الشمائل النبوية (10)

بسم الله الرحمن الرحيم.

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلا بكم إلى حلقة جديدة في برنامج الشمائل النبوية، بداية حلقتنا أرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض أهلاً بكم يا شيخ عبد الكريم.

حياكم الله وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

قال رحمه الله: حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة عن أنس بن مالك قال كان أحب الثياب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يلبسه الحِبَرة.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، حديث أنس متفق عليه خرّجه الإمام البخاري في كتاب اللباس باب البرود والحبر والشملة، ومسلم في كتاب اللباس والزينة باب فضل لباس ثياب الحبرة، يقول الجوهري: الحبرة بوزن عنبة برد يماني، وقال الهروي:، موشية مخططة وقال الداودي: لونها أخضر؛ لأنها لباس أهل الجنة، كذا قال. وقال ابن بطال: هي من برود اليمن تصنع من قطن وكانت أشرف الثياب عندهم يعني عند أهل اليمن، وجاء في الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما غُسل سجي ببرد حبَرة. وقال القرطبي سميت حبرة لأنها تحبّر أي تزين، والتحبير التزيين والتحسين، قال الله تعالى: فَهُمۡ فِي رَوۡضَةٖ يُحۡبَرُونَ}  الروم: ١٥  قال أبو موسى: لما علم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يستمع لقراءته قال: لو علمت لحبرته، يعني لزينته وحسنته، يقول المناوي في شرحه: الظاهر أنه إنما أحبها للينها وحسن انسجام نسجها وإحكام صنعتها وموافقتها لجسده -عليه الصلاة والسلام- فإنه كان على غاية من النعومة واللين ونحو الخشن يؤذيه،  وفي شرح القاري: قيل إنما كانت هي أحب الثياب إليه -صلى الله عليه وسلم- لأنها ليس فيها كثير زينة؛ ولأنها أكثر احتمالاً للوسخ، فاللون الأخضر يحتمل الوسخ أكثر من الأبيض مع أنه جاء الحث على لبس البياض، في المواهب شرح الشمائل للبيجوري ولا يعارض ذلك ما تقدم من أنه كان الأحب إليه القميص؛ لأن ذلك بالنسبة لما خِيط، وهذا بالنسبة لما يُرتدى به، أو أن محبته للقميص حين يكون عند نسائه، والحبَرة حين يكون بين صحبه، على أن هذا الحديث    -حديث الحبرة- أصح من حديث القميص لماذا؟ لأنه متفق عليه عند الشيخين فلا يعارض الحديث السابق، ولا يمنع أن يكون أحب إليه في بعض الأحوال هذا وفي بعضها ذاك، والإنسان يلمس هذا من نفسه، أحيانًا يحب نوعا من اللباس في بعض الظروف والأحوال، وفي بعضها يحب نوعًا آخر فلا تناقض ولا تنافي، والحديث في القميص خرّجه الإمام الترمذي في الشمائل من حديث أم سلمة وهو عند أصحاب السنن بإسناد حسن، قالت كان أحب الثياب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القميص، والقميص اسم لما يلبس من المخيط له كمان وجيب ويحيط بالبدن، وإنما كان أحب الثياب لأنه أمكن في الستر من الرداء والإزار، والقميص قريب منها له جيب وله أكمام، والحبرة بردان نصف ونصف، أو رداء ولذلك قال لما يرتدى.

يعني مثل الفنيلة مثلاً؟ .

المقصود أنه مركب من قطعتين؛ ولذا يقول هنا القميص اسم لما يلبس من المخيط له كمان وجيب ويحيط بالبدن، وإنما كان أحب الثياب لأنه أمكن في الستر من الرداء والإزار الذين يحتاجان كثيرًا إلى الربط والإمساك وغير ذلك بخلاف القميص قاله الشوكاني.

القميص يستمسك بنفسه لا يحتاج إلى ربط ولا شد

نعم يمسكه الكتفان وله أكمام وله جيب، فلا شك أن القميص مريح، خرج الترمذي في الشمائل من حديث أسماء بنت يزيد قالت: كان كم قميص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الرسغ وهو حديث حسن بطرقه، والرسغ هو المفصل ما بين الكف والذراع.

أين مكان الرسغ؟

 

فعظم يلي الإبهام كوع وما يلي

 

لخنصره الكرسوع والرسغ ما وسط

وسط بينهما.

فالرسغ هو المفصل، أما العظم الذي يلي الإبهام عند المفصل هذا كوع.

فعظم يلي الإبهام كوع وما يلي

 

لخنصره الكرسوع والرسغ ما وسط

فقميص النبي -عليه الصلاة والسلام- وكمه إلى الرسغ، وعلى هذا لا ينبغي الزيادة على ذلك، والزيادة على ذلك إسبال في الأكمال لكن لا يصل إلى درجة التحريم لأنه لم يرد فيه وعيد ولم يرد فيه نهي. القميص أيضًا أزرة المؤمن إلى نصف ساقه، وعلى كل حال لا يجوز إنزال القميص بحال عن الكعبين؛ لأنه صح في الحديث «ما أسفل من الكعبين ففي النار» فيحرم إنزال القميص عن الكعبين، والمراد في النار يعني صاحبه وليس القميص، ولا يقول قائل أن هذا بالنسبة لمن جرّه خيلاء ليحمل الحديث المطلق هذا على المقيد الثاني؛ لأن المطلق إنما يحمل على المقيد إذا اتفقا في الحكم وهنا اختلاف في الحكم، فهنا مجرد جر والحكم في النار، وهناك «لا ينظر الله من جر إزاره خيلاء» الحكم مختلف هذا في النار، وهذا لا ينظر الله إليه، وذاك أشد والسبب مختلف، هنا مجرد جر إنزال، وهناك إنزال مع خيلاء، وبعضهم يرى أنه يحمل المطلق على المقيد لكن المعروف أنه إذا اختلفا في الحكم والسبب لا يحمل المطلق على المقيد؛ ولذا لا نحمل المطلق في آية السرقة- إطلاق اليد في آية السرقة- على تقييد اليد في آية الوضوء إلى المرافق للاختلاف في الحكم والسبب وإلا يلزمنا أن نقول تقطع اليد إلى المرفق، وهذا بلا شك خلاف القول الصحيح لماذا؟ للاختلاف في الحكم والسبب، وهنا اختلف الحكم والسبب، الحكم مختلف ما أسفل من الكعبين ففي النار، والثاني لا ينظر الله إليه، السبب هنا إنزال للقميص أو للإزار عن الكعبين، والسبب هناك جر الثوب خيلاء، وهنا اختلف الحكم والسبب وحينئذ لا يحمل المطلق على المقيد.

أحسن الله إليك. الحث على لبس البياض، معنا أكثر من حديث في هذا الباب في فضل البياض.

نعم جاء في الحديث «البسوا من ثيابكم البياض وكفنوا فيها موتاكم فإنها أطيب وأطهر » هذا بالنسبة للرجال وسبق أن قلنا أن اللباس عرفي لا يجوز أن تتشبه النساء بالرجال، ولا يمنع النساء من لبس البياض إذا اختلف عن لباس الرجال، فلو فصل للمرأة ثوب أبيض بنفس التفصيل الذي يلبسه الرجال قلنا حرام؛ لأن هذا تشبه من النساء بالرجال والعكس، لو لبس الرجل ثوبًا تفصيله للنساء قلنا حرام، لكن مجرد اللون مع الاختلاف في التفصيل لا يؤدي هذا إلى التشبه.

الدعاء لمن لبس ثوبًا جديدًا أو عمامة أو قميصًا أو رداء «اللهم لك الحمد كما كسوتني أسألك خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له».

نعم هذا في باب الأذكار ولو أخذنا نستطرد ونذكر كل ما ورد في الباب ما انتهى الموضوع.

صحيح الحديث يا شيخ؟

الحديث.

الحديث عند الترمذي.

في الشمائل هو مخرج في الشمائل.

«اللهم لك الحمد كما كسوتني أسألك خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له» أولاً: رجاله إذا نظرنا إليهم نظرة عابرة: سويد بن نصر، وعبد الله بن المبارك، وسعيد بن أبي إياس، وسعيد بن إياس رجاله كلهم ثقات، ومخرج عند أبي داود، فالحديث صحيح لا إشكال فيه.

 

شكر الله لكم في الحديث القادم سيكون في باب ما جاء في عيش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو لم نحدده بعد، نستكمل بإذن الله في حلقة قادِمة، مستمعي الكرام وأنتم على خير نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لكل خير وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

"