَوْ مُنْهَزِمًا، وَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ له السَّهْمَ فِي الْمَغْنَمِ أَمْ لَا؛ إذْ قَوْلُهُ: قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ حُكْمٌ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: .."

يعني لو أنَّ امرأة قتلت قتيلًا فلها السَّلَب، «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» قضاء بالسَّلَب للقاتل، فهي تدخل في القاتل، وتدخل في عموم (من).

"قال الشافعي: وَقَدْ حُفِظَ هَذَا الْحُكْمُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا يَوْمُ بَدْرٍ، فَإِنَّهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَكَمَ بِسَلَبِ أَبِي جَهْلٍ لِمُعَاذِ بْنِ الْجَمُوحِ لَمَّا كَانَ هُوَ الْمُؤَثِّرَ فِي قَتْلِ أَبِي جَهْلٍ؛ وَكَذَا فِي قَتْلِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ لِرَجُلٍ يَوْمَ أُحُدٍ أَعْطَاهُ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَلَبَهُ. رَوَاهُ الْحَاكِمُ.

وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْحُكْمِ كَثِيرَةٌ، وَقَوْلُهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي يَوْمِ حُنَيْنٍ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» بَعْدَ الْقِتَالِ لَا يُنَافِي هَذَا، بَلْ هُوَ مُقَرِّرٌ لِلْحُكْمِ السَّابِقِ، فَإِنَّ هَذَا كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَ الصَّحَابَةِ مِنْ قَبْلِ حُنَيْنٍ؛ وَلِذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي رَجُلًا شَدِيدًا.. إلَى قَوْلِهِ: أَقْتُلُهُ وَآخُذُ سَلَبَهُ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا. وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْهَادَوِيَّةِ: إنَّهُ لَا يَكُونُ السَّلَبُ لِلْقَاتِلِ إلَّا إذَا قَالَ الْإِمَامُ قَبْلَ الْقِتَالِ مَثَلًا: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَإِلَّا كَانَ السَّلَبُ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، فَإِنَّهُ قَوْلٌ لَا تُوَافِقُهُ الْأَدِلَّةُ. قَالَ الطَّحَاوِيُّ:.."

عرفنا أنَّ المسألة مُحتملة لئن يكرر هذا الإغراء في كل غزوة؛ لأنَّه لو تكرر من النبي- عليه الصلاة والسلام-، أو يكون قوله- عليه الصلاة والسلام-: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» للصحابة ولمن جاء بعدهم، يكون تشريعًا عامًا فلا يُحتاج فيه إلى تكرار، بل يُستصحب هذا الإقرار في كل غزوة.

"قال الطحاوي: إنَّ ذَلِكَ مَوْكُولٌ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ، فَإِنَّهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَى سَلَبَ أَبِي جَهْلٍ لِمُعَاذِ بْنِ الْجَمُوحِ بَعْدَ قَوْلِهِ لَهُ، وَلِمُشَارِكِهِ فِي قَتْلِهِ: «كِلَاكُمَا قَتَلَهُ»، لَمَّا أَرَيَاهُ سَيْفَيْهِمَا.

وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنَّمَا أَعْطَاهُ مُعَاذًا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَثَّرَ فِي قَتْلِهِ لَمَّا رَأَى عُمْقَ الْجِنَايَةِ فِي سَيْفِهِ؛ وَأَمَّا قَوْلُهُ- صلى الله عليه وسلم-: «كِلَاكُمَا قَتَلَهُ» فَإِنَّهُ قَالَهُ تَطْيِيبًا لِنَفْسِ صَاحِبِهِ.

وَأَمَّا تَخْمِيسُ السَّلَبِ الَّذِي يُعْطَاهُ الْقَاتِلُ فَعُمُومُ الْأَدِلَّةِ مِنْ الْأَحَادِيثِ قَاضِيَةٌ بعموم تَخْمِيسِهِ، .."

بعدم، عندك؟

القارئ: بعدم، نعم يا شيخ.

"وأمَّا تَخْمِيسُ السَّلَبِ الَّذِي يُعْطَاهُ الْقَاتِلُ فَعُمُومُ الْأَدِلَّةِ مِنْ الْأَحَادِيثِ قَاضِيَةٌ بعدم تَخْمِيسِهِ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَآخَرُونَ."

يعني هل حكمه حكم الغنيمة فيُخمَّس، أو حكمه حكم الجعالة فيستحقه صاحبه؟ يُجعل لمن قتل قتيلًا له سلبه، من وجد كذا فله كذا، فيأخذ ما جُعِلَ له بكامله.

أحسن الله إليك.

"كَأَنَّهُمْ يُخَصِّصُونَ عُمُومَ الْآيَةِ بالأحاديث، فَإِنَّهُ أَخْرَجَ حَدِيثَ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ بِزِيَادَةٍ «وَلَمْ يُخَمِّسْ السَّلَبَ»، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ.

وَاخْتَلَفُوا هَلْ تَلْزَمُ الْقَاتِلَ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّهُ قَتَلَ مَنْ يُرِيدُ أَخْذَ سَلَبِهِ؟ فَقَالَ اللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ: إنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ."

نعم، إذا وُجِد معارض أو دلَّت قرائن على دعواه فيها ما فيها يُحضر بينة، وإلا فالأصل أنَّه إذا لم يُعارض ولم يدَّعيها غيره، وهي مسألة مفترضة في ثقة إنَّه لا يحتاج إلى بينة.

"فَقَالَ اللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ: إنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ؛ لِوُرُودِ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِلَفْظِ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ»، وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ: يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ، قَالُوا: لِأَنَّهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ قَبِلَ قَوْلَ وَاحِدٍ وَلَمْ يُحَلِّفْهُ، بَلْ اكْتَفَى بِقَوْلِهِ، وَذَلِكَ فِي قِصَّةِ مُعَاذِ بْنِ الْجَمُوحِ وَغَيْرِهَا، فَيَكُونُ مُخَصِّصًا لِحَدِيثِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ.

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي قِصَّةِ قَتْلِ أَبِي جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ: فَابْتَدَرَاهُ أي تَسَابَقَا إلَيْهِ بِسَيْفَيْهِمَا أَيْ ابْنَيْ عَفْرَاءَ حَتَّى قَتَلَاهُ ثُمَّ انْصَرَفَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَاهُ. فَقَالَ: «أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟ هَلْ مَسَحْتَا سَيْفَيْكُمَا؟»"

«مسحتما»

"«هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟» قَالَا: لَا، فَنَظَرَ فِيهِمَا أَيْ فِي سَيْفَيْهِمَا فَقَالَ: «كِلَاكُمَا قَتَلَهُ، سلبه لِمُعَاذِ بْنِ الْجَمُوحِ»، بِفَتْحِ (الْجِيمِ) (وحَاءٌ) مُهْمَلَةٌ بِزِنَةِ فَعُولٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ السَّلَبَ لِمَنْ شَاءَ، وَأَنَّهُ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِهِ؛ لِأَنَّهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرَ أَنَّ ابْنَيْ عَفْرَاءَ قَتَلَا أَبَا جَهْلٍ، ثُمَّ جَعَلَ سَلَبَهُ لِغَيْرِهِمَا وَأُجِيبَ عَنْهُ بأَنَّهُ إنَّمَا حَكَمَ بِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَثَرَ ضَرْبَتِهِ بِسَيْفِهِ هِيَ الْمُؤَثِّرَةُ فِي قَتْلِهِ لِعُمْقِهَا فَأَعْطَاهُ السَّلَبَ، وَطَيَّبَ قَلْبَ ابْنَيْ عَفْرَاءَ بِقَوْلِهِ: «كِلَاكُمَا قَتَلَهُ»، وَإِلَّا فَالْجِنَايَةُ الْقَاتِلَةُ ضَرْبَةُ مُعَاذِ بْنِ عَمْرٍو وَنِسْبَةُ الْقَتْلِ إلَيْهِمَا مَجَازٌ أَيْ كِلَاكُمَا أراد قَتَلَهُ، وَقَرِينَةُ الْمَجَازِ إعْطَاءُ سَلَبِ الْمَقْتُولِ لأحدهما، وَقَدْ يُقَالُ هَذَا مَحَلُّ النِّزَاعِ."

ولا يمنع أن يكون معاذ ومُعوذ ابني عفراء لهما أثر ومشاركة في القتل، لكن القتل الحقيقي إنَّما هو لابن الجموح.

أحسن الله إليك.

"وَعَنْ مَكْحُولٍ هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَكْحُولُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيِّ، كَانَ مِنْ سَبْيِ كَابِلَ، وَكَانَ مَوْلًى لِامْرَأَةٍ مِنْ قِيسَ، وَكَانَ سِنْدِيًّا لَا يُفْصِحُ، وَهُوَ عَالِمُ الشَّامِ، وَلَمْ يَكُنْ أَبْصَرَ مِنْهُ بِالْفُتْيَا فِي زَمَانِهِ، سَمِعَ مِنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَوَاثِلَةَ وَغَيْرِهِمَا، ويروي عَنْهُ الزُّهْرِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَبِيعَةُ الرَّأْيِ وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِ وعَشْرَةَ.."

ثمان عشرة، أم ثماني عشرة؟

أحسن الله إليك.

"مات سنة ثمان عشرة وَمِائَةٍ أَنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى أَهْلِ الطَّائِف. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَوَصَلَهُ الْعُقَيْلِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ عَلِيٍّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ ثَوْرٍ راويه عَنْ مَكْحُولٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَكْحُولًا، فَكَانَ مِنْ قِسْمِ الْمُعْضَلِ، .."

فإذا كان عن مكحول عن النبي- صلى الله عليه وسلم- فهو مُرسل، وإذا أُسقِط مكحول أيضًا صار مُعضلًا.

أحسن الله إليك.

"قَالَ السُّهَيْلِيُّ: ذَكَرَ الرَّمْيَ بِالْمَنْجَنِيقِ الْوَاقِدِيُّ كَمَا ذَكَرَهُ مَكْحُولٌ، وَذَكَرَ أَنَّ الَّذِي أَشَارَ بِهِ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ- رضي الله عنه-، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.."

سلمان الفارسي لصلته بالفرس وتنقله بين البلدان عرف من أمور الحروب ما خفي على غيره، فهو الذي أشار بالخندق؛ لأنَّه كان يُفعل في البُلدان التي ورد منها.

طالب: ...........

السندي من بلاد السِّند، ليس بعربي، لا يتكلم بالعربية إلى أن خالط العرب وتعلم منهم.

"وروى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَاصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، وَلَمْ يَذْكُرْ أَشْيَاءَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ حَاصَرَ أَهْلَ الطَّائِف شَهْرًا. وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ الْمُدَّةَ كَانَتْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ قتال الْكُفَّارِ إذَا تَحَصَّنُوا بِالْمَنْجَنِيقِ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ الْمَدَافِعِ وَغيرها."

المدافع ونحوها وكذا الأسلحة الحديثة التي لا يتعدى ضربها إلى من لا يستحق القتل، لا يتعدى ضررها إلى من لا يستحق القتل، وإلى من نُهي عن قتله من النساء والذرية والشيوخ وغير ذلك إلا إذا تحصن بهم من يستحق القتل.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد.

هذا يقول: تاجر يشتري حديدًا من أحد المصانع، ويلزمه المصنع بالسعر الذي يحدده له، وأن لا يزيد عليه أو ينقص منه، فلو اشترى هذا التاجر مئة كيلو، حدد المصنع السعر مئة ريال...

هذا يقول: تاجر يشتري حديدًا من أحد المصانع، ويلزمه المصنع بالسعر الذي يحدده له، وأن لا يزيد عليه أو ينقص منه، فلو اشترى هذا التاجر مئة كيلو، حدد المصنع السعر مئة ريال، فإذا باع منه تسعين وبقي عشرة، ثم اشترى مئة كيلو أخرى، وحدد المصنع السعر مئة وعشرة، فهل يبيع العشرة كيلو بسعر مئة على الأول، أم يبيع على السعر الثاني؟
علمًا بأنَّه من الممكن أن يكون السعر أقل مثلًا من تسعين ريالًا، والمصنع يمنع الزيادة أو النقص من ذلك.
المصنع ليس له أن يمنع، ونهى النبي- عليه الصلاة والسلام- عن بيع وشرط، وأيضًا هذا الشرط يُنافي مقتضى العقد فهو باطل، لا يلتزم به.