كتاب الرجعة من سبل السلام (4)

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

قال في البلوغ وشرحه في المسألة الرابعة.

في الشرح، ليس في البلوغ.

طالب: قال في الشرح، في المسألة الرابعة من مسائل الحديث السادس، في كتاب الرجعة، باب الإيلاء والظهار والكفارة"

يعني في كفارة الظهار المرتبة، عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا، نعم. انتهى الكلام على الرقبة وعتق الرقبة بقي الآن الكلام في الصيام.

قال: "الرَّابِعَةُ: أَنَّ قَوْلَهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ» دَالٌّ عَلَى وُجُوبِ التَّتَابُعِ، وَعَلَيْهِ دَلَّتْ الْآيَةُ، وَشُرِطَتْ أَنْ تَكُونَ قَبْلَ الْمَسِيسِ فَلَوْ مَسَّ فِيهِمَا اسْتَأْنَفَ، وَهُوَ إجْمَاعٌ إذَا وَطِئَهَا نَهَارًا مُتَعَمِّدًا. وَكَذَلك لَيْلًا عِنْدَ الْهَادَوِيَّةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَآخَرِينَ، وَلَوْ نَاسِيًا لِلْآيَةِ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ إلَى أَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَيَجُوزُ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ إفْسَادُ الصَّوْمِ، وَلَا إفْسَادَ بِوَطْءِ اللَّيْلِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ.

وَاخْتَلَفُوا إذَا وَطِئَ نَهَارًا نَاسِيًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفْسِدْ الصَّوْمَ".

فالنسيان عذر لا يُبطل الصيام سواء يستوي في ذلك الأكل والشرب والجماع وغيرها من المفطرات إذا وقعت من الناسي.

"وَقَالَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ: بَلْ يَسْتَأْنِفُ كَمَا إذَا وَطِئَ عَامِدًا لِعُمُومِ الْآيَةِ، قَالُوا: وَلَيْسَتْ الْعِلَّةُ إفْسَادَ الصَّوْمِ، بَلْ دَلَّ عُمُومُ الدَّلِيلِ لِلْأَحْوَالِ كُلِّهَا عَلَى أَنَّهَا لَا تَتِمُّ الْكَفَّارَةُ إلَّا بِوُقُوعِهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ.

الْخَامِسَةُ: اخْتَلَفُوا أَيْضًا فِيمَا إذَا عَرَضَ لَهُ فِي أَثْنَاءِ صِيَامِهِ عُذْرٌ مَيْئُوسٌ، ثُمَّ زَالَ هَلْ يَبْنِي عَلَى صَوْمِهِ، أَوْ يَسْتَأْنِفُ، فَقَالَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ: إنَّهُ يَبْنِي عَلَى صَوْمِهِ؛ لِأَنَّهُ فَرَّقَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ: بَلْ يَسْتَأْنِفُ لِاخْتِيَارِهِ التَّفْرِيقَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعُذْرَ صَيَّرَهُ كَغَيْرِ الْمُخْتَارِ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعُذْرُ مَرْجُوًّا فَقِيلَ: يَبْنِي أَيْضًا، وَقِيلَ: لَا يَبْنِي.. "

مرجوًا زواله.

"لِأَنَّ رَجَاءَ زَوَالِ الْعُذْرِ صَيَّرَهُ كَالْمُخْتَارِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَعَ الْعُذْرِ لَا اخْتِيَارَ لَهُ.

السَّادِسَةُ: أَنَّ تَرْتِيبَ قَوْلِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَصُمْ» عَلَى قَوْلِ السَّائِلِ: مَا أَمْلِكُ إلَّا رَقَبَتِي، يَقْضِي بِمَا قَضَتْ بِهِ الْآيَةُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الصَّوْمِ إلَّا لِعَدَمِ وِجْدَانِ الرَّقَبَةِ، فَإِنْ وَجَدَ الرَّقَبَةَ إلَّا أَنَّهُ يَحْتَاجُهَا لِخِدْمَتِهِ لِلْعَجْزِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ الصَّوْمُ. فَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ قَدْ صَحَّ التَّيَمُّمُ لِوَاجِدِ الْمَاءِ إذَا كَانَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَهَلَّا قِسْتُمْ ما هنا عَلَيْهِ؟

قُلْت: لَا يُقَاسُ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ قَدْ شُرِعَ مَعَ الْعُذْرِ فَكَانَ الِاحْتِيَاجُ إلَى الْمَاءِ كَالْعُذْرِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ يُجْعَلُ الشَّبَقُ إلَى الْجِمَاعِ عُذْرًا يَكُونُ لَهُ مَعَهُ الْعُدُولُ إلَى الْإِطْعَامِ، وَيُعَدُّ صَاحِبُ الشَّبَقِ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ لِلصَّوْمِ؟

قُلْت: هُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ سَلَمَةَ. وَقَوْلُهُ فِي الِاعْتِذَارِ عَنْ التَّكْفِيرِ بِالصِّيَامِ: "وَهَلْ أَصَبْت الَّذِي أَصَبْت إلَّا مِنْ الصِّيَامِ"، وَإِقْرَارُهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى عُذْرِهِ.

وَقَوْلُهُ: «أَطْعِمْ»، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عُذْرٌ يُعْدَلُ مَعَهُ إلَى الْإِطْعَامِ.

السَّابِعَةُ: أَنَّ النَّصَّ الْقُرْآنِيَّ وَالنَّبَوِيَّ صَرِيحٌ فِي إطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا كَأَنَّهُ جَعَلَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرَيْنِ إطْعَامَ مِسْكِينٍ.

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ إطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا، أَوْ يَكْفِي إطْعَامُ مِسْكِينٍ وَاحِدٍ سِتِّينَ يَوْمًا؟ فَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ إلَى الْأَوَّلِ لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَذَهَبَتْ الْحَنَفِيَّةُ.."

إرادة الستين العدد لا شك أنَّه ظاهر الآية، وجاء في البخاري لو أطعم مسكينًا ثلاثين يومًا أجزأ، ثلاثين يومًا يعني عن صيام شهر رمضان أجزأ؛ لأنَّ المقصود إطعام؛ وعلى هذا يكون فإطعام ستين مسكينًا، المقصود به فإطعام طعام ستين مسكين، وطعام الستين يجوز صرفه إلى أقل من ذلك، يعني إذا حصلت الكمية المطلوبة تصرف إلى أي عدد كان، لكن إذا كان إطعام ستين مسكينًا ظاهره أنَّ عدد المساكين مطلوب، وأنَّه كلما كثر الانتفاع بهذا الطعام كان أقرب إلى تحقيق الأمر.

طالب: ..........

نعم؟

طالب: .........

هو الكفارة إذا قيل: إطعام عدد كذا، فالعدد لابد من تحقيقه عند الجمهور، وعند الحنفية ما يهمهم، يهمهم إطعام هذا المقدار من الطعام لا هذا العدد من المطعمين.

"وَذَهَبَتْ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَالنَّاصِرِ إلَى الثَّانِي، وَأَنَّهُ يَكْفِي إطْعَامُ وَاحِدٍ سِتِّينَ يَوْمًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ بِقَدْرِ إطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالُوا: لِأَنَّهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مُسْتَحِقٌّ كَقَبْلِ الدَّفْعِ إلَيْهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ تُغَايِرُ الْمَسَاكِينَ بِالذَّاتِ، وَيُرْوَى عَنْ أَحْمَدَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ كَالْقَوْلَيْنِ وَالثَّالِثُ:.."

كَالْقَوْلَيْنِ هَذَيْنِ، وَالثَّالِثُ، يعني كالقولين الذين ذكرهما، والثالث يختلف عنهما.

"كَالْقَوْلَيْنِ هَذَيْنِ، وَالثَّالِثُ: إنْ وَجَدَ غَيْرَ الْمِسْكِينِ لَمْ يَجُزْ الصَّرْفُ إلَيْهِ وَإِلَّا أجاز إعَادَةُ الصَّرْفِ إلَيْهِ."

وإلا أَجْزَأَ.

طالب: عندي أجاز يا شيخ.

أَجْزَأَ إعادة الصرف إليه.

"الثَّامِنَةُ: اُخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الْإِطْعَامِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ، فَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ سِتُّونَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ ذُرَةٍ، أَوْ شَعِيرٍ، أَوْ نِصْفُه مِنْ بُرٍّ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ، وَالْمُدُّ رُبْعُ الصَّاعِ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ: «أَطْعِمْ عَرَقًا مِنْ تَمْرٍ سِتِّينَ مِسْكِينًا»، وَالْعَرَقُ مِكْتَلٌ يَأْخُذُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا أو ستة عشر؛ ولإعانته- صلى الله عليه وسلم- للواطئ في رمضان بعرق خمسة عشرة صاعًا مِنْ تَمْرٍ؛ وَلِأَنَّهُ أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ هَذَا.

 وَاسْتَدَلَّ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّهُ وَرَدَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: «اذْهَبْ إلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ فَقُلْ لَهُ، فَلْيَدْفَعْهَا إلَيْك فَأَطْعِمْ عَنْك مِنْهَا وَسْقًا من تمر سِتِّينَ مِسْكِينًا»، قَالُوا: وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا.

وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ: «فَأَطْعِمْ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ سِتِّينَ مِسْكِينًا»، وَجَاءَ فِي تَفْسِيرِ الْعَرَقِ أَنَّهُ سِتُّونَ صَاعًا.

وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد أَنَّ الْعَرَقَ مِكْتَلٌ يَسَعُ ثَلَاثِينَ صَاعًا، قَالَ أَبُو دَاوُد، وَهَذَا أَصَحُّ الْحَدِيثَيْنِ، وَلَمَّا اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الْعَرَقِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، وَاضْطَرَبَتْ الرِّوَايَاتُ فِيهِ، جَنَحَ الشَّافِعِيُّ إلَى التَّرْجِيحِ بِالْكَثْرَةِ، وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا.

قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ الْعَرَقُ السَّفِيفَةُ الَّتِي مِنْ الْخُوصِ فَيُتَّخَذُ مِنْهَا الْمَكَاتِلُ، قَالَ: وَجَاءَ تَفْسِيرُهُ أَنَّهُ سِتُّونَ صَاعًا. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد يَسَعُ ثَلَاثِينَ صَاعًا. وَفِي رِوَايَةِ سَلَمَةَ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، فدلَّ أَنَّ الْعَرَقَ يَخْتَلِفُ فِي السَّعَةِ وَالضِّيقِ، قَالَ: فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى رِوَايَةِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا."

الكلام في تحديد هذا العرق كونه يسع خمسة عشرة صاعًا لا شك أنَّه مُرجِّح لمن يقول بأنَّ الإطعام مد، ولا يعارضه قوله: يسع ثلاثين صاعًا، ولا يسع ستين صاعًا؛ لأنَّه قد يسع، لكن لا يمتلأ. أمَّا رواية الخمسة عشرة صاعًا فنص لا يُمكن أن يُقال: إنَّه أكثر من ثلاثين في عرق يسع خمسة عشر، أو ستين في عرق، ما يُمكن، لكن خمسة عشر في عرق يسع ستين، أو يسع ثلاثين متصور.

"قُلْت: يُؤَيِّدُ قَوْلَهُ: نَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ عَنْ الزَّائِدِ، وَهُوَ وَجْهُ التَّرْجِيحِ."

يعني الذمة بريئة، الذمة ترتاح تبرأ بأقل قدر، ولا يكلف الناس ويؤتمرون ويؤمرون بشيء ليس بصريح في الدلالة؛ لأنَّ الأصل أنَّ الذمة بريئة من هذه الكفارات، فلا يتعلق بالذمة إلا أقل قدر منها، وما عداه فمشكوك فيه.

طالب: ........

المد يشبع، المد إذا طُبِخَ أشبع، وعلى كل حال القول الوسط في هذه المسألة النصف، النصف هو المتوسط، وإن أشبع المد إلا أنَّ النصف مع خلاف المذكور من غير مرجح عند أهل العلم يجعل النصف هو الوسط من هذه الأقوال وأحوط، لا سيما إذا أشير به إشارة على ما تلزمه الكفارة، يعني ما يُلزم بالنصف لكن إذا قيل له: لو أخرجت نصفًا أحوط لك، وأبرأ لذمتك، وأنفع للمساكين من هذا الباب.

طالب: .........

لا، ما يلزمه الطبخ، العلماء يقولون: ما يلزمه الطبخ، يخرجه نيئًا.

"التَّاسِعَةُ: وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَسْقُطُ جَمِيعُ أَنْوَاعِهَا بِالْعَجْزِ، وَفِيهِ خِلَافٌ.

فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحَدُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ إلَى عَدَمِ سُقُوطِهَا بِالْعَجْزِ".

لكن تبقى دَيْنًا في ذمته إن استطاعه، وإن مات قبل ذلك فيعفو الله عنه، إن استطاع؛ ولذلك يذكر العلماء في الحقوق المتعلقة بالتركة الديون المطلقة، الثالث من الحقوق الديون المطلقة، ويستوي فيها ما كان من حق الآدمي، وحق الله- جلَّ وعلا- كالكفارات؛ لأنَّ الكفارات دَيْن تبقى في ذمته، ومنهم من يقول: إنَّها تسقط؛ لأنَّ النبي- عليه الصلاة والسلام- لمَّا وطئ الأعرابي امرأته في رمضان، قال له: هل تجد رقبة؟ قال: لا، قال: تستطع أن تصوم؟ قال: لا، قال: تستطع أن تطعم؟ قال: لا، فانتظر حتى جاء الطعام إلى النبي- عليه الصلاة والسلام- فقال: «خذ هذا وأطعمه»، قال: والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منَّا.

 المقصود أنَّ النبي- عليه الصلاة والسلام- قال: «كله أنت وأولادك»، فكأنَّه أسقط عنه الكفارة، لكن لا يعني هذا الإسقاط، وليس بنص على إسقاط الكفارة، يعني يُمكن أن يُقال: خذ هذه صدقة، نعم، كله أنت وأولادك، وادفع به حاجتك، ثم بعد ذلك تكفِّر، يعني ليس فيه ما يدل على إسقاط الكفارة.

طالب: هل يشرع لنا التبرع في قضاء الكفارة عنه؟

نعم، لكن قضاء الكفارة عنه، هو دفع كفارة؟ ما دفع، كلها، الكفارة ما تصح على نفسه وعلى ولده.

طالب: .........

لا، ليس على أساس أنَّه كفارة، هذا ادفع به حاجتك، ما دام أنتم أفقر ناس في المدينة كلوه، والكفارة تبقى في ذمتك، يعني ما فيه ما ينفيها.

"فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحَدُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ إلَى عَدَمِ سُقُوطِهَا بِالْعَجْزِ؛ لِمَا فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد عَنْ خُولَةَ بِنْتِ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ.."

خولة أم خويلة.

طالب: عندي خولة يا شيخ.

الإخوان ماذا عندهم؟ خويلة عندهم.

القارئ: خويلة يا شيخ؟

"عَنْ «خُوَيْلَةَ بِنْتِ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَتْ: ظَاهَرَ مِنِّي زَوْجِي أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ، إلَى أَنْ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يُعْتِقُ رَقَبَةً»، قَالَتْ: لَا يَجِدُ، قَالَ: «يَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ»، قَالَتْ: إنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ، قَالَ: «يُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا»، قَالَتْ: مَا عِنْدَهُ شَيْءٌ يَتَصَدَّقُ بِهِ، قَالَ: «فَإِنِّي سَأُعِينُهُ بِعَرَقٍ» الْحَدِيثَ، فَلَوْ كَانَ يَسْقُطُ عَنْهُ بِالْعَجْزِ لَأَبَانَهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يُعِنْهُ مِنْ عِنْدِهِ.

وَذَهَبَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ، وَطَائِفَةٌ إلَى سُقُوطِهَا بِالْعَجْزِ كَمَا تَسْقُطُ الْوَاجِبَاتُ بِالْعَجْزِ عَنْهَا وَعَنْ أبْدَالِهَا. وَقِيلَ: إنَّهَا تَسْقُطُ كَفَّارَةُ الْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ بِالْعَجْزِ عَنْهَا لَا غَيْرُهَا مِنْ الْكَفَّارَاتِ".

التي ورد فيها النص، مع أنَّ النص ليس بصريح في السقوط.

"قَالُوا: لِأَنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ الْمُجَامِعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ أَنْ يَأْكُلَ الْكَفَّارَةَ هُوَ وَعِيَالُهُ".

يأكل التمر الذي جيء به إلى النبي- عليه الصلاة والسلام-، ولا يتعين أن يكون هو الكفارة.

"وَالرَّجُلُ لَا يَكُونُ مَصْرِفًا لِكَفَّارَتِهِ، وَقَالَ الْأَوَّلُونَ: إنَّمَا حَلَّتْ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ وَكَفَّرَ عَنْهُ الْغَيْرُ جَازَ أَنْ يَصْرِفَهَا فيه، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ فِي كَفَّارَةِ الْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ، وَلَهُ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْكَفَّارَاتِ قَوْلَانِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا قَالَتْهُ الْهَادَوِيَّةُ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إذَا قَبَضَ الزَّكَاةَ مِنْ شَخْصٍ أَنْ يَرُدَّهَا إلَيْهِ.

الْعَاشِرَةُ: قَالَ الْخَطَّابِيُّ: دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الظِّهَارَ الْمُقَيَّدَ كَالظِّهَارِ الْمُطْلَقِ، وَهُوَ إذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ إلَى مُدَّةٍ ثُمَّ أَصَابَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إذَا بَرَّ وَلَمْ يَحْنَثْ".

هذا ظاهر في رمضان خاصة، خشي أن يقع على امرأته في رمضان فظاهر منها، ولا شك أنَّ الظهار قول منكر وزور، فحصل منه الظهار، وحصل منه الوطء، هذا من شؤم مخالفة النصوص.

 

"وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إذَا بَرَّ وَلَمْ يَحْنَثْ، فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى: إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إلَى اللَّيْلِ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَبْهَا".