شرح منسك الإمام محمد بن عبد الوهاب (3)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله- في منسكه المختصَر فإذا كان يوم التروية" وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، ويوافق يوم غد-إن شاء الله تعالى- فإذا كان يوم التروية عرفنا سابقا لم سمي بهذا الاسم، وأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء من مكة إلى المشاعر؛ لأن الأمور في تلك الأوقات غير متيسرة ولا بد من التروي وري الماء ونقله من مكان إلى مكان، وكانوا يعانون من الحاجات الأساسية الأصلية أشد المعاناة وينقلونها ويتزودونها على رواحلهم وعلى ظهورهم، ويحملون أمتعتهم على رؤوسهم، ومن ذلكم هذه الأمور المتيسرة التي لا يحسب لها المسلم أي حساب، بل يعبثون بها عبثا يُخشى أن تُفقد بسبب كفر هذه النعم والله المستعان، "فإذا كان يوم التروية أحرم بالحج" لأنه أدى العمرة وحَل الحِل كله يحرم بالحج، هذا بالنسبة للمتمتع الذي حل من عمرته، وأما بالنسبة للمفرد والقارن فإنه لا يحل، إذا أحرم لا يحل حتى يتحلل التحلل الأول ثم الثاني، يمكث في إحرامه حتى يبلغ الهدي محله بالنسبة للقارن، وأيضا المفرد حكمه حكم القارن، "فإذا كان يوم التروية أحرم بالحج من أي مواضع مكة شاء" وكونه يحرم من الحرم أفضل، حتى لو أخّر الإحرام عن يوم التروية وأحرم من عرفة صح إحرامه لكن هذا هو الأفضل والأكمل أن يحرم يوم التروية؛ لأن الصحابة معه -عليه الصلاة والسلام- أحرموا يوم التروية ومكث النبي -عليه الصلاة والسلام- على إحرامه؛ لأنه كان قارنا فلا يحل حتى يبلغ الهدي محله، وخرج بهم -عليه الصلاة والسلام- من مكة لأنه مكث فيها اليوم الرابع والخامس والسادس والسابع ثم خرج بهم إلى منى في اليوم الثامن بعد أن أحرموا بالحج.

طالب: ..............

ليس فيه إشكال صحيح إحرامه، يحرم من عرفة وينتظر إلى إذا أراد أن يترخص أشد الترخص بمعنى أنه يقتصر على الحج المجزئ أقل إجزاء، حتى لو تأخر في يوم عرفة إلى آخر..

طالب: ..............

لا إشكال لكن لا شك أن الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام- أكمل وأقرب لأن يكون الحج مبرورا وأدعى إلى القبول، فالاقتداء به -عليه الصلاة والسلام- في جميع أفعاله في الحج كما قال -عليه الصلاة والسلام- «خذوا عني مناسككم» «لتأخذوا عني مناسككم» ونجد بعض الناس من أهل الترفه يتوسعون في هذا الباب ويترخصون، السنن هذه لا تخطر لهم على بال، والواجبات يزعمون أنهم أنها تشق عليهم فيجعلون لحكمهم حكم أهل الأعذار، وبعضهم يقول أنا لا تشق علي لكن مادام لها بدل أدفع البدل، تيسرت أمور الناس لكن يبقى أن العبادة عبادة تؤدى على الوجه المأثور عن النبي -عليه الصلاة والسلام- المبيِّن لمراد الله- جل وعلا- وإلا ما يشق على أصحاب الملايين والمليارات أن يدفع ثلاث فداء أو أربع فداء أو خمس ويترك الواجبات كلها، لكن الإثم ظاهر في مثل هذا وليس هذا من علامات القبول، كونه ترخص عنده العبادة بهذه الطريقة هذه ليست من علامات القبول وليست من علامات بر الحج، الحج المبرور الذي يؤدى على ضوء ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وتترتب عليه آثاره، وتكون حال المسلم بعده أفضل من حاله قبله، ومتى يكون كذا؟ إذا تم فيه الشرطان الإخلاص والمتابعة، فإذا اختل الإخلاص ما ترتبت الآثار ولا قُبل العمل، وإذا اختلت المتابعة للنبي -عليه الصلاة والسلام- ما ترتبت الآثار ولا قُبل العمل؛ لأن الإخلاص والمتابعة شرطان لقبول جميع الأعمال، "ثم يتوجه إلى منى والأفضل أن يصلي بها الظهر والعصر" قصرا مع التوقيت، يصلي الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، الظهر مقصورة ركعتين، والعصر كذلك، ثم يصلي المغرب في وقتها، ثم يصلي العشاء ركعتين في وقتها، ثم يصلي الصبح، خمسة أوقات يصليها في منى كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- "والأفضل أن يصلي بها الظهر والعصر ويقيم بها إلى آخر ذلك اليوم" يعني يوم التروية "ثم يبيت بها لكن هذا لا يتيسر اليوم لغالب الناس بل يقصدون عرفة يومهم ذلك" يعني يوم التروية يعني يصعب عليهم التنقل بسبب الزحام والمشقة الشديدة وهذا في وقته- رحمه الله- قبل قرنين وثلث على حسب تأليف الكتاب، لكن توفي في سنة ألف ومئتين وستة، لكن هذا لا يتيسر اليوم لغالب الناس في ذلك الوقت، إذا استعرضنا عدد الحجاج خلال خمسين سنة مضت أو ستين سنة وجدناهم يتراوحون ما بين ثمانين ألفا، مائة ألف مائة وعشرين ألفا، يرجعون إلى تسعين ألفا، يزيدون إلى مائة وخمسين ألفا، يعني ثم زادت بعد ذلك إلى مائتي ألف، ثلاثمائة إلى أن وصل العدد الآن إلى ثلاثة ملايين عشرة أضعاف، لكن مع هذا العدد الكبير أيضا وُجدت أسباب ميسِّرة ومريحة، الخدمات كلها موجودة لا يحتاج أن يتزودوا خدمات، في كل مكان يجدون ما يريدون، والترف الموجود في بلدانهم يجدونه في المشاعر والله المستعان، الآن الرحلة قد تكون ساعة أو ساعة ونصف، وكانت في السابق أشهر، وقد تتجاوز الأشهر إلى السنين إذا كانت من أقاصي الدنيا، ابن بطوطة خرج من طنجة مع حجاج المغرب وساروا عشرة أيام فمات القاضي ثم رجعوا يدفنونه في طنجة عشرة أيام ثانية، ثم رجعوا إلى مكانهم هذا شهر كامل، هذا الشهر الكامل خمس مراحل في أربعين كيلو، مئتا كيلو تقطعها السيارة بساعة ونصف، شهر راح بساعة ونصف، يعني أمور تيسرت ولله الحمد، ونعم تتابعت لكنها تحتاج إلى شكر، والناس في السابق كانت أبدانهم تتعب تعبا شديدا لكن يلاحَظ عليهم أن قلوبهم مرتاحة، المسألة شهر يزيد أسبوع ينقص أسبوع ليست عندهم مشكلة، ويطلبون العلم ويلتقون بأهل العلم في كل بلد يمرون به، ويؤلفون الكتب في الأسفار، لكن عندنا السفر قد يكون ساعة في الطائرة وإذا وقف واحد في سلم الطائرة هل ينتظره الناس خطر عليه أن يُدفع فيسقط ما يصبرون، وانظر إذا أردت أن تنظر إلى شقاء القلوب انظر إلى الناس عند الإشارات، إذا اخضرت الإشارة فانظر ماذا يفعلون؟! أو يريدون أن يتجهوا يمينا وثمَّ شخصٌ أمامهم والمسألة ثواني، كانت قلوب الناس مرتاحة، أعرف ناسا قبل ثلاثين وأربعين سنة يأتون لصيام رمضان، يمشون الثامن والعشرين من شعبان يومين في الطريق على السيارات، من غير عجلة، يستقبلون رمضان من أوله إلى آخره في مكة من يفعل مثل هذا؟! نعم القلوب شقيت مع راحة الأبدان وهذا مُشكِل؛ ولذلك كثرت الأمراض، الأمراض المستعصية كثرت بسبب شقاء القلوب وترتب على ذلك أمراض لم تكن معروفة في السابق، ثلاث وعشرون سنة ونصف رحلة ابن بطوطة إلى الحج ثم ذهابه منها إلى المشرق ثم رجوعه إلى المغرب، ابن جبير في رحلته سنتين وثلاثة أشهر جاء من الأندلس ورجع إلى الأندلس ما راح يمينا ولا يسارا ومكث في رجوعه في البحر الأبيض المتوسط أشهر بسبب الرياح، لما قارب على مشارف الأندلس جاءت ريح معاكسة فردته إلى سواحل الشام، يعني لو يصير في وقتنا هذا مثل هذا الأمر نحن ما وطنا أنفسنا على هذا، نحن مؤقتون في الساعة الفلانية نكون في البيت والله المستعان، كثرت الأمراض، وكثرت الجلطات، وكثر أشياء كلها بسبب هذا الشحن للنفس، مع أن الأمور متيسرة ولله الحمد، وكل شيء موجود، و ليس هناك شيء يفوت، انظر إلى الواحد منا إذا كان له موعد مع شخص، قال: آتيك بعد صلاة العصر ثم تأخر ربع ساعة، تجد هذا في الشارع ينتظر وربع هذه الساعة عن أيام لماذا؟ لأننا ما وطنا أنفسنا ولا عرفنا كيف نقضي أوقاتنا، وإلا لو استغله بقراءة جزء من القرآن أو بتسبيح أو تهليل أو ذكر لتمنى أن يتأخر أكثر، ما ربينا أنفسنا على هذا ولو تعوّدنا الأنس بالله ما ضاقت بنا الأرض ذرعا، يعني علي بن المديني قيل له تمنَّ في مرض موته، قال: أتمنى بيتا خاليا وسند عاليا، يتمنى بيتا خاليا وسند عاليا، البيت الخالي الآن من يطيقه؟! يجلس الإنسان في بيته بمفرده صار سجنا! والسبب ما قلت لكم أننا ما مرنَّا ولا عودنا أنفسنا على الخلوة، لا بد من الخلطة لا بد من الصحبة لا بد ممَّا يسمونه أنسا.

"لكن هذا لا يتيسر اليوم لغالب الناس" وفي يومنا أشد؛ لأن الأعداد الهائلة أضعاف أضعاف ما كان موجودا على وقت الشيخ- رحمه الله- "بل يقصدون عرفة يومهم ذلك" يعني في اليوم الثامن مباشرة إلى عرفة، واليوم بعض الناس يصل إلى الطائف ويجلس فيه إلى أن يصلي العصر يوم عرفة ثم ينزل إلى عرفة مباشرة ويذهب عليه هذا الوقت الذي هو من أشرف الأوقات، الذي يباهي الله به عباده بملائكته ويذهب في السيارة، وهذا موجود عند كثير من الناس، يجلسون في الطائف أو في جدة إذا صلوا العصر دخلوا؛ لأن هذه الاجتماعات صارت هما وعبئا على كثير من الناس؛ لأننا لم نتذوق العبادة ولم نذق لها طعما لكن نريد إسقاط واجب وحمل على الكاهل، يقول: "فإذا طلعت الشمس" من يوم عرفة التاسع من ذي الحجة خير أيام العام "سار من منى إلى عرفات" كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- "فأقام بنمرة" أمر بقبة فضربت له بنمرة "حتى تزول الشمس" لكن كثير من الناس لا يتيسر لهم ذلك ولا يُمَكَّنون من ذلك، فهم من منى إلى صعيد عرفات مباشرة "فأقام بنمرة حتى تزول الشمس ثم صلى الظهر والعصر جمعًا بالتقديم" وخطب الإمام كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- "حتى يروح إلى الموقف" إذا خطب ثم صلى الظهر ركعتين وأتبعها بالعصر ركعتين راح إلى الموقف، "وعرفة كلها موقف إلا بطن عرنة" لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- "قال وعرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن عرنة" فلا يصح الوقوف ببطن عرنة في قول عامة أهل العلم، وعند المالكية قول بجواز الوقوف ببطن عرنة مع الإثم؛ لأنها لو لم تكن من عرفة ما استُثنيت، ما قال: ارفعوا من مزدلفة، أو ارفعوا من منى، أو ارفعوا من كذا، لولا أنها منها ما استثناها فيصح الوقوف فيها مع الإثم، ولكن القول الصحيح الذي يدل عليه الخبر هو أن  بطن عرنة ليس من الموقف، "ويستحب أن يقف عند الصخرات المفترشات وجبل الرحمة" في حديث جابر: "ثم ركب النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة" يقول: "وجبل الرحمة" هذه التسمية لا توجد في خبر صحيح لكن الناس اتفقوا على ذلك ومشوا عليه وتواطئوا عليه، يسمونه جبل الرحمة؛ لأن الرحمات تتنزل في ذلك الموطن في صعيد عرفة ومنها هذا الجبل الذي وقف عنده النبي -عليه الصلاة والسلام- وإلا فليس هناك دليل يدل على هذه التسمية، "والوقوف بعرفة ركن لا يتم الحج إلا به" ووقته من وقوف النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد الزوال إلى طلوع الفجر ليلة النحر، كما في حديث عروة بن مضرّس: "من صلى صلاتنا هذه- يعني في مزدلفة في جمع- وكان قد وقف بعرفة قبل ذلك أية ساعة من ليل أو نهار- يعني إلى طلوع الفجر- يبقى البداية الجمهور على أنه من الزوال كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- وعند الحنابلة أنه يبدأ من أول النهار لحديث عروة المذكور أية ساعة من ليل أو نهار، فما قبل الزوال يصح أنه ساعة من النهار، لكن لا شك أن المرجح هو أن الوقوف يبدأ بوقوفه -عليه الصلاة والسلام- ولا أكمل منه، "ركن لا يتم الحج إلا به" ويقول النبي -عليه الصلاة والسلام- «الحج عرفة الحج عرفة» وهذا أسلوب حصر، الحج في عرفة هذا حصر يسمونه إضافيا وليس بحصر حقيقي وإنما حصر الحج بعرفة للاهتمام بهذا الركن؛ ولأن الحج يفوت بفواته، فمن أدرك عرفة فقد أدرك الحج، "ويُكثر من الدعاء ومن قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير" «أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير» والحديث صحيح بشواهده وهو مروي عن جمع من الصحابة؛ ولذلك يقولون هو صحيح لغيره، "وكان ابن عمر يقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد اللهم اهدني بالهدى وقني بالتقوى واغفرلي في الآخرة والأولى" الله أكبر الله أكبر مرتين أو ثلاثا على الخلاف، لا إله إل الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، وهذا التكبير مشروع في أيام العشر كلها وهي الأيام المعلومات وَٱلۡفَجۡرِ ١ وَلَيَالٍ عَشۡرٖ ٢ } الفجر: ١ - ٢  هذه هي عشر ذي الحجة التي هي أفضل أيام العام ويشرع فيها التكبير، وكان أبو هريرة وابن عمر يخرجان في الأسواق فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما، وكان عمر- رضي الله عنه- في خيمته في فسطاطه يكبر بمنى ويكبر الناس بتكبيره وترتج منى وهذا لا يعني أنهم يكبرون تكبيرا جماعيا يكبر واحد ويتبعونه على نسق فاجتماع الأصوات ولو كانت غير مرتبة يحصل منها هذا الارتجاج، فإذا دخلت المسجد في يوم الجمعة والناس يقرؤون القرآن تسمع صوتا مرتفعا من مجموع الأصوات وإن كان كل واحد منهم يقرأ في سورة وليس في هذا دليل ولا مستمسك لمن يقول بمشروعية التكبير الجماعي، "اللهم اهدني بالهدى وقني بالتقوى واغفر لي في الآخرة والأولى" يعني في هذا الموقف العظيم ينبغي أن يستغل كل لحظة؛ لأنه يوم لا يتكرر في السنة مرة، وقد لا يوفَّق الإنسان لأن يحج مرة أخرى فهو موقف عظيم فيه نزول إلهي، فيه تنزل رحمات ومغفرة للجرائم والسيئات فيتعرض الإنسان لنفحات الله، ومع الأسف أن نجد كثيرا من الحجاج في هذه الساعة المباركة إما في غفلة وقيل وقال وقد نجد منهم من ينام إلى غروب الشمس، يوجد ولله الحمد من يستغل، ويوجد من يسابق، ويوجد من يسارع، وفيهم كثرة ولله الحمد لكن المحرومون موجودون أيضا، "ويرفع يديه ويسكت قدر ما كان إنسان قارئا فاتحة الكتاب" يسكت مقدار دقيقة ليرد نفسه ويرتاح من تكرار الكلام، "ثم يعود فيرفع يديه يقول مثل ما ذكر ولم يزل يفعل ذلك حتى أفاض" يعني ابن عمر- رضي الله عنهما- هذا مأثور عن ابن عمر وليس فيه شيء مرفوع، وإذا دعا الإنسان بالأدعية المأثورة في الكتاب والسنة كان أولى مع تكرار الأذكار المؤقتة والمطلقة والإكثار من تلاوة القرآن، وأيضا نفع الناس الخاص والعام، "ولايزال كذلك حتى تغرب الشمس" ولايزال كذلك يدعو ويذكر الله ويقرأ القرآن حتى تغرب الشمس، في وقتنا قد لا يتمكن الإنسان من متابعة الذكر والدعاء والتلاوة حتى غروب الشمس، يعني قبل الغروب بساعة أو أكثر تبدأ الحملات بالأمر بإركاب الناس وترتيبهم وتنظيمهم ويحصل شيء من الجلبة وشيء من عدم الراحة في هذا الظرف الذي ينبغي أن يكون الإنسان أخشع ما يكون فيه، يحصل جلبة وأنت اطلع يمينا واطلع يسارا وأنت هذا مكانك وهذا ليس مكانك وأنت في الباص الفلاني وأنت كذا وينتهي الوقت بهذه الطريقة، لكن على الإنسان أن يحرص بقدر استطاعته بجمعية قلبه واتجاهه بكليته إلى الله- جل وعلا- ولا يزال كذلك حتى تغرب الشمس، "فإن خرج من عرفة قبل غروب الشمس فعليه دم إلاَّ أن يرجع فيقف حتى تغرب" الشمس؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقف حتى غربت الشمس ولم ينصرف منها حتى غاب القرص وذهبت الصفرة قليلا، فإذا انصرف قبل غروب الشمس فعليه دم؛ لأنه ما اقتدى بالنبي -عليه الصلاة والسلام- الذي قال «خذوا عني مناسككم» ومنهم من يقول لا شيء عليه لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال في حديث عروة وكان قد وقف قبل ذلك ساعة أو أية ساعة من ليل أو نهار، صح أنه وقف ساعة من النهار وانصرف لكن المرجح والمفتى به وجوب البقاء بعرفة حتى تغرب الشمس كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا فعله -عليه الصلاة والسلام-.

طالب: ..............

نعم، لا مانع هذا الوقوف.

طالب: ..............

ليس فيه إشكال، النبي -عليه الصلاة والسلام- على دابته، إلا أن يرجع فيقف حتى تغرب، يعني يرجع في النهار فيقف حتى تغرب، ولو رجع في الليل فوقف جزء من الليل مع وقوفه جزء من النهار كفى، يقول:  "ثم يدفع بعد الغروب وقبل صلاة المغرب إلى مزدلفة" يدفع من عرفات بعد تحقق الغروب وقبل صلاة المغرب؛ لأن صلاة المغرب تُجمع مع العشاء بجمع بمزدلفة على ما سيأتي، "وقبل صلاة المغرب إلى مزدلفة وعليه السكينة فإذا وجد فجوة أسرع" والملاحَظ عند غالب الناس اليوم وهم في سياراتهم في هذا الموطن الذي قال النبي -عليه الصلاة والسلام- وأشار بيده «السكينة السكينة» الإسراع بسرعة شديدة جدًّا وأكثر ما تكون الحوادث في هذه النفرة من شدة سرعة الناس « عليكم السكينة فإن البر ليس بالإيضاع» فإذا وجد فجوة أسرع، في الحديث "فإذا وجد فجوة نص" والنص هو الإسراع، "فإذا وصل إلى مزدلفة صلى بها المغرب والعشاء جمعًا قبل حط الرحال" يعني المبادرة بالصلاة، فإذا وصل مزدلفة صلى بها المغرب والعشاء جمعا قبل حط الرحال ثم حط رحله، والنبي -عليه الصلاة والسلام- نام حتى أصبح، حتى قال بعضهم أنه ما حُفظ قيام ليل ولا وتر في تلك الليلة، لكن قيام الليل ثابت عنه -عليه الصلاة والسلام- والوتر لم يكن يتركه لا سفرا ولا حضرا مع ركعتي الصبح فيبقى على حكمه.

طالب: ..............

جاءت روايات كثيرة في هذا في الأذان والإقامة هل هو أذان واحد وإقامتين، أو إقامتين وأذانين، أو أذان وإقامة واحدة، وكلها في الصحيح، وأيضا ما يتعلق بحط الرحل، يشترط في الجمع أن تكون الصلاتان متواليتين ليتحقق اسم الجمع، وجاء فيما صح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى المغرب ثم حط الرحل، واستدل به من يقول أن جمع التأخير لا يشترط فيه التوالي بخلاف التقديم، وشيخ الإسلام يرى أن الحكم واحد لا يشترط التوالي لا في جمع التقديم ولا في جمع التأخير، بل إذا فُعلت الصلاتان في وقت الأولى ولو فُرِّقتا فهو جمع تقديم، وإذا صليتا في وقت الثانية فهو جمع تأخير ولو تفرقتا، "فإذا أصبح صلى الصبح في أول وقتها" مبادرة من أجل أن يتوفر له الوقت بعد ذلك للذكر من التحميد والتهليل والتكبير والدعاء عند المشعر الحرام، قال: "في أول وقتها ثم يأتي المشعر الحرام فيقف عنده ويحمد الله ويكبره حتى يسفر جِدًّا" قبل طلوع الشمس مخالفة لما عليه الجاهلية؛ لأنهم كانوا لا يدفعون من مزدلفة حتى تطلع الشمس وكانوا يقولون: أشرق ثبير كيما نغير، والمبيت بمزدلفة من واجبات الحج ليس بركن كما قال بعض أهل العلم، وليس بسنة يتساهل فيه كما قال آخرون، لكن القول الوسط أنه واجب بدليل أنه أذن فيه للضعفة أن ينصرفوا بعد بقاء مكثهم فيها نصف الليل، فالسنة لا تحتاج إلى إذن والركن لا يمكن أن يؤذن فيه، وهذه هي القاعدة عند أهل العلم: كل ما أذن فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- للضعفة وللرعاة وغيرهم أنه من الواجبات والسبب ما ذكرنا أن الركن لا يمكن أن يؤذن فيه والسنة لا يحتاج إلى استئذان ولا إلى إذن.

طالب: ..............

يعني الترخيص متى يرخص في ترك سنة؟! ممكن؟!

طالب: ..............

يعني رخَّص هل رخص لئلا يفتاتوا عليه وينصرفوا قبله أو رخص في المبيت في هذا المكان الذي بات فيه وقال «خذوا عني مناسككم» ويكبره حتى يسفر جدا، حيث يدفع إلى منى قبل طلوع الشمس، ثم قال: "ثم يدفع قبل طلوع الشمس إلى منى وعليه السكينة فإذا وصل إلى وادي محسر أسرع"، في حديث جابر تفصيل دقيق وسبر لحجة النبي -عليه الصلاة والسلام- وحديث جابر محل عناية من أهل العلم وعليه شروح فيجدر لطالب العلم أن يعتني به وبشروحه، ولنا عليه أكثر من شرح مسجلة ومكتوبة، يقول في حديث جابر: "حتى أتى بطن محسر فحرك قليلا" ويختلفون في سبب هذا التحريك، ومنهم من يقول أنه المكان الذي عذب فيه أصحاب الفيل، وكل مكان فيه عذاب ينبغي ألا يُمكث فيه «لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين لا يصيبكم ما أصابهم» "فإذا وصل إلى منى فأول ما يبدأ به جمرة العقبة"، يقول العلماء وهي تحية منى جمرة العقبة وهي التي تلى مكة، ويختلف أهل العلم هل هي من مكة أو من منى والخلاف معروف، منهم من يقول إنها من منى باعتبار أن رميها تحية منى، ويقول آخرون لا، هي من مكة وليست من منى، الآن تحية منى برميها، قالوا وتحية البيت الطواف وهو خارج البيت، قالوا جمرة العقبة خارج منى وإن كان رميها تحية منى لأن تحية البيت الطواف وهو خارج البيت، وعلى كل حال هما قولان معروفان عند أهل العلم ومسألة المبيت بمنى يحتاط الإنسان لها فيبيت دونها "بأخذ سبع حصيات من حيث شاء" أو يأخذ هو يقول بأخذ لكن، يأخذ سبع حصيات من حيث شاء ليس لها مكان معين لا من مزدلفة كما يفعله كثير من الناس ويعتنون به، في طريقه يلتقط سبع حصيات من أي مكان شاء "ويستحب أن يكون الحصى مثل حصى الخذف" حصى صغيرة بين البندق والحمص، مثل حصى الخذف والنبي -عليه الصلاة والسلام- أخذ سبع حصيات ووضعها في يده ورفعها وقال «بمثل هذه فارموا إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو» ونجد من يرمي بالنعال وبالحجارة الكبيرة وبقطع الخشب وأشياء تدل على جهل وتنطع، وبالمقابل نجد أناسا عندهم من التساهل لا يرمي إلى الجهة وهو بعيد مما يغلب على الظن أنه لا يصل، ودين الله بين الغالي والجافي، ووقف شخص على الحوض وأخذ يجلد الشاخص بنعله ويقول أنت فرقت بيني وبين زوجتي يظنه الشيطان، مع الأسف أنه وجد في بعض اللوحات الإرشادية كلام مترجَم كلام بغير العربية فيه إشارة إلى أنه الشيطان، هذا إضلال للناس "فيرميها بسبع حصيات ويستحب أن يكبر مع كل حصاة" وفي حديث جابر نص على ذلك، رماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ويقول: "اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا" وهذا جاء عن ابن مسعود في مسند الإمام أحمد وغيره لكنه مضعَّف، مرفوع وعن ابن مسعود والموقوف أقوى، "ويقطع التلبية إذا رمى جمرة العقبة" في الحديث الصحيح: "فمازال يلبي حتى رمى جمرة العقبة" ورمى كما هو معلوم فعل ماضي، والفعل الماضي يطلق ويراد به الفراغ من الحدَث، يعني حتى فرغ من الرمي، وقد يُطلق الفعل الماضي ويراد به الشروع يعني حتى شرع وبدأ في رمي جمرة العقبة، «إذا ركع فاركعوا» هل معناه إذا فرغ من الركوع؟ لا، إذا شرع، ويطلق الفعل الماضي ويراد به إرادة الحدث إرادة الفعل فَإِذَا قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِ } النحل: ٩٨  يعني إذا أردت القراءة «إذا دخل أحدكم الخلاء» إذا أراد أن يدخل؛ ولذا منهم من يقول أنه يلبي حتى يفرغ، ومنهم من يقول يلبي حتى يشرع، "لا يزال يلبي حتى رمى جمرة العقبة"، هل المراد جمرة العقبة بالذات بالنص بحيث لا يزال يلبي لو أخّر رمي جمرة العقبة إلى آخر الوقت لايزال يلبي ولو كان لابسا لثيابه أو أن المراد به مباشرة أسباب التحلل؟ بمعنى أنه لو بدأ بالطواف والسعي ما رمى جمرة العقبة وحلق رأسه ولبس ثيابه يلبي أو لا يلبي؟ لا يلبي فالمراد إذا رتب كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- يلبي إلى أن يرمي جمرة العقبة سواء عند بدايتها أو نهايتها، وأما إذا باشر أسباب التحلل بغير رمي جمرة العقبة فإنه يقطع التلبية بالطواف مثلا أو بالحلق؛ لأنه ما سئل عن شيء قدم ولا أخر في ذلك اليوم إلا قال افعل ولا حرج، "ثم ينحر إن كان معه هدي" والواجب على المتمتع والقارن، والمفرد إذا أراد أن يهدي نفلا له أجرها، ثم ينحر إن كان معه هدي، والنحر من أسباب التحلل أو ليس منها؟

طالب: ..............

نعم، الثلاثة التي يذكرها أهل العلم التي يحصل بها التحلل ليس منها نحر الهدي مع أن النص ظاهر في كونه منهاوَلَا تَحۡلِقُواْ رُءُوسَكُمۡ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡيُ مَحِلَّهُۥ } البقرة: ١٩٦.

طالب: ..............

لكن فيه ارتباط بين التحلل والهدي، وبعضهم جعله من أسباب التحلل، لكن الأكثر على أنه ليس من أسباب التحلل.

طالب: ..............

من الأدلة هذا من الأدلة "ويحلق رأسه أو يقصر" كما تقدم والحلق أفضل أو يقصر "ثم قد حل له كل شيء إلا النساء" يعني بعد بعد رمي الجمرة والحلق أو التقصير بفعل هذين الاثنين يحل له كل شيء إلا النساء، والمراد به كل ما يتعلق بالنساء؟ حتى عقد النكاح؟ أو المراد به الوطء؟ نعم، الظاهر أن المراد به الوطء وبقية المحظورات كلها تحل له، والتحلل الأول يحصل بفعل اثنين من ثلاثة كما قال المؤلف- رحمه الله تعالى- وقال بعضهم إنه يحصل برمي جمرة العقبة «إذا رميتم فقد حللتم» مع أنه جاء في حديث آخر «إذا رميت وحلقتم» لكن اللفظ الثاني ضعيف، ولفظ «إذا رميتم جمرة العقبة فقد حللتم» هذا أقوى ولكنه معارَض بحديث عائشة- رضي الله عنها- في الصحيح "كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت" فربطت الحل بما قبل الطواف وذلك بعد فعل الاثنين اللذين هما الرمي والحلق.

طالب: ..............

ما هي؟

طالب: ..............

لكنها نقلت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه ما كان يتطيب للحل إلا بعد أن يحلق ويرمي يرمي ويحلق قبل الطواف والعبرة بما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- "فإذا أفاض ذلك اليوم" يعني ذهب إلى المسجد "طاف بالبيت طواف الزيارة" وهو طواف الإفاضة "وهو أحد أركان الحج" وإذا كان متمتعا لا بد أن يسعى مع طواف الإفاضة، وإذا كان مفرِدا أو قارنا وقد سعى بعد طواف القدوم أجزأه ذلك، وإن لم يسع بعد طواف القدوم لا بد أن يسعى سعي الحج وهو ركن من أركانه بعد طواف الإفاضة، "ثم إن رجع إلى منى في يومه ذلك فهو أفضل" لا بد أن يرجع من أجل المبيت لكن كأنه يقصد في ذلك النهار رجع إلى منى في يومه، وأما المبيت فلا بد منه والأفضل أن يبقى بمنى الليل والنهار وإن تيسر له أن يزور البيت في النهار أو في أول الليل فقد روي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يزور البيت، "ثم قد حل له كل شيء" يعني عاد حلالا كما كان قبل الدخول في النسك، "وإن قدر على دخول البيت من غير ضيق" دخول البيت يعني دخول الكعبة والنبي -عليه الصلاة والسلام- دخل البيت وندم على ذلك لئلا يحرج أمته، يقول: "وإن قدر على دخول البيت من غير ضيق ولا إخلال استُحب له ذلك" ولا إخلال بواجب لأنه قد يخل بواجب أو يرتكب محظورا أو يؤذي أو يتأذى وحينئذ لا يستحب له ذلك "ويستحب أن يأتي زمزم فيشرب من مائها" لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أتى بني عبد المطلب ولهم السقاية ورأسهم في ذلك العباس وهم يسقون فناولوه دلوا فشرب منها وقال -عليه الصلاة والسلام- إنه «لولا خشية أن ينازعهم الناس لنزع بنفسه».

تفضل.

المؤذن يؤذن.

قال- رحمه الله- "فإذا رجع إلى منى وجب عليه المبيت بها ليالي أيامها" الليالي ليلة الحادي عشر والثاني عشر فإن تعجل في اليوم الثاني عشر لم يلزمه مبيت ليلة الثالث عشر ولا الرمي اليوم الثالث عشر، وإن تأخر وبات صار المبيت في حقه واجبا ولزمه الرمي من الغد بعد الزوال {۞ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ لِمَنِ ٱتَّقَىٰ } البقرة: ٢٠٣  والنبي -عليه الصلاة والسلام- تأخر فالتأخر أفضل اقتداء به -عليه الصلاة والسلام- "وعليه رمي الجمرات في تلك الأيام" في الحادي عشر وفي الثاني عشر والثالث عشر إن بات ليلته "في تلك الأيام إذا زالت الشمس" والمبيت واجب؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- رخّص للسقاة والرعاة في عدم المبيت، والقاعدة عند أهل العلم أن ما يحتاج إلى ترخيص هو الواجب؛ لأن السنة لا تحتاج إلى ترخيص والركن لا يرخص فيه، إذا زالت الشمس فلا يجوز الرمي قبل الزوال؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يحبس أصحابه في الحر وقت زوال الشمس، وكانوا يتحينون الزوال ولا يرمون حتى تزول الشمس، قال: "وعليه رمي الجمرات في تلك الأيام إذا زالت الشمس يبدأ بالجمرة الأولى" أظن لا توجد كلمة "يبدأ" في الكتاب.

طالب: ..............

وهذا.. مقصود يعني..

"يبدأ بالجمرة الأولى" وهي التي يسمونها الصغرى "وهي أبعدهن عن مكة" يعني أقرب إلى مسجد الخيف، "وهي أبعدهن عن مكة فيجعلها عن يساره ويرميها بسبع ثم يتقدم قليلا فيقف يدعو الله ويطيل" يعني يسهل قليلا فيدعو الله لئلا يتأذى بالجموع التي حضرت لرمي الجمرة ولا يؤذيهم أيضا، يسهل فيدعو الله ويطيل وحُد بقدر سورة البقرة، "ثم الوسطى فيجعلها عن يمينه ويرميها بسبع" كذلك ويكبر مع كل حصاة "ويقف عندها ويدعو الله" يسهل أيضا لا يقف عند موضع الرمي لئلا يتأذى ويؤذي بل يبتعد قليلا كما أثر عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، "ثم يرمي جمرة العقبة ويستبطن الوادي ولا يقف عندها" في حديث ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رمى الجمرة التي تلي مسجد منى يعني مسجد الخيف يرميها بسبع حصيات يكبر كلما رمى بحصاة ثم تقدم أمامها فوقف مستقبل القبلة رافعا يديه يدعو، وكان يطيل الوقوف، ثم يأتي الجمرة الثانية فيرميها بسبع حصيات يكبر كلما رمى بحصاة، ثم ينحدر ذات اليسار مما يلي الوادي فيقف مستقبل القبلة رافعا يديه يدعو، ثم يأتي الجمرة التي عند العقبة فيرميها بسبع حصيات يكبر عند كل حصاة ثم ينصرف ولا يقف عندها؛ لأن الدعاء في أثناء العبادة، والذكر والاستغفار بعدها، "ومن كان مريضا أو محبوسا فله أن يأمر من يرمي عنه" يعني يوكل بالرمي إذا كان مريضا أو كبير سن أو عاجز يشق عليه الرمي أو صغير، فالصحابة رموا عن النساء والصبيان الذين لا يستطيعون وفي حكمهم العاجز من الرجال.

طالب: ..............

ما هو؟

طالب: ..............

يرمي ثلاثا ويدعو مرتين.

طالب: ..............

لكن الإشكال أن العبادات لا يصلح فيها القياس ولا يدخلها القياس.

طالب: ..............

ما هو؟

طالب: ..............

إيه ماذا يقول؟

طالب: ..............

كيف؟

طالب: ..............

لا، هو بإمكانه أن يجعلها عن يساره ويستقبل القبلة، لكن الثابت أنه جعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه واستقبل الجمرة هذا في الأولى، على كل حال هو يفعل الأرفق به؛ لأن المسألة مسألة اتفاق ليست مسألة قصد، يفعل الأرفق به؛ لأن موته ليس محل اختيار، "فإذا نفر من منى إلى مكة وإن كان لم يفض يوم العيد طاف بالبيت طواف الزيارة فإذا أراد الخروج من مكة فليكن آخر ما يفعل أن يطوف بالبيت عند خروجه وهو الذي يسمى طواف الوداع" أُمر الناس ألا ينفروا حتى يكون آخر عهدهم بالبيت، وفي رواية البيهقي الطواف، فهذا طواف الوداع وهو واجب من واجبات الحج دون العمرة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمر مرارا ولم يحفظ عنه أنه وادع ولا أمر بالوداع فهذا من واجبات الحج فقط وواجب لأنه مثل ما تقدم رُخِّص للحائض والنفساء، ولو كان مستحبا لما احتجنا إلى ترخيص، ولو كان ركنا ما دخله الترخيص، "أن يطوف بالبيت عند خروجه وهو الذي يسمى طواف الوداع" قد يتعمد الإنسان تأخير طواف الإفاضة إلى أن يريد الخروج والرجوع إلى بلده فيكفيه عن طواف الوداع، وهذا جارٍ على قاعدة التداخل في العبادات، عبادتان من جنس واحد ليست إحداهما مقضية والأخرى مؤداة؛ لأن طواف الإفاضة لا وقت له ولا حد له فهو أداء متى فعل فتدخل إحداهما في الأخرى والصغرى لا شك أنها تدخل في الكبرى، مثل تكبيرة الركوع إذا كبر للإحرام من وجد الإمام راكعا فكبر للإحرام أجزأته عن تكبيرة الركوع، لكن إذا كان عليه سعي مع الطواف ماذا يصنع؟ ليكون آخر عهده بالبيت؟ الأصل أن يطوف طواف الإفاضة ثم يسعى سعي الحج ثم يطوف للوداع ليكون آخر عهده بالبيت، وإذا طاف ثم سعى ما كان آخر عهده بالبيت؛ لأن المسعى خارج المسجد، ومن أهل العلم مراعاة للظروف الصعبة في الأزمان المتأخرة من يقول يتجاوز عن هذا الفاصل اليسير والسعي ليس ببعيد عن البيت ونظرا للمشقة الشديدة بحيث لو أمر أن يعود ثانية ليطوف طواف الوداع لشق عليه ذلك، وعلى كل حال إن تيسر فهو الأصل وإن لم يتيسر فقد أُفتي بجواز ذلك.

طالب: ..............

لا، إذا خرج من مكة انتهى وقت الوداع إلا على القول بأن المسافة ليست مسافة قصر ولا يسمى سفرًا.

طالب: ..............

إيه قدَّم، في حديث أسامة بن شريك سعيت قبل أن أطوف قال افعل ولا حرج، لكن الحديث فيه كلام لأهل العلم منهم من يصفه بالاضطراب، ومنهم كالخطَابي من وجَّهه بأنه سعى بعد طواف القدوم قبل طواف الإفاضة وإلا الجمهور على أنه لا يصح السعي إلا بعد طواف ولو مسنونًا.

طالب: ..............

الرمي النسك مستقل وبعيد ولا ارتباط له بالطواف لكن السعي له ارتباط بالطواف.

"فإذا فرغ من الوداع وقف بالملتزم ويدعو الله تبارك وتعالى" وهو ما بين الركن والباب والتزمه وألصق به صدره وبطنه وكفيه، وهذا لم يثبت به خبر مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وجاء عن بعض الصحابة، ثبت عن بعض الصحابة عبد الله بن عمرو وابن عباس، ويذكر عن ابن عمر، المقصود أنه ثبت عن بعض الصحابة فتسامح فيه أهل العلم، ولم يثبت فيه شيء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- والله سبحانه وتعالى أعلم وأجل وأحكم وأعز وأكرم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"