شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (101)

 

مع بداية هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور: عبد الكريم بن عبد الله الخضير، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، فأهلاً ومرحبًا بكم شيخ عبد الكريم.

 

حياكم الله وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: لازلنا في حديث وفد عبد القيس، وقد توقفنا عند بعض ألفاظه في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «وأن تعطوا من المغنم الخمس». لعلكم تستكملون ما تبقى يا شيخ.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

في الحديث قال: "«أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟» قالوا: الله ورسوله أعلم" ففي هذا رد العلم إلى عالمه وهو الله -سبحانه وتعالى- ورسوله -عليه الصلاة والسلام- في حياته؛ لأنه أعلم الخلق، فهو يوحى إليه من الله عز وجل، هذا في حياته -عليه الصلاة والسلام-؛ لتوالي الوحي عليه شيئًا فشيئًا في بيان كل شيء، كما قال -جل وعلا-: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ} [سورة النحل 89] وأما بعد موته فلا، وهناك فرق بين المسائل الشرعية وغيرها، فالرسول -عليه الصلاة والسلام- لا شك أنه أعلم من غيره في المسائل الشرعية، بل لا علم لأحد من هذه الأمة بشيء من العلوم الشرعية إلا من طريقه، وحينئذٍ يجوز أن نقول في هذه المسائل الشرعية: الله ورسوله أعلم، قطعًا الرسول -عليه الصلاة والسلام- أعلم من غيره في المسائل الشرعية في حياته، وبعد مماته -عليه الصلاة والسلام-، ما عدا ذلك من الأمور الكونية القدرية التي لا علم لمخلوق بها كالمغيَّبات، وحينئذٍ لا يجوز أن يقال ذلك.

المقدم: الله أعلم.

الله أعلم.

حتى في حياته -عليه الصلاة والسلام- فإذا قيل: متى الساعة؟ أو متى ينزل المطر؟ فلا يجوز أن نقول حينئذٍ: الله ورسوله أعلم؛ لأن هذا مما اختص الله بعلمه، وإذا قيل: هل يجوز أن تدفع الزكاة للزوج مثلاً ولو بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- لا مانع أن نقول: الله ورسوله أعلم؛ لأنه أعلم بمثل هذه المسائل، يؤخذ أيضًا من إقراره -عليه الصلاة والسلام- لهم على قولهم: "ورسوله" جواز عطف الرسول -عليه الصلاة والسلام- على الله -عز وجل- بالواو في مثل هذا الموضع، بخلاف ما أنكره من قولهم: "ما شاء الله وشئت" حيث قال -عليه الصلاة والسلام-: «أجعلتني لله ندًّا، بل ما شاء الله وحده» أجاب النبي -عليه الصلاة والسلام- على سؤاله عن الإيمان بالله وحده بقوله: «شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له» برفع شهادة خبر مبتدأ محذوف، ويجوز جره على البدلية، وهكذا ما عطف عليه، وإقامِ الصلاة تقول: تقول وإقامُ الصلاة وإقامِ الصلاة إيتاءُ الزكاة وإيتاءِ الزكاة، صيامُ رمضان صيامِ رمضان... إلى آخره.

ومضى الكلام في هذه الأمور مفصلاً، أعني إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان حيث فسر النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديث جبريل فسر الإسلام هناك في حديث جبريل بما فسر به الإيمان هنا، وتقدم قول البخاري -رحمه الله- الذي ترجم به على حديث جبريل: باب سؤال جبريل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الإيمان والإسلام والإحسان وعلم الساعة، وبيان النبي -عليه الصلاة والسلام- له ثم قال: «جاء جبريل يعلمكم دينكم» فجعل ذلك كله دينًا، وما بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- لوفد عبد القيس، المقصود به هنا في هذا الحديث، لوفد عبد القيس من الإيمان، وقوله: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ} [سورة آل عمران 85] ومراد المصنف -رحمه الله تعالى- أن يقرر أن الإيمان والإسلام والدين بمعنى واحد على ما تقدم تقريره هناك، ترجم هنا -رحمه الله تعالى-، باب أداء الخمس من الإيمان، وهو معطوف على أركان الإسلام، الترجمة: بابٌ أداء الخمس من الإيمان، وهو معطوف على أركان الإسلام، هنا جاء في تفسير الإيمان أداء الخمس، الأركان المذكورة: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان هي...

المقدم: سبق...

سبق في حديث جبريل على أنها أركان الإسلام، فأداء الخمس هنا مما فسر به الإيمان، وعطفه على أركان الإسلام التي هي من الإيمان كما هنا يدل على أن أداء الخمس من الإسلام أيضًا، وبهذا يظهر أو تظهر وجهة نظر البخاري -رحمه الله تعالى- في عدم التفريق بين الإيمان والإسلام، لكن تقدم النقل عن جمهور السلف أن الإسلام والإيمان إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا كالفقير والمسكين ونظائرهما، هذا تقدم الكلام فيه. قوله..، قلنا: إن الشهادتين، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان كل هذا تقدم الكلام فيه، فلا يحتاج إلى إعادة، تقدم الكلام فيه إجمالاً، والكلام فيها تفصيلاً سيأتي في مواضعها -إن شاء الله تعالى-.

عندنا الآن: «وأن تعطوا من المغنم الخمس» أي من الغنيمة، الغنيمة والمغنم بمعنًى واحد، فالغنيمة تقسم خمسة أقسام، أربعة أخماس للغزاة الغانمين، والخمس يخمَّس ثانيًا للمصارف الخمسة المذكورة في آية الأنفال المصارف كم؟ {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [سورة الأنفال 41].

المقدم: {وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ} [سورة الأنفال 41].

نعم.

المقدم: {وَابْنِ السَّبِيلِ} [سورة الأنفال 41].

خمسة أو ستة؟ ستة.

تُقسَّم، أقول: هذا الخمس يُقسَّم خمسة أخماس، أو الغنيمة في الجملة تقسم إلى خمسة أخماس، أربعة أخماس للغزاة الغانمين، والخمس يخمَّس ثانيًا للمصارف المذكورة في آية الأنفال، وعرفنا أن المصارف ستة فكيف تقسم إلى خمسة أقسام؟ هذا الخمس كيف يُخمَّس والأقسام ستة؟ الآن ما سبق لنا في إزالة الإشكال عن...

المقدم: الإيمان، وأن تؤمنوا بالله وحده.

نعم عن قوله: «آمركم بأربع» والمذكور خمس، أن ذكر الإيمان بالله الشهادة هنا أو الإيمان بالله وحده أن الأربع تبدأ من إقام الصلاة، وذكر الإيمان بالله وحده وما يتبعه من باب التبرك، كما قيل في نظيره في الآية التي سقناها (خمسه لله) للتبرك، وهذا سبقت الإشارة إليه.

المقدم: والعد يبدأ ورسوله.

من الرسول -عليه الصلاة والسلام-.

لكن هنا خلاف في المسألة يأتي نقله عن القرطبي -إن شاء الله تعالى-.

يقول القرطبي في تفسيره: المغنم والغنيمة بمعنًى، والغنيمة في اللغة: ما يناله الرجل أو الجماعة بسعي، ومن ذلك قول الشاعر:

وقد طوفت في الآفاق حتى                    .

 

 رضيت من الغنيمة بالإيابِ                  .

ثم قال القرطبي: واعلم أن الاتفاق حاصل على أن المراد بقوله تعالى: {غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ} [سورة الأنفال 41] مال الكفار إذا ظفر به المسلمون على وجه الغلبة والقهر، ولا تقتضي اللغة هذا التخصيص، ولكن عُرْف الشارع قيد اللفظ بهذا النوع، وسمى الشرع الواصل من الكفار إلينا من الأموال باسمين: غنيمة وفيئًا، فالشيء الذي يناله المسلمون من عدوهم بالسعي وإيجاف الخيل والركاب يسمى غنيمة، ولزم هذا الاسم هذا المعنى حتى صار عرفًا، يعني صارت حقيقته الشرعية هكذا، وإن كانت حقيقته اللغوية أوسع.

والفيء: مأخوذ من فاء يفيء إذا رجع، وهو كل مال دخل على المسلمين من غير حرب ولا إيجاف، قلت: الغنائم أطيب المكاسب؛ لأنها رزق النبي -عليه الصلاة والسلام-، النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: «وجُعل رزقي تحت ظل رمحي» فالمغانم هي أطيب المكاسب، وإن اختلف العلماء في أطيب المكاسب، لكن ابن القيم -رحمه الله- قرر ذلك في زاد المعاد، ومعه الدليل، وإن قال بعضهم: إن الزراعة أفضل، وبعضهم قال: الصناعة أفضل، على كل حال هذا رزق النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو أفضل الخلق.

يقول القرطبي: واختلف العلماء في كيفية قسم الخمس على أقوال ستة:

الأول: قالت طائفة: يقسم الخمس على ستة، فيجعل السدس للكعبة وهو الذي لله، والثاني: لرسوله -عليه الصلاة والسلام-، والثالث: لذوي القربى، والرابع: لليتامى، والخامس: للمساكين، والسادس: لابن السبيل، وقال بعض أصحاب هذا القول: يُرَدُّ السهم الذي لله على ذوي الحاجة، ثم قال بعد ذلك، نطوي الثاني والثالث لأنها يمكن إدخالها مع غيرها، ثم قال: الرابع: قال الشافعي: يُقسَم على خمسة، ورأى -رحمه الله- أن سهم الله ورسوله واحد، سهم الله السهم الأول لله ورسوله سهم واحد، وأنه يصرف في مصالح المؤمنين، والأربعة الأخماس على الأربعة الأصناف المذكورين في الآية، الخامس: يقول أبو حنيفة: يقسم الخمس على ثلاثة: اليتامى والمساكين وابن السبيل، وارتفع عنده حكم قرابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بموته، كما ارتفع حكم سهمه، قالوا: ويُبدَأ من الخمس بإصلاح القناطر، وبناء المساجد، وأرزاق القضاة والجند، وروي نحو هذا عن الشافعي أيضًا.

السادس: قال مالك -رحمه الله-: هو موكول إلى نظر الإمام واجتهاده، فيأخذ منه من غير تقدير، ويعطي منه القرابة باجتهاده، ويصرف الباقي في مصالح المسلمين، قال: وبهذا قال الخلفاء الأربعة، وبه عملوا، وعليه يدل قوله -عليه الصلاة والسلام-: «ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم» فإنه لم يقسمها أخماسًا ولا أثلاثًا، وإنما ذُكِر في الآية من ذُكِر على وجه التنبيه عليهم؛ لأنهم من أهم من يدفع إليهم، يعني نظير ذلك مصارف الزكاة، مصارف الزكاة جاءت في الأصناف الثمانية منصوص عليها في القرآن، لكن هل يلزم الغني الذي بيده زكاة أن يوزعها أثمان على الثمانية؟ ما يلزم، لكن نص على هذه الثمانية لأنها لا تخرج عنهم، أيضًا هذه الأصناف التي ذكرت في آية المغانم لا تخرج عنهم، لكن لا يلزم أن تشملهم.

يقول الزَّجَّاج محتاجًا لمالك: قال الله -عز وجل-: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [سورة البقرة 215] وللرجل جائز بإجماع أن ينفق في غير هذه الأصناف إذا رأى ذلك.

وذكر النسائي عن عطاء قال: خمس الله وخمس رسوله واحد، كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحمل منه، ويعطي منه، ويضعه حيث شاء، ويصنع به ما شاء، انتهى المقصود من تفسير القرطبي.

وعرفنا رأي أبي حنيفة ورأي الشافعي ورأي مالك، بقي رأي الحنابلة في الإقناع لشرف الدين الحجاوي وهو من أمتع متون الحنابلة وأجمعها، يقول: يقسم -يعني الخمس- على خمسة أسهم، يعني صافي الخمس، صافيه يقسم خمسة أسهم: سهم لله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، جعله سهمًا واحدًا، ولم يسقط بموته، يعني خلافًا لأبي حنيفة، يصرف مصرف الفيء، وسهم لذوي القربى، وسهمٌ لليتامى الفقراء، وسهمٌ للمساكين، وسهمٌ لأبناء السبيل من المسلمين، هذا باختصار.

يقول الكرماني: فإن قلت: لِمَ عدل عن لفظ المصدر الصريح إلى ما في معنى المصدر وهو أن مع الفعل المضارع؟ يعني معروف أن والفعل تسبق بمصدر، يعني بدلاً من...

المقدم: أن تعطوا.

وأن تعطوا إعطاء، الأصل نسَق الكلام أن يقال: وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وإعطاء الخمس من المغنم، أو يقول: وأن تقيموا الصلاة، وأن تؤتوا الزكاة، وأن تصوموا رمضان، وأن تعطوا، هذا نسق الكلام، لكنه عدَل في هذا الموضع؛ لماذا؟ ماذا يقول الكرماني؟ يقول الكرماني: فإن قلت: لِمَ عدَل عن لفظ المصدر الصريح إلى ما في معنى المصدر وهي أن مع الفعل المضارع؟ قلت: جوابه: إشعارًا بمعنى التجدد الذي في الفعل؛ لأن سائر الأركان كانت ثابتة قبل ذلك، بخلاف إعطاء الخمس فإن فريضته كانت متجددة، يعني إقام الصلاة هل يخضع هذا لظروف وُجدَت وإلا فلا؟ الصلاة ثابتة، مثلها أيضًا إيتاء الزكاة على كل قادر، على كل من تجب عليه، صيام رمضان كذلك على كل مستطيع، إعطاء الخمس متجدد وهو تابع لغيره أيضًا، إذا وُجِد الجهاد وُجِد..، قد توجد الغنائم وقد لا توجد، ومعروف ما في الفعل من التجدد والحدوث، وما في الاسم من الثبات؛ ولذا يقول أهل العلم: إن سلام إبراهيم أبلغ من سلام الملائكة {فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ} [سورة الذاريات 25]، سلامهم منصوب؛ لماذا؟ لأنه نائب عن فعله، فهو بمثابة الفعل، وسلام إبراهيم -عليه السلام- مرفوع فهو اسم؛ ولذا قالوا: سلام إبراهيم أبلغ من سلام الملائكة، يقول النووي في شرح مسلم: وفي الحديث إيجاب الخمس من الغنائم، وإن لم يكن الإمام في السرية الغازية، من أين نأخذ من الحديث؟ وإن لم يكن الإمام في السرية الغازية؛ لأنه وجَّه هؤلاء الوفد أنهم إذا غزوا يدفعوا الخمس، لو كان معهم الإمام ما احتاج إلى أن يوجههم إلى هذا.

يقول: وفي هذا تفصيل وفروع سننبه عليها في بابها إن وصلناه -إن شاء الله تعالى-، وقد وصله في شرح مسلم، أكمل شرح مسلم.

ويقال: خمس بضم الميم وإسكانها، وكذلك الثلث والربع والسدس والسبع والثمن والتسع والعشر بضم ثانيها وتُسكَّن، يسكَّن الثاني يقال: خُمْس، ثُلْث سُدْس إلى آخره، ونهاهم -عليه الصلاة والسلام- عن أربع خصال، قال ابن حجر: قوله: "ونهاهم عن أربع عن الحَنْتَم" في جواب قوله: "وسألوه عن الأشربة" فأجابهم بالأشربة أو بأوعيتها وظروفها؟

المقدم: بالأوعية.

بالأوعية والظروف.

قوله: "ونهاهم عن أربع عن الحَنْتَم" في جواب قوله: "وسألوه عن الأشربة" هو من إطلاق المحل وإرادة الحال، أي ما في الحنتم ونحوه، وصرَّح بالمراد في رواية النسائي من طريق قُرَّة، فقال: «وأنهاكم عن الأربع ما ينتبذ في الحَنْتَم» فأجاب عن الشراب الذي ينتبذ في الحنتم، فطابق الجواب السؤال.

الحَنْتَم: بفتح المهملة وسكون النون، وفتح المثناة من فوق، الآن يقول: بفتح المهملة وسكون النون، وفتح المثناة من فوق، الآن ما قال: بفتح الحاء لأنه قال: سكون النون، ما قال: بفتح الحاء، قال: بفتح المهملة التي هي الحاء، وسكون النون، ما قال: بسكون المعجمة.

المقدم: لأن بعدها معجمة أخرى.

لا، بعدها مثناة.

الأخ الحاضر:......

ما هو؟

الأخ الحاضر:......

لأنه إذا قيل: نون ما يلتبس معها حرف ثاني، لكن قول بفتح الحاء مثلاً وسكت مثل ما قال: سكون النون يلتبس بالحاء الخاء.

الأخ الحاضر: والجيم.

الجيم ما تلتبس.

الأخ الحاضر:......

إذا قال: بفتح الحاء التبست بالخاء، ولو قال: بسكون المعجمة التي هي النون التبست بغيرها من الحروف المعجمة، لو قال: بفتح الموحدة النون عليها نقطة التبست بالباء؛ لأنها موحدة، وهنا قال: وفتح المثناة من فوق لئلا تلتبس...

المقدم: بالياء.

بالياء.

فننتبه لمثل هذه الأمور؛ لأنهم أحيانًا يعبِّرون بالحرف، وأحيانًا يعبِّرون بما عليه من إعجام، وأحيانًا يكتفون برسمه، عندهم وسائل وطرق للضبط، أحيانًا يضبطون بالضد، حرام بن عثمان، بلفظ ضد الحلال يضبطون بهذا.

المقدم: هذا لضبط اسمه يا شيخ؟

نعم، حرام بن عثمان بلفظ ضد الحلال، يضبطون بهذا، الحكَم بن عتيبة بتصغير عتبة الدار، بدلا من أن يقول: بضم العين وفتح المثناة... إلى آخره.

قال النووي في شرح مسلم: اختُلف فيها، يعني: الحَنْتَم، فأصح الأقوال وأقواها أنها جرار خضر، وهذا التفسير ثابت في كتاب الأشربة في صحيح مسلم عن أبي هريرة، وهو قول عبد الله بن مغفل الصحابي -رضي الله عنه-، وبه قال الأكثرون أو كثيرون من أهل اللغة وغريب الحديث والمحدثين والفقهاء.

والثاني: أنها الجرار كلها، قاله عبد الله بن عمر وسعيد بن جبير وأبو سلمة.

والثالث: أنها جرار يؤتى بها من مصر مقيَّرات الأجواف، وروي ذلك عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- ونحوه عن ابن أبي ليلى، وزاد أنها حمر.

والرابع: عن عائشة -رضي الله عنها- جرار حمر أعناقها في جنوبها يُجلب فيها الخمر من مصر، والخامس: عن ابن أبي ليلى أيضًا أفواها في جنوبها يجلب فيها الخمر من الطائف، وكان ناس ينتبذون فيها يضاهون به الخمر، يضاهون به، يضاهون بهذا النبيذ الخمر.

والسادس: عن عطاء جرار كانت تعمل من طين وشعر ودم.

على كل حال هي جرار، الأكثرون أو الكثيرون على أنها خضر، وقيل: هي أعم من ذلك، كل الجرار يقال: لها حَنْتَم، وقيل: إنها جرار حُمر، وقيل غير ذلك، قيل: أفواها في جنوبها، المقصود أن النهي عنها فيما سيأتي من كونها...

المقدم: تتخذ لغيرها...

كيف؟

المقدم: تتخذ لغرض محرم.

هنا في القول الخامس قول ابن أبي ليلى لأنها يضاهَى بما فيها، الخمر، فعلى هذا لا يقتصر الأمر على النبيذ يعني لو وضع فيها ماء للمضاهاة، إذا كان الماء لمجرد المضاهاة، أما إذا كان النهي عنها لما يشملها مع غيرها لما عطف عليها من كونها يتغير ما فيها ما غير علم الشارب، وقد يتغير ويسكر الشارب، فهذا أمر ثاني، ابن أبي ليلى جاء في قولين في الثالث والخامس، والمراد به مسألة فقهية أو رواية؟

الأخ الحاضر:......

أما في المسائل الفقهية والأحكام فالذي تدور أقواله في كتب الفقه هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى القاضي المعروف، وإن كان في الرواية دون، سيء الحفظ، رمي بسوء الحفظ.

أما أبوه عبد الرحمن بن أبي ليلى هو ثقة، من رجال الصحيح، لكنه في الفقه أقل، وهذا يُشكِل كثيرًا، كثيرًا يشكل، أحيانًا: قال ابن أبي ليلى، قال ابن أبي ليلى، ولا يجد من..، يرجع إلى التراجم فلا يجد من يحل له الإشكال، وهذه من فوائد جرد المطولات، النووي في شرح مسلم في موضع من المواضع قال: وابن أبي ليلى الذي يدور اسمه كثيرًا في كتب الفروع هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى القاضي المشهور.

الأخ الحاضر:......

في الفقهيات؟

الأخ الحاضر:......

ما يمكن أن يقال: قال ابن أبي ليلى في المسائل الفقهية من دون أن يسمَّى، أما إذا أطلق هكذا: قال ابن أبي ليلى في مسألة فقهية فالمراد به محمد.

«والدُبَّاء» بضم المهملة وتشديد الموحدة، قال هنا: الموحدة، وقال: هناك النون؛ لأن النون لا تلتبس بغيرها في الرسم، النون بهذه الطريقة، لكن لو قال: الباء هنا التبست بالياء بالتاء، قد يقول قائل: ما تلتبس بالتاء؛ لأن هذه الباء تحتها نقطة، والتاء فوقها نقطتين، لو قلنا: إن هذا وجه من وجوه التفريق ما احتجنا إلى ضبط؛ لأنها في الأصل مكتوبة باء.

المقدم: لكن ممكن التصحيف.

نعم، ليؤمَن التصحيف، بضم المهملة وتشديد الموحدة والمد، وحكى القزاز فيه القصر، القَزَّاز في الجامع والدُّباء هو القرع، وفي شرح الكرماني: هو اليقطين اليابس، أي الوعاء منه.

«والنَّقِيْر» بفتح النون وكسر القاف جاء تفسيره في رواية عند مسلم: "قالوا: يا نبي الله ما علمك بالنقير؟ قال: «بلى، جذع تنقرونه فتقذفون فيه من القُطَيْعَاء» يعني نوع من التمر، صغار القُطَيْعَاء، والحديث في صحيح مسلم.

قال الحافظ: أصل النخلة يُنْقَر فيتخذ منه وعاء، فعلى هذا فهو فعيل بمعنى مفعول، كجريح وقتيل ولقيط، عم ونحوها.

«والمُزَفَّت» بالزاي والفاء المشددة، المُزَفَّت بالزاي والفاء المشددة ما طُلِيَ بالزِّفْت أي القار، ويقال له: القير، القار والزفت معروف؟

المقدم: نعم.

معروف هو الموجود الآن؟

المقدم: معروف الموجود، لكن القديم شيء آخر.

يعني أحد مشتقات البترول.

المقدم: نعم.

هذا هو الموجود سابقًا؟

المقدم: لا، الموجود سابقًا...

الزفت والقار شيء واحد، في السابق واللاحق شيء واحد.

المقدم: حتى في السابق يا شيخ؟

الزفت والقار واحد في الاسم، لكن الحقيقة.

المقدم: تختلف.

يعني عندنا الزفت والقار بمعنى واحد، وفي السابق الزفت والقار بمعنى واحد، لكن حقيقة الزفت والقار تختلف أو متحدة مع السابق؟

الأخ الحاضر:......

ليش؟ لماذا؟

المقدم: لأن البترول لم يكتشف إلا متأخرًا.

الأخ الحاضر:......

نعم.

المقدم: هو اللي كان يطلى به بعض الدواب يا شيخ؟

تطلى به السفن.

المقدم: تطلى به السفن.

نعم.

المقدم: أستأذنك في أن تكون الإجابة في الحلقة القادمة، أيضًا لنشحذ همة المستمع في أن يبحث عن الإجابة من خلال الرجوع إلى بعض كتب الحديث.

مستمعي الكرام، نلقاكم -بإذن الله تعالى- في الحلقة القادمة للإجابة عن هذا التساؤل وإكمال ألفاظ الحديث مع ضيفنا الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير في الحلقة القادمة -بإذن الله-.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.