شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (098)

 

مع مطلع حلقتنا يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور: عبد الكريم بن عبد الله الخضير، عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين، قسم السنة وعلومها بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، ونشكر له تفضله بشرح الأحاديث في هذا الكتاب، فأهلاً ومرحبًا بكم شيخ عبد الكريم.

 

حياكم الله وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: لازلنا في باب أداء الخمس من الإيمان وحديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، أسلفتم شرح بعض ألفاظ هذا الحديث، نستكمل ما تبقى منه في هذه الحلقة يا شيخ.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

في حديث ابن عباس قال: "إن وفد عبد القيس لما أتوا النبي -صلى الله عليه وسلم-" ذكرنا بعض أسمائهم ووقت وفودهم وسبب إسلامهم.

"قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «مَن القوم؟» أو «مَن الوفد؟» قال ابن أبي جمرة: فيه دليل على استحباب سؤال القاصد عن نفسه ليُعرَف فينزَّل منزلته.

ابن أبي جمرة، مَن ابن أبي جمرة؟

المقدم: شارح الصحيح.

هو له شرح للصحيح؟ وبالمناسبة من رواة الحديث أبو جمرة، أبو جمرة الذي ترجم بين يدي ابن عباس وهو راوي الحديث عن ابن عباس، وسيأتي في بيان إسناده، هل له علاقة بهذا؟ قال ابن أبي جمرة هل له علاقة بهذا؟

المقدم: ليس له علاقة.

ليس له علاقة.

قال ابن أبي جمرة: فيه دليل على استحباب سؤال القاصد عن نفسه ليُعرَف فينزَّل منزلته.

لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرنا أن ننزِّل الناس منازلهم، فإذا لم تعرف الشخص لا تستطيع أن تنزله في منزلته التي تليق به.

ابن أبي جمرة هذا له مختصَر للبخاري، وله شرح لهذا المختصَر، اسمه: بهجة النفوس وتحلِّيها بمعرفة ما لها وما عليها، كتاب سبقت الإشارة إليه، وهو كتاب فيه فوائد، عني به الشراح، وإن كان الشارح لا يَسلَم، ابن أبي جمرة لا يسلم مما يلاحَظ عليه كغيره من أهل التصوف، ولذا الشراح يعتقدون فيه، ويقولون: قال الإمام القدوة، قال الإمام القدوة العارف أحيانًا يقولون كذا، هو صاحب علم وصاحب عبادة، لكنه لا يسلم، والكتاب نفيس، وقد ذيَّله بما يقرب من مائة صفحة، كلها رؤى ومنامات لا قيمة لها، شان الكتاب بهذه الرؤى وهذه المنامات؛ لأنه من أهل المكاشفات فيُظَن به، يظن به بعض الناس ممن أولع بحب هؤلاء واتباعهم وتتبع أخبارهم يظن به أن مثل هذه الأمور أنها من مناقبه، والله المستعان.

على كل حال الكتاب المختصَر نافع، وشرحه أنفع، والشراح أفادوا منه، وابن حجر ينقل منه كثيرًا.

"قالوا: ربيعة" فيه التعبير عن البعض بالكل؛ لأنهم بعض ربيعة وليسوا كل ربيعة، وهذا من بعض الرواة، فإنه وقع عند المصنِّف في الصلاة فقالوا: إن هذا الحي من ربيعة، قال ابن الصلاح: الحي منصوب على الاختصاص، والمعنى إن هذا الحي حي من ربيعة، قال: والحي هو اسم لمنزل القبيلة، ثم سميت القبيلة به؛ لأن بعضهم يحيا ببعض.

"قال -عليه الصلاة والسلام-: «مرحبًا بالقوم»" مرحبًا منصوب بفعل مضمر، أي صادفت رُحْبًا، بضم الراء أي سعة، والرَّحْب بالفتح الشيء الواسع، وقد يزيدون معها أهلاً، يعني أهلاً ومرحبًا، أي وجدت أهلاً فاستأنس بهم، يعني هذا من باب تأنيس الوافد، إذا رُحِّب به فقيل: أهلاً ومرحبًا، يعني أنك وجدت أهلاً عوضًا عن أهلك فأنس بهم، بحيث لا تحس بوحشة الغربة.

وأفاد العسكري أن أول من قال مرحبًا سيف بن ذي يزن، قال ابن حجر: وفيه دليل على استحباب تأنيس القادم، وقد تكرر ذلك من النبي -صلى الله عليه وسلم-، ففي حديث أم هانئ: «مرحبًا بأم هانئ» بنت أبي طالب لما جاءت والنبي -عليه الصلاة والسلام- يغتسل فقالت: السلام عليك يا رسول الله، فقال: «مَن؟» قالت: أم هانئ، قال: «مرحبًا بأم هانئ» وفي قصة عكرمة بن أبي جهل: «مرحبًا بالراكب المهاجر» وفي قصة فاطمة: «مرحبًا بابنتي» وحديث أم هانئ وعكرمة عند الترمذي.

وأخرج النسائي من حديث عاصم بن بشير الحارثي عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له لما دخل فسلم عليه: «مرحبًا وعليك السلام» هناك ما قال..، قال لأم هانئ: «مرحبًا بأم هانئ» وهنا قال: «مرحبًا وعليك السلام» وترجم الترمذي: باب ما جاء في مرحبًا، وذكر حديث أم هانئ، وفيه قالت: فسلمت فقال: «مَن هذه؟» قلت: أنا أم هانئ، فقال: «مرحبًا بأم هانئ».

فعلى هذا هل يكفي قول مرحبًا عن رد السلام أو لا بد من رد السلام مع مرحبًا كما جاء في حديث النسائي «مرحبًا وعليك السلام»؟ في حديث أم هانئ ليس فيه: وعليكِ السلام، فيه «مرحبًا بأم هانئ» فهل يكفي قول مرحبًا، وهذا يحصل عند كثير من الناس، تقول: السلام عليكم مرحبًا، كثير من الناس، ومثل هذا الحديث فيه مندوحة، فهل يكفي مرحبًا عن رد السلام وليس في حديثها رد السلام؟ أو لا بد من رد السلام لقوله -جل وعلا-: {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [سورة النساء 86]؟ وحينئذٍ نقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- رد السلام على أم هانئ، لكن لم ينقله الراوي للعلم به.

على كل حال الاحتمال قائم، إما أن الراوي لم ينقل رد السلام للعلم به، بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما دخل عليه بشير الحارثي..

الأخ الحاضر: عاصم.

لا، عن أبيه، بشير الحارثي، أخرجه النسائي من حديث عاصم بن بشير الحارثي عن أبيه، فيكون الأب بشير الحارثي؛ لما دخل فسلم عليه قال: «مرحبًا وعليك السلام» فماذا نقول: هل نكتفي بمرحبًا كما في حديث أم هانئ أو نقول: مرحبًا وعليك السلام؟

سائل: أحسن الله إليك يا شيخ ألا يمكن أن يحمل حديث أم هانئ على أنها لم تسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- ولذلك رَحَّب وإلا فلو سلمت لنقل.

لا، سلَّمَت، سلَّمَت، السلام عليك يا رسول الله، نص.

المقدم: لكن ما يفهم يا شيخ أنه كان يغتسل فبالتالي لم يرد أن يذكر اسم الله، وبالتالي قال: مرحبًا، ما يفهم هذا ممكن؟

احتمال أنه أخَّر الرد، هذا احتمال ثانٍ، أخَّر الرد لأنه يغتسل، لكن أيضًا الغسل ما هو في محل، ما يلزم أن يكون في محل ينزَّه عنه السلام، والاحتمال قائم، وعلى كل حال الامتثال إنما يتم ويكمل برد السلام مع قول مرحبًا، لكن من اقتصر على مرحبًا مع وجود مثل هذا النص الصحيح له وجه، وبهذا يُعذَر من اقتصر عليها، لكن لا شك أن الأحوط أن يُرَد السلام، أن تُرَد التحية بأحسن منها، هذا الأصل إن لم يكن فتُرَد بمثلها.

سائل: أحسن الله إليك مشروع تقديم الترحيب على السلام؟

مرحبًا وعليك السلام، الواو لا تقتضي الترتيب، احتمال أنه قال: عليك السلام ومرحبًا.

سائل: لا من دون أصلاً يعني ذكر السلام، كما يفعل الكثير الآن يرحب أهلاً ومرحبًا.

على حديث أم هانئ ما فيه إشكال إن شاء الله، والأمر إن شاء الله فيه سعة.

«بالقوم أو بالوفد» شك من الراوي، قال الكرماني: والظاهر أنه من ابن عباس، وقال ابن حجر في قوله: قال: «من القوم أو من الوفد؟» قال ابن حجر: الشك من أحد الرواة، إما أبو جمرة أو من دونه، وأظنه من شعبة، فإنه قال في رواية قُرَّة وغيره بغير شك، وأغرب الكرماني فقال: الشك من ابن عباس.

الكرماني يستروح ويجزم أحيانًا بغير دليل، يميل إلى شيء ويجزم به، لكن طريقة ابن حجر ما يجزم بشيء إلا وقد وقف عليه بنص إن لم يقف عليه أورده على سبيل التردد شك أيضًا على سبيل التردد إما من فلان أو من فلان، كما قال هنا: إما أبو جمرة أو من دونه، وأظنه يعني الذي يغلب على ظنه شعبة، فإنه قال في رواية قُرَّة وغيره بغير شك، إنما الشك موجود في رواية شعبة، فلا يكون الشك من أبي جمرة أو من ابن عباس؛ لأنه جاء بغير شك من حديث قُرَّة، عن أبي جمرة عن ابن عباس.

يقول: وأغرب الكرماني فقال: الشك من ابن عباس.

«غير خزايا ولا ندامى» غير بنصب غير على الحال، وروي بالكسر على الصفة، بالوفد غيرِ، والمعروف الأول، قاله النووي، قال ابن حجر: ويؤيده رواية المصنِّف في الأدب من طريق أبي التياح عن أبي جمرة: «مرحبًا بالوفد الذين جاؤوا غير خزايا ولا ندامى» وخزايا: جمع خزيان، وهو الذي أصابه خزي.

قال الراغب: خزي الرجل لحقه انكسار، إما من نفسه، وإما من غيره، فالذي يلحقه من نفسه هو الحياء المُفْرِط، ومصدره الخزاية، ورجل خزيان، وامرأة خزيا، وجمعه: خزايا، وفي الحديث: «اللهم احشرنا غير خزايا ولا نادمين» والذي يلحقه من غيره يقال: هو ضرب من الاستخفاف، ومصدره الخزي، ورجل خِزْي، خِزْي كذا أو خَزِيٌّ هي غير مضبوطة في المفردات للراغب، ورجل خِزْي أو خَزِيٌّ؟ فعيل؟

المقدم: على أساس الجمع خزايا؟

هي كذا، بهذه الحروف، لكن الضبط غير مضبوطة، إن قلنا: رجل خَزِيٌّ يعني فعيل صيغة مبالغة، كثير الخزي، كثير مفرط الحياء، نعم فعيل صيغة مبالغة خزي، أو نقول: رجل خِزْي، والخِزْي المصدر، فيكون الإخبار بالمصدر عنه على سبيل المبالغة، كما تقول: زيد عَدْل، أيهما أولى؟ هي غير مضبوطة بالمفردات؟ فيه جواب؟ على كل حال الاحتمال قائم، والمعنيان متجهان.

المقدم: وجه عدم النصب يا شيخ ما هو هنا؟

أيهم؟
المقدم: خزايا.

كيف؟

المقدم: خزايا.

فعالى، ندامى أما خزايا...

المقدم: يعني ندامى واضح أنها مقصورة لكن خزايا؟ يعني أصل المفرد بالياء تجمع بالألف الممدودة؟

نعم.

المقدم: وهذا وجه عدم نصبها يكون؟

جمعه امرأة خزيا، رجل خزيان، امرأة خزيا جمعه: خزايا، رجل عطشان، امرأة عطشى، جمعه: عطاشى، يقول الراغب: قال تعالى: {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا} [سورة المائدة 33] وقال تعالى: {إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالْسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ} [سورة النحل 27] {فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [سورة الزمر 26] {لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [سورة فصلت 16] وقال: {فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى} [سورة طـه 134] هو في مفردات غريب القرآن، المفردات في غريب القرآن، فهو يهتم بذكر الآيات التي جاءت فيها هذه المادة.

إلى أن قال: وعلى نحو ما قلنا في خزيا قولهم: ذل وهان، فإن ذلك متى كان من الإنسان نفسه يقال له: الهَوْن، بفتح الهاء، الهون والذل، ويكون حينئذٍ محمودًا، يقول: وعلى نحو ما قلنا في خزيا قولهم: ذل وهان، فإن ذلك متى كان من الإنسان نفسه يقال له: الهَوْن والذل، ويكون محمودًا {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا} [سورة الفرقان 63] هذا مدح محمود، ومتى كان من غيره يقال له: الهُوْن والذل، ويكون حينئذٍ مذمومًا، عرفنا الفرق بين الهَون والهُون؟ {عَذَابَ الْهُونِ} [سورة الأحقاف 20] {يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا} [سورة الفرقان 63] فالهَوْن ممدوح، والهُوْن، هَيِّن، زيد هَيِّن، وزيد هَيْن بالتخفيف والتشديد، أحدهما ممدوح والثاني مذموم، أيهما الممدوح؟

الأخ الحاضر: التشديد.

هَيِّن؟ من أين جاءت هذه؟

الأخ الحاضر:.......

وهَيْن من الهَوْن؟ الهَوْن قلنا: إنه ممدوح {يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا} [سورة الفرقان 63].

المقدم: لعله أيضًا بالتشديد يا شيخ؛ لأنه مما اشتهر: حسن الخلق شيء هَيِّن، وجه طليق وكلام لَيِّن.

طيب هو هَيِّن لَيِّن تُردَف بها، ولا يُردَف بين لفظين متنافرين من حيث المعنى.

على كل حال الخطابي يقول: والمعنى في الحديث أنهم أسلموا طوعًا من غير حرب أو سبي يخزيهم ويفضحهم.

«ولا ندامى» قال الخطابي: يريد الندامة، وكان حقه القياس أن يقال: نادمين، جمع نادم؛ لأن الندامى إنما هو جمع الندمان إلا أنه أتبعه الكلام الأول، وهو قوله: «خزايا» فجيء باللفظ على وزنه، على وزنها ندامى، من باب الإتباع.

أخرجه على وزنه كما قالوا: إنه ليأتينا بالغدايا والعشايا، يريد جمع غداة، وهي تجمع على الغدوات، ولكنه لما قرنه بالعشايا أخرجه على وزنها، ومثل هذا في كلامهم موجود، يعني بكثرة موجود.

قال ابن حجر: وقد حكى القزاز والجوهري وغيرهما من أهل اللغة أنه يقال: نادم وندمان في الندامة، بمعنى فعلى، ماذا؟

الأخ الحاضر:......

وقد حكى القزاز والجوهري، القزاز من هو؟ ترى مر بنا مرارًا يا إخوان؟

الأخ الحاضر:......

لا تراجع يا أبا ياسر لا تراجع.

الأخ الحاضر: المراجعة هي الضبط.

نعم هذا ضبط كتاب، نحن نريد ضبط صدر.

القزاز يقول: وغيرهما من أهل اللغة، هو من أهل اللغة، له كتاب ماذا؟ الجامع، الجامع في اللغة، والجوهري عاد كتابه معروف صحاح الجوهري معروف.

وغيرهما من أهل اللغة أنه يقال: نادم وندمان في الندامة بمعنًى، فعلى هذا فهو على الأصل ولا إتباع فيه، والله أعلم.

ووقع في رواية النسائي من طريق قُرَّة، فقال: «مرحبًا بالوفد ليس الخزايا ولا النادمين» وهي للطبراني من طريق شعبة أيضًا، قال ابن أبي جمرة: بشَّرهم بالخير عاجلاً وآجلاً؛ لأن الندامة إنما تكون في العاقبة، فإذا انتفت ثبت ضدها، يعني لم يحصل لكم الخزي لا في الحاضر ولا في الماضي، ولن تحصل لكم الندامة في المستقبل.

فبشرهم بالخير عاجلاً وآجلاً؛ لأن الندامة إنما تكون في العاقبة، فإذا انتفت ثبت ضدها، قاله ابن أبي جمرة، وفيه دليل على جواز الثناء على الإنسان في وجهه، إذا أُمِن عليه الفتنة، أما إذا لم تؤمن عليه الفتنة فهذا كما هو معروف جاء ذمه، والنهي عنه والتحذير منه، وأن من مدح أخاه في وجهه وهو يعلم أنه يتأثر فكأنما قطع عنقه، وجاء الأمر بحثو التراب في وجهه «احثوا في وجوه المداحين التراب» فمثل هذا إذا كان يتأثر، أما إذا كان لا يتأثر بالمدح، بل يزيده هذا المدح من فعل الخير، فإن مثل هذا مشروع، جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في مواقف، وفي مواطن.

أحسن الله إليكم يا شيخ هذا الخبر من النبي -صلى الله عليه وسلم- لوفد عبد القيس أخرجه مخرج الثناء والمدح أو مخرج الدعاء لهذا الوفد؟

ظاهره الخبر، وبدليل مطابقته الواقع، لماذا صاروا غير خزايا؟ لأنهم أسلموا طائعين مختارين، ما أذلوا، ما أهينوا، ما أكرهوا على الدخول في الإٍسلام، ما سبيت نسائهم وذراريهم، نعم إنما جاءوا مختارين، فهذا خبر يخبر عنهم بما فيهم مما يستحقون به المدح، نعم وخبره صدق، يعني أخبرهم بخبر أنهم لن يندموا في المستقبل على ما حصل، فهذه بشارة عاجلة لهم.

سائل: يعني هذا دعاء من النبي -صلى الله عليه وسلم-؟

لا، هو خبر متضمِّن لوعد الصادق بالبشارة، نعم بالبشارة.

سائل: أحسن الله إليكم يا شيخ قلتم في حلقة سابقة: قصة مجيء وفد عبد القيس وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- امتدحهم، وقال عنهم «خير أهل المشرق» هل هذا يا شيخ يقتضي مدحًا لذلك الوفد أو لتلك القبيلة في تلك الحقبة أم يقتضي مدحًا لهم ولأنسالهم وأولادهم إلى وقتنا الحاضر؟ وهل يُعرَف قبيلة ترجع إلى ذلك الوفد؟

أما نسلهم فمستمر، نسلهم مستمر لم ينقطع، وكون الآباء على خير لا يضمن ذلك للأبناء، كما أن الآباء كونهم أيضًا على النقيض لا يعني أن هذه ضربة لازب لأولادهم، فكل محاسب عن نفسه.

سائل: ما تقتضي خيرًا يا شيخ لهم؟

هم في الجملة يدل على أن هذه القبيلة فيها خير، هذه القبيلة في الجملة فيها خير، كما جاء مدح بني تميم وغيرهم.

سائل: أحسن الله إليكم في جواب ابن عباس -رضي الله عنه- للمرأة جاوبها ابن عباس -رضي الله عنه- بالدليل، واستغنى عن التنصيص، للمفتي -أحسن الله إليكم- هل يكتفي بالتنصيص على الحكم بأنه واجب أو مكروه أو محرم، أو أنه الأفضل للمفتي أن يذكر الدليل مع التنصيص على الحكم -أحسن الله إليكم-؟

على حسب ما يظهر له، إن ظهر للمفتي أن هذا السائل لا يخفى عليه استنباط الحكم من هذا الدليل الذي ساقه اكتفى بالدليل؛ لأنه أسلم عاقبة، وأقل تبعة حينما تفتي بنص، لا يحتمل أنك أخطأت، نعم قد يحصل خطأ من جهة والجهة هي ماذا؟ تنزيل الدليل على السؤال، قد تستدل بدليل لا يتنزل على سؤال السائل، لكنه في الجملة أضمن من أن تأتي بكلام من نفسك قد تخطئ وقد تصيب، لكن إذا غلب على ظن المفتي أن السائل لا يستطيع أن يستنبط الحكم من هذا الدليل لا بد أن يبيَّن له الحكم، وإن كان أهلاً لأن يلقى إليه الدليل أتبع الحكم بالدليل، وإلا فالعامي يلقى إليه الحكم، ولا يلزم ذكر الدليل؛ لأنه ليس من أهل النظر لينظر في الدليل هل هو مطابق أو غير مطابق، أو يستفيد من الدليل، نعم إن ألقي إليه من باب كي يطمئن قلبه فهو أفضل، لكنه غير لازم.

المقدم: شكر الله لكم وبارك فيكم.

أيها الإخوة والأخوات، بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة من برنامجكم: شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح. لنا بكم لقاء -بإذن الله تعالى- في حلقة قادمة. شكرًا لكم على طيب المتابعة، شكرًا للإخوة الحضور معنا، نلقاكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.