شرح منتهى الإرادات (07)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم وصار على نهجهم إلى يوم الدين.
الثالث: نجس وهو ما تغير بنجاسة لا بمحل تطهير، وكذا قليل لاقاها ولو جاريًا أو لم يدركها طرفٌ، أو يمضي زمن تسري فيه، كمائع وطاهر ولو كثرَ، والوارد بمحل تطهيرٍ طهورٌ كما لم يتغير منه إن كثر، وعنه: كل جرية من جار كمنفرد فمتى امتدت نجاسة بجارٍ فكل جرية نجاسة مفردة، والجرية ما أحاط بالنجاسة سوى ما وراءها وأمامها..."
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في القسم الثالث من أقسام المياه وهو النجس تقدم الكلام في الطهور المطهِّر لغيره، والطاهر الذي طهارته لازمة لا تتعدى إلى غيره. تقدم ذكر الخلاف في المذاهب في القسمين، وأن الخلاف يظهر بين الشافعية والحنابلة من جهة، والحنفية من جهة أخرى فيما تقدم، وأما في القسم الثالث فظهور الخلاف مع المالكية.
و(النجس) بتربيع الجيم، بتربيع الجيم، كيف بتربيع الجيم؟ يعني الجيم على الحركات الأربع، يجوز فيها الحركات الأربع نجِس بالكسر، ونجَس، ونجُس، ونجْس، الحركات الأربع، هم يقولون بتثليث الجيم وإسكانها. ما الفرق بين قولهم: بتثليث الجيم وإسكانها، وبين قولنا بتربيع الجيم؟ فيه فرق أم ما فيه فرق؟
طالب: ...............
يعني بتثليث الجيم بالنسبة للحركات، بالنسبة للحركات بالتثليث، والسكون ليس بحركة، فيضيفونه إلى الحركات الثلاث، وإذا قلنا بتربيع الجيم انتهى الإشكال ولم نرتبط بحركات، والنجس ضد الطاهر. ضد أم نقيض؟
طالب: ضد يا شيخ، النقيضان لا يجتمعان.
وهنا يجتمعان؟ يمكن وصفه بأنه طاهر ونجس في آن واحد؟
طالب:...................
ضد لماذا؟ يمكن أن يوجد في آن واحد في وصف ذات واحدة؟! لا، كل شيء يمكن اجتماعه، نعم مع انفكاك الجهة كل شيء يمكن اجتماعه.
طالب:....................
يمكن أن يرتفعا؟ يمكن أن يوصف الماء بأنه ليس بطاهر ولا نجس، وإنما طهور؟
تأملوا يا إخوان! الطهور ليس بطاهر؟ لا يمكن أن يجتمعا، ولا يمكن أن يجتمع في الذات الواحدة في آن واحد أنها طاهرة نجسة، لا يمكن مع اتحاد الجهة، لكن يمكن أن يرتفعا ويحل محلهما وصف ثالث، وهو الطهور، لكن هذا على اعتبار التباين بين الأقسام الثلاثة، فهل هي بالفعل متباينة أو فيها نوع من التداخل لاسيما بين القسمين الأول والثاني؟ يعني هل قولنا: طهور وطاهر ونجس، مثل قولنا: اسم وفعل وحرف متباينة؟ أو فيها شيء من التداخل مثل قولنا: صحيح وضعيف وحسن؟
طالب: فيها تداخل يا شيخ.
فيه نوع تداخل أو ما فيه تداخل؟ يعني الماء الطهور ألا يمكن أن يوصف بأنه طاهر، طاهر وزيادة، والصحيح يمكن أن يوصف بأنه حسن وزيادة؟ لكن هل يمكن أن يوصف الفعل أو يسمى الفعل بأنه حرف أو اسم؟ لا هذا تباين، إذًا ماذا نقول عن قولهم: النجس ضد الطاهر؟ يعني يمكن أن يرتفعا، أو لا يمكن؟ بأن يوصف بوصف ثالث، دعونا من المشكوك فيه الذي زيد هذا لا يدخل القسمة، إنما القسمة على ما مشي عليه المؤلف، وأن المياه لا تزيد على ثلاثة، فهل نقول: إن بين الطهور والطاهر تداخل بمعنى أن كل طهور طاهر ولا ينعكس؟ كل صحيح حسن لا ينعكس. الآن التنظير بأنواع الحديث أم بأنواع الكلمة أقرب؟
طالب: الحديث.
يعني فيه شيء من التداخل بين أنواعه، إذًا هل هذا نقول إنه من باب النقيض أم من باب الضد؟
طالب: الضد يا شيخ.
الضد يمكن أن ترتفع الطهارة والنجاسة، ويحل محلها وصف ثالث؟ أو إذا ارتفعت الطهارة فارتفاع الطهورية من باب أولى؟
طالب:..............
إذًا يكون من باب النقيض، لا يمكن أن يرتفعا؛ لأنه لو ارتفع الوصف بكونه طاهرًا ارتفع بكونه طهورًا من باب أولى، وإذا انتفى وصفنا على الحديث بأنه حسن انتفى وصفنا بكونه صحيحًا من باب أولى؛ لأنها متداخلة من جهة، ولا تسلم من نوع تباين، ويقرر أهل الحديث أن بين الصحيح والحسن تداخلاً من وجه وتباينًا من وجه، فيتداخلان في الصحيح لغيره مع الحسن لذاته؛ لأنه أصله، ويتباينان في الصحيح لذاته مع الحسن لغيره، لا يلتقيان. هذا ضعيف وضعيف وضعيف صار حسنًا لغيره.
طالب:....................
نعم.
طالب:..................
نقول: إذا ارتفع الوصف بكونه طاهرًا، ارتفع الوصف بكونه طاهرًا، هل يمكن أن يوصف بأنه طهور؟ لا يمكن، المسألة يمكن أن تُتصور إذا أتينا بثلاثة أوانٍ، ثلاث من الآنية واحد فيه طهور، وواحد فيه طاهر، وواحد فيه نجس، فإذا رفعنا الطاهر والنجس بقي الطهور، لكن هل يمكن أن يوصف بأنه طاهر؟
طالب:..............
يمكن حقيقة أو اصطلاحًا فقط؟ اصطلاح، يعني هل تخصيصهم كل نوع أو كل قسم من أقسام المياه باسم يخصه له فائدة عملية، أو مجرد تنويع، تفنن؟ لاشك أن تقسيمهم له فائدة، فيجعلون حقيقة الطهور غير حقيقة الطاهر، لكنه طاهر وزيادة، فهما متداخلان من هذه الحيثية، والنجس لا يجوز استعماله إلا لضرورة، كدفع قَصة مثلًا ولا طاهر عنده، أو عطش شديد ولا يوجد غيره، أو إطفاء حريق مثلًا، ويجوز كما يقول أهل العلم خلطه بالتراب؛ ليكون طينًا يبنى به ما لا يُصلى عليه، ولا يُبنى به أيضًا بناية محترمة كالمسجد مثلًا، ما لا يُصلى عليه؛ لأنه نجس اختلط بنجاسة، ولا يبنى به مسجد؛ لأن المسجد محترم، والاحترام يناقض النجاسة، والنجس جعلوه على قسمين: القسم الأول مربوط بالتغير، والثاني مربوط بالملاقاة بمجرد الملاقاة، وأشار إلى القسم الأول بقوله: وهو ما تغير بنجاسة، تغير بنجاسة خالطته لا بمحل تطهير، تغير بنجاسة لا بمحل تطهير.
الآن الذي تغير بالنجاسة في محل التطهير نجس أم طاهر؟ طهور لماذا؟ لأنه يلزم منه من القول بتنجيسه ألا يطهر شيء ألبتة لا يطهر شيءٌ البتة، يعني إذا وجد نجاسة ثم صب عليها ماء فهي بمجرد ملاقاتها تنجس، والنجس لا يزيل النجاسة، بل يزيدها، فإذا أتينا بماء ثانٍ كذلك، إذا أتينا بماء ثالث كذلك، فيمتنع التطهير، ولذا استثنوا ما تغير بمحل التطهير، وهذه المسألة مجمع عليها سواءً كان قليلًا أو كثيرًا.
(وكذا قليل) وهذا الثاني.
طالب:................
لا، إذا انفصل فنجس، إلا إذا كان آخر غسلة زالت النجاسة فيها، ولذلك يقولون: بمحل التطهير.
طالب: إذا انفصل محل النجاسة قبل زوالها غير متغير.
كل على مذهبه في القليل والكثير.
طالب: أحسن الله إليك.
(وكذا قليل) وسيأتي أن القليل عنده ما دون القلتين والشافعية أيضًا يحدون القليل بما دون القلتين، والمالكية لا فرق عندهم بين القليل والكثير، وإنما معولهم على التغير، والحنفية يفرقون بين القليل والكثير، ويختلفون في ذلك، فمنهم من يقول بالمساحة، يقدرونه بغدير يكون عشرة في عشرة، أو بالتحرك مع التحريك، إذا تحرك طرفه فإن تحرك طرفه الآخر فهو قليل وإلا فكثير.
(وكذا قليل لاقاها) وإن لم يتغير بها، وإن لم يتغير بها بمجرد ملاقاة النجاسة، ولو كان الماء الذي لاقى هذه النجاسة وهو قليل جاريًا، ولو كان جاريًا، ولو هذه للخلاف القوي، وسيأتي في الرواية الثانية أن الجاري يختلف حكمه عن حكم الماء الراكد، يختلف حكمه عن حكم الماء الراكد.
أو كانت النجاسة التي لاقاها الماء لا يدركها طرف. (أو لم يدركها طرف) يعني لا تتبين للناظر إليها، لا تتبين للناظر إليها، أحيانًا يجزم الإنسان أنه أصابه رشاش، لكن ينظر في بدنه فلا يجد شيئًا، وهذا ما يُصور برؤوس الإبر كما يقولون، عندهم ينجس الماء بمثله، ينجس الماء بمثله، ينجس البدن بمثله، تنجس البقعة بمثله، ينجس الثوب بمثله، فتجب إزالة هذه النجاسة (أو لم يدركها طرف) العين المجردة إذا لم تدرك، مع أننا نجزم بأن النجاسة وقعت على هذا المحل سواء كان ماءً أو بدنًا أو ثوبًا أو بقعة لابد من تطهيرها، وذكر في الفروع عن أبي الوقت الدينوري: طهارة ما لا يدركه الطرف، يعني عدم تأثير ما لا يدركه الطرف، وهما قولان عند الشافعية، قدم الطهارة في التنبيه، وقدم النجاسة في المنهاج للنووي، وذكر القول الثاني.
الآن علمنا بوقوع النجاسة هل يلزم أن يكون بالبصر أو بمجرد تيقن حصول النجاسة الطارئة على هذا الطاهر؟ فإذا قلنا: يكفي التيقن وقد أحسسنا بها، وقد وقعت على الرجل أو على اليد أو غيرها، لابد من تطهيرها، ويرد على هذا الأعمى إذا وقع عليه نجاسة وهو لا يدركها بطرفه؛ لأنه لا يبصر، فكيف يميز بين كونها يسيرة جدًّا كرؤوس الإبر أو مما يجب غسله مما هو أكبر من ذلك؟ وعلى كل حال هي نجاسة، وقد أمرنا بغسل النجاسات وإزالتها، ولاشك أن هذا أحوط، إذا تيقنا من نزول شيء من النجاسة ولو كانت يسيرة جدًّا.
أو لم يمض زمن تسري فيه.
لم يمض زمن تسري فيه، عندك إناء كبير وقع نجاسة في طرفه فتقول: أغترف من طرفه الأيسر الذي لم تسرِ فيه النجاسة قطعًا ما وصلت قبل أن تصل إليه (أو لم يمض زمن تسري فيه النجاسة)، يمكن؟ يعني هل وقوع النجاسة في الإناء تصل إلى جميع أجزائه في آن واحد، أو هي تتحلل فيه ببطء؟
طالب: تتحلل ببطء.
تتحلل ببطء، وعلى هذا لو أخذنا من الجهة التي نجزم بأنها لم تصل إليها، الحكم واحد عند المؤلف (أو لم يمض زمن تسري فيه) بمجرد الملاقاة ولو لم يمض زمن تسري فيه، وقل مثل هذا لو غمست اليد في زاوية من الإناء ما نقول إن الزاوية الثانية طهور، على ما تقدم في تقرير كلامه، وإلا عرفنا أن المرجح أنه لا أثر لغمس اليد إلا الإثم للمخالفة، وإلا فالماء يبقى طهور، القول بتنجيس الماء بمجرد الملاقاة هو الرواية المشهورة في المذهب، وهو قول الشافعية، بل قال في "الإنصاف": هو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب بمجرد الملاقاة، وعمدة هذا القول: حديث القلتين «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث»، وفي رواية: «لم ينجسه شيء» هذه عمدة الحنابلة والشافعية في التنجيس بمجرد الملاقاة، وفي التحديد بالقلتين، والتنجيس بمجرد الملاقاة له أدلة أخرى منها حديث الولوغ، نجس الماء وجاء الأمر بإراقته كما في صحيح مسلم بمجرد ملاقاة ريق الكلب، ومثل هذا لا يغير الماء، بمجرد ملاقاة الولوغ هل يتغير لونه أو طعمه أو رائحته؟ لا يتغير، لو وضع في الماء شيء يسير من البول مثلًا ما تغير لا لونه ولا طعمه ولا رائحته، أيضًا قد جاء النهي عن البول في الماء الدائم ولو لم يتغير، هذه حجة من يقول: إن الماء ينجس بمجرد الملاقاة، وهذا قول الأكثر. حديث القلتين الذي هو عمدة الحنابلة والشافعية في هذا صححه جمع من أهل العلم، ويتجه تصحيحه، صححه أئمة من المتقدين ومن المتأخرين، شيخ الإسلام ابن تيمية وابن حجر وغيرهما، كلهم صححه حديث القلتين، لكن هل شيخ الإسلام يقول بمفاده ومقتضاه إن الماء ينجس بمجرد الملاقاة، أو رأيه كرأي المالكية لا ينجس إلا بالتغير، وهو الرواية الثانية في المذهب أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، وهو رأي الإمام مالك واختيار شيخ الإسلام -رحمه الله-؟
كيف يصحح حديث القلتين ولا يقول بمقتضاه؟!
طالب: ...............
شيخ الإسلام يقول: يعمل بمنطوقه، فالماء إذا بلغ القلتين لا يؤثر فيه شيء، ومفهومه أنه إذا لم يبلغ قلتين فإنه يتأثر، ومفهومه معتمد الحنابلة والشافعية، شيخ الإسلام عمل بالمنطوق وألغى المفهوم، ألغى المفهوم لماذا؟ لأنه معارَض بمنطوق حديث أبي سعيد «إن الماء طهور لا ينجسه شيء» فمفهومه مُلغى عند شيخ الإسلام، ولا شك أن مفهوم المخالفة معتبر عند جمهور أهل العلم، لكنه إذا عُورض بمنطوق قُدِّم عليه المنطوق.
مفهوم {لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً }[آل عمران:130]، أنه إذا كان ضعفًا واحدًا مفهومه أنه يجوز، لكن هذا المفهوم معارض بمنطوقات تدل على تحريم الربا بجميع صوره وأشكاله ولو ضعفت نسبة الزيادة، فهذا المنطوق مقدم على مفهوم النهي عن أكله أضعافًا مضاعفة. {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة:80]، مفهومه أنه لو استغفر لهم واحدًا وسبعين مرة فإنه يُغفر لهم، لكن هذا المفهوم معارَض بمنطوق قوله -جل وعلا-: { ِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}[النساء:48].
المقصود أن المفهوم إذا عورض بمنطوق قُدِّم المنطوق على المفهوم، والمنطوق دلالة اللفظ في محل النطق، والمفهوم دلالته لا في محل النطق، لكن لقائل أن يقول: المنطوق مقدم على المفهوم، لكن هذا مفهوم خاص والمنطوق عام، فهل نقدم الخاص على العام أو نقدم المنطوق على المفهوم؟ وهنا يكون في المسألة وجها قوة ووجها ضعف، وجه القوة في المسألتين كون أحدهما منطوقًا والثاني خاصًّا، ووجه الضعف كون أحدهما مفهومًا والثاني عامًّا، والقاعدة تقدِّم المنطوق على المفهوم، كما أن القاعدة الأخرى تُقدِّم الخاص على العام، التخصيص بالمفهوم يمكن أو ما يمكن؟ خصصوا بما هو دون ذلك، خصصوا بالقياس، لاشك أن دلالة اللفظ في محل النطق أقوى من دلالته بالمفهوم لا في محل النطق، لكن يبقى عندنا العموم والخصوص، فعندنا حديث القلتين منطوقه أنه إذا بلغ قلتين فأكثر فإنه لا يتأثر، ومفهومه أنه إن لم يبلغ يتأثر، وحديث «إن الماء طهور لا ينجسه شيء» منطوقه أنه لا يتنجس مطلقًا قليلاً كان أو كثيرًا، لكنه عام يشمل ما فوق القلتين وما دون القلتين، ومفهوم حديث ابن عمر خاص بالقلتين. المسألة سهلة أم صعبة؟ لأن بعض الناس يرجح وهو يمشي، يرجح وهو ماشٍ، المسألة صعبة ليست بالسهلة.
نظير ذلك الوضوء مما مسته النار كان آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «ترك الوضوء مما مسته النار» هذا متأخر، والأمر بالوضوء مما مسته النار متقدم إلا أن المتأخر (مما) ما من ألفاظ العموم، ولحم الإبل داخل في هذا العموم من جهة، لكنه ورد ما يخصصه. انتبهوا معي يا إخوان، لأن عندنا أمرين: عندنا القول بالتخصيص بلحم الإبل، وعندنا أيضًا القول بالتقدم والتأخر، فهل نقدم المتأخر على أنه عام على المتقدم، وهذا يحتاج إلى نقل؛ لأن حديث الوضوء من لحم الإبل متقدم وإن كان خاصًّا؟
طالب:...............
قرينة أيش؟
طالب:...................
لأنه خيّره في الغنم، هذا مرجح عند الحنابلة، وإن كان الجمهور يقولون بخلاف هذا، يقولون: نسخ شامل للإبل وغيرها، والمرجح ذكرناه في مناسبات كثيرة أن الراجح العمل بالخاص في مثل هذا؛ لأنه منطوق. يبقى أن كونه متقدمًا أو متأخرًا، الذي يرجح التقدم، يعني لو لم يرد عندنا إلا النص «ترك الوضوء مما مسته النار»، وعندنا الأمر بالوضوء من لحم الإبل كله متقدم ومتأخر، لكن عندنا الأمر بالوضوء مما مست النار، فيكون ترك الوضوء مما مست النار ناسخًا لهذا الأمر، ويبقى لحم الإبل محفوظًا، لا معارضة للخبر معه.
طالب:........................
لا، لو كان الحكم موافقًا للحكم العام.
طالب:.........................
لكن ماذا عن قوله: إن شئت.
طالب:.........................
لو لم يرد إلا هذا ما فيه إشكال.
نظير ذلك أيضًا كثير من الإخوان يمل من كثرة التنظير، وهو يوضح المسائل، يعني كم من مسائل مقررة عند أهل العلم يتفقون عليها في التنظير، لكن إذا جاء التطبيق كل واحد نظر إلى النصوص من زاوية معينة، وسار وراء هذه الزاوية.
الأمر بقطع الخفين لمن لم يجد النعلين «وليقطعهما أسفل من الكعبين»، ثم بعد ذلك خطب بعرفة، ولم يذكر القطع «من لم يجد النعلين فليلبس الخفين» هل نقول إن هذا متقدم وهذا متأخر فهذا ناسخ؟ أو نقول إن هذا مطلق وهذا مقيد، ويجب حمل المطلق على المقيد؟ يعني إذا تعارض أكثر من قاعدة فكيف نصنع؟
إذا كانت القواعد بقوة واحدة نطلب مرجحًا خارجيًّا، إذا كانت القواعد متعادلة في القوة، فعندنا ما الذي يرجح عدم القطع؟ وما الذي يرجح القطع؟ لا شك أن من يقول بالقطع عندهم قاعدة حمل المطلق على المقيد، واتفقا في الحكم والسبب، فيجب حمل المطلق على المقيد، ماشية القاعدة ما فيها إشكال. ومن يقول بأن هذا متقدم وهذا متأخر يُرَدّ عليه بأي شيء؟
طالب:..................
إلا مع تعذر الجمع، لا يُصار لالنسخ إلا مع تعذر الجمع، والجمع ممكن، الجمع يكون بحمل المطلق على المقيد، لكن يورد أصحاب القول الآخر أن هذا خلل في البيان، يورث خللاً في البيان، كيف؟! هل الذين بلغهم الخبر أو مقالة النبي -عليه الصلاة والسلام- بالمدينة مقالته الأولى هم الذين سمعوا منه الخبر في عرفة؟
طالب: لا.
لا، زادوا أضعافًا مضاعفة، وهؤلاء يحتاجون إلى بيان، وهذا وقت الحاجة إليه، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وحينئذٍ يكون نسخًا.
طالب:......................
إن كان النسخ الاصطلاحي الذي هو الرفع الكلي للحكم فنعم.
طالب:.............................
عُلم التاريخ، لكن أمكن الجمع بحمل المطلق على المقيد.
طالب:........................
لكن يرد علينا الخلل في التبليغ، وهذا مرجِّح.
طالب:...........................
أين؟
طالب:...........................
لا ، لا، في التنظير متفق عليه، في التنظير متفق عليه، لكن عند التطبيق يلوح للمجتهد شيء يخفى عليه أثناء التنظير، وأنت انظر أنت الآن كثير من المسائل التي يقررونها بالقواعد العامة يرد عليها ما يرد، وعندنا الآن في مسألتنا في تعارض حديث القلتين مع حديث أبي سعيد.
أولاً المتغير هذا مجمع عليه إذا تغير لونه أو طعمه أو ريحه بالنجاسة هذا مجمع عليه، وأما الزيادة في حديث أبي سعيد وأبي أمامة «إلا إن تغير لونه أو طعمه أو ريحه بنجاسة تحدث فيه» هذه ضعيفة باتفاق الحفاظ، لكن هل نقول: إن مقتضى فتوى عوام أهل العلم بل إجماعهم يدل على صحتها؟
طالب:.......................
كيف؟
طالب:...........................
فتوى عالم واحد ما تدل على الصحة؛ لاحتمال أن يكون هذا العالم عنده من الأدلة غير هذه الرواية.
طالب:................
شديد الضعف ما يعمل به أحد، ضعفه شديد.
طالب:...........................
الإجماع لا يمكن أن ينعقد إلا على دليل، ولابد من وجود دليل لهذه المسألة ولو لم نطلع عليه، لكن مسألة ثانية، عندهم فتوى العالم بمقتضى حديث أو على خلاف حديث، هل هذا تصحيح للحديث أو تضعيف له؟ أهل العلم يقولون: لا، لا تلازم؛ لأنه قد يفتي بمقتضى دليل آخر غير هذا، أو يكون هذا الحديث مع ضعفه مرجِّحًا لاحتمالين متساويين عند المجتهد؛ لأنهم يرجحون بالضعيف، حتى الذي لا يحتجون بالضعيف يرجحون به إذا وجد احتمال، نص يحتمل وجهين على حد سواء، فليكن هذا الضعيف هو القشة التي يُرجّح بها.
نقول: شيخ الإسلام -رحمه الله- جنح إلى إلغاء المفهوم؛ لأنه معارض بمنطوق، وعرفنا أن هذا المفهوم خاص والمنطوق الذي يعارضه عام، فأي القاعدتين نعمل ونرجح؟
طالب:.................
الإشكال هذا مجمع عليه.
طالب:........................
الحديث ما فيه، لا تغير ولا عدمه، يشمل المتغير وغير المتغير «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث» مفهومه أنه إذا لم يبلغ القلتين يحمل الخبث.
طالب:......................... ...
إذا تغير؟ ما ينفع هذا، لا، إذا تغير ولو كان كثيرًا يصير الحديث كله باطلًا الآن، كوننا نعمل بجزئه أفضل من أن نتركه بالكلية، إذا حملناه على المتغير أبطلناه بالكلية.
طالب:.............................
لا شك أن مثل هذا مما يرجّح به، وقد أشير إليه، ومن نظر في كتب الحنابلة والشافعية في فروع هذه المسألة وجد حرجًا شديدًا، ولذا الغزالي في إحياء علوم الدين تمنى أن لو كان مذهب الشافعي مثل مذهب مالك وارتاح الشافعية من مسائل كثيرة انبنت على هذا القول، تمنى الغزالي أن لو كان، لكن مثل الغزالي ما الذي يلزمك بقول الشافعي؟ هو من أتباع الشافعي وشافعي المذهب ومقلد للإمام وإن كان مجتهدًا في مذهبه، لكنه يبقى أنه مقلد، ولذا تمنى، أما شيخ الإسلام فلم يجد حرجًا في مخالفة الإمام أحمد ولا غير الإمام أحمد في مثل هذا؛ لأنه مجتهد مطلق. وعلى كل حال يُسر الشريعة وسماحتها وسهولتها، وأنها مبنية على التخفيف، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، والآثار والأغلال التي كانت على من قبلنا رفعت عنا، هذا يرجح به رأي الإمام مالك، وهو ما اختاره شيخ الإسلام، لكن يبقى أنه يرد عليه أنه لو عندنا إناء صغير، صغير إناء يكفي الوضوء فقط، ووقعت فيه نقطة بول يمكن أن يقول المالكية: يتوضأ بمثل هذا الماء أو ما يتوضأ به؟ ما تغير لا لون ولا طعم ولا رائحة ولا شيء، شيخ الإسلام يتوضأ بمثل هذا أو لا يتوضأ؟ يعني مقتضى قوله أنه يتوضأ، مقتضى قوله وقول مالك أنه يتوضأ بمثل هذا، لكن هل يستطيع مسلم أن ينظر في البول وهو يقع في هذا الماء ويتوضأ فيه! ألا يكون قد باشر النجاسة قطعًا.
طالب: وتعفه نفسه أن يشربه فمن باب أولى أن يتقرب به إلى الله.
لكن الاحتياط في مثل هذا لا يمكن، لا تقول: والله أنا من باب الاحتياط لا أتوضأ، ما عندك غيره، تتيمم وأنت واجد للماء؟ لا يمكن الاحتياط في مثل هذا؛ لأن مثل هذا الاحتياط يؤدي إلى ارتكاب محظور وهو الصلاة بدون وضوء وأنت واجد للماء. شيخ الإسلام -رحمه الله- يقرر أن الاحتياط إذا أدى إلى ارتكاب محظور أو ترك مأمور فالاحتياط في ترك هذا الاحتياط، فهل نقول في هذه الآنية الصغيرة التي وقعت فيها نقطة بول توضأ أم تيمم؟
طالب:.................
لن تؤثر، افترضنا أنها مُد، مُد تأثر لون أو طعم أو رائحة؟ لن تؤثر.
طالب:.......................
لا، ترى نقطة، نقطة ترى بالعين المجردة، وسواء كان هذا عن عمد أو عن غير عمد، ماذا يصير؟
طالب:..................
في المذهب نجس خلاص انتهى، لو يغتسل به عشرة ما لم يصل إلى القلتين يتيممون، وهو قول الشافعية، لكن المالكية يقولون: الحمد لله ما رأينا، ما تأثر، فهذه النجاسة استحالت في الماء ولا أثر لها. يمكن أن نحتاط في مثل هذا ونرجح رأي مالك أو رأي الجمهور؟ الاحتياط لا يرد في مثل هذا، لابد من الترجيح والعمل بما يدين الله به الإنسان يرجح عنده.
طالب:....................
إذا كانت نفسه لا تطيق الأكل من لحم الميتة وهو مضطر فمات، يأثم عند أهل العلم، يأثم عند أهل العلم
طالب:................
وهذا مثله، {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}[المائدة:6]، وهذا واجد للماء، نعم فيه نجاسة، لكنها استحالت ولم تغير أحد أوصافه، والماء طهور لا ينجسه شيء، وقد سئل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الماء وما ينوبه من السباع، قال: «إن الماء طهور لا ينجسه شيء»، سُئل عن بئر بضاعة، وهي بئر تلقى فيها الحيض والنتن ولحوم الكلاب، فقال ما قال -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:.........................
كل شيء بقدره، كم تعادل هذه من نقطة؟! ليست يسيرة، هذه بقدر الإبر، هذه بالنسبة للإناء الصغير تعادل نقطة أو تزيد.
طالب:.....................
نعم الذي يعدل التيمم، هنا مسألة: هل الأمور النفسية ملاحظة في مثل هذا؟ يعني هل المشقة مشقة البدن أو مشقة النفس؟ والعدم هو العدم الحقيقي أو العدم الحكمي؟ هم يبحثون مسألة إذا خاف، توهَم مجرد توهُم وجود ما يخاف إذا خرج لطلب الماء، شخص انقطع عنه الماء وهو في بيته، لكن تقوله خذ من الجيران ما يأخذ يستوحش، أو يكون فيه ماء عام، أو تقول له: اطلع افتح، يمكن المحبس مسكر من بره اطلع افتحه، ما يستطيع، مثل هذا يتيمم أو يلزمه أن يخرج؟
مثل ما أسألك.
طالب:................
هذه مشقة، هذا خطر يُجن إذًا في الظلام، وهو ما فيه لا سباع ولا لصوص ولا فيه أحد، هم لا يعفون بمثل هذا إلا إذا كان يغلب على الظن وجود هذا المخوف، لكن من أهل العلم من المتأخرين من قرر أن هذا قد يكون أشد من الأمر المتوقع، أشد من المخوف المجزوم به عند بعض الناس، بعض الناس تقول له: فيه أسد في الطريق، يمشي، وبعض الناس تقول له: فيه هر، لا يمشي، قِط، يتفاوت الناس في مثل هذا، فإذا كان الخوف يصل به إلى هذا الحد، فالله- جل وعلا- غفور رحيم. لكن يورد على هذا أيضًا ما ذكره البخاري -رحمه الله- في الصبي يؤمر بصلاة الصبح فتنهاه أمه خوفًا عليه، يلتفت أو ما يلتفت؟ صلاة الصبح ظلام ما فيه كهرباء، وما عنده إشكال أنه يروح لصلاة الفجر، عنده من الجرأة ما يجعله يذهب إلى صلاة الفجر، لكن أمه خوفًا عليه منعته. مثل هذا قالوا: لا يلتفت إليها، العبرة به هو.
مسألة...
طالب:...................
إذا خاف الإنسان على ولده من قرناء السوء فمنعه من الصلاة في المسجد، قال: إذا أنا موجود تصلي معي، ما أنا موجود تصلي في البيت، والأطفال في الشوارع تعرفون وضعهم يكفي هذا للمنع أم ما يكفي؟ هذا في الصلاة لا يكفي، مع عمل الاحتياطات والملاحظة التامة والتأكيد عليه، لكن إذا منعه من التردد على المسجد من أجل حفظ القرآن مثلًا وخاف عليه من قرناء السوء في الشارع، مثل هذا له أن ينهاه؛ لأن هذا يختلف عن الصلاة.
طالب:....................
... بجميع الصور، وهو قول مالك، وهذا مناسب جدًّا ليسر الشريعة وسماحتها، قدامك الماء إذا كان تغير أو استحالت النجاسة فيه كما إذا استحالت في غيره خمرة صارت خلاًّ، أيش صار؟
طالب:.......................
كيف! نحن رأينا نقطة بول تسقط في هذا الإناء الصغير. رأيناها لكن زالت، راحت.
طالب:.......................
وإذا أخبرك ثقة تلغي خبره؟! أخبرك ثقة يلزمك العمل بخبره.
طالب:..........................
ما تغير.
طالب:..................
ما فيه لون يا أخي، ألا يوجد من البول ما هو أبيض مثل الماء؟!
طالب:...............................
ما استحال، موجود، يعني الوجود موجود، لكن صحيح استحال، من ناحية الوجود فهو موجود، لكن عند بعض أهل العلم أن الماء ينظر فيه إلى أن من استعمله مستعملًا للنجاسة عرفًا، يرتاد إلى العرف، يعني ما عُدَّ باستعماله مستعملاً للنجاسة في العرف، هذا قيل به، لكن مثل هذا الأعراف تتفاوت والناس يتفاوتون، ولاشك أنه يوجد تضييع للحكم، فإما أن يقال بالأثر، إما أن يقال: أن الماء طهور لا ينجسه شيء أو يقال: إذا بلغ القلتين ما دام ما بلغ القلتين فنحن في حل، والقولان في غاية القوة اللهم إلا عند من يضعف حديث القلتين فهذا ما عنده مشكلة، وهو مضعف من قبل جمع من أهل العلم بالاضطراب في سنده ومتنه، في سنده ومتنه، أما اضطراب السند فقد أطال أهل العلم في تقريره، واضطراب المتن قالوا: في القلة، ما تحديدها، حدوها بقلال هاجر، والخبر الوارد فيها ضعيف جدًّا، وحدوها بما يقله الرجل المتوسط في القوة، وهذا أيضًا لا يمكن ضبطه، حدوها في بعض الأخبار بقلة أو قلتين أو ثلاث، وجاء: أربعين قلة، وحُدّت القلة أيضًا بما يوازي رؤوس الجبال، أي أنه لابد أن يكون طوفان، هذا يكون في مثل هذا اضطراب، لكن إذا أمكن الترجيح بين الروايات ينتفي الاضطراب، أما بالنسبة للعدد فلاشك أن القلتين أقوى من التردد في كونها قلة أو قلتين أو ثلاثًا، والخلاف في مفهومها لابد من الإحالة على شيء معلوم، لا على شيء مجهول، وابن جريج يقول: إن القلة معروفة الصنعة معروفة المقدار، فإذا أُحيلت على شيء معلوم انتفى الاضطراب فيها، وعلى كل حال على القول بصحته ومعارضة الحديث «إن الماء طهور» مع ما ذكرناه في جميع ما تقدم يترجح من باب التيسير، وهذا مرجح عند أهل العلم؛ لأن المرجحات عندهم تزيد على المائة، وقد يرجحون بما هو دون من ذلك.
مع أنهم يختلفون في الترجيح بالتيسير والتشديد، من أهل العلم من يرجح بالتشديد، لماذا؟ لأن الشريعة تكاليف وحُفت بالمكاره، فإذا وُجد عندنا نص يقتضي التشديد رجحنا التشديد، ومنهم من يرجّح التخفيف والتيسير الذي هو طبيعة هذه الشريعة، وقول شيخ الإسلام ورأي الإمام مالك متجّه.
طالب:....................
أين؟ متغير محل التطهير؟ ما فيه حرج، متغير محل التطهير هذا موجود عندك ماء آجن وماء نظيف أبيض لك أن تتوضأ به، ما فيه إشكال.
طالب:.....................
أنت لا تفترض هذا في شيء لا يوجد عندك غيره، ترفع الحرج. أنت عندك مائة من الآنية كلها طاهرة إلا هذا الذي وقعت فيه نقطة البول، مقتضى قول الإمام مالك وقول شيخ الإسلام: ما فيه إلا من أجل الخروج من الخلاف وإلا هو مثل غيره طاهر ما فيه إشكال، إلا أنهم يقررون أن الخروج من الخلاف في مثل هذا أحوط فقط لو طَهُر، لو عندك غيره.
طالب: ...........
سمعنا يا إخوان؟ يقول: إن الماء طهور لا ينجسه شيء مُبقٍ على الأصل وحديث القلتين ناقل، وإذا وجد هذا وهذا فالناقل هو المقدم؛ لأنه مؤسس لحكم جديد، وذاك مؤكِّد، لكن هذا التأكيد ألم ينبنِ على سبب وهو سؤال عن ماء باشرته النجاسات، ويمكن أن تُقلب الدعوى، ويقال: إن الماء الذي باشرته النجاسة تنجس هذا الأصل، ثم جاء هذا مستثنيًا لغير المتغير «إن الماء طهور لا ينجسه شيء» ويحتمل هذا وهذا.
طالب:.......................
يعني هذا يؤيده الأصل، باقٍ على أصله، أهكذا تريد؟
طالب:................
البراءة الأصلية والتغير أو التنجيس مشكوك فيه، يعني الأصل الطهارة والتنجيس بحديث القلتين مشكوك فيه؛ لأنه معارض بقوته، فإذا جعلنا هذا في مقابل هذا، وتقابل الدليلان مع الاتفاق في القوة والضعف، بعض العلماء يقولون تعارضا فتساقطا. لكن هذا لاشك أنه أسلوب لا ينبغي استعماله في مقابل النصوص، إذًا نقول: تعارضا فارتفعا، المقصود ارتفعت الدلالة منهما والعمل بهما، على كل حال المسألة لن تنحسم بمثل هذا، ولكلٍّ أدلته، ولكن الموافق ليسر الشريعة لاشك أنه ترجيح مذهب الإمام مالك واختيار شيخ الإسلام أنسب، يَرِد علينا من يقول: والله أنا أنسب لي أرجح قول الجمهور، وأنه مجرد ما أجد نجاسة أترك هذا الماء، وهذا أيسر لي وأريح لبالي؛ لأن بعض الناس يواجه من الصراع النفسي أشد من المشقة الحاصلة على بدنه، فنقول: هذا إذا ترجح صار هذا هو المناسب له.
طالب:...................
إذا صححنا حديث القلتين، وسيأتي الكلام في تحديد أوله وتقريب أو تحديد، وإلا فما الفرق أن تكون هذه النقطة من البول وقعت في هذا الإناء أو وقعت في إناء أكثر منه قليلًا يعني تجاوز القلتين، هذا دون القلتين بيسير، وهذا فوق القلتين بيسير؟ من حيث النظر ما فيه فرق.
طالب:..................
لم يحمل الخبث بمعنى أنه يقوى على دفعه، وفي الروايات الأخرى لم ينجس.
طالب:.....................
مثل هذا الذي نفسه لا تعاف شيئًا، ويرى من المشقة أن يبحث عن ماء ثانٍ غير هذا، نقول: المناسب له ويسر الشريعة تناسبه في مثل هذا يكون على رأي شيخ الإسلام وعلى رأي الإمام مالك، والشخص ما لم يصل إلى حد الوسواس ويشق عليه أنه يباشر لطهارته ما وقعت فيه نجاسة، نقول: إذا كان القول الثاني أيسر له فلا بأس.
كمائعٍ.
يعني الماء الذي لاقى النجاسة وهو يسير كالمائع لبن، خل، سمن، زيت.
كمائع وكماء طاهر غير طهور.
لأنه لا يدفع عن نفسه فلا يدفع عن غيره، وعلى هذا إذا وقعت النجاسة في المائع غير الماء كاللبن، والخل، والسمن، مجرد ملاقاته وهو دون القلتين، ينجس بمجرد الملاقاة، ومثله الطاهر، القسم الثاني من أنواع المياه، فإذا أثرت النجاسة في الطهور فلن تؤثر في الطاهر من باب أولى. الطهور الذي يدفع عن نفسه يدفع عن غيره، والطاهر لا يدفع عن غيره فكيف يدفع عن نفسه؟
كمائع وطاهر ولو كثرا.
ما معنى ولو كثرا؟ يعني ولو زاد على القلتين، كمائع، يعني لبن زاد على القلتين، ووقعت فيه، باشر، لاقى النجاسة. والماء الطاهر الذي لا يرفع الحدث ولو زاد على القلتين ينجس أو ما ينجس؟ ينجس على قوله، على رأي المؤلف أن اللبن ولو كان مشروعًا من المشاريع الكبرى ولو كثر ينجس، ومثله الخل والسمن والماء الطاهر ولو كَثُر، فينجسان بمجرد الملاقاة، فينجسان بمجرد الملاقاة، وفي الاختيارات المائعات كلها حكمها حكم الماء، المائعات حكمها حكم الماء قلت أو كثرت، وعلى رأيه أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، إذًا المائعات لا تنجس إلا بالتغير مثل الماء، يعني حكمها عنده حكم الماء قلت أو كثرت، وهو رواية عن أحمد، وهو مذهب الزهري والبخاري، وحكي برواية عن مالك.
وفي الشرح الكبير قال: غير الماء من المائعات إذا وقعت فيه نجاسة، غير الماء من المائعات إذا وقعت فيه نجاسة فيه ثلاث روايات، الأولى: ينجس وإن كثر، وهو الموافق لقول المؤلف، ينجس وإن كثر؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسل سئل عن الفأرة تموت في السمن فقال: «إن كان جامدًا فألقوها وما حولها، وإن كان مائعًا فلا تقربوه» رواه أحمد، فلم يفرق بين القليل والكثير، ولأنها لا تطهر غيرها فلا تطهر النجاسة عن نفسها.
أولًا الرواية الصحيحة التي في البخاري وغيره ما تجد فيه تفريقًا بين المائع والجامد، بل نص جمع من أهل العلم على أن التفريق وهم، وعلى هذا إذا وقعت الفأرة في سمن مائع كان أو جامدًا فماتت فيه؛ لأنها ما دامت حية تؤثر أو ما تؤثر؟ ما تؤثر، فماتت فيه فإنها تلقى وما حولها.
القول بالتفريق بين المائع والجامد نص الحُفّاظ على أنه وهم، ونزيد ذلك وضوحًا ونقول: إن النص خاص بالمائع «فألقوها وما حولها» لماذا؟ خاص بالمائع الذي جاء فيه النص، لكن الجامد؟ الجامد كيف تموت الفأرة في سمن جامد؟ هي إذا وقعت في السائل المائع تموت غرقًا، كيف تغرق في سمن جامد؟
طالب:...................
أين برودة؟ لا ما فيه برودة الجو.
طالب:......................
سكتة؟
طالب:......................
لا، جامد يا أخي كيف يصير جامدًا وهو حار؟
طالب:.................
كيف؟
طالب: .............
تريد أن تقرر أن الحديث في المائع وإضافة الجامد والتفريق بينه وبين المائع وهم من الراوي، وذكرنا أن سبب الوهم أن الجامد لا يمكن أن تموت فيه الفأرة، والحكم معلق بموتها.
طالب:.............................
ما يصير جامدًا، إذا أمكنها الغوص فيه فليس بجامد. هم يفرقون بين الجامد والمائع، المائع الذي إذا أخذ منه يلتئم بسرعة يرجع كما هو، لكن إذا أخذت منه وبقي مكان المأخوذ حفرة يصير جامدًا أم مائعًا؟ جامد ليس بمائع.
طالب:....................
الشيخ : ما أثره عليها؟
طالب:...................
يعني تطلع الفأرة التي ماتت؟ كيف تطلع من السمن؟ لأنه قُدِّر ما حولها بملء اليدين، الآن اللي حولها ....... شيء يسير جدًّا، الذي تنجس بمباشرتها شيء يسير جدًّا، هو المكان الذي وقعت فيه، على كل حال المسألة واضحة.
يقول: وبهذا جزم في التنقيح، وصحح في الإنصاف أنه إذا كان كثيرًا لا ينجس إلا بالتغير كالطهور، وقدمه في المغني وغيره، والثاني كالماء يفرق بين القليل والكثير، يعني ثانٍ في الروايات في حكم المائعات، كالماء يفرق بين القليل والكثير، والثالث يفرق بين ما أصله الماء فحكمه حكمه وما لا فلا.
كيف أصله الماء؟ الخل أصله الماء، طيب غيره؟ يعني أي شيء إذا حلل خرج منه ماء، يتحلب منه ماء، لكن هل يمكن أن يوجد سائل لا يمكن أن يتحلب منه ماء؟
طالب: الزيت.
الزيت نعم، والسمن أيضًا لا يمكن، لا اللبن يمكن، فيه نسبة كبيرة من الماء، وهم يفرقون بين ما أصله الماء فحكمه الماء وما حكمه بخلاف غيره فلا.
والطهور الوارد إذا تغير بمحل تطهير بدن أو ثوب أو بقعة.
تغير بمحل تطهير بسبب نجاسة طهور باقٍ على طهوريته لبقاء عمله، مثل ما قررنا أن الماء إذا باشر النجاسة لغسلها، لو قلنا: إنه ينجس بمجرد الملاقاة ما تمكننا من تطهير النجس، كما لم يتغير منه ،أي الطهور إن كثر بأن كان قلتين أو أكثر.
والوارد بمحل تطهير طهور كما لم يتغير منه.
الذي لم يتغير من الماء الطهور لكثرته ببلوغه القلتين، فإن كان قد بلغ القلتين فأكثر فهذا لا تؤثر فيه النجاسة إن لم يتغير.
نأخذ هذه المسألة أم لا؟ التفريق بين الجاري والراقد، كم باقٍ على الأذان؟
طالب:...............
لا أقل، أقل.
طالب: التفريق بين ورود الماء على النجاسة وورود النجاسة على الماء؟
يأتي هذا يعني ورود الماء على النجاسة مثل صب الماء على البول بول الأعرابي، وورودها عليه مثل الملاقاة.
نكتفي بهذا، ونقف على التفريق بين الماء الجاري والراكد؛ لأننا نحتاج إلى مزيد انتباه.
"هل هذا الراوي أدرى بهذا الحديث حيث اتبع الحديث فأخذ القبضة؟ أولًا ابن عمر ثبت عنه ذلك في النسك، في النسك، متأولًا قول الله –جل وعلا-: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح:27]، فإذا حلق رأسه، فماذا يبقى للتقصير؟ ما بقي إلا اللحية، هذا فهمه -رضي الله عنه-، وهو راوي الحديث «وفروا اللحى»، والعبرة بالخبر المرفوع، هو يرى أن هذا من باب التعارض بين النصين، ويمكن الجمع بهذا، وأن هذا خاص بالنسك، ويقدم الخاص على العام، فيجمع بين الحلق والتقصير، وهذا فهمه -رضي الله عنه- فهمٌ اختص به هو لم يوافَق عليه، وإذا تعارض قول الراوي أو رأيه مع روايته، فالعبرة بما روى لا بما رأى، ولو وافقه من وافقه، والخبر المرفوع صحيح لا إشكال فيه.
نقول: هو تابع، وهذه الآية ترد على قول ابن القيم أن لفظ الجلالة لم يقع إلا متبوعًا، هو تابع على كل حال، هو تابع سواءٌ قلنا: بدل أو عطف بيان، هو تابع.
إن كان التكليف بالتلخيص من أجل معرفة قدرته على التلخيص، ورتب على ذلك درجات، فلا تجوز إعانته على ذلك، وإن كان تكلفته بالتلخيص؛ لأن الملخص يقوم مقام الأصل في الإفادة فهذا لك أن تساعده على هذا، لكن إذا كان التلخيص مقصدًا وهدفًا للمدرس والأستاذ، ويعطي عليه الطالب درجات، ويعرف مقدرته على التصرف في مثل هذه المواقف فلا تجوز إعانته.
وهذا فيه مشقة عليهم، ومستقبلًا سوف يكون الجو حارًّا، وهذا لا يعين على الفهم، وأن الوقت في العصر ضيق، وما بعد العشاء فيه سعة، وهذا مدعاةٌ لأخذ قدر كبير من الكتاب.
بحثناها مرارًا واستفتينا عليها، وأشرنا على الإخوان، لكنهم أصروا على العصر، لكن عند إعادة الجدولة سوف يكون رأيٌ آخر إن شاء الله تعالى، هم يلزموننا بالجدول ويحكموننا إليه، ونحن قد التزمنا به، لكن عند إعادة الجدولة يكون رأينا خيرًا إن شاء الله تعالى، فإذا كان هناك ارتباطات بعد العشاء يوم الاثنين فيُنظر في مغرب السبت أو مغرب الأحد بدلًا من الموطأ، ويجعل الموطأ مكانه.
على كل حال موافقة الكفار في أعيادهم حرام، لا تجوز، ومشابهتهم في هذا مُنكر تجب إزالته ويجب تغييره بالمراتب المعروفة الواردة في الحديث «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده»، وهذا لمن يستطيع من ولاة الأمر ومن ولاه ولي الأمر هذا الأمر، «فإن لم يستطع فبلسانه»، هذا يستطيعه كثيرٌ من الناس بالحكمة واللين والرفق يبين الحكم الشرعي، ويحذر من عواقب مثل هذه الأعمال، وبإمكانه أن يتصل من لا يستطيع أن يتصل بمن يستطيع، ويتعاون الجميع على إنكار المنكر، «فإن لم يستطع» وأعيته المسالك «فلينكر بقلبه» على كل حال هذا منكر تجب إزالته.
عرفنا أنه لو خُلط بماء متغير اللون بما لا يؤثر على حكمه في الطهورية، تغيَّر بمكثه مثلًا، ماء آجن لونه أصفر؛ بسبب مكثه في الإناء أو بالمواسير أو بالبرك أو ما أشبه ذلك إذا تغير بمكثه لا يؤثر فيه هذا التغير، وهو مطهر إجماعًا، ويُحكى عن ابن سيرين كراهته، لكن لو خُلط هذا المتغير بماء انتقل من كونه طهورًا إلى كونه طاهرًا، ولو تغيرت الصفة بهذا المتغير بما لا يؤثر كطول المكث فإنه حينئذٍ لا يضرها هذا.
هنا انتشر الكلام بين الشباب، على كل حال إذا كان المراد منه النصيحة، وأن هذا الشيخ يتقن هذا الفن، أو يحسن شرح هذا الكتاب أفضل من غيره من باب النصيحة، هذا لا بأس به، بل مطلوب، وداخل في «الدين النصيحة»، وأولى من يتولى ذلك أهل العلم، بمعنى أنه لو جاء شخص يريد أن يقرأ كتابًا في العقيدة، أو في الأصول، أو في الحديث، أو في التفسير، إذا كان في البلد من يُحسن هذا الفن أكثر منه، من باب النصيحة للطالب أن يقول: اذهب إلى فلان، أما إذا كان القصد بذلك التفكه بأعراض المشايخ، وأن هذا لا يُتقن كذا، وأنه من باب الحط من قدره والتقليل من شأنه، فهذا لا يجوز بحال.