التعليق على تفسير القرطبي - سورة الواقعة (01)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى-: قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ * جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلامًا سَلامًا}[الواقعة:17-26].

قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} أَيْ غِلْمَانٌ لَا يَمُوتُونَ؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌا.

وقال الْحَسَنُ وَالْكَلْبِيّ: لَا يَهْرَمُونَ وَلَا يَتَغَيَّرُونَ، وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ :

وَهَلْ يَنْعَمْنَ إِلَّا سَعِيدٌ مُخَلَّدٌ

 

قَلِيلُ الْهُمُومِ مَا يَبِيتُ بِأَوْجَالِ

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْر: مُخَلَّدُونَ مُقَرَّطُون، يُقَالُ لِلْقُرْطِ: الْخَلَدَةُ وَلِجَمَاعَةِ الْحُلِيِّ: الْخِلْدَةُ. وَقِيلَ: مُسَوَّرُونَ وَنَحْوُهُ عَنِ الْفَرَّاءِ، قَالَ الشَّاعِرُ :

وَمُخَلَّدَاتٌ بِاللُّجَيْنِ كَأَنَّمَا

 

أَعْجَازُهُنَّ أَقَاوِزُ الْكُثْبَانِ"

لكن هذا بعيد، والظاهر هو الأول، الخلود يعني لا موت بعده، العيش والنعيم الذي لا موت بعده. نعم.

"وَقِيلَ: مُقَرَّطُونَ يَعْنِي مُمَنْطَقُونَ مِنَ الْمَنَاطِق. وَقَالَ عِكْرِمَة: مُخَلَّدُونَ: مُنَعَّمُون. وَقِيلَ: عَلَى سِنٍّ وَاحِدَةٍ أَنْشَأَهُمُ اللَّهُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ يَطُوفُونَ عَلَيْهِمْ كَمَا شَاءَ مِنْ غَيْرِ وِلَادَة. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيّ: الْوِلْدَانُ هَاهُنَا وِلْدَانُ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ صِغَارًا وَلَا حَسَنَةَ لَهُمْ وَلَا سَيِّئَة. وَقَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيّ: أَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ هُمْ خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّة. قَالَ الْحَسَن: لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَسَنَاتٌ يُجْزَوْنَ بِهَا، وَلَا سَيِّئَاتٌ يُعَاقَبُونَ عَلَيْهَا، فَوُضِعُوا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ."

وقول سلمان أقرب من الذي قبله؛ لأن ولدان المسلمين تبعًا لآبائهم معهم في الجنة ينعمون كما ينعم آبائهم {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور:21]. وأما بالنسبة لأطفال المشركين على خلاف معروف بين أهل العلم. سئل النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» ومنهم من يقول أنهم ممتحنون، ومنهم من يقول أنهم هم الولدان الذين يخدمون أهل الجنة، وهذا أقرب من الذي قبله. نعم.

"وَالْمَقْصُودُ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ عَلَى أَتَمِّ السُّرُورِ..."

وقد كتب بعض المفتونين في هذا العصر أن وظيفة هؤلاء الولدان -نسأل الله السلامة والعافية- وظيفتهم في الجنة أنهم يستعملون، كما يستعمل الحور يستعمل الغلمان، كل له ما تشتهي نفسه. هذه شهوة لوطية، نسأل الله العافية. هذه لا يشتهيها رجل سوي، وقد رُدَّ عليه بكتاب نفيس اسمه "خواطر شيطانية". نعم.

"وَالْمَقْصُودُ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ عَلَى أَتَمِّ السُّرُورِ وَالنِّعْمَةِ، وَالنِّعْمَةُ إِنَّمَا تَتِمُّ بِاحْتِفَافِ الْخَدَمِ وَالْوِلْدَانِ بِالْإِنْسَانِ. {بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ} أَكْوَابٌ جَمْعُ كُوبٍ وَقَدْ مَضَى فِي (الزُّخْرُفِ) وَهِيَ الْآنِيَةُ الَّتِي لَا عُرَى لَهَا وَلَا خَرَاطِيمَ، وَالْأَبَارِيقُ الَّتِي لَهَا عُرَى وَخَرَاطِيمُ وَاحِدُهَا إِبْرِيقٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَبْرُقُ لَوْنُهُ مِنْ صَفَائِه، {وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ} مَضَى فِي (وَالصَّافَّاتِ) الْقَوْلُ فِيهِ. وَالْمَعِينُ: الْجَارِي مِنْ مَاءٍ أَوْ خَمْرٍ، غَيْرَ أَنَّ الْمُرَادَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْخَمْرُ الْجَارِيَةُ مِنَ الْعُيُون."

لأنها هي التي تقترن بالكأس، هذا عرف عند العرب، أنه إذا ذكر الكأس فالمراد به الخمر. نعم.

"وَقِيلَ: الظَّاهِرَةُ لِلْعُيُونِ فَيَكُونُ "مَعِينٍ" مَفْعُولًا مِنَ الْمُعَايَنَةِ. وَقِيلَ: هُوَ فَعِيلٌ مِنَ الْمَعْنِ وَهُوَ الْكَثْرَةُ. وَبَيَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَخَمْرِ الدُّنْيَا الَّتِي تُسْتَخْرَجُ بِعَصْرٍ وَتَكَلُّفٍ وَمُعَالَجَة."

إنما هي أنهار تجري من تحتهم بغير أخاديد. نعم.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا} أَيْ لَا تَنْصَدِعُ رُءُوسُهُمْ مِنْ شُرْبِهَا."

يعني لا يحصل لهم بسبب شربها صداع مثل ما يحصل في خمر الدنيا. نعم.

"أَيْ أَنَّهَا لَذَّةٌ بِلَا أَذًى بِخِلَافِ شَرَابِ الدُّنْيَا .{وَلا يُنزِفُونَ} تَقَدَّمَ فِي (وَالصَّافَّاتِ) أَيْ لَا يَسْكَرُونَ فَتَذْهَبُ عُقُولُهُمْ."

يعني لا تستنزف عقولهم وتذهب بها. نعم.

"وَقَرَأَ مُجَاهِد: {لا يُصَدَّعُونَ} بِمَعْنَى لَا يَتَصَدَّعُونَ."

الشيخ: ولا أيش؟

طالب:.....

الشيخ: يُصَدَّعُونَ نعم. يُصَدَّعُونَ؟ أصل يَتَصَدَّعُونَ إذا أدغمت التاء بالصاد صارت "يصدعون" لكن المقصود "يتصدعون" فلفظها "يصدعون". نعم.

"وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ:لَا يصَدَّعُونَ " بِمَعْنَى لَا يَتَصَدَّعُونَ أَيْ لَا يَتَفَرَّقُونَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ}[الروم:43] وَقَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَة {ينزِفُونَ} بِكَسْرِ الزَّايِ، أَيْ لَا يَنْفَدُ شَرَابُهُمْ وَلَا تَفْنَى خَمْرُهُمْ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِر: 

لَعَمْرِي لَئِنْ أَنَزَفْتُمُ أَوْ صَحَوْتُمُ
  

 

لَبِئْسَ النَّدَامَى كُنْتُمُ آلَ أَبْجَرَا

وَرَوَى الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فِي الْخَمْرِ أَرْبَعُ خِصَالٍ: السُّكْرُ وَالصُّدَاعُ وَالْقَيْءُ وَالْبَوْلُ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى خَمْرَ الْجَنَّةِ فَنَزَّهَهَا عَنْ هَذِهِ الْخِصَال، قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ}."

ليس فيها سكر معناها أنها لا تغتال العقول ولا تستنزفها وتزيلها، وليس فيها صداع كما هو شأن صداع الدنيا، ولا قيء نسأل الله العافية، لأن الخمر كريهة يشربها المفتون يتلذذ بها، وهي في الحقيقة أذى وقرف، ثم بعد ذلك كثير منهم يقيئها، ولا يبول بسببها لأن الجنة أصحابها منزهون عن هذه الفضلات. نعم.

"قَوْلُهُ تَعَالَى :{وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ} أَيْ يَتَخَيَّرُونَ مَا شَاءُوا لِكَثْرَتِهَا. وَقِيلَ: وَفَاكِهَةٌ مُتَخَيَّرَةٌ مُرْضِيَةٌ، وَالتَّخَيُّرُ الِاخْتِيَار." 

يعني من الفاكهة التي يختارونها وإن كان فيها جميع الأنواع لكن هم يختارون ما يشاءون لكثرتها. وقدمت الفاكهة على الأكل على اللحم ما يدل على أن هذا أنفع للجسم أن الإنسان يبدأ بها قبل الأكل وهذا ما قرره ابن القيم استدلالًا بهذا. نعم.

"{وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا الْكَوْثَرُ؟ قَالَ: »ذَاكَ نَهَرٌ أَعْطَانِيهِ اللَّهُ تَعَالَى -يَعْنِي فِي الْجَنَّةِ- أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ فِيهِ طَيْرٌ أَعْنَاقُهَا كَأَعْنَاقِ الْجُزُرِ»."

يعني الإبل. نعم.

"قَالَ عُمَر: إِنَّ هَذِهِ لَنَاعِمَةٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: »أَكَلَتُهَا أَحْسَنُ مِنْهَا» قَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَخَرَّجَهُ الثَّعْلَبِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: »  إِنَّ فِي الْجَنَّةِ طَيْرًا مِثْلَ أَعْنَاقِ الْبُخْتِ تَصْطَفُّ عَلَى يَدِ وَلِيِّ اللَّهِ فَيَقُولُ أَحَدُهَا: يَا وَلِيَّ اللَّهِ رَعَيْتُ فِي مُرُوجٍ تَحْتَ الْعَرْشِ وَشَرِبْتُ مِنْ عُيُونِ التَّسْنِيمِ فَكُلْ مِنِّي فَلَا يَزَلْنَ يَفْتَخِرْنَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَخْطِرَ عَلَى قَلْبِهِ أَكْلُ أَحَدِهَا فَتَخِرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى أَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ فَيَأْكُلُ مِنْهَا مَا أَرَادَ فَإِذَا شَبِعَ تَجَمَّعَ عِظَامُ الطَّائِرِ فَطَارَ يَرْعَى..."

أي اجتمع بعضها إلى بعض. نعم.

"فَإِذَا شَبِعَ تَجَمَّعَ عِظَامُ الطَّائِرِ فَطَارَ يَرْعَى فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ يشَاءَ» فَقَالَ عُمَر: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّهَا لَنَاعِمَةٌ. فَقَالَ: »آكِلُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا»."

الشيخ: خرج حديث الترمذي؟ مخرج؟

طالب:......

الشيخ: أيش يقول التخريج؟ الأول الحديث الأول.

طالب:......

الشيخ: روى الترمذي عن أنس،حديث أنس.

طالب:......

الشيخ: التخريج، ما في زيادة عليه؟

طالب:.....

الشيخ: الآن المثبت عندكم في الكتاب «أكلتها أنعم منها»؟

طالب: أحسن.

الشيخ: لأن في الأصول (أنعم) يعني في القرطبي (أنعم) وفي الترمذي (أحسن)، فالذي وضع (أحسن) مصحح من الكتاب من الترمذي مخرج منه من الأصل.

طالب:.....

الشيخ: وين؟ لا هي مأخوذة من اللي معي. يعني عدَّلوها على ضوء ما جاء في الترمذي، وإلا فالأصل في أصول الكتاب هذا القرطبي (أنعم)، ولذلك نبه عليه في التخريج، والذي في الترمذي قال (أحسن). نعم. أيش يقول؟

طالب: قال وهو عند الترمذي (أحسن) بدل (أنعم).

الشيخ: نعم.

طالب: ورد هكذا في التذكرة...

الشيخ: والتذكرة للمصنف. نعم يكتب من حفظه، كتبها من حفظه. نعم. الحديث الذي يليه عن أبي الدرداء. أيش يقول؟

طالب:.....

الشيخ: نعم.

 "وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَال: »إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَطَيْرًا فِي الطَّائِرِ مِنْهَا سَبْعُونَ أَلْفَ رِيشَةٍ فَيَقَعُ عَلَى صَحْفَةِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ثُمَّ يَنْتَفِضُ فَيَخْرُجُ مِنْ كُلِّ رِيشَةٍ لَوْنُ طَعَامٍ أَبْيَضَ مِنَ الثَّلْجِ وَأَبْرَدَ وَأَلْيَنَ مِنَ الزُّبْدِ وَأَعْذَبَ مِنَ الشَّهْدِ لَيْسَ فِيهِ لَوْنٌ يُشْبِهُ صَاحِبَهُ فَيَأْكُلُ مِنْهُ مَا أَرَادَ ثُمَّ يَذْهَبُ فَيَطِير»." 

إذا كانت كلها أبيض من الثلج »فَيَخْرُجُ مِنْ كُلِّ رِيشَةٍ لَوْنُ طَعَامٍ أَبْيَضَ مِنَ الثَّلْجِ وَأَبْرَدَ» إلى آخره يكون وصفها واحد؛ لأن كلها أبيض من الثلج، ثم بعد ذلك يقول: »لَيْسَ فِيهِ لَوْنٌ يُشْبِهُ صَاحِبَهُ» على كل حال الخبر لا شيء. أيش يقول؟

طالب:......

الشيخ: أهل العلم يتساهلون في مثل هذا المقام؛ لأن الأصل موجود، يعني المبالغة فيما أعد الله -جل وعلا- لعباده في جنته له أصل في الكتاب والسنة، لكن بهذه التفاصيل مثل هذا التفصيل لا أصل له. نعم.

"قَوْلُهُ تَعَالَى :{وَحُورٌ عِينٌ} قُرِئَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْجَرِّ، فَمَنْ جَرَّ، وَهُوَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى "بِأَكْوَابٍ" وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى، لِأَنَّ الْمَعْنَى يَتَنَعَّمُونَ بِأَكْوَابٍ وَفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ وَحُورٍ؛ قَالَهُ الزَّجَّاج. وَجَازَ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى "جَنَّاتٍ" أَيْ هُمْ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَفِي حُورٍ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ الْمُضَافِ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَفِي مُعَاشَرَةِ حُور. وقال الْفَرَّاء: الْجَرُّ عَلَى الْإِتْبَاعِ فِي اللَّفْظِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْمَعْنَى، لِأَنَّ الْحُورَ لَا يُطَافُ بِهِنَّ."

إنما يضمن الفعل معنًى يصح تسليطه على جميع متعلقاته. هنا قال: هو محمول على المعنى لأن المعنى يتنعمون بأكواب وفاكهة ولحم وحور، فيتنعمون جعلها في يطوف عليهم، فهم يتنعمون بالولدان وبالأكواب والفاكهة واللحم والحور أيضًا؛ لأن الحور لا يطاف بهن. الولدان يطوفون، ولكن الحور باقيات عندهم، فلا يطاف بهن على أهل الجنة كما يطاف بالأكواب والأباريق وغيرها، فيصح مع تضمين الفعل بما يصلح أن يسلط على جميع متعلقاته، ولذلك قال هنا: وهو محمول على المعنى لأن المعنى يتنعمون بأكواب وفاكهة ولحم وحور. التنعم موجود لكن الطواف ببعضها دون بعض. نعم.

" قَالَ الشَّاعِر: 

إِذَا مَا الْغَانِيَاتِ بَرَزْنَ يَوْمًا

 

وَزَجَّجْنَ الْحَوَاجِبَ وَالْعَيُونَا

وَالْعَيْنُ لَا تُزَجَّجُ وَإِنَّمَا تُكَحَّل." 

الشيخ: يعني هنا ما ضمن وإنما قدر، وزججن الحواجب وكحلن العيونا، فهنا قدر والذي تقدم تضمين ما ذُكِر بفعل يصح تسليطه على الجميع. نعم.

طالب:........

الشيخ: كيف؟

طالب:......

الشيخ: أَعِد النظر في الآيات: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ}.

طالب:.....

الشيخ: ما يخالف لكن هل الحور يطوف بها الولدان كما يطوفون بالأكواب والأباريق؟

طالب:.....

الشيخ: لا الكلام كله على قراءة الجر، ما زلنا في قراءة الجر. نعم.

"وَقَالَ آخَرُ: 

وَرَأَيْتُ زَوْجَكِ فِي الْوَغَى

 

مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحَا

وَقَالَ قُطْرُب: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْأَكْوَابِ وَالْأَبَارِيقِ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ عَلَى الْمَعْنَى. قَالَ: وَلَا يُنْكَرُ أَنْ يُطَافَ عَلَيْهِمْ بِالْحُورِ وَيَكُونُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ لَذَّةٌ. وَمَنْ نَصَبَ وَهُوَ الْأَشْهَبُ الْعُقَيْلِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ الثَّقَفِيُّ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ، فَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ إِضْمَارِ فِعْلٍ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَيُزَوَّجُونَ حُورًا عِينًا. وَالْحَمْلُ فِي النَّصْبِ عَلَى الْمَعْنَى أَيْضًا حَسَنٌ، لِأَنَّ مَعْنَى يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِهِ: يُعْطُونَه." 

هنا ضُمِّن يطاف يعطون، فعلى هذا جميع متعلقات الفعل منصوب، ومنها حورًا عينًا. نعم.

"وَمَنْ رَفَعَ وَهُمُ الْجُمْهُورُ - وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي حَاتِمٍ - فَعَلَى مَعْنَى: وَعِنْدَهُمْ حُورٌ عِينٌ،

أو لهم حور، ولهم حور عين. نعم.

 "لِأَنَّهُ لَا يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِالْحُورِ. وَقَالَ الْكِسَائِيّ: وَمَنْ قَالَ :{وَحُورٌ عِينٌ} بِالرَّفْعِ وَعُلِّلَ بِأَنَّهُ لَا يُطَافُ بِهِنَّ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي فَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُطَافُ بِهِ وَلَيْسَ يُطَافُ إِلَّا بِالْخَمْرِ وَحْدَهَا. وَقَالَ الْأَخْفَش: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى الْمَعْنَى لأن المعنى: لَهُمْ أَكْوَابٌ وَلَهُمْ حُورٌ عِينٌ. وَجَازَ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى "ثُلَّةٌ" وَ "ثُلَّةٌ" ابْتِدَاءٌ وَخَبَرُهُ {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ} وَكَذَلِكَ {وَحُورٌ عِينٌ} وَابْتَدَأَ بِالنَّكِرَةِ لِتَخْصِيصِهَا بِالصِّفَة، {كَأَمْثَالِ} أَيْ مِثْلِ أَمْثَال {اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} أَيِ: الَّذِي لَمْ تَمَسَّهُ الْأَيْدِي وَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الْغُبَارُ فَهُوَ أَشَدُّ مَا يَكُونُ صَفَاءً وَتَلَأْلُؤًا أَيْ هُنَّ فِي تَشَاكُلِ..."

الشيخ: المكنون ما يوضع في الكِنّ وهو المكان الخفي الذي لا يوصل إليه ولا يطلع عليه، فهي مصونة اللؤلؤة المكنونة والدرة المصونة يعني أنها لا تنالها الأيدي ولا يصل إليها غبار ولا غيره. والله المستعان.

طالب:........

الشيخ: هذا الأصل فيها، الأصل أنها تُكَن يعني تختفي عن الرجال، {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:33] هذا الأصل بالنسبة للمرأة المسلمة، لكن حرص الأعداء وخططوا ونجحوا في تخطيطاتهم أن يبرزن النساء المسلمات ويساوينهم بالرجال، ولم يكتفوا بأن تعمل المرأة الأعمال التي تليق بها حتى أدخلوها المصانع والمنشآت المعمارية وغيرها. نعم.

طالب:........

الشيخ: إي وماذا عن النساء؟

طالب: ماذا عن النساء؟

الشيخ: النساء لهن ما يشوقهن لأن تشويق الرجال بشيء وتشويق النساء بشيء آخر. فلكل ما يخصه ويناسب تركيبه. تبي يقول يشوقهن بالرجال؟ لا، ما يصلح. المرأة تختلف طبيعتها وتركيبها عن الرجلن الرجل تجذبه المرأة جذبًا شديدًا والمرأة دورها في هذا أقل بكثير. يعني يمكن أن ترغب بما هو بالنسبة لها أعظم من الرجل.

طالب:.....

الشيخ: أقول المرأة ترغب بما يناسبها وتحرص عليه أكثر مما تحرص على الرجل، والرجل انجذابه إلى المرأة أشد، فلكل ما يخصه. نعم.

"أَيْ هُنَّ فِي تَشَاكُلِ أَجْسَادِهِنَّ فِي الْحُسْنِ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِنَّ كَمَا قَالَ الشَّاعِر: 

كَأَنَّمَا خُلِقَتْ فِي قِشْرِ لُؤْلُؤَةٍ

 

فَكُلُّ أَكْنَافِهَا وَجْهٌ لِمِرْصَادِ

{جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الواقعة:24] أَيْ ثَوَابًا وَنَصَبَهُ عَلَى الْمَفْعُولِ لَهُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَصْدَرِ، لِأَنَّ مَعْنَى {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} يُجَازُونَ. وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي الْحُورِ الْعِينِ فِي (وَالطُّورِ) وَغَيْرِهَا. وَقَالَ أَنَس: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-:  »خَلَقَ اللَّهُ الْحُورَ الْعِينَ مِنَ الزَّعْفَرَانِ».

وَقَال َخَالِدُ بْنُ الْوَلِيد:  سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ» :إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيَمْسِكُ التُّفَّاحَةَ..»"

الشيخ: ماذا قال عن: خَلَقَ اللَّهُ؟ حديث أنس؟ نعم. أيش يقول؟

طالب:.......

الشيخ: نعم.

"وَقَال َخَالِدُ بْنُ الْوَلِيد:  سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ» :إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيَمْسِكُ التُّفَّاحَةَ مِنْ تُفَّاحِ الْجَنَّةِ فَتَنْفَلِقُ فِي يَدِهِ فَتَخْرُجُ مِنْهَا حَوْرَاءُ لَوْ نَظَرَتْ لِلشَّمْسِ لَأَخْجَلَتِ الشَّمْسَ مِنْ حُسْنِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنَ التُّفَّاحَةِ» فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ إِنَّ هَذَا لَعَجَبٌ، وَلَا يَنْقُصُ مِنَ التُّفَّاحَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ كَالسِّرَاجِ الَّذِي يُوقَدُ مِنْهُ سِرَاجٌ آخَرُ وَسُرُجٌ وَلَا يَنْقُصُ، وَاللَّهُ عَلَى مَا يَشَاءُ قَدِيرٌ."  

طالب:.......

الشيخ: هذا ذكرنا مرارًا أن المؤلف -رحمه الله- ليست له بضاعة في الحديث، ولذلك يورد مثل هذه الأشياء، وقوله: "والله على ما يشاء قدير" مع أنه في هذا الخبر الساقط إلا أنه من حيث المعنى مخالف للإطلاق الوارد في النصوص {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة:284] وهذا التقييد دل على أن الذي لا يشاءه لا يقدر عليه، وهذا معنى باطل، مع أنه جاء في بعض.. يعني جاء في حديث في صحيح مسلم لما أعطى آخر من يدخل الجنة ما تمناه وزاده على ذلك  فقال: "إني على ما أشاء قادر"، وهذا محمول على ما كان في الماضي يعني شاءه في الماضي معنى قدر عليه وشاءه لكن المستقبل {عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}  [البقرة:284]. نعم.

"وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّهُ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ الْحُورَ الْعِينَ مِنْ أَصَابِعِ رِجْلَيْهَا إِلَى رُكْبَتَيْهَا مِنَ الزَّعْفَرَانِ، وَمِنْ رُكْبَتَيْهَا إِلَى ثَدْيَيْهَا مِنَ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ، وَمِنْ ثَدْيَيْهَا إِلَى عُنُقِهَا مِنَ الْعَنْبَرِ الْأَشْهَبِ، وَمِنْ عُنُقِهَا إِلَى رَأْسِهَا مِنَ الْكَافُورِ الْأَبْيَضِ، عَلَيْهَا سَبْعُونَ أَلْفَ حُلَّةٍ مِثْلُ شَقَائِقِ النُّعْمَانِ، إِذَا أَقْبَلَتْ يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهَا نُورًا سَاطِعًا كَمَا تَتَلَأْلَأُ الشَّمْسُ لِأَهْلِ الدُّنْيَا، وَإِذَا أَدْبَرَتْ يُرَى كَبِدُهَا مِنْ رِقَّةِ ثِيَابِهَا وَجِلْدِهَا، فِي رَأْسِهَا سَبْعُونَ أَلْفَ ذُؤَابَةٍ مِنَ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ، لِكُلِّ ذُؤَابَةٍ مِنْهَا وَصِيفَةٌ تَرْفَعُ ذَيْلَهَا وَهِيَ تُنَادِي: هَذَا ثَوَابُ الْأَوْلِيَاءِ {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}."

الشيخ: هذا كسابقه. نعم. أيش يقول؟

طالب:........

الشيخ: روي عن ابن عباس أنه قال، هذا على أساس أنه موقوف، ما يهتمون بتخريجه، وعلامة الوضع عليه ظاهرة. نعم.

"قَوْلُهُ تَعَالَى :{لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:  بَاطِلًا وَلَا كَذِبًا. وَاللَّغْوُ مَا يُلْغَى مِنَ الْكَلَامِ، وَالتَّأْثِيمُ مَصْدَرُ أَثَّمْتُهُ أَيْ قُلْتُ لَهُ أَثِمْتَ .قال مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ :{وَلا تَأْثِيمًا} أَيْ لَا يُؤَثِّمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.وقال مُجَاهِدٌ :{لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا} شَتْمًا وَلَا مَأْثَمًا، {إِلَّا قِيلًا سَلامًا سَلامًا} قِيلًا مَنْصُوبٌ بِ "يَسْمَعُونَ" أَوِ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ أَيْ: لَكِنْ يَقُولُونَ قِيلًا أَوْ يَسْمَعُون."

نعم هذا أولى الاستثناء المنقطع الذي يكون فيه المستثنى من غير جنس المستثنى منه ف {قِيلًا سَلامًا سَلامًا} [الواقعة:26] ليس من جنس اللغو ولا التأثيم وهو استثناء منقطع بمعنى لكن. نعم.

"وَ{سَلامًا سَلامًا} مَنْصُوبَانِ بِالْقَوْلِ، أَيْ إِلَّا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ الْخَيْرَ. أَوْ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ إِلَّا أَنْ يَقُولَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلَامًا. أَوْ يَكُونُ وَصْفًا لِ "قِيلًا"، وَالسَّلَامُ الثَّانِي بَدَلٌ مِنَ الْأَوَّلِ، وَالْمَعْنَى: إِلَّا قِيلًا يَسْلَمُ فِيهِ مِنَ اللَّغْوِ. وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى تَقْدِيرِ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاس: أَيْ يُحَيِّي بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَقِيلَ: تُحَيِّيهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يُحَيِّيهِمْ رَبُّهُمْ -عَزَّ وَجَلّ-. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ} رَجَعَ إِلَى ذِكْرِ مَنَازِلِ أَصْحَابِ الْمَيْمَنَةِ وَهُمُ السَّابِقُونَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ."

الشيخ: هم السابقون أو هم غيرهم صنف غير السابقين. نعم.

طالب:.....

الشيخ: {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ} [ يونس:10].

طالب:......

الشيخ: ما في ما يمنع، تسلم عليهم والملائكة من كل باب {سَلامٌ عَلَيْكُمْ} [الرعد:24]. نعم.

"رَجَعَ إِلَى ذِكْرِ مَنَازِلِ أَصْحَابِ الْمَيْمَنَةِ وَهُمُ السَّابِقُونَ عَلَى مَا تَقَدَّم."

الذي تقدم أن السابقين قسم صنف غير أصحاب اليمين غير أصحاب اليمين. فهم ثلاثة أصناف: السابقون السابقون وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال. نعم.

"وَالتَّكْرِيرُ لِتَعْظِيمِ شَأْنِ النَّعِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ. {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ}[الواقعة:28] أَيْ فِي نَبْقٍ قَدْ خُضِّدَ شَوْكُهُ أَيْ قُطِعَ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ. وَذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَك: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُونَ: إِنَّهُ لَيَنْفَعُنَا الْأَعْرَابُ وَمَسَائِلُهُمْ قَالَ: أَقْبَلَ أَعْرَابِيٌّ يَوْمًا، فَقَالَ..."

لأنه جاء النهي عن السؤال، فانكف الصحابة من سؤال النبي -عليه الصلاة والسلام-، فكانوا يفرحون بالأعرابي العاقل إذا جاء يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الأعراب ليسوا بمحل إقامة يردون وينصرفون فيتاح لهم السؤال أكثر من غيرهم، بخلاف أهل الإقامة الذين إن لم يسألوا الآن سألوا بعد ذلك، لا سيما في المسائل التي لا تدعو إليها حاجة ملحة وقتية تفوت هذه الأمر بالسؤال في القرآن {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} [النحل:43]، لكن إذا كانت المسائل لا تفوت أو مسائل افتراضية هذه تؤجل، لكن إذا جاء صاحب البادية وأراد أن يسأل فرحوا به فرحًا شديدًا؛ لأنهم لما نهاهم النبي -عليه الصلاة والسلام- كفوا عن الأسئلة واقتصروا عنها امتثالًا لنهيه -عليه الصلاة والسلام-، ثم يأتيهم من يسأل فيفرحون بسؤاله. نعم.

"قَالَ: أَقْبَلَ أَعْرَابِيٌّ يَوْمًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ شَجَرَةً مُؤْذِيَةً، وَمَا كُنْتُ أَرَى فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً تُؤْذِي صَاحِبَهَا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: »وَمَا هِيَ» قَالَ: السِّدْرُ فَإِنَّ لَهُ شَوْكًا مُؤْذِيًا، فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: »أَوَلَيْسَ يَقُولُ: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ}  خَضَّدَ اللَّهُ شَوْكَهُ فَجَعَلَ مَكَانَ كُلِّ شَوْكَةٍ ثَمَرَةً فَإِنَّهَا تُنْبِتُ ثَمَرًا، يَفْتُقُ الثَّمَرُ مِنْهَا عَنِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ لَوْنًا مِنَ الطَّعَامِ مَا فِيهِ لَوْنٌ يُشْبِهُ الْآخَرَ» "

الشيخ: يعني الذي يعرف أنه ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء ما يحتاج إلى مثل هذا السؤال، ما يقال: والله إن السدر فيه شوك، ما فيه إلا الأسماء. نعم.

طالب:........

الشيخ: هو السؤال الذي لا تدعو إليه حاجة من فضول الأسئلة أو على سبيل التعنيت أو على سبيل مجرد فضول الاستخبار والاستعلام مثل هذا ما له داعي، أو في وقته -عليه الصلاة والسلام- لئلا يسألوا عن شيء لم يُمنَع فيُمنَع بسبب هذا السؤال، احتمالات. نعم.

"وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالضَّحَّاكُ: نَظَرَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى وَجٍّ  (وَهُوَ وَادٍ بِالطَّائِفِ مُخَصَّبٌ) فَأَعْجَبَهُمْ سِدْرَهُ، فَقَالُوا: يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ هَذَا، فَنَزَلَت. 

قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ يَصِفُ الْجَنَّة:

إِنَّ الْحَدَائِقَ فِي الْجِنَانِ ظَلِيلَةٌ

 

فِيهَا الْكَوَاعِبُ سِدْرُهَا مَخْضُودٌ

وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَمُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ:  {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ} وَهُوَ الْمُوقَرُ حَمْلًا. وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا ذَكَرْنَا فِي الْخَبَرِ. وقال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْر:ٍ ثَمَرُهَا أَعْظَمُ مِنَ الْقِلَالِ. وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي سُورَةِ (النَّجْمِ) عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى}[النجم:14]  وَأَنَّ ثَمَرَهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ}[الواقعة:29] الطَّلْحُ شَجَرُ الْمَوْزِ وَاحِدُهُ طَلْحَةُ؛ قَالَهُ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ :عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ الْحَسَنُ:  لَيْسَ هُوَ مَوْزٌ وَلَكِنَّهُ شَجَرٌ لَهُ ظِلٌّ بَارِدٌ رَطْبٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ:  شَجَرٌ عِظَامٌ لَهُ شَوْكٌ، قَالَ بَعْضُ الْحُدَاةِ وَهُوَ الْجَعْدِيّ: 

بَشَّرَهَا دَلِيلُهَا وَقَالَ

 

غَدًا تَرَيْنَ الطَّلْحَ وَالْأَحْبَالَا

فَالطَّلْحُ كُلُّ شَجَرٍ عَظِيمٍ كَثِيرِ الشَّوْكِ. قال الزَّجَّاجُ:  يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الْجَنَّةِ وَقَدْ أُزِيلَ شَوْكُهُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ أَيْضًا: كَشَجَرِ أُمِّ غَيْلَانَ لَهُ نُورٌ طَيِّبٌ جِدًّا فَخُوطِبُوا وَوُعِدُوا بِمَا يُحِبُّونَ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّ فَضْلَهُ عَلَى مَا فِي الدُّنْيَا كَفَضْلِ سَائِرِ مَا فِي الْجَنَّةِ عَلَى مَا فِي الدُّنْيَا.  وَقَالَ السُّدِّي:  طَلْحُ الْجَنَّةِ يُشْبِهُ طَلْحَ الدُّنْيَا لَكِنْ لَهُ ثَمَرٌ أَحْلَى مِنَ الْعَسَل.ِ  وَقَرَأَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "وَطَلْعٍ مَنْضُودٍ" بِالْعَيْنِ وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ}[الشعراء:148]  وَهُوَ خِلَافُ الْمُصْحَف. وفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قُرِئَ بَيْنَ يَدَيْهِ... "

على كل حال علي -رضي الله عنه- رجع عن هذا إن صح عنه، إن ثبت عنه أنه قرأ هكذا فقد ثبت عنه رجوع على ما سيذكره المؤلف. نعم.

"فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قُرِئَ بَيْنَ يَدَيْهِ {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} فَقَالَ: مَا شَأْنُ الطَّلْحِ؟ إِنَّمَا هُوَ "وَطَلْعٍ مَنْضُودٍ" ثُمَّ قَال : {لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ}[ق:10] فَقِيلَ لَهُ: أَفَلَا نُحَوِّلُهَا؟ فَقَالَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُهَاجَ الْقُرْآنُ وَلَا يُحَوَّلُ."

لا يمكن أن يتصرف ما في القرآن ولو خفي المعنى على السامع أو على القارئ، لا يجوز أن يصحح أو يعدل مهما بلغت منزلته في العلم، والدين مثل علي بن أبى طالب في مثل هذا لا يجوز له ولا لأحد كائن ما كان أن يصحح أو يعدل، لكن أحيانًا تسعف القريحة على رد الخطأ مثل ما قُرِئَ بين يدي امرأة أعرابية "والنحل باسقات" قالت ما هو بصحيح " لاسعات"، النحل ما تبسق، ليست باسقة ليست طويلة. شوف قريحتها أسعفتها إلى إدراك المعنى، قالت: لاسعات إن كانت النحل فهي لاسعات. ثم أعاد النظر قال: النخل قالت: خلاص انتهى صحيح. نعم.

"فَقَدِ اخْتَارَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ وَلَمْ يَرَ إِثْبَاتَهَا فِي الْمُصْحَفِ لِمُخَالَفَةِ مَا رَسْمُهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ؛ قَالَهُ الْقُشَيْرِيّ. وَأَسْنَدَهُ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: قَرَأْتُ عِنْدَ عَلِيٍّ أَوْ قُرِئَتْ عِنْدَ عَلِيٍّ - شَكَّ مُجَالِدٌ -{وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} فَقَالَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: مَا بَالُ الطَّلْحِ؟ أَمَا تَقْرَأُ "وَطَلْعٍ" ثُمَّ قَالَ : {لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَحُكُّهَا مِنَ الْمُصْحَفِ؟ فَقَالَ: لَا لَا يُهَاجُ الْقُرْآنُ الْيَوْمَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى مَا فِي الْمُصْحَفِ وَعَلِمَ أَنَّهُ هُوَ الصَّوَابُ، وَأَبْطَلَ الَّذِي كَانَ فَرَطَ مِنْ قَوْلِهِ. وَالْمَنْضُودُ الْمُتَرَاكِبُ الَّذِي قَدْ نُضِّدَ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ بِالْحَمْلِ، لَيْسَتْ لَهُ سُوقٌ بَارِزَةٌ بَلْ هُوَ مَرْصُوصٌ، وَالنَّضْدُ هُوَ الرَّصُّ وَالْمُنَضَّدُ الْمَرْصُوصُ."

هكذا يجب على العالم والمتعلم والمسلم عمومًا أن يحترم كتاب الله وألا يجرؤ عليه بشيء. طريقة السلف أنهم نزهوه عن كل ما يختلف عنه حتى على الترقيم والتعشير والتحزيب، وكل هذا ما وجد في عصر السلف، ومنعوا الكتابة بالأحمر، ثم صار الناس يتساهلون فعشروا ورقموا ونقطوا بناءً على أن المصلحة راجحة. المقصود أن مثل هذا يجب أن يقف الإنسان عند حده أمام كلام الله -جل وعلا- خلافًا لبعض الأدباء المعاصرين المفتونين يعني حُفِظ عن بعضهم أن قلمه الأحمر لم يسلم منه شيء حتى القرآن، يصحح كل شيء يقع عليه، مسكين هذا، كيف يجرؤ على كلام الله؟ وما العقلية التي تؤهله أن يصحح في كلام الله؟ لكنه الخذلان، نعم، نسأل الله العافية. نعم.

طالب:.......

الشيخ: لا يلتفت إليه.

طالب:.......

الشيخ: يعني مما يعضده ويستدل به. نعم.

"قَالَ النَّابِغَةُ :

خَلَّتْ سَبِيلَ أَتِيٍّ كَانَ يَحْبِسُهُ

 

وَرَفَّعَتْهُ إِلَى السِّجْفَيْنِ فَالنَّضَدِ

وَقَالَ مَسْرُوقٌ:  أَشْجَارُ الْجَنَّةِ مِنْ عُرُوقِهَا إِلَى أَفْنَانِهَا نَضِيدَةٌ ثَمَرٌ كُلُّهُ، كُلَّمَا أَكَلَ ثَمَرَةً عَادَ مَكَانَهَا أَحْسَنُ مِنْهَا. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}[الواقعة:30] أَيْ دَائِمٌ بَاقٍ لَا يَزُولُ وَلَا تَنْسَخُهُ الشَّمْسُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا}[الفرقان:45] وَذَلِكَ بِالْغَدَاةِ وَهِيَ مَا بَيْنَ الْإِسْفَارِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ حَسَبَ مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ هُنَاكَ. وَالْجَنَّةُ كُلُّهَا ظِلٌّ لَا شَمْسَ مَعَهُ. قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ  :يَعْنِي ظِلَّ الْعَرْشِ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ:  مَسِيرَةُ سَبْعِينَ أَلْفَ سَنَةٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ :تَقُولُ الْعَرَبُ لِلدَّهْرِ الطَّوِيلِ وَالْعُمْرِ الطَّوِيلِ وَالشَّيْءِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ مَمْدُودٌ، وَقَالَ لَبِيَدٌ :

غَلَبَ الْعَزَاءُ وَكُنْتُ غَيْرَ مُغَلَّبٍ

 

دَهْرٌ طَوِيلٌ دَائِمٌ مَمْدُودُ

وَفِي صَحِيحِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: » وَفِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}». {وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ} أَيْ جَارٍ لَا يَنْقَطِعُ وَأَصْلُ السَّكْبِ الصَّبُّ، يُقَالُ: سَكَبَهُ سَكْبًا، وَالسُّكُوبُ: انْصِبَابُهُ. يُقَالُ: سَكَبَ سُكُوبًا، وَانْسَكَبَ انْسِكَابًا، أَيْ وَمَاءٌ مَصْبُوبٌ يَجْرِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ فِي غَيْرِ أُخْدُودٍ لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُمْ. وَكَانَتِ الْعَرَبُ أَصْحَابُ بَادِيَةٍ وَبِلَادٍ حَارَّةٍ، وَكَانَتِ الْأَنْهَارُ فِي بِلَادِهِمْ عَزِيزَةً لَا يَصِلُونَ إِلَى الْمَاءِ إِلَّا بِالدَّلْوِ وَالرِّشَاءِ فَوُعِدُوا فِي الْجَنَّةِ خِلَافَ ذَلِك."

وعدوا أنهارًا تجري من تحتهم، وعدوا بأنهار تجري من تحتهم من غير جداول ولا سواقي ولا آبار ولا غيرها.

أنهارها في غير أخدود جرت

 

سبحان ممسكها عن الفيضان

لا تروح يمين ولا شمال مع أنه لا يوجد شيء يردها. ليس هناك شيء يردها أن تنساب يمين أو شمال، ليس بها أخاديد ومع ذلك تجري من غير أن تذهب يمينًا أو شمالًا. نعم.

"فَوُعِدُوا فِي الْجَنَّةِ خِلَافَ ذَلِكَ، وَوُصِفَ لَهُمْ أَسْبَابُ النُّزْهَةِ الْمَعْرُوفَةِ."

يعني من أساليب الترغيب أن تأتي إلى شخص محروم من شيء هو يتمناه ويتحسر عليه، ثم تقول: إن فعلت كذا فلك كذا من هذا الشيء الذي حُرِم منه، هذا أعظم في إغرائه من أن يوعد بشيء هو عنده وكثير موجود في بلده؛ لأنه قد لا يؤثر فيه، والله المستعان. نعم. مع أن مثل هذه الأوصاف لهذه الأنهار تغري حتى أهل البلاد التي فيها أنهار؛ لأنها أنهار ليست مثل أنهار الدنيا التي يُلقى فيها ما يُلقى وتتأثر بما يُلقى فيها وتحتاج إلى معاناة في استخراج الماء منها، فهناك لا تعب، ولا عناء، ولا شقاء، مع أنه جاء في أربعة أنهار من أنهار الدنيا أنها من أنهار الجنة: سيحان، وجيحان، والنيل، والفرات، من أنهار الجنة والله أعلم بالمراد بمثل هذا. وهل يلزم من هذا أن تكون أفضل من غيرها أو أننا نتبرك بمائها لأن من أنهار الجنة؟ نقف على حد ما سمعنا، نعم لو جاء هذه الأنهار من أنهار الجنة وإذا مررتم بأنهار الجنة فاشربوا أو اغتسلوا أو تزودوا نفعل ما أُمِرنا به، لكن ما أُمِرنا بشيء من ذلك، فنقف على مجرد الخبر، بخلاف ما جاء في الروضة:» ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة» يعني لنا أن نتعبد في هذه الروضة ونعتقد فضلها وأن العمل فيها أفضل من غيره لقوله -عليه الصلاة والسلام-:» إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا» ما قال إذا مررتم بأنهار الجنة فاغتسلوا أو اشربوا، فنقف على حد ما بلغنا. نعم.

طالب:........

الشيخ: أيش فيه؟

طالب:........

الشيخ: يعني هذه الأنهار اسمها موجود؟

طالب:........

الشيخ: يعني تخصيص هذه الأنهار الأربعة بـأنها من أنهار الجنة، يعني أسماؤها موجودة في الجنة؟ الله أعلم بالمراد. نعم.

"فَوُعِدُوا فِي الْجَنَّةِ خِلَافَ ذَلِكَ، وَوُصِفَ لَهُمْ أَسْبَابُ النُّزْهَةِ الْمَعْرُوفَةِ فِي الدُّنْيَا، وَهِيَ الْأَشْجَارُ وَظِلَالُهَا وَالْمِيَاهُ وَالْأَنْهَارُ وَاطِّرَادُهَا. قَوْلُهُ تَعَالَى :{وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ}[الواقعة:32] أَيْ لَيْسَتْ بِالْقَلِيلَةِ الْعَزِيزَةِ كَمَا كَانَتْ فِي بِلَادِهِمْ {لا مَقْطُوعَةٍ}[الواقعة:33] أَيْ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ كَانْقِطَاعِ فَوَاكِهِ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ {وَلا مَمْنُوعَةٍ}[الواقعة:33] أَيْ لَا يُحْظَرُ عَلَيْهَا كَثِمَارِ الدُّنْيَا. وَقِيلَ :{وَلا مَمْنُوعَةٍ} أَيْ لَا يُمْنَعُ مَنْ أَرَادَهَا بِشَوْكٍ وَلَا بُعْدٍ وَلَا حَائِطٍ، بَلْ إِذَا اشْتَهَاهَا الْعَبْدُ دَنَتْ مِنْهُ حَتَّى يَأْخُذَهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا}[الإنسان:14] وَقِيلَ: لَيْسَتْ مَقْطُوعَةً بِالْأَزْمَانِ، وَلَا مَمْنُوعَةً بِالْأَثْمَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ."

يعني لو كانت القلوب التي تسمع مثل هذا الكلام حية هل يكونوا واقعون مثل ما نحن فيه؟ إذا أطبقنا الكتاب نسينا كل شيء وزاولنا كل ما كنا نزاوله قبل ذلك، القلوب ران عليها الكسب والشبهات والشهوات والغفلة عما جاء عن الله -جل وعلا-، وإلا مثل هذا الكلام {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ} يعني ليست بالقليلة، يعني الآن تذهب إلى الأسواق وتشتري أنواع من الفاكهة في خمس حبات أو ست حبات، ومع ذلك تأتي بهذه الخمس حبات إذا أصبحت إذا نصفها فاسد، نعم، فاكهة كثيرة ليست بالقليلة كما كانت في بلادهم، يعني في بلاد العرب الفاكهة قليلة، {لا مَقْطُوعَةٍ} في وقت من الأوقات ففواكه الصيف في الصيف وفواكه الشتاء في الشتاء لكن في الجنة على مدار الساعة، تأكل يكن مكانه فورًا نظيره أو أحسن منه، {وَلا مَمْنُوعَةٍ} أي لا يحظر عليهم أو ولا يمنع منها أحد كثمار الدنيا، ثمار الدنيا تجد عليها الأسوار والحجاب والحراس ودونها خرط القتاد بالنسبة لكثير من الناس، لكثير من الناس تمر الأشهر بل السنين ما رأوا الفاكهة كما قال بعض الخطباء في بعض الجهات من بلاد المسلمين، يرى المسلم يعني في هذه البلاد يعني بعض الناس الفقراء منهم يرى الرغيف يخاله هلالًا من بُعده عليه، فكيف بالفاكهة؟ ألا يكون الأليق بالعاقل مسلم عاقل يعقل عن الله -جل وعلا- مثل هذا الكلام أن يتجه لعباده ربه وينصرف عما كان عليه من لهو وغفلة وجمع للمال من جميع الوجوه إذا ذكر له أدنى فرصة ما سأل، لا تفوتك الفرصة، {وَلا مَمْنُوعَةٍ} أي لا يحظر عليها كثمار الدنيا، قيل: {وَلا مَمْنُوعَةٍ} لا يُمنَع من أرادها بشوك، بعض الأشجار يمكن لا تصل إلى ما تريد إلا بكل صعوبة. بعضها لا يمكن أن تصل إليه بنفسك. لا بد من خبير مختص يصل إليها ويزيل قشرتها، هذا الذي يسمونه البرشومي، هل يستطيع كل الناس أن يجنيهم من شجرته ويأكله؟ وله أنواع وله نظائر، ولا يُمنَع من أرادها بشوك ولا بُعد ولا حائط، بل إذا اشتهها العبد دنت منه حتى يأخذها. يقول الله -جل وعلا-: {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا}[الإنسان:14] يعني سُهِّلت لآكلها، وقيل: ليست المقطوعة بالأزمان ولا ممنوعة بالأثمان، لا تنقطع. ما يقال والله الآن الثمار والفواكه لا تنقطع فيها الثلاجات والحوافظ وتحفظ ثمرة الصيف للشتاء والعكس. الناس يمشون على الأصل، أنت حفظت فاكهة الصيف إلى الشتاء بهذه الحافظة ثم اعترى هذه الحافظة ما يعتريها من فساد وانطفاء الكهرب، سافرت شهر ثم جئت إذا الكهرب طافِئ، وأيش يصير مصير هذه المحفوظات؟ "ولا ممنوعة بالأثمان" ما في والله تقول الآن ما معي شيء. لا. نعم.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ}[الواقعة:34] رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} قَالَ: »ارْتِفَاعُهَا لَكمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ» قَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ رِشْدِينَ بْنِ سَعْد."  

معروف ضعفه رشدين ضعيف عند عامة أهل العلم. نعم.

"وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ: الْفُرُشُ فِي الدَّرَجَاتِ، وَمَا بَيْنَ الدَّرَجَاتِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ. وَقِيلَ: إِنَّ الْفُرُشَ هُنَا كِنَايَةٌ عَنِ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي فِي الْجَنَّةِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُنَّ ذِكْرٌ، وَلَكِنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلّ:َ {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} دَالٌّ، لِأَنَّهَا مَحَلُّ النِّسَاءِ، فَالْمَعْنَى وَنِسَاءٌ مُرْتَفِعَاتُ الْأَقْدَارِ فِي حُسْنِهِنَّ وَكَمَالِهِنَّ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً}[الواقعة:35] أَيْ خَلَقْنَاهُنَّ خَلْقًا وَأَبْدَعْنَاهُنَّ إِبْدَاعًا. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْمَرْأَةَ فِرَاشًا وَلِبَاسًا وَإِزَارًا، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ}[البقرة:187] ثُمَّ قِيلَ: عَلَى هَذَا هُنَّ الْحُورُ الْعِينُ، أَيْ خَلَقْنَاهُنَّ مِنْ غَيْرِ وِلَادَةٍ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ نِسَاءُ بَنِي آدَم."

أي نساء الدنيا. يعاد خلقهن من جديد. العجوز الهرمة ترجع بنت ثلاث وثلاثين، والشيخ الكبير يرجع كذلك في طول ستين ذراعًا في عرض سبعة أذرع. نعم.

"وَقِيلَ: الْمُرَادُ نِسَاءُ بَنِي آدَمَ، أَيْ خَلَقْنَاهُنَّ خَلْقًا جَدِيدًا وَهُوَ الْإِعَادَةُ، أَيْ أَعَدْنَاهُنَّ إِلَى حَالِ الشَّبَابِ وَكَمَالِ الْجَمَالِ. وَالْمَعْنَى أَنْشَأْنَا الْعَجُوزَ وَالصَّبِيَّةَ إِنْشَاءً وَاحِدًا، وَأُضْمِرْنَ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهُنَّ، لِأَنَّهُنَّ قَدْ دَخَلْنَ فِي أَصْحَابِ الْيَمِينِ."

وإذا أُمِن اللبس جاز عود الضمير على غير مذكور يعني كما في قوله -جل وعلا-: {حَتَّى تَوَارَتْ       بِالْحِجَابِ} [ص:32] المقصود الشمس ولم يسبق لها ذكر. نعم.

"وَلِأَنَّ الْفُرُشَ كِنَايَةٌ عَنِ النِّسَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً} قَالَ: »مِنْهُنَّ الْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ» وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا-..."

طالب:........

الشيخ: إي ضعفه شديد أيضا. نعم.

"وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا-: سَأَلْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا}[الواقعة:35-37] فَقَالَ: »يَا أُمَّ سَلَمَةَ هُنَّ اللَّوَاتِي قُبِضْنَ فِي الدُّنْيَا عَجَائِزَ شُمْطًا عُمْشًا رُمْصًا جَعَلَهُنَّ اللَّهُ بَعْدَ الْكِبَرِ أَتْرَابًا عَلَى مِيلَادٍ وَاحِدٍ فِي الِاسْتِوَاءِ» أَسْنَدَهُ النَّحَّاسُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَة..."

موسى بن عبيدة الربذي معروف ضعفه وشيخه أضعف منه. نعم.

"عنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَفَعَهُ {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً} قَالَ: «هُنَّ الْعَجَائِزُ الْعُمْشُ الرُّمْصُ كُنَّ فِي الدُّنْيَا عُمْشًا رُمْصًا». "

الشيخ: الخبر ضعيف أيش قال عنه؟

طالب:........

الشيخ: كلاهما.

طالب:

الشيخ: إي معروف. نعم.

"وَقَالَ الْمُسَيِّبُ بْنُ شَرِيكٍ:  قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً} الْآيَةَ قَالَ: »هُنَّ عَجَائِزُ الدُّنْيَا أَنْشَأَهُنَّ اللَّهُ خَلْقًا جَدِيدًا كُلَّمَا أَتَاهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ وَجَدُوهُنَّ أَبْكَارًا» فَلَمَّا سَمِعَت عَائِشَةُ ذَلِكَ قَالَتْ: وَاوَجَعَاهْ! فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: »لَيْسَ هُنَاكَ وَجَعٌ». " 

الشيخ: أيش قال عنه؟

طالب:........

الشيخ: نعم.

"{عُرُبًا} جَمْعُ عَرُوبٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمَا: الْعُرُبُ الْعَوَاشِقُ لِأَزْوَاجِهِنّ.  وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: إِنَّهَا الْعَرُوبُ الْمَلَقَةُ. وقال عِكْرِمَةُ: الْغَنِجَةُ. وقال ابْنُ زَيْدٍ :بِلُغَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيَدٍ 

وَفِي الْخِبَاءِ عَرُوبٌ غَيْرُ فَاحِشَةٍ

 

رَيَّا الرَّوَادِفِ يَعْشَى دُونَهَا الْبَصَرُ

وَهِيَ الشَّكِلَةُ بِلُغَةِ أَهْلِ مَكَّةَ. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَيْضًا: الْحَسَنَةُ الْكَلَامِ وَعَنْ عِكْرِمَةَ أَيْضًا وَقَتَادَةَ : الْعُرُبُ الْمُتَحَبِّبَاتُ إِلَى أَزْوَاجِهِنّ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ أَعْرَبَ إِذَا بَيَّنَ، فَالْعَرُوبُ تُبَيِّنُ مَحَبَّتَهَا لِزَوْجِهَا بِشَكْلٍ وَغُنْجٍ وَحُسْنِ كَلَامٍ. وَقِيلَ: إِنَّهَا الْحَسَنَةُ التَّبَعُّلِ لِتَكُونَ أَلَذَّ اسْتِمْتَاعًا. وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ:  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- {عُرُبًا}  قَالَ: «كَلَامُهُنَّ عَرَبِيٌّ»." 

الشيخ: جعفر الصادق عن أبيه الباقر عن جده علي زين العابدين فيكون مرسل. أيش يقول؟

طالب: أحسن الله إليكم، قال: ذكره السيوطي في الدر فقال: "أخرجه ابن أبي حاتم عن جعفر بن محمد عن أبيه" هذا كلام السيوطي وهذا معضل.

الشيخ: إذا كان عن أبيه فقط فهو معضل، نعم. وإن كان عن جده فهو مرسل.

طالب: وزاد المصنف عن جده وهو مرسل زين العابدين تابعي ومع ذلك ينبغي معرفة الراوي عن الإمام جعفر، والله أعلم.

الشيخ: نعم.

"وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ " عُرْبًا " بِإِسْكَانِ الرَّاءِ. وَضَمَّ الْبَاقُونَ وَهُمَا جَائِزَانِ فِي جَمْعِ فَعُولٍ. و{أَتْرَابًا} عَلَى مِيلَادٍ وَاحِدٍ فِي الِاسْتِوَاءِ وَسِنٍّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثٌ وَثَلَاثِينَ سَنَة ."

يقول ابن القيم -رحمه الله-:

هذا وسنهم ثلاث مع

 

ثلاثين التي هي قوة الشبان

"يُقَالُ فِي النِّسَاءِ: أَتْرَابٌ وَفِي الرِّجَالِ: أَقْرَانٌ. وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَمِيلُ إِلَى مَنْ جَاوَزَتْ حَدَّ الصِّبَا مِنَ النِّسَاءِ وَانْحَطَّتْ عَنِ الْكِبَرِ. وَقِيلَ: أَتْرَابًا أَمْثَالًا وَأَشْكَالًا؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ وقال السُّدِّيُّ: أَتْرَابٌ فِي الْأَخْلَاقِ لَا تَبَاغُضَ بَيْنَهُنَّ وَلَا تَحَاسُدَ. {لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ}[الواقعة:38] قِيلَ: الْحُورُ الْعِينُ لِلسَّابِقِينَ، وَالْأَتْرَابُ الْعُرُبُ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ."

نعم هذا ينقض ما قاله قبل ذلك نعم في أصحاب اليمين. قال: رجع إلى ذكر منازل أصحاب الميمنة وهم السابقون وهم السابقون. وقررنا في وقته قررنا قبل أن أصحاب اليمين غير السابقين؛ لأن الأصناف ثلاثة. وهنا قال: قيل الحور العين للسابقين والأتراب العرب لأصحاب اليمين. نعم.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ*  وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ}[الواقعة:39-40] رَجَعَ الْكَلَامُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ}[الواقعة:27] أَي هُمْ {ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ} وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي مَعْنَاهُ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَمُجَاهِدٌ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالضَّحَّاكُ: {ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ} يَعْنِي مِنْ سَابِقِي هَذِهِ الْأُمَّةِ {وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ} مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ آخِرِهَا، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ}  فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: »هُمْ جَمِيعًا مِنْ أُمَّتِي»."

الخير في أمة محمد -عليه الصلاة والسلام- إلى قيام الساعة، الخير فيها موجود، لكن بالنسبة للسابقين فالسبق في الأمم السابقة أكثر منه في هذه الأمة تبعًا لكثرة أنبيائهم ورسلهم. فلكل رسول من يسبق إلى التصديق به، يتحصل من مجموع هؤلاء الرسل من السابقين ممن سبق أكثر ممن سبق إلى الإيمان به -عليه الصلاة والسلام- ولذلك قال في الموضع الأول: {ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ}[الواقعة:13-14] أيش قال عن الحديث: »هُمْ جَمِيعًا مِنْ أُمَّتِي»؟

طالب:.......

الشيخ: علي بن زيد بن جدعان ضعيف. نعم.

"وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ: أَصْحَابُ الْجَنَّةِ نِصْفَانِ:  نِصْفٌ مِنَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَنِصْفٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَهَذَا يَرُدُّهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ..."

الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: »إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة» ثم بعد ذلك أُخبِر بذلك وزِيد حتى كانوا الثلثين. نعم.

"وَهَذَا يَرُدُّهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبٍرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ"..-

الحُصيب بالحاء المضمومة. نعم.

"قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:» أَهْلُ الْجَنَّةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ، ثَمَانُونَ مِنْهَا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَأَرْبَعُونَ مِنْ سَائِرِ الْأُمَمِ». قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ."

الشيخ: أيش قال عنه؟

طالب:.......

الشيخ: هذا اللي عندك.

طالب:......

الشيخ: إي إي. نعم.

طالب:......

الشيخ: طيب.

"وَ {ثُلَّةٌ} رُفِعَ عَلَى الِابْتِدَاءِ، أَوْ عَلَى حَذْفِ خَبَرِ حَرْفِ الصِّفَةِ، وَمَجَازُهُ: لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ ثُلَّتَانِ: ثُلَّةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ وَثُلَّةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ. وَالْأَوَّلُونَ: الْأُمَمُ الْمَاضِيَةُ، وَالْآخِرُونَ: هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي."

{ثُلَّةٌ} رُفِع على الابتداء، وسوّغ الابتداء بها وهى نكرة كونها موصوفة بكونها من الأولين أو من الآخرين، أو على حذف خبر حرف الصفة. أيش معنى هذا الكلام؟ لأصحاب اليمين ثلتان على حذف خبر حرف الصفة، حرف الصفة الذي هو حرف الجر، ولذلك قال: لأصحاب اليمين أو على حذف... قلق التعبير، التعبير قلق.

طالب: حذف خبر حرف الصفة.

الشيخ: ها؟

طالب: فيها.

الشيخ: أو على حذف خبر حرف الصفة. حرف الصفة الجر حرف الجر في قوله: {لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ} يريد ثلتان هذا مبتدأ وخبره متعلق الجار والمجرور نعم المحذوف لأن الجار والمجرور لا بد لهم من متعلق.

واللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"