شرح الموطأ - كتاب الأقضية (14)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

طالب: ما خلصت الباب....

العمرى؟

يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: "عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع مكحولاً" الدمشقي الإمام "يسأل القاسم بن محمد بن أبي بكر عن العمرى" عبد الرحمن بن القاسم بن محمد سمع مكحولاً يسأل أباه القاسم بن محمد عن العمرى "وما يقول الناس فيها، فقال القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا" قال: هي لك ولعقبك ليس له أن يرجع فيها، هي لك مدة عمرك ليس له أن يرجع قبل موته، الناس على شروطهم، ما أدركت الناس إلا شروطهم وفيما أعطوا.

"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: وعلى ذلك الأمر عندنا أن العمرى ترجع للذي أعمرها إذا لم يقل: هي لك ولعقبك، وإنما قال: هي لك مدة عمرك، فإنه إذا مات ترجع إلى صاحبها".

قال -رحمه الله-: "حدثني مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر ورث من حفصة بنت عمر دارها، قال: وكانت حفصة قد أسكنت بنت زيد بن الخطاب ما عاشت" يعني عبد الله بن عمر ورث من أخته حفصة أم المؤمنين دارها، التي آلت إليها بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني دارها التي كانت في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو أنها اشترت داراً بعده؟ يعني هل عرف أن أمهات المؤمنين خرجن من بيوتهن بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-؟

طالب: ما هي بدار النبي....

يعني غير الدار التي تسكنها، مما ملكته، وليس لها وارث غير أخيها عبد الله "ورث من حفصة بنت عمر دارها" رضي الله عنهم وأرضاهم "قال: وكانت حفصة قد أسكنت بنت زيد بن الخطاب ما عاشت" يعني أعمرتها مدة عمرها "فلما توفيت بنت زيد قبض عبد الله بن عمر المسكن، ورأى أنه له" العمرى ترجع للذي أعمرها إذا لم يقل: لك ولعقبك، وهي أسكنتها مدة عمرها فقط، فلما ماتت رجعت، وهنا رجعت إلى الوارث لا إلى المعمِر.

أحسن الله إليك.

باب: القضاء في اللقطة

حدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني -رضي الله عنه- أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن اللقطة، فقال: ((اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها)) قال: فضالة الغنم يا رسول الله؟ قال: ((هي لك أو لأخيك أو للذئب)) قال: فضالة الإبل؟ قال: ((ما لك ولها، معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء، وتأكل الشجر، حتى يلقاها ربها)).

وحدثني مالك عن أيوب بن موسى عن معاوية بن عبد الله بن بدر الجهني أن أباه أخبره أنه نزل منزل قوم بطريق الشام، فوجد صرة فيها ثمانون ديناراً، فذكرها لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فقال له عمر: عرفها على أبواب المساجد، واذكرها لكل من يأتي من الشام سنة، فإذا مضت السنة فشأنك بها.

وحدثني مالك عن نافع أن رجلاً وجد لقطة، فجاء إلى عبد الله بن عمر فقال له: إني وجدت لقطة، فماذا ترى فيها؟ فقال له عبد الله بن عمر: عرفها، قال: قد فعلت، قال: زد، قال: قد فعلت، فقال عبد الله: لا آمرك أن تأكلها، ولو شئت لم تأخذها.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في اللقطة

واللقطة بضم اللام وفتح القاف، والأصل في هذا الوزن أنه للفاعل، كالهمزة واللمزة، الهامز واللامز، واللقطة الأصل فيها أنه اللاقط، ووهم بعضهم من ضبطها بهذا، وقال: الأصل التسكين، اللقْطة؛ لأن الفتح إنما هو للاقط، وليس للملقوط الملتقط، وهناك فرق بين اللقطة وبين اللقيط، وإن كان الاشتراك في أن كلا منهما ملقوط وملتقط، إلا أن هذا اللقيط في الولد الذي لا يعرف أبوه، يرمى في مكان بحيث لا يعرف أبوه، ولا من ينتسب إليه، وفي الغالب أنه يكون لغير رشدة، إنما هو ولد زنا مثلاً، أو تضيق بوالديه الدنيا ذرعاً، بحيث يخافون أن يموت من الجوع إذا مكث عندهم، ولا شك أن مثل هذه التصرفات محرمة، سواء كان الولد ولد رشدة أو ولد زنية، لا يجوز أن يرمى بحال؛ لأنه نفس لها من الحقوق ما لغيرها، ولا جناية منه إنما جني عليه، جنى عليه من أوجده بطريقة غير شرعية، فعلى هذا لا يجوز الاعتداء عليه بحال، ومن تعرض له أو قتله، وقد حكم بإسلامه، ففيه ما في قتل المسلم، هذا اللقيط، أما اللقطة فهي ما يوجد من الأموال والأمتعة والأعيان التي ينتفع بها، وما يوجد من بهيمة الأنعام يقال له: ضوال، فهذا تفريق عرفي شرعي بين هذه الأمور، فما كان من بني آدم يقال له: لقيط، ومن كان من الإبل فهو ضال، ضالة الإبل، ضالة الغنم، من الإبل أو الغنم أو البقر، يقال له: ضال؛ لأنه يضل، بمعنى أنه يتيه بنفسه، وأما غيره فيُضل يعني يضيع، فيلتقط فهو لقطة.

قال -رحمه الله-: "حدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن" ربيعة الرأي شيخ الإمام مالك
"عن يزيد مولى المنبعث" نعم؟

طالب:.......

الشيء الذي يلتقط.

طالب:.......

كيف؟

طالب: هذا لغة.

إيه لغة وعرفاً وشرعاً.

طالب: شو شرعاً اللقيط؟

إيه، هذه الأحكام التفصيلية، يعني في الأحكام التفصيلية يأتي هذا، إذا كان مما تلتفت إليه همة أوساط الناس دخل في الأحكام، إذا كان لا تلتفت إليه همة أوساط الناس، فإنه لا يدخل في هذه الأحكام.

"حدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث" كان اسمه: المضطجع، فسماه النبي -عليه الصلاة والسلام- المنبعث "عن زيد بن خالد الجهني أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وفي بعض الروايات ما يدل على أنه بلال، لكن يبعد هذا أنه جاء في رواية أصح منها: أنه أعرابي، وجاء ما يدل على أنه من جهينة، من جماعة زيد بن خالد.

"جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن اللقطة" يعني ما حكمها؟ وماذا يصنع بها؟
"فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((اعرف عفاصها))" يعني الوعاء الكيس الذي توضع فيه، ((ووكاءها)) الحبل الذي يربط به الكيس، هذا هو الوكاء، ثم عرفها سنة، يعني ابحث عن صاحبها سنة، في المجامع وعند أبواب المساجد، تقول: من ضاع له كذا، بحيث لا يعرف، بحيث يدعيها غير صاحبها، من ضاع له شيء من المال أو شيء من المتاع، فإذا وصف وصفاً دقيقاً يغلب على الظن أنها له، أعطيها بدون بينة، ومن أهل العلم من يرى أنه لا بد من إقامة البينة، لا يكفي أن يعرف؛ لأنه كما يقولون قد يقع الحافر على الحافر، قد يصفها بدقة، وهي ليست له، لكن هذا نادر، نادر جداً، والنادر لا حكم له، فليس فيه ذكر للبينة، وإن كانت الدعاوى لا بد أن تكون مقرونة بالبينات، هذا هو الأصل، لكن إذا عرفها بدقة، لو جاء شخص قد أضاع ولده أو بنته، أو جاء أكثر من شخص، وولد صغير، طفل رضيع، في الثانية أو في الثالثة من عمره، لا يعرف أباه ولا يعرف..، ثم ادعاه أكثر من واحد، ثم وصفه أحدهم بوصف يخفى على غيره، لو قال: فيه أثر في بطنه أو في ظهره، ثم كشف ووجد كما هو، هل يكفي مثل هذا أو لا يكفي؟ نعم؟

طالب:.......

قرينة مرجحة، لكن لا يقطع بها، لماذا؟ لأنه يحتمل أنه رآه قبل ذلك، واطلع على ما في جسده، ثم أرسله، ليدعي هذه الدعوى المقرونة بما يؤيدها، احتمال قائم، لكن هل يفعل مثل هذا في الأموال، أنه يجد مال، ويفتح الكيس، ويكتب العدد، ويضبط الأرقام والوكاء والعصاف ثم يرميه، ويرقبه من بعيد، بحيث إذا جاء أحد يأخذه قال: هذا مالي، ثم يسرد جميع ما يدل على اختصاصه به، يكفي هذا وإلا ما يكفي؟

طالب: ما يحتاج هذا....

يأخذها مباشرة.

طالب: يأخذها مباشرة.

لا هو يريد أن يأخذها بحق مثل الشمس، يعني ببينة واضحة، يعني لو أخذها وقد رآه شخص يأخذها وادعاها عليها، وقال: إن هذا أخذ لقطة غير كونه يأتي إلى الملتقط، ويقول: أنا أضعت مالاً مقدراه كذا، في كيس كذا، وفي عفاصه كذا ووكاؤه كذا، لا يتردد أحد في أنه يملكه، على كل حال.

طالب:.......

لكنه متصور يعني.

طالب:.......

هاه، لكنه متصور، يعني شخص رأى مال، وليكن في المسجد الحرام مثلاً، وهو ليس عنده من الورع ما يمنعه من هذا، فجاء وفتح المال، ورأى الكيس وعده وكتب الأرقام إلا إذا كان فيه ما يكذب دعواه، ولو جاء بالأرقام، وجدنا بطاقة صاحب المال، وقال: هذا مالي وهذه أرقامه، وهذا كيس، وهذا كذا، فوجدنا بطاقة، هذه الدعوة مقرونة بما يكذبها، وعلى كل حال مثل هذه التفصيلات متصورة ومتوقعة، فعلى الإنسان لا سيما مع فساد الزمان وأهله أن يتحرى أكثر، فعليه أن يتحرى أكثر.

"جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن اللقطة، فقال: ((اعرف عصافها ووكاءها))" اعرف الوعاء والحبل الذي يربط به ((ثم عرفها سنة)) في المجامع، في محافل الناس، في أماكن اجتماعهم، في أبواب الجوامع، وما قرب من موارد المياه، وما أشبه ذلك، ويقوم مقام ذلك في هذه الأيام الصحف، يعني لو أعلن في وسائل الإعلام أنه لديه مالاً أو متاعاً وجده، ثم بعد ذلك إذا جاءه من يدعيه يختبره، اعرف، ثم عرف.

((اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرفها سنة)) وجاء العكس: ((عرفها سنة، ثم اعرف عفاصها ووكاءها)) منهم من يقول: إن (ثم) هذه بمعنى الواو، لا تفيد ترتيب، سواء عرف أو عرف قبل هذا أو هذا ما يضر، المقصود أنه لا بد من الأمرين، يعني حتى لو ما عرف، وقال: عندي مال، قال: صفه لي، ما عفاصه؟ وما وكاؤه؟ ثم رجع إليه وتأكد، نعم، فيكون معرفتها إذا لم يأت أحد خلال سنة، وأراد أن يتملكها يتعرف فيما بعد، فهل التعرف قبل التعريف أو العكس؟ جاء هذا وهذا، فمنهم من يقول: إن (ثم) بمعنى الواو.

طالب: أحسن الله إليك: لو أعلن بالصحف الإعلان على من؟ إذا جاء صاحبها من يدفع قيمته؟

وين؟

طالب: لو أعلن بالصحف أنه ضايعة شنطة بها قروش... أو وجدت مبلغ من المال من يدفع قيمة الإعلان هل صاحبه...؟

لا، إذا أعلن بنية الرجوع، والإعلان لا يضر بالمال يرجع على صاحبه، إيه، كما لو أخذ شيء مما له نفقه، على ما سيأتي في الضوال، وأنفق عليه بنية الرجوع يرجع.

طالب:.......

لا إذا وضعها في مكان بحيث لا تختلط؛ لأنه جاء نص صحيح: ((عرفها سنة، ثم اعرف وكاءها وعفاصها)) يعني عند إرادتك التصرف فيها، بحيث إذا جاء صاحبها يوماً من الدهر تعيد إليه مثلها، لكن إذا كان التعرف بعد التعريف سنة، وعند إرادة التصرف ما الفائدة في معرفة العفاص والوكاء؟ إنما هو لمجرد اختبار صاحبها.

((فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها)) يغريه بها، منصوب على... ((وإلا فشأنك بها)) يعني تصرف فيها، وجاء ما يدل على أن هذا التصرف مع الضمان، بحيث لو جاء صاحبها يوماً من الدهر فإنه يدفعها إليه.

طالب:.......

إغراء.

"قال: فضالة الغنم يا رسول الله؟" عنز أو شاة أو تيس أو خروف ضل عن صاحبه "قال: ((هي لك أو لأخيك أو للذئب))" لأنه لا يحمي نفسه من صغار السباع، ولا يقوم بما تقوم به حياته بنفسه استقلالاً، فإذا وجدها بعيدة عن أهلها، وخشي عليها من التلف بأن يأكلها الذئب، وفي حكمه بقية السباع، أو يأخذها أخوه، غيره من الناس، فإنه له أن يأخذها "قال: ((هي لك أو لأخيك أو للذئب))" ويختلفون في ضمانها إذا جاء صاحبها، لكن ليس معنى هذا أنه يتتبع أمثال هذه الضوال القريبة من أهلها التي يغلب على الظن أن أهلها قريبون منها، بحيث يتمكنون من الحصول عليها ووجودها قبل أن تتلف، ليس أن يتربص بها مثل هذا.

((لك أو لأخيك أو للذئب)) هل يضمن أو لا يضمن؟ اقترانه بالذئب، الذئب لا ضمان عليه، فكما أن الذئب لا ضمان عليه إذن هو لا ضمان عليه، وبهذا يقول بعض العلماء، ومنهم من يقول: يأكلها بنية الضمان، بحيث لو جاء صاحبها كغيرها من الأموال، فإنه يضمنها.

((أو لأخيك)) يعني المسلم.

طالب:.... ولا بعد سنة.

لا، لا ما تحتاج سنة، تأكل أكثر من قيمتها خلال سنة.

طالب:.......

وأنفق عليها بنية الرجوع يأخذ ما أعلفها ويدفعها له.

"((أو لأخيك أو للذئب)) قال: فضالة الإبل؟ قال: ((ما لك ولها؟))" بعض الروايات: غضب النبي -صلى الله عليه وسلم-.

((ما لك ولها)) وفي رواية: ((دعها، معها سقاؤها وحذاؤها)) سقاؤها بطنها، الذي يستوعب الماء الكثير، بحيث تبقى أيام لا تحتاج إلى ماء، وحذاؤها: أخفافها التي تقيها الشوك والحر والحصى، وما أشبه ذلك ((ترد الماء، وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها)) يعني ما عليها خطر، تمتنع من صغار السباع، وتستطيع العيش الأيام بما ركب فيها -جل وعلا-، من ارتفاع وطول بحيث تتناول من الأشجار، وطول في الرقبة ما يمكنها من شرب الماء النازل، أو الأكل من الشجر العالي.

طالب: ضمانها لسنة....

على كل حال المسألة مسألة غلبة ظن، متى ما جاء يعطى، غلبة ظن.

طالب:.......

وعرفه.

طالب: عرفه بأوصافه..... صاحب المال.

إذا كانت التركة قد قسمت فلا يعود عليهم، إذا كانت التركة باقية يعود عليها، لا، أحياناً يتضرر الملتقط ضرراً بالغاً، نعم، يجد لقطة مثلاً ألف ريال في كيس، ثم يتصرف بها، ثم يأتي صاحبه بعد سنين والألف كأنه مليون، ما هو الأيام دول؟ الألف أحياناً قيمته مليون، فنقول: ادفع له ألف بالقيمة الماضية أو بالقيمة الحاضرة؟

طالب: كالديون يا شيخ.

كالديون، عليه أن يعطي بقدرها لا زيادة ولا نقصان، ألف، ألف، ما يزيد ولا ينقص، وهذا كما لو نقصت، وصار الألف ما يسوى عشرة، نفس الشيء.

طالب:.... خشي عليها اللصوص.

إذا خشي عليها اللصوص يبلغ عنها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- غضب غضباً شديداً.

طالب:.......

لا هو يبلغ عنها، أو بوسيلة مناسبة بحيث لا يخالف النص، لا يلتقطها، إنما يسعى لحفظها بقدر إمكانه.

طالب: سبب غضب النبي -عليه الصلاة والسلام-؟

لأنه كأنه فهم من السائل أنه يريد أن يستولي على أموال الناس التي لا تتلف، ما يتلف مثل الغنم ((لك أو لأخيك أو للذئب))..... يحمي نفسه، هو يعرف السائل أن الإبل إذا ضلت تعيش، حتى يلقاها ربها، صاحبها.

قال: "وحدثني مالك عن أيوب بن موسى عن معاوية بن عبد الله بن بدر الجهني أنه أباه أخبره أنه نزل منزل قوم بطريق الشام، فوجد صرة فيها ثمانون ديناراً" يعني ذهب مبلغ كبير "فذكرها لعمر بن الخطاب، فقال له عمر: عرفها على أبواب المساجد، واذكرها لكل من يأتي من أهل الشام سنة" يعني عرفها سنة "فإذا مضت السنة فشأنك بها" يعني تصرف فيها بنية الضمان لصاحبها، متى جاء يوماً من الدهر.

"وحدثني مالك عن نافع أن رجلاً وجد لقطة، فجاء إلى عبد الله بن عمر فقال له: إن وجدت لقطة فماذا ترى فيها؟ فقال له عبد الله بن عمر: عرفها، قال: قد فعلت، قال: زد" يعني عرفها الأصل أن يعرفها سنة، فإذا كان عرفها سنة فما معنى قوله: زد؟ نعم؟

طالب:.......

"قال له: عرفها، قال: قد فعلت" عرفتها "قال: زد، قال: قد فعلت" زدت، نعم؛ لأنه قد فعل من قبل، يعني هذا يدل على أنه أكثر من سنة، أن الزيادة على السنة، وإلا كيف عرف أنها زيادة؟ لو افترضنا أنه عرفها شهر ثم جاء لعبد الله بن عمر قال: زد، قال: زدت، زدت على إيش؟ نعم؟

طالب:........

لا، ما قال له: عرفها شهر، قال: زدت على الشهر.

طالب:........

لا، هذا يدل على أنه عرفها سنة، فقال له: زد، قال: قد فعلت، ولا ما فيه مزيد ومزيد عليه إذا كانت أقل من سنة.

طالب:.... مرتين.

زاد "فقال عبد الله: لا آمرك أن تأكلها، ولو شئت لم تأخذها" أمره بالزيادة، كأنه فهم من حاله التقصير في التعريف، يعني ما عرفها كما ينبغي التعريف الشرعي، أو في المكان الذي ينبغي أن تعرف به "فقال: زد" كما أمر المسيء في صلاته، النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر المسيء، قال: ((صل فإنك لم تصل)) جاء ثانية، فقال: ((صل فإنك لم تصل)) لأنه لم يصل الصلاة الشرعية، وهنا لم يعرف التعريف الشرعي "فقال عبد الله: لا آمرك أن تأكلها" هو يريد فتوى من ابن عمر أن يأكلها، فتوى "قال: لا آمرك" اصنع بها ما شئت؛ لأنك في الأصل لست ملزماً بأخذها، فتلزم بأكلها، أنت من الأصل يعني لو وجدتها وتركتها.

طالب: حتى لو غلب على ظنه.....

هو في هذه الحالة محسن، لكن لا يلزم، فإذا كان الأصل غير لازم، فالفرع غير لازم.

طالب: يعني ما يلزم من كون الملتقط لا يلزمه أن يلتقط أنه لا يلزمه أن يأخذها، بدليل النذر، الإنسان لا يلزمه النذر، ولكن إذا نذر يوفي.

لا هذا على خلاف أصل جميع الفروع، النذر جاء على خلاف الأصل، معروف يعني، ومن أعجب المسائل أن تكون الوسيلة مكروهة والغاية واجبة، لكن هنا لو قال: أنا أريد أن أحتفظ بها مدة العمر، ما أنا متصرف، يلزم بأكلها؟

طالب:..... الحج والعمرة، فهو لا يلزمه ابتداء...

الآن هو لحظه هذا، الشرع يبيح له أن يتصرف، يقول: ما أنا متصرف، يلزم بالتصرف؟ يقول: أنا عرفتها سنة، وزدت على ذلك، ومستعد أعرفها عشرين سنة، ثلاثين سنة، نقول: إلا تتصرف؟ يقول: "لا آمرك أن تأكلها، ولا شئت لم تأخذها" نعم؟

طالب: إذا عرفها سنة.

بنية الضمان، إن جاء صاحبها يوماً من الدهر فتردها إليه.

طالب:.......

أول الأمر يومي لمدة أسبوع، ثم في الأسبوع مرتين ثلاث، ثم في كل أسبوع، ثم في كل شهر؛ لأنه كلما الفرصة تتضاءل في وجوده.

طالب: يلزم الفور في التعريف بها.

إيه لا بد من تعريفها؛ لئلا يتفرق الناس.

طالب:.......

يعرفها أول ما يلتقطها، ثم في اليوم الثاني، ثم في الثالث، وهكذا، نعم.

أحسن الله إليك:

باب: القضاء في استهلاك العبد اللقطة

قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في العبد يجد اللقطة فيستهلكها قبل أن تبلغ الأجل الذي أجل في اللقطة وذلك سنة: إنها في رقبته، إما أن يعطي سيده ثمن ما استهلك غلامه، وإما أن يسلم إليهم غلامه، وإن أمسكها حتى يأتي الأجل الذي أجل في اللقطة، ثم استهلكها كانت ديناً عليه يتبع به، ولم تكن في رقبته، ولم يكن على سيده فيها شيء.

العبد المملوك عند الجمهور أنه لا يملك ولا يتصرف، وعند مالك أنه يملك بالتمليك، وله شيء من التصرف أوسع مما له عند جمهور أهل العلم، فإذا وجد العبد لقطة فتصرف فيها قبل أن يعرفها، أو قبل الحول، قبل السنة، ثم جاء صاحبها، فالسيد مخير بين أن يدفع هذه اللقطة، هذا المال أو يدفع العبد؛ لأن اللقطة أحياناً تكون أكثر من قيمة العبد، فيتضرر السيد، يدفع العبد، وأحياناً تكون اللقطة أقل من قيمة العبد فيدفعها، إذا كان التصرف فيها من قبل العبد بعد تمام السنة، فليس على السيد شيء، لماذا حمل السيد في الصورة الأولى دون الثانية؟ لأن تصرفه في الصورة الثانية شرعي، تصرفه في الصورة الأولى غير شرعي، فعلى السيد أن يكفه عن هذا التصرف، إذا عرفها سنة ثم استمتع بها، تصرف فيها، فإن السيد يبرأ من عهدتها، وتكون ديناً على العبد يتبع به متى حصله، وقلنا: يملك أو متى عتق، وصار يملك على قول الجمهور، ولم تكن في رقبته لم تتبع رقبته، وإنما دين في ذمته، ولم يكن على سيده فيها شيء.

طالب:.... عند السيد.

لكن على السيد أن يحيط بما يتصرف فيه العبد، لا لا الغنم مع الغرم، هو مستفيد منه عليه أن يحفظه.

طالب:.......

كما لو جنى، نعم.

أحسن الله إليك.

باب: القضاء في الضوال

حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن ثابت بن الضحاك الأنصاري أخبره أنه وجد بعيراً بالحرة فعقله، ثم ذكره لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فأمره عمر أن يعرفه ثلاث مرات، فقال له ثابت: إنه قد شغلني عن ضيعتي، فقال له عمر: أرسله حيث وجدته.

وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال وهو مسند ظهره إلى الكعبة: من أخذ ضالة فهو ضال.

وحدثني مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: كانت ضوال الإبل في زمان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إبلاً مؤبلة تناتج لا يمسها أحد، حتى إذا كان زمان عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أمر بتعريفها، ثم تباع، فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في الضوال

إذا كانت اللقطة في الأموال غير بهيمة الأنعام فالضوال إنما هي في بهيمة الأنعام، في الإبل والبقر والغنم، والإبل والغنم جاء بيانها في النصوص، وأما بالنسبة للبقر فهل حكهما حكم الإبل؟ أو حكمها حكم الغنم؟ شخص وجد بقرة ضالة، في مكان ليس حوله أحد، هل نقول: هي لك أو لأخيك أو للذئب؟ أو نقول: دعها ما لك ولها؟ أو نلحقها بالأموال الأخرى؟ تؤخذ وتعرف سنة، فنحتاج في مثل هذا إلى قياس الشبه، فنلحق البقرة بأقرب الأموال شبهاً بها، هل هي مثل الغنم لا تمتنع من صغار السباع؟ أو مثل الإبل تمتنع بقرونها، وبطنها يحتمل من الماء أكثر مما تحتمله الغنم؟ أو نقول: في الأصل مثل الغنم لا تصبر صبر الإبل؟ فهي مترددة بين أصلين، بين الإبل وبين الغنم.

طالب:.......

إيه، لكنها في الغزو تختلف عنها، في المغانم قسم المغانم الإبل عن عشرة، والبقرة عن سبعة، يعني لو نظرنا إلى واقع البقر هل هي مثل الإبل ترد الماء وتأكل الشجر، وتمتنع من السباع؟ ليست مثلها، أبداً، حتى صبرها عن الأكل والشرب ليست كالإبل، فهل تأخذ حكم الغنم، لك أو لأخيك أو للذئب؟ أو نقول: هي أقوى من الغنم؟ ليست مثل الغنم، فإذن يكون حكمها حكم الأموال الأخرى؟

طالب: هي مترددة بين أصلين فتكون أقرب إلى الأصل، مثلاً إذا كانت في مكان فيه ماء وفيه سباع، هي تستطيع أن تدافع عن نفسها في السباع.... فتأخذ حكم الإبل، وإذا كانت ليس فيه سباع.... العكس...

يعني يغلب على الظن أنها تبقى، فتأخذ حكم الإبل، أو يغلب على الظن أنها تتلف فتأخذ حكم الغنم.

طالب: حتى الإبل يا شيخ إذا كانت في مكان فيه سباع....

لكن المسألة مسألة حكم أغلبي، وهذا نص من الشارع.

طالب: التفريق ما.....

لا التفريق عند أهل العلم معروف في مسألة الامتناع من صغار السباع معتمد عندهم، وجعلوا الدليل عليه الإبل.

طالب: بالنسبة للبقر ما ينطبق عليه.

على كل حال هي مترددة بين الأصلين، فتلحق بأقربهما شبهاً، فهل هي أشبه بالغنم أو أشبه بالإبل؟ أو نقول: على حد سواء؟ يعني فيها من الضعف ما يلحقها بالغنم، وفيها من القوة ما يلحقها بالإبل، والضعف والقوة على حد سواء، فيستمر الإشكال، يعني لولا أن النص جاء في الغنم لصارت مثل الدراهم والدنانير؛ لأنها مال، ولولا أن النص جاء في الإبل لقلنا: إنها مثل الدراهم والدنانير؛ لأنها مال، فالإبل والغنم أخرجها النص فتبقى البقر على الأصل.

طالب: الصقور.....

لا، إذا استرسلنا في الطيور فالطيور التي في البيوت، نعم، تطير من هذا البيت وتنتقل إلى البيت الآخر، أو الثاني أو الثالث أو إلى حي آخر، فيه بعد أنواع من الحمام تجذب غيرها.

إيش يقول أبو عبد الله؟

نعم أصحاب الخبرة يحرصون على الجذاب.

طالب:.......

لكن أدركت شيئاً من هذا، كان موجود ومستفيض عند الناس، هذا جذاب وهذا جذب، يسمونه جذب، وأنا ذهبت إلى بلد من البلدان فوجدت إعلان مكتوب ببخاخ على الجدار "من ضاع له حمام جذب فهو موجود عندنا".

طالب:.......

لا جذب، يعني مجذوب، والجذاب صيغة فاعل، لا هذه تدخل دخول واضح فيما نحن فيه، دخولها واضح، يعني طارت الحمامة ووقعت على الجيران أو غيرهم، نعم؟

طالب: لقت حب زين وقعدت فين تروح؟

لا أحياناً يضعون لها ماء بسكر فتبقى.

على كل حال مثل هذه تعرف بطريقة هذا الشخص، لكنها بطريقة مشوهة للجدار، ببخاخ وكاتب بخط كبير "من ضاع له حمام فهو لدينا، الجذب موجود عندنا" حتى بطريقتهم وتعبيرهم، فهذا يحتاج إليه مثل هذا التعريف، لا نقول: إن الحمام مثل الغنم أو مثل الإبل أو مثل..، تعاد إلى القاعدة العامة في الأموال.

طالب:.......

وعليها ما يدل على صاحبها؟

طالب: لا، لا، رموز.... مهاجرة فوجودها...

إيه لمالك أو ليست لمالك؟

طالب:.......

على كل حال تُبحث في وقت إن لقيت شيء؟

طالب:.......

لا، اللي يكثر مسألة الحمام كثير هذا عند الناس، أما مسألة الصقور فهي...

الضوال يمدينا -إن شاء الله- والذي يليه.

قال مالك -رحمه الله-: "عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار" أحد الفقهاء السبعة "أن ثابت بن الضحاك الأنصاري أخبره أنه وجد بعيراً بالحرة فعقله" الأصل أن يتركه "ثم ذكره لعمر بن الخطاب فأمره أن يعرفه" ما دام عقله وتصرف فيه يتحمل التبعة، وإلا الأصل أن يتركه "فأمره عمر أن يعرفه ثلاث مرات" يعني ثلاث مرات في اليوم، أو ثلاث مرات فقط ثم بعد ذلك يتصرف فيه؟ فعرفه "فقال له ثابت: إنه قد شغلني عن ضيعتي" يعني افترضنا شخص مثلاً ذاهب إلى عمله في دوامه أو في دكانه، ثم وجد لقطة فقيل له: عرفها، فقال: هي تشغلني عن عملي "فقال له عمر: أرسله حيث وجدته" لأن الأصل فيه أنه لا يلتقط، لكن لو وجد مبلغ من المال وأخذه، فقيل له: عرفه، في كل يوم تأتي إلى هذا المكان وتعرف، قال: هذا يشق علي، هل نقول: ضعه في مكانه؟ أو نقول: لا بد أن تعرفه؟ لأن الأصل في الإبل أنها ترسل، تترك.

فقال له عمر لما اعتذر قال: اتركه، لكن وبعدين عقله في مكانه، بحيث لو جاء صاحبه وجده، أما بالنسبة للمال الذي أخذه الملتقط، وجد كيس فيه نقود، فذهب فيه إلى بيته باعتبار أنه يتملكه، فقيل له: لا، لا بد أن تعرفه لمدة سنة، قال: لا، ما لي وله أرجعه، لكن المكان بعيد، اليوم ما يمدينا بكره أرجعه، نقول: لا، يلزمك تعرف ما دام أخذت، يلزمك أن تعرفه ما دام أخذته، أما لو تركته فلا أحد يلزمك بأخذه.

"وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال وهو مسند ظهره إلى الكعبة: من أخذ ضالة فهو ضال".

والحديث صحيح مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهذا يدل على التحذير من أخذ الضالة لا سيما الإبل، التي غضب النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قيل عنها.

طالب:.......

مثل هذه تودع في بيت المال.

طالب: الأراضي....

على كل حال إذا كان الموهوب يعرف أنها ملك لأناس خاص، ملك خاص لا يجوز له تملكها، ولا يجوز للواهب أن يهبها، أن يقطعها.

طالب:.......

أعرف الدولة لا يجوز لها أن تقطع شيئاً مملوكاً لأناس خاصين.

طالب:.......

المقصود أنه يكتب عليها أن هذه....

طالب:.......

إيش يدريهم أنها مملوكة؟

طالب:.... تكون مملوكة.

إيه هذا يروح إلى المحكمة ويدبر نفسه.

طالب: وضاعت أوراقه.

إيه يروح المحكمة.

طالب: بس فيه ناس تلتقط من هذا.

هذه عند المحكمة، قضائية المسألة، إخراج الصكوك، وحجج الاستحكام كلها عند المحكمة.

قال: "وحدثني مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: كانت ضوال الإبل في زمن عمر بن عمر الخطاب إبلاً مؤبلة" يعني مقتناة لأناس معروفة، وفي الغالب أن عليها الوسم، لكن إذا اشتراها للقنية، ثم بعد ذلك انفلتت منه وضلت قبل أن يسمها، أو وسمها بوسم قبيلة فادعاها أكثر من واحد من هذه القبيلة "إبلاً مؤبلة تنتاج" يعني ينزو بعضها على بعض، فيحصل منها النتاج.

"لا يمسها أحد" تترك، للنهي عن التقاطها "حتى إذا كان زمان عثمان بن عفان" وكثرت المخالفة من الناس لما طال بهم العهد، فصاروا يلتقطون، إما مخالفة عن عمد أو جهل "فصاروا يلتقطون أمر عثمان بتعريفها" كما أمر عمر -رضي الله عنه- ثابت بن الضحاك أن يعرفها، ما دام التقطها يلتزم باللازم يعرف، ولو تركها ما أمر بأخذها.

"حتى إذا كان زمان عثمان بن عفان أمر بتعريفها ثم تباع" في زمن عمر لا يمسها أحد، لكن هناك قضايا فردية مثل قضية ثابت عقلها، فقال له: عرفها، في زمان عثمان فطال العهد بالناس، وجهل الناس الحكم، وبعضهم يتعمد مخالفة للتساهل، المقصود أن عثمان -رضي الله عنه- عاملهم معاملة سائر الأموال، فأمر بتعريفها ثم تباع "فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها".

طالب: كان يعمل....

من؟

طالب: عثمان.

مقتضى النص لا، أن الناس التقطوها، فأمرهم بتعريفها، أو أخذها منهم، أخذها منهم -رضي الله عنه وأرضاه- ثم بعد ذلك جعل من يعرفها.

طالب: أبلغ يا شيخ وإلا أكمل؟

 

بلغ، بلغ....

هذا يقول: ما الفرق بين العمرى والعقبى؟

لعله يقصد الرقبى، نعم؟ الرقبى، الرقبى من المراقبة، فإذا كانت من طرف واحد، أعطاه هذه الدار ليسكنها مدة حياته، فإن المعطي يترقب ويرقب موت المعطى، تسمى رقبى من هذه الحيثية، وإذا كانت من طرفين كل واحد أعطى الثاني داره ليسكنها مدة حياته، فكل منهما يراقب أو يرقب موت الآخر.

يقول: ما رأيكم فيمن ادعى تحديد ليلة القدر قبل قدوم شهر رمضان؟ هل يدخل هذا في علم الغيب، أم أنه داخل في معنى تحري ليلة القدر؟

أما من يرى أن ليلة القدر ثابتة، في ليلة معينة من الشهر، من العشر؛ لأن بعض أهل العلم رجح، منهم قال: هي ليلة واحد وعشرين من كل سنة، ومنهم من قال: ثلاث، ومنهم من قال: سبع، ومنهم من قال..، إلى آخره، فمثل هذا محددة، مفروغ منها بالنسبة له، بالنسبة لمن يقلده أيضاً هي مفروغ منها، لكن الذي يرى أنها تنتقل فلا سبيل له إلى تحديدها، ولا شك أنه بهذا التحديد يجني على غيره، وقل مثل هذا فيمن يتداول رسائل تحديد ليلة القدر بناء على رؤى، الرسول -عليه الصلاة والسلام- المؤيد بالوحي ما حددها، بل قصد تعميتها، ولذلك تجده -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((التمسوها في العشر الأواخر))، ((في السبع الأواخر))، ((التمسوها في الأفراد))، ((ليلة إحدى وعشرين)) ، ((ثلاثة وعشرين)) ((التمسوها في سابعة تبقى، خامسة تبقى، ثالثة تبقى)) كل هذا من أجل أن يجتهد الناس أكبر قدر ممكن، ولو عرفت ليلة القدر بعينها لقامها الناس، وتركوا ما عداها، والمطلوب من المسلم أن يتعبد هذه الليالي كلها.
طالب:.......
هذه مثله، لا سبيل له إليها، لا يمكن أن يصل إليها.
طالب:.......
هذا قاله أهل العلم، لكن مع ذلك لا يمكن أن يقطع بهذا إلا بالعلامات التي وردت في النصوص، وهذا بعد انقضائها، لا سيما الشمس التي هي أصح العلامات بعد انقضائها.
طالب:.......
في تلك السنة.
طالب:.......
إيه، لكن عندهم من يكسب هذه الرؤى شرعية، من أين لنا من يكسب هذه الرؤى شرعية؟ اكتسبت الشرعية بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، الأذان شعيرة من شعائر الإسلام، أصله برؤيا، لكن كل من رأى رؤيا يصير شرعي؟ أبداً، صارت رؤياه وشرعية بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإذا وجد الإقرار من النبي -عليه الصلاة والسلام- من المعصوم، من المؤيد بالوحي صارت شرع وإلا فلا، لا يبنى عليها أي حكم.
طالب: بالنسبة لقضية الصيام؟
لا.
طالب: لو أنها صامت مثلاً وجاء اثنين ما هو برمضان، وصامت هذا الاثنين على أنه من رمضان، وفي نفس الوقت أنه اثنين يستحب صيامه؟
لا، لا ما يلزم خلاص رمضان يقضي على كل شيء.
طالب: إذن ما جاز...
ليه؛ لأنه ما فيه خيار، مثل هذا ما فيه خيار تنتقل من الأحد إلى الاثنين، لكن في القضاء بعد رمضان فيه خيار، تنتقل من الأحد إلى الاثنين، من الثلاثاء إلى الخميس تنتقل، فيه خيار، أما في رمضان بقدر الواجب، لكن أنت يمكن تتصور مسألة أخرى، تقول: هذا شخص عنده سفر يوم واحد في رمضان، ويريد أن يفطر إذا سافر، هل يسافر يوم الاثنين أو يسافر يوم الأحد؟ يعني مثل هذه الصورة يمكن تنعكس، يعني هي مطردة في القضاء، لكن تنعكس في مثل هذه الصورة، لو قال: أنا ما أسافر الاثنين؛ لأن يوم الاثنين مرغب في صيامه، وإن كان فرضاً، أما عموم رمضان، رمضان الكامل هذا ما فيه خيار لأحد، لا يختار، لا ينتقل من أحد ولا من جمعة ولا إلى اثنين ولا شيء، بقدر الحاجة، فالتفاضل هنا في حال الاختيار، إذا أراد أن يختار يوماً لسفره في رمضان هل يسافر الثلاثاء أو يسافر الخميس؟ أو يسافر الاثنين أو الأحد؟ يقول: والله ما أنا مسافر الاثنين؛ لأنه جاء الحث على صيامه في غير رمضان، فكيف برمضان؟ نقول: لن يحرمك الله أجر هذه النية، في القضاء فيه اختيار تصوم الأحد أو الاثنين، إن اخترت الاثنين لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- حث على صيام الاثنين وإن كان قضاء لن تحرم هذه النية.
طالب:.......
إيش فيه؟
طالب:.......
مسألة التداخل معروف، لكن لا يعني أنه ما دامت هذه مقضية وهذه مؤداة، أننا نقول: كمن صام الاثنين، لا، إنما لم يحرم أجر هذه النية.

يقول: امرأة ماتت، وتركت تركة، وليس لها أولاد، وعندها إخوان، ومن بين الإخوان أخت لها، وهذه الأخت ماتت بعدها، وولدت بنتاً لها، هل هذه البنت ترث من عمتها أم لا؟

هذه المرأة التي ماتت ولم تخلف أولاد لا ذكور ولا إناث لا تخلو: إما أن يكون لها أبوان أو لا، إن كان لها أبوان فالأب يحجب الإخوة، ويمنعهم من الإرث، وإن لم يكن لها أب ولها أم فيرث الإخوة مع الأم، ويحجبونها من الثلث إلى السدس، المقصود أن بقية الورثة؛ يعني ما ذكر الصورة كاملة، لكن محل السؤال عند السائل هل هذه البنت ترث من عمتها أم لا؟ إذا كان الأخت وارثة من أختها بمعنى أنها مع إخوانها، قد ماتت أختهم التي لا يرثها غير الإخوة مع الأخوات فالأخت ترث من أختها، ما دام ماتت بعدها فهي ترث منها، ثم ما ورثته من أختها ترث منه بنتها.

يقول: لماذا قدم الرسول -صلى الله عليه وسلم- تغيير المنكر باليد في حديث: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده)) مع العلم أن المطلوب الدعوة إلى الله بالتي هي أحسن؟

كأن الأخ فهم من التغيير باليد الضرب، ليس المراد من التغيير باليد الضرب، وإنما المراد منه الحيلولة بين المنكر وبين من يريد ارتكابه، الحيلولة بينهما بالفعل، فإن لم يستطع الحيلولة بالفعل باليد، فإنه ينتقل إلى القول باللسان، فإن لم يستطع فبالقلب، نعم؟
طالب: ولو كان الضرب هو وسيلة...... لكن....
على كل حال التعزير شرعي، لكنه.....
طالب:.......
على كل حال مثل هذا يبدأ بالحسنى، يحال بينه وبينه فيغير باليد بالحيلولة، ثم بعد ذلك يأتي دور التوجيه والنصح والإرشاد إذا لم ينته إلا بالتعزير يعزر.

تفسير السجستاني (نزهة القلوب) هل هو كامل أم لم يفسر القرآن كاملاً؟

هو خاص بغريب القرآن، يعني نظر في الكلمات التي يصعب معرفتها على المتعلمين، فاستخرجها من القرآن وشرحها، وهو في جزء لطيف مطبوع ومتداول، وليس بتفسير كامل.

يقول هذا أيضاً: هل يجوز إفراد يوم الجمعة بالصيام لقضاء رمضان؟

الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يستفصل من أم المؤمنين حينما قالت: إنها صائمة يوم الجمعة، بل قال لها: ((صمت أمس؟)) قالت: لا، قال: ((تصومين غداً)) قالت: لا، قال: ((إذن فأفطري)) فتخصيص الجمعة بالصيام من خلال هذا الحديث من أمرها بالإفطار لا يجوز، وإن كان الفرض له شأنه، لا سيما إذا ضاق الوقت، إذا ضاق عليه الوقت فأرجو أن لا بأس به -إن شاء الله تعالى-.
طالب:.......
الخميس؟
طالب:.......
على كل حال لا يخصص يوم الجمعة بالصيام، نعم؟
طالب:.......
الذي يظهر -والله أعلم- أنه لا يجوز التنفل قبل أداء الفريضة، قبل الفريضة.
طالب:.......
إيه.
طالب:.......
العلة كونها لا تقضي إلا في شعبان، لماذا لا تقضي إلا في شعبان؟
طالب:.......
يعني ما له مكان في صيام النفل؟
طالب:.......
المقصود أنها ما دامت تؤخر لمكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمكانه في الفرض والنفل سواء.
طالب:.......
قولها: كان يكون عليه القضاء هذا لا يلزم منه الاستمرار، الأصل في (كان) أنها للاستمرار، لكن جاء بنصوص كثيرة لا تدل على الاستمرار، يعني قد يكون عليها قضاء فلا تستطيع قضاؤه إلا في شعبان.
طالب:.......
على كل حال المسألة مسألة موازنة بين العبادات المتنوعة، جاءت العبادات متنوعة، تنوع العبادات مقصد شرعي، ومن فضل الله -جل وعلا- أن جعل العبادات متنوعة، والتنسيق بينها والنظر إليها على حد سواء، والأخذ من كل نوع هذا مقصد شرعي، وحينئذٍ لا ينهمك ويترك عبادات هي أولى منه، مثل طلب علم، أو تعليم، بعض الناس لا يستطيع أن يجمع بين طلب العلم والصيام، نقول: اترك الصيام، وبعض الناس لا يستطيع الجمع بين التعليم والصيام، لا يستطيع أن يتصدى لقضايا حوائج الناس لأنهم يحتاجونه إلا بالفطر، نقول له: افطر، وعليه يحمل ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من الحث على الصيام لا سيما مثل صيام داود، وأنه أفضل الصيام، وما فعله -عليه الصلاة والسلام-، نقول: لأن هذا يعوقه عما هو أهم، ويبقى أن فضل صيام داود فيما لا يتعارض مع غيره من العبادات وهكذا.
طالب:.......
ما فيه مشقة، صم واحد وعشرين يوم بعد رمضان، أو في شوال.
طالب:.......
على كل حال المشقة تجلب التيسير، نعم؟
طالب:.......
إيه؛ لأن من شرط التداخل كما نص على ذلك ابن رجب -رحمه الله- أن لا تكون إحداهما مقضية، والأخرى مؤداة، فلا تتداخل.
طالب:.......
إيه، لكن شخص عليه واجب وقصد أن يكون قضاء الواجب في أيام الاثنين المستقبلة؛ لأنه يوم جاء تخصيصه بالنصوص، يعني ما يؤجر على قدر هذه النية؟ لا يؤجر، يؤجر -إن شاء الله-، الأجر باعتبار هذا المقصد لا شك أنه يؤجر، لكن ما نقول: كمن صام يوم الاثنين نفل مع الفرض، لا، لكن تخصيصه هذا اليوم بالقضاء لأنه يوم ورد تخصيصه بالنص يؤجر على قدر هذه النية.
طالب: الفرق بينه وبين العاشر من محرم؟
يؤجر على يوم عاشوراء، لا كمن صام يوم عاشورا، يؤجر على نية التخصيص لا على نية الصيام.
طالب:.......
وين؟
طالب:.......
لا ما تحصل، لا، لكنه يؤجر لتخصيص هذا اليوم الخاص المفضل شرعاً.
طالب: الآن لو صام القضاء يوم.....
تؤجر، لكن ليست كمن صام الست مثلاً، أو من صام الاثنين والخميس.....

هذا من الكويت يقول: بعض الناس عندنا يقولون: إن كتب الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب لا ينبغي أن تدرس لطلبة العلم؛ لأنها سهلة، ويعرفها المسلمون، ولا تفيد طلبة العلم، فما رأيكم فيمن يقول ذلك؟

مؤلفات الإمام المجدد -رحمه الله- لا سيما المختصرات مثل الثلاثة الأصول، والقواعد الأربع، وكشف الشبهات، وآداب المشي إلى الصلاة، لا شك هي اللبنات الأولى، والأسس التي يبنى عليها العلم، فلا بد من دراستها وتدريسها، أما كونها سهلة لأنها مناسبة لصغار المتعلمين.
طالب:.......
وين؟
طالب:.......
لا، لا، لا بد من أن يبدأ بالأصول الثلاثة.
طالب:.......
لا ما هو ما ذكر عاد ما يلزم أن يكون كتاب التوحيد منها، هو ما يبي الأصول الثلاثة يقول: سهل، من ربك؟ ما دينك؟ هذا كيف يلقى على الناس؟ يلقى، لا بد من إلقائه.

يقول: نرجو ذكر الأسئلة المطروحة من قبل الحضور؛ لأننا نسمع الجواب دون سماع السؤال مما يسبب لنا إشكال أحياناً.

تبي إذا سأل واحد من الإخوان، أنا أقوله مرة ثانية أو القارئ يقوله باعتبار أنه لديه المكبر، ثم يجاب عليه، ولذا يفضل أن تكون الأسئلة مكتوبة.