شرح ألفية الحديث للحافظ العراقي (57)

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح ألفية الحافظ العراقي (57)

تابع: باب معرفة الصحابة

الشيخ: عبد الكريم الخضير

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الحافظ -رحمه الله تعالى- في باب معرفة الصحابة:

وَمَاتَ آخِرًا بِغَيْرِ مِرْيةِ
وقَبْلَهُ السَّائِبُ بالمَدِينَةِ
وقِيلَ: الآخِرُ بِهَا ابنُ عُمَرَا
وأَنَسُ بنُ مالِكٍ بالبَصْرَةِ
والشَّأمِ فَابْنُ بُسْرٍ أوْ ذُو باهِلَهْ
وَأنَّ في حِمْصٍ ابنُ بُسْرٍ قُبِضَا
وبِفَلَسْطِينَ أبُو أُبَيِّ

وقُبِضَ الهِرْمَاسُ باليَمَامَةِ
وقِيلَ: إفْرِيقِيَّةٍ وسَلَمَهْ

 

 

 

أبُو الطُّفَيْلِ مَاتَ عَامَ مِائَةِ
أَوْ سَهْلٌ أوْ جَابِرٌ أوْ بِمَكَّةِ
إنْ لا أبُو الطُّفَيْلِ فِيهَا قُبِرَا
وابنُ أبي أوْفَى قَضَى بالكُوْفَةِ
خُلْفٌ وقِيلَ: بِدِمَشْقٍ وَاثِلَهْ
وأنَّ بالجزيرةِ العُرْسَ قَضَى
ومِصْرَ فابنُ الحارِثِ بنِ جَزَيِّ

وقَبْلَهُ رُوَيْفِعٌ ببَرْقةِ
بادِيًا أوْ بِطِيبَةَ المُكَرَّمَهْ
ج

 

 

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

لما ذَكَر في باب الصحابة: تعريف الصحابي، وفضل الصحابة، ومنازلهم وأفضلهم، وترتيبهم وطبقاتهم، ذكر آخر من مات منهم، إما على سبيل الإطلاق، يعني آخر من مات من الصحابة مطلقًا، أو بالنسبة لجهة من الجهات، آخر من مات في مكة، آخر من مات في المدينة، آخر من مات في الشام.. إلى آخره، فالآخرية كالأولية، قد تطلق ويراد بها الإطلاق، وتطلق ويراد بها النسبية، بالنسبة لجهة من الجهات.

قال -رحمه الله-:

ومن مات آخرًا....................
ج
جج

 

...................................
ج

 

 

يعني متأخرًا عن غيره، آخر من مات من الصحابة من هو؟ "بغير مرية ** أبو الطفيل" عامر بن واثلة، "مات عام مائة" مات عام مائة من الهجرة، وقيل: مات سنة مائة واثنتين، والذي رجحه الذهبي وغيره أنه مات سنة عشر ومائة، على رأس مائة عام من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أريتم ليلتكم هذه، لا يأتي على أحدٍ ممن هو على ظهر الأرض مائة عام وهو حي)) ((وما من منفوسة -كما في الحديث الآخر- يأتي عليها مائة عام ممن هو على ظهرها وهو حي)) المقصود أن هذا الكلام قيل سنة عشر من الهجرة، ومقتضى إضافة المائة إليها أن يكون آخر من يموت سنة عشر ومائة، بمعنى أنه لا يوجد..، لا يمكن أن يوجد من الصحابة سنة إحدى عشر ومائة أحد، بدلالة هذا الحديث، لا يمكن أن يوجد بعد سنة عشر ومائة أحد من الصحابة؛ لأنه يقضي أن الجيل ينقرض على رأس مائة عام من تلك المقولة، وقد قيل سنة عشر من الهجرة، نعم؟

طالب:........

بعد حجة الوداع، نعم، المقصود أنه سنة عشر من الهجرة قيل هذا، وهو دليل قطعي بأنه لن يوجد من الصحابة من يعيش بعد سنة عشر ومائة، وكل ما يُدَّعى من ذلك فهو باطل، يكذبه الحديث الصحيح الصريح، واستدل به على موت الخضِر؛ لأنهم يقولون: إنه حي، وأنهم يزعمون أنهم لقُوه في المائة الأول والثانية والثالثة والخامسة والعاشرة، لن يخرج عن هذا الحديث أحد، ولو قالوا: إنه على البحر لا على وجه الأرض، لكنه جواب لا يكفي، والمحققون من أهل العلم على أنه مات قبل البعثة، ولو وجد بعد بعثته -عليه الصلاة والسلام- للزمه أن يأتي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ويؤمن به؛ ولذا يذكرون من النواقض أنه من زعم أنه يسعه الخروج عن شريعة محمد كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى -عليه السلام-، فهذا كفر؛ لأن شريعة محمد ورسالة محمد عامة شاملة لكل أحد، ((والله لا يسمع بي يهودي ولا نصراني فلا يؤمن بي إلا دخل النار)) فلا يسع أحد الخروج عن شريعة محمد، كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى، فلو كان الخضر حيًّا وقت البعثة فضلًا عن أن يكون حيًّا بعدها بأزمان متطاولة كما يزعمه كثير ممن يتعلق ويتشبث بمثل هذه الأخبار، وهذه المنامات، وهذه الرؤى، ويبني عليها أحكامًا، ويخالف بها النصوص، هذا دليل على أنه غير موجود وقت البعثة فضلًا عن أن يوجد بعدها، فضلًا عن أن يوجد بعد سنة مائة وعشرة، ومائتين وبعد ذلك، وهذا ما قرره المحققون من أهل العلم بالأدلة الكثيرة المتضافرة، وأنه لو كان موجودًا بعد البعثة للزمه الإتيان إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- والإيمان به، والانضواء تحت لوائه، والمجاهدة والمقاتلة معه، لنصر الدين.. إلى غير ذلك.

نقل النووي عن الجمهور أنه حي، ومعولهم في ذلك كله على رؤى، وبعضهم قد يخيل إليه أنه رأى شخصًا أنه ادعى الخضر، وأنه رآه بعرفة، أو رآه في المكان الفلاني، هذه كلها دعاوى، ولا تثبت أمام النصوص.

طالب:........

الدجال لو كان موجودًا في ذلك الوقت، يعني على القول بأنه ابن صياد، على أن ابن صياد جاء ما يدل على أنه أسلم، أجابوا عنه بأنه في البحر وليس في البر، لكن كل هذه أجوبة لا تثبت حقيقة أمام التمحيص، فالمحقق أن الدجال ليس هو ابن صياد، وأنه لا يوجد، نعم؟

طالب:........

حديث الجساسة نعم، حديث الجساسة، ما فيه؟

طالب:........

نعم، لكن ابن صياد غير الدجال قطعًا، يبقى حديث الجساسة، وحديث الجساسة في صحيح مسلم ولا إشكال فيه، لكنه في البحر وليس في البر.

طالب: يأجوج ومأجوج.

يأجوج ومأجوج.

طالب:........

يعني استثنوا من النص؟

طالب:........

كيف؟

طالب:........

ممن هو موجود يعني عام لهذه الأمة ولغيرها، لكن ما خرج بنص صحيح لا يعترض به على النص العام، يعني ما خرج بنص صحيح كما جاء في حديث الجساسة، أو يأجوج ومأجوج لا يمنع من استثنائه من باب التخصيص.

ومات آخرًا بغير مريةِ
ج
جج

 

أبو الطفيل مات عام مائةِ
ج

 

 

سنة مائة من الهجرة، وهذا ما رجحه كثير من أهل العلم، لكن الحافظ الذهبي وغيره رجحوا..، حتى الحافظ ابن حجر في بعض مواضع من كتبه رجح أنه مات سنة عشر ومائة.

"وقبله السائب" وقبله يعني قبل الطفيل مات السائب بن يزيد بالمدينة، أو سهل بن سعد أو جابر؟ يعني الخلاف في آخر من مات بالمدينة هل هو السائب أو سهل بن سعد الساعدي أو جابر بن عبد الله؟ خلاف بين أهل العلم، وتُذكر أقوال قد تبلغ الخمسة أو الستة في وفاة الواحد منهم، كما أنه يذكر الخلاف في مكان الوفاة؛ لأنه قال:

...................................

 

 

 

...................أو جابر أو بمكة

 

 

يعني هل مات جابر بالمدينة أو بمكة؟ وعلى هذا يخرج من الخلاف في آخر من مات بالمدينة.

وقيل: الآخر بها ابن عمرا

 

 

 

...................................

 

 

"بها" يعود على ماذا؟ يعني آخر مذكور مكة.

...................................

وقيل: الآخر بها ابن عمرا

 

 

 

............................أو بمكة ...................................

 

 

عبد الله بن عمر تأخرت وفاته إلى ما بعد السبعين.

...................................

 

إن لا أبو الطفيل فيها قبرا
ج

يعني الخلاف في أبي الطفيل هل مات بمكة أو بغيرها؟ على كل حال أبو الطفيل هو آخر من مات من الصحابة على الإطلاق، سواء كان بمكة أو بغيرها، فإن كان بمكة حسم الخلاف فيمن مات بها أخرًا هل هو ابن عمر أو جابر؟ يكون آخر من مات بها أبو الطفيل، وجاء ما يدل في صحيح مسلم وغيره أنه مات بمكة، أعني أبا الطفيل.

وأنس بن مالك بالبصرة
 
ج

 

...................................

 

 

أنس بن مالك آخر من مات من الصحابة بالبصرة، مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاثة وتسعين عن مائة وثلاث سنين؛ لأننا إذا أضفنا العشر التي قبل الهجرة، لما هاجر النبي -عليه الصلاة والسلام- جاءت أم أنس بن مالك به ليخدمه وعمره آنذاك عشر سنين، فإذا أضيفت إلى الثلاثة والتسعين بعد الهجرة صار الناتج مائة وثلاث سنين، تصحّف الرقم في بعض كتب التراجم، وفي سبل السلام لما ترجم لأنس قال: عن مائة وثلاث وستين، صوابها: عن مائة وثلاث سنين، ليست مائة وثلاثة وستين؛ لأن لو قلنا: مائة وثلاثة وستين كم يكون عمره لما جئ به إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ ثلاثة وسبعين، اخصم ثلاثة وتسعين من مائة وثلاثة وستين، ثلاثة وسبعين؟

طالب:........

نعم سبعين سنة، فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة، هاه؟

طالب:........

صغير يعني عمره عشر سنين لا تزيد، قيل: أقل من ذلك، لكن الأكثر على أن عمره عشر سنين، فيكون مجموع العمر مائة وثلاث سنين، وسهل التصحيف بين سنين وستين متقاربة.

"وأبن أبي أوفى -عبد الله بن أبي أوفى- قضى بالكوفة" يعني آخر من مات من الصحابة بالكوفة.

"والشأمِ" يعني وفي الشام عبد الله بن بسر آخر من مات بالشام، والشأم يطلق بالتسهيل والهمز، شأم وشام، وكلاهما صحيح، "والشأمِ" يعني عطفًا على الكوفة المجرورة.

"والشأم فابن بُسر" يعني فآخر من مات فيها عبد الله بن بسر "أو ذو باهله" أبو أمامة الباهلي، صدي بن عجلان، يعني اختلف في آخر من مات بالشام عبد الله بن بسر أو صدي بن عجلان؟ أبي أمامة الباهلي المعروف المشهور. "خُلفًا" يعني خلاف بين أهل العلم، "وقيل: بدمشق واثله" واثلة بن الأسقع آخر من مات بدمشق، يعني لما يقال: بالشام أو بدمشق يعني ألا يدخل مع الخلاف السابق فيكون آخر من مات بالشام؟ الشام هو القطر الأعم، من أعماله، يعني من نواحيه ومدنه: دمشق، فإذا قيل: آخر من مات بالشام أو آخر مات بدمشق يعني هل نقول: إن المراد مات بالشام القطر الأعم بعض النظر عن التفصيلات والأفراد، ودمشق يكون البلد الأخص، لكن ألا يمكن أن يُدخل مع الخلاف عبد الله بن بُسر أو أمامة الباهلي، أو واثلة آخر من مات بالشام؟ لكن مع ذلك:

وإن في حمص ابن بسر قبضا

 

 

 

...................................

 

 

يعني الآن الشام أولًا جاء بالقطر الأعم، ثم خصص بدمشق، ثم حمص، وكلاهما من الشام، دمشق مدينة بالشام يعني في سوريا، يعني القطر، عموم العموم الشام، يدخل تحته سوريا، يعني قطر داخل القطر الأعم، ثم بعد ذلك خاص الخاص دمشق وحِمص، لكن فيه التعبير هنا إشكال وإلا ما فيه؟ طيب الباهلي أين مات؟ أبو أمامة الباهلي؟ بالشام، كلهم ماتوا بالشام، حتى واثلة مات بالشام؛ لأنه بدمشق ودمشق من الشام، هل نقول: إن دمشق لا تدخل في الشام على اعتبار الاصطلاح القديم؟ كما يقال: مصر والقاهرة مثلًا؟

طالب:........

طيب يعني هذا بدمشق، يعني واثلة بدمشق، وابن بسر في حمص، وصُدي بن عجلان أبو أمامة الباهلي يعني في الشام في القطر الأعم، يعني لا بد أن يوجد له مكان أخص من الشام، يعني إذا قيل: مات بالشام الكلام صحيح؛ لأن هذا الخاص داخل في الشام، لكن ما معنى أنه يخصص واثلة بدمشق وابن بسر بحمص؟

طالب: يا شيخ -أحسن الله إليك- يمكن ما ضبط مكان وفاة فتركه في القطر الأعم.

يعني ما ضبط مكان وفاته، إذًا لماذا ما دام بالشام وكلهم في الشام يترك الخلاف بين الثلاثة؟

طالب:........

طالب: أيضًا حمص.

ابن بسر هو ابن بسر، هاه؟

طالب:........

ثلاثة هم، الخلاف بين ثلاثة، يعني الآن عرف في الاصطلاح القديم أن مصر غير القاهرة تطلق على الفسطاط وما والاها؛ ولذلك يقولون في الكتب مثلًا: (النجوم الزاهرة في أخبار مصر والقاهرة) وكثير جاء مثلًا: (حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة) قد يُعطف الخاص على العام من باب العناية بشأن الخاص، لكن ليس معنى هذا أننا لو مات شخص مثلًا قيل: مات بالحجاز، وفلان آخر من مات بجدة، والثاني بمكة، والثالث بالطائف، والرابع مات بالحجاز، ترى هذه الصورة نفسها، آخر من مات بالحجاز، وآخر من مات بجدة، وآخر من مات بالطائف، وآخر من مات بمكة، يصلح أن ينصب الخلاف بين هؤلاء وهم كلهم ماتوا بالحجاز؟ والصورة التي معنا نظير ما ذكرنا، نعم؟

طالب:........

نعم.

طالب: لكنه غير مشكوك في موته قبل........

واللي مات بدمشق؟

طالب: مثل الذي مات بدمشق........

طيب أبو أمامة الباهلي أين مات؟

طالب: الذي يظهر أنه لجهالة المكان تركوه في القطر الأعم.

إيه، لكن ما نصبوا الخلاف بين الثلاثة كلهم في الشام، ثم فصلوا، يعني لو قالوا: والشأم فابن بسر أو ذو باهلة وواثلة مثلًا، أو واثلة مثلًا، ثم خصصوا هذا بدمشق، وهذا بحمص، وهذا بكذا، ممكن، اللهم إلا إذا كان الشأم يطلق على ناحية محددة من القطر الأعم، مثلما يطلق مصر، يعني لما يقال مثلًا: مات بالكويت مثلًا، أو بتونس، آخر من مات بالكويت، طيب هل مات بالعاصمة الكويت وإلا بالقطر العام؟ يعني هل ننصب الخلاف بين من مات بالكويت وبين من مات بالأحمدي، أو غيرها من مدن الكويت؟ ونقول: إن المراد بالكويت القطر الأعم أو الأخص؟ لا بد أن نحمله على القطر الأخص، فهنا في الشام لا بد أن يكون قطرًا خاصًّا، يعني جهة معينة يطلق عليها الشام، والعراق يطلق عليه العراق بالقطر الأعم، والعراق بالقطر الأخص، بحيث يدخل العراقين عراق العرب وعراق العجم، هذا معروف في الجغرافيا، لا سيما القديم منها.

طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، الشام الآن عند عموم الناس هناك تطلق على دمشق.......

هذا معروف، الآن في عرفهم الخاص الآن، يروح الشام؟ يعني دمشق، إيه، لكن هل المراد دمشق هنا في السياق؟ لا، بدليل أنه قال: "وقيل بدمشق واثلة" عده قول ثان، ما عده نفس القول الأول.

طالب: هو قديمًا كانت تطلق الشام على القطر العام.

بلا شك حتى يدخل فيها الأردن وفلسطين ولبنان، كل الجهة هذه يقال لها: شام.

"وإن في حمص" حمص ممنوع من الصرف، لماذا؟ دمشق معروف علمية وتأنيث، وحمص؟

طالب:........

لا هذا يقتضي صرفه.

طالب:........

لا، العلمية والتأنيث والعجمة، ثلاث علل، ولو كان منعه لعلتين لصرف؛ لأنه ثلاثي ساكن الوسط، كما صرفوا هند مثلًا "ليت هندًا" علمية وتأنيث ومع ذلك صرفت، لماذا؟ لأنه ثلاثي ساكن الوسط، فهذا يقتضي صرفه، وهنا ممنوع لثلاث علل، وكونه ثلاثيًّا ساكن الوسط يكون في مقابل علة واحدة أو ثلاث علل؟ إيه إذا منعناه من الصرف قلنا: إن كونه ثلاثيًّا ساكن الوسط يقوم مقام علة واحدة، نعم ويبقى ممنوع من الصرف لعلتين، وإذا قلنا: إن كونه ثلاثيًّا ساكن الوسط يصرفه مطلقًا يكون في مقابل العلل كلها، وهذه مسألة خلافية وعراك طويل بين العَيني وابن حجر في فتح الباري وعمدة القاري، في حديث هرقل ورد ذكر حمص، وبعضهم صرفها، وبعض الروايات تكون مصروفة، وبعضها غير مصروفة، نعم والسبب في ذلك ما ذكرنا، أنه ممنوع في الأصل من الصرف لثلاث علل، قام هذا السبب الذي كونه ثلاثيًّا ساكن الوسط في مقابل علة أو العلل كلها، إذا كان مقتضي للصرف مطلقًا قلنا: إنه يقاوم جميع العلل فيصرف، وإذا قلنا: إنه يقاوم علة واحدة فيبقى علتان، يبقى الاسم ممنوع من الصرف.

وإن في حمص ابن بسر قبضا

 

 

 

...................................

 

 

يعني مات هناك في حمص.

...................................

 

 

 

وإن بالجزيرة العرس قضى
ج

الجزيرة، أي جزيرة هذه؟ بدون مراجعة شروح، هاه؟

طالب: العراق.

العراق نعم، بين ماذا؟

طالب:........

لا لا كونها جزيرة؟

طالب:........

بين النهرين، بين دجلة والفرات يقال لها: الجزيرة، ويحصل خلط من بعض الناس الذي لا يعرف هذه المصطلحات قد يظنها جزيرة العرب؛ لأنه إذا أطلقت الجزيرة انصرف إليها.

"وإن بالجزيرة العرس" ابن عَميرة بفتح العين على ما قالوا.

طالب:........

الكندي نعم.

...................................

 

 

 

وإن بالجزيرة العرس قضى
ج

يعني مات، وقد يقولون: درج، يعني تقفون على ذلك في كتب التراجم، وفي الشروح يقال: درج، وقد يقولون: مضى، وقد يقولون: قضى، يعني قضى نحبه فمات هناك.

"وبفلسطين" قالوا: بكسر الفاء وفتح اللام فلسطين "أبو أبي"... قبل ذلك البصرة.

وأنس بن مالك بالبصرةِ
 
ج

 

...................................

 

 

قالوا: مثلث الباء، والفتح هو الأشهر، كما قرر ذلك النووي وغيره.

وبفلسطين أبو أُبي

 

 

 

...................................

 

 

أبو أبي هذا مولى اشتهر بكنيته قالوا: اسمه...، ما اسمه؟ اختلف في اسمه اختلافًا كثيرًا، ماذا قالوا عندك؟ أبو أبي...؟

طالب: زكريا بن منده.

لا هذا الذي تكلم عنه.

طالب:........

نعم أبو أبي بن أم حَرام، هذا يكون أمه أم حَرام خالة أنس، وهو ابن زوجة من؟ طلحة وإلا ماذا؟

طالب: عبادة.

عبادة بن الصامت نعم، ابن زوجة عبادة بن الصامت.

وبفلسطين أبو أبي

 

 

 

ومصر فابن الحارث بن جزي

 

 

أصله ابن جزء، نعم ابن الحارث بن جزء، وابن الحارث أو الحارث؟

طالب:........

في النظم ابن الحارث بن جزء، واسمه؟

طالب:........

ابن جزء، نعم بالهمز، لكن الناظم لضرورة النظم ماذا صنع فيها؟

طالب:........

يعني سهلها، سهل الهمز ابن جزي، في الحارث بن جزء بن سعد العشيرة، هو منه وإلا لا؟ مترجم..، مذكور اسمه كاملا؟

طالب:........

عبد الله بن الحارث بن جزء، كمّل.

طالب: جزء الزبيدي.

الزُّبيدي، ماذا قال بالضم وإلا...؟

طالب: بإبدال الهمزة ياء للضرورة؛ لأن جزء هو الزُبيدي بضم الزاء....... نسبة لزبيد، واسمه عبدالله.

لا إذا قال: نسبة لزبيد قلنا: الزَّبيدي؟

طالب:........

إيه هو زُبيدي.

طالب:........

إيه نعم إيه.

طالب: واسمه عبد الله وكون موته بمصر ...... قاله ابن عيينة وابن المديني وأبو زكريا بن منده.........

أنتم أعرف بها، سمنود هذه معروفة، لكن هذه صفط القدور موجودة أو مندثرة؟

طالب:........

أبي تراب، وكان الصفط القدور...

طالب:........

على كل حال أنتم أعرف بدياركم، ومع ذلك يوجد مطبوع في خمسة مجلدات، كان مطبوعًا ببولاق قديمًا في مجلد كبير، المدن والقرى والعِزب، مطبوع يعني في مجلد كبير يمكن حوالي ثمانمائة صفحة أو أكثر، مقسوم إلى قسمين المندثرة والقائمة الحالية، ثم بعد ذلك طبع في مطبعة دار الكتب المصرية في خمسة مجلدات المندثرة في مجلد مصر فقط، إيه ذكروا العزب التي ما فيها إلا أفراد، نعم؟

طالب:........

أين؟

طالب:........

نسيت، أظن رسميًّا، الحكومة، ما هو بتأليف فرد، مصر بالنسبة للصرف ثلاث ساكن الوسط مصروف وإلا غير مصروف؟ هاه؟

طالب: مصروف.

لا الآن غير مصروف بلا شك، {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ} [(21) سورة يوسف] {اهْبِطُواْ مِصْرًا} [(61) سورة البقرة] ليس المراد به البلد المعروف.

طالب:........

إذا صرف يكون للتنكير، أي مصر كان، يكون للتنكير، أما إذا مُنع من الصرف فالمراد به العلم المعروف.

وقبض الهرماس باليمامةِ
ج

 

وقبله رويفع ببرقةِ

 

 

هذا رويفع الذي قال فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لعل الحياة تطول بك يا رويفع)) فقبض ببرقة هناك، وبرقة من بلدان تونس، هي من بلدان تونس؟

طالب: ليبيا.

هاه؟

طالب:........

الذي أعرف أنها تونس.

طالب:........

كله مغرب، هين، يسمون المغاربة الآن؛ ولذلك قال:

"وقيل: إفريقية" أفريقية هي التي تطلق على تونس، أفريقيا، إذًا نعم عطف أفريقيا على برقة يدل على أنها غيرها، فلا تكون في تونس على هذا، تكون بليبيا، نبدي احتمالات في أمور مجزوم ومقطوع بها يعني هاه؟ "وقبله رويفع" يعني الذي قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لعل الحياة تطول بك)) وطالت به الحياة، لكنه لم يصل إلى حد ما عاشه أبو الطفيل أو أنس بن مالك، مات قبلهم، لكنه الآخرية التي تذكر بالنسبة له آخرية نسبية يعني بهذه الجهة، آخر من مات بهذه الجهة.

طالب:........

إيه.

طالب:........

المدن المتقاربة أو تكون هذه القرية فرع أو ضاحية لهذه المدينة، لا ينصب خلاف بينها، يعني كون البخاري مات في بخارى أو بخرتنك قريبة؛ لأنها قريبة منها، من أعمالها ومن ضواحيها، فيطلق اللفظ ويراد به الأعم، وقد يطلق ويراد به الأخص، يعني ما فيه فرق أن تقول: مات فلان في السعودية أو مات بالرياض، فيه فرق؟ ما فيه فرق، للمجاورة.

وقيل: إفريقية وسلمه
ج

 

 

....................................

 

 

 سلمة بن الأكوع.

 "باديًا" يعني مات بالبادية، انتقل إلى البادية ومات بها "أو بطيبة المكرمه" يعني الخلاف هل مات بالبادية أو مات بالمدينة؟ مع أنه تأخرت وفاته، حتى روى عنه؟ هاه؟ يزيد بن أبي عبيد، وعن يزيد المكي بن إبراهيم كلهم تأخرت وفياتهم حتى أدركهم البخاري -رحمه الله تعالى-، وهذا أعلى ما عند البخاري من الأسانيد، يعني مقتضى العلو وقلة الرواة في الإسناد أن تتأخر الوفيات، يعني إذا تأخرت وفاة الصحابي حتى أدركه صغار التابعين، ثم تأخرت وفاة هذا التابعي الصغير حتى أدركه تبع أو أتباع تبع الأتباع، يعني صار الإسناد عاليًا لقلة الرواة فيه، وهذا هو الحاصل بالنسبة لسلمة لما تأخرت وفاته، وروى عنه من تأخر فتأخرت وفاته ثم الأمر كذلك في الطبقة الثالثة، ثم روى عنهم البخاري، يعني أكثر ثلاثيات البخاري عن طريق المكي بن إبراهيم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع، سبعة عشر حديثًا ثلاثيًا بهذا الطريق، وخمسة أحاديث ثلاثية من غير هذا الطريق، مع أن البخاري له نوازل، له أسانيد نازلة عنده تساعي، يعني يرويه من طريق تسعة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثلاثة أضعاف الثلاثي، فهذا سببه تأخر وفاة سلمة بن الأكوع الذي مات بالبادية أو بطيبة، بحث التابعين لا بد أن يؤخذ متواصلًا، وفيه طول، لعلنا نتوقف للغد، نعم؟

طالب: مكة المكرمة...........

هم يطلقون مثلًا بالنسبة لمكة المكرمة أو المشرفة, والمدينة المنورة، هذا إطلاقات ما وردت بها نصوص، لكن بالنسبة للواقع، وما جاء في النصوص من تعظيمها، وأنها معظمة ومكرمة ومشرفة، قد أورد بعضهم أن تسمية المدينة بالمنورة باعتبار أن فيها أنوار تشع من قبر النبي -عليه الصلاة والسلام-، كما يقوله بعض المتصوفة، على كل حال مثل هذه التسميات يعني بالنسبة مكرمة مشرفة معظمة هذا ما في إشكال، لكن منورة يحتاج إلى تحرٍّ في سبب هذا النور، يعني إن كان هذا النور معنوي هذا لا إشكال فيه.

طالب:........

طيب أنار، وفي ولادته -عليه الصلاة والسلام- أنار كل شيء، لكن على كل حال إذا كان المراد بالنور النور المعنوي الذي نشأ عن نزول الوحي فيها، وانتشار الدين، وأهل الدين هذا ما فيه إشكال -إن شاء الله تعالى-.

طالب:........

النابغة الجعدي ما فيه؟

طالب:........

من الأواخر، صحابي، تأخر جدًّا، وذكر من آخر من مات من الصحابة في بعض الجهات، بُريدة بن الحصيب آخر من مات في خراسان وهكذا، هم ذكروا أشياء كثيرة من هذا النوع، لكن يستفاد من معرفة هذا النوع الاتصال والانقطاع؛ لأنه قد يروي تابعي صغير عن صحابي إذا عرفنا أن هذا الصحابي متأخر الوفاة عرفنا أن الاحتمال قائم في كونه أدركه، وإذا عرفنا أنه من المتقدمين والراوي عنه تابعي صغير على ما سيأتي ببحث التابعين، فالذي يغلب على الظن أن بينهما واسطة، هذه هي الفائدة من معرفة المتقدمين في الوفيات والمتأخرين.

 

استغفر الله، استغفر الله، استغفر الله... 

هذا يقول: الترتيل هل هو خاص بالقرآن، أم أنه يجوز ترتيل غيره كالأذان وتكبيرات الانتقال في الصلاة والأذكار وقراءة الكتب؟

الترتيل الذي يكون على مقتضى قواعد التجويد وقوانينه من أحكام الإظهار والإدغام والمدود وغيرها، الترقيق والتفخيم هذا خاص بكتاب الله -جل وعلا-، وأما قراءة الكتب أو الأذكار أو الأدعية أو صيغ الأذان، جمل الأذان أو غيرها هذه لا مانع من أن تؤدى بصوت مؤثر، لا تعتمد فيه قوانين التجويد الخاصة بالقرآن، ولكن إذا أديت بألفاظ مؤثرة في السامع لا يخرجها عن حد الاعتدال، بمعنى أنه لا يولد حروفًا زائدة، لكن إذا دعا بدعاء وأداه بلفظ يؤثر في السامع، لا مانع من ذلك، إذا قرأ في كتاب وقرأ بقراءة تغنى فيها تغنيًا لا يجعله مماثلًا لقراءة القرآن على قوانين التجويد ولكنه يؤثر في السامع، ويجذب السامع، وكذلك التكبيرات، كل هذا مما تُرك التفصيل فيها، يعني ما جاء نقلها بدقة، وإنما تركت حسب ما تيسر للناس، ولكل أهل بلدٍ، ولكل أهل أقليم طريقة في أداء الحروف، وأداء الجمل، يعني طريقة المغاربة في أداء الحروف تختلف اختلافًا كبيرًا عن طريقة المشارقة، ولو جاء في هذا نص يلزم الناس جميعًا لشق عليهم، ونظير ذلك ما جاء في أول الأمر من قراءة القرآن على سبعة أحرف، يعني لو ألزمت هذيل بالقراءة على طريقة قريش أو على طريقة تميم وما أشبه ذلك لشق عليها، فتُرك الأمر، ثم بعد ذلك لما طاعت ألسنة الناس، وذلت بالقرآن جُمع على حرف واحد كما فعل عثمان -رضي الله عنه وأرضاه-، وأجمع على ذلك الصحابة، لكن بالنسبة لغيره يجوز أن يؤدى بالطريقة التي لا تخرجه عن سمته، وعما طلب فيه بحيث لا يجعل من الحرف حرفين أو أكثر كما يفعله بعض من يتغنى بجمل الآذان أو بغيرها؛ لأن بعضهم يخرجه، بعضهم يؤذن بالتطريب، وبعضهم يقرأ بالألحان، كل هذا لا يجوز، لكن مع ذلك إذا أدى ما يراد أداءه بصوت مؤثر في السامع لا يخرجه عن حده فلا بأس -إن شاء الله تعالى-.
المسألة السابقة وهي التفضيل بين الصحابة عرفنا قول الجمهور، بل قول أهل السنة قاطبة في تفضيل أبو بكر وعمر، ثم الخلاف في تفضيل عثمان على علي أو العكس، قول الأكثر عثمان، ومن أهل السنة من يرى تفضيل علي، هذه مسألة انتهينا منها، لكن هناك قول غريب لابن حزم نسيته بالأمس، وذكرناه في مناسبات كثيرة، ابن حزم يرى أن أمهات المؤمنين أفضل من العشرة، أفضل من أبي بكر وعمر، أمهات المؤمنين يقول: هن أفضل من أبي بكر وعمر، ومن بقية العشرة من باب أولى، لماذا؟ لأن أمهات المؤمنين معه في منزلته -عليه الصلاة والسلام-، ودونه في المنزلة أبو بكر وعمر، فمن كان معه في المنزلة لا شك أنه أفضل ممن هو دونه في المنزلة، يعني زوجات الرجل ألسن معه في منزلته؟ إذا لم يكن ثم مانع؟ {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ} [(21) سورة الطور] ذريتهم معهم، وأزواجهم معهم، إذا لم يكن ثم مانع، يعني ما يكون هناك شيء مخل، وخلل كبير يمنعه من اللحاق بهم، كالشرك مثلًا، يعني إذا كان هناك تقصير يسير، على كل حال هم معه في المنزلة، وزوجات الرجل معه، وأمهات المؤمنين معه في منزلته، هذا ما جعل ابن حزم يفضل أمهات المؤمنين على أبي بكر وعمر وغيرهما من خيار الصحابة.
لكن هذا القول هل هو مرضٍ وإلا غير مرضٍ؟ النصوص كلها تدل على فضل أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، نصوص قطعية في الباب، مما لا يلحقه في هذا التفضيل أحد لا من الرجال ولا من النساء، وكون الإنسان ينال منزلة تبعًا لغيره لا يعني أنه يستحق هذه المنزلة بنفسه، وذكرنا في مناسبات كثيرة أن بعض الخدم والسواقين وغيرهم في بعض البيوت يعيشون عيشة أفضل من كثير من أوساط الناس، هل نقول: إنهم أفضل منهم؟ لأنهم تبع لهم، يعني على مستوى - هذا مثال توضيحي ينفع لطلاب العلم يعني يوضح لهم المسألة - يعني بعض الكتب يطبع على هامش كتاب، تفسير النيسابوري –القُمّي- مأخوذ من تفسري الرازي، يعني هو مأخوذ من تفسير الرازي، وأين تكون منزلة تفسير الرازي وما أخذ منه من منزلة تفسير الطبري؟ لا شيء، يعني إذا وضعت تفسير الطبري في الدالوب الأول تضع الرازي في العشرين أو بعد العشرين، يعني الذي مكتبته كبيرة، فضلًا عن مختصراته، لكن طبع مختصر الرازي هذا -تفسير النيسابوري- على هامش الطبري، لازم تضعه في الدالوب الأول مع الطبري؛ لأنه تبع له وضع، نعم؟ هل هذا يعني أن تفسير النيسابوري أفضل من البغوي حيث قدمته عليه، أنت قدمته تبعًا لأصله الذي طبع معه، فكون الإنسان يوضع في منزلة لا يعني أنه يستحقها إذا كان تبعًا لغيره، لا يعني أنه يستحقها إذا استقل؛ ولذلك إذا طبع تفسير النيسابوري -وقد طبع- يوضع في مؤخرة التفاسير لا يوضع في مقدمتها إذا فصل، وهذا مثال توضيحي يعني يفهمه طلاب العلم، وقد لا يفهمه غيرهم، نعم.